النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: لمـاذا نقـول أن الإنسـان أتى إلى الأرض بمقدمة سمـاوية ..!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    1,073
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    Arrow لمـاذا نقـول أن الإنسـان أتى إلى الأرض بمقدمة سمـاوية ..!!

    جميع الكائنـات على وجه الأرض تخضع لقوانين يمكن اختبارهـا وإثباتهـا فالحيوان يتحرك بين مثير واستجابة كفاءة ومنفعة بمنتهى البساطة والسطحية والبعد الواحد .. لكن الإنسـان ظاهرة ضد الطبيعة لا يمكن بأي حال رده إلى النظام الطبيعي فالحس الجمالي والخلقي والوعي والمقدرة على مراقبة الذات ووخز الضمير الأخلاقي والهداية المفـاجأة لأعتي الكافرين والمقدرة المطلقة على فعل الخير والشر بشكل واع وبإختيـار حر ( ونقول مقدرة مطلقة على فعل الخير والشر لأن الله خلق داخل كل منـا عالم يسمى عالم النيـة وداخل هذا العالم يستطيع الإنسـان القيـام بأنبل التضحيـات وأخس البذاءات وهو عالم تتسـاوى فيه الإختيارات ولذا يقول نيشه لا يوجد في جهنم ضحايا أبريـاء فعالم النية عالم تستطيع فيه أن تكون أشرف الخلق أو أخسهم دون تغير يُذكر في عالم الواقع والأعمال بالنيـات ) كل هذه الأمور تؤكد أن الإنسـان ليس ابن للطبيعة وهو يتصرف لا يتصرف كإبن للطبيعة فالإنسـان غير طبيعي ..الإنسان به قبس إلهي أتى بمقدمة سماوية .. وكما يقول الأستاذ على عزت بيجوفيتش :- ( ولو كان الإنسـان حقـا ابن للطبيعة كما يقولون فكيف بدأ بمعارضة الطبيعة التي نشـأ منهـا )

    أرقى أنواع الحيوانات تدور بين المثير والإستجابة بينمـا الإنسـان لا يجد لذته إلا بالترفع عن الطبيعة التي نشـأ منهـا .... فالزهد والتبتل والترفع والإيثار والشعور بالإغتراب قيم غير مادية ولكنهـا لصيقة بالإنسـان أينمـا حل وارتحل وكل الفنون تحكي قصة متصلة لغربة الإنسـان في الطبيعة والإنسان أكثر من جميع ما تقوله عنه العلوم مجتمعة بل هو ربما ضد العلوم
    في إحدى أفلام الجزيرة الوثائقية تم استعراض مجموعة من رسوم الكهوف نقشهـا الإنسـان الأول في كل من فرنسـا والمغرب واستراليـا وكانت المفـاجـأة لمتابعي الفيلم فجميع الرسوم تكـاد تتطابق .. قـام يوربيدوس بتـأليف المسرحية الأخلاقية ( نسـاء تروجـان ) قبل الميلاد بقليل وهذه المسرحية أكملهـا سارتر بعد عشرين قرن ولا تشعر بأي فجوة زمنية بين الكاتبين .. رأس المال الأخلاقي الذي ورثه الإنسـان الأول هو نفسه رأس المال الأخلاقي الذي يسعى إليه الآن سكان رومـا وكينيـا والقاهرة

    لقد وُلدت الأخلاق مع المُحرمـات ولا تزال كذلك إلى اليوم .. والأخلاق دائمـا مبدأ تقييد أو تحريم يناقض الغريزة الحيوانية في طبيعة الإنسـان .. فالإنسـان في حدود الطبيعة وفي حدود قوانين المادة ليس إنسـانا بل هو على أحسن الفروض حيوان ذو عقل .. لكن الإنسان لا يتصرف كإبن للطبيعة ولكنه يتصرف كمغترب عنهـا .. لا يشعر بقيمته وقيمة القبس الإلهي بداخله إلا إذا ترفَّع عن الطبيعة التي نشـأ منهـا .. وليس في أكثر الحيوانـات رقُيـا شيء من ذلك ..يقول الأستاذ علي عزت بيجوفيتش :- ( ليس في عالم الحيوان شيء ما يشبه ولو بشكل بدائي الدين أوالسحر أو المسرح الدرامي أو المحرمـات أو الفن أو المحظورات التي كانت عند الإنسـان الأول ) الحيوان عندمـا يذهب للصيد يسلك سلوكـا عقلانيـا منطقيـا يدور بين الكفاءة والمنفعة .. المثير والإستجابة لكن لا يذهب الإنسـان للصيد إلا بعد أن يُخضع نفسه لطقوس ومراسيم لا تمت لعالم الطبيعة المادي بصلة ... إن أصالة ظهور الإنسـان تظل دائمـا بدون تفسير عقلاني فمن الواضح أن الإنسـان لم يستجب للعالم حوله بالطريقة الداروينية

    يقول نيشه في كتابه هكذا تكلم زرادشت :- ( اقهر الضعفـاء اصعد فوق جثثهم .. هكذا تكون ابن الطبيعة ) ويقول المفكر الإنجليزي الشهير جون لوك :- ( إذا كان كُل أمل الإنسان قاصرا على هذا العالم وإذا كنا نستمتع بالحيـاة هنا في هذه الدنيـا فحسب فليس غريبا ولا مجافيـا للمنطق أن نبحث عن السعادة ولو على حساب الآباء والأبنـاء ) .. فالإنسـان من منظور مادي أرضي هو كائن عضوي ذو ثلاثة أبعاد حدود الطبيعة هي حدوده يسري عليه ما يسري على الظواهر الطبيعية، فهو شيء بين الأشياء يمكن دراسته في إطار دوافعه الاقتصادية، ومن ثم يمكن رصده من خلال نماذج اقتصادية رياضية محضة يقول الدكتور المسيري رحمه الله في موسوعته 1-117 :- (بدون وجود إله تفقد كل الكائنات حدودها وحيزها، إذ تختفي المساحات بينها ومن ثم هويتها وتَعيُّنها وقيمتها وتذوب في القوة الواحدة التي تسري في الكون وتتخلل ثناياه (القوة الدافعة للمادة، الكامنة فيها) وتعود الأشياء إلى حالة سطحية ساذجة (تشبه الفطيرة) تُسقط أية ثنائية أو تعددية ولا تعرف تمييزاً بين ما هو أعلى وما هو أدنى وما هو هامشي وما هو مركزي، وما هو خير وما هو شر؛ نظام دائري مصمت لا تتخلله ثغرات أو مسافات، تشبه نهايته بدايته، وتشبه قمته قاعدته، وتشبه أسبابه نتائجه، وتشبه هوامشه مركزه، ومن ثم تنشأ إشكاليات في النظام المعرفي والأخلاقي، إذ تفقد الأشياء حدودها وهويتها ويَصعُب التمييز بينهما، كما تَصعُب التفرقة بين الخير والشر، وتختفي الإرادة والمقدرة على التجاوز وتسود الواحدية والحتمية. )
    فالإله هو الشرط الوحيد لحرية الإختيـار وسمو الإنسـان وقيمته وقيمة المطلقات التي يحملها

    فالإنسـان يمثل ثغرة في النظام الطبيعي فهو ابن الطبيعة لكنه أتى بمقدمة سماوية لا يمكن إخضاعه لقوانين الطبيعة وحتميات ماركس التاريخية أو حتميات داروين العضوية أو حتميات دوركايم الإجتماعية . هذا الاختلاف بين الإنسان والطبيعة يُعبِّر عن نفسه في الاختلاف بين المؤشِّر في العلوم الطبيعية والمؤشِّر في العلوم الإنسانية.
    «ما بعد الحداثة».«ما بعد الإلحـاد». «ما بعد علمانية المؤسسات».هذه العبارات المتكررة هي صرخة مستمرة وتأكيد صريح على فشل هذه المنظومات فكلمة «المـا بعد » تؤكد أن النموذج السائد (الحداثة – الإلحـاد) لم تَعُد له فعالية ولم يعد قادراً على تفسير الواقع ولم يعد قادرا على فهم الإنسـان وتلبية حاجيـاته. يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته 1-85 :- ( نظراً لعجز المنظومات القائمة نشـأت منظومات «المابعد» ونظرا لعجز الإنسان الغربي عن تسميته الظاهرة الجديدة فإنه يكتفي بالإشارة إليها من خلال كلمة «ما بعد» )
    اغتراب الإنسـان في الأرض .. بحثه عن الفردوس المفقود .. وخز الضمير الأخلاقي .. شعوره بوجود مُطلقات في الحياة تجاوز الطبيعة .. رأس المال الأخلاقي الرهيب الذي ورثه الإنسـان الأول هذه أسئلة مجردة عميقة ولكن حياة الإنسان هي محاولة للإجابة عنها. وحتى محاولة التهرب منها ورفضها يُشكِّل إجابة

    يعترف الملحد الشهير ريتشارد داوكنز في لقاء على أحد أفلام bbc الوثائقية يقول :- ( وأنـا أيضا أعاني من الداور الميتافيزيقي والأسئلة المحيرة ولا يستطيع إنسان يتـأمل في نفسه وفي الزمان والحقب الجيولوجية إلا واعتراه دوار ميتافيزيقي شديد ) هذا الدوار يؤكد على عمق المـأسـاة مأسـاة ذلك الإنسـان الذي يبحث عن الفردوس المفقود وعن سبيل للعودة إليه .. هذا الدوار الذي يؤكد أن للإنسـان أصلا آخر مستقر في ذهنه لكنه لا يذكر الآن شيئـا عنه وكل حيـاة الإنسـان هي محاولة للعودة إلى ذلك الأصل أو الفردوس أو جنة الخلد ..!!
    يقول فرانسيس بيكون أبو العلم الحديث :- ( غـاية كل علوم الحيـاة وتجارب الإنسـان وغـاية الوجود الإنسـاني كله هي الإجـابة عن الأسئلة الجوهرية في حيـاة الإنسـان ) فالعلم ليس غاية في حد ذاتـه وأعظم تجـارب الإنسـان لم تُصمم إلا للإجـابة عن الأسئلة الجوهريـة في حيـاة الإنسـان فمفاعل سيرن العملاق في سويسرا وهو أعظم معمل في تـاريخ الإنسـانية .. أعظم جهد بشري في تـاريخ العلم .. معمل يقوم على 27 كيلو متر بتكلفة مليـارات الدولارات يعمل فيه آلاف العلمـاء فقط للإجـابة عن الأسئلة الجوهرية في حيـاة الإنسان
    وإذا كانت حياة الإنسان حياة حيوانية بسيطة أُحـادية خالية من الأسرار والرموز وإذا لم تكن هناك حياة أخرى وقيمة أخرى فكيف لهذه التساؤلات الجوهرية أن تتسلل إلى أذهـاننا وكيف لهـا أن تجد طريقهـا إلى تجارب العلماء ..

    فالبُعد الجواني في الظاهرة الإنسانية يفوق في أهمـيته السـلوك البراني الخاضـع للرصد المــادي يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته 1-61 :- ( الإنسـان يمثل أكبر ثغرة في النظام الطبيعي لا يقف في الكون كشيء ضمن الأشياء الأخرى، ظاهرة مثل الظواهر، وإنما يقف شامخاً في مركز الكون تأتي عنده القوانين الطبيعية فتُعدِّل من مسارها وتتغير وتتحور، بل قد تتوقف أحياناً تماماً. )

    فهذا الكائن الذي يحوي داخله الأسرار، يستعصي على التفسيرات الطبيعية ولا يمكن اختزاله أو رده إلى مبدأ واحد ولا يمكن التحكم فيه تحكماً كاملاً، إنه إنسان يبحث عن المعنى ولا يستسلم للعبث أو العدمية أو الواحدية المادية، إنسان حر قادر على اتخاذ قرارات أخلاقية وعلى تحمُّل المسئولية، ومن ثم يشكِّل ثغرة في النظام الطبيعي وتحدياً للمنظومات المعرفية والأخلاقية الواحدية المادية

    ولا يوجد شـيء في نهاية الأمر وفي التحـليل الأخير إلا وجه الله، ضمان حرية الإنسـان ووعيه بحريته.
    " سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ "146 الأعراف
    [SIZE=4]مقالاتي في نقد الإلحاد واللادينية
    مناظرة مع الأدمن الملحد سمير سامي
    حلقاتي على اليوتيوب
    للتواصل معي عبر الفيس بوك

  2. #2

    افتراضي

    يرفع
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,759
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاك الله خيرا مقال قيم جدا .



    [ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ]

    http://antishobhat.blogspot.com.eg/
    http://abohobelah.blogspot.com.eg/
    http://2defendislam.blogspot.com/

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. البرهـان هنـا : الإنسـان والديناصور عاشـا معـا ..!!
    بواسطة elserdap في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 08-30-2014, 10:00 PM
  2. نعتذرُ للغياب نتيجة الإنشغال فلا تنسونا من صالح دعائكم
    بواسطة أهل الحديث في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 01-07-2012, 09:28 AM
  3. لمـاذا لا يـتـم حجب الصفـحات الجهـادية؟
    بواسطة أرسطوفان مساعد في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-28-2007, 05:25 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء