صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 27

الموضوع: "إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ"

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي "إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ"

    إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "ال عمران
    (55)


    التوفي لغة...

    قال ابو الفرج ابن الجوزي في نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر213-214"

    75 - باب التوفي
    التوفي : اسم مأخوذ من استيفاء العدد . واستيفاء الشيء : أن
    تستقضيه . يقال : توفيته ، واستوفيته . ( كما يقال : تيقنت الخبر :
    واستيقنته ) . وتثبت في الأمر : واستثبت . والوفاة : اسم للموت ، لأنه
    يكون عند استيفاء العمر . وذكر أهل التفسير أن التوفي في القرآن على

    ثلاثة أوجه : -
    أحدها : الرفع إلى السماء ، ومنه قوله تعالى في آل عمران : ( إني متوفيك) ، وفي المائدة : ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ) .
    والثاني : قبض الأرواح بالموت ، ومنه قوله تعالى في سورة النساء :
    ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم )

    وفي النحل الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ) ، وفي تنزيل السجدة : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ) ، وفي المؤمن ( غافر ): ( فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك ) .

    والثالث : قبض حس الإنسان بالنوم ، ومنه قوله تعالى في
    الأنعام : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ) ، وفي الزمر : ( الله يتوفى الأنفس
    حين موتها والتي لم تمت في منامها
    ) ..."


    قال الرازي في مختار الصحاح " و ف ى : الوَفَاءُ ضد الغدر يقال وَفَى بعهده وَفَاءً و أَوْفَى بمعنى و وَفَى الشيء يَفِي بالكسر وُفِيَّا على فُعُول أي تمَّ وكثُر و الوَفِيُّ الوافي و أَوْفَى على الشيء أشرف و وَافَاهُ حقَّهُ و وَفَّاهُ تَوْفِيَةً بمعنى أي أعطاه وافِيا و اسْتَوْفَى حقَّه و تَوَفَّاهُ بمعنى وتَوَّفاه الله أي قبض روحه و الوَفَاةُ الموت و وَافَى فلان أتى و تَوَافَى القوم تَتَامُّوا "

    قال المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف 730 " الوفاة استخلاص الحق من حيث وضع أن الله نفخ الروح وأودع به النفس ليستوفيها بعد أجل من حيث أودعها فكان ذلك توفيا تفعلا من الوفاء وهو أداء الحق ذكره الحرالي وقال أبو البقاء الوفاة الموت وأصله توفية الشيء إذا أخذته كله "


    وفي المصباح المنير344 " [و ف ي] وَفَيْتُ:
    بالعهد والوعد "أَفِي" به "وَفَاءً" والفاعل "وَفِيٌّ" والجمع "أَوْفِيَاءُ" مثل صديق وأصدقاء، و"أَوْفَيْتُ" به "إِيْفَاءً" وقد جمعهما الشاعر فقال:
    أَمَّا ابْنُ طَوْقٍ فَقَدْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ كَمَا وَفَى بِقِلاصِ النَّجْمِ حَادِيهَاوقال أبو زيد: "أَوْفَى" نذره أحسن الإيفاء فجعل الرباعي يتعدى بنفسه وقال الفارابي أيضا: "أَوْفَيْتُهُ" حقه، و"وَفَّيْتُهُ" إياه بالتثقيل، و"أَوْفَى" بما قال، و"وَفَّى" بمعنى، و"أَوْفَى" على الشّيء أشرف عليه، و"تَوَفَّيْتُهُ"، و"اسْتَوْفَيْتُهُ" بمعنى، و"تَوَفَّاهُ" الله: أماته، و"الوَفَاةُ": الموت، وقد "وَفَى" الشيء بنفسه "يَفِي" إذا تمّ فهو "وَافٍ"، و"وَافَيْتُهُ" "مُوَافَاةً": أتيته.


    وفي القاموس الفقهي حرف الواو 384 " توفى الله فلانا: قبض روحه
    فالله متوفي والانسان متوفى، وفي القرآن العزيز: (إذا قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا) آل عمران: 55 ."


    ذكر أقوال العلماء و المفسرين:.

    قال الطبري جامع البيان في تأويل القرآن 6-455 وما بعدها " اختلف أهل التأويل في معنى"الوفاة" التي ذكرها الله عز وجل في هذه الآية.

    فقال بعضهم:"هي وفاة نَوْم"، وكان معنى الكلام على مذهبهم: إني مُنِيمك ورافعك في نومك.
    ذكر من قال ذلك:

    7133 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله:"إني متوفيك"، قال: يعني وفاةَ المنام، رفعه الله في منامه = قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود:"إن عيسَى لم يمتْ، وإنه راجعٌ إليكم قبل يوم القيامة. ( ضعيف والاثر مرسل )

    وقال آخرون: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض، فرافعك إليّ، قالوا: ومعنى"الوفاة"، القبض، لما يقال:"توفَّيت من فلان ما لي عليه"، بمعنى: قبضته واستوفيته. قالوا: فمعنى قوله:"إني متوفيك ورافعك"، أي: قابضك من الأرض حيًّا إلى جواري، وآخذُك إلى ما عندي بغير موت، ورافعُك من بين المشركين وأهل الكفر بك.
    ذكر من قال ذلك:

    7134 - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق في قول الله:"إني متوفيك"، قال: متوفيك من الدنيا، وليس بوفاة موت.

    7135 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"إني متوفيك"، قال: متوفيك من الأرض.

    7136 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"إني متوفيك ورافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا"، قال: فرفعه إياه إليه، توفِّيه إياه، وتطهيره من الذين كفروا.

    7137 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح: أن كعب الأحبار قال: ما كان الله عز وجل ليميت عيسى ابن مريم، إنما بعثه الله داعيًا ومبشرًا يدعو إليه وحده، فلما رأى عيسى قِلة من اتبعه وكثرة من كذّبه، شكا ذلك إلى الله عز وجل، فأوحى الله إليه:"إني متوفيك ورافعك إليّ"، وليس مَنْ رفعته عندي ميتًا، وإني سأبعثك على الأعوَر الدجّال فتقتله، ثم تعيش بعد ذلك أربعًا وعشرين سنة، ثم أميتك ميتة الحيّ.

    قال كعب الأحبار: وذلك يصدّق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: كيف تهلك أمة أنا في أوّلها، وعيسى في آخرها " ( قال الالباني في الضعيفة منكر 2349 وايضا بزيادة " والمهدي في وسطها)


    7138 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"يا عيسى إني متوفيك"، أي قابضُك.

    7139 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"إني متوفيك ورافعك إليّ"، قال:"متوفيك": قابضك = قال:"ومتوفيك" و"رافعك"، واحدٌ = قال: ولم يمت بعدُ، حتى يقتل الدجالَ، وسيموتُ. وقرأ قول الله عز وجل:"ويكلم الناس في المهد وكهلا"، قال: رفعه الله إليه قبل أن يكون كهلا = قال: وينزل كهلا.

    7140 - حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قول الله عز وجل:"يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي"، الآية كلها، قال: رفعه الله إليه، فهو عنده في السماء.


    وقال آخرون: معنى ذلك: إني متوفيك وفاةَ موتٍ.
    ذكر من قال ذلك:
    7141 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"إني متوفيك"، يقول: إني مميتك. ( فيه انقطاع )

    7142 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه اليماني أنه قال: توفى الله عيسى ابن مريم ثلاثَ ساعات من النهار حتى رفعه إليه. ( فيه مجهول)
    قال عبدالرحمن القماش " هذا قول باطل وفاسد ومخالف لإجماع الأمة ويؤيد ما يقوله النصارى ـ قاتلهم الله ـ ... وكما تقدمت الإشارة إلى وجوب التوقف فى أخبار وهب بن منبه"

    7143 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: والنصارى يزعمون أنه توفاه سبع ساعات من النهار، ثم أحياهُ الله.


    وقال آخرون: معنى ذلك: إذ قال الله يا عيسى إني رافعك إليّ ومطهِّرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد إنزالي إياك إلى الدنيا. وقال: هذا من المقدم الذي معناه التأخير، والمؤخر الذي معناه التقديم.


    قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا، قولُ من قال:"معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ"، لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال، ثم يمكث في الأرض مدة ذكَرها، اختلفت الرواية في مبلغها، ثم يموت فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه.

    7144 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن مسلم الزهري، عن حنظلة بن علي الأسلمي، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليهبطنّ اللهُ عيسى ابن مريم حَكمًا عدلا وإمامًا مُقسِطًا، يكسر الصَّليب، ويقتل الخنزير، ويضَعُ الجزية، ويُفيضُ المالَ حتى لا يجد من يأخذه، وليسكنّ الرّوْحاء حاجًا أو معتمرًا، أو ليُثَنِّينَّ بهما جميعًا " الحديث له أصل صحيح غير هذا اللفظ في المسند 7267 وغيره

    ... وذكر حديث ضعيف جدا ثم قال " ومعلوم أنه لو كان قد أماته الله عز وجل، لم يكن بالذي يميته مِيتةً أخرى، فيجمع عليه ميتتين، لأن الله عز وجل إنما أخبر عباده أنه يخلقهم ثم يُميتهم ثم يُحييهم، كما قال جلّ ثناؤه اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ ) [سورة الروم: 40] فتأويل الآية إذًا: قال الله لعيسى: يا عيسى، إني قابضك من الأرض، ورافعك إليّ، ومطهرك من الذين كفروا فجحدوا نبوّتك .. "


    قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 4-99-101"

    وقال جماعة من أهل المعاني منهم الضحاك والفراء في قوله تعالى: " إني متوفيك
    ورافعك إلي " على التقديم والتأخير، لان الواو لا توجب الرتبة.
    والمعنى: إنى رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء، كقوله: " ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى " طه 129
    والتقدير ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما.
    قال الشاعر:
    ألا يا نخلة من ذات عرق * عليك ورحمة الله السلام أي عليك السلام ورحمة الله.
    وقال الحسن وابن جريح: معنى متوفيك قابضك ورافعك إلى السماء من غير موت، مثل توفيت مالي من فلان أي قبضته.
    وقال وهب بن منبه: توفى الله عيسى عليه السلام ثلاث ساعات من نهار ثم رفعه إلى السماء.
    وهذا فيه بعد، فإنه صح في الاخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم نزوله وقتله الدجال على ما بيناه في كتاب التذكرة، وفي هذا الكتاب حسب ما تقدم، ويأتي.

    وقال ابن زيد: متوفيك قابضك، ومتوفيك ورافعك واحد ولم يمت بعد.
    وروى ابن طلحة عن ابن عباس معنى متوفيك مميتك.
    الربيع ابن أنس: وهي وفاة نوم، قال الله تعالى: " وهو الذي يتوفاكم بالليل " الانعام 60
    أي ينيمكم لان النوم أخو الموت، كما قال صلى الله عليه وسلم لما سئل: أفي الجنة نوم ؟ قال: (لا، النوم أخو الموت، والجنة لا موت فيها).
    أخرجه الدارقطني.
    والصحيح أن الله تعالى رفعه إلى السماء من غير وفاة ولا نوم كما قال الحسن وابن زيد، وهو اختيار الطبري، وهو الصحيح عن ابن عباس، وقاله الضحاك ...

    وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لينزلن ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص - الناقة الشابة- فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد).
    وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي ببده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء- طريق بين مكة والمدينة- حاجا أو معتمرا أو ليثنينهما) ولا ينزل بشرع مبتدأ فينسخ به شريعتنا بل ينزل مجددا لما درس منها متبعا..."
    كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم).
    وفي رواية: (فأمكم منكم).
    قال ابن أبي ذئب: تدري ما أمكم منكم ؟.
    قلت: تخبرني.
    قال: فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم.




    قال ابن كثير 2-46" اختلف المفسرون في قوله: { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } فقال قتادة وغيره: هذا من المقدم والمؤخر، تقديره: إني رافعك إلي ومتوفيك، يعني بعد ذلك.

    وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } أي: مميتك.
    ( مقطوع علي ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس)
    وقال محمد بن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وَهْب بن مُنَبِّه، قال: توفاه الله ثلاث ساعات من النهار حين رفعه الله إليه.( فيه مجهول ثم هو الى وهب)

    قال ابن إسحاق: والنصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات ثم أحياه.
    وقال إسحاق بن بشر عن إدريس، عن وهب: أماته الله ثلاثة أيام، ثم بعثه، ثم رفعه.
    ( قال الذهبي 177 في "اسحاق بن بشر : الشَّيْخُ، العَالِمُ، القَصَّاصُ، الضَّعِيْفُ، التَّالِفُ .."
    ادريس ابن سنان " ضعفه ابن عدي وقال الدارقطني متروك " تهذيب التهذيب 364 وميزان الاعتدال 1-169



    وقال مطر الوراق: متوفيك من الدنيا وليس بوفاة موت وكذا قال ابن جرير: توفيه هو رفعه.

    وقال الأكثرون: المراد بالوفاة هاهنا: النوم، كما قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ } [ الأنعام : 60 ] وقال تعالى: { اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] } [ الزمر : 42 ] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -إذا قام من النوم-: "الْحَمْدُ لله الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ"، وقال الله تعالى: { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ } إلى قوله تعالى { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا. وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } [ النساء : 156 -159 ] والضمير في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } عائد على عيسى، عليه السلام، أي: وإن من أهل الكتاب إلا يؤمن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، على ما سيأتي بيانه، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلّهم؛ لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام.
    وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، حدثنا الربيع بن أنس، عن الحسن أنه قال في قوله: { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } يعني وفاة المنام، رفعه الله في منامه (ضعيف)

    عبد الله بن أبي جعفر :قال الحافظ صدوق يخطئ قال الذهبي وثق وفيه شيء
    أبوه أبو جعفر الرازي التميمي : قال الحافظ: صدوق سيء الحفظ
    قال ابو زرعة يهم كثيرا قال النسائي ليس بالقوي
    الربيع بن أنس البكري : قال الحافظ صدوق له اوهام رمي بالتشيع
    قال ابو حاتم صدوق


    قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: "إنَّ عِيسَى لمَْ يَمُتْ، وَإنَّه رَاجِع إلَيْكُمْ قَبْلَ يَوْمِ الْقَيامَةِ" "( مرسل لا يصح)"
    التعديل الأخير تم 11-06-2009 الساعة 10:20 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قال البغوي في معالم التنزيل 2-45-46 " { إِذْ قَالَ اللَّه يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } اختلفوا في بعض التوفي هاهنا، قال الحسن والكلبي وابن جريج: إني قابضك ورافعك في الدنيا إليِّ من غير موت، يدل عليه قوله تعالى: " فلما توفيتني "( 117 -المائدة ) أي قبضتني إلى السماء وأنا حي، لأن قومه إنما تنصروا بعد رفعه إلى السماء لا بعد موته، فعلى هذا للتوفي تأويلان، أحدهما: إني رافعك إلي وافيًا لم ينالوا منك شيئا، من قولهم توفيت كذا واستوفيته إذا أخذته تامًا والآخر: أني مستلمك من قولهم توفيت منه كذا أي تسلمته، وقال الربيع بن أنس: المراد بالتوفي النوم وكل ذي عين نائم وكان عيسى قد نام فرفعه الله نائما إلى السماء، معناه: أني منومك ورافعك إلي كما قال الله تعالى: " وهو الذي يتوفاكم بالليل "( 60 -الأنعام ) أي ينيمكم. "

    وقال بعضهم: المراد بالتوفي الموت، روى عن علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معناه: أني مميتك يدل عليه قوله تعالى: " قل يتوفاكم ملك الموت "( 11 -السجدة ) (فيه انقطاع)

    فعلى هذا له تأويلان: أحدهما ما قاله وهب: توفى الله عيسى ثلاث ساعات من النهار ثم رفعه الله إليه وقال محمد بن إسحاق: إن النصارى يزعمون أن الله تعالى توفاه سبع ساعات من النهار ثم أحياه ورفعه، والآخر ما قاله الضحاك وجماعة: إن في هذه الآية تقديمًا وتأخيرًا معناه أني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد إنزالك من السماء.
    أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، أخبرنا علي بن الجعد، أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفس محمد بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عادلا يكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد" .

    ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى عليه السلام قال: "وتهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون" .
    وقيل للحسين بن الفضل هل تجد نزول عيسى في القرآن؟ قال نعم: { وَكَهْلا } ولم يكتهل في الدنيا وإنما معناه وكهلا بعد نزوله من السماء."


    قال القاسمي في محاسن التأويل " قوله { إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } أي : مستوفي مدة إقامتك بين قومك . والتوفي ، كما يطلق على الإماتة ، كذلك يطلق على استيفاء الشيء . كما في كتب اللغة . ولو ادعي أن التوفي حقيقة في الأول ، والأصل في الإطلاق الحقيقة فنقول : لا مانع من تشبيه سلب تصرفه عليه السلام بأتباعه وانتهاء مدته المقدرة بينهم بسلب الحياة . وهذا الوجه ظاهر جداً ، وله نظائر في الكتاب العزيز ، قال تعالى : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا } [ الزمر : 42 ] . قال الزمخشري : يريد : ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها ، أي : يتوفاها حين تنام ، تشبيهاً للنائمين بالموتى ، ومنه قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ } [ الأنعام : 60 ] حيث لا يميزون ولا يتصرفون ، كما أن الموتى كذلك - انتهى كلامه - ."


    قال ابو الفضل الالوسي في روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني3-179
    "يا عيسى أني متوفيك ورافعك إلي" أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : هذا من المقدم والمؤخر أي رافعك إلى ومتوفيك وهذا أحد تأويلات اقتضاها مخالفة ظاهر الآية للمشهور المصرع به في الآية الاخرى وفي قوله : إن عيسى لم يمت وأنه راجع اليكم قبل يوم القيامة

    وثانيها أن المراد إني مستوفي أجلك ومميتك حتف أنفك لا أسلط عليك من يقتلك فالكلام كناية عن عصمته من الاعداء وما هم بصدده من الفتك به عليه السلام لانه يلزم من استيفاء الله تعالى أجله وموته حتف أنفه ذلك

    وثالثها أن المراد قابضك ومستوفي شخصك من الارض من توفي المال بمعنى استوفاه وقبضه

    ورابعها أن المراد بالوفاة هنا النوم لانهما أخوان ويطلق كل منهما على الآخر وقد روى عن الربيع أن الله تعالى رفع عيسى عليه السلام لى السماء وهو نائم رفقا به وحكى هذا القول والذي قبله أيضا عن الحسن

    وخامسها أن المراد أجعلك كالمتوفي لانه بالرفع يشبهه وسادسها أن المراد آخذك وافيا بروحك وبدنك فيكون ورافعك إلى كالمفسر لما قبله وسابعها أن المراد بالوفاة موت القوى الشهوانية العائقة عن إيصاله بالملكوت وثامنها أن المراد مستقبل عملك ولا يخلوا أكثر هذه الأوجه عن بعد لا سيما الأخير وقيل : الآية محمولة على ظاهرها فقد أخرج ابن جرير عن وهب أنه قال : توفي الله تعالى عيسى ابن مريم ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه اليه
    وأخرج الحاكم عنه أن الله تعالى توفي عيسى سبع ساعات ثم أحياه وأن مريم حملت به ولها ثلاث عشرة سنة وأنه رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين وأن أمه بقيت بعد رفعه ست سنين وورد ذلك في رواية ضعيفة عن ابن عباس والصحيح كما قاله القرطبي أن الله تعالى رفعه من غير وفاة ولا نوم وهو اختيار الطبري والرواية الصحيحة عن ابن عباس وحكاية ان الله تعالى توفاه سبع ساعات ذكر ابن إسحق أنها من زعم النصارى
    ولهم في هذا المقام كلام تقشعر منه الجلود ويزعمون أنه في الانجيل وحاشا الله ما هو إلا افتراء وبهتان عظيم.."


    قال ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير 1- 396-397" قوله تعالى إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك قال ابن قتيبة التوفي من استيفاء العدد يقال توفيت واستوفيت كما يقال تيقنت الخبر واستيقنته ثم قيل للموت وفاة وتوف وأنشد أبو عبيدة ... إن بني الأدرد ليسوا من أحد ... ليسوا إلى قيس وليسوا من أسد ... ولا توفاهم قريش في العدد ...

    أي لا تجعلهم وفاء لعددها والوفاء التمام وفي هذا التوفي قولان أحدهما أنه الرفع إلى السماء والثاني أنه الموت فعلى القول الاول يكون نظم الكلام مستقيما من غير تقديم ولا تأخير ويكون معنى متوفيك قابضك من الأرض وافيا تاما من غير أن ينال منك اليهود شيئا هذا قول الحسن وابن جريج و ابن قتيبة واختاره الفراء ومما يشهد لهذا الوجه قوله تعالى" فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم" المائدة 117

    أي رفعتني إلى السماء من غير موت لأنهم إنما بدلوا بعد رفعه لا بعد موته وعلى القول الثاني يكون في الآية تقديم وتأخير تقديره إني رافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد ذلك هذا قول الفراء و الزجاج في آخرين فتكون الفائدة في إعلامه بالتوفي تعريفه أن رفعه إلى السماء لا يمنع من موته..."


    قال الزجاج في إعرب القرآن 19
    "
    قوله تعالى " إنى متوفيك ورافعك إليَّ " والرفع قبل التوفي ومن ذلك قوله تعالى " ووهبنا له إسحاق ويعقوب " إلى قوله " وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً " فأخر لوطا عن إسماعيل وعيسى نظيره في النساء " وعيسى وأيوب ويونس " وعيسى بعد جماعتهم ومن ذلك قوله تعالى " رب موسى وهارون " في الأعراف، وفي طه " برب هارون وموسى " وفي الشعراء أيضاً، فبدأ أولا بموسى ثم قدم هارون في الأخريين ومن ذلك قوله تعالى " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة " وإمطار الحجارة قبل جعل الأسافل أعالي فقدم وأخر الإمطار نظيره في سورة الحجر وقال تعالى " فكيف كان عذابي ونذر " والنذر قبل العذاب وفسر قوله تعالى " فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت " أي وانتفخت لظهور نباتها، فيكون من هذا الباب؛ وفسروها بأضعف نباتها، فلا يكون من هذا الباب .."



    قال رفاعي سرور في كتابه المسيح بن مريم 62
    "مُتَوَفِّيك: التوفية .. انقضاء الأجل في الدنيا.
    وأصل كلمة الوفاة هو: التمام والكمال، قال تعالى: {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} [البقرة: 40]، {يوفون بالنذر} [الإنسان: 7]، {وإبراهيم الذي وفى} [النجم: 37].

    جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس: (وَفَى: الواو والفاء والحرف المعتل: كلمة تدل على إكمال وإتمام. منه الوفاء: إتمام العهد وإكمال الشرط. ووفى أوفى فهو وفيٌّ، ويقولون: أوفيته الشيء إذا قضيته إياه وافيًا. وتوفيت الشيء واستوفيته، ومنه يقال للميت توفَّاه الله).
    ومن معانيها: أوفى على المائة إذا زاد عليها، ووافيت العام: حججت، وتوفي فلان: توفاه الله تعالى وأدركته الوفاة.
    فالمعنى: استكمال الموعد المحدد للمرء في الدنيا، وهذا قد يعني الموت بإخراج الروح، وقد يعني استيفاء المدة المؤقتة، وقبض الجسد بعد مدة معينة بغير إخراج الروح.
    وهذا المعنى هو المقصود في هذه الآية، ويؤيده اقتران كلمة الوفاة بكلمة رافعك؛ أي: يستوفي جسده بعد إتمام المدة الأولى المقدرة قرينة على عدم قبض الروح.
    كما تؤيده النصوص الصحيحة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان.
    وقد جاءت الوفاة في القرآن على معانٍ منها:

    1- النوم: قال الله تعالى: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} [الأنعام: 60] أي: يُنيمُكم.
    2- الموت: قال الله تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت} [السجدة: 11].
    وقد جمع الله المعنيين في قوله سبحانه: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} [الزمر: 42] فاستعمل الوفاة في الحالين: النوم والموت؛ لأن النوم أخو الموت؛ كما قال صلى الله عليه وسلم لما سُئل: أفي الجنة نوم؟ قال: ((لا .. النوم أخو الموت)) أخرجه الطبراني
    919والجنة لا موت فيها. ( قال الالباني إسناده ضعيف لكن له طرق بعضها صحيح تخريج المشكاة 5579وفي الصحيحة قال صحيح بمجموع الطرق 1087)

    وقد جادل أقوامٌ بأن الوفاة المذكورة في حق عيسى هي الموت؛ لأنها لم تقترن بقرينة الليل أو النوم؛ وهذا باطل لأن أصل الكلمة لا يعني الموت كما تقدم، والأمر يتطلب القرينة إذا كان المعني الأصلي للفظ هو الموت.
    كما أن تفسير الوفاة هنا بأحد معانيها -وهو الموت- يتصادم مع النصوص الثابتة المؤكدة لنزول عيسى عليه السلام.
    فالوفاء ومشتقاته تعني -كما تقدم- الكمال والتمام، وهذا ينطبق على استيفاء المسيح عليه السلام كله بجسده وروحه من الأرض إلى السماء.
    والخلاصة: أن المعنى هو استكمال مدة محددة هي الأولى له في الدنيا، أو الرفع حالة النوم؛ أي: الوفاة بالمعنى الثاني، أو التوفي بمعنى القبض من الأرض والأخذ الوافي أي: أخذه كله بجسده وروحُه فيه إلى السماء سليمًا مُعافى من أي ضرر، أو الثلاثة معًا.
    وقد رُوي عن الحسن أنه قال في قوله تعالى: {إني متوفيك} يعني وفاة المنام، رفعه الله في منامه.
    وقال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: ((إن عيسى لم يمت، وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة)) أخرجه الطبراني (5747)
    ( لم أجده وقد رواه ابن أبي حاتم في التفسير 6266 وهو ضعيف من مراسيل الحسن )

    قال ابن جرير: (توفيه هو رفعه)، وقال به جمهور المفسرين.
    وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من النوم: ((الحمد الله الذي أحيانا بعد ما أماتنا)) أخرجه البخاري (6959، 6960) عن حذيفة رضي الله عنه، ومسلم (2711) عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
    قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: ((إِنَّ عِيسَى لَمْ يَمُتْ، وَإِنّهُ رَاجِعٌ إِلَيْكُمْ قَبْلَ يَوْمِ القِيامَةِ)).
    وقال صلى الله عليه وسلم: ((ولَنْ يُخْزِي الله أُمَّةً أَنَا أَوَّلُهَا وَالمَسيحُ آخِرُهَا؟!)) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (19344).

    والحقيقة الإعجازية في هذه الآية هو أن معنى الرفع لغة هو النجاة ..!
    نقول:
    «أرض نَجِيٌّ» .. أي: مرتفعة لا يبلغها الماء.
    «رُطَبٌ نَجِيٌّ» .. أي: رُطَبٌ يؤكل من فوق النخلة بارتفاعها.
    «جَبَلٌ نَجِيٌّ» .. جبل مرتفع.
    «سحاب نَجِيٌّ» .. أي: أعلى السحاب وأرفعه.
    فكانت النجاة بالرفع .. حدوثًا ولغةً .. وهذا من الإعجاز البلاغيِّ لكتاب الله في قضية عيسى ..!
    وكذلك جاء الرفع قرينًا للطُّهر .. كما في قول الله سبحانه: {مرفوعة مطهرة} [عبس: 14].
    فكان رفع عيسى نجاةً له وطهرًا من بني إسرائيل.
    وإدراك الحكمة من رفع عيسى يبدأ بتفسير حقيقة عيسى نفسه، فهو «جانب الخير» المقابل للدجال «جانب الشر»، وتحقيق «جانب الخير» في عيسى جاء باعتبار أن الشيطان لم يمسه، وباعتبار أنه لم يذنب قط.
    وبذلك اقتضى الأمر أن يُرفع عيسى ابن مريم ليكون له وجود ممتد في السماء يتقابل مع الوجود الممتد للدجال على الأرض، حتى لا ينقطع وجود عيسى .. باعتباره «جانب الخير» المقابل للدجال .. باعتباره «جانب الشر».
    وبذلك يفهم أن وجود عيسى بلا انقطاع أمام الدجال .. حكمٌ قدريٌّ ..
    وأن قتل عيسى للدجال .. حكمٌ قدريٌّ ..
    وأن رفع عيسى حيًّا هو فعل الله المحقق لهذه الأحكام القدرية.
    ولعلنا نلاحظ في الآية أن الرفع جاء قبل النجاة من الذين كفروا؛ لنفهم أن العلة الأساسية من الرفع هي بقاء عيسى حيًّا حتى ينزل في آخر الزمان، وليس مجرد أسلوب نجاة بالنسبة لعيسى، ومفردات الآية تؤكد المعنى الأساسي للرفع"

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    شرح الشيخ الامين رحمه الله تعالى للآية

    قال الشنقيطي في اضواء البيان 7-129-138" قوله تعالى سورة النساء: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء:159], أي ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك صريح في أن عيسى حي وقت نزول آية النساء هذه، وأنه لا يموت حتى يؤمن به أهل الكتاب.
    ومعلوم أنهم لا يؤمنون به إلا بعد نزوله إلى الأرض.
    فإن قيل قد ذهبت جماعة من المفسرين، من الصحابة فمن بعدهم إلى أن الضمير في قوله: {قَبْلَ مَوْتِهِ} راجع إلى الكتابي، أي إلا ليؤمنن به الكتابي قبل موت الكتابي.

    فالجواب أن يكون الضمير راجعا إلى عيسى، يجب المصير إليه، دون القول الآخر، لأنه أرجح منه من أربعة أوجه:
    الأول: أنه هو ظاهر القرآن المتبادر منه، وعليه تنسجم الضمائر بعضها مع بعض.
    والقول الآخر بخلاف ذلك.
    وإيضاح هذا أن الله تعالى قال: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النساء:157], ثم قال تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ} أي عيسى، {وَمَا صَلَبُوهُ} أي عيسى {وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} أي عيسى {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} أي عيسى {لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} أي عيسى {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} أي عيسى، {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} أي عيسى {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ} أي عيسى {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} أي عيسى {قَبْلَ مَوْتِهِ} أي عيسى {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} [النساء:1580-159], أي يكون هو، أي عيسى عليهم شهيدا.
    فهذا السياق القرآني الذي ترى، ظاهر ظهورا لا ينبغي العدول عنه، في أن الضمير في قوله: {قَبْلَ مَوْتِهِ} ، راجع إلى عيسى.

    الوجه الثاني: من مرجحات هذا القول، أنه على هذا القول الصحيح، فمفسر الضمير، ملفوظ مصرح به، في قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النساء:157].
    وأما على القول الآخر فمفسر الضمير ليس مذكورا في الآية أصلا، بل هو مقدر تقديره: ما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به قبل موته، أي موت أحد أهل الكتاب المقدر.
    ومما لا شك فيه، أن ما لا يحتاج إلى تقدير، أرجح وأولى، مما يحتاج إلى تقدير.

    الوجه الثالث: من مرجحات هذا القول الصحيح، أنه تشهد له السنة النبوية المتواترة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تواترت عنه الأحاديث بأن عيسى حي الآن، وأنه سينزل في آخر الزمان حكما مقسطا, ولا ينكر تواتر السنة بذلك إلا مكابر.
    قال ابن كثير في تفسيره، بعد أن ذكر هذا القول الصحيح ونسبه إلى جماعة من المفسرين ما نصه:
    وهذا القول هو الحق كما سنبينه بعد بالدليل القاطع إن شاء الله تعالى اهـ.
    وقوله بالدليل القاطع يعني السنة المتواترة، لأنها قطعية وهو صادق في ذلك.
    وقال ابن كثير، في تفسير آية الزخرف هذه ما نصه:
    وقد تواترت الأحاديث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا, اهـ منه.
    وهو صادق في تواتر الأحاديث بذلك.

    وأما القول بأن الضمير في قوله: {قَبْلَ مَوْتِهِ} راجع إلى الكتاب فهو خلاف ظاهر القرآن، ولم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة.
    الوجه الرابع: هو أن القول الأول الصحيح، واضح لا إشكال فيه، ولا يحتاج إلى تأويل ولا تخصيص بخلاف القول الآخر، فهو مشكل لا يكاد يصدق، إلا مع تخصيص، والتأويلات التي يروونها فيه عن ابن عباس، وغيره، ظاهرة البعد والسقوط لأنه على القول بأن الضمير في قوله: {قَبْلَ مَوْتِهِ} راجع إلى عيسى فلا إشكال ولا خفاء، ولا حاجة إلى تأويل، ولا إلى تخصيص.

    وأما على القول بأنه راجع إلى الكتابي فإنه مشكل جدا بالنسبة لكل من فاجأه الموت من أهل الكتاب، كالذي يسقط من عال إلى أسفل، والذي يقطع رأسه بالسيف وهو غافل والذي يموت في نومه ونحو ذلك، فلا يصدق هذا العموم المذكور في الآية على هذا النوع، من أهل الكتاب، إلا إذا ادعى إخراجهم منه بمخصص.

    ولا سبيل إلى تخصيص عمومات القرآن، إلا بدليل يجب الرجوع إليه من المخصصات المتصلة أو المنفصلة.
    وما يذكر عن ابن عباس من أنه سئل عن الذي يقطع رأسه من أهل الكتاب فقال إن رأسه يتكلم، بالإيمان بعيسى، وأن الذي يهوي من عال إلى أسفل يؤمن به وهو يهوي، لا يخفي بعده وسقوطه، وأنه لا دليل البتة عليه كما ترى.
    وبهذا كله تعلم، أن الضمير في قوله: {قَبْلَ مَوْتِهِ} ، راجع إلى عيسى، وأن تلك الآية من سورة النساء تبين قوله تعالى هنا: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} كما ذكرنا.


    فإن قيل: إن كثيرا ممن لا تحقيق عندهم يزعمون أن عيسى قد توفي، ويعتقدون مثل ما يعتقده، ضلال اليهود والنصارى، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران:55], وقوله: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة:117].

    فالجواب: أنه لا دلالة في إحدى الآيتين البتة على أن عيسى قد توفي فعلا.
    أما قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} فإن دلالته المزعومة على ذلك منفية من أربعة أوجه:

    الأول: أن قوله: {مُتَوَفِّيكَ} حقيقة لغوية في أخذ الشيء كاملا غير ناقص، والعرب تقول: توفي فلان دينه يتوفاه فهو متوف له إذا قبضه وحازه إليه كاملا من غير نقص.
    فمعنى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} في الوضع اللغوي أي حائزك إلي، كاملا بروحك وجسمك.
    ولكن الحقيقة العرفية خصصت التوفي المذكور بقبض الروح دون الجسم ونحو هذا مما دار بين الحقيقة اللغوية العرفية فيه لعلماء الأصول ثلاثة مذاهب.

    الأول: هو تقديم الحقيقة العرفية، وتخصيص عموم الحقيقة اللغوية بها.
    وهذا هو المقرر في أصول الشافعي وأحمد، وهو المقرر في أصول مالك إلا أنهم في الفروع ربما لم يعتمدوه في بعض المسائل.
    وإلى تقديم الحقيقة العرفية، على الحقيقة اللغوية أشار في مراقي السعودي بقوله:
    واللفظ محمول على الشرعي ... إن لم يكن فمطلق العرفي
    فاللغوي على الجلي ولم يجب ... بحث عن المجاز في الذي انتخب

    المذهب الثاني: هو تقديم الحقيقة اللغوية على العرفية بناء على أن العرفية وإن ترجحت بعرف الاستعمال، فإن اللغوية مترجحة بأصل الوضع.
    وهذا القول مذهب أبي حنيفة رحمه الله.

    المذهب الثالث: أنه لا تقدم العرفية على اللغوية، ولا اللغوية على العرفية، بل يحكم باستوائهما ومعادلة الاحتمالين فيهما، فيحكم على اللفظ بأنه مجمل، لاحتمال هذه واحتمال تلك.

    وهذا اختيار ابن السبكي، ومن وافقه، وإلى هذين المذهبين الأخيرين أشار في مراقي السعود, بقوله:
    ومذهب النعمان عكس ما مضى ... والقول بالإجمال فيه مرتضى
    وإذا علمت هذا، فاعلم أنه على المذهب الأول، الذي هو تقديم الحقيقة اللغوية، على العرفية، فإن قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} لا يدل إلا على أنه قبضه إليه بروحه وجسمه، ولا يدل على الموت أصلا، كما أن توفي الغريم لدينه لا يدل على موت دينه.
    وأما على المذهب الثاني: وهو تقديم الحقيقة العرفية على اللغوية، فإن لفظ التوفي حينئذ، يدل في الجملة على الموت.
    ولكن سترى إن شاء الله، أنه وإن دل على ذلك في الجملة، لا يدل على أن عيسى قد توفي فعلا.


    وقد ذكرنا في كتابنا: دفع إيهام الاضطراب، عن آيات الكتاب، في سورة آل عمران، وجه عدم دلالة الآية، على موت عيسى فعلا، أعني قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} فقلنا ما نصه:
    والجواب عن هذا، من ثلاثة أوجه:
    الأول: أن قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} لا يدل على تعيين الوقت، ولا يدل على كونه قد مضى.
    وأما عطفه {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ، على قوله: {مُتَوَفِّيكَ} ، فلا دليل فيه لإطباق جمهور أهل اللسان العربي، على أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع، وإنما تقتضي مطلق التشريك.
    وقد ادعى السيرافي والسهيلي، إجماع النحاة على ذلك، وعزاه الأكثر للمحققين وهو الحق خلافا لما قاله قطرب والفراء وثعلب وأبو عمرو الزاهد وهشام والشافعي من أنها تفيد الترتيب لكثرة استعمالها فيه.
    وقد أنكر السيرافي ثبوت هذا القول عن الفراء وقال لم أجده في كتابه.

    وقال ولي الدين: أنكر أصحابنا نسبة هذا القول إلى الشافعي، حكاه عنه صاحب الضياء اللامع.
    وقوله صلى الله عليه وسلم : "أبدأ بما بدأ الله به" يعني الصفا لا دليل فيه على اقتضائها الترتيب.
    وبيان ذلك هو ما قاله الفهري كما ذكره عنه صاحب الضياء اللامع.
    وهو أنها كما أنها لا تقتضي الترتيب ولا المعية، فكذلك لا تقتضي المنع منهما.
    فقد يكون العطف بها مع قصد الاهتمام بالأول كقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:158], بدليل الحديث المتقدم.

    وقد يكون المعطوف بها مرتبا كقول حسان:
    هجوت محمدا وأجبت عنه
    على رواية الواو.
    وقد يراد بها المعية كقوله: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [العنكبوت:15], وقوله: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [القيامة:9], ولكن لا تحمل على الترتيب ولا على المعية إلا بدليل منفصل.


    الوجه الثاني: أن معنى {مُتَوَفِّيكَ} أي منيمك {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ، أي في تلك النومة.
    وقد جاء في القرآن إطلاق الوفاة على النوم في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام:60]، وقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر:42]، وعزى ابن كثير هذا القول للأكثرين، واستدل بالآيتين المذكورتين.

    الوجه الثالث: أن {مُتَوَفِّيكَ} ، اسم فاعل توفاه، إذا قبضه وحازه إليه، ومنه قولهم: توفي فلان دينه إذا قبضه إليه، فيكون معنى {مُتَوَفِّيكَ} على هذا، قابضك منهم إلي حيا، وهذا القول هو اختيار ابن جرير.
    وأما الجمع بأنه توفاه ساعات أو أياما، ثم أحياه فلا معول عليه، إذ لا دليل عليه. ا ه. من دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب.

    وقد قدمنا في هذا البحث أن دلالة قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} على موت عيسى فعلا، منفية من أربعة أوجه، وقد ذكرنا منها ثلاثة، من غير تنظيم:

    أولها: أن {مُتَوَفِّيكَ} حقيقة لغوية في أخذه بروحه وجسمه.

    الثاني: أن {مُتَوَفِّيكَ} وصف محتمل للحال والاستقبال والماضي، ولا دليل في الآية على أن ذلك التوفي قد وقع ومضى، بل السنة المتواترة والقرآن دالان على خلاف ذلك، كما أوضحنا في هذا المبحث.

    الثالث: أنه توفي نوم، وقد ذكرنا الآيات الدالة على أن النوم يطلق عليه الوفاة، فكل من النوم والموت، يصدق عليه اسم التوفي، وهما مشتركان في الاستعمال العرفي.

    فهذه الأوجه الثلاثة ذكرناها كلها في الكلام الذي نقلنا من كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب.
    وذكرنا الأول منها بانفراده لنبين مذاهب الأصوليين فيه.


    أما قوله تعالى: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} ، فدلالته على أن عيسى مات، منفية من وجهين:
    الأول منهما: أن عيسى يقول ذلك يوم القيامة، ولا شك أن يموت قبل يوم القيامة، فإخباره يوم القيامة بموته، لا يدل على أنه الآن قد مات كما لا يخفي.

    والثاني منهما: أن ظاهر الآية أنه توفي رفع وقبض للروح والجسد، لا توفي موت.
    وإيضاح ذلك أن مقابلته لذلك التوفي بالديمومة فيهم في قوله: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} [المائدة:117]، تدل على ذلك لأنه لو كان توفي موت، لقال ما دمت حيا، فلما توفيتني لأن الذي يقابل بالموت هو الحياة كما في قوله: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً} [مريم:31].

    أما التوفي المقابل بالديمومة فيهم فالظاهر أنه توفي انتقال عنهم، إلى موضع آخر.
    وغاية ما في ذلك هو حمل اللفظ على حقيقته اللغوية مع قرينة صارفة عن قصد العرفية، وهذا لا إشكال فيه.

    وأما الوجه الرابع: من الأوجه المذكورة سابقا، أن الذين زعموا أن عيسى قد مات، قالوا: إنه لا سبب لذلك الموت، إلا أن اليهود قتلوه وصلبوه، فإذا تحقق نفي هذا السبب

    وقطعهم أنه لم يمت بسبب غيره، تحققنا أنه لم يمت أصلا، وذلك السبب الذي زعموه، منفي يقينا بلا شك، لأن الله جل وعلا قال: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} [النساء:157], وقال تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً, بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} .
    وضمير: {رَفَعَهُ} ظاهر في رفع الجسم والروح معا كما لا يخفي.
    وقد بين الله جل وعلا مستند اليهود في اعتقادهم أنهم قتلوه، بأن الله ألقى شبهه على إنسان آخر فصار من يراه يعتقد اعتقادا جازما أنه عيسى.


    فرآه اليهود لما أجمعوا على قتل عيسى فاعتقدوا لأجل ذلك الشبه الذي ألقي عليه اعتقادا جازما أنه عيسى فقتلوه.
    فهم يعتقدون صدقهم، في أنهم قتلوه وصلبوه، ولكن العليم اللطيف الخبير، أوحى إلى نبيه، في الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أنهم لم يقتلوه ولم يصلبوه.
    محمد صلى الله عليه وسلم والذين اتبعوه عندهم علم من الله بأمر عيسى لم يكن عند اليهود ولا النصارى كما أوضحه تعالى بقوله: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً, بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء:157-158].


    والحاصل أن القرآن العظيم على التفسير الصحيح والسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم كلاهما دال على أن عيسى حي، وأنه سينزل في آخر الزمان، وأن نزوله من علامات الساعة، وأن معتمد الذين زعموا أنهم قتلوه ومن تبعهم هو إلقاء شبهه على غيره، واعتقادهم الكاذب أن ذلك المقتول الذي شبه بعيسى هو عيسى.
    وقد عرفت دلالة الوحي على بطلان ذلك، وأن قوله: {مُتَوَفِّيكَ} على موته فعلا.
    وقد رأيت توجيه ذلك من أربعة أوجه، وأنه على المقرر في الأصول، في المذاهب الثلاثة التي ذكرنا عنهم، ولا إشكال في أنه لم يمت فعلا.
    أما على القول بتقديم الحقيقة اللغوية فالأمر واضح، لأن الآية على ذلك لا تدل على الموت.
    وأما على القول بالإجمال، فالمقرر في الأصول أن المحمل، لا يحمل على واحد من معنييه، ولا معانيه بل يطلب بيان المراد منه، بدليل منفصل.

    وقد دل الكتاب هنا والسنة المتواترة على أنه لم يمت وأنه حي.
    وأما على القول بتقديم الحقيقة العرفية على الحقيقة اللغوية، فإنه يجاب عنه من أوجه:

    الأول: أن التوفي محمول على النوم، وحمله عليه يدخل في اسم الحقيقة العرفية.

    والثاني: أنا وإن سلمنا أنه توفي موت، فالصيغة لا تدل على أنه قد وقع فعلا.

    الثالث: أن القول المذكور بتقديم العرفية، محله فيما إذا لم يوجد دليل صارف، عن إرادة العرفية اللغوية، فإن دل على ذلك دليل وجب تقديم اللغوية قولا واحدا.

    وقد قدمنا مرارا دلالة الكتاب والسنة المتواترة على إرادة اللغوية هنا دون العرفية.
    واعلم بأن القول بتقديم اللغوية على العرفية، محله فيما إذا لم تتناس اللغوية بالكلية، فإن أميتت الحقيقة اللغوية بالكلية، وجب المصير إلى العرفية إجماعا، وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:
    أجمع إن حقيقة تمات ... على التقدم له الإثبات

    فمن حلف ليأكلن من هذه النخلة، فمقتضى الحقيقة اللغوية، أنه لا يبر يمينه حتى يأكل من نفس النخلة لا من ثمرتها.
    ومقتضى الحقيقة العرفية أنه يأكل من ثمرتها لا من نفس جذعها.
    والمصير إلى العرفية هنا واجب إجماعا، لأن اللغوية في مثل هذا أميتت بالكلية.
    فلا يقصد عاقل البتة الأكل من جذع النخلة.
    أما الحقيقة اللغوية في قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} فإنها ليست من الحقيقة المماتة كما لا يخفي.
    ومن المعلوم في الأصول أن العرفية تسمى حقيقة عرفية ومجازا لغويا، وأن اللغوية تسمى عندهم حقيقة لغوية، ومجازا عرفيا..."

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وجاء في تفسير الشعراوي 477 " إذن، " فمتوفيك " تعني مرة تمام الشيء، " كاستيفاء المال " وتعني مرة " النوم ". وحين يقول الحق: " إِنِّي مُتَوَفِّيكَ " ماذا يعني ذلك؟ إنه سبحانه يريد أن يقول: أريدك تماما، أي أن خلقي لا يقدرون على هدم بنيتك، إني طالبك إلى تاما، لأنك في الأرض عرضة لأغيار البشر من البشر، لكني سآتي بك في مكان تكون خالصا لي وحدى، لقد أخذتك من البشر تامّاً، ومعنى " تاما " ، أي أن الروح في جسدك بكل مواصفاته، فالذين يقدرون عليه من هدم المادة لم يتمكنوا منه.

    إذن، فقول الحق: " وَرَافِعُكَ إِلَيَّ " هذا القول الحكيم يأتي مستقيما مع قول الحق: " مُتَوَفِّيكَ ". وقد يقول قائل: لماذا نأخذ الوفاة بهذا المعنى؟ نقول: إن الحق بجلال قدرته كان قادرا على أن يقول: إني رافعك إليّ ثم أتوفاك بعد ذلك. ونقول أيضا: من الذي قال: إن " الواو " تقتضي الترتيب في الحدث؟ ألم يقل الحق سبحانه:{ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ }[القمر: 16].
    هل جاء العذاب قبل النذر أو بعدها؟ إن العذاب إنما يكون من بعد النذر. إن " الواو " تفيد الجمع للحدثين فقط. ألم يقل الله في كتابه أيضا:{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىا وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً }[الأحزاب: 7].

    إن " الواو " لا تقتضي ترتيب الأحداث، فعلى فرض أنك قد أخذت " مُتَوَفِّيكَ " أي " مميتك " ، فمن الذي قال: إن " الواو " تقتضي الترتيب في الحدث؟ بمعنى أن الحق يتوفى عيسى ثم يرفعه. فإذا قال قائل: ولماذا جاءت " مُتَوَفِّيكَ " أولا؟ نرد على ذلك: لأن البعض قد يظن أن الرفع تبرئة من الموت ولكن عيسى سيموت قطعا، فالموت ضربة لازب. ومسألة يمر بها كل البشر. هذا الكلام من ناحية النص القرآني. فإذا ما ذهبنا إلى الحديث وجدنا أن الله فوّض رسوله صلى الله عليه وسلم ليشرح ويبين، ألم يقل الحق:{ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }[النحل:44].
    فالحديث كما رواه البخاري ومسلم: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم)؟.
    إي أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا أن ابن مريم سينزل مرة أخرى. ولنقف الآن وقفة عقلية لنواجه العقلانيين الذين يحاولون إشاعة التعب في الدنيا فنقول: يا عقلانيون أقبلتم في بداية عيسى أن يوجد من غير أب على غير طريقة الخلق في الإيجاد والميلاد؟ سيقولون نعم. هنا نقول: إذا كنتم قد قبلتم بداية مولده بشيء عجيب خارق للنواميس فكيف تقفون في نهاية حياته إن كانت خارقة للنواميس؟. إن الذي جعلكم تقبلون العجيبة الأولى يمهد لكم أن تقبلوا العجيبة الثانية. "


    وجاء في محاسن التأويل : 4 / 851 : ( إني متوفيك ) ، أي مستوف مدة إقامتك بين قومك ، والتوفي كما يطلق على الاماتة كذلك يطلق على استيفاء الشىء - كما في كتب اللغة - ولو ادعى أن التوفي حقيقة في الأول ، والاصل في الاطلاق الحقيقة ، فنقول : لا مانع من تشبيه سلب تصرفه عليه السلام بأتباعه وانتهاء مدته المقدرة بينهم بسلب الحياة ، وهذا الوجه ظاهر جداً وقد دلت القرآئن من الاحاديث الصحيحة على ذلك .
    وقد جزم القرآن الكريم بأن عيسى عليه السلام لم يقتل كما زعم النصارى ، بل رفعه الله تعالى إليه ، قال تعالى : ((... وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ، بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيهِ ...)). وأمَّا الآية التي في سورة مريم فهي قوله تعالى : (( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَومَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا )) لا تدل على وفاته، بل الآية ذكرت ثلاثة أيام يوم ولادته ويوم وفاته ، ويوم يبعث يوم القيامة. فمر منها يوم وبقي يومان ، هما يوم وفاته بعد نزوله إلى الأرض ، ويوم يبعث بعد الوفاة، والقول الصحيح أن عيسى عليه السلام رفع إلى السماء حيّاً وسينزل حياً إلى الأرض."


    قال الزمخشري في الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل1- 393-394 " قوله " إني متوفيك " أي مستوفي أجلك
    معناه إني عاصمك من ان يقتلك الكفار ومؤخرك إلى اجل كتبته لك ومميتك حتف انفك لا قتيلا بأيديهم
    " ورافعك إلي "إلى سمائي ومقر ملائكتي
    " ومطهرك من الذين كفروا " من سوء جوارهم وخبث صحبتهم
    وقيل متوفيك قابضك من الأرض من توفيت مالي على فلان اذا استوفيته وقيل مميتك في وقتك بعد النزول من السماء ورافعك الآن وقيل متوفي نفسك بالنوم من قوله
    " والتي لم تمت في منامها " الزمر 42
    ورافعك وأنت نائم حتى لا يلحقك خوف وتستيقظ وانت في السماء آمن مقرب "



    قول شيخ الاسلام في المسألة

    وسئل شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى 4-322-323:
    عن رجلين تنازعا في أمر نبي الله " عيسى ابن مريم " - عليه السلام - فقال أحدهما : إن عيسى ابن مريم توفاه الله ثم رفعه إليه ؛ وقال الآخر : بل رفعه إليه حيا . فما الصواب في ذلك . وهل رفعه بجسده أو روحه أم لا ؟ وما الدليل على هذا وهذا ؟ وما تفسير قوله تعالى { إني متوفيك ورافعك إلي } ؟


    فأجاب :
    الحمد لله ، عيسى عليه السلام حي وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا وإماما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية } " وثبت في الصحيح عنه " { أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق وأنه يقتل الدجال } " . ومن فارقت روحه جسده لم ينزل جسده من السماء وإذا أحيي فإنه يقوم من قبره . وأما قوله تعالى { إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا } فهذا دليل على أنه لم يعن بذلك الموت ؛ إذ لو أراد بذلك الموت لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين ؛ فإن الله يقبض أرواحهم ويعرج بها إلى السماء فعلم أن ليس في ذلك خاصية . وكذلك قوله : { ومطهرك من الذين كفروا } ولو كان قد فارقت روحه جسده لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء أو غيره من الأنبياء . وقد قال تعالى في الآية الأخرى : { وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه } فقوله هنا : { بل رفعه الله إليه } يبين أنه رفع بدنه وروحه كما ثبت في الصحيح أنه ينزل بدنه وروحه ؛ إذ لو أريد موته لقال : وما قتلوه وما صلبوه ؛ بل مات . فقوله : { بل رفعه الله إليه } يبين أنه رفع بدنه وروحه كما ثبت في الصحيح أنه ينزل بدنه وروحه

    ولهذا قال من قال من العلماء : { إني متوفيك } أي قابضك أي قابض روحك وبدنك يقال : توفيت الحساب واستوفيته ولفظ التوفي لا يقتضي نفسه توفي الروح دون البدن ولا توفيهما جميعا إلا بقرينة منفصلة . وقد يراد به توفي النوم كقوله تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها } وقوله : { وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار } وقوله : { حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا } .. "

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ذكر الراجح في ذلك..

    والراجح ان عيسى عليه السلام قد توفي وفاة موت على الصحيح وانه سينزل كما صحت بذلك الاخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم

    ومن الادلة على ذلك

    قوله: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} [المائدة:117]، تدل على ذلك لأنه لو كان توفي نوم، لما قال "ما دمت حيا" وقوله "فلما توفيتني" لأن الذي يقابلها بالموت هو الحياة كما في قوله: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً} [مريم:31].
    الحياة عكس الوفاة والموت فالظاهر أنه توفي وانتقل الى حيث رفعه الله الى السماء جسدا و روحا

    ومن الادلة على نزوله قوله تعالى { وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } (النساء : 159)
    وقد مر كلام الشنقيطي رحمه الله

    وقوله { يكلم الناس في المهد وكهلاً } ( آل عمران : 46)


    لا تعارض ..

    ولا يشكل انه قد يجمع عليه اكثر من موتة لأن الله قد خرق لعيسى اكثر من ذلك فلا اشكال وذكر الله في محكم تنزيله نظائر لمن توفي اكثر من مرة

    قال الله "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ" البقرة (243)

    وقال الله {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(259)}

    فقوله "فأماته الله" على ظاهرها بدليل "ثم بعثه " وبدليل رفع العظام وكسوها لحما بعد ان لم تكن كذلك ولا يقال لمن توفاه الله أنامه


    التوفي هو الظاهر من الايات الا ما قرن منه بقرينة صارفة

    قوله"وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67)" غافر
    وقوله{ حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا }

    وقوله { الله يتوفى الأنفس حين موتها }

    { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }
    [ السجدة : 11 ]
    وقوله سبحانه :{ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ }
    [ الأنفال : 50 ]



    اما ما قرن بقرينة صارفة الى النوم
    مثل
    "وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا"
    وقد سُميت ميتة ولكنها دون الاولى لقوله " فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى"

    وقوله { وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار }
    هذا في النوم
    وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من النوم: ((الحمد الله الذي أحيانا بعد ما أماتنا))

    ______________


    وقوله "إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون } آل عمران 52 - 55 .

    الفرق في هذه الاية مع غيرها القرينة الدالة على وفاة عيسى عليه السلام مع رفعه الى السماء
    وجاء الرفع في الايات التالية " بهذا المعنى ، { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ ويذكر فيها اسمه }
    فظاهر ان الرفع لاسم الله وذكره
    { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ }
    هذا في الذكر المعنوي والحسي والاخروي والدنيوي
    كقوله تعالى{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } وقوله { يَرْفَعِ الله الذين آمَنُواْ والذين اتوا العلم درجات}

    وقال في ادريس { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً }

    قال ابن كثير " في الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به في ليلة الإسراء وهو في السماء الرابعة.
    وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال: إدريس رفع ولم يمت، كما رفع عيسى.
    وقال سفيان، عن منصور، عن مجاهد: { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال: رفع إلى السماء الرابعة.
    وقال العوفي عن ابن عباس: { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال: رفع إلى السماء السادسة فمات بها. ( العوفي ضعيف)
    وهكذا قال الضحاك بن مُزَاحم.
    وقال الحسن، وغيره، في قوله: { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال: الجنة."

    فالقول في ادريس عليه السلام ان ذلك رفع القدر والمنزلة وقد دل السياق على ذلك خلافا لسياق الاية التي في آل عمران فإن فيها " متوفيك ورافعك اليّ ومطهرك من الذين كفروا " فسياقها ظاهر بالرفع الجسدي والروحي خلافا للاية التي ذكر فيها ادريس عليه السلام " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا " فرفع المكانة والاصطفاء ظاهر من سياق الايات وقد قال الله " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ"

    "وعلى أنه ينبغي أن يقرر هنا أن الله تعالى كما أكرم رسله برفع أرواحهم إلى السماء فهي تنعم على ما شاء الله فإنه حفظ أجسادهم في الأرض ، وحرم على الأرض أن تأكل أجسادهم على ما ثبت ذلك من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي » . فقالوا : يا رسول الله . وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ قال : يقول : بليت . قال : « إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء » رواه أحمد في المسند : 4 / 8 وأبو داود في السنن 1 / 443 برقم (1047) والدارمي في السنن 1 / 307 برقم (1580) ، وقال الإمام النووي إسناده صحيح ." اصول الايمان في ضوء الكتاب والسنة 262

    "والحق أن الأنبياء ماتوا إلا ما وردت به النصوص في حق عيسى عليه السلام وما اختلف فيه من أمر إدريس عليه السلام . وأما من عداهما فقد دلت النصوص على موتهم قطعا ولا شك في ذلك وأما ما جاء في الأحاديث من إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن رؤية الرسل ليلة المعراج وما جاء في معناه من النصوص الأخرى فحق ولا تعارض بين النصوص في ذلك . وذلك أن الذي رآه الرسول صلى الله عليه وسلم هي أرواح الرسل مصورة في صور أبدانهم ، وأما أجسادهم فهي في الأرض إلا من جاءت النصوص برفعهم ، وهذا هو الذي عليه الأئمة المحققون من أهل السنة .

    قال أحد الأئمة الراسخين في تحقيق هذه المسألة : (وأما رؤيته غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء لما رأى آدم في السماء الدنيا ، ورأى يحيى وعيسى في السماء الثانية ، ويوسف في الثالثة وإدريس في الرابعة ، وهارون في الخامسة ، وموسى في السادسة ، وإبراهيم في السابعة ، أو بالعكس ، فهذا رأي أرواحهم مصورة في صور أبدانهم . قد قال بعض الناس : لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور ، وهذا ليس بشيء . لكن عيسى صعد إلى السماء بروحه وجسده ، وكذلك قيل في إدريس . وأما إبراهيم وموسى ، وغيرهما فهم مدفونون في الأرض) ." المصدر السابق


    وقال الله { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب
    ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شىء شهيد
    } المائدة 116 ، 117

    ومن قال ان عيسى حي ، فكيف يُجمع بين هذا القول وبين قوله تعالى : { يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي } ( آل عمران 55 ) ؟

    وان كانت هي حياة النائم قيل هذا تخصيص للموت الظاهر بلا مخصص وحمل آية على اخرى لعلة طارئة ولا وجود لها


    وقوله"وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شىء شهيد " المائدة 116 ، 117

    وان قيل ان الوفاة وفاة نوم
    قيل النوم اخو الوفاة ولذلك نفاها الله عن نفسه " الله لا اله الا هو الحي القيوم " فأتبعها ب " لا تأخذه سنة ولا نوم "
    فان قيل انها وفاة نوم فما الذي صرف اللفظ الحقيقي الى معنى مغاير مع وضوح السياق في ذلك والاصل ان الالفاظ تحمل على الحقيقة ما لم يصرفها صارف؟
    وقد قال {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً} [مريم:31].


    وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى : مسألة : عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم - حي رفعه الله تعالى إليه بروحه وبدنه ، وقوله تعالى : { إني متوفيك } أي قابضك ، وكذلك ثبت أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيقتل الدجال ، ويكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية حكما عدلا مقسطا ، ويراد بالتوفي الاستيفاء ، ويراد به الموت ، ويراد به النوم ، ويدل كل واحد القرينة التي معه "
    مختصر الفتاوي المصرية لابن تيمية 200


    واليقين الذي لا شك فيه أن الله قال: { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } [النساء:157]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده! ليوشكن ابن مريم أن ينزل فيكم حكماً مقسطاً، فيقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويكسر الصليب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد).



    ممن رجح هذا القول ..

    قال الزمخشري في الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل1- 393-394 " قوله " إني متوفيك " أي مستوفي أجلك
    معناه إني عاصمك من ان يقتلك الكفار ومؤخرك إلى اجل كتبته لك ومميتك حتف انفك لا قتيلا بأيديهم
    " ورافعك إلي "إلى سمائي ومقر ملائكتي"



    قال ابن حزم في المحلى " 41 مسألة وأن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب ولكن توفاه الله وجل ثم رفعه إليه
    وقال عز وجل { وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا }
    وقال تعالى { إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون }
    وقال تعالى عنه أنه قال { وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد }
    وقال تعالى { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون }
    فالوفاة قسمان نوم وموت فقط ولم يرد عيسى عليه السلام بقوله فلما توفيتني وفاة النوم فصح أنه إنما عنى وفاة الموت
    ومن قال إنه عليه السلام قتل أو صلب فهو كافر مرتد حلال دمه وماله لتكذيبه القرآن وخلافه الإجماع"1-23


    قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري 10-250" وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَوْت عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَبْل رَفْعه ، وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى : ( إِنِّي مُتَوَفِّيك وَرَافِعك ) فَقِيلَ عَلَى ظَاهِره ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا نَزَلَ إِلَى الْأَرْض وَمَضَتْ الْمُدَّة الْمُقَدَّرَة لَهُ يَمُوت ثَانِيًا . وَقِيلَ : مَعْنَى قَوْله : ( مُتَوَفِّيك ) مِنْ الْأَرْض ، فَعَلَى هَذَا لَا يَمُوت إِلَّا فِي آخِر الزَّمَان . وَاخْتُلِفَ فِي عُمُره حِين رُفِعَ فَقِيلَ اِبْن ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَقِيلَ مِائَة وَعِشْرِينَ ."

    والاصل في ذلك الاية والاصل في هذه الالفاظ الحقيقة ما لم تصرفها قرينة وحمل سياق الاية على غيرها وترجيحها بلا مرجح او لوجود ما يلزم تأويله هذا ان وجد والا فالاصل حقيقة اللفظ والمعنى

    قال شيخ الاسلام في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 4-38" ولفظ التوفي في لغة العرب معناه الاستيفاء والقبض وذلك ثلاثة أنواع أحدها توفي النوم والثاني توفي الموت والثالث توفي الروح والبدن جميعا فإنه بذلك خرج عن حال أهل الأرض الذين يحتاجون إلى الأكل والشرب واللباس ويخرج منهم الغائط والبول والمسيح عليه السلام توفاه الله وهو في السماء الثانية إلى أن ينزل إلى الأرض ليست حاله كحالة أهل الأرض في الأكل والشرب واللباس والنوم والغائط والبول ونحو ذلك "



    وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير 3-107-109" وقوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} ظاهر معناه: إني مميتك، هذا هو معنى هذا الفعل في مواقع استعماله لأن أصل فعل توفى الشيء أنه قبضه تاما واستوفاه. فيقال: توفاه الله أي قدر موته، ويقال: توفاه ملك الموت أي أنفذ إرادة الله بموته، ويطلق التوفي على النوم مجازا بعلاقة المشابهة في نحو قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} [الأنعام: 60] وقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} [الزمر: 42]. أي وأما التي تمت الموت المعروف فيميتها في منامها موتا شبيها بالموت التام كقوله: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ثم قال حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} فالكل إماتة في التحقيق، وإنما فصل بينهما العرف والاستعمال، ولذلك فرع بالبيان بقوله: "فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى، فالكلام منتظم غاية الانتظام، وقد اشتبه نظمه على بعض الأفهام. وأصرح من هذه الآية آية المائدة فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم لأنه دل على أنه قد توفى الوفاة المعروفة التي تحول بين المرء وبين علم ما يقع في الأرض، وحملها على النوم بالنسبة لعيسى لا معنى له؛ لأنه إذا أراد رفعه لم يلزم أن ينام؛ ولأن النوم حينئذ وسيلة للرفع فلا ينبغي الاهتمام بذكره وترك ذكر المقصد، فالقول بأنها بمعنى الرفع عن هذا العالم إيجاد معنى جديد للوفاة في اللغة بدون حجة ولذلك قال ابن عباس، ووهب بن منبه: إنها وفاة موت وهو ظاهر قول مالك في جامع العتبية قال مالك: مات عيسى وهو ابن إحدى وثلاثين سنة قال ابن رشد في البيان والتحصيل يحتمل أن قوله: مات وهو ابن ثلاث وثلاثين على الحقيقة لا على المجاز..."


    وفي المفصل في شرح حديث من بدل دينه فاقتلوه لعلي بن نايف الشحود 2-470"وإذا كان القول بالرفع المادى هو المقبول لأن به نجاة عيسى عليه السلام من أعدائه فعلا روحا وجسدا لزم عليه أن يسبق هذا الرفع المادى موته حيقيقة أو حكما بالنوم، لأن فى رفعه حيا بحياته العادية فى الدنيا تعذيبا له لما علم الآن بالتجربة العلمية من أن الإنسان كلما صعد فى الجو إلى أعلى ضاق صدره لقلة الاكسوجين فى الهواء كما يقول العلماء التجريبيون الآن .
    ولعل الآية الكريمة فى سورة الأنعام تشير إلى صدق هذه التجربة العلمية ( يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء) من الآية رقم 125 .
    فجماع ما تقدم يشير إلى أن الله سبحانه وتعالى رفع عيسى عليه السلام وأنجاه من القتل والصلب، يعنى أنه توفاه وأماته إما حقيقة أو حكما بالنوم ليعفيه ويجنبه بهذه التوفية أقسى العذاب الذى يتعرض له الجسد الإنسانى الحى لو صعد بحالته العادية فى الدنيا إلى السماء، أو أنه رفع حيا وما زال كذلك حياة لا تدرى طبيعتها" -جاد الحق على جاد الحق- .

    قلت قد يشكل عليه احاديث المعراج ولذا لا اشكال في كشف هذا لمن اراد الله من عباده وعليه ولا حاجة لنا في الكلام على سبب الاماتة قبل الرفع
    التعديل الأخير تم 11-06-2009 الساعة 11:06 PM

  6. #6

    افتراضي

    جزاك الله خير الجزاء على الموضوع المميز
    والذي جاء في وقته فعلا
    بارك الله فيك اخي الكريم
    كم سنحتاج موضوعك لاثبات كذب الكذابين والمدلسين

    تحياتي للموحدين
    أعظَم مَن عُرِف عنه إنكار الصانع هو " فِرعون " ، ومع ذلك فإن ذلك الإنكار ليس حقيقيا ، فإن الله عزّ وَجَلّ قال عن آل فرعون :(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)
    وبُرهان ذلك أن فِرعون لَمّا أحسّ بالغَرَق أظْهَر مكنون نفسه ومخبوء فؤاده على لسانه ، فقال الله عزّ وَجَلّ عن فرعون : (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    شكر الله لكم وبارك فيكم
    ونسأل الله السداد

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    2,155
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    هل أنتَ كاتبه؟؟

    جُزِيت خيرًا..
    شفاك الله وعافاك يــا أخي، نسألكم الدعاء لأحد إخواننا في المنتدى بالشفاء


  9. #9

    افتراضي

    انا تابعت موضوع توفي عيسى عليه السلام في اكثر من موضوع في الموقع

    ولاحظت انه في خلاف بين رجال الدين والمفسرين حول معنى الوفاة

    لذلك عندي سؤال ارجو من اصحاب العلم الاجابة عليه بشكل واضح وتفصيلي

    لو امنت ان عيسى عليه السلام مات او لم يمت لما رفعه الله هل راح يؤثر هالايمان على ديني ؟ شو الفرق !!!

    ولو آمنت بان عيسى عليه السلام مات فشو خطورة هاد على اسلامي وديني ؟

    شكرا لتفاعلكم مع سؤالاتي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة brahim مشاهدة المشاركة
    هل أنتَ كاتبه؟؟

    جُزِيت خيرًا..
    حفظك الله اخي , نعم أنا كاتبه وناقله
    بوركت

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sami مشاهدة المشاركة
    انا تابعت موضوع توفي عيسى عليه السلام في اكثر من موضوع في الموقع

    ولاحظت انه في خلاف بين رجال الدين والمفسرين حول معنى الوفاة

    لذلك عندي سؤال ارجو من اصحاب العلم الاجابة عليه بشكل واضح وتفصيلي

    لو امنت ان عيسى عليه السلام مات او لم يمت لما رفعه الله هل راح يؤثر هالايمان على ديني ؟ شو الفرق !!!

    ولو آمنت بان عيسى عليه السلام مات فشو خطورة هاد على اسلامي وديني ؟

    شكرا لتفاعلكم مع سؤالاتي

    الزميل سامي ,,,
    القضية عند اهل الديانة مرجعها الى النصوص الشرعية من القرآن وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وما فهمه تلاميذه فهم أهل لسان وادرى بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وقد يحتاج في بعض الاحايين الى تفصيل في ذلك
    وفمن القرآن قد اخبرنا ربنا جل في علاه " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " النساء(59)

    فأخبرنا ان المرد الى الله وهو كتابه القرآن والى الرسول صلى الله عليه وسلم وهي أقواله وافعاله وما اقره وهي السنة
    وبطاعة اولي الامر الذين طاعتهم منوطة بالكتاب والسنة
    وان حصل النزاع بين المكلفين ان كانوا اهلا للاجتهاد نظروا في الكتاب والسنة ففيه الفيّصل
    اما ان لم يكونوا اهلا للاجتهاد عملوا بقوله " فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" الانبياء 7
    وسموا بأهل ذكر للغالب على حالهم من ذكر الله اما آثارا او ذاكرا او معلما ..الخ
    فيتخير الانسان اعلمهم وادينهم واقربهم الى الكتاب والسنة

    فاذا علمت هذا جاء قولك
    لو امنت ان عيسى عليه السلام مات او لم يمت لما رفعه الله هل راح يؤثر هالايمان على ديني ؟ شو الفرق !!!
    فان نظرت في القران والسنة ظفرت بالجواب بعد التقصي والاستجواب , ان من ظهرت له الاية فلا يجوز له العدول عنها وهذا في حال ان كانت بينة والا فيه بحاجة الى تجليه كما سبق
    فالحاصل ان من يقول ان عيسى مات فهو لا يتوقف عند هذا بل يقول ورفعه الله جسدا وروحا وسينزل في اخر الزمان وهو حق لما دلت عليه النصوص والنبؤات التي ظهرت من نبي الامة صلى الله عليه وسلم

    اما من قال انه مات ومن ثم يتعسف بلي اعناق النصوص وهذا آفة من يقرأ من عقله ولا يقرأ ما يقرأ

    فالذي يؤثر انه يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض , ويؤمن بمحكمه ويهلك عند متشابه المأمور بأن يدرس ما اشكل عليه ويستفسر شأن اي فن يجهله الانسان
    هذا باختصار بعيدا عن التكرار فارجوا ان الامر قد جُلّي ,,

  12. #12

    افتراضي

    شكرا لك خيا ماكولا على جوابك لاني كنت منتظره على احر من الجمر

    احنا مصدقين بان عيسى عليه السلام سينزله الله في المستقبل لدرجة اننا في الشام

    بنعرف الميذنة الي راح ينزل عليها ومسلمنا كبيرنا وصغيرنا يؤمن فيه

    انا كان بس سؤالي عن موضوع موته لما رفعه الله وهل هو الان حي ام ميت ؟

    وخليني احدد سؤالي بشكل اكثر - هل لو قلت ان عيسى عليه السلام مات او لم يمت
    فهل احد هالقولين فيه تماشي مع قول المسيحية في عيسى عليه السلام؟
    هذا الي كنت اقصده من الخطر على ديني واسلامي

    وبانتظار ردكم الكريم

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sami مشاهدة المشاركة
    شكرا لك خيا ماكولا على جوابك لاني كنت منتظره على احر من الجمر

    احنا مصدقين بان عيسى عليه السلام سينزله الله في المستقبل لدرجة اننا في الشام

    بنعرف الميذنة الي راح ينزل عليها ومسلمنا كبيرنا وصغيرنا يؤمن فيه

    انا كان بس سؤالي عن موضوع موته لما رفعه الله وهل هو الان حي ام ميت ؟

    وخليني احدد سؤالي بشكل اكثر - هل لو قلت ان عيسى عليه السلام مات او لم يمت
    فهل احد هالقولين فيه تماشي مع قول المسيحية في عيسى عليه السلام؟
    هذا الي كنت اقصده من الخطر على ديني واسلامي

    وبانتظار ردكم الكريم
    الزميل سامي
    احسنت بما حددته من سؤالك خشية ان لا يتفرع الجواب
    عيسى عليه السلام كما مر سابقا قد توفاه الله وفاة موت ورفعه اليه الى السماء ومن ثم سينزل اخر الزمان

    فاذا تقرر لدينا هذا فلا يتماشي مع قول النصارى وذلك
    ان النصارى يقولون ان عيسى قد صلب وقتل ثم مات ودفن في الارض
    والمسلمون لا يقولون انه قتل ولا صلب ولا دفن بل توفاه الله ورفعه جسدا وروحا قال الله " إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " ال عمران(55)

    وقد نجاه الله من القتل والصلب فقال " وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا " النساء 157-158

    فأخبر الله انه رفعه ونجاه من القتل والصلب خلافا للنصارى , وعليه من قال من اهل الديانة ان عيسى عليه السلام توفاه الله وفاة نوم او قبض من الارض كلهم مجمعون انه رفعه ونجاه جسدا وروحا وانه سينزل في اخر الزمان حاكما بالشريعة المحمدية شريعة خاتم المرسلين

    وذكر الالوسي 3-63-64 وما بعدها عما جاء في قصة الصلب باختصار
    قال آخر : دعوه حتى نرى من يخلصه فصرخ يسوع وأمال رأسه وأسلم الروح وانشق حجاب الهيكل وانشقت الصخور وتفتحت القبور وقام كثير من القديسين من قبورهم ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا للناس ولما كان المساء جاء رجل من ألزامه يسمى يوسف بلفائف نقية وتركه في قبر كان قد نحته في صخرة ثم جعل على باب القبر حجراً عظيماً وجاء مشايخ اليهود من الغد الذي بعد الجمعة إلى فيلاطس القائد فقالوا : يا سيدي ذكرنا أن ذاك الضال كان قد ذكر لتلاميذه أنا أقوم بعد ثلاثة أيام فلو أمرت من يحرس القبر حتى تمضي المدة كي لا تأتي تلاميذه ويسرقوه ثم يشيعون في الشعب أنه قام فتكون الضلالة الثانية شراً من الأولى فقال لهم القائد : اذهبوا وسدوا عليه واحرسوه كما تريدون فمضوا وفعلوا ما أرادوا ، وفي عشية يوم السبت جاءت مريم المجدلانية ومريم رفيقتها لينظرن إلى القبر .

    وفي «إنجيل مرقص» إنما جاءت مريم يوم الأحد بغلس وإذا ملك قد نزل من السماء برجة عظيمة فألقى الحجر عن القبر وجلس عنده وعليه ثياب بيض كالبرق فكاد الحرس أن يموتوا من هيبته ثم قال للنسوة : لا تخافا قد علمت أنكما جئتما تطلبان يسوع المصلوب ليس هو ههنا إنه قد قام تعالين انظرن إلى المكان الذي كان فيه الرب واذهبا وقولا لتلاميذه إنه سبقكم إلى الخليل فمضتا وأخبرتا التلاميذ ودخل الحراس وأخبروا رؤساء الكهنة الخبر/ فقالوا : لا تنطقوا بهذا ورشوهم بفضة على كتمان القضية فقبلوا ذلك منهم وأشاعوا أن التلاميذ جاءوا وسرقوه ومهدت المشايخ عذرهم عند القائد ومضت الأحد عشر تلميذاً إلى الخليل وقد شك بعضهم ، وجاء لهم يسوع وكلمهم وقال لهم : اذهبوا فعمدوا كل الأمم وعلموهم ما أوصيكم به ، وهو ذا أنا معكم إلى انقضاء الدهر انتهى ."

    هذا ما عندي..

  14. #14

    افتراضي

    شكرا لك خيا ماكولا

    وان شاالله نستفيد منكم ومن علمكم

  15. #15

    افتراضي

    قال الإمام ابن تيمية رداً على من ادعى موته ( فهذا دليل على أنه لم يعن بذلك الموت ‏إذ لو أراد بذلك الموت، لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين، فإن الله يقبض أرواحهم ‏ويعرج بها إلى السماء، فعلم أن ليس في ذلك خاصية، وكذلك قوله: (ومطهرك من الذين ‏كفروا) ولو كانت قد فارقت روحه جسده، لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء، أو ‏غيره من الأنبياء.
    وقد قال الله تعالى في الآية الأخرى (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين ‏اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله ‏إليه) يبين أنه رفع بدنه وروحه، كما ثبت في الصحيح أنه ينزل ببدنه وروحه، إذا لو أريد ‏موته لقال: وما قتلوه وما صلبوه بل مات .

    تحياتي للموحدين
    أعظَم مَن عُرِف عنه إنكار الصانع هو " فِرعون " ، ومع ذلك فإن ذلك الإنكار ليس حقيقيا ، فإن الله عزّ وَجَلّ قال عن آل فرعون :(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)
    وبُرهان ذلك أن فِرعون لَمّا أحسّ بالغَرَق أظْهَر مكنون نفسه ومخبوء فؤاده على لسانه ، فقال الله عزّ وَجَلّ عن فرعون : (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَ}
    بواسطة عبد الرحمن العربى في المنتدى قسم الحوار عن القاديانية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-09-2011, 11:42 PM
  2. "يَمْحَقُ اللهُ الْرِّبَا" -لا تنقضي عجائبه!!
    بواسطة islamistheway في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 31
    آخر مشاركة: 08-24-2008, 04:53 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء