النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الأسباب الحقيقية لانتشار الداروينية

  1. افتراضي الأسباب الحقيقية لانتشار الداروينية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مقال قمت بتجميعه من مصادر مختلفة مع بعض التصرف.يوضح الاسباب الحقيقية لانتشار الداروينية في اوروبا،مع ضعفها العلمي.سأنقله على عدة مراحل سائلا المولى ان ينفع به.


    انتشرت نظرية التطور في الاوساط العلمية والشعبية كالنار في الهشيم ،مع ضعفها العلمي.فانسلخت اوروبا من ثوبها الديني، وان كان محرفا،والقت بالتقاليد في مزبلة التاريخ ولبست ثوب الحيوانية والاباحية.

    عندما يتبنى الانسان عقيدة جديدة ويرمي ما يحمل من فكر،في زمن قياسي،يكون لسببين لا غير:

    1) قوة الفكر البديل وملاءمته للفطرة الانسانية السوية.
    2) ضعف الفكر المتبنى وتناقضها ومحاربته للفطرة السوية.

    سنحاول في هذه المحاضر باذن الله تبيان الاسباب الحقيقية وراء "ردة اوروبا".


    جولة مع التاريخ:

    ان الحضارة الغربية الحديثة ليست وليدة القرون المتاخرة بل هي سليلة الحضارة الرومانية ومن قبلها اليونانية.
    تعد الحضارة اليونانية من ارقى الحضارات في التاريخ القديم وقد اسهمت بنصيب وافر في التراث البشري بما قدمته من فلسفة وادب،وورثتها الحضارة الرومانية وحلت محلها في قيادة البشرية.
    وعلى الرغم من هذا الرقي المادي،فقد طغت الوثنية والمادية في هذه المجتمعات،وانحطت الاخلاق.
    فقد كانت الغريزة هي المسيطرة على النفس،فأصبحت بيوت العاهرات مركزا يؤمه سائر طبقات المجتمع،ومرجعا يلجأ اليه الادباء والشعراء والفلاسفة،فما كن يرأسن أندية العلم ومجالس الادب فحسب،بل كانت المشاكل السياسية ايضاً تحل عقدها وتفك معضلاتها بحضرتهن وتحت اشرافهن،وكانوا يرجعون في المسائل الرئيسية التي تعلوا بها امة وتسفل،الى زانية.وبلغ بهم الامر الى عبادة اله،أفروديت،التي عاشرث ثلاثة الهة مع كونها زوجة اله خاص،ولم تكتف بهم حتى التجأت الى عامة البشر وعاشرته ومنه ولدت "كيوبيد".وهذا فيض من غيض،فلن يتسع المقام لذكر جميع اشكال الفساد،ولكن بيت القصيد من وراء هذه الجولة بيان تأصل المادية في النفس الاوروبية.

    الداروينية-نظرية النشوء والارتقاء:

    ولد دارون عام 1809 م ،ونشر كتابه "أصل الأنواع" عام 1859 وكتابه الآخر "أصل الأنسان" عام 1871 م.
    وكان لهذه النظرية الاثر الاكبر في نفوس الاوروبيين،وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير،فانحازوا الى صف دارون لا ايمانا بنظريته الباطله كما سنبين ولكن استغلالا للتخلص من سلطان الكنيسة الظالم الجاثم على صدورهم،علاوة على ذالك فقد فتح دارون الباب على مصراعيه للحيوانية الكامنة في نفوس الاوروبيين.
    ولا تقتصر هذه النظرية على علم الاحياء فقط،بل نفت الداروينية انسانية الانسان،فأصل الانسان حيوان،اما تكريم الانسان،الروح،رفعته،تفرده وسموه فهذا ضرب من الهذيان.
    وأصبحت ركيزة اساسية في الفكر الاوروبي وصاغ فرويد-الجنس هو كل شيء وكل شيء نابع من الجنس- وماركس –التفسير الاقتصادي ليس شعور الناس هو الذي يكيف وجودهم،وانما وجودهم الذي يعين مشاعرهم- نظرياتهم بالاعتماد على هذه النظرية.


    كانت المسيحية العقيدة التي دانت بها اوروبا.وهي هي، هذه العقيدة المُحرفة المخالفة للفطرة السوية والمناقضة للعقل،وراء ردة اوروبا.
    وبلغ طغيان الكنيسة ورجالها ما تعجز الكلمات عن وصفه فاستعبدت البشر واحتقرتهم وعذبتهم ،ولكن في نهاية المطاف انقلب السحر على الساحر،وكفرت اوروبا.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الأخ أبو عمير جزاك الله خيرا وننتظر البقية
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  3. افتراضي

    سنعرض اهم الاسباب التي دفعت الناس للتشبث بنظرية داروين، وان ردتهم الى حيوانيتهم،رغبة في القضاء على الكنيسة.

    1) التناقض بين الدين والعلم:

    الصراع بين الدين والعلم مشكلة من أعمق وأعقد المشكلات في التاريخ الفكري الأوربي.
    قامت الكنيسة بتحريف حقائق الوحي الإلهي وخلطها بكلام البشر وفرض الوصاية الطاغية على ما ليس داخلاً في دائرة اختصاصها .
    نتيجة لهذا التحريف تسربت الخرافات الوثنية والمعلومات البشرية إلى كثير من تعاليم المسيحية ، إذ جعلتها الكنيسة عقائد إلهية تدخل في صلب الدين وصميمه ، وعدت الكفر بها كفراً بالوحي والدين .
    كذالك ضيق صدر الكنيسة بما يخالف تعاليمها الممزوجة وإصرارها الأعمى على التشبث بها ، فكان الامتداد الطبيعي للطغيان الديني طغياناً فكرياً عاماً ، وحاسبت الناس ، لا على معتقدات قلوبهم فحسب ، بل على نتائج قرائحهم وبنات أفكارهم ، وتوهمت أن في قدرتها أن تملك ما لا تستطيع أية قوة طاغية أن تحتكره ، وهو الحقيقة العلمية فيما يتعلق بالتجربة المحسوسة أو النظر العقلي السليم . وبذلك أقحمت نفسها في متاهات كانت غنية كل الغنى عن عبورها وأثارت على نفسها حربا ضروساً لا هوادة فيها ولا تمييز .

    وكانت الفلسفة المسيحية هذه تشتمل على معلومات تفصيلية عن الكون تقول :" أن الله خلق العالم ابتداء سنة 4004 ق.م. ، وتوج ذلك بخلق الإنسان في جنة عدن على مسيرة يومين من البصرة بالضبط ، والعجيب أنها ظلت مصرة على هذا الرأي حتى مطلع القرن التاسع عشر.(ويعود هذا الاستنتاج للمطران جيمز اشر بعد دراسة لنصوص الكتاب المقدس)
    ومن الطريف أيضا أن مجلساً كنسياً كان قد أعلن في بداية القرن العاشر للميلاد أن القرن الأخير من حياة العالم قد استهل لأن الله قد جعل المدة بين إنزال ابنه ونهاية العلم ألف سنة فقط .

    وثارت ثائرة رجال الكنيسة على الذين يتلقون علوم الكفار (المسلمين) ، ويعرضون عن التعاليم المقدسة فأعلنت حالة الطوارئ ضدهم وشكلت محاكم التفتيش في كل مكان تتصيدهم وتذيقهم صنوف النكال . وأصدرت منشورات بابوية جديدة تؤكد العقائد السابقة وتلعن وتحرم مخالفيها ، وبذلك قامت المعركة على قدم وساق وأخذت تزداد سعاراً بمرور الأيام .

    إن النظرية التي هوت الكنيسة لأول مرة هي نظرية كوبرنيق (1543) الفلكية ،فقبل هذه النظرية كانت الكنيسة المصدر الوحيد للمعرفة وكانت فلسفتها تعتنق نظرية بطليموس التي تجعل الأرض مركز الكون وتقول أن الأجرام السماوية كافة تدور حولها.
    فلما ظهر كوبرنيق بنظريته القائلة بعكس ذلك كان جديراً بأن يقع في قبضة محكمة التفتيش ذلك الغول البشع والشبح المرعب. ولا يفوتنا أن نقول أن الضحية الأولى لمحاكم التفتيش كانت المسلمين الأندلسيين الذين أُبيدوا إبادة تامة بأقسى وأشنع ما يتخيله الإنسان من الهمجية والوحشية ، ثم ظلت تمارس أعمالها على مخالفي الكنيسة وإن لم يكونوا مسلمين أو متأثرين بالحضارة الإسلامية .. وانتقلت من أسبانيا إلى بقية أقاليم الكنيسة ، وكانت المحكمة الأم لها هي "المحكمة المقدسة" في روما ، و يكاد المؤرخون الغربيون يتعرضون للحديث عنها إلا ويصيبهم الاضطراب وتتفجر كلماتهم رعبا" فما بالك بالضحايا الذين أزهقت أرواحهم والسجناء الذين أذاقتهم ألوان المر والنكال .

    "كان الإنسان في تلك العصور يكبس منزله وهو هادئ وادع فيحمل في جوف الليل ويعتقل الأشهر بل السنين وهو لا يدري ناهية التهمة التي سيتهم بها ، لأن "خصما من الجيران" قد أبلغ المحكمة بأنه سمعه يقول كيت وكيت عن الرؤيا أو عن الثالوث أو عن المعجزات ، ثم إذا أصر المتهم على إنكار ما نُسب إليه من التهمة جاز للمحكمة تعذيبه بأن تقطعه أشلاء بعد شلو أمام عينيه وأن تقرض لحمه بالمقراض ، وأخيراً تحرقه. وكانت المحكمة عبارة عن سجون مظلمة تحت الأرض بها غرف خاصة للتعذيب وآلات لتكسير العظام وسحق الجسم البشري وكان الزبانية يبدءون بسحق عظام الأرجل ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيا" حتى يهشم الجسم كله ويخرج من الجانب الآخر كتلة كتلة من العظام المسحوقة والدماء الممزوجة باللحم المفروم ، وكان لدى المحكمة آلات تعذيبية أخرى منها آلة على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة ، يلقون الضحية في التابوت ثم يطبقونه عليه فيتمزق جسمه إربا" إربا" ، وآلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد فتقصه قطعة قطعة ، وتغرز في أثداء النساء حتى تتقطع كذلك وصور أخرى تتقزز منها النفوس وتشمئز لذكرها.

    وظنت أن أمر هذه النظرية قد انتهى ، ولكن رجلاً آخر هو "جردانو برونو " بعث النظرية بعد وفاة صاحبها فقبضت عليه محكمة التفتيش وزجت به في السجن ست سنوات فلما أصر على رأيه أحرقته سنة 1600م وذرت رماده في الهواء وجعلته عبرة لمن اعتبر .
    وبعد موته ببضع سنوات كان "جاليلو " قد توصل إلى صنع المرقب "التلسكوب " فأيد تجريبياً ما نادى به أسلافه نظرياً فكان ذلك مبرراً للقبض عليه ومحاكمته و " قضى عليه سبعة من الكرادلة بالسجن مدة من الزمان وأمر بتلاوة مزامير الندم السبعة مرة كل أسبوع طوال ثلاث سنوات.

    هؤلاء هم زعماء النظرية وهذا هو موقف الكنيسة منهم وليس غريباً أن تضطهدهم وتحارب أفكارهم ، فغن أفكارها لا تعيش إلا في الظلام ، وهي لن تستعبد الناس بالحق ، بل الخرافة .. ولكن الغريب هو أدلتها الدينية التي ساقتها لتكذيب النظرية – وما كان ليضير الدين في شيء أن تصدق أو تكذب .

    ومع ذلك ، فلم يكد القرن السابع عشر يستهل حتى كان لنظرية كوبرنيق وما أضاف إليها برونو وجاليلو آثار واسعة ، ظلت راسخة في الفلسفة الأوروبية عامة ، فقد أفقدت الكثيرين ثقتهم في الكنيسة وأدت إلى التشكيك في سلامة معلوماتها ، وهو أثر له أهميته القصوى.
    وفي القرن السابع عشر تبلور النزاع واتخذ شكلاً جديداً : فقد أصبح النزاع بين مرقب جاليلو وحجج الكنيسة الواهية نزاعاً بين النص الذي تعتمد عليه أدلتها وبين العقل والنظر الذي استند إليه أصحاب النظريات الجديدة .

    ولد إسحاق نيوتن في السنة التي توفي فيها جاليلو (1642) ، ويعد عمله تتميماً لما بدأه جاليلو ، فقد مهد اكتشاف جاليلو لقانون البندول سنة 1604م الطريق أمام النظرية القائلة " أنه من الممكن تفسير ظواهر الطبيعة بربط بعضها ببعض دون حاجة إلى تدخل قوى خارجية عنها "
    وبذلك كان هذا الاكتشاف الضئيل بمثابة النواة للمذهب "الطبيعي "والنظرية الميكانيكية اللذين كان لهما صدى واسع فيما بعد .
    وقد حاربت الكنيسة هذه النظرية وشنعت على معتنقيها قائلة : إن الأشياء لا تعمل بذاتها ولكن عناية الله هي التي تسيرها ، ولم تكن الكنيسة من سعة الأفق عل جانب يسمح لها بتفهم عدم المنافاة بين نسبة الأفعال إلى الله تعالى باعتباره الفاعل الحقيقي وبين نسبتها إلى الأسباب باعتبارها وسائط مباشرة ، بل كان حنقها على كل جديد صارفاً لها عن ذلك ، كما أن أصحاب النظرية اندفعوا وراء رد الفعل الأهوج فأنكروا عمل العناية الإلهية وربط الأسباب بالمسببات معتقدين أن كل ما عرفت علته المباشرة فلا داعي لافتراض تدخل الله فيه – حسب تعبيرهم - .
    فلما جاء نيوتن بنظرية الجاذبية مؤيدة بقانون رياضي مطرد انبهرت عقول الفئات المثقفة واتخذها أعداء الدين سلاحاً قوياً حتى لقد سميت "الثورة النيوتونية " وأحس هؤلاء بنشوة انتصار عظيمة ، فقد أمكن تفسير الكون كله بهذا القانون الخارق ، كما تأكدت صحة نظريات كوبرنيق وبرونو وجاليلو . وفي الوقت نفسه اهتز موقف الكنيسة وتداعت حججها الواهية أكثر من ذي قبل ، ولجأت إلى التعسف والعنف وهاجم رجالها نيوتن الذي كان مؤمناً بوجود الله ، بحجة أنها تفضي إلى إنكار وجود اله ، بنفي العناية الإلهية من الكون . وقد ثبت أنهم كانوا على حق في توقعهم هذا ، لكنهم كانوا مخطئين في موقفهم من النظرية ، فقد ساعد هذا الموقف الخاطئ على الوصول إلى تلك النتيجة الباطلة .

    تلك هي تلك الخطوط العامة في القرن الثامن عشر للصراع بين الكنيسة والدين .وأصبح الصراع قضية جماهيرية بعد الثورة الفرنسية التي قامت في أواخر هذا القرن سنة 1789م ، وبقيامها رسم معلم واضح من معالم التاريخ الأوروبي ، وافتتح عصر جديد من الصراع بين الدين والادين.

  4. افتراضي

    الله خلق المخلوقات بالتتابع كل منها بعد الأخرى بمراحل زمنية بعيدة إختلفت فيها المناخ لذلك بعد كل صنف يوجد إضافات لتلائم الظروف من ناحية الحرارة والجو والأماكن وهذا مايسميه داروين التطور وداروين تتبع ما خلقه الله فلابد أن يشاهد ويسجل هذه المراحل لهذا الخلق
    ويمكن أن نشبه ذلك بأن مصنع للسيارات كل عام ينتج موديل جديد ونتصور بأن هذه الحياة غرقت بالطوفان وخلق الله خلقا جديدا وواحد منهم مثل داروين أخذ يبحث عن موديلات السيارات ويرتبها كل منها قبل الآخر
    فهل يقول بأن هذه السيارات وجدت بدون صانع لها هكذا عشوائيا بدون أن يصنعها أحد والناس تصدقه يكفى أن ننظر لأجزائها وكيف تتكامل مع بعضها البعض فى منظومة
    كل اليهود أمثال داروين أو كارل ماركس وغيرهم يريدون أن يكفروا الناس ليبقوا هم وحدهم شعب الله المختار الذين يعرفون الله فقط
    التعديل الأخير تم 05-17-2005 الساعة 05:48 PM

  5. #5

    افتراضي

    اليمين المحافظ في أمريكا يسعى لمنع تدريس نظرية التطور :

    http://www.aljazeera.net/NR/exeres/8...9150BA935B.htm

    عجيب هؤلاء القوم ...
    هم من نشرها في العالم وسخروا لها إمكانيات هائلة لعلمنة عقول الناس
    وبعد ذلك يريدون أن يتراجعوا عنها ..

    المشهد المضحك الذي أرغب في رؤيته في المحاكم الأمريكية كيف سيدافع المتحمسون للنظرية عن تعليم النظرية في المدارس

    لننتظر ونرى

  6. افتراضي

    2) الظلم الكنيسي:

    تعددت اشكال الاضطهاد والتعسف تجاه الافراد،وولدت بالمقابل كراهية للكنيسة لم يفتر أوارها حتى بعد زوال الكنيسة.وسنتطرق لاهمها:

    أ)صكوك الغفران:

    توجت الكنيسة تصرفاتها الشاذة وبدعها الضالة بمهزلة لم يعرف تاريخ الأديان مثيلاً ، وحماقة يترفع عن ارتكابها من لديه مسكة من عقل أو ذرة من إيمان ، تلك هي توزيع الجنة وعرضها للبيع في مزاد علني وكتابة وثائق للمشترين تتعهد الكنيسة بأن تضمن للمشترى غفران ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبراءته من كل جرم وخطيئة سابقة ولاحقة ونجاته من عذاب المطهر ، فإذا ما تسلم المشترى صك غفرانه ودسه في محفظته فقد أبيح له كل محظور وحل له كل حرام : ماذا عليه لو زنا وسرق وقتل بل لو جدف وألحد وكفر ما دام الصك رهن يده ؟ أليس المسيح هو الذي منحه إياه والمسيح هو الذي يدين ويحاسب ؟ أتراه متناقضاً إلى هذا الحد: يمنح الناس المغفرة ثم يحاسبهم على الذنوب.
    وإذ قد اطمأن المشترى إلى هذه النتيجة فقد بقى لديه ما ينغص الفرحة ويكدر الغبطة ذلك أن والديه وأقرباءه قد ماتوا وليس معهم صكوك .
    لكن الكنيسة الأم ( الرؤوم لكل المسيحيين ) شملت الكل برحمتها وأتمت الفرحة لذبونها فأباحت له أن يشترى لمن أحب ( صك غفران ) وما عليه بعد دفع الثمن إلا كتابة أسم المغفور له في الخانة المخصصة فيغادر المطهر فوراً ويستقر في ظلال النعيم مع المسيح والقديسين .
    أما الشقي النكد عديم الحظ فهو ذلك القن الذي لم يستطع أن يحصل من سيده الإقطاعي ( المغفور له ) على ما يشترى به صكاً من قداسة البابا أو المريض المقعد الذي لا يجد عملاً يخول له الحصول على المغفرة ، أو الفقير المعدم الذي يعجز عن استدانة دينارين يشترى بها جنات النعيم ، هؤلاء يظلوا محرومين من هذه الموهبة مهما بلغت تقواهم وعظم حبهم للمسيح وتعلقهم بالعذراء .

    بقى أن نلفت النظر إلى حقيقة الوضع الذي كانت عليه الكنيسة والظروف التي ألجأتها لمثل هذه التصرفات ، ففي هذه المرحلة من تاريخ الكنيسة كانت تواجه ألد وأخطر أعدائها (( المسلمين )) وكانت الحروب الصليبية قد استعر إوراها وبدأت تلوح علامات الهزيمة للصليبيين ، وبلغ ضعف الحماس الديني في نفوس الأوربيين مبلغاً كبيراً وفقد المقاتلون ثقتهم في الكنيسة نتيجة لخيبة أملهم في النصر الذي وعدتهم وعداً قاطعاً ، ولم يروا للمسيح والملائكة والقديسيين أثر في معاركهم بل على العكس تخيلوا أنهم يقفون ضدهم تماماً ، وبذلك أهتز موقف الكنيسة وأيقنت أن وعودها المعسولة بالنصر ، وقراراتها الشفوية بالمغفرة للمشتركين في الحرب لم تعد تؤدى مفعولاً مؤثراً فقررت تجسيد هذه الأماني في وثيقة خطية محسوسة يحملها المقاتل ويندفع للاشتراك في الحملة الصليبية وهو على ثقة وعزم ، وتنفيذاً لذلك برز إلى الوجود مهزلة جديدة هي (( صكوك الغفران )) وكانت كما يقول ول ديورانت توزع على المشتركين في الحروب الصليبية ضد المسلمين
    وعليه فلم يكن ليحظى بالحصول على صك الغفران إلا أحد أثنين :

    رجل ذو مال يشترى الصك من الكنيسة حسب التسعيرة التي تحددها هي .
    رجل يحمل سيفه ويبذل دمه في سبيل نصرة الكنيسة والدفاع عنها وحراسة مبادئها .

    وغير هذين رجل ثالث يعتصر قلبه أسى لأنه لا يملك ثمن الصك أو لا يستطيع أن يشترك في الحرب إما لعجزه وإما لكونه غير مستعد للموت من أجل الكنيسة لكنه يظل أسير صراع نفسي مرير وشعور بالحرمان قاتل .
    وهكذا فالكل مضحون ، والكل خاسرون ، والكنيسة هي الرابح وإن كانت عند الله شر مقاماً وأخسر صفقة .

    ب) الاستعباد المادي:

    الأناجيل المسيحية لم تنه عن شئ نهيها عن اقتناء الثروة والمال ، ولم تنفر من شئ تنفيرها من الحياة الدنيا وزخرفها.
    أن المسيح يقول "مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله".ويقول لتلاميذه ولا تقتنوا ذهبا" ولا فضة ولا نحاسا" في مناطقكم ولا مزودا" للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا"،
    تشددت الكنيسة جدا" حتى حرمت ما أحل الله من الطيبات، وفرضت الكنيسة على أتباع دينها التقشف والزهد واقتبست النظرة البوذية التشاؤمية للحياة الدنيا وفي الوقت نفسه كانت سيرتها الذاتية صفحة مخزية من التهالك على الدنيا وامتصاص دماء الأتباع بما لا يضارعها فيه أثرياء اليهود وكبار الإقطاعيين الذين تسميهم الكنيسة "دنيويين".

    كانت الفضائل المسيحية كالفقر والتواضع والقناعة والصوم والورع والرحمة ، كل ذلك خيرا" للمؤمنين وللقسيسين وللقديسين وللخطب والمواعظ ، أما أساقفة البلاد والشخصيات الكهنوتية الكبيرة فقد كان شئ أخر : البذخ والأحاديث المتأنقة مع النساء والشهوة في مجالس الخاصة والعجلات والخدم والأرباح الجسيمة والموارد والمناصب" ونستطيع أن نلخص مظاهر الطغيان الكنسي في هذا المجال بما يلي :-
    كانت الكنيسة تملك المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية باعتبارها أوقافا" للكنيسة بدعوى أنها تصرف عائداتها على سكان الأديرة وبناء الكنائس وتجهيز الحروب الصليبية ، إلا أنها أسرفت في تملك الأوقاف حتى وصلت نسبة أراضي الكنيسة في بعض الدول درجة لا تكاد تصدق ، وقد قال المصلح الكنسي "ويكلف" وهو أوائل المصلحين : "إن الكنيسة تملك 3/1 أراضي إنجلترا وتأخذ الضرائب الباهظة من الباقي ، وطالب بإلغاء هذه الأوقاف واتبع رجال الدين بأنهم "اتباع قياصرة لا أتباع الله"
    أصبحت الكنيسة أكبر ملاك الأراضي وأكبر السادة الإقطاعيين في أوروبا ،وكانت الكنيسة تملك الإقطاعيات برقيقها وأن بعض رجال الدين كان يملك الآلاف من الأرقاء ، غير أن ذلك لم يقنع الكنيسة بل أرغمت أتباعها على العمل المجاني في حقولها وفي مشروعاتها ، لا سيما بناء الكنائس والأضرحة ، وكان على الناس أن يرضخوا لأوامرها ويعملون بالمجان لمصلحتها مدة محددة هي في الغالب يوما" واحدا" في الأسبوع ولا ينالون مقابل ذلك جزاء" ولا شكورا" .
    فرضت الكنيسة على كل أبتاعها ضريبة "العشور" وبفضلها كانت الكنيسة تضمن الحصول على عشر ما تغله الأراضي الزراعية والإقطاعيات ، وعشر ما يحصل عليه المهنيون وأرباب الحرف غير الفلاحين .
    وكانت الكنيسة تجبي الضرائب ولم يكن لها ممتلكات فسيحة ولا دخل عظيم من الرسوم فحسب ، بل فرضت ضريبة العشور على رعاياها ، وهي لم تدع إلى هذا الأمر بل طالبت به كحق ولم يكن في وسع أحد أن يرفض شيئاً من ذلك ، فالشعب خاضع تلقائيا" لسطوتها ، أما الملوك فقد كانوا يخشون بأسها من جهة كما كانت بها مصالح مشتركة من جهة أخرى ، إذ كانت هي أيضا" تمدهم بأسباب البقاء …
    لم تشبع الأوقاف والعشور نهم الكنيسة الجائع وجشعها البالغ بل فرضت الرسوم والضرائب الأخرى ، لا سيما في الحالات الاستثنائية : كالحروب الصليبية والمواسم المقدسة ، وظلت ترهق بها كاهل رعاياها ، فلما تولى البابا حنا الثاني والعشرين جاء ببدعة جديدة هي "ضريبة السنة الأولي" وهى مجموعة الدخل السنوي الأول لوظيفة من الوظائف الدينية أو الإقطاعية ، تُدفع للكنيسة بصفة إجبارية ، وبذلك ضمنت الكنيسة موردا" ماليا" جديدا".
    وهكذا كانت الجماهير ترزح تحت أُقال الكنيسة وأعبائها المالية المرهقة ، وكان الملوك والأباطرة ورجال الدين الصغار يحسون بذلك أيضا" ويتحينون الفرصة لإعلان احتجاجهم.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. إعلان: الأسباب الحقيقية وراء الفرقة بين أهل السنة المعاصرين...!!
    بواسطة جُنيد الله في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-07-2012, 06:22 PM
  2. كتاب الأسباب الحقيقية لحرق إحياء علوم الدين
    بواسطة abd_allah في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-20-2008, 04:44 AM
  3. السعادة الحقيقية
    بواسطة أبو حميد في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-21-2006, 08:37 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء