المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القبطـان
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طه عبد الرحمن
بداية جزيل الشكر أهديه للزميل القبطان على حسن ترحيبه
أهلا بك، أتمنى لك وقتا طيبا هنا..
الملاحظة
ألا ترى معي أيها الفاضل أن بيانكم لنسبية الصدفة يجعل الكلام في مسألة "الغاية-اللاغاية" خروجا عن الصمت الموضوعي إلى آفاق الخيارات الميتافيزيقية ؟ فمتى ثبت ( حسب تعريفكم ) أن الصدفة راجعة إلى محدودية معرفية لزم التوقف في مسألة "الغاية-اللاغاية" ( أنبه على أن فصلكم بين المسألتين في المداخلة أعلاه غير منطقي ) .
سبب التفريق الذي قمت به هو استخدام هذه الكلمة في السياق المطروح.
بمعنى أن السؤال المطروح هو "هل هناك خالق، أم جاء الكون بالصدفة؟"
وليس "هل هناك خالق، أم أننا لا نعلم كيف جاء الكون؟"
أو "هل هناك خالق، أم أن الكون جاء بالصدفة أو بالضرورة أو أنه أزلي؟"
..الخ
بهذا المعنى كلمة صدفة تبدو موازية لمعنى "خلق الكون عبثا"..
إذ مادام الإنسان غير قادر على الخروج من محدوديته كي يطلع ( بتشديد الفتحة على الطاء ) على هذا الغياب من عدمه , فما يدرينا لعل هذه الغاية من جنس ما لا يقع تحت محدودية مدركاتنا ؟
فكما يسقط ( بضم الياء ) المدافع عن الغاية مفهومه لها على الوجود الخارجي , فكذلك يسقط ( بضم الياء) النافي للغاية حدوده المعرفية على الوجود الخارجي ( حاصرا بذلك للوجود فيما يدرك منه مع تناسيه لتاريخية هذا الإدراك )
أوافقك على هذا الكلام.
الحديث عن الغاية وكذلك عدمها هو حديث في الميتافيزيقيا، وهو موجه ايديلوجيا بالدرجة الأولى..
ولكن تحكم هذا اختيار هذا الطريق أو ذاك اعتبارات عملية رغم ذلك.
و كلا الإسقاطين ميتافيزيقا بحتة مهما حاول أصحابها إلباسها بلبوس العلم
هنا أخالفك في أنني أعتبر أن البحث العلمي يتضمن خيارات ميتافيزيقية (الطبيعانية).
أحد أهمها هو عدم اعتبار الغائية..
( انظر في هذا الصدد تحليل الرياضياتي الفرنسي - صاحب ميدالية فيلدز- روني طوم لهذه المسألة الدقيقة و لأقوال بعض البيولوجيين و الفيزيائيين الذين جهلوا - بحكم تخصصهم الشديد - الأبعاد الميتافيزيقية و الفلسفية لمقولة الإتفاق و الصدفة التي ما فتؤا يقدمونها على أنها علم صحيح في حين لا تعدو كونها معتقد صريح . انظر ذلك في مقاله الشهير الذي نشر بمجلة لوديبا Le Débat العدد السادس شهر نوفمبر 1980 ) .
أرجو أن تضع رابطا أو خلاصة عن الموضوع، والأهم طبعا هو توضيح فحوى هذا التحليل.
فلا يخفى على حصافة زميلنا الموقر إذن أنه مع تقرير المحدودية المعرفية و نفي الصبغة الأونطلوجية عن مفهوم الإتفاق ( الصدفة) صارت الثنائية "غاية-لاغاية" غير قابلة للبت indécidable بتعبير المنطقي كورت غودل .
فإما الصدفة و الإتفاق أونطولوجيين و إما التوقف في مسألة "الغاية-لاغاية" و ماعدا ذلك فهو تخمين و اعتقاد و ليس علم و انتقاد .
أعتقد أن كلامك يؤدي إلى نتيجة غير مقبولة، وهي أن جميع الخيارات متوازية إذ كل شيء ممكن طالما أننا لا نعرف كل شيء.
بهذا المعنى الراديكالي كلامك صحيح، ولكنه غير مجدي برأيي.
وضمن التقييم العلمي لنظرية معينة، وفي مثالنا هذا لنشأة الكون. لا شك أن نتائج البحث العلمي وتفسيراته (هنا النظرية الكوانتية) تحدد مجال الطرح عما إذا كانت هناك صدفة "أنطولوجية" حقيقية في تلك العملية أم أن ما يصفه البعض بذلك ليس إلا جهلا بمتغيرات خفية.
ومما نعرفه فمن الصعب التحقق من صحة النظريات المتعلقة بنشأة الكون، بحيث أن مثل هذا السؤال يبقى مرتبطا باعتبارات هي رياضية أكثر منها فيزيائية.
ولكن لاحظ أن نفي الصدفة الانطولوجية لا يحسم الموضوع، أي أنه لا يؤدي إلى إله خالق واعي وراء نشأة الكون.
وبذلك يبقى السؤال السابق مطروحا، ويبرر ربطي لموضوع الصدفة بالغاية.
أي هل هناك "غاية وراء نشأة الكون"، وما هو تقييم مثل هذه العبارة ضمن سياق العلم؟
مع أطيب التحيات
Bookmarks