النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: سبحان من أوجد فيما نفهم ، لمحة مما لا نفهم!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    3,251
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي سبحان من أوجد فيما نفهم ، لمحة مما لا نفهم!!

    نفس الإنسان وحياته ، غزيرة بالمعاني الدقيقة التي قد تبدو بسيطة وعميقة في نفس اللحظة ، وتعقيدات النفس وما تحمله من مشاعر وأحلام وطموحات ورؤى تبدو كأنها غابة ضخمة متشابكة كلما ازددت فيها عمقا روعك جمالها كما روعك يقينك بأنها ما زالت أوسع من قدرتك على الإحاطة .

    وفي الحياة مشاهد ما أبسطها وما أعقدها .. قصص يستطيع الفلاسفة أن يقضوا زهرة حياتهم في تأملها ، فلا هم يملون ، ولا المشاهد تبهت وتفقد قدرتها على الجاذبية ، ولا قدرتها على العطاء .

    بعض الروحانيات العميقة التي ترسلها إلينا آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال من اقتربوا من الله فعلموا مالم يعلم غيرهم ، وقالوا ما لا يستطيع غيرهم أن يفهمه أو يتذوقه .. بعض تلك الروحانيات لا يمكن فهمها بدون النظر والتأمل في بعض مشاهد الحياة .

    فكرة الموت مثلا ،

    ما أشد بساطتها ، وما أشد عمقها .. ولا زال شيئا يحير العقول ، واستطاعت أن تفني أجيالا من الفلاسفة والمفكرين قضوا في بحثها أعمارهم وما سبروا أعماقها ، وما زالت قادرة على أن تعطي المعاني والأفكار لأجيال وأجيال .. برغم أنها بسيطة .

    لكن انظر إلى ذلك التقريب المعجز المبهر لفكرة الموت ، قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ” والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ” .

    وهنا يبدو مشهد الموت مفهوما ، وأكثر قابلية لأن تستوعبه عقول البشر .. لكنه ينقلك من مشهد معجز لا علم لك به ، ويتركك في بحر مشهد آخر معجز أيضا وتظن أنك على علم به .. وهو مشهد النوم .

    فمن في البشر استطاع ألا ينام ؟ ومن من البشر استطاع مقاومة النوم ؟

    وما سر تلك اللحظات التي تقضيها غائبا عن الحياة والدنيا ، ما سرها في تجديد نشاطك ويقظتك ، وعودة الوعي والتركيز إلى عقلك ؟
    وكيف يبدو ذلك الجسد منهارا في أمس الحاجة إلى لحظات غياب عن الدنيا كي يستطيع النهوض ؟

    وتلك الحواس التي أضناها الإرهاق تبدو وكأنها لا تستطيع مواصلة الحياة إلا بفترة غياب هي الأخرى ؟

    كأن الإنسان مخلوق غير قادر على الخلود في الدنيا ولو أراد .. وجسمه وعقله وروحه هم أول من سيرفضون هذا الخلود وأول من سيعترضون عليه .. بل وأول من سيتوقون إلى الموت والفناء ..

    مشهد معجز يستطيع أن يمدك بالتأملات بلا انتهاء ولا انقطاع .. مشهد بسيط إلى حد البديهية ، وعميق إلى حد الحيرة ، وسبحان الله الذي أوجد في حياتنا ما يمكن أن نفهمه لنؤمن بما لم نره بعد .

    وفكرة اليقين ،

    إذا فكرنا بالمادية المسيطرة على حياتنا سنسأل : كيف يمكن لإنسان أن يثق فيما عند الله أكثر من وثوقه فيما بين يديه ؟ أو دعنا نقول ، كيف يمكن لأي بشر أن يثق في شئ ليس بيده أكثر من ثقته فيما هو في يده فعلا ؟؟

    خصوصا إذا كنا نتحدث عن غيب لا تدركه العقول ، ولا تستطيع قياسه ..

    كيف يمكن أن يستشعر إنسان أمنا بلا حدود ، وهو قابع في ظروف تضعه في خوف بلا حدود .. كيف يمكن لفقير معدم محاصر بالمشكلات أن يبتسم في راحة واطمئنان وكأنه امتلك الدنيا ؟

    ما معنى اليقين ؟؟ وكيف هو ذلك اليقين ؟؟

    كيف ؟؟

    قد نمضي في التساؤلات والحيرة .. لكن الله أوجد لنا مشهدا في الدنيا يقرب الصورة كثيرا .

    مشهد ذلك الطفل الذي إن دفن وجهه في حضن أبيه أو أمه ظن أن الدنيا كلها لا تستطيع الاقتراب منه أو إيذاءه .. أو ذلك الطفل الهارب نحو أبيه أو أمه من خطر يلاحقه ، وهو لا يفكر في أبعد من أن يصل إلى ذلك الحضن .. ذلك الأمان ، مع يقينه الذي لا يقترب منه شك أن الوصول إلى ذلك الحضن يعني الأمان .

    لا تراوده لحظة شك في أن الأب أو الأم لن يكونا قادرين على حمايته .

    مشهد معجز يستطيع أن يمدك بالتأملات بلا انتهاء ولا انقطاع .. مشهد بسيط إلى حد البديهية ، وعميق إلى حد الحيرة ، وسبحان الله الذي أوجد في حياتنا ما يمكن أن نفهمه لنؤمن بما لم نره بعد .

    وفكرة ( لا منجى من الله إلا إليه ) .

    لا يمكنك أن تفهم كيف تلجأ إلى مصدر الخوف ، راجيا فيه الأمن ..

    لا يمكنك أن تفهم إلا لو شاهدت طفلا تخاصمه أمه أو حتى تضربه وهو يندفع نحوها ، ويرتمي في حضنها باكيا ومعتذرا ، راجيا منها الوصال في ذات اللحظة التي تضربه أو تدفعه بعيدا عنها ..

    مشهد فطري يتم بلا حسابات ، ولا تفكير .. معني مغروس في نفس الطفل ، وهو مولود به ..
    وهنا فقط تعلم وتدرك كيف أنه ( لا منجى من الله إلا إليه ) ..

    وتدرك أنك ( صنعة الله ) ومن أحسن من الله صنعة ؟؟

    وفكرة ( البكاء والذل لله ) .

    شئ لا يمكنك أن تفهمه إلا لو شاهدت طفلا يبكي راجيا من أمه أو أبيه .
    إنه يبكي ، وينتحب .. ويعرف أنه لا طاقة له على تنفيذ رغبته تلك أبدا ،

    لذا يبكي .. ينتحب ، وهو في بكائه لا يشعر بالذل قدر ما يشعر بالقوة ، ولا يرى بكاءه ضعفا قدر ما يراه قدرة .. وهو يعرف – بفطرته وحدها – أن بكاءه هذا مؤثر وسلاح يمكنه أن يحقق به رغبته .

    وسبحان الله ..
    سبحان الله ..
    سبحان الله ..

    سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته ..

    سبحان من أوجد فيما نفهم ، لمحة مما لا نفهم...


    بقلم: م. محمد إلهامي. باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية و صاحب مدونة "المؤرخ":
    (http://melhamy.tadwen.com).


    {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا، فستعلمون من هو في ضلال مبين}


  2. #2

    افتراضي

    ما أجمل الكلام أختاه

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كيف نفهم الإسلام ؟؟
    بواسطة اّدم في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 46
    آخر مشاركة: 12-26-2012, 12:52 AM
  2. كيف أفهم هذا الحديث ؟؟
    بواسطة Hassan 60 في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-28-2012, 10:46 AM
  3. كيف نفهم الاسلام
    بواسطة ابو محمد السلفي في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-16-2005, 02:08 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء