بسم الله
المبحث الأول : الأدلة من الكتاب والسنة
هناك من الأدلة في كتاب الله العزيز ، وفي سنة المصطفى محمد ، وفي كتاب أهل الكتاب ما يكفي بل ويزيد على أن يثق المرء ويطمئن قلبه ، ويعترف لسانه بأن هذا النبي الأمي محمد ، رسول من عند الله لم يدّعِ النبوة ، ولم يفترِها من تلقاء نفسه ، وإنما أرسله الله سبحانه وتعالى كما أرسل أنبياءه السابقين عليهم السلام ، وأيده بالبينات كما أيد رسله السابقين ، بل وزاده عليهم فأنـزل عليه هذا القرآن المعجز الخالد إلى يوم القيامة .
فما الذي جاء في هذا القرآن من أدلة تثبت نبوته ؟
أقول -وبالله التوفيق - معنونةً لذلك :
بالمطلب الأول : الأدلة على نبوة محمد من الكتاب العزيز .
النبي الأمي يأتي بأعظم العلوم والمعارف .
قال تعالى)هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ((1)
إن هذه الآية الكريمة تؤكد حقاً ويقيناً صدق نبوته .
كيف لا وهو ذلك الرجل الأمي الذي لا يستطيع القراءة ولا الكتابة ، وقد عرف عنه هذا في قومه واشتهر به .
ثم مع هذا الوصف إذا به يأتينا بهذا القرآن الذي يحوي من العلوم والمعارف ما لم يعلم به جميع البشر عبر كل الأزمنة ، فمن أين لـه ذلك إذا لم يكن حقاً نبياً مرسلاً من عند الله عالم غيب السماوات والأرض ؟
لا جواب على ذلك إلا بالاعتراف بأنه حقاً مرسل من عند الله العزيز العليم.
جاء في تفسير الظلال لهذه الآية ما يلي :" قيل إن العرب سمّوا الأميين لأنهم كانوا لا يقرأ ون ولا يكتبون - في الأعم الأغلب - وروي عن النبي أنه قال : الشهر هكذا وهكذا وهكذا وأشار بإصبعه وقال :" إنا نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب "(2) والمنة ظاهرة في اختيار الله للأميين ليجعلهم أهل الكتاب المبين وليرسل فيهم رسولاً منهم ، يرتفعون باختياره منهم إلى مقام كريم ، ويخرجهم من أميتهم بتلاوة آيات الله عليهم وتغيير ما بهم ويميزهم عن العالمين "(3)، ثم يؤكد الله تعالى ما يتصف به رسوله – الذي اختاره معلماً للعالمين – من أمية فيقول عز من
قائل وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون ((4) ،ثم يؤكد الله عز وجل على هذا المعنى ، فيأمر نبيه بأن يذكّر قومه بأنه أمي ، وهم يعرفون عنه ذلك ويعرفون نشأته بينهم في محيط البيئة الأمية وأنه قد لبث فيهم أربعين عاماً ما كان يأتيهم بمثل هذا وما كان يستطيع، فأنى له الآن معرفة هذا
Bookmarks