النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: سلسلة كشف الشخصيات (16) : فرويد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي سلسلة كشف الشخصيات (16) : فرويد

    بقلم : سليمان الخراشى


    فرويد ومدرسته في علم النفس

    (1)

    من هو فريويد ؟ :

    سيجموند فرويد، عاش ما بين (1856 – 1939م). يهوديُّ من أبوين يهوديين، نمساوي. هو مؤسس مدرسة التحليل النفسي. اشترك مع « جوزيف بروير » في علاج الهستريا بالنُّ,ام، مفسّرًا أعراضها بأنّها تعبيرت عضوية عن صدمات مكبوتة، وصراعات نفسية لا شعورية ترجع إلى الطفولة .

    ثم عمل منفردًا، وترك طريقة النُّوام، مستعيضًا عنها بطريقة التداعي الحرّ، مؤكدًا أن الطاقة المسبّبة لأعراض الهستيريا التحوليّة هي طاقة جنسية .

    حاول «فرويد » تطبيق آرائه في تفسير نشأة المجتمع، والدين، والحضارة وتطوّرها ([1]).



    (2)

    دوافع آرائه في التحليل النفسي :

    هل دفعت القيادة اليهودية الخفية، ضمن خطّتها العامة، اليهوديّ الصهيوني «سيجموند فرويد » لوضع أفكارٍ وآراءٍ باسم «نظريات » في علم النفس، تهدم العقائد والأخلاق الدينية، وتخدم المخطّط اليهوديّ الخطير ضدّ شعوب الأرض جميعًا ؟

    لقد علمنا أنّ هذا المخطّط اليهودي يرمي إلى استغلال النوازع والغرائز والشهوات ونوازغ الشرّ في الإنسان، بغية هدم أبنية الفكر الديني، ونشر الإلحاد والإباحية، وإشاعة الفساد في الأرض، لأنّ ذلك يفضي حتمًا إلى تدمير الأمم والشعوب، وسلبها مادّة قوّتها ونظام تماسكها، وهذا يمهّد – بحسب تصوّر شياطين اليهود – لقيام الدولة اليهودية العالمية، القابضة على ناصية كلّ خيرات الأرض، ونواصي الشعوب والأمم .

    ومن النوازع الفردية التي جاء في المخطّط اليهودي استغلالها، الأنانية المفرطة، وفكرة الحريّة الفردية التي يراد لها أن تنطلق شرهة شرسة، وتتمرّد على كلّ ما يقيْدها من دين، أو قانون، أو ضوابط اجتماعية، أو مبادئ أخلاقية .

    وبتنمية الأنانية المفرطة، وإطلاق الحرّية الفردية، تنطلق الشهوات والغرائز البَهيمّة، كما تنطلق الوحوش المفترسة من أقفاصها، ومع الرغبة بانتهاب اللّذات دون ضابط يتسابق الناس إليها، ويتنازعون عليها، ثم يتصارعون ويتقاتلون، وبذلك يتم تفتيت الشعوب والأمم، ويتحقّق إضعاف قواها، وتمكين عدوّها منها، وهو قابعٌ في مخابئه، يترقّب تساقطها صريعة، نتيجة صراعاتها فيما بينها .

    (3)

    مدرسة التحليل النفسي :

    قالوا: يرجع لفرويد الفضل في تأسيس أول مدرسة للتحليل النفسي .

    وموقفنا الإسلامي من التحليل النفسي يمكن تلخيصه فيما يلي :

    · إننا لا ننكر أصل فكرة التحليل النفسي، وتأسيس مدارس له في علم النفس، ومتابعة الدراسات النفسية العلميّة، القائمة على الملاحظة والتجربة والإحصاءات الإنسانية، فذلك ممّا يدعو إليه واجب البحث العلمي الذي يمجّده الإسلام، ويرشد إليه القرآن.

    · وقد حثّ القرآن على دراسة النفس، وتوجيه النظر الباحث إلى أعماقها، بغية التعرّف على صفاتها وعناصرها الداخلية الهادية إلى معرفة الربّ الخالق الذي أتقن كلّ شيء صنعًا، فقال الله عزّ وجلّ في ســورة [الذاريات: 51]: + وَفِي الأْرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ " .

    · وعرض القرآن طائفة كبيرة من صفات النفس، تشتمل على ثروة علمية عظيمة تهدي الباحثين من علماء النفس، ومنها بيان أنها أوتيت الموازين التي تميّز بها بن الخير والشرّ، فقال الله عزّ وجلّ في سورة [الشمس: 91] + وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا " .

    · وكان علماء التربية الإسلامية الذين قاموا بمهمّة تأديب جماهير المسلمين بآداب الإسلام، وتسليكهم مسالك الهداية، مهديّين بهدي دلالات كتاب الله سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، أولَ من غاصَ إلى أعماق النفس الإنسانية، وحلّل دوافعها، واستطاع القبض على أعنتها، والسير بها في طريق الأخلاق والآداب الإسلامية، والتسامي بها إلى السلوك الأمثل، وإنقاذها من الأمراض والعقد المضنية لها، ونقلها إلى عالم نفسي رباني تحيط بها السعادة من كل جانب .

    فليس التحليل النفسي في أصوله جديدًا على الفكر الإسلامي، بل هو أحد دعامات المربين الأخلاقيين المسلمين. إلا أنه كان تحليلاً نظريًا وتطبيقًا معًا، ومدفوعًا بدافع الإيمان بالله واليوم الآخر، وباحثًا عن السعادة الأبدية، غير ناسٍ نصيب الإنسان من السعادة الدنيوية. بيد أن بعضهم ربما وقع في بعض أخطاء، بسبب عدم تقيده من جانبي منهج الحق بحدود مفاهيم القرآن الصحيحة، وسنة الرسول القولية والعملية، وما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تأدبوا في مدرسته الربانية العظيمة .

    · لكنّ التحليل النفسيّ الذي بدأت «فرويد » وأسس له مدرسة بحث، ساعده فيها عدد من تلاميذه اليهود وغيرهم، قد أقامه على أساسين فاسدين :

    الأساس الأول : الإلحاد بالله، وإنكار الغيبيات، واعتبار الإنسان ظاهرة مادية فقط، بما فيه من فكر، ونفس، وحياة .

    وهذا هو الأمر الذي جعلته القيادة اليهودية السرية دعامة الإفساد الأولى للمجتمع البشري .

    الأساس الثاني: الإباحية الجنسية، وحث الإنسان على ممارسة رغباته الجنسية بحرية تامة، لا تقف أمامها قيود دينية، أو أخلاقية، أو عادات وتقاليد اجتماعية، أو أية ضغوط من أية جهة كانت .

    وضمن المحافظة على هذين الأساسين انطلق «فرويد » في دراساته، ومعالجاته الطبية النفسية، وكتابة أفكاره وآرائه في علم النفس، ووضعه في قوالب «نظريات » علمية .

    فلم يكن «فرويد » باحثًا متجرّدً نزيهًا من أوّل طريق البحث، بل كان باحثًا يريد تدعيم أساسية الفاسدين عن طريق البحث الذي قد يجد فيه ما يستطيع تزيينه، وضمّ بعضه إلى بعض، ليتخذ منه بناء فكريًا مزخرفًا، يوهم به صحة أساسية الفاسدين، الموضوعين في خطة التضليل ابتداءً .

    ولكنّ البحث العلمي – مهما كانت دوافعه – قد يشتمل على بعض عناصر جزئية، لو أخذت وحدها لكانت مفيدة في مجال المعرفة الصحيحة، بيد أن البناء الفكري الذي يقرّره البحث، إذا أخذ جملة واحدة دون تمييز ولا تمحيص، كان خطرًا على المعرفة، ووبالاً على الحقيقة، وطمسًا لمعالمها .

    ومع ما قدمته أبحاث «فرويد » من خدمات حسنة في مجال التحليل النفسي، إلا أن عناصر الضعف ظلت بارزة في أبحاثه، لأنه أراد لها أن تخدم أساسية الفاسدين .

    ( 4 )

    ما يهمنا مناقشته من آرائه وأفكاره في علم النفس :

    1 – أقام آراءه وأفكاره – كما سبق بيانه – على الإلحاد بإنكار الخالق عز وجل، وإنكار الدين والأخلاق، واعتبار الإنسان كائنًا ماديًا ناتجًا عن تطور المادة تطورًا ذاتيًا، فهو غير مكلف من قوى غيبية بمسؤولية، وغير متابع من قبلها بحساب ولا جزاء .

    2 – وزعم « فرويد » أن كل سلوك الإنسان يرجع إلى دافع وحيد في كيانه منذ ميلاده حتى موته، ألا وهو الدافع الجنسي، فهو الدافع الوحيد في حياة الإنسان، وتتشكل ظواهره بأشكال كثيرة في سلوكه .

    3 – لذلك ينبغي إعطاء الدافع الجنسي الحرية المطلقة، ويجب عدم تقييده بأية قيود دينية، أو خلقية، أو قانونية، أو أسرية، أو عادات وتقاليد اجتماعية .

    وزعم أن مقتضيات الصحة النفسية تدعو إلى إطلاق هذا الدافع وعدم كبته .

    4 – ادّعى أنّ كبت الدافع الجنسي هو المسؤول عن الإصابة بالأمراض العصبية في الناس ومنها الهستيريا، وأن كل مرض عصبي يمثل اضطرابًا في الوظائف الجنسية .

    والكبت الجنسي من فعل المجتمع والدين والأخلاق والتقاليد، فهي التي تحول دون تنفيس الإنسان عن رغباته، وتكبت غرائزه .

    ولكي نمنع العقد النفسية والاضطرابات العصبية يجب أن نزيل هذه الحواجز، ويمارس الإنسان تلبية رغباته الجنسيـة بأية وسيلة، حماية له من أن يكون عرضه للإصابة بمرض عصبي.

    6 – اخترع قصة خرافية من عنده، زعم أنها حدثت في تاريخ البشرية، وأنها كانت السبب في ظهور الدين والأخلاق والتقاليد، وأنها ما تزال تؤثر في حياة البشرية من مخزونات ما وراء الشعور في النفس .

    والقصة المختلفة هي أن الأولاد في العائلة القديمة شعروا بالرغبة الجنسية نحو أمهم، لكن أباهم كان حائلاً بينهم وبين تحقيق رغبتهم، فاجتمعوا عليه فقتلوه، ليستمتعوا بأمهم، وكانت تلك أولى الجرائم التي ترتكب في السلالة الإنسانية ([2]) .

    قال: وأحس الأولاد بالندم على قتل أبيهم، فقدسوا ذكراه، وتحول هذا التقديس إلى عبادة، ومن ذلك نشأت أولى العبادات التي عرفتها البشرية، وهي عباد الأب .

    ثم نزعت نفس كل واحد منهم للاستئثار بالأم، لكنهم وجدوا أنه لن يتم ذلك ما لم يتقاتلوا، ولو فعلوا لقتل بعضهم بعضًا، فاتفقوا على أن لا يقربها أحد منهم، فكان ذلك أول تحريم في العلاقات الجنسية، في تاريخ البشرية، وهو تحريم الأم .

    وزعم أن كل الديانات والحضارات التي ظهرت في الناس، قد نشأت من ذلك الحدث الخطير، ونشأ الكبت من فكرة التحريم .

    فالكبت منذ ذلك التاريخ هو طابع الحياة الإنسانية، بسبب وجود الدين والأخلاق والمجتمع وسلطة الأب، ونحو ذلك .

    وزعم أن كل الأطفال الذكور يصابون بعقدة «أوديب » في أول طفولتهم ([3]).

    7 – أنكر الرؤى المنامنية التي تستشف تنبوءات من الغيب، إذ هو ينكر ما وراء المادة، فليس للنفس الإنسانية صلة بشيء غيبي، أو بعلم غيبي، أو بعلم غيبي، وما يطابق الواقع من ذلك فهو مصادفة .

    وزعم أن كل ما يراه الإنسان في منامه فهو أحلام تعبر عن رغبات حبيسة مخزونة فيما وراء الشعور، وهذه الأحلام لا تستطيع أن تظهر في عالم الواقع لأنها مكبوتة بوجود حارس في باب « اللاشعور » متيقظ كل التيقظ في حالة اليقظة .

    وبما أن الكبت عنده يرجع إلى الكبت الجنسي، باعتبار أن الجنس في رأيه هو الدافع الوحيد في كيان الإنسان، فإنه يفسر الأحلام تفسيرات تتصل بكبت الدافع الجنسي، وبكل ما يتصل بالجنس، وقصر الأحلام على بعض أنواعها، وأنكر الأحلام التي تنبئ عن أمور ستحدث في المستقبل .

    8 – وحتى لا ترفض آراؤه في توحيد كل الدوافع الإنسانية المختلفة بالدافع الجنسي، وهي دوافع يشعر بها الناس جميعًا في أنفسهم، وسع مفهوم الدافع الجنسي، وأطلق عليه كلمة «اللبيدو » وزعم أنه يشمل حياة الإنسان من الطفولة إلى الموت .

    و «اللبيدو » في التحليل النفسي هو القدر المتغير كميًا من الطاقة الجنسية، الذي لا يمكن قياسه، والذي يوجه عاده إلى شيء خارجي، فهو يحتوي على تلك الدوافع التي تتعلق بالحب بالمعنى الواسع، والمكون الرئيسي له هو الحب الجنسي، كما أن هدفه هو الاتحاد الجنسي.

    إلا أنه يشمل أيضًا حب النفس، وحب الوالدين، والأطفال الصغار، والصداقة، والتعلق بأشياء واقعية، وحتى الإخلاص للأفكار المجردة .

    ويرى «فرويد » أن «اللبيدو » يتحوّل من عناصر جنسيّة، إلى عناصر أخرى غير جنسيّة لها قيمة اجتماعية، وسمّى ذلك تصعيدًا أو إعلاءً .

    وبناءً على رأيه هذا فقد ردّ النشاطات الحضارية والفنية الإنسانية إلى أنها من آثار هذا الإعلاء لما أسماه «اللبيدو ».

    ( 5 )

    كشف الزيف :

    ظهر لنا أن آراء « فرويد » الخاصة تنطلق من أساسين :

    · الإلحاد بالله وإنكار الغيبيات واعتماد المادية .

    · الدعوة إلى الإباحة الجنسية، تعللاً بما زعمه كبتًا جنسيًا، وبما يولده هذا الكبت من أمراض عصبية .

    أما الإلحاد والمادية فموضوع له في هذا الكتاب بحث خاص به، فلا داعي للاشتغال به هنا.

    بقي موضوع الإباحية الجنسية، ومزاعم تبريرها بأنها تحمي من إصابة الإنسان بالكبت، الذي قد يولد لديه أمراضًا عصبية، وموضوع إنكاره قسم الرؤى التي قد تستشف تنبوءات من الغيب، إذا مكن الله النفس الإنسانية من ذلك، حتى يكون الإنسان نائمًا .

    أولاً : أما زعم « فرويد » انحصار دوافع الإنسان بالدافع الجنسي فقد تولى تفنيده والرد عليه وتزييفه علماء النفس في نظرياتهم .

    وأما دعوته الملحة إلى الإباحية الجنسية، حماية للنفس من الكبت وآثاره المرضية، التي عظم من أمرها وهول، واعتبرها من الأخطار الجسيمة، التي لا تستقيم الحياة الإنسانية إلا بالتخلص منها، فزيف آرائه فيها شديد الظهور :

    · لقد كشف زيفها واقع الإباحية الجنسية التي أخذ بها الغرب المادي، والشرق الشيوعي المادي، فلم تنفع شعوبها شيئًا للتخلص من أمراضها النفسية القديمة، بل زادتها أمراضًا فوق أمراض، وآلامًا فوق آلام .

    إنّ الأمراض النفسية، والعقد النفسية، غدت من العلامات البارزة والعلل المتكاثرة، في البيئات الاجتماعية التي يكثر فيها الإلحاد، وتزداد فيها الإباحية الجنسية .

    · من أجل حماية الإنسانية من الإصابة بالمرض العصبي، الذي قد يحدث عند نسبة قليلة جدًا من ذوي الكبت، تجاهل ما تجلبه الفوضى الجنسية من أمراض خطيرة جدًا، تنتشر في المجتمع البشري، وهي لا تنتشر إلا عن طريق الاتصالات الجنسية غير المشروعة، كمرض الزهري، ومرض الآيذر ([4]) .

    وتجاهل ما تجلبه الفوضى الجنسية من مضارّ اجتماعية خطيرة، كاختلاط الأنساب، وفقد الرابطة الأسرية الحقيقة .

    وتجاهل ما تجلبه الفوضى الجنسية من قلق نفسي، وذلك لأن السكينة النفسية، التي يجلبها الزواج الشرعي المصون، تنعدم بالفوضى الجنسية، ويحل محلها القلق والتوتر وعدم الارتياح .

    · يضاف إلى كل ذلك ما في الإباحية الجنسية من معصية للرب الخالق عز وجل، فالزنا عمل اتفقت على تحريمه الشرائع الربانية كلها .

    فوائد الضبط الجنسي في الإسلام :

    أما الإسلام بشريعته الربانية الحكيمة، فقد ضمن للمسلم الملتزم بتنفيذ أحكامها سعادة الآخرة وسعادة الحياة الدنيا :

    · لقد ضمن له سعادة الآخرة بطاعة الله .

    · وحماه في الحياة الدنيا من الكبت المضر، إذ حثه على الزواج، وحضّ المجتمع الإسلامي على أن يهيئ له سبله .

    · وحماه من الفوضى الجنسية الناشرة لأمراض وخيمة، والمسبب لأمراض ومضار اجتماعية خطيرة .

    · وهيأ للمسلم ظروف الأمن والطمأنينة النفسية السعيدة بأمرين :

    الأمر الأول : الإيمان بالله، والاعتماد عليه، والاستعانة به، والطمع بثوابه، والخوف من عقابه، والتطلع للعمل بمراضيه .

    الأمر الثاني: التربية الخلقية، التي تغرس في نفس المؤمن المسلم فضائل الأخلاق، ومحاسن الآداب، والاستقامة في السلوك على صراط الله .

    ومنهج الإسلام في موضوع الدافع الجنسي يشتمل على عنصرين :

    العنصر الأول: الحثّ على الزواج، ففي الزواج الضبط، وتلبية الدافع الجنسي بأفضل الصور وأسلمها .

    العنصر الثاني: حماية المسلم من الكبت ومن آثاره حين لا يتهيّأ له الزواج المشروع، وعماد هذه الحماية الأمور التالي :

    1 – الثقة بحكمة الله في فضائه وقدره، والتسليم الكامل لمقاديره، والأمل بالثواب العظيم على العفّة والصبر عن المعصية .

    فمن شأن هذا الأمر أن يمنح نفس المؤمن المسلم لربه الطمأنينة والرضى .

    2 – التصعيد، ويكون بتوجيه النفس لعبادة الله، وفعل الخير، وتوجيه الإرادة لكل أمرٍ سامٍ يصرف همه النفس وطاقاتها إلى الفضائل .

    3 – معالجة الجسد، بتخفيف مثيرات الجنس فيه، كالصيام .

    4 – إبعاد المسلم عن المثيرات، بما جاء في أحكام الإسلام من أوامر الستر، وكفّ البصر، ومنع الاختلاط .

    لذلك لا نجد الكبت ولا نتائجه المرضية عند المسلمين المطبقين لتعاليم الإسلام، وإنّما قد نجده عند غيرهم .

    ونجد أخطر من الكبت ونتائجه عند الذين تحللوا من ضوابط العفة، وانطلقوا في أودية الفوضى الجنسية على ما يشتهون، ونجم عن انطلاقهم سُعارُ شبقٍ قذر في أيام فتوتهم، وقد يستمر حتى شبابهم، ثم مهانة برود وضعف في أيام كهولتهم وما بعد ذلك، وقد يحدث ذلك في أيام شبابهم .

    يضاف إلى ذلك ما شاع في بلاد هذه الفوضى الجنسية من أمراض جسدية ونفسية واجتماعية خطيرة، كانت نتيجة هذه الفوضى، وهي لم تكن في أسلافهم .

    فمن أجل درء خطر المرض النادر الذي يمكن تفاديه، باتباع أحكام الإسلام ووصاياه، أسقطت أفكار الكبت والإباحية الفرودية كثيرًا من مجتمعات شعوب الأرض المختلفة، لاسيما الغرب المادي، والشرق الشيوعي المادي، في صنوف كثيرة من الآلام الفردية والاجتماعية .

    وكان ذلك من العقوبات المعجلة التي جعلها الله عز وجل ضمن سننه في هذه الحياة الدنيا .

    أما العقوبات الأخروية فهي أشد وأقسى، ولعذاب الآخرة أشق لو كانوا يعملون.

    * * *

    ثانيًا : وأما إنكاره الرؤى المنامية التي هم ن الله، وتستشف النفس بها تنبوءات من الغيب، فالكلام حوله من وجهين :

    الوجه الأول : ما تدل عليه ظاهرة هذه الرؤى الموجودة لدى معظم الناس قديمًا وحديثًا، وانطباق كثير منها على الواقع المستقبلي الذي أنبأت عنه، إذا كانت ذات دلالة تنبئ عن أمر سيقع في المستقبل .

    إنّ وجود هذه الظاهرة، وتكررها في الناس، في كل عصر، وفي كل أمّة، لا يفسر بأنه مجرد مصادفة، كما زعم « فرويد ».

    يضاف إلى ذلك أن بعض أهل تعبير الرؤيا قد يدركون دلالاتها قبل وقوعها إدراكًا ظنيًا، ثم تتحقق تعبيراتهم، ويصدق الواقع إدراكهم الظني. ثم إن كثيرًا من الناس يسترجعون ذكريات الرؤيا ويدركون دلالتها بعد تحقق ذلك في الواقع، فحين تقع ينكشف لهم أنها كانت أنباء استشفتها النفس من وراء حجب الغيب بإذن الله .

    والرؤى المنامية قد تكون دلالتها واضحة صريحة، وقد تكون دلالتها إشارية أو رمزية، أو مقلوبة الصورة، أو عكسها، أو ضدها، أو مثال نفسية الذي دل عليه المرئي .

    ولكثرة ما نلاحظ من قصص الرؤى التي يحكيها الناس، ويذكرون انطباقها على ما جرى لهم في حياتهم بعد رؤيتها لهم والتجارب الشخصية الكثيرة في ذلك، نكاد نؤكد أن معظم الناس قد مر في حياتهم رؤيا مناسبة أو أكثر انطبقت فعلاً على ما جرى لهم بعدها.

    والرؤى التي تنبئ عن أمور ستحدث، ثم تقع بعد ذلك، هي بمثابة برهان من الله على قضائه وقدره في عباده وعلى شمول علمه، وهي تدل على أن عالم الغيب حقيقة .

    وما يدل على ثبوت القضاء والقدر السابق أو وجود علم سابق بما سيحدث، يهدي إلى الإيمان بالله، ثم إلى الإيمان بما جاء من عند الله في كتبه، وفي بيانات رسله .

    وهذا النوع من الرؤى، قد يعين الله به الشاكين في الله، وفي قضائه وقدره وعلمه الشامل، إذْ يكون لهم دليلاً على ذلك، فتطمئن قلوبهم بالإيمان، وبأن عالم الغيب حقيقة.

    الوجه الثاني : ما جاء في البيانات الدينية حول الرؤى المنامية :

    1 – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    « لم يبق من النبوة إلاّ المبشرات » قالوا: وما المبشرات؟ قال: « الرؤيا الصالحة » - رواه البخاري .

    وعن عطاء بن يسار أنه قال: جوابًا لسؤالهم « الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أن تُرى له » - رواه مالك .

    2 – وعن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    « الرؤيا الصالحة من الله، والحُلْم من الشيطان، فإذا رأى أحدُكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وليتفُل ثلاثًا، ولا يحدث بها أحدًا، فإنها لن تضره ». رواه البخاري ومسلم .

    3 – وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    « إذا اقترب الزمان لم يكدْ تكذب رؤيا المؤمن، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، وما كان من النبوة فإنه لا يكذب ».

    قال محمد بن سيرين : وأنا أقول : الرؤيا ثلاث: حديث النفس، وتخويف الشيطان، وبشرى من الله، فمن رأى شيئًا يكرهه فلا يقصه على أحد، وليقم فليصلّ. رواه البخاري ومسلم.

    4 – وعن جابر قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت في المنام كأن رأسي قطع. قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: « إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس » رواه مسلم .

    5 – وعن ابن عمر، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من أفرى الفرى أن يُري الرجل عينيه ما لم تريا » رواه البخاري .

    أي: من أكذب الكذب المفترى، أن يدعي الإنسان أنه رأى في منامه شيئًا، وهو لم ير ذلك الشيء .

    6 – وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل ».

    وفي رواية عند الإمام أحمد: « عذب حتى يعقد بين شعيرتين وليس عاقدًا ».

    أي: كان عذابه يوم القيامة أن يكلف أن يعقد بين شعيرتين، فإن لم يستطع عذب، وهو لن يستطيع ذلك، والسبب في أن الكذب في الرؤى المنامية فيه طرف من الكذب على الله، لأن الرؤيا الصالحة من الله، كما ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    7 – وعن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الرؤيا ثلاث: فرؤيا حق. ورؤيا يحدث الرجل بها نفسه. ورؤيا تحزين من الشيطان » أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .

    وذكر ابن حجر في الفتح أن الحصر في هذه الأنواع الثلاثة غير مراد، لثبوت أنواع أخرى ذكر منها ما يلي :

    · ما يهمّ به الرجل في يقظته فيراه في منامه .

    · تلاعب الشيطان .

    · رؤيا ما يعتاده الرائي في اليقظة، كمن عادته أن يأكل في وقت، فنام فيه فرأى أنه يأكل.

    · ومنها الأضغاث، وهي الأخلاط المجتمعة، كحزم الحشيش التي فيها أصناف مختلفة.

    فأنواع الرؤيا التي وردت في السنة سبعة :

    النوع الأول: الرؤيا الحق، التي هي من الله، والتي هي جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، ووصفت بأنها الرؤيا الصالحة، وبأنها بشرى من الله .

    النوع الثاني: الرؤيا التي يحدث الإنسان به نفسه .

    النوع الثالث: الرؤيا التي هي حُلْمٌ، وفيها تحزين من الشيطان، وتنذر بشر، والسنة ترشد المسلم أن يتعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان، إذا رأى شيئًا منها، وأن يتفل ثلاثًا عن شماله، وأن لا يحدث بها أحدًا .

    النوع الرابع: ما يهمُّ به الرجل في يقظته فيراه في منامه .

    النوع الخامس: تلاعبُ يتلاعبهُ الشيطان بالإنسان، وهو لا دلالة له، والسنة أن لا يحدث المسلم بها أحدًا .

    النوع السادس: رؤيا ما يعتاده الرائي في اليقظة .

    النوع السابع: رؤيا الأضغاث .

    وأرى أن بعض هذه الأنواع التي ذكرها ابن حجر قد تتداخل .

    8 – وقد ثبت في الصحيح أن أول ما بُدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم .

    عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح » رواه البخاري .

    9 – وقد أثبت القرآن العظيم الرؤى في نصوص متعددة، فمن أنكرها فهو في حكم الإسلام كافر لا محالة .

    أ – فمنها رؤيا يوسف وهو غلام، وقد عرضتها سورة « يوسف » قال الله تعالى فيها:

    + إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ " .

    وقد تحققت فيما بعد هذه الرؤيا .

    ب – ومنها ما رآه رفيقًا يوسف عليه السلام في السجن، وتعبير يوسف لهما رؤياهم، وتحقق تعبيره كما عبّر .

    ج – ومنها ما رآه فرعون مصر في عهد يوسف وهو في السجن، إذْ رأى سبع بقرات سمان يأكلهنّ سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، وتعبير يوسف عليه السلام هذه الرؤيا، ثم تحققها كما عبّر .

    د – ومنها الرؤيا التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه يدخل هو وأصحابه بيت الله الحرام، فلما صد عام الحديبية عن البيت طعن المنافقون في ذلك وقالوا: أين رؤياه، فأدخله الله مكة في العام التالي، وأنزل قوله في سورة (الفتح 48) :

    + لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا".

    فهذه الآية تدل على أنّ الرؤيا الحق هي من الله، لقوله تعالى: + لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ". .

    فالتكذيب بالرؤى التي هي من الله إنكار لحقيقة من الحقائق الكونية، التي هي من سنن الله في خلقه، وإنكار لظاهرة إنسانية موجودة في الناس في كل عصورهم، وكل أجناسهم وعقائدهم ومذاهبهم .

    وآراءُ فرويد وكل الماديين ينكرون الغيبيات حول تفسير ظاهرة الأحلام، هي من قبيل حصر هذه الظاهرة ببعض أنواعها، وآراؤهم في هذا نابعة من إنكارهم للروح، ولكل ما وراء المادة من قوى، وإنكارهم لله عز وجل، ولقضائه وقدره، ولعلمه الشامل لما كان، ولما هو كائن، ولما سيكون في المستقبل، وقصر تفسيراتهم للظواهر على التفسيرات المادية التي تتناول الماضي والحاضر فقط .

    لقد أنكروا الوحي الرباني الذي اختص الله به أنبياءه ورسله، ودلت المعجزات الباهرات عليه، وكان الوسيلة لتبليغ دين الله الذي اصطفاه الله لعباده، أفلا ينكرون الرؤيا الصالحة التي هي جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، كما جاء في الصحيح من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم .

    لقد انقطعت النبوات بعد بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يبق منها إلا المبشرات، وهي الرؤيا الصالحة، يراها المسلم لنفسه، أو يراها غيره له .

    إن النبوة لا تتحقق في الإنسان الذي يصطفيه الله بها، ما لم تتوافر فيه خصائص تصله بعالم الغيب، وبالوحي، مجموعها ستة وأربعون جزءًا، والرؤيا الصالحة الصادقة جزء واحد من هذه الأجزاء، فهي ليست نبوة، لكن تنبئ عن استعداد في تكوين الإنسان بمقدار جزءٍ من ستة وأربعين جزءًا، وأنى له أن يستكمل سائر الأجزاء، ولو استكملها فلا يكون نبيًا إلا بالاصطفاء الرباني .

    ولست أدري هل توجد علاقة بين هذا العدد (46) الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم وبين عدد كروموسومات الإنسان التي هي (46) كما يقرر علماء الأحياء، وهل الاستعداد الذي يجعل الإنسان مؤهلاً لاستقبال الرؤيا الصالحة التي هي من الله، هو من جهة كروموسوم واحد من كروموسوماته الـ (46) أما النبي فاستعداده يكون من كل كروموسوماته ؟

    موضوع يدعو إلى التساؤل، وقد يكشف البحث العلمي في المستقبل ما يؤكد صحة هذه العلاقة، والله أعلم .

    * * *

    نظرة نقدية إلى آراء فرويد في علم النفس بمنظار النقد المعاصر :

    إذا تجاوزنا كل ما سبق، ونظرنا إلى آراء فرويد الخاصة نظرة موضوعية غير متحيزة، فإننا نجدها منتقدة ومتخلفة جدًا في مجال الدراسات النفسية المعاصرة .

    أما فكرة تحليل دوافع الأنفس إلى السلوك فهي فكرة إنسانية قديمة، وليست هي بحد ذاتها من مبتكرات « فرويد ». إلا أن هذا الرجل قد أفرط في السبح الخيالي في تحليل تصرفات الإنسان، إفراطًا حشد فيه أوهامًا وفرضيات أقرب ما تكون إلى التخريف المطلق منها إلى الدراسة العلمية الموضوعية .

    بيد أنه باتجاهه ودراساته نبه الباحثين النفسيين إلى البحث الموضوعي في مجال التحليلات النفسية، حتى تكونت مدارس التحليل النفسي في عالم العلم، وأصبحت مدرسة «فرويد » اليهودية في نظر العلماء بدائية ومتخلفة جدًا .

    والسبب في هذا أن «فرويد » قد كان مسخرًا أساسًا لمحاربة الأديان، وتهديم القيم الخلقية والاجتماعية، وقد فرضت عليه الخطة اليهودية العالمية أن يضع نظرية تتستر بالعلم لتحقيق هذه الغاية، فاستخدم التحليل النفسي طريقًا إلى ذلك .

    كما استخدم غيره من اليهود طرقًا أخرى تحت ستار البحث العلمي، لتحقيق الغاية نفسها .

    وطبيعي في الدراسة العلمية الموجهة أساسًا لإبطال حقيقة من الحقائق، أن تكون مكرهة على أن تصوغ أفكارًا تجمع في ثناياها بعض الحقائق للتمويه، وأن تحشر تخيلات وأوهامًا وافتراضات لا سند لها من الواقع .

    كمثل القصور التي يقيمها الممثلون في مسارح التمثيل، لها زوايا صلبة، خشبية أو حديدة، أما الجدران وسائر البناء فأوراق ملونة مصبوغة، أو أقمشة مصبوغة بلون حجارة البناء، فهي في حقيقتها وهم وخداع تمزقه أية يدٍ تمتدّ إليه بالفحص .

    وأقتبس هنا نقدًا موضوعيًا لمدرسة « فرويد » مما كتبه صديقنا الدكتور «عبدالحميد الهاشمي » وهو نقد مؤلف من النقاط التالية :

    1 – إن آراء «فرويد » هي أولاً وقبل كل شيء أفكار افتراضية، وليست من الحقائق النفسية أو المبادئ العلمية التي أثبتتها التجارب، أو صدقتها الملاحظة العلمية .

    فليس لآراء «فرويد » تلك الهالة التي حاول بعض مناصريها أن يلبوسها ثوب الحقائق العلمية، فبعض الجهات العالمية تحاول أن تحيطها بالدعاية لتحقيق أهداف لها تنتج عن ترويجها والإقناع بها .

    2 – تعتبر آراء «فرويد » امتدادًا لفلسفة أفلاطونية، إلا أن أفلاطون كما هو معروف في فلسفته كان يحاول أن يسير بالنفس الإنسانية نحو المثالية، أما «فرويد » فقد تشبث – كما يقول تلامذته – بالدافع الجنسي، ليظل هو الدافع، والوسيلة، والغاية .

    والواقع أن الصحة النفسية إذ تسعى للإشباع الشرعي المعترف به، فإنها تدعو إلى الضبط والإتزان، لأن الحقيقة العضوية (الفسيولوجية) والنفسية تؤكد أن الإشباع الفوضوي المطلق يزيدها تفتحًا، وتصبح الشغل الشاغل، ومن أجل هذا فالصحة النفسية في مناهجها التكوينية، والوقائية، والعلاجية، دعت إلى التسامي والإبدال، بجانب دعوتها إلى الإشباع المشروع .

    3 – لقد اعتمد « فرويد » في آرائه على الحالات الشاذة المرضية التي كان يعالجها في مرضاه، ويكمن الخطأ العلمي في التعميم الذي أطلقه «فرويد » إذ أخذ يفسر السلوك المتزن العادي لدى الأسوياء في ضوء ما عاينه من السلوك الشاذ عند المصابين .

    وهذه نقطة أخذها عليه زملاؤه وتلامذته في العلاج النفسي، وانفصلوا بها عن جماعته، ثم عارضوا آراءه وأفكاره بآراء وأفكار أخرى عُرفوا بها .

    4 – تأثره بالأساطير اليونانية واضح .

    5 – يعلق « روبرت ودورث » على أفكاره وآرائه بقوله :

    « ولو بحثت عن رأيي الشخصي في « سيكولوجيا » فرويد، لكان علي أن أقول: إنني لا أؤمن بأن يكون مذهبه صحيحًا بأيّ معنى مطلق. ولا أن يوضع في مصافّ النظريات العلمية الكبرى، التي تربط المعرفة الراهنة.

    فإنها بكائناتها وثناياها تبدو متخلفة أكثر منها ناظرة إلى الأمام ».

    وإذا علمنا أن البروفسور «روبرت ودورث » يعتبر من رواد علم النفس الحديث فيما بعد الحرب العالمية الأولى في كتبه الكثيرة عن علم النفس التجريبي، وعلم النفس الديناميكي، ورياسته لعلم النفس في لجنة البحث القومي الأمريكي، ولهيئة علماء النفس الأمريكيين. إذا علمنا ذلك أدركنا أن آراء فرويد تمثل في تطور الدراسات النفسية مرحلة بدائية متخلفة، لا ينبغي الوقوف عندها في مجال علم النفس الحديث .

    6 – إن آراء فرويد وأفكاره تعكس الحياة المتناقضة الشاذة للمجتمع الغربي، بعد النهضة الصناعية المادية، وانتشار الاختلاط المطلق، وشيوع الإباحية بشتى أسمائها وسماتها، نتيجة الترف والغرور الأوروبي، في عنفوان العهد الاستعماري .

    فكانت آراؤه وأفكاره انعكاسًا أو تبريرًا للواقع الشاذ، وليست دراسة علمية دقيقة تنظر إلى المشكلة من جميع أسسها .

    7 – والخطأ العلميّ الكبير أن آراء «فرويد » تحاول تفسير السلوك الإنساني بنظرة جانبية جزئية، إذ حاول فرويد أن يحدد السلوك الإنساني بدافع الجنس .

    ولقد قام لمناهضة هذا التفسير الجانبي والمتحيز عدة علماء نفسيين، لهم وزنهم العلمي حتى يومنا هذا غير من تقدم ذكرهم .

    ولعلّ أعظمهم في ذلك « وليم مكدوجل » ([5]) الذي ناهض هذا التفسير الضيق والمتحيز في كتابه « تخطيط علم النفس » سنة (1923م) وفيه يرد على كل من «فرويد » و«يونج » و «كارل » لتحديدهم دوافع السلوك البشري، بدافع واحد، أو اثنين .

    أما «مكدوجل » فقد ذكر عدة دوافع سماها غرائز، وقد أوصلها بعد عدة تعديلات إلى عشرة غرائز أو تزيد، منها غريزة الأبوة في حماية الصغار، وغريزة المقاتلة مع انفعال الغضب، وغريزة الهروب من الخطر مع انفعال مصحوب بالخوف، وغريزة حب الاستطلاع، وغريزة تقدير الذات مع الشعور بالتفوق، وغريزة البحث عن الطعام، وغريزة التجمع مع الشعور بالعزلة. وغيرها من الغرائز .

    8 – في آراء « فرويد » المتحيزة نحو التفسير الجنسي، دافعًا لكل سلوك، يتجلى التفكير اليهودي، الذي اشتهر به اليهود منذ أيامهم الأولى، في اتهامهم لبعض أنبيائهم، وفي معاملتهم للأمم التي عاشوا معها، وهو تحيز مقصود ومخطط، خدمة للسياسة اليهودية العالمية بعيدة المدى.

    ( 6 )

    مع المتتبعين لهوية « فرويد » وأهدافه :

    1 – أثبت المتتبعون لفرويد : أنه يهودي متعصب ليهوديته. وأنه صديق حميم لليهودي «تيودور هرتزل » مؤسس الصهونية الحديثة. وأن التحليلات النفسية التي قدمها تحت ستار الدراسة العلمية المتجردة إنما صاغها على الوجه الذي قدمها به، ليخدم القضية اليهودية الصهيونية في العالم. وأن الإلحاد الذي أعلنه لم يكن إلا رداءً ظاهريًا ليفتن المنتمين إلى دين غير اليهودية عن أديانهم، فيكونوا ملحدين، وهو في حقيقة وجدانه يهودي متمسك بيهوديته شديد التعصب لها، وصيهوني يخدم عن طريق دعاوى البحث العلمي المتجرد أغراض الصهيونية .

    2 – ومن الذين تتبعوا «فرويد » تتبعًا واسعًا « د. صبري جرجس » في كتابه: «التراث اليهودي الصهيوني والفكر الفرويدي ».

    لقد وضع هذا الباحث أصابعه على كثير من آراء «فرويد » المقتبسة من جذور التراث اليهودي الصهيوني .

    وأوضح في كثير من المناسبات ما يجعل كثيرًا من آرائه محلاً للريبة، أو الجزم بأنها إنما وضعها لخدمة أغراض اليهودية العالمية، ولم يضعها على أساس دراسات علمية متجردة، ثم حملت الدعايات اليهودية العالمية آراءه، وروجت لها في جميع الأوساط العلمية والثقافية .

    ثم وضع اليهود كل ثقلهم الكيدي في العالم لجعل آراء « فرويد » معارف علمية تدرس في الجامعات في الغرب والشرق، على أنها فتح في ميادين العلم، وذلك ضمن الخطط اليهودية المرسومة ضد شعوب العالم، ولمصلحة الشعب اليهودي فقط .

    ثم رفعت وسائل الإعلام اليهودية العالمية «فرويد » إلى منزلة غير عادية .

    وحمله ملاحدة مختلف الشعوب على رؤوسهم، وداروا به في أرجاء الأرض تمجيدًا وإكبارًا .

    3 – يقول « فرويد » عن نفسه :

    « ولدت في 6 مايو 1856م، في مدينة « فريبورج » بمقاطعة « مورافيا » بجمهورية تشيكوسلوفاكيا الحالية، وقد كان والداي يهوديين، وظللت يهوديًا أنا نفسي ».

    4 – وتقول «شويزي »، وهي محللة نفسية من خاصة «فرويد » وذات معرفة به، وصلة وثيقة .

    « إن إلحاد فرويد لم يكن إلا إلحادًا زائفًا، لأنه تركه بعد ذلك، متشبثًا باليهودية الصهيونية، وفيًا لها، سائرًا في طريقها، منفذًا لمخططاتها ».

    5 – وقد انخدعت بمكيدته مدارس كثيرة من مدارس التحليل النفسي، وزعمته باحثًا حياديًا، ومكتشفًا مبدعًا في مجال دراساته التي قدمها، وكان للعصابة اليهودية التي انتمت إلى مدرسته أثر عظيم في الترويج لأفكاره وآرائه، وكان من ورائها أجهزة الإعلام اليهودية المنبثة في العالم .

    6 – وإذ كان « فرويد » يهوديًا في أعمق وجدانه، كان شديد الحساسية لأية بادرة يشتبه في اتجاهها المضاد لليهود .

    وقد كانت استجابته لجميع هذه المواقف عنيفة أشد العنف .

    وعلى الرغم من أنه لم يتعرض في حياته لأي اضطهاد من أجل يهوديته، إلا أنه كان يشعر بالاضطهاد في داخل نفسه من أجل كونه يهوديًا، لذلك كان ينطوي على نفسه، وداخل دائرة من أصدقائه، وكلهم من اليهود، وكان لا يأنس إلى صديق ولا يطمئن إليه إلا أن يكون يهوديًا .

    ونقل عنه « جونز » مؤرخ سيرته أنه قال ذات مرة: « إنه يهودي، وليس نمساويًا أو ألمانيًا ».

    وتساءل « ماكس جراف » أمامه ذات مرة، عما إذا كان من الخير أن يوجه اليهود أبناءهم لاعتناق المسيحية إذا اقتضى الأمر ذلك، فإن بفرويد يعترض بشدة قائلاً :

    « إذا لم تنشئ طفلك على أنه يهودي، فسوف تحرمه من مصدر طاقة لا يمكن أن يعوض بشيء آخر، إن عليه وهو يهودي أن يكافح، ومن واجبك أن تنمي في نفسه كل الطاقة اللازمة لذلك الكفاح، فلا تحرمه من هذه الميزة ».

    7 – وأكد « د. صبري جرجس » أنّ «فرويد » كان صهيونيًا، وصديقًا لهرتزل، مؤسس الصهيونية الحديثة. وأنه كان عضوًا في بعض المنظمات الصهيونية العاملة .

    فمن الحقائق المعروفة أنه انضم إلى جمعية « بناي برث » الصهيونية أي: جمعية أبناء العهد. وكان انضمامه إليها سنة (1895م) وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، وهذه الجمعية لا تقبل في أعضائها غير اليهود، وقد صرح رئيس وفد هذه الجمعية الأمريكي الجنسية، في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد بمدينة « بال » في « سويسرا » عام (1897م) بقوله :

    « علينا أن ننشر روح الثورة بين العمال، وهم الذين سندفع بهم إلى خطوط دفاع العدو، موقنين بأنه لا نهاية لرغباتهم، ونحن بأمس الحاجة إلى تذمرهم، لأنه السبيل إلى تخريب المدنية المسيحية، والوصول سريعًا إلى الفوضى فيها، ولسوف يحين الوقت سريعًا الذي يطلب فيه المسيحيون أنفسهم إلى اليهود أن يتسلموا السلطة ».

    8 – وحين بلغ « فرويد » من العمر سبعين سنة، أقامت له « جمعية بناي برث » الصهيونية حفلاً لتكريمه بهذه المناسبة، ولم يحضر « فرويد » هذا الحفل، لكن أناب عنه طبيبه الخاص البروفوسـور « لدفيج براون » الذي ألقى كلمة فرويد فيه، وقد جاء في كلمته ما يلي:

    « ... إن كونكم يهودًا لأمر يوافقني كل الموافقة، لأني أنا نفسي يهودي، فقد بدا لي دائمًا أن إنكار هذه الحقيقة ليس أمرًا غير خليق بصاحبه فحسب، بل هو عمل فيه حماقة إيجابية، إنه لتربطني باليهودية أمور كثيرة، تجعل إغراء اليهودية واليهود أمرًا لا سبيل إلى مقاومته .

    قوى انفعالية غامضة كثيرة، كلما زادت قوتها تعذر التعبير عنها في كلمات، بالإضافة إلى شعور واضح بالذاتية الداخلية .. وهكذا وجدت نفسي واحدًا منكم أقوم بدوري باهتماماتكم الإنسانية والقومية، واكتسبت أصدقاء من بينكم، وحثثت الأصدقاء القليلين الذين تبقوا لي على الانضمام إليكم ... ».

    9 – وكان « فرويد » عضوًا فخريًا في منظمة «كاديما ». وهي منظمة صهيونية معروفة، ولما اكتفى بالعضوية الفخرية بالنسبة إلى هذه المنظمة، دفع أحد أبنائه ليكون عضوًا عاملاً فيها .





    ( 7 )

    استغلال مدرسة التحليل النفسي لخدمة المخططات اليهودية :

    يلاحظ المتتبعون نتاج مدرسة « فرويد » في التحليل النفسي، أن « فرويد » وتلاميذ مدرسته اليهود خاصة قد استغلوا طريق التحليل النفسي، لخدمة المخططات اليهودية، والحركة الصهيونية العالمية .

    فمن ذلك ما استغلوه في موضوع معاداة السامية، وهي الفكرة التي حمل اليهود شبح التخويف منها في الغرب، لإسكات كل لسان يمكن أن يتحرك في انتقاد اليهود، ولإيقاف كل مقاومة تتوجه لصد مكايدهم وتحركاتهم المريبة في السياسة، أو في الاقتصاد، أو في الإعلام، أو في مجالات العلم والثقافة، أو في غير ذلك من مجالات .

    أما دور « فرويد » وتلاميذ مدرسته في هذا المجال، فقد كان يعتمد على طريقة التحليل النفسي، لتزييف الواقع والحقيقة، وتمجيد اليهود، وخدمة الصهيونية .

    ولفرويد أقوال صريحة وواضحة في هذا المجال، وله تحليلات يزينها وفق أهوائه الخاصة، وقد ذكرها في كتابه « موسى والتوحيد ».

    ومما ذكر « فرويد » في تحليلاته : أن أسباب كراهية الأمم لليهود كثيرة، واعتبر أنها ترجع إلى صنفين :

    الصنف الأول : ظاهر وليس بعميق، وذكر من هذا الصنف سببين :

    الأول : كون اليهود غرباء عن الأوطان التي يقيمون فيها .

    الثاني : كون اليهود أقلية، لأن الشعور الجماعي كي يكون كاملاً فيما يقرّر، يقتضي توجيه العداء نحو الأقلية .

    الصنف الثاني : ما أسماء « فرويد » بالأسباب العميقة، وزعم أنها ترجع إلى الماضي السحيق، وأنها منبعثة في النفس من اللاشعور، وهي في رأيه تتلخص فيما يلي :

    1 – غيرة الشعوب الأخرى من اليهود، لأنهم آثرهم عند الله، بوصفهم أكبر أبناء الله.

    2 – تمسك اليهود بعادة الختان .

    3 – أن الشعوب غير اليهودية لما تركت وثنياتها الأولى تحت قوة الضغط، حقدت على أديانها الجديدة، في مستوى اللاشعور منها، فأسقطت حقدها على اليهود، لأنها لا تستطيع أن تكره دينها الجديد .

    هذه هي التحليلات النفسية التي أرجع إليها فرويد كراهية الأمم غير اليهودية لليهود.

    كشف الزيف :

    في اعتقادي أن أي عاقل لا يملك نفسه عن إطلاق ضحكات ساخرات من هذا التحليل، ومن هذه الأسباب التي ذكرها « فرويد » نفسه .

    1 – أما زعمه أن من أسباب كراهية الأمم لليهود كونهم غرباء في الأوطان التي يقيمون فيها، فهو مردود من وجهين :

    الوجه الأول : أننا نجدهم مكروهين، ولو كانوا هم الأصلاء لا الغرباء .

    الوجه الثاني : أننا نجد كثيرًا من الغرباء في الشعوب محبوبين محترمين غير مكروهين.

    فليست الغربة إذن من أسباب كراهية الأمم لهم، إلا أنهم قد ضمّوا إلى غربتهم شيئًا آخر من عند أنفسهم، كالاستغلال بالحيلة والمكر والكيد، والأنانية المفرطة، وعقدة الاستعلاء التي يضعون عليها ستارًا من المسكنة، وحقدهم هم على الأمم .

    2 – وأما زعمه أن من أسباب كراهية الأمم لليهود كونهم أقلية، فهذا خلاف الواقع تمامًا، بل هو عكس الواقع .

    فالواقع أن العداء يتوجه عادة من الأقلية إلى الأكثرية بدافع الحسد، وليس العكس.

    فليست الأقلية من أسباب كراهية الأمم لهم، إلا أن ينضم إليها شيء آخر من الأقلية نفسها، كمكايد تكيدها، واستغلالات غير مشروعة تستأثر بها، وعقدة استعلاء تفتخر بها.

    فالكراهية سببها اليهود أنفسهم، وأعمالهم داخل الأمم والشعوب التي يعيشون بينها.

    3 – وأما ما ذكره « فرويد » من الأسباب العميقة، فشيء مضحك جدًا .

    أ – إن ادعاءه أن الشعوب الأخرى تغار من اليهود، لأنهم آثرهم عند الله، بوصفهم أكبر أبناء الله، فهو يتوقف على اعتراف الشعوب لهم بهذا التميز .

    لكنه لا توجد أمة من أمم الأرض ولا شعب من الشعوب يعترف لهم بهذه الميزة، حتى يغار الناس منهم .

    بيد أن الحسد والغيرة من سمات اليهود منذ تاريخهم القديم .

    ب – وادعاؤه أن تمسك اليهود بعادة الختان من أسباب كراهية الأمم الأخرى، إدعاء مضحك جدًا .

    ومع بالغ السخرية نقول: إن غير اليهود يختتنون أيضًا، فالمسلمون الذين يعدون في هذه الحقبة من التاريخ قرابة ألف مليون نسمة، يختتنون، والأمم الأخرى لا تكرههم لذلك.

    وأي شيء يمنع أية أمة عن الختان ؟!

    ج – وأما ادعاؤه حقد الأمم على أديانهم في مستوى اللاشعور، وإسقاط حقدها على اليهود، لتحليل خيالي خرافي جدًا، لا يقبل له أي محلل نفسي يحاكم الأمور بوسائل المعرفة الإنسانية .

    فهل يوجد سخف أكبر من هذا السخف الفرويدي باسم التحليل النفسي، لدعم اليهودية العالمية ؟!!

    ( المرجع : " كواشف زيوف " للأستاذ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني ، ص 289-315) .



    --------------------------------------------------------------------------------

    ([1] ) له مؤلفات عديدة مترجمة إلى العربية، من أهمها الكتب التالية :

    1- «تفسير الأحلام ». 2 –« ثلاث رسائل في نظريّة الجنس ».

    3 – «مدخل إلى التحليل النفسي ». 4 – «ما فوق مبدأة اللّذة ».

    5 – «مقدمة في التحليل النفسي ». 6 – «حياتي ».

    7 – « التحليل النفسي ». 8 – «الذات والغرائز ».

    9 – «معالم التحليل النفسي ». 10- «القلق ».

    ([2] ) اختلاق قائم على تحريف قصة قابيل وهابيل .

    ([3] ) عقدة «أوديب » هي فيما يزعم «فرويد » ميل الطفل الذكر جنسيًا نحو أمّه، ويقابلها عقدة «أليكترا» وهي ميل البنت جنسيًا نحو أبيها .

    ([4] ) الآيدز : عبارة عن مرض فيرسي اكتشف حديثًا في أمريكا ويتولد عنه إحباط في المناعة في جسم الإنسان، وظهوره شائع لدى أصحاب الشذوذ الجنسي من الرجال. ومن أعراضه طفح جلدي يعم الجسد، وقد يصل إلى الجهاز العصبي .

    ([5] ) وليم مكدوجل: سيكولوجي أمريكي، عاش ما بين (1871- 1938م) كان أستاذ علم النفس بجامعة «هافرد » من (1920 إلى 1927م) بعدها صار أستاذًا في «ديوك ». قام ببحوث ممتازة في علم النفس الاجتماعي والفسيولوجي، واشتهر لبحوثه البيولوجية المتصلة بعلم النفس. من مؤلفاته «مقدمة إلى علم النفس الاجتماعي » الصادر سنة 1908م .

  2. #2

    افتراضي

    الزميل المحترم حازم
    السلام عليكم

    تحية لك على هذا الموضوع ولكاتبه الأستاذ الفاضل سليمان الخراشى
    ولي إضافة ..

    اليهودي والصهيوني ومن سار على دربهم من ملحدين يركزون على (الجزء السفلي) من الجسم والخارج من السبيلين . ويحاولوا دائماً يربطو بين (قذارة) أعلاهم (عقولهم) وتحتهم من خلال (العلم) .

    لكن ما شد انتباهي ما قرأته ذات مرة من أنه حتى رضاعة الطفل من أمه جنس والطفل يعشق أمه بدافع الجنس !!!!

    الظاهر أن الأطفال أيام فرويد ودوركايم كانت بتتولد وهي بتتكلم وتعبر عن مشاعرها بعد الرضاعة

    المشكلة أن هناك من يصدق هذا الهراء ويعتبره (علم) !!!

    وشكراً
    التعديل الأخير تم 05-27-2005 الساعة 03:28 PM
    وصية المهدي
    هي وصية الخليفة المهدي إلى ولده موسى الهادي
    بتتبع الزنادقة وجهادهم وكشفهم والفتك بهم ..
    ولادينيو اليوم هم ورثة زنادقة الأمس

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    فْرُويْد
    يُداوِي الناسَ وَهُوَ عَلِيْلُ!
    الأستاذ ساري فرح
    المنتدى للتعريف بالإسلام والحوار بين الحضارات
    ... هل يعاني ابنكِ من مشكلة ما؟ اصطحبيه لزيارة الطبيب النفسي... لِمَ فعلتَ كذا وكذا, ألم تسمع ما قال عالم النفس البارحة في المقابلة التلفزيونية؟!... لا تجادلني! هذه حقائق أثبتها علم النفس... وغيرها من الجُمَل والعبارات التي تعظِّم وتمجِّد علم النفس وعلماءَه في زمننا هذا. ما هو السر يا ترى وراء مصداقية علم النفس؟ وهل يمكننا أن نقول "صدق علم النفس أو عالم النفس"؟ ما هو علم النفس؟ ما هي مبادئه؟ أليس جديراً بنا أن نبحث عن إجابات هذه الأسئلة بدلاً من التصديق الأعمى لكل ما يُنقل إلينا تحت شعار "العلم"؟ وما هو العلم؟
    ألم يَأْنِ لأُمة اقرأ أن تقرأ بتفكُّر وتدبُّر وبين السطور لتنهض من سُباتها العميق، نافضة عنها غبار الوهن والتخاذل؟ نقول بلى، فلنلقِ نظرة على ما في زماننا من العلوم، ولننظر نظرة تفكُّر وتدبُّر سائلين الله عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وأن ينور بصائرنا لرؤية الأشياء على حقيقتها.

    تاريخ علم النفس:
    يُعتبر علم النفس علماً حديث النشأة استقل عن الفلسفة في أواخر القرن التاسع عشر في أوروبا، وتحديداً في مدينة لايبزغ في ألمانيا، حيث أقام العالم الألماني فيليلم فوندتWilhelm Wundt أول مختبر لعلم النفس عام 1879. واعتبر هذا الحدث استقلالاً لعلم النفس نظراً لأن علم النفس لم يكن "علماً" قبل ذلك.
    أصل مصطلح علم النفس إغريقي: Psyche Logos, ومنها جاء المصطلح الإنجليزي Psychology. وكان مصطلح علم النفس يدل على البحث عن طبيعة الإنسان (خيِّرة أم شريرة) بالإضافة إلى البحث في جوهر النفس لمعرفة تهذيبها. والنفس Psyche عند اليونان مصطلح يُطلق على الروح أو "الكمال الأول لجسم طبيعي قابل للحياة" كما عرَّفها أرسطو.
    واعتبر الفلاسفة النفس -بمعنى الروح- كياناً غير مادِّي؛ لانتفاء قدرة الحواس المادية على إدراكه، وأدرجوا النفس في خانة الماورائيات أو الميتافيزيق Metaphysics.
    هذا التحول الذي شهده علم النفس من الفلسفة إلى العلم كان سببها بشكل أو بآخر ظهور المدرسة التجريبية (British Empiricism) في القرن الثامن عشر. منهجية هذه المدرسة في العلم نفي وجود الغيبيات جُملةً وتفصيلاً. وتبرير ذلك كان في بادئ الأمر أنه من غير الممكن إدراك الغيبيات من خلال الحواس، كما اعتبروا أن العلم لا يُحصَّلُ إلا بالتجربة المادية (Experimental Method).
    وأدّى هذا المنهج الذي سمَّوه بـ"العلمي" إلى الإلحاد وإنكار وجود الله وملائكته والجنة والنار والغيبيات كافة لأنها لا تُدرك بالحواس ولأنها غير خاضعة للتجربة! فتحول موضوع دراسة علم النفس من الروح أو العقل (Soul, Mind) إلى السلوك البشري (Human Behavior) وهذا الأخير خاضعٌ للتجربة والمراقبة المخبرية، وعلى ذلك بُنيت مسائله واستنبطت مبادئ من تلك التجارِب والاختبارات. لكن ذلك لا يعني انفصال علم النفس عن الفلسفة ولا عن تنظير العقلانيين انفصالاً تاماً، بغض النظر عن رأي السلوكيين المتطرفين أمثال واطسون وسكينر.
    فرويد وعلم النفس:
    يُعتبر فرويد مؤسس مدرسة علم النفس التحليلي (Psychoanalysis) وهذه الطريقة تقوم على الكشف عن أسباب المرض النفسي في لاشعور (Unconscious) المريض. ويتم ذلك عن طريق دفع الرغبات والمشاعر المكبوتة والذكريات المَنْسِيَّة من اللاشعور إلى الشعورFrom Unconscious) to Conscience) وذلك عبر طرق عدة نتحدث عنها في سياق الكلام.
    ولد سيغموند شلومو فرويد في مدينة فرايبورغ الألمانية عام 1856 لوالدين يهوديين. ويقول عن نفسه "وظللت يهودياً أنا نفسي" (قد يجد البعض تمسك فرويد بيهوديته متناقضاً مع إلحاده وهذا ما سنفصِّله لاحقاً). عندما بلغ الرابعة من عمره، انتقل فرويد وعائلته إلى فيينا عاصمة النمسا، وهناك بدأ فرويد مسيرته الدراسية ونال شهادة في علم الأعصاب (Neurology) من جامعة فيينا عام 1881.
    أعلن فرويد انتماءه للمدرسة التجريبية (التيار السائد في أوروبا آنذاك), وعمل في المختبرات مساعداً وكان يحاول تفسير النشاط العقلي من خلال تفسيرات فيزيولوجية منكراً وجود الروح؛ فالكيان الإنساني بالنسبة له ليس سوى عبارة عن: لحم ودم وعظم وأعصاب وتفاعلات كيميائية في الدماغ. وأنكر فرويد بذلك الآخرة، فوجود الإنسان إذاً يقتصر على هذه الحياة الدنيا، وهذا عامل أساسي في نظرته القاتمة والمتشائمة للحياة.
    وقد توصل العلم الحديث إلى أن إنكار الروح ليس أمراً يقينياً وذلك حتى من خلال الأبحاث المخبرية. ومن الحجج العلمية التي ترفض إنكار الروح ما يقول بأن جسد الإنسان يتغير بجميع خلاياه وأنسجته, وعلى الرغم من ذلك فإن أفكار الإنسان تبقى بصفة دائمة وكأنها موجودة في "سِجِلٍّ حافظٍ" غير محدود بالطبيعة الفيزيولوجية، وهذا ما يعطي الإنسان شخصيته الواحدة في جوهرها، رغم تبدل الخلايا والأنسجة. ومن الحجج القوية: أنّ خلايا القلب لا تنبض بفعل عملية بيولوجية، بل إنّ هناك كياناً غير فيزيولوجي يضمن خفقان هذا القلب، وبذلك استمرار حياة الإنسان، وما يزال النسيج القلبي الذي يخفق (Nodal Tissue) لغزاً في عالم البيولوجيا، أجبر كثيراً من العلماء على الاعتراف بوجود الروح.
    تنقل فرويد في عمله بين المختبرات والمستشفى وانتهى به الأمر إلى افتتاح عيادته، وترافق ذلك مع زواجه. لا بد لنا من معرفة بيئة فرويد قبل أن نعالج نظرياته في علم النفس. كان المجتمع الأوروبي يواجه مرحلة من الضياع الروحي، وذلك بعد سقوط الكنيسة من مقامها، وخاصة بعد التقدم العلمي الذي لم يتوافق مع تعاليم الكنيسة التي بذلت جهداً دؤوباً في ملاحقة العلماء، واتهامهم بالهرطقة والشعوذة، وإعدام بعض منهم – وذلك خوفاً من تحول الشعب إلى العلماء وفقدان الكنيسة للسلطة والهيـبة – فتفشى الإلحاد بذلك نقمة على الكنيسة. وضعفت تلك الأخيرة وخاصة بعد فصل الدين عن الدولة. فأصبح جل الشعب الأوروبي كالقطيع الحائر، لا يستطيع أن يثق بالكهنة والقساوسة، ولا يجد الإلحاد بديلاً مريحاً، وشاع الفساد وتفشى الانحطاط الخُلُقي، إذ أن سقوط الكنيسة أباح المحرمات وسمح لمروجيها بالظهور حتى في وضح النهار.
    وقد أصاب هذا الانحطاط احتشام المرأة: حيث كانت المرأة التي يظهر كاحلها محطّ جدل واتهام بقلة الأدب قبل ذلك، فانهارت هذه المفاهيم وانتشر العُري تدريجياً تحت شعار الحرية والتقدّم، إذ قرنوا التقدم العلمي والصناعي بكسر قيود الأخلاق والحلال والحرام. كل هذه العوامل أدَّت إلى اضطراب في المجتمع الأوروبي وصل إلى درجة الهستيريا والازدواجية الخُلُقية (بين الفطرة السليمة والبيئة المنحرفة). بالإضافة إلى هذه العوامل، كان هناك سباق تسلح بين الإمبراطوريات في أوروبا حيث ساد جوّ من التوتّر إلى أن اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 وتبعتها الحرب العالمية الثانية عام 1936.
    بعد أن بدأ فرويد معالجته للمرضى في عيادته استمر في أبحاثه وتنظيره واتصل بعدد من الأطباء في أوروبا منهم جان مارتن شاركوت الفرنسي الذي كان يُعالج مرضاه بالتنويم المغنطيسي. فعمل معه فترة من الزمن وتعلم منه طريقته بالإضافة إلى معالجة المرضى عن طريق المواد المخدِّرة، وقد عالج فرويد أحد مرضاه بالكوكايين وأدَّى ذلك إلى موته، بعد أن ظن فرويد أن للمخدرات تأثيراً إيجابياً على الصحة النفسية، فاضطر إلى أن يتخلى عن هذه الفرضية إلى حدٍ ما.
    يتبين للباحث في سيرة فرويد، أن إلحاد هذا الأخير لم يكن عائقاً أمام تعصبه اليهودي ونشاطه الحزبي الصهيوني. وقد علَّق د. صبري جرجس في كتابه "التراث اليهودي الصهيوني والفكر الفرويدي", مُقارناً بين "فرويد" و"بن غوريون" قائلاً: "ولعل الفرق بينهما أن (بن غوريون) أعلن عن إلحاده ثم اتجه في الوقت نفسه إلى العمل السافر من أجل الدعوة العنصرية المتعصبة, بينما جعل (فرويد) من إلحاده قناعاً يحاول أن يخفي وراءه الوجه القبيح لهذه الدعوة". وكان صديقاً حميماً لثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية الحديثة، وكان يوليه احتراماً وتقديراً عظيمين. وقد أرسل إليه أحد كتبه مع عبارة (إهداء شخصي) عليه. وقد انضم فرويد نفسه إلى جمعية (بناي برث) أي: أبناء العهد, عام 1895 وهي جمعية صهيونية تُعنى برعاية المصالح اليهودية وخدمة الصهيونية العالمية. وظل فرويد مواظباً على حضور اجتماعات هذه الجمعية وقد ألقى فيها أُوْلَى محاضراته عن تفسير الأحلام، وكان لأبحاثه ونظرياته في علم النفس التحليلي مساهمة كبيرة في سبيل تحقيق المخطط الصهيوني. فقد كانت للجمعيات الصهيونية سيطرة على الصحافة وأجهزة الإعلام، وكان لها القدرة (وللأسف ما زالت) على إسكات الألسن وهدم الجهود التي تحاول الكشف عن المخططات اليهودية العالمية. وأخذت هذه الجمعيات تنشر أفكار ونظريات فرويد التي لاقت رواجاً وخاصَّة لأنها تُرَوَّج بصفتها "عِلْمية" مستغِلةً تصديقَ الناس الأعمى لكل ما هو "عِلْمي"، والصهاينة يقولون في بروتوكولاتهم: "ارفعوا شعار العلم واهدموا به الدين" وسنجد تشابهاً كبيراً بين تعاليم فرويد وبروتوكولات حكماء صهيون! فالإفساد موجَّه إلى الأغيار (Goyim) دون اليهود، هذا الإفساد يسَهل سيطرة الصهاينة وإمساكهم زمام الأمور. فقد جاء في البروتوكولات: "ارفعوا شعار الحرية واهدموا به الأخلاق والأُسرة...". ويقولون إن كل ما عدا اليهود حيوانات ناطقة سخرها الرب في خدمة اليهود (التلمود).
    يعتبر فرويد تحقيق اللذة غايةً مُثلى عند البشر؛ فهم بطبيعتهم يبحثون عن اللذة ويَفِرُّون من الألم. لكن تحقيق اللذة القصوى لدى الإنسان غير ممكن. كما يقول فرويد: إذ أن العوامل الثلاث: 1.الجسد 2.والعالم الخارجي 3.والمجتمع، تقف مشكِّلةً سداً منيعاً أمام تحقيق اللذة -وقد سمَّى فرويد هذه العوامل الوحش الثلاثي الرؤوس The Three Headed Monster-. فالجسد محدود ومعرَّض للأمراض والأوجاع، والعالم الخارجي مليءٌ بالكوارث الطبيعية والعوامل المُهلِكة، والمجتمع يتقاسم الموجودات معه ويحاول الاستفادة منه بأقلِّ مقابلٍ ممكنٍ من الأجر (نلاحظ أن فرويد يُركِّز على نصف الكوب الفارغ بتشاؤم).
    قسّم فرويد الكيان البشري إلى ثلاثة جزاء متصارعة (ونجد هنا كما في معظم نظريات فرويد تأثراً بالفلسفة اليونانية، فقد قسم أفلاطون النفس إلى ثلاثة مراتب) هذه الأجزاء هي: الـ(هو) id -ويمكننا أن نسميه الهَوَى-، والـ(أنا) ego والـ(أنا الأعلى) super ego. فهو يَعتَبر الإنسان الذي يحقق توازناً بين هذه العناصر في جهازه النفسي رجلاً معافىً، إلا أن ذلك مستحيل بالنسبة لفرويد، فكل الناس مرضى نفسياً، ولكن بنسب متفاوتة!
    ويتمثل هذا الصراع بإيجاز بأن الـهو (id)، مبدأ اللذة المطلقة غايته الوصول إلى أقصى درجة من اللذة، والأنا (ego) يمثل الوسيط بين الـهو والعالم الخارجي والأنا العليا (super ego) يمثل القيم الاجتماعية.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقترح فرويد طروحات عدة للوصول إلى اللذة ومنها:
     تحويل الطاقة إلى طاقة إيجابية مقبولة اجتماعياً (عمل، كتابة، بحث علمي), ولكن ذلك لا يحقق إلا نسبة ضئيلة من اللذة، ولا يستطيع تحقيقه إلا النخبة من المجتمع.
     الانعزال والبعد عن المجتمع تجنباً لأذى وشر الآخر، وهذا ما اتبعه الغرب في نزعته الفردية, فمات المجتمع بذلك وصارت الحياة مُوْحِشة كئيبة لدى الأفراد.
     تحصيل أكبر قدر ممكن من اللذة دون قيود، وهذا المحور الأساسي الذي انطلق منه فرويد لإشاعة الفساد في المجتمع الغربي ويأتي ذلك توافقاً مع البروتوكول الصهيوني: "يجب أن نخلق جيلاً لا يخجل من كشف عورته". وهذا ما يحصل الآن للأسف، حتى في مجتمعاتنا الإسلامية. قال فرويد في بادئ الأمر: إن تحصيل اللذة دون قيود يولِّد شعوراً بالذنب، وتتخلص عقدة الذنب عنده في: الخوف من تأنيب الضمير، والمجتمع، والعقوبة المتوجبة عليه. فلتحقيق اللذة دون ذنب، يتوجب تكسير قيود الأخلاق والمبادئ في المجتمعات وذلك يصعب في مصلحة البشر -كما يدافع فرويد عن دعوته- مُسَهِّلاً لهم سُبُلَ اللذة، وبذلك تتحقق السعادة والصحة النفسية، كما يعتبر ذلك تجنباً لكبت الرغبات في اللاشعور إلى درجة تراكمها وتحولها إلى عوارض وعقد نفسية.

    أخذ الغرب بنصيحة فرويد، وها هو الآن يحصد دماراً اجتماعياً ونفسياً؛ فزيادة في نسبة الانتحار (حالة انتحار كل 40 ثانية في الولايات المتحدة)، وانتشار لمرض نقص المناعة AIDS، ومشاكل إدمان المخدرات (حيث إن المخدرات تباع في محلات مرخّصة لها في هولندا مثلاً)، وحالات الاغتصاب (1900 جريمة اغتصاب يومياً في الولايات المتحدة)، وارتفاع نسبة الطلاق (50% في الولايات المتحدة) وغيرها من الأمراض والجرائم.
    ونأسف لأنه ما زال في عالمنا الإسلامي من يروِّج لفكرة: "التفلّت سر السعادة"! كما نأسف للتقليد الأعمى لنمط الحياة الغربية؛ إذ أن عدوى المشاكل التي يعاني منها الغرب انتقلت إلينا وهذا يذكِّرنا بقوله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم:41].

    فرويد والدين:
    شنَّ فرويد حرباً شعواء على الدين في العديد من كتبه، وقد خصص لهذا الموضوع كتاباً أصدره عام 1927 وهو "مُستَقْبَلُ وَهم"، "The Future of an Illusion". والوهم بالنسبة لفرويد هو الدين، والتدين ليس إلا مرضاً نفسياً (عُصاب Neurosis). وقد روَّج الإعلام لهذه الفكرة. وكانت هذه النظرية الفرويدية دعماً كبيراً للمخططات الصهيونية؛ إذ أن إبعاد الأغيار (Goyim) عن أديانهم يولِّد تفككاً في بنيتهم الاجتماعية والخُلُقية, ويسهل بذلك السيطرة عليهم. وكان هناك توجه نحو استبدال علم النفس بالدين؛ إذ أصبحت "الكَنَبَة" التي يستلقي عليها المريض النفسي في العيادة النفسية معبِّراً عن مكبوتاته بديلاً عن "غرفة الاعتراف" في الكنيسة التي باتت شبه مهجورة في الغرب. وأصبح المحللون النفسيون بدلاء للكهنة والقساوسة والرهبان. إلا أن هذا الاستبدال لسوء حظ فرويد وإخوانه الصهاينة لا ينطبق على العالم الإسلامي، على رغم محاولات من يسمُّون أنفسَهم بالعلمانيين والـ"متحررين" في مجتمعاتنا لإسقاط وتنـزيل هذا الاستبدال الذي حصل في الغرب على مجتمعاتنا الإسلامية، وذلك لعوامل عدة أبرزها: 1.وضوح عقيدة الإسلام، 2.وعدم وجود طبقة كهنوتية مُحْتَكِرة للدِّين، 3.والرابطة القوية والمباشرة التي يتمتع بها المسلم بربه تبارك وتعالى, وذلك في صلاته وأذكاره، وأعماله اليومية.
    كما أثبتت الأبحاث العلمية أهمية الدين فيما يتعلق بالصحة النفسية؛ إذ أن أقل الناس تعرضاً للاضطرابات النفسية هم أكثرهم تديناً، كما تؤكد أبحاث معاصرة عديدة. والله تعالى يؤكد لنا ذلك وهو أصدق قِيْلاً: ﴿فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 38] ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه:123-124].
    ويقول كارل غوستاف يونغ الذي اعتزل فرويد عام 1914 نظراً لرفضه تفاسير هذا الأخير المنحرفة التي تعلل خصائص حياة الإنسان كافة جنسياً: "لا أكاد أجد مريضاً واحداً يعاني من مشاكل نفسية إلا وكان بعيداً عن العقيدة الدينية".
    وقد هجر ألفرد أدلر (عالم نفس وطبيب نمساوي) فرويد أيضاً, وكان ذلك عام 1911 لنفس الأسباب التي هجر يونغ فرويد من أجلها, وتبعه عدد من تلامذة فرويد في فترة وجيزة.
    ويبدو من ذلك أن شخصية فرويد لم تكن مريحة, فقد كان سُلطوياً متعجرفاً كما يصفه عدد من تلامذته ومعاصريه.
    عُرِفَ فرويد بإدمانه للسيجار, ومن العجيب أنه لم يتخلَّص من إدمانه هذا إلى أن أُصيب بسرطان الحَلْق(Palate Cancer) عام 1923, وأجرى عدة عمليات لاستئصاله, إلا أن الألم وعدم الراحة لازماه إلى أن طلب من الطبيب إعطاءه جرعة مميتة من المورفين عام 1939 للتخلص من أوجاعه ومن حياته المشؤومة منتحراً, وقد أراح العالم بذلك من نظريات منحرفة, ودعوات شاذة باطلة لا يقبلها سليم القلب والعقل.

    ختاماً: نَوَدُّ ذكر بعض النقاط المهمة فيما يتعلَّق بمقومات الصحة النفسية في الإسلام؛ فالخضوعُ والانقياد لمشيئة الله يجعل الإنسان منسجماً مع الوجود, مطمئن النفس, والتوكُّلُ على الله يورثُ العزيمة والثقة والمثابرة. ومراقبةُ الله أكبر رادعٍ عن الوقوع في الحرام والهلاك, والإفساد والإضرار بالآخرين؛ ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:41,40]. والإيمان باليوم الآخر يُلهمُ الرجاء والأمل, ويحثُّ على التصدُّق والعمل, ويشوِّق الإنسان المؤمن إلى فرحة يوم اللقاء بربه, ويُنصِفُ المظلوم المتيقِّن بعدل المَلِك الواحد الأحد. والإيمان برسول الله محمد , سُـمُوٌّ لمعاني الإنسانية يدفع إلى التخلق بالأخلاق العلية, فهو أُسْوَتُنا الحَسَنَة, ومَثَلُنا الأعلى, وشمائله ترشدنا إلى السعي لتحقيق الكمال البشري.
    وأما الماديون من البشر, فأولئك تَعِسَت حياتهم؛ فهم يُحبُّون العاجلة, ويسعون لإشباع ملذاتهم الفانية, ولا يزيدهم إشباعها إلا جوعاً وعطشاً. فالماديُّ المنكر لله واليوم الآخر يتناسى الموت ويعيش يومه, ولا يذوق إلا زيف السعادة للحظات تَتْبعها غصة وندم, ثم يبحث عن اللذة تارة أخرى لكي ينسى الحزن والأسى... وهكذا, فهو مدرك لتعاسته, منكر لها, فمن له؟
    أخوتي في الله, علينا بالعودة إلى دين الله, ففيه فلاحنا ونجاحنا وشفاء صدورنا وارتواء أرواحنا. فإذا ما تمكَّنَّا من أسباب نصرة الدين, وفَّقنا الله تعالى لنكون هادِيْنَ مَهْدِيِّين, نُخرج أصحاب النفوس الكئيبة من الظلمات إلى النور بإذن الله, وبذلك نكون قد تفوقنا على من ادَّعى في علم النفس معرفة ممن يُسَمَّونَ بـ"الخبراء النفسيين".
    ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال:24].
    ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصِّلت:33].

    -----------------------------------

    المراجع:
     القرآن الكريم.
     صراع مع الملاحدة حتى العظم, د. عبد الرحمن الحبنَّكة الميداني.
     المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة, د. عبد المنعم الحنفي.
     معجم مصطلحات التحليل النفسي, جان لابلانش – ج. ب. بونتاليس, ترجمة د. مصطفى حجازي.
     أزمة التحليل النفسي, إريك فروم, ترجمة د. طلال عتريسي.
     دور اللاشعور ومعنى علم النفس للإنسان الحديث, كارل غوستاف يونغ, ترجمة نهاد خياط.
     من علم النفس القرآني, د. عدنان الشريف.
     الإسلام يتحدى, وحيد الدين خان.
     Civilization and Its Discontent, Sigmund Freud.
    http://webcenter.health.webmd.netscape.com /content/article/78/95776.htm
    , Religion Brings Greater Happiness.

  5. #5

    افتراضي

    العجيب أنهم يتهمون الدين بأنه أساطير وخرافات ..

    ويريدون إخضاع الوحي والغيب للمعامل والمختبرات ..

    في حين أنهم يرددون كلام أقطابهم كالببغاوات ..

    ولا يستحون من تلفيق الحكايات السخيفة والمهاترات ..

    منها أسطورة الطوطمية ونشأة الأخلاق والديانات ..

    حيث زعم هذا المعتوه أن الأبناء قتلوا أباهم لأنه كان عائقاً أمام ممارستهم الجنس مع أمهم .. ثم ندموا على فعلتهم وقدسوا أباهم إلى حد التأليه (الطوطم!!) .. وشعروا بغلطتهم الشنعاء مع أمهم فوضعوا الحدود والضوابط والأخلاق !!

    ما هذا الكلام السخيف ؟؟!!!

    فلا دليل ولا سند ولا عقل ولا منطق .. إنما هو وحي الشيطان فإن لم يكن هذا وحي إبليس فلم يوح إبليس بشئ !!

    كلام سخيف متهافت .. تكفي حكايته لنقضه ..

    الحمد لله على نعمة العقل ..
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  6. افتراضي


    قمة الإنحراف الفكري و الأخلاقي :

    6- اخترع قصة خرافية من عنده، زعم أنها حدثت في تاريخ البشرية، وأنها كانت السبب في ظهور الدين والأخلاق والتقاليد، وأنها ما تزال تؤثر في حياة البشرية من مخزونات ما وراء الشعور في النفس .

    والقصة المختلفة هي أن الأولاد في العائلة القديمة شعروا بالرغبة الجنسية نحو أمهم، لكن أباهم كان حائلاً بينهم وبين تحقيق رغبتهم، فاجتمعوا عليه فقتلوه، ليستمتعوا بأمهم، وكانت تلك أولى الجرائم التي ترتكب في السلالة الإنسانية ([2]) .

    قال: وأحس الأولاد بالندم على قتل أبيهم، فقدسوا ذكراه، وتحول هذا التقديس إلى عبادة، ومن ذلك نشأت أولى العبادات التي عرفتها البشرية، وهي عباد الأب .

    ثم نزعت نفس كل واحد منهم للاستئثار بالأم، لكنهم وجدوا أنه لن يتم ذلك ما لم يتقاتلوا، ولو فعلوا لقتل بعضهم بعضًا، فاتفقوا على أن لا يقربها أحد منهم، فكان ذلك أول تحريم في العلاقات الجنسية، في تاريخ البشرية، وهو تحريم الأم .
    يُرفع رفع الله قدركم
    الحمد لله على نعمة الإسلام , و أعوذ به من شر كل إنسيٍ وجان .
    قال الله سُبحانه وتعالى { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } الأنبياء:18


    تغيُّب

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. سلسلة كشف الشخصيات (15) : سارتر
    بواسطة حازم في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-07-2010, 04:45 AM
  2. سلسلة كشف الشخصيات (14) : دوركايم
    بواسطة حازم في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-23-2009, 12:17 AM
  3. سلسلة كشف الشخصيات (34) : سعد زغلول
    بواسطة أميرة الجلباب في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-08-2008, 11:17 PM
  4. سلسلة كشف الشخصيات (32) : حسن حنفى
    بواسطة حازم في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-13-2007, 06:27 PM
  5. سلسلة كشف الشخصيات (13) : داروين
    بواسطة حازم في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-20-2005, 11:23 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء