النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: هل الشرع مبناه على «الظن» أو «العلم واليقين» ؟

  1. #1

    افتراضي هل الشرع مبناه على «الظن» أو «العلم واليقين» ؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

    قال الدكتور عبد العزيز بن ندَى العتيبي: إن دين الإسلام جاء سهلاً مُيسراً ليفهمه الناس كافّة، قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾[البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾[الأعلى: 7-8]، قال ابن كثير في تفسيره: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾؛ أي: نسهل عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعاً سهلاً، سمحاً مستقيماً، عدلاً لا اعوجاج فيه، ولا حرج ولا عُسر .اهـ فلا يوجد في الإسلام دين للعامة ودين للخاصة، ولا نقول إن للدين ظاهراً وباطناً كما في بعض الديانات التي وُجِدَ فيها ما يسَمّى بـ«علم الباطن»، وخُصَّ به أناس دون بقية الخلق كما ذهبوا، فإن ذلك ليس من دين الإسلام في شيء، ولم يخص الإسلام بعض الناس بمعتقدات باطنية وعبادات خاصة دون غيرهم.

    الفلسفة والمنطق وأثرهما في العلوم الشرعية:

    لقد ابْتُلِيت هذه الأمة عبر قرونٍ سلفت؛ باتصالها بتراث الفلاسفة، فذهب بعض من أُعجب بفلسفة الروم، وبهره منطق اليونان؛ إلى ترجمة هذه الفنون الدخيلة، وقام بإدخالها على العلوم الشرعية، معتقدين أن الاستعانة بالمنطق وغيره نفع للأمة، وتسهيل لفهم علوم الكتاب والسنة، والواقع الذي مارسوه؛ أورث تشويهاً بالغاً، والأمر الذي جاؤوا به؛ أوجد فساداً وخروجاً على علوم المسلمين .

    فقد جلبوا كثيراً من القواعد والمفردات التي أتت على دين المسلمين بالخلل والانحراف، فذهب كثيرٌ من العلماء إلى التجديد، وبذل الجهد في علاج ذلك وبيانه، و قاموا على تنقية العلوم الشرعية؛ علم الكتاب والسنة من الشوائب والغرائب التي نُسِبت له ظلما وزورا.

    1- فأدخلوا القطعيات العقلية؛ ولَبَّسوا على بعض المسلمين؛ حتى قالوا بتقديم العقل على النقل في الدين، وجاؤوا بأشياء كثيرة خالطت علوم الشريعة، ليس هذا محل بيانها وبسط القول فيها.

    2- وجاؤوا بالتقاسيم الخمسة: العلم والظن والشك والوهم والجهل، وربما زادوها، وأدخلوها على الشرع فحملوا الظن في الكتاب والسنة على مراد الفلاسفة وأهل المنطق، وهو خلاف ما جاء في الشرع؛ فالظن في الشرع إما شك أو يقين، فلا مرتبة ظن بين الشك والعلم، فمن خرج من دائرة الشك دخل في أول مراتب العلم، فالعلم مراتب واليقين درجات، فلا يدخل في الظن أو الظن الراجح، أوما يسمونه بغلبة الظن كما يقول الفلاسفة .

    ما آثار الفلسفة على علوم الحديث؟

    ولماذا تقسم الأخبار الصحيحة إلى آحاد ومتواتر؟!

    إننا لا ننكر التواتر لغة، ولا ننكر وجوده واستعمالاته، لكن ما ننكره؛ ونراه أمراً محدثاً؛ هو هذه القسمة التي أُدخلت على السنة؛ وعلى أخبار النبي صلى الله عليه وسلم:

    1- جُعلت الأخبار على قسمين: أخبار آحاد، وأخبار متواترة .
    2- إدخال الشبهة على الأخبار: فآحاد تفيد الظن، ومتواتر يفيد العلم واليقين.

    ومرادهم بالظن: أن في ثبوته شبهة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

    وعلى ذلك عدة اعتراضات:

    فالاعتراض الأول: إن هذه القسمة لم تكن معلومة في عهد الصحابة والتابعين.

    والاعتراض الثاني: إن أول قائل بهذه القسمة واحد، فلا يتصور أن أول من نطق بها جمع غفير في زمن واحد محدد. وعلى قاعدتهم في أن خبر الواحد ظني؛ (أي: إن في ثبوته شبهة)، فكيف نبني على خبر الواحد قسمة أحد أفرادها – المتواتر - قطعي الثبوت (ليس في ثبوته شبهة)؟!

    الاعتراض الثالث: على التسليم بانتقاض ما تقدم من اعتراض – وهذا أمر متعذر – فإن القائلين بالمتواتر مختلفون غير متفقين على حد المتوتر وضبطه بعدد معين، فإن القائل بأن حد التواتر خمسون؛ يرى أن ما دونه من الأعداد كالأربعين والثلاثين والعشرين والعشرة أخبار آحاد (في صحتها شبهة) . فوجدنا أن ضابط العشرة متواتر عند قوم؛ آحاد عند آخرين، وضابط العشرين متواتر عند قوم؛ آحاد عند آخرين،أي: أن ما كان قطعياً عند قوم؛ ظنياً عند غيرهم، وهكذا لا يزال الضابط والحد مضطربا.

    الاعتراض الرابع: على فرض الاتفاق بين المختلفين على عدد محدد للمتواتر، فهل يستطيعون أن يأتوا بهذا العدد في كل طبقة من طبقات السند؟ وهذا متعذر جداً.

    الاعتراض الخامس: إن المتواتر أمر نظري، لا يمكن تصور وقوعه، ومن أدعى ثبوته؛ فعليه أن يأتي بمثال واحد، بالحد والضوابط والشروط التي وضعوها، وهذا ضرب صعب المنال، يستحيل الإتيان به، ونحن بانتظار تحصيل مثال واحد؛ دليلاً على ما قالوا به.
    قال ابن حبان في صحيحه (1/156): فأما الأخبار؛ فإنها كلها أخبار آحاد، لأنه ليس يوجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر من رواية عدلين، روى أحدهما عن عدلين، وكل واحد منهما عن عدلين، حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، [فلما استحال هذا وبطل؛ ثبت أن الأخبار كلها أخبار الآحاد، وأن من تنكب عن قبول إخبار الآحاد؛ فقد عمد إلى ترك السنن كلها، لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد ] .اهـ


    المتواتر ودعوى الترجيح:

    إن ادعاء أهمية وجود المتواتر في السنة، وضرورة إدراجه في علوم الحديث؛ لعلة الترجيح أمر مردود، فالاعتراض على المتواتر ليس لإلغاء الترجيح، فإن الترجيح معمول به بين خبر وخبر، و خبر من طريق وخبر من طريقين، وخبر من طريقين وخبر من عدة طرق، فلا تُهمل وسائل الترجيح المختلفة أبداً .

    الاعتراض على التعسف الذي جاء به المتواتر:

    إنا نتساءل كيف دخل المتواتر علوم أهل السنة وأصحاب الحديث؟ ومن أدخله على علوم الحديث؟ ومن أين جاء به، وممن أخذه؟! لقد جاؤوا بالمتواتر وجعلوه علامة إفادة العلم واليقين، وما سواه (المتواتر) فلا يفيد علماً، وهكذا يريدون وأد سنة المعصوم بالمتواتر الذي صنعوه . والمعلوم أن كل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار آحاد، وما دعا وبلغ وتكلم إلا ليبلغ علماً؛ لا ظناً كما زعموا، فقد روى مسلم (2699) في «صحيحه» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن سلك طريقا يلتمس فيه علماً؛ سَهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة». قلت: لقد سمَّى طلب العلم وأخذه من آحاد العلماء والمشايخ علماً، ولم يقل ظناً؛ رغم أن العلم لا يؤخذ إلا من العالم منفرداً، فالاستماع يكون لشيخ واحد وليس متعدداً، ولا يتصور سماع العلم من أكثر من واحدٍ في وقت محدد .

    وكذلك الأمر من بعده؛ فإن هذا المذهب لم يؤثر عن الصحابة، والتابعين لهم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    البخاري على الأصل؛ فإن الحديث الصحيح يفيد العلم:

    قال البخاري في كتابه «الجامع المسند الصحيح المختصر»: كتاب العلم، وذكر فيه جملة من الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلها أخبار آحاد، وقال: باب فضل العلم- وقول الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[ المجادلة: 11]. وقوله عز وجل: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: 114]. قلت: وهذا العلم في قوله: ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾، و﴿زِدْنِي عِلْمًا﴾، لا شك أن من العلم المراد في الآيات؛ السنة القولية والفعلية، فالأخذ بالأخبار والأحاديث الصحيحة المروية عن الثقات علم . و قد روى في البخاري (105)، ومسلم (1679) في «صحيحيهما» من طريق محمد بن سيرين، عن ابن أبي بكرة، عن أبي بكرة ذكر النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإن دماءكم وأموالكم - قال محمد: وأحسبه قال: - وأعراضكم عليكم حرام؛ كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب»، وكان محمد يقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك «ألا هل بلغت»؛ مرتين .

    قال البخاري في كتاب العلم: باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب .

    قلت: فسمّاه البخاري علماً وهو خبر آحاد: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب»؛ أي: ليبلغ من حضر منكم وسمع منا؛ الغائب الذي لم يحضر سماع الخطبة . والحمد لله على توفيقه وإحسانه.
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  2. افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والله يأخي لقد أستفدت من مشاركتك كثيرا وأحببتك في الله وزادك الله في علمك ونفعك به في الدنيا والآخرة وحفظك الله في مالك وعرضك ودينك.

  3. #3

    افتراضي

    جزاك الله خير استاذنا مالك
    هل ستتبع مشاركات تشرح هذا النقل (لأنه مليء بالتعميمات و يفتقر الى الاشارات و الأمثلة) ؟

    مثال: باتصالها بتراث الفلاسفة
    هذا تعميم فنحن لا نفهم اي تراث بالضبط و لا اي فلسفة و لا فلسفة من و لا اي فرع من فروعها...الخ

    فالاعتراض الأول: إن هذه القسمة لم تكن معلومة في عهد الصحابة والتابعين.
    و كذلك تقسيم علم النحو علم الصرف بالتفاصيل المعروفة اليوم أو تقسيم توحيد الربوبية توحيد الحاكمية الخ... أنا أعتقد أن الصحابة جمعوا القرآن بالتواتر إلا آية واحدة بآحاد لكن حتى هذا الآحاد كان له ميزة خاصة و لذلك أعتقد كما ان التواتر مرتبات فكذلك الآحاد مرتبات.. ربما قد تفكر في أمثلة طبق فيها الصحابة (إن جاءكم فاسق بنبأ..) على شخص (س) لكن لم يطبقوها على الآخر و الآخر.. # لكن أنا لست متخصصا في علوم الحديث حتى أفهم الكلام من ذلك المنظور و لكن لي بعض المواقف من اقحام الفلسفة بالترحيب أو الابعاد من هذا او ذاك الجانب و لا استطيع أن أوضح ذلك بدون أن أفهم كلام الناقد بشكل جيد..

    على أي النص كما هو الآن فيه كثير من المشاكل و التعميمات و يحتاج الى تحليل و شرح و إذا كان الاستاذ صاحب النص يقصد هدف معين فأعتقد أنه عليه أن يتكلم عن الهدف عينه ينقل منه و يرد مثلا فلان (أ) يقول ب "ج" و ال "ج" هذا من تراث الفلسفة ال (ر) فرع ال (ز) و يقول احد فلاسفة الفلسفة (ر) اسمه (ب) في كتاب كذا (أو نقل عنه فلان كذا) و المشكلة في هذا ال "ج" هو (ق) و الرد هو: ....##
    التعديل الأخير تم 02-18-2010 الساعة 04:46 PM
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  4. #4

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا

  5. #5

    افتراضي

    ملف بعض اقوال العلماء عن الادلة العقلية البراهين اليقينية و النقلية

    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=15053

  6. #6

    افتراضي

    موضوع ذو صلة

    أسس اليقين بين الفكر الديني والفلسفي / الدكتور يوسف محمود محمد

    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...207#post160207

  7. #7

    افتراضي

    و كذلك تقسيم علم النحو علم الصرف بالتفاصيل المعروفة اليوم أو تقسيم توحيد الربوبية توحيد الحاكمية الخ... أنا أعتقد أن الصحابة جمعوا القرآن بالتواتر إلا آية واحدة بآحاد لكن حتى هذا الآحاد كان له ميزة خاصة و لذلك أعتقد كما ان التواتر مرتبات فكذلك الآحاد مرتبات.. ربما قد تفكر في أمثلة طبق فيها الصحابة (إن جاءكم فاسق بنبأ..) على شخص (س) لكن لم يطبقوها على الآخر و الآخر.. # لكن أنا لست متخصصا في علوم الحديث حتى أفهم الكلام من ذلك المنظور و لكن لي بعض المواقف من اقحام الفلسفة بالترحيب أو الابعاد من هذا او ذاك الجانب و لا استطيع أن أوضح ذلك بدون أن أفهم كلام الناقد بشكل جيد..
    التقسيم بذاته إن صحّ فلا مشاحة فيه، فاستعمال المتواتر والآحاد كثير في كلام أهل العلم ولم ينكر ذلك عليهم أحد، وإنما المنكر هو استغلال هذا التقسيم في التهوين من السنة المطهرة وحجيتها، ورد ما صح من الحديث بدعوى أنه آحاد، لا سيما في مسائل الاعتقاد فكان هذا التقسيم بابًا عظيمًا ولج منه أهل البدع ونفثوا سموم شبهاتهم، وهذه المقالات الفاسدة لهم ليست مبنيه على مجرد التقسيم فقط، بل هي مبنيه على اتباع الآراء والأهواء؛ بدليل أن هؤلاء الضلال أنفسهم لم يقبلوا الأخبار المتواترة التي تخالف مذهبهم، فلو كان مجرد التقسيم يحل المشكلة لقبلوا هذه الأخبار المتواترة.

    ومعلوم أن أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم- كانت محل تسليم وقبول بدءاً من عهد الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وسلف الأمة الأخيار ، من غير تفريق بين المتواتر والآحاد، وبين ما يتعلق بأمور المعتقد وما يتعلق بالأحكام العملية ، فكان طريق العلم والعمل بها هو الخبر الصادق، وكان الشرط الوحيد في قبول الحديث هو الصحة ، سواء قل رواته أم كثُروا ، ولم يكونوا يطلبون أمرًا زائدًا على الصحة، حتى ظهرت بدع الاعتقاد ، وتأثر فئام من الناس بالمنهج الفلسفي الكلامي، فأعملوا عقولهم وآراءهم وقدموها على الوحي ، وعلى كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام ، تحت دعوى تقديس الوحيين ، وتعظيم الله وتنزيهه عما لا يليق به .
    التعديل الأخير تم 03-02-2010 الساعة 12:48 PM
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  8. #8

    افتراضي

    تقسيم السنة إلى متواتر وآحاد

    د . عبدالكريم بن عبدالله الخضير

    السؤال هناك من يقول أن التقسيم للسنة إلى متواتر وآحاد أمرٌ حادث قال به أهل البدع لرد الأحاديث، ولهذا لم يرد عن السلف هذا التقسيم، فما رأيك؟ .

    الجواب لو قلنا أن كل هذه التقسيمات لم توجد عن السلف، ابحث عن كلام الصحابة عن كل من الصحيح والضعيف والحسن فهل تجد شيء ؟ فهذا التقسيمات اصطلاحية، و لا أحصي ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- ومثّل للمتواتر بأحاديث، وقسّم المتواتر إلى لفظي ومعنوي، كل هذا موجود في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الذي تصدى لأهل البدع.

    إذا وجد هذا الكلام، نعم لو لم يلفظ به إلا مبتدع اجتنبناه، لكنه موجود في كلام أهل السنة، وسواء سميناه متواتر أو آحاد أو لم نسمه، الحقيقة حقيقة ، الأخبارُ متفاوتة، هل الأخبار على حد سواء؟ الخبر الذي يأتيك من طريق عشرة مثل الخبر الذي يأتيك عن طريق واحد؟ نعم، لا ، فالأخبارُ متفاوتة ، والخلافُ لفظي، والتسمية اصطلاحية، ولا مشاحّـة في الاصطلاح، وإذا عرفنا أن شيخ الإسلام –رحمه الله- نطق بالمتواتر وأن في السنة متواتر وأنه يفيد القطع ومنها المتواتر اللفظي وأن منها المتواتر المعنوي، .

    ونقول العقائد تثبت بالآحاد كالأحكام وينتهي الإشكال، المبتدعة يريدون شيء، حينما يقسّموا إلى متواتر وآحاد يريدون أن يثبتوا أن المتواتر هو المفيد بالقطع والآحاد لا يفيد إلا الظن ، يريدون أن ينفوا كثير مما يثبته أهل السنة في أمورِ الاعتقاد بهذه الطريقة، لا نلتزم بلازمهم، أما كونهم يقولون بشيء وهو صحيح حق، الحقُّ يُقبَلُ ممن ما جاءَ به، لكنَّ باطلهم يُـرد عليهم، ولا يحملنا الحماسة والدفاع على أن ننفي الحقائق، أو نثبت مالم يثبت عن الله أو عن رسوله.

    فمثل واحد يقول أنّ اليهود نفوا صلب المسيح وقتل المسيح، قام واحد من الجُهّال من المسلمين وقال: لا، اليهود قتلوه!! هو يزعم أن اليهود يتقرَّبون إلى النصارى في كلامه هذا من أجل كسب القضيّة وهو يريد أن يكسب القضيّة من طرف آخر، فهذا تكذيب القرآن .

    فأحياناً حماسة بعض طلاب العلم يوقعه في الحَرج فينفي ما هو موجود مُثبت، فالأخبار متفاوتة منها ما يفيد العلم، يعني بمجرد سماعه تجزم بأنه صحيح، ومنها ما يفيد إلا الظن .
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  9. #9

    افتراضي

    وإتماما للفائدة نقول أن هذا التفريق بين العقائد والأحكام إنما بني على أساس فاسد عند أهل البدع وهو أن العقيدة لا يقترن معها عمل ، وأن الأحكام العملية لا تقترن معها عقيدة ، وهو تفريق باطل من أساسه ، وبيانه في ما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله : " فإن المطلوب من العمليات أمران : العلم والعمل ، والمطلوب من العلميات العلم والعمل أيضا وهو حب القلب وبغضه ، وحبه للحق الذي دلت عليه وتضمنته وبغضه للباطل الذي يخالفها ، فليس العمل مقصورا على عمل الجوارح ، بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح ، وأعمال الجوارح تبع ، فكل مسألة علمية فإنه يتبعها إيمان القلب وتصديقه وحبه ، بل هو أصل العمل وهذا مما غفل عنه كثير من المتكلمين في مسائل الإيمان " ....... إلى أن قال : " فالمسائل العلمية عملية والمسائل العملية علمية ، فإن الشارع لم يكتف من المكلفين في العمليات بمجرد العمل دون العلم ولا في العلميات بمجرد العلم دون العمل " أهـ .

    ولذا فإن رد خبر الآحاد في العقائد يستلزم تعطيل العمل به في الأحكام العملية أيضاً ، ويؤول إلى رد السنة كلها ، خصوصاً ونحن نعلم أن كثيراً من أحاديث الأحكام العملية تتضمن أموراً غيبية اعتقادية كقوله - صلى الله عليه وسلم- : ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال ) رواه مسلم .

    كما وأن القول بأن هذه الأحاديث ليست حجة في العقائد يستلزم تفاوت المسلمين فيما يجب عليهم اعتقاده ، مع بلوغ الخبر إليهم جميعاً ، فالصحابي الذي سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم- حديثاً يتضمن عقيدة مَّا ، كحديث النزول مثلاً ، هذا الصحابي هو الذي يجب عليه أن يعتقد ذلك لأن الخبر بالنسبة إليه يقين ، وأما الذي تلقى الحديث عنه من صحابي آخر أو تابعي فهذا لا يجب عليه أن يعتقد موجبه ، حتى وإن بلغته الحجة وصحت عنده ، لأنها إنما جاءته من طريق آحادي ، وهو كلام باطل قطعاً لأن الله جل وعلا يقول: { لأنذركم به ومن بلغ }( الأنعام 19) ، ويقول - صلى الله عليه وسلم- : ( نضر الله امرءاً سمع مقالتي فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى له من سامع ) رواه الترمذي وغيره .
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    Canada
    المشاركات
    1,140
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أخى الكريم
    ارجو تصويبى اذا ما اخطأت
    التواتر يفيد العلم القطعى
    الأحاد يفيد العلم الظاهر ( لا اريد أن اقول الظن الراجح)
    كلاهما يؤخذ به فى الاحكام و العقائد
    فما ظاهره الصحة لا نرفضه و الا لنرفض أى خبر يذاع فى نشرات الأخبار و ليرفض الطلبة ما يقوله المدرس تحسباً لاحتمال توهمه و لنرفض أى خبر لم يصلنا بطريق متواتر و هذه ليست سنة العقلاء
    التعديل الأخير تم 04-01-2010 الساعة 02:22 AM

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    613
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيك أستاذنا مالك مناع، وزادك الله علما و فقها
    يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. إعلان: ماذا لو خالف العقل الشرع؟ ولم يعلم او يقتنع بالحكمة من الشرع؟!
    بواسطة نور الدين الدمشقي في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 02-18-2012, 02:11 AM
  2. نبوة محمد بين الشك واليقين
    بواسطة ~فيصل~ في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-11-2011, 03:12 AM
  3. مراتب الظن بين الشك واليقين
    بواسطة ماكـولا في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 12-08-2010, 02:17 AM
  4. تعليقات: هل الشرع مبناه على «الظن» أو «العلم واليقين» 2؟
    بواسطة الوعد الصادق في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 02-25-2010, 12:15 PM
  5. لغز..(الحقيقة النسبية واليقين المطلق)؟!؟
    بواسطة ابن التراب في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-05-2006, 04:19 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء