تساؤل طالما يطرح
هل جميع اليهود و المسيحيين وغيرهم من الأديان ، يعرفون حقيقة نبوة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ولكن جميعهم مكابرون وغرتهم الحياة الدنيا ؟! هذا كلام غير " مقبول " باعتبار أن الإنسان يبحث عن الخير لنفسه .
والجواب أن :
الإنسان قد يفعل ما يعود بالضرر عليه مع علمه أن هذا الذى يفعله ليس فى صالحه لأنه يفضل اللذة العاجلة مثل الطالب الذى لا يعتنى بدراسته ويفضل اللهو واللعب مع علمه أن هذا سيفضى به إلى الرسوب فى الامتحان ، أو مريض القلب أو الرئتين الذى يدخن رغم تحذير الأطباء له وعلمه أن التدخين قاتله بل وربما يكون هو نفسه طبيب .
قال تعالى : " إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا "
والهوى نوعان هوى الديانات وهوى الشهوات
والانسان لابد أن يبحث عن الحق ويلزمه أينما وجده
لكن هؤلاء أرادوا أن يكون الحق تابع لأهوائهم أو لآرائهم وبالتالى " حسبوا " أو ظنوا ، ولا أقول تيقنوا ، أن أهواءهم أو آراءهم هى عينها الحق أو لا يعارضها
قال تعالى : إن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن ربهم الهدى أم للإنسان ما تمنى فلله الآخرة والأولى .

يعنى الواحد منهم يريد أن يكون الحق فيما هو عليه ولا ينظر هل هو فعلا على الحق أم لا

قال تعالى " ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض "
فالإنسان لابد أن يكون فى بحثه عن الحق متجرد من الهوى والتحيز لآراء مسبقة لأن هذا يعميه عن أن يبصر الحق راجع مفهوم Cognitive bias وخاصة Confirmation bias .
(1)
وهؤلاء لم يكونوا كذلك
وهذا مما يذم عليه الإنسان ويؤآخذ به لأنه نوع من اتباع الأهواء
هذا فضلا عمن تبين لهم الحق ويقولون بخلافه وقد حدثنا الله فى كتابه عن طائفة من أهل الكتاب يكتمون الحق وهم يعلمون رغبة فى الجاه والسلطان أو حقدا وحسدا كما فعل أحبار اليهود .
وهذا أيضا يكون نابعا من الشك فى اليوم الآخر كما هو حال المنافقين فنحن لا نقول بأن هناك يقين أو إيمان خارج إطار الإسلام بل مجرد ظنون وأمانى فالإسلام واحة من اليقين فى صحراء من الشك .
لذا قال تعالى : قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
والشك ناقض للإيمان وهو كفر بالله
وقال : بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم فى أمر مريج . الآية

وكثير منهم أيضا يكون فى غفلة تجده يكاد يسمع بالإسلام وتكون لديه ، نتيجة الدعايا المغرضة و الشبهات التى تثار حوله ، صورة مشوهة عن الإسلام قد رضى بها ولم يعرض الإسلام على عقله ولم يستقصى الأمر ولم يتفحص فيجحد نبوة محمد عليه الصلاة والسلام بالظن .وهذا هو حال من لايؤمن به من الكفرة سوى من يعلم الحق ويكتمه كما تقدم
قال تعالى : ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أمانى وإن هم إلا يظنون .
فالكفار صنفان صنف يحجد نبوته بالظن فهو ليس على يقين من أمره وصنف يعلم صدق نبوته ويجحدها .
وجحد النبوة يكون إما اتباعا لهوى الشهوات أو هوى الديانات
لكن الكافر قد تكون لديه الحمية لدينه أو لرأيه ومذهبه وهى التعصب الأعمى كما حكى المولى عز وجل عن المشركين : " إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين " ولكن ليست نابعة من يقين فأى يقين هذا فى اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ؟!



--------------------
(1) In psychology, cognitive bias is bias based on factors related to the brain as an information processor. One type of cognitive bias is confirmation bias, the tendency to interpret new information in such a way that confirms one's prior beliefs, even to the extreme of denial, ignoring information that conflicts with one's prior beliefs.