بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على النبي الخاتم محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه الغر الميامين وعلى من تبعهم إلى يوم الدين ......
أما بعد أقدّم هذه السّطور من القلب وبمنتهى الإخلاص بإذن الله ساعياً من ورائها لبيان بعض ما أشكل على عقول من اتبع نحلة الغلام القادياني عليه من الله ما يستحق ... وبعون الله أبدأ
1- مسألة الجن :
*يدّعي القاديانيون أنّه لا وجود للجن ذلك الكائن الذي يؤمن بوجوده المسلمون على أنّه مخلوق مكلف كابن آدم وهو مخلوق قبل البشر من مارج من نار وبالتالي هم لا يؤمنون بكل ما يتعلق بعالمه الخفي سواء الذي يؤمن به المسلمون لدليل شرعي أو الذي يتوهّمه ويبنيه العوام معتمدين على تخيّلاتهم وشطحات بعضهم ويصدّقونه والبعض منهم يبني حياته كلها بناءً على تلك المعتقدات أو بالأحرى الشطحات ...إلخ
* يميّزون بين الجن والجان وخلاصة قولهم في أنّ لفظ الجن عندما يأتي في القرآن الكريم فإنّه يأتي كاسم وصفي وليس اسم لجنس بمعنى أنّ لفظ الجن يأتي منطبقاً على الحال التي كان عليها أو التي يكون عليها الـمُخْبَرُ عنْه في الآية . أي أنّه في حالة اختفاء أو ابتعاد فلا يؤنس ... والله أعلم
- طبعاً هذه الشبهة مردودة عليهم فإنه إن صح هذا القول الذي يقولونه لجاز لنا أو لأي شخص أن يدّعي فيما بعد أن لفظ الإنس ليس المقصود به جنس وإنما هو اسم وصفي ينطبق على من يؤنس به سواءٌ أكان بشراً(إنسان) أو حيوان لطيف أو حتى الجماد كالكتاب وغيره ... ويمكن أن نطبقه على الملائكة فحالها أقرب لعالم الجن من عالم الإنس أي من حيث اختفائها وما إلى هنالك "طبعاً أرجو ألا يتوهم أي شخص أنني أساوي بينهما" فنحن لا نعلم عنها شيئاً إلا أخبرنا به الله عنهم وما أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام فيمكننا أن نقول أنّ الملائكة اسم وصفي ونختلق له تأويلات ما أنزل الله بها من سلطان وبالعمل على هذا المبدأ اللغوي البعيد عن الحق سنقع في إشكالات كثيرة سببها التأويل الباطني لكلام الله عز وجل .
* الدليل على بطلان هذا الاشكال : يتلخص الدليل في إثبات أنّ الجن ما هم إلا الجان كما أنّ الإنس ما هم إلا البشر أي الإنسان ؟!!!! وهذا يظهر جليّاً في سورة الرّحمن فالخطاب موجهٌ فيها لاثنين ومن ثم يبين الله عز وجل خلق الإنسان والجان قال تعالى .... فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ (15) سورة الرحمن.
ومن ثمّ يكمل الخطاب الموجه لاثنين فيورد تحدّياً موجهاً للجن والإنس قال تعالى .... يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34)
سورة الرحمن. فمن هذه الآية يتّضح أن المخاطب فيها هما الجن و الإنس وبربطها مع الإخبار أعلاه أي الإخبار عن مادّة الخلق يتبيّن أن الله أخبرنا عن خلق الإنسان ومن ثم أخبر عن خلق الجان فإن قلنا أن الجن هم من البشر فهم مشمولون بالإخبار الأول فيما جاء عن الإنسان وخلقه فعندها نطرح السؤال التالي : من هم الجان ؟ ومهما كان الجواب نقول تدبر يا مجيب قوله تعالى .. فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ (39) سورة الرحمن. ألا تستنتج أن المخاطبَيْن في الآية هما الإنس والجان المكلفان اللذان ستقوم عليهما الساعة وبقية الخلق إلا ما شاء الله .فإن كان ذلك كذلك فليس لك مهرب إلا أن تقول أن الإنس هم الجن والجان والجن لفظين لشئ واحد فالجن هو الجان كما لا يمكن أن يُشَكَّ بذلك بعد تدبر الآيات .. فعندها يظهر جلياً بطلان تأويلك الباطل لا لشئ ولكن لأسئلة تطرح نفسها عند التشبث بهذا الرأي فمنها مثلاً ...
إن قلنا أنّ الجن والجان واحد وما هما إلا أفراد أو جماعة من البشر حالهم يجيز أن يسَمَّوا أو يطلق عليهم هذا اللفظ أو الصفة ... فما شأن هؤلاء البشر مع قوله تعالى.. وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ [الحجر : 27] ؟ فإن قلنا أنهم أصحاب طبيعة ناريّة فلم خلقوا قبل الترابيين ؟ وكيف وآدم هو أبٌ للبشر الموجودين على سطح الأرض كافة ؟....(هذا بعد تخطي عقيدة القاديانيين في ابوة آدم للبشر!!!)
طبعاً من الآيات التي ذكرناها لا يمكن لعاقل أن يتجرأ ويدّعي أنّ الجان هي النفس...
كل ماسبق ما هو إلا نقاش موجه لمن ليس لديه من أصول العلم الشرعي أي زاد يعتمد عليه وإلا فالكلام مع المتعلّم أسهل وأسلس فذاك لا يحتاج للخوض بالشبهات ولا يثيرها ويكفيه لفهم المسألة أي مسألة أن يقرأ قال الله وصح عن رسول الله وقال العلماء من السلف فلا يسأل عن أمر أخفاه الله لإيمانه بأنه لو كان في معرفة ذلك الأمر ضرورة لأخبر به الله .... يتبع بإذن الله