علي عزت أنموذج لندرة من الرجال الذين هم أكبر مما يسمح به زمانهم أو مكانهم لهم، وكانت تلك حال البوسنة مع علي، فقد أعطته البوسنة فوق ما تستطيع دويلة محاصرة أن تقدمه من الشهرة والتأثير، وأعطى من الجهاد لبناء أمته المحاصرة الكثير، وأعطى الفكر والثقافة الإسلامية أكثر مما يمكن أن يعطيه مثقف مسجون أو محاصر كحصاره لعقود..نتحدث عنه لأنه جمع بين قوة العقل وإشعاع الروح، بين المحارب حامي البلاد، والمفاوض الشريف، الذي ارتفع فوق ركام كبير من الأحقاد، ومن ضعف النفوس، ومن قصور النظر، ومن التاريخ البائس ليصنع لنا قدوة في زمن صعب. وكانت كتبه عالية القدر عميقة الفكر، وكان سلوكه وأعماله شاهدا صادقا على أقواله. وكان أنموذجا للمثقف المعتدل الواعي الزعيم، ليس فقط بين المسلمين ولكن بين زعماء العالم وثوّاره على مدار قرون بعيدة، فقد حكم مثقفون كبار، ولكنهم أساءوا كثيرا، ونادر منهم من تحلى بصفات سامية، ولكن علي من أبرز نماذج المسلمين المعاصرين لنا الجديرين بالمعرفة والدراسة.
بقلم د. محمد الأحمري
بعد هذه المُقدمة الموجزة لهذا العلم الشامخ سأضع ملخصا (نقلا عن مجلة العصر) لكتاب "نبت الأرض وابن السماء: الحرية والفن عند علي عزت بيجوفتش"، لمؤلفه محمد حامد الأحمري، الذي قدم أغلبه كمحاضرات
Bookmarks