بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، والسلام عليكم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف؟؟
كيف لدعاء يرد قدر الله ؟؟
كيف .. لدعاء يطيل عمر انسان ؟ وقد قدر الله على هذا الانسان ان يموت في لحظة محددة ؟
بل كيف يكتب الله علي النار وفي الوقت ذاته يجب علي ان اعمل صالحا لأدخل الجنة ؟؟ اليس ذلك تناقضا ؟
وكيف يكتب الله لي الموت منتحرا .. وقد حرم علي الإنتحار ؟؟.. ليس بوسعي عمل غير المكتوب !
كيف وكيف وكيف !! ؟؟؟ انها تناقضات !
كيف كل ذلك ؟ وفوق ذلك تقولون الإنسان مخير ومسير !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
جميع الأسئلة السابقة تدور في بالِ كثير.
ومن يسأل وهو جاهلا للإجابة فذلك يدل على عدم علمه .
وفي هذه الاسئلة .. السائل يجهل ما هية الاقدار وكيف تسير ..فسأوضح ذلك بإذن الله بالطريقة المنطقية.
قد سألني احد الزملاء اسئلة شبيهة بالاسئلة السابقة .. وطلب مني اجابة منطقية على تساؤلاته بعيدة عن الإجابات التقليدية المأخوذ اكثرها من الكتب الإسلامية .. ظنا منه ان تلك الاجابات لا تشرح ذلك بمنطقية انما تنقله نصا منصوصا لا يزيد او ينقص .
فسكتُ قليلا وفكرت بضع ثوان ..
..وأعطيته اجابة :
الله العليم الخبير عالم بكل علوم الغيب الغائبة .
فالله العليم :
عالم بما كان..
عالم بما سيكون..
عالم بما إن كان ما لم يكن كيف كان سيكون ..
عالم بما إن لم يكن ما كان كيف كان سيكون ..
اي بسرد آخر للكلمات :
يعلم كل شيء عن الماضي ، يعلم كل شيء عن المستقبل
يعلم ماذا سيحدث اذا حدث ما لم يحدث
بل يعلم ماذا سيحدث إن لم يحدث ما حدث ..
أي بختصار: يعلم جميع الإحتمالات في جميع الجزئيات الموجودة في كل شيء .
فلديه علم مطلق بكل شيء.. ليس كمثل علمه علم .. وليس كمثله عليم .
^^^^^ كانت الجزئية الاولى من الرد.
.
وبناءً على هذا المبدأ .. فالجزئية الثانية هي :
فإن الله سبحانه وتعالى منذ الازل البعيد قبل أن يخلقك انت يا عبد .. كان مطلعا على مستقبلك
فكان عليم بكل شيء يخصك ..
فدون ذلك في اللوح المحفوظ :
{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
لا بأس حتى الآن ..
ولكن الى الآن مازال هناك غموض ،، ما هي الاقدار؟؟
حسناً..
ابو لهب.. كافر .. وبالتأكيد كتب الله عليه ان يكون كافرا .
بالمقابل:
ابو بكر .. مؤمن ومبشر بالجنة.. وبالتأكيد كتب الله له أن يكون مؤمنا .
وبذلك قدر الله لكل واحد منهم مصيرا مختلف .. لكن هل قدر الله لهما ذلك رغما عنهم وظلما لأحدهم دون الآخر ؟ وهل اذا قدر الله على ابو لهب النار فهذا معناه انه كان من الممكن لأبو لهب ان يعمل صالحا يدخله الجنة ولكن الله قدر له ذلك رغما عنه وتحكم في افعال ابو لهب ليكون من اهل النار ؟
لا لا لا.. لا ..ليس كذلك مفهوم الاقدار ..
لنرجع للجزئية الاولى التي سنبني عليها منطلقنا في الاجابة ..
الله عالم بكل شيء وعالم بمستقبلك ..
إذن .. الله العليم كان يعلم منذ الأزل البعيد ان ابو لهب سيكفر بالحق ..
فلم يغير الله سبحانه وتعالى هذا الحدث الافتراضي الذي سيحدث في المستقبل فسّير الله تعالى بأن يكون ابو لهب كذلك وكتب ذلك في اللوح المحفوظ ، وبذلك يكون الله سبحانه وتعالى قد قدر ذلك على ابو لهب بتأكيد حدوث ما كان من المتفرض أن يحدث .
وبذلك ابو لهب كان مخيرا ومسيرا ..
فأختار ابو لهب الكفر ، وسيّره الله سبحانه وتعالى فيما اختاره .. فقط عدم منع الله تعالى كفر ابو لهب يعد تقديرا لابو لهب بالكفر.
وعلى الجهة الأخرى
ابو بكر .. قد علم الله سبحانه وتعالى منذ الازل انه سيؤمن برسالة محمد
فرضي ان يكون كذلك ولم يغير الله سبحانه وتعالى ماكان من المفترض حدوثه ، وبذلك قد قدر له الإيمان .
اختار ابو بكر الايمان وسيره الله سبحانه فيما اختار.
ومن جهة اخرى فرعية .. للتضح الصورة اكثر :
إن كان هناك كافرا واهتدى وآمن .. كيف تكون ماهية القدر هنا ؟
لنقرأ هذه الآية :
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }
وقال :
{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ..}
سبب الهداية هنا ليس من العبد نفسه
بل هناك تدخل الهي في ذلك ..
حيث ان الله سبحانه وتعالى يعلم مستقبل هذا العبد .. وعلم انه سيكون كافرا
لكن لم يسير الله سبحانه وتعالى هذا العبد في كفره لسبب ما ، والله سبحانه وتعالى يفعل ما يريد
فحدث تدخل إلهي في كفر ذلك العبد فلم يسيّر الله سبحانه وتعالى العبد في الكفر ، بل غيّر ذلك وسيّره في الإيمان ،،، وبذلك قدر الله سبحانه وتعالى لهذا العبد الإيمان بدلا من الكفر
فلربما كان ايمانه خيرا للإسلام وربما كان ردعا للكفر ولله حكمه الغائبة ..والله يفعل ما يريد .
كما آمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. كان عزة للإسلام والمسلمين .
وجميع الكلام السابق ينطبق ايضا على كافة الأقدار
فمثلا .. اذا مات شخصا منتحرا .. هل هذا يعني انه رغما عنه تحكم الله بأفعاله وجعله ينتحر ؟
لا ليس كذلك مفهوم القدر هنا ..
انما علم الله منذ زمان ان هذا العبد سيقتل نفسه ، فكون الله سبحانه وتعالى لم يغير ذلك او يمنع فهذا معناه انه قدر ذلك لهذا العبد .
ببساطة هذه المسألة كماذا؟
كالبضاعة التي لا يتم تصديرها الا بعد ختم الموافقة عليها ..
بمجرد ان يتم الختم يتم تصديرها ،، وان لم يتم الختم عليها يتم عمل تعديلات عليها ومن ثم ختمها وتصديرها .
كذلك هي الأقدار ..
يعلم الله المفترض حدوثه للعبد .. فلا يغير ذلك ويوافق على حدوثه ( اذن قدر الله ماشاء على عبده )
يعلم الله المفترض حدوثه للعبد .. فيمنع المفترض بإرادته ويغير ذلك الى مايشاء ( اذن قدر الله ماشاء على عبده )
وأخيرا :
قال لعبد الله بن العباس :
( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف )
فإن الله لم يكتب الا ما هو كائن ، وما لم يكن ما كان سيكون .
ارجو اتضاح الاجابة للجميع ،، واعتذر منكم ان بدر مني اي خطأ فإن صدر مني أرجو تصحيحه.
الحمد لله
Bookmarks