صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 23

الموضوع: قاعدة مختصرة في الكمال و النقص و دليل الكمال على الله وصفاته

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي قاعدة مختصرة في الكمال و النقص و دليل الكمال على الله وصفاته

    هذا جواب مختصر لشيخ الاسلام ابن تيمية في التعريف بدليل الكمال و تفصيل الاعتراضات عليه أضعه على هامش الحوار في نفس الموضوع ليستفيد منه المتحاوران على هذا الرابط
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=19293
    مع التنبيه ان الدليل و تفصيل مفاهيمه و توضيحا مبثوث في بقية كتبه و كتب حجة الاسلام الغزالي على الخصوص...

    سئل شيخ الاسلام قدس الله روحه
    قال السائل المسؤول من علماء الاسلام والسادة الاعلام احسن الله ثوابهم وأكرم نزلهم ومآبهم ان يرفعوا حجاب الاجمال ويكشفوا قناع الاشكال عن ( مقدمة ( جميع أرباب الملل والنحل متفقون عليها ومستندون فى ارائهم اليها حاشا مكابرا منهم معاندا وكافرا بربوبية الله جاحدا
    وهى ان يقال ( هذه صفة كمال فيجب لله اثباتها وهذه صفة نقص فيتعين انتفاؤها ( لكنهم فى تحقيق مناطها فى افراد الصفات متنازعون وفى تعيين الصفات لاجل القسمين مختلفون
    ( فأهل السنة ( يقولون اثبات السمع والبصر والحياة والقدرة والعلم والكلام وغيرها من ( الصفات الخبرية ( كالوجه واليدين والعينين والغضب والرضا و ( الصفات الفعلية ( كالضحك والنزول والاستواء صفات كمال وأضدادها صفات نقصان ( و الفلاسفة ( تقول اتصافه بهذه الصفات ان أوجب له كمالا فقد استكمل بغيره فيكون ناقصا بذاته وان اوجب له نقصا لم يجز اتصافه بها
    و ( المعتزلة ( يقولون لو قامت بذاته صفات وجودية لكان مفتقرا اليها وهى مفتقرة اليه فيكون الرب مفتقرا الى غيره ولانها اعراض لا تقوم الا بجسم والجسم مركب والمركب ممكن محتاج وذلك عين النقص
    ويقولون أيضا لو قدر على العباد اعمالهم وعاقبهم عليها كان ظالما وذلك نقص وخصومهم يقولون لو كان فى ملكه ما لا يريده لكان ناقصا و ( الكلابية ومن تبعهم ( ينفون صفات افعاله ويقولون لو قامت به لكان محلا للحوادث والحادث ان اوجب له كمالا فقد عدمه قبله وهو نقص وان لم يوجب له كمالا لم يجز وصفه به
    و ( طائفة منهم ( ينفون صفاته الخبرية لاستلزامها التركيب المستلزم للحاجة والافتقار وهكذا نفيهم ايضا لمحبته لانها مناسبة بين المحب والمحبوب ومناسبة الرب للخلق نقص وكذا رحمته لان الرحمة رقة تكون فى الراحم وهى ضعف وخور فى الطبيعة وتألم على المرحوم وهو نقص وكذلك غضبه لان الغضب غليان دم القلب طلبا للانتقام وكذا نفيهم لضحكه وتعجبه لان الضحك خفة روح تكون لتجدد ما يسر واندفاع ما يضر والتعجب استعظام للمتعجب منه و ( منكروا النبوات ( يقولون ليس الخلق بمنزلة ان يرسل اليهم رسولا كما ان اطراف الناس ليسوا اهلا ان يرسل السلطان اليهم رسولا
    و ( المشركون ( يقولون عظمة الرب وجلاله يقتضى ان لا يتقرب اليه الا بواسطة وحجاب فالتقرب اليه ابتداء من غير شفعاء ووسائط غض من جنابه الرفيع
    هذا وان القائلين بهذه ( المقدمة ( لا يقولون بمقتضاها ولا يطردونها فلو قيل لهم ايما اكمل ذات توصف بسائر انواع الادراكات من الشم والذوق واللمس ام ذات لا توصف بها كلها لقالوا الاولى اكمل ولم يصفوا بها كلها الخالق و ( بالجملة ( فالكمال والنقص من الامور النسبية والمعانى الاضافية فقد تكون الصفة كمالا لذات ونقصا لاخرى وهذا نحو الاكل والشرب والنكاح كمال للمخلوق نقص للخالق وكذا التعاظم والتكبر والثناء على النفس كمال للخالق نقص للمخلوق واذا كان الامر كذلك فلعل ما تذكرونه من صفات الكمال انما يكون كمالا بالنسبة الى الشاهد ولا يلزم ان يكون كمالا للغائب كما بين لا سيما مع تباين الذاتين
    وان قلتم نحن نقطع النظر عن متعلق الصفة وننظر فيها هل هى كمال او نقص فلذلك نحيل الحكم عليها باحدهما لانها قد تكون كمالا لذات نقصا لاخرى على ما ذكر وهذا من العجب أن ( مقدمة ( وقع عليها الاجماع هى منشأ الاختلاف والنزاع فرضى الله عمن بين لنا بيانا يشفى العليل ويجمع بين معرفة الحكم وايضاح الدليل انه تعالى سميع الدعاء واهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل


    فأجاب رضى الله عنه


    تحية أطيب..سأضع الجواب و ان كان الأخ ناصر او الأخ المشرف يرى ان فيه طولا نتوقف ..و ستلاحظ ان كنت وصلت للجزء الثالث من قراءة التأملات مدى التشابه في تناول هذا الدليل الهام...و ارجو لك و للجميع قراءة ممتعة

    الحمد لله الجواب عن هذا السؤال مبنى على مقدمتين:
    احداهما ان يعلم ان الكمال ثابت لله بل الثابت له هو اقصى ما يمكن من الاكملية بحيث لا يكون وجود كمال لا نقص فيه الا وهو ثابت للرب تعالى يستحقه بنفسه المقدسة وثبوت ذلك مستلزم نفى نقيضه فثبوت الحياة يستلزم نفى الموت وثبوت العلم يستلزم نفى الجهل وثبوت القدرة يستلزم نفى العجز وان هذا الكمال ثابت له بمقتضى الادلة العقلية والبراهين اليقينية مع دلالة السمع على ذلك

    ودلالة القرآن على الامور نوعان :
    أحدهما :خبر الله الصادق فما اخبر الله ورسوله به فهو حق كما أخبر الله به
    و الثانى :دلالة القرآن بضرب الامثال وبيان الادلة العقلية الدالة على المطلوب فهذه دلالة شرعية عقلية فهى شرعية لان الشرع دل عليها وارشد اليها و عقلية لانها تعلم صحتها بالعقل ولا يقال انها لم تعلم الا بمجرد الخبر..واذا اخبر الله بالشىء ودل عليه بالدلالات العقلية صار مدلولا عليه بخبره ومدلولا عليه بدليله العقلى الذى يعلم به فيصير ثابتا بالسمع والعقل وكلاهما داخل فى دلالة القرآن التى تسمى ( الدلالة الشرعية (

    وثبوت ( معنى الكمال ( قد دل عليه القرآن بعبارات متنوعة دالة على معانى متضمنة لهذا المعنى فما فى القرآن من اثبات الحمد لله وتفصيل محامده وان له المثل الاعلى واثبات معانى اسمائه ونحو ذلك كله دال على هذا المعنى

    وقد ثبت لفظ ( الكامل ( فيما رواه ابن ابى طلحة عن ابن عباس فى تفسير ( قل هو الله أحد
    الله الصمد ( ان ( الصمد ( هو المستحق للكمال وهو السيد الذى كمل فى سؤدده والشريف الذى قد كمل فى شرفه والعظيم الذى قد كمل فى عظمته والحكم الذى قد كمل فى حكمه والغنى الذى قد كمل فى غناه والجبار الذى قد كمل فى جبروته والعالم الذى قد كمل فى علمه والحكيم الذى قد كمل فى حكمته وهو الشريف الذى قد كمل فى انواع الشرف والسؤدد وهو الله سبحانه وتعالى
    وهذه صفة لا تنبغى الا له ليس له كفؤ ولا كمثله شىء وهكذا سائر صفات الكمال ولم يعلم احد من الامة نازع فى هذا المعنى بل هذا المعنى مستقر فى فطر الناس بل هم مفطورون عليه فانهم كما انهم مفطورون على الاقرار بالخالق فانهم مفطورون على انه اجل واكبر واعلى واعلم واعظم واكمل من كل شىء...
    وقد بينا فى غير هذا الموضع ان الاقرار بالخالق وكماله يكون فطريا ضروريا فى حق من سلمت فطرته وان كان مع ذلك تقوم عليه الادلة الكثيرة وقد يحتاج الى الادلة عليه كثير من الناس عند تغير الفطرة واحوال تعرض لها
    واما لفظ ( الكامل ( فقد نقل الاشعرى عن الجبائى انه كان يمنع ان يسمى الله كاملا ويقول الكامل الذى له ابعاض مجتمعة
    وهذا النزاع ان كان فى المعنى فهو باطل وان كان فى اللفظ فهو نزاع لفظى
    و ( المقصود هنا ( ان ثبوت الكمال له ونفى النقائص عنه مما يعلم بالعقل
    ل
    وزعمت ( طائفة من أهل الكلام ( كابى المعالى والرازى والامدى وغيرهم ان ذلك لا يعلم الا بالسمع الذى هو ( الاجماع ( وان نفى الآفات والنقائص عنه لم يعلم الا بالاجماع وجعلوا الطريق التى بها نفوا عنه ما نفوه انما هو نفى مسمى الجسم ونحو ذلك وخالفوا ما كان عليه شيوخ متكلمة الصفاتية كالاشعرى والقاضى وابى بكر وابى اسحاق ومن قبلهم من السلف والائمة فى اثبات السمع والبصر والكلام له بالادلة العقلية وتنزيهه عن النقائص بالادلة العقلية
    ولهذا صار هؤلاء يعتمدون فى اثبات هذه الصفات على مجرد السمع ويقولون اذا كنا نثبت هذه الصفات بناء على نفى الافات ونفى الافات انما يكون بالاجماع الذى هو دليل سمعى والاجماع انما يثبت بأدلة سمعية من الكتاب والسنة قالوا والنصوص المثبتة للسمع والبصر والكلام اعظم من الايات الدالة على كون الاجماع حجة فالاعتماد فى اثباتها ابتداء على الدليل السمعى الذى هو القرآن أولى وأحرى
    ل
    والذى اعتمدوا عليه فى النفى من نفى مسمى التحيز ونحوه مع انه بدعة فى الشرع لم يأت به كتاب ولا سنة ولا اثر عن احد من الصحابة والتابعين هو متناقض فى العقل لا يستقيم فى العقل فانه ما من أحد ينفى شيئا خوفا من كون ذلك يستلزم ان يكون الموصوف به جسما الا قيل له فيما أثبته نظير ما قاله فيما نفاه

    وقيل له فيما نفاه نظير ما يقوله فيما اثبته كالمعتزلة لما أثبتوا أنه حى عليم قدير وقالوا انه لا يوصف بالحياة والعلم والقدرة والصفات لان هذه اعراض لا يوصف بها الا ما هو جسم ولا يعقل موصوف الا جسم
    فقيل لهم فأنتم وصفتموه بأنه حى عليم قدير ولا يوصف شىء بأنه عليم حى قدير الا ما هو جسم ولا يعقل موصوف بهذه الصفات الا ما هو جسم فما كان جوابكم عن الاسماء كان جوابنا عن الصفات فان جاز ان يقال بل يسمى بهذه الاسماء ما ليس بجسم جاز ان يقال فكذلك يوصف بهذه الصفات ما ليس بجسم وان يقال هذه الصفات ليست اعراضا وان قيل لفظ الجسم ( مجمل ( او ( مشترك ( وان المسمى بهذه الاسماء لا يجب ان يماثله غيره ولا ان يثبت له خصائص غيره جاز ان يقال الموصوف بهذه الصفات لا يجب ان يماثله غيره ولا ان يثبت له خصائص غيره
    وكذلك اذا قال نفاة الصفات المعلومة بالشرع او بالعقل مع الشرع كالرضا والغضب والحب والفرح ونحو ذلك هذه الصفات لا تعقل الا لجسم قيل لهم هذه بمنزلة الارادة والسمع والبصر والكلام فما لزم فى احدهما لزم فى الاخر مثله
    وهكذا نفاة الصفات من الفلاسفة ونحوهم اذا قالوا ثبوت هذه الصفات يستلزم كثرة المعانى فيه وذلك يستلزم كونه جسما او مركبا قيل لهم هذا كما اثبتم انه موجود واجب قائم بنفسه وانه عاقل ومعقول وعقل ولذيذ وملتذ ولذة وعاشق ومعشوق وعشق ونحو ذلك
    فان قالوا هذه ترجع الى معنى واحد قيل لهم ان كان هذا ممتنعا بطل الفرق وان كان ممكنا امكن ان يقال فى تلك مثل هذه فلا فرق بين صفة وصفة والكلام على ثبوت الصفات وبطلان اقوال النفاة مبسوط فى غير هذا الموضع
    والمقصود هنا ان نبين ان ثبوت الكمال لله معلوم بالعقل وان نقيض ذلك منتف عنه فان الاعتماد فى الاثبات والنفى على هذه الطريق مستقيم فى العقل والشرع دون تلك خلاف ما قاله هؤلاء المتكلمون

    وجمهور اهل الفلسفة والكلام يوافقون على ان الكمال لله ثابت بالعقل والفلاسفة تسميه التمام وبيان ذلك من وجوه .
    ( منها ( ان يقال قد ثبت ان الله قديم بنفسه واجب الوجود بنفسه قيوم بنفسه خالق بنفسه الى غير ذلك من خصائصه والطريقة المعروفة فى وجوب الوجود تقال فى جميع هذه المعانى
    فاذا قيل الوجود اما واجب واما ممكن والممكن لابد له من واجب فيلزم ثبوت الواجب على التقديرين فهو مثل ان يقال الموجود اما قديم واما حادث والحادث لابد له من قديم فيلزم ثبوت القديم على التقديرين والموجود اما غنى واما فقير والفقير لابد له من الغنى فلزم وجود الغنى على التقديرين والموجود اما قيوم بنفسه واما غير قيوم وغير القيوم لابد له من القيوم فلزم ثبوت القيوم على التقديرين والموجود اما مخلوق واما غير مخلوق والمخلوق لابد له من خالق غير مخلوق فلزم ثبوت الخالق غير المخلوق على التقديرين ونظائر ذلك متعددة

    ثم يقال هذا الواجب القديم الخالق اما ان يكون ثبوت الكمال الذى لا نقص فيه للممكن الوجود ممكنا له واما ان لا يكون والثانى ممتنع لان هذا ممكن للموجود المحدث الفقير الممكن فلأن يمكن للواجب الغنى القديم بطريق الاولى والاحرى فان كلاهما موجود والكلام فى الكمال الممكن الوجود الذى لا نقص فيه
    فاذا كان الكمال الممكن الوجود ممكنا للمفضول فلأن يمكن للفاضل بطريق الاولى لأن ما كان ممكنا لما هو فى وجوده ناقص فلأن يمكن لما هو فى وجوده اكمل منه بطريق الاولى لا سيما وذلك افضل من كل وجه فيمتنع اختصاص المفضول من كل وجه بكمال لا يثبت للافضل من كل وجه بل ما قد ثبت من ذلك للمفضول فالفاضل احق به فلان يثبت للفاضل بطريق الاولى
    ولان ذلك الكمال انما استفاده المخلوق من الخالق والذى جعل غيره كاملا هو احق بالكمال منه فالذى جعل غيره قادرا اولى بالقدرة والذى علم غيره اولى بالعلم والذى احيا غيره اولى بالحياة والفلاسفة توافق على هذا ويقولون كل كمال للمعلول فهو من اثار العلة والعلة اولى به
    واذا ثبت امكان ذلك له فما جاز له من ذلك الكمال الممكن الوجود فانه واجب له لا يتوقف على غيره فانه لو توقف على غيره لم يكن موجودا له الا بذلك الغير وذلك الغير ان كان مخلوقا له لزم ( الدور القبلى ( الممتنع فان ما فى ذلك الغير من الامور الوجودية فهى منه ويمتنع ان يكون كل من الشيئين فاعلا للاخر
    ل
    وهذا هو ( الدور القبلى ( فان الشىء يمتنع ان يكون فاعلا لنفسه فلأن يمتنع ان يكون فاعلا لفاعله بطريق الاولى والاحرى
    وكذلك يمتنع ان يكون كل من الشيئين فاعلا لما به يصير الاخر فاعلا ويمتنع ان يكون كل من الشيئين معطيا للاخر كماله فان معطى الكمال احق بالكمال فيلزم ان يكون كل منهما اكمل من الاخر وهذا ممتنع لذاته فان كون هذا اكمل يقتضى ان هذا افضل من هذا وهذا افضل من هذا وفضل احدهما يمنع مساواة الاخر له فلان يمنع كون الاخر افضل بطريق الاولى
    وايضا فلو كان كماله موقوفا على ذلك الغير للزم ان يكون كماله موقوفا على فعله لذلك الغير وعلى معاونة ذلك الغير فى كماله ومعاونة ذلك الغير فى كماله موقوف عليه اذ فعل ذلك الغير وافعاله موقوفة على فعل المبدع لا تفتقر الى غيره فيلزم ان لا يكون كماله موقوفا على غيره
    فاذا قيل كماله موقوفا على مخلوقه لزم ان لا يتوقف على مخلوقه وما كان ثبوته مستلزما لعدمه كان باطلا من نفسه وايضا فذلك الغير كل كمال له فمنه وهو احق بالكمال منه ولو قيل يتوقف كماله عليه لم يكن متوقفا الا على ما هو من نفسه وذلك متوقف عليه لا على غيره
    وان قيل ذلك الغير ليس مخلوقا بل واجبا اخر قديما بنفسه فيقال ان كان أحد هذين هو المعطى دون العكس فهو الرب والاخر عبده
    وان قيل بل كل منهما يعطى للآخر الكمال لزم ( الدور فى التأثير ( وهو باطل وهو من ( الدور القبلى ( لا من ( الدور المعى الاقترانى ( فلا يكون هذا كاملا حتى يجعله الاخر كاملا والاخر لا يجعله كاملا حتى يكون فى نفسه كاملا لان جاعل الكامل كاملا احق بالكمال ولا يكون الاخر كاملا حتى يجعله كاملا فلا يكون واحد منهما كاملا بالضرورة فانه لو قيل لا يكون كاملا حتى يجعل نفسه كاملا ولا يجعل نفسه كاملا حتى يكون كاملا لكان ممتنعا فكيف اذا قيل حتى يجعل ما يجعله كاملا كاملا
    وان قيل كل واحد له اخر يكمله الى غير نهاية لزم ( التسلل فى المؤثرات ( وهو باطل بالضرورة واتفاق العقلاء فان تقدير مؤثرات لا تتناهى ليس فيها مؤثر بنفسه لا يقتضى وجود شىء منها ولا وجود جميعها ولا وجود اجتماعها والمبدع للموجودات لابد ان يكون موجودا بالضرورة
    فلو قدر ان هذا كامل فكماله ليس من نفسه بل من اخر وهلم جرا للزم ان لا يكون لشىء من هذه الامور كمال ولو قدر ان الاول كامل لزم الجمع بين النقيضين واذا كان كماله بنفسه لا يتوقف على غيره كان الكمال له واجبا بنفسه وامتنع تخلف شىء من الكمال الممكن عنه بل ما جاز له من الكمال وجب له كما اقر بذلك الجمهور من اهل الفقه والحديث والتصوف والكلام والفلسفة وغيرهم بل هذا ثابت فى مفعولاته فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وكان ممتنعا بنفسه او ممتنعا لغيره لما ثم الا موجود واجب اما بنفسه واما بغيره او معدوم اما لنفسه واما لغيره والممكن إن حصل مقضيه التام وجب بغيره والا كان ممتنعا لغيره والممكن بنفسه اما واجب لغيره واما ممتنع لغيره

    وقد بين الله سبحانه انه احق بالكمال من غيره وان غيره لا يساويه فى الكمال فى مثل قوله تعالى ( افمن يخلق كمن لا يخلق أفلاتذكرون ( وقد بين ان الخلق صفة كمال وان الذى يخلق افضل من الذى لا يخلق وان من عدل هذا بهذا فقد ظلم وقال تعالى ( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شىء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل اكثرهم لا يعلمون ( فبين ان كونه مملوكان عاجزا صفة نقص وان القدرة والملك والاحسان صفة كمال وانه ليس هذا مثل هذا وهذا لله و ( ذاك ( لما يعبد من دونه
    وقال تعالى ( وضرب الله مثلا رجلين احدهما ابكم لا يقدر على شىء وهو كل على مولاه اينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوى هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ( وهذا مثل اخر فالاول مثل العاجز عن الكلام وعن الفعل الذى لا يقدر على شىء والاخر المتكلم الامر بالعدل الذى هو على صراط مستقيم فهو عادل فى امره مستقيم فى فعله
    فبين ان التفضيل بالكلام المتضمن للعدل والعمل المستقيم فان مجرد الكلام والعمل قد يكون محمودا وقد يكون مذموما فالمحمود هو الذى يستحق صاحبه الحمد فلا يستوى هذا والعاجز عن الكلام والفعل
    وقال تعالى ( ضرب لكم مثلا من انفسكم هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم انفسكم كذلك نفصل الايات لقوم يعقلون (
    يقول تعالى اذا كنتم انتم لا ترضون بأن المملوك يشارك مالكه لما فى ذلك من النقص والظلم فكيف ترضون ذلك لى وانا أحق بالكمال والغنى منكم وهذا يبين انه تعالى احق بكل كمال من كل احد وهذا كقوله ( واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون ام يدسه فى التراب الا ساء ما يحكمون للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء ولله المثل الاعلى وهو العزيز الحكيم ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى فاذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ويجعلون لله ما يكرهون وتصف السنتهم الكذب ان لهم الحسنى لا جرم ان لهم النار وانهم مفرطون ( حيث كانوا يقولون الملائكة بنات الله وهم يكرهون ان يكون لأحدهم بنت فيعدون هذا نقصا وعيبا
    والرب تعالى احق بتنزيهه عن كل عيب ونقص منكم فان له ( المثل الاعلى ( فكل كمال ثبت للمخلوق فالخالق احق بثبوته منه اذا كان مجردا عن النقص وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص وعيب فالخالق اولى بتنزيهه عنه
    وقال تعالى ( هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ( وهذا يبين ان العالم اكمل ممن لا يعلم وقال تعالى ( وما يستوى الاعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ( فبين ان البصير اكمل والنور اكمل والظل اكمل وحينئذ فالمتصف به اولى ( ولله المثل الاعلى (
    وقال تعالى ( واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار الم يروا انه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين ( فدل ذلك على ان عدم التكلم والهداية نقص وان الذى يتكلم ويهدى اكمل ممن لا يتكلم ولا يهدى والرب احق بالكمال
    وقال تعالى ( قل هل من شركائكم من يهدى الى الحق قل الله يهدى للحق أفمن يهدى الى الحق احق ان يتبع أم من لا يهدى الى ان يهدى فمالكم كيف تحكمون ( فبين سبحانه بما هو مستقر فى الفطر ان الذى يهدى الى الحق احق بالاتباع ممن لا يهتدى الا ان يهديه غيره فلزم ان يكون الهادى بنفسه هو الكامل دون الذى لا يهتدى الا بغيره
    واذا كان لابد من وجود الهادى لغير المهتدى بنفسه فهو الاكمل وقال تعالى فى الاية الاخرى ( افلا يرون ان لا يرجع اليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ( فدل على ان الذى يرجع اليه القول ويملك الضر والنفع اكمل منه
    وقال ابراهيم لابيه ( يا ابت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا ( فدل على ان السميع البصير الغنى اكمل وان المعبود يجب ان يكون كذلك
    ومثل هذا فى القرآن متعدد من وصف الاصنام بسلب ( صفات الكمال ( كعدم التكلم والفعل وعدم الحياة ونحو ذلك مما يبين ان المتصف بذلك منتقص معيب كسائر الجمادات وان هذه الصفات لا تسلب الا عن ناقص معيب واما ( رب الخلق ( الذى هو اكمل من كل موجود فهو احق الموجودات بصفات الكمال وانه لا يستوى المتصف بصفات الكمال والذى لا يتصف بها وهو يذكر ان الجمادات فى العادة لا تقبل الاتصاف بهذه الصفات

    فمن جعل الواجب الوجود لا يقبل الاتصاف فقد جعله من جنس الاصنام الجامدة التى عابها الله تعالى وعاب عابديها
    ولهذا كانت ( القرامطة الباطنية ( من اعظم الناس شركا وعبادة لغير الله اذ كانوا لا يعتقدون فى الههم انه يسمع او يبصر او يغنى عنهم شيئا

    والله سبحانه لم يذكر هذه النصوص لمجرد تقرير صفات الكمال له بل ذكرها لبيان انه المستحق للعبادة دون ما سواه فأفاد ( الاصلين ( اللذين بهما يتم التوحيد وهما اثبات صفات الكمال ردا على اهل التعطيل وبيان انه المستحق للعبادة لا اله الا هو ردا على المشركين )
    والشرك فى العالم اكثر من التعطيل ولا يلزم من اثبات ( التوحيد ( المنافى للاشراك ابطال قول اهل التعطيل ولا يلزم من مجرد الاثبات المبطل لقول المعطلة الرد على المشركين الا ببيان اخر

    والقرآن يذكر فيه الرد على المعطلة تارة كالرد على فرعون وامثاله ويذكر فيه الرد على المشركين وهذا اكثر لان القرآن شفاء لما فى الصدور ومرض الاشراك اكثر فى الناس من مرض التعطيل وايضا فان الله سبحانه اخبر ان له الحمد وانه حميد مجيد وان له الحمد فى الاولى والاخرة وله الحكم ونحو ذلك من انواع المحامد
    و ( الحمد نوعان ( حمد على احسانه الى عباده وهو من الشكر وحمد لما يستحقه هو بنفسه من نعوت كماله وهذا الحمد لا يكون الا على ما هو فى نفسه مستحق للحمد وانما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال وهى امور وجودية فان الامور العدمية المحضة لا حمد فيها ولا خير ولا كمال
    ومعلوم ان كل ما يحمد فانما يحمد على ماله من صفات الكمال فكل ما يحمد به الخلق فهو من الخالق والذى منه ما يحمد عليه هو أحق بالحمد فثبت انه المستحق للمحامد الكاملة وهو احق من كل محمود بالحمد والكمال من كل كامل وهو المطلوب "

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    233
    المذهب أو العقيدة
    لاأدرى

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدرادو مشاهدة المشاركة
    أخى الفاضل عياض , تحية طيبة

    قد قرأت ما تفضلت بنقله , ولكنى حتى الآن لم أجد ( تعريف الكمال والنقص ) , فهذا الكلام جميل , ولكن بعد أن يتعم التعريف بما هو الكمال وما هو النقص.

    فما أطلبه الآن هو فهم معانى هذه الألفاظ.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    االعزيز الدرادو الأشياء و الحقائق احيانا او غالبا لا يتوقف تصورها على صياغتها في حدود و تعريفات جامعة مانعة..بل قد يكون الكلام عنها و عن ضوابطها و عن الاعتراضات المنصبة عليها افضل في توضيح صورتها عند القارئ و الباحث عن الحقيقة..اما طريقة الحدود فقد لا يلجأ اليها الا حين المناظرة و قليلا ما تنفع في الميدان العلمي و مجال التحقيق و انا طرحت النص للاستفادة اكثر من اي هدف آخر تحياتي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    233
    المذهب أو العقيدة
    لاأدرى

    افتراضي

    ولكنى - وبصراحة شديدة - لم أفهم شيئاً من الإستدلالات حول الكمال والنقص , ولم أفهم المقصود , ولا أجد ضابط يبين الفرق بين الكمال والنقص , واجد أن الكلام حول الكمال والنقص كلام " مطاط ".

    فكيف يمكن الإستدلال والحال هكذا ؟

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    العزيز الدرادو...من الصدف ان المقدمة الثانية تتحدث عن مفهوم الكمال المطلوب الذي تتحدث عنه من حيث هو...فالمقدمة الأولى اعتنت أكثر بتأصيل المفهوم حتى لايتوهم ان هذا الدليل من عنديات علماء الاسلام و انما هو وارد في كلام الخالق الكامل بنفسه اي يكفي فقط تدبر القرآن و المفكرون المسلمون لم يقوموا الا بالشرح و البسط .. فالى النص

    ( فصل (
    وأما ( المقدمة الثانية ( فنقول لابد من اعتبار أمرين
    ( أحدهما ( ان يكون الكمال ممكن الوجود
    و ( الثانى ( أن يكون سليما عن النقص فان النقص ممتنع على الله لكن بعض الناس قد يسمى ما ليس بنقص نقصا فهذا يقال له انما الواجب اثبات ما امكن ثبوته من الكمال السليم عن النقص فاذا سميت انت هذا نقصا وقدر ان انتفاء يمتنع لم يكن نقصه من الكمال الممكن ولم يكن هذا عند من سماه نقصا من النقص الممكن انتفاؤه

    فاذا قيل خلق المخلوقات فى الازل صفة كمال فيجب ان تثبت له قيل وجود المخلوقات كلها او واحد منها يستلزم الحوادث كلها او واحد منها فى الازل ممتنع ووجود الحوادث المتعاقبة كلها فى آن واحد ممتنع سواء قدر ذلك الآن ماضيا او مستقبلا فضلا عن ان يكون ازليا وما يستلزم الحوادث المتعاقبة يمتنع وجوده في آن واحد فضلا عن يكون ازليا فليس هذا ممكن الوجود فضلا عن ان يكون كمالا لكن فعل الحوادث شيئا بعد شىء اكمل من التعطيل عن فعلها بحيث لا يحدث شيئا بعد ان لم يكن فان الفاعل القادر على الفعل اكمل من الفاعل العاجز عن الفعل

    فاذا قيل لا يمكنه احداث الحوادث بل مفعوله لازم لذاته كان هذا نقصا بالنسبة الى القادر الذى يفعل شيئا بعد شىء وكذلك اذا قيل جعل الشىء الواحد متحركا ساكنا موجودا معدوما صفة كمال قيل هذا ممتنع لذاته

    وكذلك اذا قيل ابداع قديم واجب بنفسه صفة كمال قيل هذا ممتنع لنفسه فان كونه مبدعا يقتضى ان لا يكون واجبا بنفسه بل واجبا بغيره فاذا قيل هو واجب موجود بنفسه وهو لم يوجد الا بغيره كان هذا جمعا بين النقيضين
    مجموع أعمال إبن تيمية ( مؤسسة البرامج الإسلامية (

    وكذلك اذا قيل الافعال القائمة والمفعولات المنفصلة عنه اذا كان اتصافه بها صفة كمال فقد فاتته فى الازل وان كان صفة نقص فقد لزم اتصافه بالنقائص قيل الافعال المتعلقة بمشيئته وقدرته يمتنع ان يكون كل منها ازليا
    وأيضا فلا يلزم أن يكون وجود هذه فى الازل صفة كمال بل الكمال ان توجد حيث اقتضت الحكمة وجودها
    وأيضا فلو كانت ازلية لم تكن موجودة شيئا بعد شىء
    فقول القائل فيما حقه ان يوجد شيئا بعد شىء فينبغى ان يكون فى الازل جمع بين النقيضين وامثال هذا كثير فلهذا قلنا الكمال الممكن الوجود فما هو ممتنع فى نفسه فلا حقيقة له فضلا عن ان يقال هو موجود أو يقال هو كمال للموجود
    واما الشرط الاخر وهو قولنا الكمال الذى لا يتضمن نقصا على التعبير بالعبارة السديدة او الكمال الذى لا يتضمن نقصا يمكن انتفاؤه على عبارة من يجعل ما ليس بنقص نقصا فاحترز عما هو لبعض المخلوقات كمال دون بعض وهو نقص بالاضافة الى الخالق لإستلزامه نقصا كالاكل والشرب مثلا فان الصحيح الذى يشتهى الاكل والشرب من الحيوان اكمل من المريض الذى لا يشتهى الاكل والشرب لأن قوامه بالاكل والشرب
    فاذا قدر غير قابل له كان ناقصا عن القابل لهذا الكمال لكن هذا يستلزم حاجة الآكل والشارب الى غيره وهو ما يدخل فيه من الطعام والشراب وهو مستلزم لخروج شىء منه كالفضلات وما لا يحتاج الى دخول شىء فيه أكمل ممن يحتاج الى دخول شىء فيه وما يتوقف كماله على غيره انقص مما لا يحتاج فى كماله الى غيره فان الغنى عن شىء اعلى من الغنى به والغنى بنفسه اكمل من الغنى بغيره
    ل
    ولهذا كان من الكمالات ما هو كمال للمخلوق وهو نقص بالنسبة الى الخالق وهو كل ما كان مستلزما لامكان العدم عليه المنافى لوجوبه وقيوميته او مستلزما للحدوث المنافى لقدمه او مستلزما لفقره المنافى لغناه
    ( فصل (
    اذا تبين هذا تبين ان ما جاء به ( الرسول ( هو الحق الذى يدل عليه المعقول وان اولى الناس بالحق اتبعهم له واعظمهم له موافقة ( وهم سلف الامة وأئمتها ( الذين اثبتوا ما دل عليه الكتاب والسنة من الصفات ونزهوه عن مماثلة المخلوقات
    فان الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام صفات كمال ممكنة بالضرورة ولا نقص فيها فان من اتصف بهذه الصفات فهو اكمل ممن لا يتصف بها والنقص فى انتفائها لا فى ثبوتها والقابل للاتصاف بها كالحيوان اكمل ممن لا يقبل الاتصاف بها كالجمادات
    وأهل الاثبات يقولون للنفاة لو لم يتصف بهذه الصفات لا تصف بأضدادها من الجهل والبكم والعمى والصمم
    فقال لهم النفاة هذه الصفات متقابلة تقابل العدم والملكة لا تقابل السلب والايجاب والمتقابلان تقابل العدم والملكة انما يلزم من انتفاء احدهما ثبوت الاخر اذا كان المحل قابلا لهما كالحيوان الذى لا يخلو اما أن يكون أعمى واما أن يكون بصيرا لأنه قابل لهما بخلاف الجماد فانه لا يوصف لا بهذا ولا بهذا
    فيقول لهم أهل الاثبات هذا باطل من وجوه
    ( أحدها ( أن يقال الموجودات ( نوعان ( نوع يقبل الاتصاف بالكمال كالحي ونوع لا يقبله كالجماد ومعلوم أن القابل للاتصاف بصفات الكمال أكمل ممن لا يقبل ذلك
    وحينئذ فالرب ان لم يقبل الاتصاف بصفات الكمال لزم انتفاء اتصافه بها وان يكون القابل لها وهو الحيوان الاعمى الاصم الذي لا يقبل السمع والبصر أكمل منه فان القابل للسمع والبصر فى حال عدم ذلك اكمل ممن لا يقبل ذلك فكيف المتصف بها فلزم من ذلك أن يكون مسلوبا لصفات الكمال على قولهم ممتنعا عليه صفات الكمال فأنتم فررتم من تشبيهه بالأحياء فشبهتموه بالجمادات وزعمتم انكم تنزهونه عن النقائص فوصفتموه بما هو أعظم النقص
    ( الوجه الثانى ( أن يقال هذا التفريق بين السلب والايجاب وبين العدم والملكة امر اصطلاحى وإلا فكل ما ليس بحي فانه يسمى ميتا كما قال تعالى ( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون اموات غير احياء وما يشعرون ايان يبعثون ( ( الوجه الثالث ( أن يقال نفس سلب هذه الصفات نقص وان لم يقدر هناك ضد ثبوتي فنحن نعلم بالضرورة ان ما يكون حيا عليما قديرا متكلما سميعا بصيرا أكمل ممن لا يكون كذلك وان ذلك لا يقال سميع ولا اصم كالجماد واذا كان مجرد اثبات هذه الصفات من الكمال ومجرد سلبها من النقص وجب ثبوتها لله تعالى لأنه كمال ممكن للموجود ولا نقص فيه بحال بل النقص فى عدمه
    وكذلك إذا قدرنا موصوفين بهذه الصفات
    ( أحدهما ( يقدر على التصرف بنفسه فيأتي ويجيء وينزل ويصعد ونحو ذلك من انواع الافعال القائمة به ( والآخر ( يمتنع ذلك منه فلا يمكن ان يصدر منه شيء من هذه الافعال كان هذا القادر على الافعال التى تصدر عنه اكمل ممن يمتنع صدورها عنه

    واذا قيل قيام هذه الافعال يستلزم قيام الحوادث به كان كما اذا قيل قيام الصفات به يستلزم قيام الاعراض به
    ولفظ ( الاعراض والحوادث ( لفظان مجملان فان اريد بذلك ما يعقله اهل اللغة من ان الاعراض والحوادث هى الامراض والافات كما يقال فلان قد عرض له مرض شديد وفلان قد احدث حدثا عظيما كما قال النبى ( ( اياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ( وقال ( لعن الله من أحدث حدثا او آوى محدثا ( وقال ( اذا أحدث أحدكم فلا يصلى حتى يتوضأ ( ويقول الفقهاء الطهارة ( نوعان ( طهارة الحدث وطهارة الخبث
    ويقول أهل الكلام اختلف الناس فى ( أهل الأحداث ( من أهل القبلة كالربا والسرقة وشرب الخمر ويقال فلان به عارض من الجن وفلان حدث له مرض فهذه من النقائص التى ينزه الله عنها
    وان اريد بالاعراض والحوادث اصطلاح خاص فانما احدث ذلك الاصطلاح من أحدثه من أهل الكلام وليست هذه لغة العرب ولا لغة أحد من الأمم لا لغة القرآن ولا غيره ولا العرف العام ولا اصطلاح اكثر الخائضين فى العلم بل مبتدعوا هذا الاصطلاح هم من أهل البدع المحدثين فى الامة الداخلين فى ذم النبى ( (
    وبكل حال فمجرد هذا الاصطلاح وتسمية هذه اعراضا وحوادث لا يخرجها عن انها من الكمال الذى يكون المتصف به أكمل ممن لا يمكنه الاتصاف بها او يمكنه ذلك ولا يتصف به
    و ( أيضا ( فاذا قدر اثنان أحدهما موصوف بصفات الكمال التى هى اعراض وحوادث على اصطلاحهم كالعلم والقدرة والفعل والبطش والآخر يمتنع ان يتصف بهذه الصفات التى هى اعراض وحوادث كان الأول اكمل كما ان الحى المتصف بهذه الصفات اكمل من الجمادات
    لك اذا قدر ( اثنان ( أحدهما يحب نعوت الكمال ويفرح بها ويرضاها والآخر لا فرق عنده بين صفات الكمال وصفات النقص فلا يحب لا هذا ولا هذا ولا يرضى لا هذا ولا هذا ولا يفرح لا بهذا ولا بهذا كان الأول اكمل من الثانى
    ومعلوم ان الله تبارك وتعالى يحب المحسنين والمتقين والصابرين والمقسطين ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهذه كلها صفات كمال
    وكذلك اذا قدر اثنان أحدهما يبغض المتصف بضد الكمال كالظلم والجهل والكذب ويغضب على من يفعل ذلك والآخر لا فرق عنده بين الجاهل الكاذب الظالم وبين العالم الصادق العادل لا يبغض لا هذا ولا هذا ولا يغضب لا على هذا ولا على هذا كان الاول اكمل
    وكذلك اذا قدر اثنان أحدهما يقدر ان يفعل بيديه ويقبل بوجهه والاخر لا يمكنه ذلك اما لامتناع أن يكون له وجه ويدان واما لامتناع الفعل والاقبال عليه باليدين والوجه كان الاول اكمل
    فالوجه واليدان لا يعدان من صفات النقص فى شىء مما يوصف بذلك ووجه كل شىء بحسب ما يضاف اليه وهو ممدوح به لا مذموم كوجه النهار ووجه الثوب ووجه القوم ووجه الخيل ووجه الرأى وغير ذلك وليس الوجه المضاف الى غيره هو نفس المضاف اليه فى شىء من موارد الاستعمال سواء قدر الاستعمال حقيقة او مجازا
    ( فان قيل ( من يمكنه الفعل بكلامه او بقدرته بدون يديه اكمل ممن يفعل بيديه قيل من يمكنه الفعل بقدرته او تكليمه اذا شاء وبيديه اذا شاء هو أكمل ممن لا يمكنه الفعل الا بقدرته او تكليمه ولا يمكنه ان يفعل باليد
    ولهذا كان ( الانسان ( أكمل من الجمادات التى تفعل بقوى فيها كالنار والماء فاذا قدر اثنان احدهما لا يمكنه الفعل الا بقوة فيه والآخر يمكنه الفعل بقوة فيه وبكلامه فهذا أكمل فاذا قدر آخر يفعل بقوة فيه وبكلامه وبيديه اذا شاء فهو أكمل وأكمل

    وأما صفات النقص فمثل النوم فان الحى اليقظان أكمل من النائم والوسنان والله لا تأخذه سنة ولا نوم وكذلك من يحفظ الشىء بلا اكتراث أكمل ممن يكرثه ذلك والله تعالى وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما
    وكذلك من يفعل ولا يتعب أكمل ممن يتعب والله تعالى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسه من لغوب
    ولهذا وصف الرب بالعلم دون الجهل والقدرة دون العجز والحياة دون الموت والسمع والبصر والكلام دون الصمم والعمى والبكم والضحك دون البكاء والفرح دون الحزن وأما الغضب مع الرضا والبغض مع الحب فهو اكمل ممن لا يكون منه الا الرضا والحب دون البغض والغضب للأمور المذمومة التى تستحق أن تذم وتبغض
    ولهذا كان اتصافه بأنه يعطى ويمنع ويخفض ويرفع ويعز ويذل أكمل من اتصافه بمجرد الاعطاء والاعزاز والرفع لأن الفعل الآخر حيث تقتضى الحكمة ذلك أكمل مما لا يفعل الا أحد النوعين ويخل بالآخر فى المحل المناسب له ومن اعتبر هذا الباب وجده على قانون الصواب والله الهادى لأولى الألباب
    ( فصل (
    وأما قول ملاحدة ( المتفلسفة ( وغيرهم ان اتصافه بهذه الصفات إن أوجب له كمالا فقد استكمل بغيره فيكون ناقصا بذاته وان أوجب له نقصا لم يجز اتصافه بها فيقال قد تقدم ان الكمال المعين هو الكمال الممكن الوجود الذى لا نقص فيه

    وحينئذ فقول القائل يكون ناقصا بذاته ان اراد به أن يكون بدون هذه الصفات ناقصا فهذا حق لكن من هذا فررنا وقدرنا أنه لابد من صفات الكمال والا كان ناقصا
    وان أراد به أنه انما صار كاملا بالصفات التى اتصف بها فلا يكون كاملا بذاته المجردة عن هذه الصفات فيقال اولا هذا انما يتوجه انه لو أمكن وجود ذات مجردة عن هذه الصفات أو أمكن وجود ذات كاملة مجردة عن هذه الصفات فاذا كان احد هذين ممتنعا امتنع كماله بدون هذه الصفات فكيف اذا كان كلاهما ممتنعا فان وجود ذات كاملة بدون هذه الصفات ممتنع فانا نعلم بالضرورة ان ( الذات ( التى لا تكون حية عليمة قديرة سميعة بصيرة متكلمة ليست أكمل من الذات التى تكون حية عليمة سميعة بصيرة متكلمة واذا كان صريح العقل يقضى بأن الذات المسلوبة هذه الصفات ليست مثل الذات المتصفة فضلا عن أن تكون أكمل منها ويقضى بأن الذات المتصفة بها أكمل علم بالضرورة امتناع كمال الذات بدون هذه الصفات فان قيل بعد ذلك لا تكون ذاته ناقصة مسلوبة الكمال الا بهذه الصفات قيل الكمال بدون هذه الصفات ممتنع وعدم الممتنع ليس نقصا وانما النقص عدم ما يمكن
    وأيضا فاذا ثبت انه يمكن اتصافه بالكمال وما اتصف به وجب له وامتنع تجرد ذاته عن هذه الصفات فكان تقدير ذاته منفكة عن هذه الصفات تقديرا ممتنعا
    واذا قدر للذات تقدير ممتنع وقيل انها ناقصة بدونه كان ذلك مما يدل على امتناع ذلك التقدير لا على امتناع نقيضه كما لو قيل اذا مات كان ناقصا فهذا يقتضى وجوب كونه حيا كذلك اذا كان تقدير ذاته خالية عن هذه الصفات يوجب أن تكون ناقصة كان ذلك مما يستلزم ان يوصف بهذه الصفات
    وأيضا فقول القائل اكتمل بغيره ممنوع فانا لا نطلق على صفاته انها غيره ولا انها ليست غيره على ما عليه ( أئمة السلف ( كالامام أحمد بن حنبل وغيره وهو اختيار حذاق المثبتة كإبن كلاب وغيره
    ومنهم من يقول أنا لاطلق عليها أنها ليست هى هو ولا أطلق عليها أنها ليست غيره ولا أجمع بين السلبين فأقول لا هى هو ولا هى غيره وهو اختيار طائفة من المثبتة كالأشعرى وأظن أن قول أبى الحسن التميمى هو هذا او ما يشبه هذا ومنهم من يجوز اطلاق هذا السلب وهذا السلب فى اطلاقهما جميعا كالقاضى أبى بكر والقاضى أبى يعلى
    ومنشأ هذا أن لفظ ( الغير ( يراد به المغاير للشىء ويراد به ما ليس هو اياه وكان فى اطلاق الألفاظ المجملة ايهام لمعانى فاسدة
    ونحن نجيب بجواب علمى فنقول قول القائل يتكمل بغيره أيريد به بشىء منفصل عنه أم يريد بصفة لوازم ذاته أما الأول فممتنع وأما الثانى فهو حق ولوازم ذاته لا يمكن وجود ذاته بدونها كما لا يمكن وجودها بدونه وهذا كمال بنفسه لا بشىء مباين لنفسه
    وقد نص الأئمة كأحمد بن حنبل وغيره وأئمة المثبتة كأبى محمد بن كلاب وغيره على أن القائل اذا قال الحمد لله أو قال دعوت الله وعبدته أو قال بالله فاسم الله متناول لذاته المتصفة بصفاته وليست صفاته زائدة على مسمى أسمائه الحسنى
    واذا قيل هل صفاته زائدة على الذات أم لا قيل ان أريد بالذات المجردة التى يقربها نفاة الصفات فالصفات زائدة عليها وان اريد بالذات الذات الموجودة فى الخارج فتلك لا تكون موجودة الا بصفاتها اللازمة والصفات ليست زائدة على الذات المتصفة بالصفات وان كانت زائدة على الذات التى يقدر تجردها عن الصفات
    التعديل الأخير تم 09-28-2009 الساعة 02:19 AM

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ( فصل (
    وأما قول القائل لو قامت به صفات وجودية لكان مفتقرا اليها وهى مفتقرة اليه فيكون الرب مفتقرا الى غيره فهو من جنس السؤال الأول
    فيقال أولا قول القائل ( لو قامت به صفات وجودية لكان مفتقرا اليها ( يقتضى امكان جوهر تقوم به الصفات وامكان ذات لا تقوم بها الصفات فلو كان أحدهما ممتنعا لبطل هذا الكلام فكيف اذا كان كلاهما ممتنعا فان تقدير ذات مجردة عن جميع الصفات انما يمكن فى الذهن لا فى الخارج كتقدير وجود مطلق لا يتعين فى الخارج

    ولفظ ( ذات ( تأنيث ذو وذلك لا يستعمل الا فيما كان مضافا الى غيره فهم يقولون فلان ذو علم وقدرة ونفس ذات علم وقدرة وحيث جاء فى القرآن او لغة العرب لفظ ( ذو ( ولفظ ( ذات ( لم يجىء الا مقرونا بالاضافة كقوله ( فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم ( وقوله ( عليم بذات الصدور (
    وقول خبيب رضى الله عنه
    وذلك فى ذات الاله

    ونحو ذلك

    لكن لما صار النظار يتكلمون فى هذا الباب قالوا انه يقال انها ذات علم وقدرة ثم انهم قطعوا هذا اللفظ عن الاضافة وعرفوه فقالوا ( الذات ( وهى لفظ مولد ليس من لفظ العرب العرباء ولهذا أنكره طائفة من اهل العلم كأبى الفتح بن برهان وابن الدهان وغيرهما وقالوا ليست هذه اللفظة عربية ورد عليهم آخرون كالقاضى وابن عقيل وغيرهما (
    وفصل الخطاب ( انها ليست من العربية العرباء بل من المولدة كلفظ الموجود ولفظ الماهية والكيفية ونحو ذلك فهذا اللفظ يقتضى وجود صفات تضاف الذات اليها فيقال ذات علم وذات قدرة وذات كلام والمعنى كذلك فانه لا يمكن وجود شىء قائم بنفسه فى الخارج لا يتصف بصفة ثبوتية اصلا بل فرض هذا فى الخارج كفرض عرض يقوم بنفسه لا بغيره
    ففرض عرض قائم بنفسه لا صفة له كفرض صفة لا تقوم بغيرها وكلاهما ممتنع فما هو قائم بنفسه فلابد له من صفة وما كان صفة فلابد له من قائم بنفسه متصف به
    ولهذا سلم المنازعون انهم لا يعلمون قائما بنفسه لا صفة له سواء سموه جوهرا او جسما او غير ذلك ويقولون وجود جوهر معرى عن جميع
    الاعراض ممتنع فمن قدر امكان موجود قائم بنفسه لا صفة له فقد قدر ما لا يعلم وجوده فى الخارج ولا يعلم امكانه فى الخارج فكيف اذا علم أنه ممتنع فى الخارج عن الذهن
    وكلام نفاة الصفات جميعه يقتضى ان ثبوته ممتنع وانما يمكن فرضه فى العقل فالعقل يقدره فى نفسه كما يقدر ممتنعات لا يعقل وجودها فى الوجود ولا امكانها فى الوجود
    وأيضا ( فالرب تعالى ( اذا كان اتصافه بصفات الكمال ممكنا وما امكن له وجب امتنع ان يكون مسلوبا صفات الكمال ففرض ذاته بدون صفاته اللازمة الواجبة له فرض ممتنع
    وحينئذ فاذا كان فرض عدم هذا ممتنعا عموما وخصوصا فقول القائل يكون مفتقرا اليها وتكون مفتقرة اليه انما يعقل مثل هذا فى شيئين يمكن وجود كل واحد منهما دون الاخر فاذا امتنع هذا بطل هذا التقدير
    ثم يقال له ما تعنى بالافتقار اتعنى ان الذات تكون فاعلة للصفات مبدعة لها او بالعكس ام تعنى التلازم وهو ان لا يكون أحدهما الا بالاخر فان عنيت افتقار المفعول الى الفاعل فهذا باطل فان الرب ليس بفاعل لصفاته اللازمة له بل لا يلزمه شىء معين من افعاله ومفعولاته فكيف تجعل صفاته مفعولة له وصفاته لازمة لذاته ليست من مفعولاته وان عنيت التلازم فهو حق وهذا كما يقال لا يكون موجودا الا ان يكون قديما واجبا بنفسه ولا يكون عالما قادرا الا ان يكون حيا فاذا كانت صفاته ملازمة ( لذاته ( كان ذلك أبلغ فى الكمال من جواز التفريق بينهما فانه لو جاز وجوده بدون صفات الكمال لم يكن الكمال واجبا له بل ممكنا له وحينئذ فكان يفتقر فى ثبوتها له الى غيره وذلك نقص ممتنع عليه كما تقدم بيانه فعلم ان التلازم بين الذات وصفات الكمال هو كمال الكمال
    ( فصل (
    وأما القائل انها اعراض لا تقوم الا بجسم مركب والمركب ممكن محتاج وذلك عين النقص فللمثبتة للصفات فى اطلاق لفظ ( العرض ( على صفاته ( ثلاث طرق (
    ( منهم ( من يمنع ان تكون اعراضا ويقول بل هى صفات وليست اعراضا كما يقول ذلك الأشعرى وكثير من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيره
    ( ومنهم ( من يطلق عليها لفظ الاعراض كهشام وابن كرام وغيرهما ( ومنهم ( من يمتنع من الاثبات والنفى كما قالوا فى لفظ الغير وكما امتنعوا عن مثل ذلك فى لفظ الجسم ونحوه فان قول القائل ( العلم عرض ( بدعة وقوله ليس بعرض ( بدعة ( كما أن قوله ( الرب جسم ( بدعة وقوله ( ليس بجسم ( بدعة

    وكذلك ايضا لفظ ( الجسم ( يراد به فى اللغة البدن والجسد كما ذكر ذلك الاصمعى وابو زيد وغيرهما من اهل اللغة
    ( وأما أهل الكلام ( فمنهم من يريد به المركب ويطلقه على الجوهر الفرد
    بشرط التركيب او على الجوهرين او على اربعة جواهر او ستة او ثمانية او ستة عشر او اثنين وثلاثين او المركب من المادة والصورة
    ( ومنهم ( من يقول هو الموجود او القائم بنفسه
    وعامة هؤلاء وهؤلاء يجعلون المشار اليه متساويا فى العموم والخصوص فلما كان اللفظ قد صار يفهم منه معان بعضها حق وبعضها باطل صار مجملا
    (
    وحينئذ ( فالجواب العلمى ( ان يقال اتعنى بقولك انها اعراض انها قائمة بالذات او صفة للذات ونحو ذلك من المعانى الصحيحة ام تعنى بها أنها آفات ونقائص ام تعنى بها أنها تعرض وتزول ولا تبقى زمانين فان عنيت الاول فهو صحيح وان عنيت الثانى فهو ممنوع وان عنيت الثالث فهذا مبنى على قول من يقول العرض لا يبقى زمانين فمن قال ذلك وقال هى باقية قال لا اسميها اعراضا ومن قال بل العرض يبقى زمانين لم يكن هذا مانعا من تسميتها اعراضا
    وقولك العرض لا يقوم الا بجسم فيقال لك هو حى عليم قدير عندك وهذه الاسماء لا يسمى بها الا جسم كما أن هذه الصفات التى جعلتها اعراضا لا يوصف بها الا جسم فما كان جوابك عن ثبوت الاسماء كان جوابا لأهل الاثبات عن اثبات الصفات
    ويقال له ما تعنى بقولك هذه الصفات اعراض لا تقوم الا بجسم أتعنى بالجسم المركب الذى كان مفترقا فاجتمع او ما ركبه مركب فجمع اجزاءه او ما أمكن تفريقه وتبعيضه وانفصال بعضه عن بعض ونحو ذلك ام تعنى به ما هو مركب من الجواهر الفردة او من المادة والصورة او تعنى به ما يمكن الاشارة اليه او ما كان قائما بنفسه أو ما هو موجود
    فان عنيت ( الاول ( لم نسلم ان هذه الصفات التى سميتها اعراضا لا تقوم الا بجسم بهذا التفسير وان عنيت به ( الثانى ( لم نسلم امتناع التلازم فان الرب تعالى موجود قائم بنفسه مشار اليه عندنا فلا نسلم انتفاء التلازم على هذا التقدير
    وقول القائل المركب ممكن ان اراد بالمركب المعانى المتقدمة مثل كونه كان مفترقا فاجتمع او ركبه مركب او يقبل الانفصال فلا نسلم المقدمة الاولى التلازمية وان عنى به ما يشار اليه او ما يكون قائما بنفسه موصوفا بالصفات فلا نسلم انتفاء الثانية فالقول بالأعراض مركب من ( مقدمتين ( تلازمية واستثنائية بألفاظ مجملة فاذا استفصل عن المراد حصل المنع والابطال لأحدهما او لكليهما واذا بطلت احدى المقدمتين على كل تقدير بطلت الحجة .
    ( فصل (
    وأما قول القائل لو قامت به الافعال لكان محلا للحوادث والحادث ان اوجب له كمالا فقد عدمه قبله وهو نقص وان لم يوجب له كمالا لم يجز وصفه به فيقال ( أولا ( هذا معارض بنظيره من الحوادث التى يفعلها فان كليهما حادث بقدرته ومشيئته وانما يقترنان فى المحل وهذا التقسيم وارد على الجهتين
    وان قيل فى الفرق المفعول لا يتصف به بخلاف الفعل القائم به قيل فى الجواب بل هم يصفونه بالصفات الفعلية ويقسمون الصفات الى نفسية وفعلية فيصفونه بكونه خالقا ورازقا بعد ان لم يكن كذلك وهذا التقسيم وارد عليهم

    وقد اورده عليهم الفلاسفة فى ( مسألة حدوث العالم ( فزعموا ان صفات الافعال ليست صفة كمال ولا نقص
    فيقال لهم كما قالوا لهؤلاء ( فى الافعال ( التى تقوم به انها ليست كمالا ولا نقصا
    فان قيل لابد أن يتصف اما بنقص او بكمال قيل لابد ان يتصف من الصفات الفعلية اما بنقص واما بكمال فان جاز ادعاء خلو أحدهما عن القسمين امكن الدعوى فى الآخر مثله والا فالجواب مشترك
    وأما ( المتفلسفة ( فيقال لهم القديم لا تحله الحوادث ولا يزال محلا للحوادث عندكم فليس القدم مانعا من ذلك عندكم بل عندكم هذا هو ( الكمال الممكن ( الذى لا يمكن غيره وانما نفوه عن واجب الوجود لظنهم عدم اتصافه به
    وقد تقدم التنبيه على ابطال قولهم فى ذلك لا سيما وما قامت به الحوادث المتعاقبة يمتنع وجوده عن علة تامة ازلية موجبة لمعلولها فان العلة التامة الموجبة يمتنع ان يتأخر عنها معلولها او شىء من معلولها ومتى تأخر عنها شىء من معلولها كانت علة له بالقوة لا بالفعل واحتاج مصيرها علة بالفعل الى سبب آخر فان كان المخرج لها من القوة الى الفعل هو نفسه صار فيه ما هو القوة وهو المخرج له الى الفعل وذلك يستلزم أن يكون قابلا او فاعلا وهم يمنعون ذلك لامتناع الصفات التى يسمونها التركيب
    وان كان المخرج له غيره كان ذلك ممتنعا بالضرورة والاتفاق لأن ذلك ينافى وجوب الوجود ولأنه يتضمن ( الدور المعى ( و ( التسلسل فى المؤثرات ( وان كان هو الذى صار فاعلا للمعين بعد ان لم يكن امتنع ان يكون علة تامة أزلية فقدم شىء من العالم يستلزم كونه علة تامة فى الازل وذلك يستلزم ان لا يحدث عنه شىء بواسطة وبغير واسطة وهذا مخالف للمشهود ويقال ( ثانيا ( فى ابطال قول من جعل حدوث الحوادث ممتنعا هذا مبنى على تجدد هذه الامور بتجدد الاضافات والاحوال والاعدام فان الناس متفقون على تجدد هذه الامور وفرق الآمدى بينهما من جهة اللفظ فقال هذه حوادث وهذه متجددات والفروق اللفظية لا تؤثر فى الحقائق العلمية
    فيقال تجدد هذه المتجددات ان اوجب له كمالا فقد عدمه قبله وهو نقص وان اوجب له نقصا لم يجز وصفه به
    ويقال ( ثالثا ( الكمال الذى يجب اتصافه به هو الممكن الوجود واما الممتنع فليس من الكمال الذى يتصف به موجود والحوادث المتعلقة بقدرته ومشيئته يمتنع وجودها جميعا فى الازل فلا يكون انتفاؤها فى الازل نقصا لأن انتفاء الممتنع ليس بنقص
    ويقال ( رابعا ( اذا قدر ذات تفعل شيئا بعد شىء وهى قادرة على الفعل بنفسها وذات لا يمكنها ان تفعل بنفسها شيئا بل هى كالجماد الذى لا يمكنه ان يتحرك كانت الاولى اكمل من الثانية فعدم هذه الافعال نقص بالضرورة واما وجودها بحسب الامكان فهو الكمال
    ويقال ( خامسا ( لا نسلم ان عدم هذه مطلقا نقص ولا كمال ولا وجودها مطلقا نقص ولا كمال بل وجودها فى الوقت الذى اقتضته مشيئته وقدرته وحكمته هو الكمال ووجودها بدون ذلك نقص وعدمها مع اقتضاء الحكمة عدمها كمال ووجودها حيث اقتضت الحكمة وجودها هو الكمال
    واذا كان الشىء الواحد يكون وجوده تارة كمالا وتارة نقصا وكذلك عدمه بطل التقسيم المطلق وهذا كما ان الشىء يكون رحمة بالخلق اذا احتاجوا اليه كالمطر ويكون عذابا اذا ضرهم فيكون انزاله لحاجتهم رحمة واحسانا والمحسن الرحيم متصف بالكمال ولا يكون عدم انزاله حيث يضرهم نقصا بل هو أيضا رحمة واحسان فهو محسن بالوجود حين كان رحمة وبالعدم حين كان العدم رحمة وأما نفى النافى ( للصفات الخبرية ( المعينة فلاستلزامها التركيب المستلزم للحاجة والافتقار فقد تقدم جواب نظيره فانه ان اريد بالتركيب ما هو المفهوم منه فى اللغة او فى العرف العام او عرف بعض الناس وهو ما ركبه غيره او كان متفرقا فاجتمع او ما جمع الجواهر الفردة او المادة والصورة او ما أمكن مفارقة بعضه لبعض فلا نسلم المقدمة الاولى ولا نسلم ان اثبات الوجه واليد مستلزم للتركيب بهذا الاعتبار
    وان اريد به التلازم على معنى امتياز شىء عن شىء فى نفسه وان هذا ليس هذا فهذا لازم لهم فى الصفات المعنوية المعلومة بالعقل كالعلم والقدرة والسمع والبصر فان الواحدة من هذه الصفات ليست هى الاخرى بل كل صفة ممتازة بنفسها عن الاخرى وان كانتا متلازمتين يوصف بهما موصوف واحد ونحن نعقل هذا فى صفات المخلوقين كأبعاض الشمس واعراضها
    وايضا فان اريد انه لابد من وجود ما بالحاجة والافتقار الى مباين له فهو ممنوع وان اريد انه لابد من وجود ما هو داخل فى مسمى اسمه وانه يمتنع وجود الواجب بدون تلك الامور الداخلة فى مسمى اسمه فمعلوم انه لابد له من نفسه فلابد له مما يدخل فى مسماها بطريق الأولى والأحرى

    وإذا قيل هو مفتقر الى نفسه لم يكن معناه ان نفسه تفعل نفسه فكذلك ما هو داخل فيها ولكن العبارة موهمة مجملة فاذا فسر المعنى زال المحذور
    ويقال أيضا نحن لا نطلق على هذا اللفظ الغير فلا يلزمه ان يكون محتاجا الى الغير فهذا من جهة الاطلاق اللفظى واما من جهة الدليل العلمى فالدليل دل على وجود موجود بنفسه لا فاعل ولا علة فاعلة وانه مستغن بنفسه عن كل ما يباينه

    وأما الوجود الذى لا يكون له صفة ولا يدخل فى مسمى اسمه معنى من المعانى الثبوتية فهذا اذا ادعى المدعى انه المعنى بوجوب الوجود وبالغنى قيل له لكن هذا المعنى ليس هو مدلول الادلة ولكن أنت قدرت ان هذا مسمى الاسم وجعل اللفظ دليلا على هذا المعنى لا ينفعك ان لم يثبت ان المعنى حق فى نفسه ولا دليل لك على ذلك بل الدليل يدل على نقيضه

    فهؤلاء عمدوا الى لفظ الغنى والقديم والواجب بنفسه فصاروا يحملونها على معانى تستلزم معانى تناقض ثبوت الصفات وتوسعوا فى التعبير ثم ظنوا ان هذا الذى فعلوه هو موجب الادلة العقلية وغيرها وهذا غلط منهم فموجب الادلة العقلية لا يتلقى من مجرد التعبير وموجب الادلة السمعية يتلقى من عرف المتكلم بالخطاب لا من الوضع المحدث فليس لأحد أن يقول ان الالفاظ التى جاءت فى القرآن موضوعة لمعانى ثم يريد ان يفسر مراد الله بتلك المعانى هذا من فعل أهل الالحاد المفترين
    فان هؤلاء عمدوا الى معانى ظنوها ثابتة فجعلوها هى معنى الواحد والواجب والغنى والقديم ونفى المثل ثم عمدوا الى ما جاء فى القرآن والسنة من تسمية الله تعالى بأنه احد وواحد على ونحو ذلك من نفى المثل والكفؤ عنه فقالوا هذا يدل على المعانى التى سميناها بهذه الاسماء وهذا من اعظم الافتراء على الله

    وكذلك ( المتفلسفة ( عمدوا الى لفظ الخالق والفاعل والصانع والمحدث ونحو ذلك فوضعوها لمعنى ابتدعوه وقسموا الحدوث الى نوعين ذاتى وزمانى وارادوا بالذاتى كون المربوب مقارنا للرب ازلا وابدا فان اللفظ على هذا المعنى لا يعرف فى لغة أحد من الأمم ولو جعلوا هذه اصطلاحا لهم لم ننازعهم فيه لكن قصدوا بذلك التلبيس على الناس وان يقولوا نحن نقول بحدوث العالم وان الله خالق له وفاعل له وصانع له ونحو ذلك من المعانى التى يعلم بالاضطرار انها تقتضى تأخر المفعول لا يطلق على ما كان قديما بقدم الرب مقارنا له ازلا وابدا
    وكذلك فعل من فعل بلفظ ( المتكلم ( وغير ذلك من الاسماء ولو فعل هذا بكلام سيبويه وبقراط لفسد ما ذكروه من النحو والطب ولو فعل هذا بكلام آحاد العلماء كمالك والشافعى واحمد وابى حنيفة لفسد العلم بذلك ولكان ملبوسا عليهم فكيف اذا فعل هذا بكلام رب العالمين

    وهذه طريقة الملاحدة الذين ألحدوا فى اسماء الله وآياته ومن شاركهم فى بعض ذلك مثل قول من يقول ( الواحد ( الذى لا ينقسم ومعنى قوله لا ينقسم اى لا يتميز منه شىء عن شىء ويقول لا تقوم به صفة ثم زعموا ان الأحد والواحد فى القرآن يراد به هذا
    ومعلوم أن كل ما فى القرآن من اسم الواحد والاحد كقوله تعالى ( وان كانت واحدة فلها النصف ( وقوله ( قالت احداهما يا ابت استأجره ( وقوله ( ولم يكن له كفوا أحد ( وقوله ( وان أحد من المشركين استجارك ( وقوله ( ذرنى ومن خلقت وحيدا ( وامثال ذلك يناقض ما ذكروه فان هذه الاسماء اطلقت على قائم بنفسه مشار اليه يتميز منه شىء عن شىء وهذا الذى يسمونه فى اصطلاحهم جسما
    وكذلك اذا قالوا الموصوفات تتماثل والاجسام تتماثل والجواهر تتماثل وارادوا ان يستدلوا بقوله تعالى ( ليس كمثله شىء ( على نفى مسمى هذه الامور التى سموها بهذه الاسماء فى اصطلاحهم الحادث كان هذا افتراء على القرآن فان هذا ليس هو المثل فى لغة العرب ولا لغة القرآن ولا غيرهما قال تعالى ( وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم ( فنفى مماثلة هؤلاء مع اتفاقهم فى الانسانية فكيف يقال ان لغة العرب توجب ان كل ما يشار اليه مثل كل ما يشار اليه
    وقال تعالى ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد
    ارم ذات العماد
    التى لم يخلق مثلها فى البلاد ( فأخبر انه لم يخلق مثلها فى البلاد وكلاهما بلد فكيف يقال ان كل جسم فهو مثل لكل جسم فى لغة العرب حتى يحمل على ذلك قوله ( ليس كمثله شىء ( وقد قال الشاعر % ليس كمثل الفتى زهير % وقال % ما إن كمثلهم فى الناس من بشر %
    ولم يقصد هذا ان ينفى وجود جسم من الأجسام
    (
    وكذلك لفظ ( التشابه ( ليس هو التماثل فى اللغة قال تعالى ( واتوا به متشابها ( وقال تعالى ( متشابها وغير متشابه ( ولم يرد به شيئا هو مماثل فى اللغة وليس المراد هنا كون الجواهر متماثلة فى العقل او ليست متماثلة فان هذا مبسوط فى موضعه بل المراد ان اهل اللغة التى بها نزل القرآن لا يجعلون مجرد هذا موجبا لاطلاق اسم المثل ولا يجعلون نفى المثل نفيا لهذا فحمل القرآن على ذلك كذب على القرآن
    ( فصل (
    وقول القائل ( المناسبة ( لفظ مجمل فانه قد يراد بها التولد والقرابة فيقال هذا نسيب فلان ويناسبه اذا كان بينهم قرابة مستندة الى الولادة والآدمية والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك ويراد بها المماثلة فيقال هذا يناسب هذا أى يماثله والله سبحانه وتعالى أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ويراد بها الموافقة فى معنى من المعانى وضدها المخالفة
    و ( المناسبة ( بهذا الاعتبار ثابتة فان اولياء الله تعالى يوافقونه فيما يأمر به فيفعلونه وفيما يحبه فيحبونه وفيما نهى عنه فيتركونه وفيما يعطيه فيصيبونه والله وتر يحب الوتر جميل يحب الجمال عليم يحب العلم نظيف يحب النظافة محسن يحب المحسنين مقسط يحب المقسطين الى غير ذلك من المعانى بل هو سبحانه يفرح بتوبة التائب اعظم من فرح الفاقد لراحلته عليها طعامه وشرابه فى الارض المهلكة اذا وجدها بعد اليأس فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته كما ثبت ذلك فى الصحاح عن النبى ( ( فاذا أريد ( بالمناسبة ( هذا وامثاله فهذه المناسبة حق وهى من صفات الكمال كما تقدمت الاشارة اليه فان من يحب صفات الكمال اكمل ممن لا فرق عنده بين صفات النقص والكمال او لا يحب صفات الكمال
    واذا قدر موجودان ( أحدهما ( يحب العلم والصدق والعدل والاحسان ونحو ذلك و ( الآخر ( لا فرق عنده بين هذه الامور وبين الجهل والكذب والظلم ونحو ذلك لا يحب هذا ولا يبغض هذا كان الذى يحب تلك الامور اكمل من هذا فدل على ان جرده عن ( صفات الكمال والوجود ( بأن لا يكون له علم كالجماد فالذى يعلم اكمل منه ومعلوم ان الذى يحب المحمود ويبغض المذموم اكمل ممن يحبهما او يبغضهما

    وأصل ( هذه المسئلة ( الفرق بين محبة الله ورضاه وغضبه وسخطه وبين ارادته كما هو مذهب السلف والفقهاء واكثر المثبتين للقدر من اهل السنة وغيرهم وصار طائفة من القدرية والمثبتين للقدر الى انه لا فرق بينهما
    ثم قالت ( القدرية ( هو لا يحب الكفر والفسوق والعصيان ولا يريد ذلك فيكون ما لم يشاء ويشاء ما لم يكن
    وقالت ( المثبتة ( ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن واذن قد اراد الكفر والفسوق والعصيان ولم يرده دينا او اراده من الكافر ولم يرده من المؤمن فهو لذلك يحب الكفر والفسوق والعصيان ولا يحبه دينا ويحبه من الكافر ولا يحبه من المؤمن
    وكلا القولين خطأ مخالف للكتاب والسنة واجماع سلف الامة وأئمتها فانهم متفقون على انه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وانه لا يكون شىء الا بمشيئته ومجمعون على أنه لا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر وان الكفار يبيتون ما لا يرضى من القول والذين نفوا محبته بنوها على هذا الاصل الفاسد
    ( فصل (
    واما قول القائل ( الرحمة ( ضعف وخور فى الطبيعة وتألم على المرحوم فهذا باطل
    أما ( أولا ( فلأن الضعف والخور مذموم من الآدميين والرحمة ممدوحة وقد قال تعالى ( وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ( وقد نهى الله عباده عن الوهن والحزن فقال تعالى ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ان كنتم مؤمنين ( وندبهم الى الرحمة وقال النبى ( ( فى الحديث الصحيح ( لا تنزع الا من شقى ( وقال ( من لا يرحم لا يرحم ( وقال ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء (
    ومحال ان يقول لا ينزع الضعف والخور الا من شقى ولكن لما كانت الرحمة تقارن فى حق كثير من الناس الضعف والخور كما فى رحمة النساء ونحو ذلك ظن الغالط أنها كذلك مطلقا و ( أيضا ( فلو قدر انها فى حق المخلوقين مستلزمة لذلك لم يجب ان تكون فى حق الله تعالى مستلزمة لذلك كما ان العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام فينا يستلزم من النقص والحاجة ما يجب تنزيه الله عنه
    وكذلك ( الوجود ( و ( القيام بالنفس ( فينا يستلزم احتياجا الى خالق يجعلنا موجودين والله منزه فى وجوده عما يحتاج اليه وجودنا فنحن وصفاتنا وافعالنا مقرونون بالحاجة الى الغير والحاجة لنا امر ذاتى لا يمكن ان نخلو عنه وهو سبحانه الغنى له امر ذاتى لا يمكن ان يخلو عنه فهو بنفسه حى قيوم واجب الوجود ونحن بأنفسنا محتاجون فقراء
    فاذا كانت ذاتنا وصفاتنا وافعالنا وما اتصفنا به من الكمال من العلم والقدرة وغير ذلك هو مقرون بالحاجة والحدوث والامكان لم يحب ان يكون لله ذات ولا صفات ولا أفعال ولا يقدر ولا يعلم لكون ذلك ملازما للحاجة فينا فكذلك ( الرحمة ( وغيرها اذا قدر انها فى حقنا ملازمة للحاجة والضعف لم يجب ان تكون فى حق الله ملازمة لذلك
    وأيضا فنحن نعلم بالاضطرار انا اذا فرضنا موجودين احدهما يرحم غيره فيجلب له المنفعة ويدفع عنه المضرة والآخر قد استوى عنده هذا وهذا وليس عنده ما يقتضى جلب منفعة ولا دفع مضرة كان الأول أكمل
    ( فصل (
    وأما قول القائل ( الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام ( فليس بصحيح فى حقنا بل الغضب قد يكون لدفع المنافى قبل وجوده فلا يكون هناك انتقام اصلا
    وأيضا فغليان دم القلب يقارنه الغضب ليس ان مجرد الغضب هو غليان دم القلب كما ان ( الحياء ( يقارن حمرة الوجه و ( الوجل ( يقارن صفرة الوجه لا انه هو وهذا لأن النفس اذا قام بها دفع المؤذى فان استشعرت القدرة فاض الدم الى خارج فكان منه الغضب وان استشعرت العجز عاد الدم الى داخل فاصفر الوجه كما يصيب الحزين
    وأيضا فلو قدر ان هذا هو حقيقة غضبنا لم يلزم ان يكون غضب الله تعالى مثل غضبنا كما ان حقيقة ذات الله ليست مثل ذاتنا فليس هو مماثلا لنا لا لذاتنا ولا لأرواحنا وصفاته كذاته
    ونحن نعلم بالاضطرار انا اذا قدرنا موجودين أحدهما عنده قوة يدفع بها الفساد والآخر لا فرق عنده بين الصلاح والفساد كان الذى عنده تلك القوة أكمل
    ولهذا يذم من لا غيرة له على الفواحش كالديوث ويذم من لا حمية له يدفع بها الظلم على المظلومين ويمدح الذى له غيرة يدفع بها الفواحش وحمية يدفع بها الظلم ويعلم ان هذا أكمل من ذلك
    ولهذا وصف النبى ( ( الرب بالاكملية فى ذلك فقال فى الحديث الصحيح ( لا أحد اغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ( وقال ( اتعجبوزن من غيرة سعد انا اغير منه والله اغير منى ( وقول القائل ان هذه انفعالات نفسانية
    فيقال كل ما سوى الله مخلوق منفعل ونحن وذواتنا منفعلة فكونها انفعالات فينا لغيرنا نعجز عن دفعها لا يوجب ان يكون الله منفعلا لها عاجزا عن دفعها وكان كل ما يجرى فى الوجود فانه بمشيئته وقدرته لا يكون الا ما يشاء ولا يشاء الا ما يكون له الملك وله الحمد
    ( فصل (
    وقول القائل ( ان الضحك خفة روح ( ليس بصحيح وان كان ذلك قد يقارنه
    ثم قول القائل ( خفة الروح ( ان اراد به وصفا مذموما فهذا يكون لما لا ينبغى أن يضحك منه والا فالضحك فى موضعه المناسب له صفة مدح وكمال واذا قدر حيان أحدهما يضحك مما يضحك منه والآخر لا يضحك قط كان الأول أكمل من الثانى ولهذا قال النبى ( ( ينظر اليكم الرب قنطين فيظل يضحك يعلم ان فرجكم قريب ( فقال له ابو رزين العقيلى يا رسول الله او يضحك الرب قال ( نعم ( قال لن نعدم من رب يضحك خيرا فجعل الاعرابى العاقل بصحة فطرته ضحكه دليلا على احسانه وانعامه فدل على ان هذا الوصف مقرون بالاحسان المحمود وانه من صفات الكمال والشخص العبوس الذى لا يضحك قط هو مذموم بذلك وقد قيل فى اليوم الشديد العذاب انه ( يوما عبوسا قمطريرا ( وقد روى ان الملائكة قالت لآدم ( حياك الله وبياك ( اى اضحكك
    والانسان حيوان ناطق ضاحك وما يميز الانسان عن البهيمة صفة كمال فكما ان النطق صفة كمال فكذلك الضحك صفة كمال فمن يتكلم اكمل ممن لا يتكلم ومن يضحك اكمل ممن لا يضحك واذا كان الضحك فينا مستلزما لشىء من النقص فالله منزه عن ذلك وذلك الأكثر مختص لا عام فليس حقيقة الضحك مطلقا مقرونة بالنقص كما ان ذواتنا وصفاتنا مقرونة بالنقص ووجودنا مقرون بالنقص ولا يلزم ان يكون الرب موجدا وان لا تكون له ذات
    ومن هنا ضلت القرامطة الغلاة كصاحب ( الاقليد ( وامثاله فارادوا ان ينفوا عنه كل ما يعلمه القلب وينطق به اللسان من نفى واثبات فقالوا لا نقول موجود ولا لا موجود ولا موصوف ولا لا موصوف لما فى ذلك على زعمهم من التشبيه وهذا يستلزم ان يكون ممتنعا وهو مقتضى التشبيه بالممتنع والتشبيه الممتنع على الله أن يشارك المخلوقات فى شىء من خصائصها وان يكون مماثلا لها فى شىء من صفاته كالحياة والعلم والقدرة فانه وان وصف بها فلا تماثل صفة الخالق صفة المخلوق كالحدوث والموت والفناء والامكان

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ( فصل (
    وأما قوله ( التعجب استعظام للمتعجب منه (
    فيقال نعم وقد يكون مقرونا بجهل بسبب التعجب وقد يكون لما خرج عن نظائره والله تعالى بكل شىء عليم فلا يجوز عليه ان لا يعلم سبب ما تعجب منه بل يتعجب لخروجه عن نظائره تعظيما له والله تعالى يعظم ما هو عظيم اما لعظمة سببه او لعظمته
    فانه وصف بعض الخير بأنه عظيم ووصف بعض الشر بأنه عظيم فقال تعالى ( رب العرش العظيم ( وقال ( ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم ( وقال ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا
    واذا لاتيناهم من لدنا اجرا عظيما ( وقال ( ولولا اذ سمعتوه قلتم ما يكون لنا ان نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ( وقال ( ان الشرك لظلم عظيم (
    ولهذا قال تعالى ( بل عجبت ويسخرون ( على قراءة الضم فهنا هو عجب من كفرهم مع وضوح الأدلة وقال النبى ( ( للذى آثر هو وامرأته ضيفهما ( لقد عجب الله ( وفى لفظ فى الصحيح ( لقد ضحك الله الليلة من صنعكما البارحة ( وقال ( ان الرب ليعجب من عبده اذا قال رب اغفر لى فانه لا يغفر الذنوب الا أنت يقول علم عبدى انه لا يغفر الذنوب الا انا ( وقال ( عجب ربك من شاب ليست له صبوة ( وقال ( عجب ربك من راعى غنم على رأس شظية يؤذن ويقيم فيقول الله انظروا الى عبدى ( أو كما قال ونحو ذلك
    ( فصل (
    وأما قول القائل ( لو كان فى ملكه ما لا يريده لكان نقصا ( وقول الآخر ( لو قدر وعذب لكان ظلما والظلم نقص (
    فيقال اما المقالة الاولى فظاهرة فانه اذا قدر انه يكون فى ملكه ما لا يريده وما لا يقدر عليه وما لا يخلقه ولا يحدثه لكان نقصا من وجوه
    ( أحدها ( ان انفراد شىء من الاشياء عنه بالاحداث نقص لو قدر أنه فى غير ملكه فكيف فى ملكه فانا نعلم انا اذا فرضنا اثنين أحدهما يحتاج اليه كل شىء ولا يحتاج الى شىء والآخر يحتاج اليه بعض الاشياء ويستغنى عنه بعضها كان الأول أكمل فنفس خروج شىء عن قدرته وخلقه نقص وهذه دلائل الواحدانية فان الاشتراك نقص بكل من المشتركين وليس الكمال المطلق الا فى الوحدانية
    فانا نعلم ان من قدر بنفسه كان أكمل ممن يحتاج الى معين ومن فعل الجميع بنفسه فهو أكمل ممن له مشارك ومعاون على فعل البعض ومن افتقر اليه كل شىء فهو أكمل ممن استغنى عنه بعض الاشياء
    ( ومنها ( ان يقال كونه خالقا لكل شىء وقادرا على كل شىء أكمل من كونه خالقا للبعض وقادرا على البعض
    و ( القدرية ( لا يجعلونه خالقا لكل شىء ولا قادرا على كل شىء

    و ( المتفلسفة ( القائلون بأنه علة غائية شر منهم فانهم لا يجعلونه خالقا لشىء من حوادث العالم لا لحركات الأفلاك ولا غيرها من المتحركات ولا خالقا لما يحدث بسبب ذلك ولا قادرا على شىء من ذلك ولا عالما بتفاصيل ذلك والله سبحانه وتعالى يقول ( الله الذى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شىء قدير وان الله قد أحاط بكل شىء علما ( وهؤلاء ينظرون فى العالم ولا يعلمون ان الله على كل شىء قدير ولا ان الله قد أحاط بكل شىء علما
    ( ومنها ( انا اذا قدرنا مالكين ( أحدهما ( يريد شيئا فلا يكون ويكون ما لا يريد ( والآخر ( لا يريد شيئا الا كان ولا يكون الا ما يريد علمنا بالضرورة ان هذا أكمل
    وفى الجملة قول ( المثبتة للقدرة ( يتضمن أنه خالق كل شىء وربه ومليكه وانه على كل شىء قدير وانه ما شاء كان فيقتضى كمال خلقه وقدرته ومشيئته و ( نفاة القدر ( يسلبونه هذه الكمالات
    واما
    قوله ( ان التعذيب على المقدر ظلم منه ( فهذه دعوى مجردة ليس معهم فيها إلا قياس الرب على انفسهم ولا يقول عاقل ان كل ما كان نقصا من اى موجود كان لزم ان يكون نقصا من الله بل ولا يقبح هذا من الانسان مطلقا بل اذا كان له مصلحة فى تعذيب بعض الحيوان وان يفعل به ما فيه تعذيب له حسن ذلك منه 2 كالذى يصنع القز فانه هو الذى يسعى فى ان دود القز ينسجه ثم يسعى فى ان يلقى فى الشمس ليحصل له المقصود من القز وهو هنا له سعى فى حركة الدود التى كانت سبب تعذيبه

    وكذلك الذى يسعى فى أن يتوالد له ماشية وتبيض له دجاج ثم يذبح ذلك لينتفع به فقد تسبب فى وجود ذلك الحيوان تسببا أفضى الى عذابه لمصلحة له فى ذلك
    ففى ( الجملة ( الانسان يحسن منه ايلام الحيوان لمصلحة راجحة فى ذلك فليس جنس هذا مذموما ولا قبيحا ولا ظلما وان كان من ذلك ما هو ظلم
    وحينئذ فالظلم من الله اما أن يقال هو ممتنع لذاته لأن الظلم تصرف المتصرف فى غير ملكه والله له كل شىء أو الظلم مخالفة الأمر الذى تجب طاعته والله تعالى يمتنع منه التصرف فى ملك غيره او مخالفة امر من يجب عليه طاعته فاذا كان الظلم ليس الا هذا أو هذا إمتنع الظلم منه
    واما أن يقال هو ممكن لكنه سبحانه لا يفعله لغناه وعلمه بقبحه ولاخباره أنه لا يفعله ولكمال نفسه يمتنع وقوع الظلم منه اذ كان العدل والرحمة من لوازم ذاته فيمتنع اتصافه بنقيض صفات الكمال التى هى من لوازمه على هذا القول فالذى يفعله لحكمة اقتضت ذلك كما ان الذى يمتنع من فعله لحكمة تقتضى تنزيهه عنه

    وعلى هذا فكل ما فعله علمنا ان له فيه حكمة وهذا يكفينا من حيث الجملة وان لم نعرف التفصيل وعدم علمنا بتفصيل حكمته بمنزلة عدم علمنا بكيفية ذاته وكما ان ثبوت صفات الكمال له معلوم لنا واماكنه ذاته فغير معلومة لنا فلا نكذب بما علمناه ما لم نعلمه

    وكذلك نحن نعلم انه ( حكيم ( فيما يفعله ويأمر به وعدم علمنا بالحكمة فى بعض الجزئيات لا يقدح فيما علمناه من أصل حكمته فلا نكذب بما علمناه من حكمته ما لم نعلمه من تفصيلها
    ونحن نعلم ان من علم حذق اهل الحساب والطب والنحو ولم يكن متصفا بصفاتهم التى استحقوا بها ان يكونوا من أهل الحساب والطب والنحو لم يمكنه أن يقدح فيما قالوه لعدم علمه بتوجيهه والعباد ابعد عن معرفة الله وحكمته فى خلقه من معرفة عوامهم بالحساب والطب والنحو فاعتراضهم على حكمته اعظم جهلا وتكلفا للقول بلا علم من العامى المحض اذا قدح فى الحساب والطب والنحو بغير علم بشىء من ذلك
    وهذا يتبين بالاصل الذى ذكرناه فى الكمال وهو قولنا ان الكمال الذى لا نقص فيه للممكن الوجود يجب اتصافه به وتنزيهه عما يناقضه فيقال خلق بعض الحيوان وفعله الذى يكون سببا لعذابه هل هو نقص مطلقا ام يختلف
    وأيضا
    فاذا كان فى خلق ذلك حكمة عظيمة لا تحصل الا بذلك فايما اكمل تحصيل ذلك بتلك الحكمة العظيمة او تفويتها وايضا فهل يمكن حصول الحكمة المطلوبة بدون حصول هذا
    فهذه امور اذا تدبرها الانسان علم انه لا يمكنه ان يقول خلق فعل الحيوان الذى يكون سببا بتعذيبه نقص مطلقا
    و ( المثبتة للقدر ( قد تجيب بجواب آخر لكن ينازعهم الجمهور فيه فيقولون كونه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد صفة كمال بخلاف الذى يكون مأمورا منهيا الذى يؤمر بشىء وينهى عن شىء ويقولون إنما قبح من غيره ان يفعل ما شاء لما يلحقه من الضرر وهو سبحانه لا يجوز ان يلحقه ضرر
    والجمهور يقولون اذا قدرنا من يفعل ما يريد بلا حكمة محبوبة تعود اليه ولا رحمة واحسان يعود الى غيره كان الذى يفعل لحكمة ورحمة اكمل ممن يفعل لا لحكمة ولا لرحمة
    ويقولون اذا قدرنا مريدا لا يميز بين مراده ومراد غيره ومريدا يميز بينهما فيريد ما يصلح ان يراد وينبغى ان يراد دون ما هو بالضد كان هذا الثانى اكمل
    ويقولون المأمور المنهى الذى فوقه امر ناه هو ناقص بالنسبة الى من ليس فوقه آمر ناه لكن اذا كان هو الامر لنفسه بما ينبغى ان يفعل والمحرم عليها ما لا ينبغى ان يفعل واخر يفعل ما يريده بدون امر ونهى من نفسه فهذا الملتزم لامره ونهيه الواقعين على وجه الحكمة اكمل من ذلك وقد قال تعالى ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ( وقال ( يا عبادى انى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا
    وقالوا أيضا اذا قيل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد على وجه بيان قدرته وانه لا مانع له ولا يقدر غيره ان يمنعه مراده ولا ان يجعله مريدا كان هذا اكمل ممن له مانع يمنعه مراده ومعين لا يكون مريدا او فاعلا لما يريد الا به
    واما اذا قيل يفعل ما يريد باعتبار انه لا يفعل على وجه مقتضى العلم والحكمة بل هو ( متسفه ( فيما يفعله واخر يفعل ما يريد لكن ارادته مقرونة بالعلم والحكمة كان هذا الثانى أكمل
    و ( جماع الامر ( فى ذلك ان كمال القدرة صفة كمال وكون الارادة نافذة لا تحتاج الى معاون ولا يعارضها مانع وصف كمال
    واما كون ( الارادة ( لا تميز بين مراد ومراد بل جميع الاجناس عندها سواء فهذا ليس بوصف كمال بل الارادة المميزة بين مراد ومراد كما يقتضيه العلم والحكمة هى الموصوفة بالكمال فمن نقصه فى قدرته وخلقه ومشيئته فلم يقدره قدره ومن نقصه من حكمته ورحمته فلم يقدره حق قدره والكمال الذى يستحقه اثبات هذا وهذا
    ( فصل (
    وأما ( منكروا النبوات ( وقولهم ليس الخلق اهلا ان يرسل الله اليهم رسولا كما ان اطراف الناس ليسوا اهلا ان يرسل السلطان اليهم رسولا فهذا جهل واضح فى حق المخلوق والخالق فان من أعظم ما تحمد به الملوك خطابهم بأنفسهم لضعفاء الرعية فكيف بارسال رسول اليهم
    وأما فى حق الخالق فهو سبحانه ارحم بعباده من الوالدة بولدها وهو قادر مع كمال رحمته فاذا كان كامل القدرة كامل الرحمة فما المانع ان يرسل اليهم رسولا رحمة منه كما قال تعالى ( وما ارسلناك الا رحمة للعالمين (
    وقال النبى ( ( انما انا رحمة مهداة ( ولان هذا من جملة احسانه الى الخلق بالتعليم والهداية وبيان ما ينفعهم وما يضرهم كما قال تعالى ( لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ( فبين تعالى ان هذا من مننه على عباده المؤمنين فان كان المنكر ينكر قدرته على ذلك فهذا قدح فى كمال قدرته وان كان ينكر احسانه بذلك فهذا قدح فى كمال رحمته واحسانه
    فعلم ان ارسال الرسول من اعظم الدلالة على كمال قدرته واحسانه والقدرة والاحسان من صفات الكمال لا النقص واما تعذيب المكذبين فذلك داخل فى القدر لما له فيه من الحكمة
    ( فصل (
    وأما ( قول المشركين ( ان عظمته وجلاله يقتضى ان لا يتقرب اليه الا بواسطة وحجاب والتقرب بدون ذلك غض من جنابه الرفيع فهذا باطل من وجوه
    ( منها ( ان الذى لا يتقرب اليه الا بوسائط وحجاب اما ان يكون قادرا على سماع كلام جنده وقضاء حوائجهم بدون الوسائط والحجاب واما ان لا يكون قادرا فان لم يكن قادرا كان هذا نقصا والله تعالى موصوف بالكمال فوجب ان يكون متصفا بأنه يسمع كلام عباده بلا وسائط ويجيب دعاءهم ويحسن اليهم بدون حاجة الى حجاب وان كان الملك قادرا على فعل اموره بدون الحجاب وترك الحجاب احسانا ورحمة كان ذلك صفة كمال
    وايضا فقول القائل ان هذا غض منه انما يكون فيمن يمكن الخلق ان يضروه ويفتقر فى نفعه اليهم فأما مع كمال قدرته واستغنائه عنهم وامنه ان يؤذوه فليس تقربهم اليه غضا منه بل اذا كان اثنان أحدهما يقرب اليه الضعفاء احسانا اليهم ولا يخاف منهم والاخر لا يفعل ذلك اما خوفا اما كبرا واما غير ذلك كان الاول أكمل من الثانى
    وايضا فان هذا لا يقال اذا كان ذلك بامر المطاع بل اذا اذن للناس فى التقرب منه ودخول داره لم يكن ذلك سوء ادب عليه ولا غضا منه فهذا انكار على من تعبده بغير ما شرع
    ولهذا قال تعالى ( انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه ( وقال تعالى ( ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله (
    ( فصل (
    واما قول القائل انه لو قيل لهم ايما اكمل ذات توصف بسائر انواع الادراكات من الذوق والشم واللمس ام ذات لا توصف بها لقالوا الاول اكمل ولم يصفوه بها
    فتقول مثبتة الصفات لهم فى هذه الادراكات ثلاثة اقوال معروفة ( أحدها ( اثبات هذه الادراكات لله تعالى كما يوصف بالسمع والبصر وهذا قول القاضى ابى بكر وابى المعالى واظنه قول الاشعرى نفسه بل هو قول المعتزلة البصريين الذين يصفونه بالادراكات
    وهؤلاء وغيرهم يقولون تتعلق به الادراكات الخمسة أيضا كما تتعلق به الرؤية وقد وافقهم على ذلك القاضى ابو يعلى فى ( المعتمد ( وغيره
    و ( القول الثانى ( قول من ينفى هذه الثلاثة كما ينفى ذلك كثير من المثبتة ايضا من الصفاتية وغيرهم وهذا قول طوائف من الفقهاء من أصحاب الشافعى وأحمد وكثير من اصحاب الاشعرى وغيره
    ( والقول الثالث ( اثبات ادراك اللمس دون ادراك الذوق لان الذوق انما يكون للمطعوم فلا يتصف به الا من يأكل ولا يوصف به الا ما يؤكل والله سبحانه منزه عن الاكل بخلاف اللمس فانه بمنزلة الرؤية واكثر اهل الحديث يصفونه باللمس وكذلك كثير من اصحاب مالك والشافعى واحمد وغيرهم ولا يصفونه بالذوق

    وذلك ان نفاة الصفات من المعتزلة قالوا للمثبتة اذا قلتم انه يرى فقوله انه يتعلق به سائر انواع الحس واذا قلتم انه سميع بصير فصفوه بالادراكات الخمسة فقال ( اهل الاثبات قاطبة ( نحن نصفه بأنه يرى وانه يسمع كلامه كما جاء بذلك النصوص وكذلك نصفه بأنه يسمع ويرى
    وقال جمهور اهل الحديث والسنة نصفه ايضا بادراك اللمس لأن ذلك كمال لا نقص فيه وقد دلت عليه النصوص بخلاف ادراك الذوق فانه مستلزم للأكل وذلك مستلزم للنقص كما تقدم
    وطائفة من نظار المثبتة وصفوه بالأوصاف الخمس من الجانبين

    ومنهم من قال انه يمكن ان تتعلق به هذه الانواع كما تتعلق به الرؤية لاعتقادهم ان مصحح الرؤية الوجود ولم يقولوا انه متصف بها
    واكثر مثبتى الرؤية لم يجعلوا مجرد الوجود هو المصحح للرؤية بل قالوا ان المقتضى امور وجودية لا ان كل موجود يصح رؤيته وبين الامرين فرق فان الثانى يستلزم رؤية كل موجود بخلاف الاول واذا كان المصحح للرؤية هى امور وجودية لا يشترط فيها امور عدمية فما كان احق بالوجود وابعد عن العدم كان أحق بأن تجوز رؤيته ومنهم من نفى ما سوى السمع والبصر من الجانبين
    فصل (
    واما قول القائل الكمال والنقص من الأمور النسبية فقد بينا ان الذى يستحقه الرب هو الكمال الذى لا نقص فيه بوجه من الوجوه وانه الكمال الممكن للموجود ومثل هذا لا ينتفى عن الله اصلا والكمال النسبى هو المستلزم للنقص فيكون كمالا من وجه دون وجه كالأكل للجائع كما له وللشبعان نقص فيه لأنه ليس بكمال محض بل هو مقرون بالنقص

    والتعالى والتكبر والثناء على النفس وامر الناس بعبادته ودعائه والرغبة اليه ونحو ذلك مما هو من خصائص الربوبية هذا كمال محمود من الرب تبارك وتعالى وهو نقص مذموم من المخلوق
    وهذا كالخبر عما هو من خصائص الربوبية كقوله ( اننى انا الله لا اله الا انا فاعبدنى ( وقوله تعالى ( ادعونى استجب لكم ( وقوله ( ان تبدوا ما فى انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله ( وقوله ( ام حسب الذين يعملون السيئات ان يسبقونا ( وقوله ( ان عبادى ليس لك عليهم سلطان ( وقوله ( انا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد ( وقوله ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
    ومن يتوكل على الله فهو حسبه ( وامثال هذا الكلام الذى يذكر الرب فيه عن نفسه بعض خصائصه وهو فى ذلك صادق فى اخباره عن نفسه بما هو من نعوت الكمال هو ايضا من كماله فان بيانه لعباده وتعريفهم ذلك هو ايضا من كماله واما غيره فلو اخبر بمثل ذلك عن نفسه لكان كاذبا مفتريا والكذب من اعظم العيوب والنقائص
    واما اذا اخبر المخلوق عن نفسه بما هو صادق فيه فهذا لا يذم مطلقا بل قد يحمد منه اذا كان فى ذلك مصلحة كقول النبى ( ( انا سيد ولد آدم ولا فخر ( واما اذا كان فيه مفسدة راجحة او مساوية فيذم لفعله ما هو مفسدة لا لكذبه والرب تعالى لا يفعل ما هو مذموم عليه بل له الحمد على كل حال فكل ما يفعله هو منه حسن جميل محمود
    واما على قول من يقول الظلم منه ممتنع لذاته فظاهر واما على قول الجمهور من اهل السنة والقدرية فانه انما يفعل بمقتضى الحكمة والعدل فاخباره كلها واقواله وافعاله كلها حسنة محمودة واقعة على وجه الكمال الذى يستحق عليه الحمد وله من الامور التى يستحق بها الكبرياء والعظمة ما هو من خصائصه تبارك وتعالى
    فالكبرياء والعظمة له بمنزلة كونه حيا قيوما قديما واجبا بنفسه وانه بكل شىء عليم وعلى كل شىء قدير وانه العزيز الذى لا ينال وانه قهار لكل ما سواه فهذه كلها صفات كمال لا يستحقها الا هو فما لا يستحقه الا هو كيف يكون كمالا من غيره وهو معدوم لغيره فمن ادعاه كان مفتريا منازعا للربوبية فى خواصها كما ثبت فى الحديث الصحيح عن النبى ( ( قال ( يقول الله تعالى العظمة ازارى والكبرياء ردائى فمن نازعنى واحدا منهما عذبته ( وجملة ذلك أن الكمال المختص بالربوبية ليس لغيره فيه نصيب فهذا تحقيق اتصافه بالكمال الذى لا نصيب لغيره فيه ومثل هذا الكمال لا يكون لغيره فادعاؤه منازعة للربوبية وفرية على الله

    ومعلوم ان النبوة كمال للنبى واذا ادعاها المفترون كمسيلمة وامثاله كان ذلك نقصا منهم لا لأن النبوة نقص ولكن دعواها ممن ليست له هو النقص وكذلك لو ادعى العلم والقدرة والصلاح من ليس متصفا بذلك كان مذموما ممقوتا وهذا يقتضى ان الرب تعالى متصف بكمال لا يصلح للمخلوق وهذا لا ينافى ان ما كان كمالا للموجود من حيث هو موجود فالخالق احق به ولكن يفيد ان الكمال الذى يوصف به المخلوق بما هو منه اذا وصف الخالق بما هو منه فالذى للخالق لا يماثله ما للمخلوق ولا يقاربه
    وهذا حق فالرب تعالى مستحق للكمال مختص به على وجه لا يماثله فيه شىء فليس له سمى ولا كفؤ سواء كان الكمال مما لا يثبت منه شىء للمخلوق كربوبية العباد والغنى المطلق ونحو ذلك او كان مما يثبت منه نوع للمخلوق فالذى يثبت للخالق منه نوع هو اعظم مما يثبت من ذلك للمخلوق عظمة هى اعظم من فضل اعلى المخلوقات على ادناها
    و ( ملخص ذلك ( ان المخلوق يذم منه الكبرياء والتجبر وتزكية نفسه احيانا ونحو ذلك
    واما قول السائل فان قلتم نحن نقطع النظر عن متعلق الصفة وننظر فيها هل هى كمال ام نقص وكذلك نحيل الحكم عليها باحدهما لانها قد تكون كمالا لذات نقصا لاخرى على ما ذكر
    فيقال بل نحن نقول الكمال الذى لا نقص فيه للممكن الوجود هو كمال مطلق لكل ما يتصف به
    وايضا فالكمال الذى هو كمال للموجود من حيث هو موجود يمتنع ان يكون نقصا فى بعض الصور لان ما كان نقصا فى بعض الصور تاما فى بعض هو كمال لنوع من الموجودات دون نوع فلا يكون كمالا للموجود من حيث هو موجود
    ومن الطرق التى بها يعرف ذلك ان نقدر موجودين أحدهما متصف بهذا والاخر بنقيضه فانه يظهر من ذلك ايهما اكمل واذا قيل هذا اكمل من وجه وهذا انقص من وجه لم يكن كمالا مطلقا
    والله اعلم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    المملكة العربية السعودية
    المشاركات
    656
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدرادو مشاهدة المشاركة
    ولكنى - وبصراحة شديدة - لم أفهم شيئاً من الإستدلالات حول الكمال والنقص , ولم أفهم المقصود , ولا أجد ضابط يبين الفرق بين الكمال والنقص , واجد أن الكلام حول الكمال والنقص كلام " مطاط ".

    فكيف يمكن الإستدلال والحال هكذا ؟
    مما يتعلق بما اشكل عليك أن نعلم أن هناك كمالات اتفق عليها العقلاء وأمكنهم فهمها وحصرها، ككون الحي أكمل من الميت، والعليم أكمل من الجاهل. وهذه قد ورد السمع بإثباتها له على أكمل وجه. ولكن قد يسأل سائل: هل يوجد كمالات أخرى لا توجد في المخلوقات ولا علم لنا بها أو بطبيعتها ومع ذلك اتصف الخالق بها؟ فالجواب: نعم، والذي يسعفنا في هذا هو أن الله قد استأثر بأسماء - وهي تقتضي صفات - لا يقابلها ما يمكن أن يُعبر عنها في لغة بني آدم، وذلك كما في الحديث:"اللهم اني أسألك بكل اسم هو لك....[إلى أن قال] أو استأثرت به في علم الغيب عندك". فما استأثر الله به مما وصف به نفسه لا أقول أكثر مما أخبرنا به وكشفه لنا وإنما أقول لا حد له، ولا سبيل للغة بني آدم مهما تطورت أن تصل إلى مستوى يمكنها من التعبير عنها في قالب تدركه الخبرة البشرية، ولذلك (ينزّل بقدرٍ ما يشاء).
    التعديل الأخير تم 05-23-2011 الساعة 09:15 AM

  9. افتراضي

    أتحفتمونا بارك الله فيكم
    وجزاكم الله عنا خيرا .

    إلا أن هناك مسألة أشكلت علي .وهي أننا نحن أهل السنه والجماعة نقول أن الصفات الفعليه قديمة نوع حادثة الأحاد.
    فهل الإستواء كذالك يقال فيه هذا كذالك ؟؟؟

  10. #10

    افتراضي

    بصراحة انا لم اقرأ كل هذا المقال ولا يبدوا لي مختصرا
    وامل لو هناك مصدر او مرجع له لانه سيفيدني كثيرا حفظكم الله
    اما عن اثبات صفات الكمال لله تبارك وتعالى فقد اختصرها الامام ابن تيمية في 3 قواعد رائعة

    فصل إثبات صفات الكمال له طرق .
    أحدها ما نبهنا عليه من أن الفعل مستلزم للقدرة ولغيرها . فمن النظار من يثبت أولا القدرة ومنهم من يثبت أولا العلم ومنهم من يثبت أولا الإرادة . وهذه طرق كثير من أهل الكلام .

    وهذه يستدل عليها بجنس الفعل وهي طريقة من لا يميز بين مفعول ومفعول كجهم بن صفوان ومن اتبعه .

    وهؤلاء لا يثبتون حكمة ولا رحمة إذ كان جنس الفعل لا يستلزم ذلك . لكن هم أثبتوا بالفعل المحكم المتقن العلم . وكذلك تثبت بالفعل النافع الرحمة وبالغايات المحمودة الحكمة .

    ولكن هم متناقضون في الاستدلال بالإحكام والإتقان على العلم إذ كان ذلك إنما يدل إذا كان فاعلا لغاية يقصدها . وهم يقولون إنه يفعل لا لحكمة ثم يستدلون بالإحكام على العلم وهو تناقض .

    كما تناقضوا في المعجزات حيث جعلوها دالة على صدق النبي إما [ ص: 357 ] للعلم الضروري بذلك ; وإما لكونه لو لم تدل لزم العجز . وهي إنما تدل إذا كان الفاعل يقصد إظهارها ليدل بها على صدق الأنبياء . فإذا قالوا إنه لا يفعل شيئا لشيء تناقضوا .

    وأما الطريق الأخرى في إثبات الصفات [ و ] هي

    الاستدلال بالأثر على المؤثر وأن من فعل الكامل فهو أحق بالكمال .

    والثالثة طريقة قياس الأولى
    وهي الترجيح والتفضيل وهو أن الكمال إذا ثبت للمحدث الممكن المخلوق فهو للواجب القديم الخالق أولى .

    والقرآن يستدل بهذه وهذه وهذه . ))
    ومن المعلوم ان المبتدعة يستدلون بانواع القياسات الا قياس الاولى بعكس اهل السنة
    ملحوظة استخدام السلف للقديم والمحدث هو استخدام تجاوزا حتى يستطيعوا توصيل المعلومة للمتكلمة

  11. #11

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلفي مغربي مشاهدة المشاركة
    أتحفتمونا بارك الله فيكم
    وجزاكم الله عنا خيرا .

    إلا أن هناك مسألة أشكلت علي .وهي أننا نحن أهل السنه والجماعة نقول أن الصفات الفعليه قديمة نوع حادثة الأحاد.
    فهل الإستواء كذالك يقال فيه هذا كذالك ؟؟؟
    السؤال: قال أحد طلاب العلم المعروفين: إن صفة الاستواء على العرش صفة ذاتية لا تنفك عن الله سبحانه؛ ولذلك فهو ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير بعرشه سبحانه؛ لأن الاستواء صفة ذاتية لا فعلية، فما صحة قوله، وهل قال أحد من علماء السنة بذلك وما ملخص قول شيخ الإسلام في هذا؟ الجواب: هذا ليس بصحيح، الاستواء صفة فعلية، فبعد خلق السماوات والأرض، أما الصفة الذاتية فهي التي لا تنفك عن الذات مثل العلم والقدرة والسمع والبصر والعلو والعزة والكبرياء، أما صفة الاستواء فهي صفة فعلية، وكان بعد خلق السماوات والأرض، فالله تعالى خلق العرش أولاً ثم خلق السماوات والأرض ثم استوى على العرش بعد خلق السماوات والأرض، فكان تارة مستوياً على العرش وتارة لم يكن مستوياً على العرش، كان بعد خلق العرش وقبل السماوات والأرض لم يكن مستوياً على العرش, ثم استوى على العرش بعد خلق السماوات والأرض فدل على أنها صفة فعلية، فالنزول والاستواء صفة فعلية، والاستواء علو خاص، أما صفة العلو وهو أن الله فوق المخلوقات كلها ومنها العرش فهذه صفة ذاتية، فالله تعالى فوق المخلوقات ليس فوقه شيء من خلقه، لكن الاستواء على العرش، والاستقرار والصعود والعلو والارتفاع هو علو خاص، هذا كان بعد خلق السماوات والأرض فدل على أن صفته فعلية، ولا نعلم أن أحداً من أهل السنة قال: إنها صفة ذاتية.

    http://audio.islamweb.net/audio/inde...audioid=226527

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مِن كل بلاد الإسلام أنـا.. وهُـم مِنـّي !
    المشاركات
    1,508
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    جزاكِ الله خيرا أختى الكريمة "الواضحة" .. اختيار موفق للرد على السؤال.. بارك الله فيك.

    ((أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))

    --- *** ---
    العلم بالحق والإيمان يصحبه ** أساس دينك فابن الدين مكتملا
    لا تبن إلا إذا أسست راسخة ** من القواعد واستكملتها عملا
    لا يرفع السقف ما لم يبن حامله ** ولا بناء لمن لم يرس ما حملا

    --- *** ---



    فضلاً : المراسلة على الخاص مع الأخوات فقط.

  13. #13

    افتراضي

    شكر الله لك اختي الغالية وفيك بارك
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الجلباب مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله خيرا أختى الكريمة "الواضحة" .. اختيار موفق للرد على السؤال.. بارك الله فيك.

  14. #14

    افتراضي

    القيوم لابد ان يكون كاملا لأن تمام القيام فى الذات والصفات يدل على الغنى المطلق عن كل شيء والغنى المطلق هو الكمال المطلق فإذا كنت لا تحتاج إلى أى شيء فأنت كامل لا نقص فيك

    والخالق لابد أن يكون على كل شيء قدير وبكل شيء عليم وإلا لما خلق شيئا ومن كان كذلك لن يفوته الكمال فى أى فعل من أفعاله لأن النقص فى الفعل هو لجهل الفاعل بكيفية الفعل أو حسنه وقبحه أو ما شابه ذلك فلا يعلم الكمال ليريده وهذا لا يمكن فى حق من كان بكل شيء عليم وإما لعدم القدرة على فعل ما أراده من الكمال وهذا لا يمكن فى حق من كان على كل شيء قدير فله الكمال سبحانه فى أسمائه و صفاته وأفعاله
    التعديل الأخير تم 10-28-2012 الساعة 09:16 PM
    مجموعة ورينا نفسك على الفيسبوك
    مدونتي

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    61
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    والله لا وقت لدينا نضيعه مع المخابيل اليوم !
    لا توحدوا الله
    لا تدعوا الكمال لله
    شويه شويه تقول لا تعبدوا الله !
    لا تصلوا لله

    روح يا بني شوفلك زريبة العب فيها !
    هو ليه كل منكري السنة مخابيل كده ؟!
    بحث والله يريد من يتعهد به ! # متابعة إشرافية
    التعديل الأخير تم 01-07-2014 الساعة 10:53 PM

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. برهان الكمال على وجود الله و صدق الاسلام
    بواسطة ابن سلامة في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-30-2014, 03:06 PM
  2. في بيان دلالة قول الله تعالى:(ولله المثل الأعلى ) على تفرد الله عزوجل بصفات الكمال
    بواسطة حفيدة بني عامر في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-01-2008, 11:12 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء