النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: حوار بينعالم مسلم وملحده محترفه الله اكبر

  1. #1

    Exclamation حوار بينعالم مسلم وملحده محترفه الله اكبر

    الموضوع هو الحلقة الثانية لسلسلة (قالت ملحدة):

    قالت: لقد تكلمنا في الحلقة السابقة كثيراً ولم تذكر لي دليلاً واحداً علي وجود إله، فهل عندك من دليل..؟؟..

    قلت: إنك لم تنتبهي لبعض ما قلته في الحلقة السابقة، فقد ذكرت ما هو فحواه أن احتمال وجود كائنات علي تلك الأرض وخاصة الإنسان وتسخير كل ما يحتاجه في الأرض له والحكمة من الشر وما يحمل في باطنه من خير، وكذلك حكمة الموت وغيرها.. كل من هذه الاحتمالات يساوي صفراً وذلك باستخدام نظرية الاحتمالات، وبالطبع فإن معني ذلك هو احتمال وجود إله بنسبة 100%، هذه واحدة..

    أما الثانية: فإن الإيمان بالله مسألة عقلية من الدرجة الأولي، إذ أنكم يا معشر الملحدين لا تريدون أن تؤمنوا بالله تعالي، لا لأنكم لم تقتنعوا بالإيمان به، بل لأن قلوبكم قد ران عليها ما كنتم تكسبون من آثام كتكذيبكم للحق وإنكاركم له وكبركم علي خالقكم سبحانه....!!...

    إن الحديث عن إثبات عقلي لوجود الله عز وجل لا يمثل ركناً ركيناً في الإسلام، إذ أن هناك بديهيات لا يحتاج الإنسان إلي الحديث عنها، ومن ضمنها وجود الخالق، لذا كان كل حديث القرآن الكريم عن "أسماء" (ما يعرف خطأ بـ: صفات) الخلاق الكريم، ولم يتكلم ولو لمرة واحدة عن إثبات وجوده لأنه من البديهيات التي لا تحتاج إلي إثبات....!!..

    يقول ابن عطاء الله السكندري: إلهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك..؟؟.. أيكون لغيرك ما ليس هو لك حتي يكون هو المظهرَ لك..؟؟.. متي غبت حتي تحتاج إلي دليل يدل عليك..؟؟.. ومتي بعدت حتي تكون الآثار هي التي توصل إليك...؟؟..

    ومن الواضح بالقطع أن هذا الرجل قد وصل إلي درجة من الشفافية واستنارة البصيرة كما لو كان يكلم الله دون حجاب، وبالطبع فإن هذه الدرجة تتطلب المزيد من تزكية النفس وتطهيرها حتي تصل النفس البشرية إليها وهو بالطبع أمر ليس بالسهل، إذ يتطلب المزيد من الصبر ومجاهدة النفس وترويضها وتهذيبها حتي تصل إلي أعلي درجات الإيمان....

    إن الذي لا يري الشمس في كبد السماء وقت الظهيرة فهو لا يريد أن يراها من الاساس، ولكن ليس معني ذلك أن الشمس غير موجودة أو أن الوقت حينئذ كان ليلاً...!!..

    وقياساً علي المثال السابق فإن عدم إيمانكم بالله تعالي ليس دليلاً علي عدم وجوده أو أنه ليست هناك أدلة تثبت وجوده.... فليس هناك دليلاً واحداً في هذا الكون ينفي وجود الله، بل وأقول أنه ليس هناك دليلاً واحداً لا يثبت وجوده سبحانه.....!!..

    ولكن أحياناً نري أناساً يشكون في وجود الله سبحانه وتعالي لدرجة غير طبيعية، وفي رأيي الشخصي أن هذا يعد مرضاً نفسياً قد يلازمهم فترة من الوقت وقد يستمر معهم طيلة العمر، وقد قابلتني تلك النوعيات من البشر في منتديات الملحدين واللادينيين العرب وغيرهما، ثم لماذا نذهب بعيداً... إذ أن الدكتور الفاضل مصطفي محمود الذي كان يقدم برنامج العلم والإيمان قد مر بتلك الفترة، والتي أطلق عليها (مرحلة اللاتوازن).... ثم بعد بحث استغرق فترة من الزمن وبفضل الله تعالي أولاً وآخراً فقد اجتاز تلك الأزمة علي خير.

    قالت: سوف تجد في فضاء الشبكة العنكبوتية (الإنترنيت) بعض القبائل المتخلفة حضارياً، بل قد لا تُصدّقني إذا ما قلت أن تلك القبائل لا تعرف شيئاً عن أبسط الملابس أو الأزياء التي تستر ولو حتي العورة المغلظة بالنسبة للرجال أو النساء علي حد سواء، إذ أنك تجد أن جميع أفراد الجنسين كبيرهما وصغيرهما يسيرون عراة تماماً ويعيشون علي اصطياد الحيوانات وشيِّها علي النار، بل تجد أن بعضهم يأكلها وهي نيئة دون طهي أو تحضير، وبالطبع فإنهم لا يعترفون بمراسم الزواج أو بمشروعية العلاقة بين الرجل والمرأة، إذ أنك تجدهم يمارسون الجنس مع بعضهم البعض سواء مع المحارم أوغيرهم شأنهم في ذلك شأن الحيوانات تماماً.....إننا نجد بعضاً من تلك القبائل في أفريقيا أما البعض الآخر فنجده في أمريكا الجنوبية، المهم...... إن الدارس لأحوال تلك القبائل سوف يكتشف أنهم لا يعبدون شيئاً علي الإطلاق، والسؤال هنا: إذا كان الإيمان بالله موجوداً في فطرة كل إنسان كما تقول، إذن فلماذا لم يكن في فطرة هؤلاء وخصوصاً أنهم أكثر عرضة من غيرهم للكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة نظراً لتخلفهم ا لحضاري وعدم وجود أدوية أو حتي ملابس تقيهم تلك الأوبئة...؟؟... لماذا لا يجأرون ويستصرخون بأعلي صوتهم مستغيثين بإله حينما تلم بهم البلايا والكوارث والنوائب وما إلي ذلك..؟؟....!!...

    قلت: إن الإيمان بالله تعالي موجود في فطرة الإنسان فعلاً، ولكنه موجود في الفطرة السليمة فقط لا الملوثة بالموروثات البيئية أو قسوة القلب وإِلف العادة... الخ، فهل الذين لا يسترون عوراتهم يكونون من ذوي الفطر السليمة...؟؟... هل الذين يمارسون الجنس بدون زواج كالحيوانات تكون لهم فطر زكية ويتسمون بالعفة والطهر.... بالطبع لا، إن الفتاة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات تغطي بعض أجزاء جسمها بيديها أو بملابسها دون إيعاز من أحد، فمن الذي علمها هذا؟؟.. إنه الله تعالي يا عزيزتي.....إن هؤلاء لا يعدو أن يكونوا كالأنعام بل هم أضل، وقد ينطبق عليهم قول الله تعالي: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ* وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ) (الأنفال 22، 23).

    قالت: إن الدين لم يجب عن الكثير من (الأسئلة الوجودية) التي يقع بعض الدينيون قبل الملحدين فرائس للإجابة عنها (اعذرني فقد استخدمت هنا لفظ "الدينيين" بدلاً من المؤمنين لقولك أن كلاهما مؤمن)، هذا فضلاً عن المتناقضات الشديدة والتي تعتبرها أنت ضد العقل كما قلت سابقاً، وهذا في حد ذاته يمثل تناقضاً صارخاً في فكر الدينيين، إذ كيف ينددون بما هو ضد العقل ويصفونه بأنه مجرد خرافة في الوقت الذي يؤمنون هم به ويعتبرونه حقيقة، أليست هذه ازدواجية واضحة...؟؟..!!...

    قلت: إن القرآن الكريم قد أطلق علي المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله لقب "المؤمنين"، ولكنني سوف أستعمل في هذا الحوار لقب "الدينيين" (وهم ذوي الإيمان الإيجابي) بدلاً منه، فإذا من الله عليك بنعمة الإسلام فسوف أعود لأستعمل لفظ القرآن من جديد، إذ أنه ليس من المنطقي أن أستعمل ألفاظاً أنت غير مؤمنة بها... وعلي العموم أرجو أن تعطيني أمثلة توضح لي ماذا تقصدين من سؤالك السابق.

    قالت: خذ عندك مثلاً: كيف يحاسب ربكم الناس وقد قدر عليهم أفعالهم ويعلم مستقبلاً ماذا سيؤولون إليه من إيمان أو كفر أو طاعة أو معصية...؟؟.. كيف يختبرهم وهو يعلم مسبقاً نتيجة اختباره لهم، أليس هو الذي أحاط بكل شئ علماً كما تقولون ولا يعلم الغيب في السماوات والأرض سواه..؟؟.. ثم أليست المسألة بها جبرية واضحة..؟؟... أليس هو الذي أطلق علي نفسه اسم (العدل) وأنه لا يظلم مثقال ذرة..؟؟....

    خذ عندك مثالاً آخر: لماذا خلق ربكم السماوات والأرض وهو ليس في حاجة إلي ذلك أليس هو الغني كما تقولون...؟؟... يكفي هذين المثالين فقط، فما رأيكم دام فضلكم....؟؟..!!..

    قلت: كل تلك (الأسئلة الوجودية) قديمة كقدم البحر... والمشكلة أن السواد الأعظم من الناس سواء مفكريهم أو دهماؤهم نظراً لعدم استطاعتهم الرد علي تلك الأسئلة لأنها فوق عقولهم، لذا فقد وجدنا منهم من خاض في الذات الإلهية العلية دون علم ولا هدي ولا كتاب منير فكان مصيره الهلاك المحقق إما بالإلحاد (كالكثير من الملحدين) أو بمستشفيات الأمراض العقلية، وهذا لسبب بسيط جداً وهو أنهم قد أجهدوا عقولهم واستعملوها في مهام أخري لم يخلق الله تعالي العقل البشري لها كما تكلمت عن العقل سابقاً، ومنهم من أحجم إحجاماً كلياً عن الخوض في تلك المسائل استبراء لدينه وعقله، كما أن بعضهم قد تكلم بجهل مطبق في تلك المسائل ظناً منه بأنه يدافع عن الله تعالي ودينه الحنيف ولكنه بدوره قد أخطأ الطريق وبدلاً من أن يحقق هدفه المنشود فقد قدم لأعداء الإسلام (وعلي طبق من ذهب) فرصاً كثيرة للخوض في هذا الدين الحنيف والمزيد من الإساءات التي ألحقها به دون أن يدري، فقد كانت معظم إجابات أمثال هؤلاء مليئة بالافتراء والاهتراء، ولو أنهم صمتوا لكان خيراً لهم وأقوم...!!...

    يا عزيزتي، إن أول مظاهر احترام العقل هو أدراك صاحبه بأنه قاصر ومحدود....!!...

    ثم يجب أن تعلمي أيضاً أن بعض المسلمين أنفسهم قد يكونون أخطر علي الإسلام من أعدائه من غير المسلمين....!!.. وهذا يرجع إما لجهل بعضهم أو نفاق البعض الآخر وادعائه الإسلام وهو منه براء، لذا يجب ألا تنخدعي في أقوال هؤلاء فتعتبرينها أنت وممن حذا حذوك حجة علي الإسلام لا له، فالإسلام حجة علي ما سواه بينما العكس غير صحيح إطلاقاً.... ومن أسف فإننا نجد أن جميع الملحدين يأخذون جميع الأقاويل والمقولات المهترئة حجة علي الإسلام نفسه فيزين لهم الشيطان سوء عملهم هذا ويجعلهم يستمرون في إلحادهم بل ويستمرئونه....!!...

    وببساطة شديدة سوف أجيب عن السؤالين اللذين طرحتهما هنا باقتضاب شديد، حيث لا تغني أي فلسفة أو أقاويل بغير علم عن الحقيقة الكلية التي لا يعلمها إلا الله تعالي وحده، والتي تخرج تماماً عن نطاق عقولنا المحدودة القاصرة عن إدراك ما هو ليس من اختصاصها.... إذ أنني سوف أجيب في حدود ما يسمح به عقلنا البشري فقط....

    أما إجابة السؤال الأول فتتلخص في أن الله تعالي علي الرغم من أنه يعلم مآل ومصير كل إنسان بل وكل دابة في السماوات والأرض، إلا أنه جعل للإنسان إرادة وحرية اختيار تكونان بمثابة المناط الثاني لتكليفه ولحسابه فضلاً عن المناط الأول وهو العقل.... أما الكيفية فليست معلومة لنا كبشر ولا سبيل لبيانها، ويكفي أن يؤمن الإنسان بربه حق الإيمان ويوقن بأنه لا يظلم مثقال ذرة وأنه منزه عن ذلك، كما يجب أن يعلم وظائف العقل التي ذكرتها لك قبل ذلك حتي يطمئن قلبه فيهدأ ويستريح.... أما إذا وقع فريسة لهذا السؤال أو غيره فيما يخرج عن نطاق العقل فهنا يصبح من قبيل المرض النفسي العضال الذي قد يبرأ أو لا يبرأ منه..... نسأل الله تعالي السلامة.

    وأما إجابة السؤال الثاني فهي: أن من أسماء الله تعالي الحسني "الخالق"، وهو أحد أسمائه التي لا يمكن تعطيلها إطلاقاً.... إذ كيف يكون سبحانه خالقاً وهو لم يخلق شيئاً.... أرأيت من منا قد وقع في التناقض....؟؟....!!...، وقد أنبأنا العليم الخبير في القرآن الكريم أن هناك مراحل قد سبقت خلق الإنسان، فيقول تعالي: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ*أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ*وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الأعراف 172- 174).

    ونستنتج من الآيات الكريمة السابقة أن الله تعالي قد أشهدنا علي أنفسنا بعبوديتنا له وتوحيدنا إياه قبل أن يخلقنا.... وهذا إن دل علي شئ فإنما يدل علي أن مسألة خلقنا ووجودنا في الدنيا ليست هي أول المطاف... وإنما تمتد القصة إلي ما قبل الخلق ربما بعدة مراحل، ثم ختم الله تعالي الآيات الكريمة بقوله: (لعلهم يرجعون)، أي يرجعون إلي الفطرة السليمة السوية ويتذكروا الميثاق الغليظ والعهد الذي أخذه الله تعالي عليهم.... ولكن السؤال عن ماهية تلك القصة بالضبط فهذا ما لا سبيل إلي بيانه في الدنيا ولكننا سوف نعرفها حتماً يوم القيامة، لذا فقد آمنا برب العالمين (الله تعالي) وسجدنا له لإيماننا المطلق برحمته قبل عدلة وبمغفرته قبل عقابه....

    ثمة آية أخري، يقول الله تعالي: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) (الأحزاب 72).

    لقد عرض الله تعالي أمانة التكليف علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، كما أنه سبحانه قد عرضها علي الإنسان أيضاً ولكنه وافق علي ذلك... ولكن متي حدث هذا...؟؟.. إنه بكل تأكيد قد حدث قبل خلق الإنسان مما يؤكد أن بداية القصة كانت قبل خلق الإنسان ووجوده في الدنيا....!!...

    لا زلت أكرر عليك يا عزيزتي أن الإسلام لا يوجد به ما هو ضد العقل أبداً، ولكن يوجد به ما هو فوق العقل وما هو في مستواه...

    قالت: إنك قد اعترفت منذ قليل أن تلك الأسئلة قد يقع الديني والملحد سواء بسواء فريسة لها، وبهذا الاعتراف تكون قد أقررت ضمناً أن الملحد أكثر واقعية من الديني، إذ أن عدم إجابة الملحد عن تلك الأسئلة جعلته يختار الطريق الواقعي وهو الإلحاد، إذ أنه قد أخفق في الحصول علي الإجابة حتي من الدينيين أنفسهم ورآهم يتخبطون في غياهب الحيرة والتيه فاختار لنفسه علي الفور عدم الوقوع فيما وقع فيه الديني، وقد كان البديل عن ذلك هو الإلحاد ولا شئ غيره، أما الديني فقد اختار لنفسه البديل اللاواقعي فأخذ يدفن رأسه في الرمال كالنعام متغاضياً عن الإجابة، أي أنه قد اختار الإيمان بدون قيد أو شرط.... ولكن إذا ألحت عليه تلك الأسئلة وأطلت برأسها عليه كل حين وحين نجده في تلك الحالة يحاول أن يطرحها جانباً لعجزه عن إجابتها ولكنه لا يستطيع نظراً لملاحقتها له، الأمر الذي يشل حركته تماماً ولا يجعله يقوم بأي نشاط آخر سوي طردها من ذهنه دون جدوي، فيصبح في تلك الحالة ضحية للمرض النفسي وربما صريعاً له، فهل هذه واقعية...؟؟... أستحلفك بالعقل أن تجيبني أيهما أكثر واقعية وعلمية وموضوعية، الديني أم الملحد..

    قلت: من فضلك حينما تخاطبيني ألا تنسي أنني مسلم فلا تجرحي مشاعري وتسيئي إلي.... تقولين لي (أستحلفك بالعقل)، وكان من الأحري بك أن تستحلفيني بالله تعالي لا بالعقل، فإذا كانت حجتك أنك لا تؤمنين به فلا تستحلفيني بشئ علي الإطلاق، فشتان بين مفهوم العقل عندي وعندك وقد أظهرت لك ذلك من قبل فلا داعي لتكرار ما سبق، لذا فأرجو أن تتجنبي كل ما يشكل مانعاً حقيقياً أمام جدية الحوار أو ما هو محبط لجدوي هذا الحوار.

    قالت: إنني لم أكن أعلم أن ذلك سوف يغضبك إلي تلك الدرجة، وعلي كل حال فأنا أعتذر عن ذلك.

    قلت: نعود إلي موضوعنا، إن جميع الدينيين قد سألوا تلك الأسئلة لأنفسهم أو ألحت عليهم بشكل ما في زمن ما، ولكن من فضل الله تعالي عليهم ورحمته أنهم قد اجتازوا تلك الحيرة المؤقتة بسلام وظلوا علي إيمانهم به سواء البسطاء منهم أو المفكرين، فعلموا جميعاً أنها فوق عقولهم وأن الله تعالي ذات علية لا يمكن الوصول إلي كنهها وأنهم لن يحيطوا به سبحانه علماً كما أخبرهم في القرآن الكريم فاختاروا الواقعية بعينها وهي ألا يتكلموا فيما لا يخصهم ويوردهم موارد التهلكة، أما الملحد فقد باع القضية بالكامل واختار ما هو ضد العقل كما بينت سابقاً فكان موضعاً لسخرية الآخرين من المفكرين بل وحتي من العوام....!!... إن الديني يا عزيزتي هو الأكثر واقعية بلا منازع.....!!...

    وببساطة شديدة، فلو علم أي مخلوق علم الله تعالي لكان من البديهي أن يفعله فعله، ولكن أين هو هذا المخلوق...؟؟.. !!.. إن المطلوب هو المزيد من الفكر السليم الناضج.

    قالت: ولكن الكليات الدينية تُدَرّس الفلسفات التي تحاول أن تجيب عن تلك الأسئلة دون جدوي فتؤلف الكتب المطولة والعديدة وتضع المناهج المكدسة محاولة منها للإجابة عن تلك الأسئلة، فهل هم مخطئين أيضاً....؟؟....

    قلت: لقد أوضحت لك منذ قليل أنه لا يجب الأخذ بأقوال البشر كحجة علي الإسلام، فما كان لأحد منهم أن يمثل الإسلام وما ينبغي له، إن الشخص الوحيد الذي يمثل الإسلام هو الرسول صلي الله عليه وسلم فقط......

    لقد ظهر ما يسمي بعلم الكلام في مراحل متأخرة عن الرسالة بكثير، وهو بالطبع ليس علماً بقدر ما هو وسيلة للإغراق الفكري الذي لا يخرج منه القارئ اللهم إلا بالغثيان والصداع النصفي أو ربما الكلي...!!... إذ أن الكلام لا يعدو أن يكون فلسفياً محضاً تم اقتباس بعضه من بعض الأقدمين، والآخر قد قام بتأليفه من حذوا حذوهم هم وغيرهم، وقد ندد الشيخ محمد الغزالي (رحمه الله تعالي) بهذا العلم في كتابه (عقيدة المسلم)، وهذا العلم (إن صحت تسميته بذلك) لا يجيب عن أي سؤال إجابة شافية، وإنما قدم بعض الآراء وقام بترجيح بعضها علي بعض (من وجهة نظر المؤلف فقط)، وبذلك فقد أثقل علي الطالب ووضع سداً منيعاً بينه وبين معرفة الحق....!!...

    كما قامت تلك الكليات بتدريس الروايات ووضع المناهج لمعرفة الغث فيها من السمين، وبالطبع فإن تلك المناهج قد بلغت من العقم الحد الذي لا يستقيم مع أي عقل أو ضمير، وبالتالي فقد تواترت العديد من الأسئلة التي ليس لها إجابة عند القائمين علي التدريس في تلك الكليات، الأمر الذي جعل خريجيها غير مؤهلين للعمل حتي مجرد خُدّام للمساجد فضلاً عن دعاة....!!.....

    إنها المذاهب علي اختلاف أنواعها يا عزيزتي... وبالطبع فإن لكل مذهب (علماً...!!) خاصاً به وكليات تدرس معتقداته....!!.. إن الإسلام أبسط وأسهل من ذلك بكثير....!!...

    قالت: إذن فأرجو أن تدلني علي الخطوات المنهجية الصحيحة للإيمان بالله، إذ أنني أتعجب من أحوال الدينيين بشدة، فقد نجدهم يحرمون علي أنفسهم ملذات الحياة ومشتهياتها مستبدلين بذلك لذة الزهد والتصوف والدروشة (اعذرني في هذه الكلمة فنحن نسميها هكذا)، فهل أنتم متأكدين إلي تلك الدرجة بأن هناك آخرة فتعدون لها العدة وتضحون في سبيلها بكل غال ونفيس...

    قلت: يقول الصوفي لابس الخرقة: (نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف)... يا عزيزتي اسمحي لي أن أخبرك بأنكم محرومون من أكبر نعمة في الوجود، محرومون من أكبر لذة يمكن أن يتمتع بها الإنسان.... إن المسألة ليست دروشة كما تسمونها، فالإسلام يحث المؤمنين علي العمل بدأب وإتقان وتفان تام في الدنيا، هذا وإلا فسوف تكون السيادة للكافرين عليهم، وبما إن الدينيين هم الأعلي عند الله تعالي، لذا فهو سبحانه لا يرضي لهم الذل والهوان ويحب أن يحقق لهم السيادة في الدنيا قبل الآخرة....

    أجل.. إننا متأكدين تمام التأكد من أن الآخرة هي التي سوف تنتظرنا جميعاً، ونحن في سبيل ذلك نضحي بكل ما هو غال ونفيس من مال ونفس وولد وصحة... الخ

    وسوف نبدأ من نقطة الصفر متتبعين الخطوات المنهجية الصحيحة التي توصل صاحبها للإيمان الصحيح بإذن الله تعالي

    1- يجب علي الإنسان أن يتخلي تماماً عن معتقداته القديمة ولا يعتبر عدم استطاعته الإجابة عن الأسئلة الوجودية دليلاً علي عدم وجود إجابة ومن ثم عدم وجود إله مقدراً قيمة العقل متفهماً وظائفه.. لذا فعليه أن يطرح تلك الأسئلة الوجودية جانباً....

    2- يجب أن ينظر في الكون بتأمل وتدبر وتواضع وبصيرة، وحينئذ سوف يدرك علي الفور أن الكون لا مجال فيه لأي عبث أو هزل، وحينئذ سوف يراوده سؤال منطقي ألا وهو: هل حدث كل ذلك دون موجد...؟؟.. فإن كانت الإجابة بنعم...!!!... فسوف يراوده سؤال آخر وهو: وهل رأيت في حياتك قبل ذلك صنعة دون صانع أو رأيت إبداع دون مبدع أو رأيت حكمة دون حكيم صائغ لها.. فإن كانت الإجابة بلا (وهي بالقطع سوف تكون كذلك)، فسوف يدرك علي الفور خطأ إجابته للسؤال الأول بلا أدني شك...!!...

    3- إذن لا بد أن يكون هناك خالقاً حكيماً عاقلاً مريداً مبدعاً... وحينئذ سوف يراود هذا المفكر المتفكر سؤال هام وهو:

    هل هناك خالق واحد فقط أم أكثر من خالق...؟؟.. وهنا قد يجيب علي الفور حينما يري الحكمة البالغة المتمثلة في هذا الكون وأن الشر يحمل في طياته الخير، كذلك حينما يري حكمة الموت وتحلل الأجساد (إذ أنه لولا بلاء الأجساد بعد الموت لما وُجِد مكاناً خالياً ليسير الناس في الأرض..!!)، إنه حينما يري ذلك كله يعلم تماماً أن هذا الخالق منزه عن أي نقيصة أو عيب لأن الذي خلق تلك النقائص (كما تبدو في ظاهرها والتي تحمل في باطنها كل الخير والكمال) لا يمكن أن يعتريه نقص إطلاقاً ويكون عليماً ببواطن الأمور، وكما يقولون أن نقص الكون هو عين كماله، وهذا يشبه الحقيقة التي تقول: (اعوجاج القوس عين استقامته)، وأنه لو استقام لما رمي، لذا فلا يصح أن يتعدد الكامل... وهل به نقص ليحتاج إلي من يكمله....؟؟.. فحينئذ سوف يدرك علي الفور أن هناك خالق قادر حكيم مريد واحد أحد (وكل ذلك يمكن أن يدركه دون أي كتاب سماوي أو نبي أو رسول كما أوضحنا سالفاً).

    قالت: أفهم من ذلك أن الإله واحد لأنه كامل

    قلت: لقد أصبت جزءاً من الحقيقة، وسوف أضيف لكلامك أنه ما دام الخالق كاملاً ولا أحد كامل سواه إذن فهو المعبود بحق ولذلك سمي إلهاً..... ومن هنا يأتي الدليل الدامغ علي وحدانيته، فكما قلنا قبل ذلك أن الكمال لا يتعدد، لذا فلو فرضنا (من باب الجدل فقط بالطبع) أن الكمال المطلق سوف يتعدد فمعني ذلك أن هناك تعدد في الآلهة، وهذا لا يجوز عقلاً لأنه سوف يدب الخلاف بين كل منهم ويتكبر ويعلو بعضهم علي بعض، وعلي ذلك فلن يتصف أي منهم بالكمال في هذه الحالة (سبحان الله وتعالي عما يقولون أو ما يصفون أو ما يشركون علواً كبيراً).

    4- ثم لا تلبث الأسئلة أن تجتر علي عقله تباعاً، وهنا يحق له أن يسأل نفسه: وماذا يريد منا هذا الخالق ولماذا خلقنا... (ونلاحظ هنا أنه قد عاد من جديد إلي أحد الأسئلة الوجودية المحظورة)، ولكنه من الممكن أن يتجاوز هذا السؤال بسهولة حينما يكون قد امتلأ باليقين من جراء تفكره وتأمله... فيعاوده السؤال السابق، ماذا يريد منا الخالق... هل تركنا في تلك الحياة الدنيا نهيم علي وجوهنا هكذا....؟؟... مستحيل بالطبع، إذن فلا بد من تواصل لذلك الإله الخالق مع مخلوقاته بطريقة ما... ثم بعد أن يصل إلي تلك النتيجة سوف يصل إلي الحق بإذن الله تعالي.

    قالت: دائما يراودني سؤال يلح في ذهني ويطل برأسه كلما حاولت أن أتغلب عليه أو أنساه... صدقني يا عزيزي فأنا لست ملحدة بالمعني الذي تعرفه... كل ما هنالك أنني أريد أن أصل إلي الحقيقة ولا شئ غيرها... ولكن عندما أخفقت في ذلك انتابتني حالة شديدة من التمرد الذي كان البديل الوحيد عن فقدان عقلي بالكامل....!!... أنا فعلاً أريد أن أصل إلي الحقيقة بصدق وثبات، فهل لك أن تساعدني وتجيب عن أسئلتي كلها...؟؟..

    قلت: ومنذ متي تأخرت عنك يا عزيزتي..؟؟.. إن الهدف من مناقشي معك هو أن أساعدك بما منً الله تعالي علي من بعض علمه وفقهه الذي لا ينضب، فمهما كان علمي قليلاً إلا أنني لا بد أن أبينه للناس ولا أكتمه حتي لا أبدل نعمة الله تعالي علي بعد إذ جاءتني... اللهم تقبل منا صالح أعمالنا وثبت قلوبنا واغفر لنا ذنوبنا....

    ولكن ما هو السؤال الذي يلح عليك وتريدين أن تسأليه لعلني أفيدك بإجابته إن كانت عندي ثمة إجابة له وأدعو الله تعالي أن تكون في ذهني الآن...

    قالت: إذا كان الله موجوداً فعلاً، إذن فمن خلقه هو وما سبب وجوده...؟؟.. لقد أفدتني سابقاً بأن لكل موجود واجد.... إذن فمن أوجد الله... صدقني أنني لا أريد أن أعجزك أو أتحداك..!!..

    قلت: أولاً: أرجو ألا تنزعجي من طرحك عليِ هذا السؤال، فجميع الأسئلة تكون مشروعة إذا كان الغرض منها الاستفسار والبحث عن الحقيقة......

    ثانياً: إن هذا السؤال قد سأله كل إنسان لنفسه ثم استمر إيمانه أو إلحاده كما هو.... ولكن الفرق يكمن في أن المؤمن قد التزم حدود عقله كما قلت لك سابقاً أما الملحد فلا.... إذن فالعيب كله في الملحد وليس في السؤال....

    ثالثاً: نعود إلي سؤالك السابق، واسمحي لي أن أخبرك بأن هذا السؤال فاسد من الناحية المنطقية أيضاً..... فأنت تسلمين بأن الله خالق ثم تقولين من خلقه..؟؟..!!... فتجعلين منه خالقاً ومخلوقاً في نفس الجملة وهذا تناقض...

    والوجه الآخر لفساد السؤال أنك تتصورين خضوع الخالق لقوانين مخلوقاته... فالسببية قانونناً نحن أبناء الزمان والمكان...

    والله تعالي الذي خلق الزمان والمكان هو بالضرورة فوق الزمان والمكان ولا يصح لنا أن نتصور أنه مقيداً بكل منهما ولا بقوانينهما، والله هو الذي خلق قانون السببية فلا يجوز أن نتصوره خاضعاً لهذا لقانون الذي خلقه...

    وقد استطرد أرسطو في تسلسل الأسباب قائلاً: (إن الكرسي من الخشب والخشب من الشجرة، والشجرة من البذرة، والبذرة من الزارع.. واضطر بعد ذلك إلي القول بأن هذا الاستطراد المتسلسل في الزمن اللانهائي لا بد أن ينتهي بنا في البدء الأول إلي سبب في غير حاجة إلي سبب.. سبب أول أو محرك أول بغير حاجة إلي من يحركه... خالق في غير حاجة إلي خالق.... وهو نفس ما نقوله عن الله سبحانه وتعالي).

    قالت: تقولون أن ربكم قادر علي كل شئ، ولكنني أري أن هذا مجافيا للمنطق..!!..... فإن كان هذا هو اعتقادكم فعلاً فهل لك أن تجيبني عن الأسئلة الآتية:

    أولاً: هل ربكم بقادر علي أن يخلق إله مثله تماماً.....؟؟
    ثانياً: هل ربكم بقادر علي أن يخرجكم من ملكوته...؟؟..

    قلت: اسمحي لي أن أخبرك بأن تلك الأسئلة التي تعدونها من المعضلات إنما هي في الواقع في منتهي السذاجة بل هي منتهي الفساد في منطقها المنعدم من الأساس....!!...

    بالنسبة للسؤال الأول فهو سؤال فاسد لأنه المخلوق بمنطقكم هنا من المفترض أن يكون إلها، وبالطبع فلا يوجد إله مخلوق..

    أما بالنسبة للسؤال الثاني فهو لا يقل فساداً عن السؤال الأول لأنه لا يوجد ملكوت آخر غير ملكوت الله تعالي فلو أراد سبحانه أن يخرج عباده من ملكوته فإلي أين يخرجهم..؟؟... أرأيت مدي فساد أسئلتكم يا عزيزتي..؟؟..!!..

    قالت: من المؤكد أنكم تؤمنون بكتابكم (القرآن) وتقدسونه وترفعونه عن سائر الكتب الأخري، وهذا يتضح جلياً في طريقة تعاملكم معه واستشهادكم بآياته، وأرجو أن تعذرني إذا قلت لك أنني لا أجد فيه حتي الآن ما تجدونه أنتم علماً بأنني من خلفية إسلامية مثلكم، فهل يرجع ذلك إلي أنه دين آبائكم وأنتم تتبعونهم دون وعي أو فكر، أم أنني قاصرة عن إدراك ما أدركتموه أنتم، وإن كان الأمر كذلك، فما هو وجه القصور الذي عندي حتي أتلافاه وأؤمن مثلكم بالقرآن الكريم...؟؟.. ولماذا القرآن الكريم دون سائر الكتب الأخري.....؟؟...!!..وما هو دليلكم أنه من عند ربكم..؟؟..

    قلت: اسمحي لي يا عزيزتي أن أؤكد لك أن القصور من ناحيتك أنت دون أدني شك، إن العيب كل العيب يكون في المتلقي الذي قد فسد قلبه بما يكسب من كفر ومعاصي.... لا بد أن تعيدي قراءتك للقرآن مرة أخري دون الدخول عليه بفكرة مسبقة مكتسبة من بيئتك وأقرانك الذين يرفضونه ككتاب سماوي ويظنون به الظنونا...!!.. أجل.... إنه القرآن الكريم دون سائر الكتب الأخري لأن تلك الكتب (التوراة والإنجيل وصحف إبراهيم وموسي....الخ) قد بشرت بهذا الكتاب الكريم وأنه هو المهيمن علي كل تلك الكتب، فلم ولن يعتريه تحريف حتي قيام الساعة، كما أن به آيات وإشارات علمية وعددية ونبوءات تتحقق علي مدار الزمان ولن تنتهي إلا بانتهاء تلك الدنيا.... لذا فهو كتاب سماوي قد أنزله رب العالمين، فهو حديث الله تعالي لعباده ومن أصدق من الله حديثاّ....؟؟..

    كل ذلك سوف أثبته لك في الفصل الثالث إن شاء الله تعالي فتابعيه معي إن أردت.

    قالت: وأنا منتظرة تنفيذ وعدك لي بفارغ الصبر وأشكرك علي صبرك علي وتفانيك في سبيل ما أنت مقتنع به.

    من هنا نخلص في تلك المقالة إلي:

    1- أن وجود الخالق سبحانه وتعالي والاهتداء إلي وحدانيته هو برهان عقلي من الدرجة الأولي قبل أن يكون قلبياً ولا يحتاج إلي نبي أو رسول أو كتاب سماوي وهذا بشرط أن يكون هذا المهتدي ذو فطرة سليمة وعقل راجح وقلب ناصع....!!..

    2- إن مهمة الرسول أو النبي الذي يُبعث في الناس تتمثل في تذكير الناس بذلك وإصلاح ما فسد من فطرتهم التي فطرهم الله تعالي عليها، كما تتمثل بعد ذلك في إظهار عظمة هذا الخالق وبيان أسمائه الحسني وبيان الأشياء التي يريدها منهم (افعل ولا تفعل)، كما تتمثل في النهاية في بيان ما سيئول إليه الناس نتيجة أعمالهم تلك من جنة أو نار وهو المصير المحتوم لكل منا.

    3- إن أهل المذاهب قد أساءوا إلي الإسلام أيما إساءة بتطاولهم علي القرآن الكريم والانتقاص من قدره سواء كان ذلك عن عمد أو غير عمد منهم، وعلي الإنسان أن يقف مع نفسه وقفة حيادية بعيدة عن الموروثات التي اكتسبها من بيئته المحيطة به ولا يسلم قياد عقله لمن يسمون (خطأ) بالعلماء.. فالدين يعتمد علي العقل من الدرجة الأولي إلا فيما يخص ذات الله تعالي العلية وأفعاله العلوية، ومن ثم فإنه من السهل بمكان استخلاصه مما هو دخيل عليه كاستخلاص الذهب وتنقيته من الشوائب العالقة به.

    4- إن الدين لا يجيب عن الأسئلة الوجودية إطلاقاً، لذا فإن أي محاولة للبحث عن إجابة لها إنما هي درباً من العبث وضياع الوقت والإلقاء بالأيدي إلي التهلكة.... إذ أن الله تعالي قد أودع تلك الأسئلة في كل نفس بشرية لحكمة بالغة لا نستطيع أن نحيط بها علماً، فقد يكون سبحانه أودعها لتكون فتنة للملحدين والمشركين والعابثين بالدين كالكثير من الفلاسفة الذين يتركون القرآن الكريم ويعتمدوا علي عقولهم، فتلك الأسئلة هي البرهان الحقيقي لقصور العقل كما قلنا سابقاً والاعتراف بمحدودية وظائفه..... كما أن الله تعالي يعلم ما بين أيدينا وما خلفنا بينما نحن لا نحيط به علماً.. لذا فإنها هي البرهان أيضاً علي أننا لا نعلم شيئاً عن ذات الله تعالي العلية سوي قليل القليل مما سمح لنا به فقط، كما أنها قد تكون وسيلة لإضلال من أراد الله له الضلال نتيجة لسوء عمله وجحوده وغلظة قلبه وما يكسبه من سوء.... وبالطبع فإن ما نقوله هنا هو جزء بسيط من الحكمة الكلية التي لا يعلمها إلا الله تعالي وحده دون غيره.

  2. #2

    افتراضي

    بالمناسبه الموضوع منقوووووول

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مناظرة: حوار مع مسلم - كامل بإذن الله ..
    بواسطة أبو حب الله في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 50
    آخر مشاركة: 05-31-2016, 07:08 PM
  2. الله اكبر الله اكبر الله اكبر لااله الا الله (التكبير بصوت العفاسي)
    بواسطة عبدالرحمن الحنبلي في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-26-2012, 11:14 PM
  3. مناظرة: حوار مع مسلم - 5 - لماذا خلق الله الإنسان ؟
    بواسطة أبو حب الله في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-19-2012, 10:37 PM
  4. الله اكبر الله اكبر الله اكبر رَحِّبوا اخوة الاسلام بطالبة للعلم
    بواسطة أدناكم عِلما في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 11-06-2009, 11:57 PM
  5. الله اكبر الله اكبر الله اكبر رَحِّبوا اخوة الاسلام بطالبة للعلم
    بواسطة أدناكم عِلما في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 11-04-2009, 09:15 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء