النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: عالم الغيب بين اهل الايمان وأهل الالحاد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي عالم الغيب بين اهل الايمان وأهل الالحاد

    الغيب .. ذلك الذي فرق بين الايمان والكفر , ذاك الذي اهلك امم واحيى امم . اهلك امم بكفرهم به واحيى اخرى بالعمل بما يقتضيه علم الغيب .
    كثيرا ما يقولوا اين الملائكة اين الجن اين الجنة والنار اين العرش والرحمن . كفرا بالله ورسالته وتصديقا بالشيطان واتباعه .
    يقولوا لماذا لا نرى الملائكة وا نرى الله وتحل المسألة.
    لماذ ولماذا اسألة ليس لها نهاية يطرحها اهل الالحاد تعبر عن ضعف بصيرتهم وسطحية تفكيرهم .
    في هذا الموضوع ساخصصه لعلم الغيب وما يترتب عليه من احكام . لا اقصد الاحكام الشرعية فهذا امر لم يختلف المسلمون عليه بان ثبوت النقل يوجب العمل والعلم والاتباع . انما أحكام المحكمة التي ننصبها للكافر . تلك المحكم التي تخاطب عقولهم وتسسائلهم عن اقوالهم , ستظل تلاحقهم مدى عمرهم وتبيت معهم هذه الاحكام اينما باتوا وتقيل معهم اينما قالوا . لا تفارقهم ما دام في عقولهم ما يثبت سلامة ادمغتهم ولا يفارقهم الا باحدى النهايتين الجنون او الموت .
    منزلة الغيب من الايمان وارتباطه بالعمل .
    كانت اول صفات المؤمنين في سورة البقرة مدحهم على يمانهم بالغيب قال تعالى :
    الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
    قال ابن جرير:
    الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3)
    حدثنا محمد بن حميد الرازي قال : حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : { الذين يؤمنون } قال : يصدقون
    حدثني يحيى بن عثمان بن صالح السهمي قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { يؤمنون } يصدقون
    حدثني المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا إسحق بن الحجاج قال : حدثنا عبدالله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع : { يؤمنون } : يخشون
    حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال : قال الزهري : الإيمان العمل
    حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن العلاء بن المسيب بن رافع عن أبي إسحق عن أبي الأحوص عن عبدالله قال : الإيمان التصديق
    ومعنى الإيمان عند العرب : التصديق فيدعى المصدق بالشيء قولا مؤمنا به ويدعى المصدق قوله بفعله مؤمنا ومن ذلك قول الله جل ثناؤه : { وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين } ( يوسف : 17 ) يعني : وما أنت بمصدق لنا في قولنا وقد تدخل الخشية لله في معنى الإيمان الذي هو تصديق القول بالعمل والإيمان كلمة جامعة الإقرار بالله وكتبه ورسله وتصديق الإقرار بالفعل وإذ كان ذلك كذلك فالذي هو أولى بتأويل الآية وأشبه بصفة القوم : أن يكونوا موصوفين بالتصديق بالغيب قولا واعتقادا وعملا إذ كان جل ثناؤه لم يحصرهم من معنى الإيمان على معنى دون معنى بل أجمل وصفهم به من غير خصوص شيء من معانيه أخرجه من صفتهم بخبر ولا عقلالقول في تأويل قول الله جل ثناؤه : { بالغيب }
    حدثنا محمد بن حميد الرازي قال : حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : { بالغيب } قال : بما جاء منه يعني : من الله جل ثناؤهحدثني موسى بن هرون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم { بالغيب } : أما الغيب فما غاب عن العباد من أمر الجنة وأمر النار وما ذكر الله تبارك وتعالى في القرآن لم يكن تصديقهم بذلك يعني المؤمنين من العرب من قبل أصل كتاب أو علم كان عندهم
    حدثنا أحمد بن إسحق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا سفيان عن عاصم عن زر قال : الغيب القرآن
    حدثنا بشر بن معاذ العقدي قال : حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله { الذين يؤمنون بالغيب } قال : آمنوا بالجنة والنار والبعث بعد الموت وبيوم القيامة وكل هذا غيب
    حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا عبدالله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس { الذين يؤمنون بالغيب } : آمنوا بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه وآمنوا بالحياة بعد الموت فهذا كله غيب
    وأصل الغيب : كل ما غاب عنك من شيء وهو من قولك : غاب فلان يغيب غيباوقد اختلف أهل التأويل في أعيان القوم الذين أنزل الله جل ثناؤه هاتين الآيتين من أول هذه السورة فيهم وفي نعتهم وصفتهم التي وصفهم بها من إيمانهم بالغيب وسائر المعاني التي حوتها الآيتان من صفاتهم غيره
    فقال بعضهم : هم مؤمنو العرب خاصة دون غيرهم من مؤمني أهل الكتاب
    واستدلوا على صحة قولهم ذلك وحقيقة تأويلهم بالآية التي تتلو هاتين الآيتين وهو قول الله عز وجل : { والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك } قالوا : فلم يكن للعرب كتاب قبل الكتاب الذي أنزله الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم تدين بتصديقه والإقرار والعمل به وإنما كان الكتاب لأهل الكتابين غيرها قالوا : فلما قص الله عز وجل نبأ الذين يؤمنون بما أنزل إلى محمد وما أنزل من قبله بعد اقتصاصه نبأ المؤمنين بالغيب علمنا أن كل صنف منهم غير الصنف الآخر وأن المؤمنين بالغيب نوع غير النوع المصدق بالكتابين اللذين أحدهما منزل على محمد صلى الله عليه وسلم والآخر منهما على من قبل رسول الله
    قالوا : وإذ كان ذلك كذلك صح ما قلنا من أن تأويل قول الله تعالى : { الذين يؤمنون بالغيب } إنما هم الذين يؤمنون بما غاب عنهم من الجنة والنار والثواب والعقاب والبعث والتصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله وجميع ما كانت العرب لا تدين به في جاهليتها مما أوجب الله جل ثناؤه على عباده الدينونة به دون غيرهمذكر من قال ذلك :
    حدثني موسى بن هرون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أما { الذين يؤمنون بالغيب } فهم المؤمنون من العرب { ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } أما الغيب فما غاب عن العباد من أمر الجنة والنار وما ذكر الله في القرآن لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أصل كتاب أو علم كان عندهم { والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون } هؤلاء المؤمنون من أهل الكتاب
    وقال بعضهم : بل نزلت هذه الآيات الأربع في مؤمني أهل الكتاب خاصة لإيمانهم بالقرآن عند إخبار الله جل ثناؤه إياهم فيه عن الغيوب التي كانوا يخفونها بينهم ويسرونها فعلموا عند إظهار الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك منهم في تنزيله أنه من عند الله جل وعز فامنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وصدقوا بالقرآن وما فيه من الإخبار عن الغيوب التي لا علم لهم بها لما استقر عندهم بالحجة التي احتج الله تبارك وتعالى بها عليهم في كتابه من الإخبار فيه عما كانوا يكتمونه من ضمائرهم أن جميع ذلك من عند الله
    وقال بعضهم : بل الآيات الأربع من أول هذه السورة أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم بوصف جميع المؤمنين الذين ذلك صفتهم من العرب والعجم وأهل الكتابين وسواهم وإنما هذه صفة صنف من الناس والمؤمن بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله هو المؤمن بالغيب
    قالوا : وإنما وصفهم الله بالإيمان بما أنزل الى محمد وبما أنزل إلى من قبله بعد تقضي وصفه بالإيمان بالغيب لأن وصفه إياهم بما وصفهم به من الإيمان بالغيب كان معنيا به أنهم يؤمنون بالجنة والنار والبعث وسائر الأمور التي كلفهم الله جل ثناؤه الإيمان بها مما لم يروه ولم يأت بعد مما هو آت دون الإخبار عنهم أنهم يؤمنون بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الرسل ومن الكتب
    قالوا : فلما كان معنى قوله تعالى ذكره : { والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك } غير موجود في قوله { الذين يؤمنون بالغيب } كانت الحاجة من العباد إلى معرفتهم صفتهم بذلك ليعرفوهم نظير حاجتهم الى معرفتهم بالصفة التي وصفوا بها من إيمانهم بالغيب ليعلموا ما يرضى الله من أفعال عباده ويحبه من صفاتهم فيكونوا به إن وفقهم له ربهم ( مؤمنين )
    ذكر من قال ذلك :
    حدثني محمد بن عمرو بن العباس الباهلي قال : حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد قال : حدثنا عيسى بن ميمون المكي قال : حدثنا عبدالله بن أبي نجيح عن مجاهد قال : أربع آيات من سورة البقرة في نعت المؤمنين وآيتان في نعت الكافرين وثلاث عشرة في المنافقين
    حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي عن سفيان عن رجل عن مجاهد بمثله
    حدثني المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا موسى بن مسعود قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله
    حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا عبدالله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس قال : أربع آيات من فاتحة هذه السورة يعني سورة البقرة في الذين آمنوا وآيتان في قادة الأحزاب
    وأولى القولين عندي بالصواب وأشبههما بتأويل الكتاب القول الأول وهو : أن الذين وصفهم الله تعالى ذكره بالإيمان بالغيب وبما وصفهم به جل ثناؤه في الآيتين الأولتين غير الذين وصفهم بالإيمان بالذي أنزل على محمد والذي أنزل على من قبله من الرسل لما ذكرت من العلل قبل لمن قال ذلك
    ومما يدل أيضا مع ذلك على صحة هذا القول أنه جنس بعد وصف المؤمنين بالصفتين اللتين وصف وبعد تصنيفه كل صنف منهما على ما صنف الكفار جنسين : فجعل أحدهما مطبوعا على قلبه مختوما عليه مأيوسا من إيابه والآخر منافقا يرائي بإظهار الإيمان في الظاهر ويستسر النفاق في الباطن فصير الكفار جنسين كما صير المؤمنين في أول السورة جنسين ثم عرف عباده نعت كل صنف منهم وصفتهم وما أعد لكل فريق منهم من ثواب أو عقاب وذم أهل الذم منهم وشكر سعي أهل الطاعة منهم
    مما سبق يتبين ان الايمان بالغيب تبعا لتصديق الرسول وليس العكس كما يظن الملحد
    لان اساس التصديق هو عدم التكذيب : فلو قلت ان فلانا صادقا كان كلامك يعني انك تصدقه في قول عن اشياء وان لم تكن تراها .
    فلو قلت انك تصدق فلان لانه لا يكذب فاخبرك بامر ممكن فان كنت تراه صادقا لا تمتنع عن تصديقه وان كنت تراه غير ذلك او تشك في صدقه لما قبلت منه الخبر .
    قال الله عز وجل و لنبيه :
    قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
    فمعرفتهم له كان سبيلا لتصديقه له .
    يتبع.............................................. .....
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,498
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    جزاك الله خيراً اخي مجدي على هذا الموضوع

    {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بما ان علم الغيب هو ايمان تصديق بما أخبر الله عز وجل كان ناتج الايمان الفعل بمقتضى هذا الايمان لان الايمان هو تصديق القلب ولا يتم حقيقة الا بتصديق الجوارح لما أخبر الله عز وجل وأخبر به رسوله والا لما أصبح ايمانا فلو كان ابليس مؤمنا بالله لسجد بمجرد سماعه امر السجود لانه يعرف ان الله هو الخالق الحق فكيف لا يطيعه؟
    الاصل ان الغيب ينقسم الى شقين :
    الاول هو ما يتعلق بعلم الغيب كعلم
    الثاني في تحقق الغيب نفسه
    اما الاول ففيه عموم وخصوص
    اما العم فكل انسان اطلع على امور لم يعرفها الاخر فانك تعرف ما بجيبك فلا يصبح ما بجيبك غيبا عليك بل هو من المشاهد المعروف لك ولمن شاهدك او شاركك الفعل ان اختلف عن مثالنا . الا ان ما في جيبك هو غيبا لانه مغيب عن من لم يشاهد ذلك . فتجد ما هو معروف عندك لا تتحير ولا تتردد فيه هو امر صعب على غيرك لا يطيق معرفته وانما قد يتكهن بما معك وقد يصيب وقد يخطيء

    اذا فمعرفتك بما اخبئت معرفة علم ومشاهدة بالنسبة لك ولكنها لمن لا يعرف علم غيب .
    فاذا اخرجت ما في جيبك لغيرك اصبح كل من شاهد ما تحمل يعرف ما تحمل بدون شك او ريبة فيه بما انه واضح جلي , وبقي من لم يشاهد الامر امر غيبي خفي لا يعرفه الا بواسئل المعرفة والا فانه سيتكهن كما تكهن الاخرون .
    لنبين هذه الصورة من كلام الله عز وجل مخبرا عن نبيه عيسى عليه السلام :



    فكان اخبارهم بامر لا يعرف الا بعلم معين دليلا على انه صادقا في ادعائه انه ينبيئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم
    فما اكلوه هو امر معروف لهم ولكن لا سبيل لعيسى عليه السلام بمعرفته طبيعة دون ان تكون دعواه حقا كما أخبر من عند الله

    وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

    فكان اخباره لهم بذلك هو دلالة على صدق نبوته .
    اذا الفغيب الذي استخدمه الانبياء بمثل ذلك كانت دلالة على صدقهم .
    وبما ان هذه الدلالة لا تكون حجة الا على من عاصرها . جعل الله لنبينا صلى الله عليه وسلم دلالات تبين صدقه ذكرت بعضها في دلائل النبوة في هذا المنتدى المبارك وهي كلها حصلت كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
    فهذا كله لم يحصل الا بأخبار الله عز وجل ذلك للانبياء.
    اما يا يحصل من تكهنات الناس ومحاولاتهم فهو ليس كما أخبرنا عن الانبياء , وبيان ذلك انهم يصيبوا ببعض قولهم ويجانبوا الصواب في الكثير وانما هذا امر ممكن معرفة بعدة طرق صحيحة منها معرفة الشيء باسبابه المختلفة . ولكن ما لا سبيل لمعرفته بالعلم المادي المرتبط بالمواد المحسوسة لا يمكن ذلك الا عن طريق النبوة او التكهن . والتكهن او الكهانة انواع: منه الدجل الخالص الذي يعتمد على ما يحتمل وتتبع الاخبار والتجسس على الضحية
    ومنها التعاون مع الغير من انس وجن لمعرفة ما يمكن لاحده من معرفته ولكن هذا الباب ي تعلق بما هو موجود لا على ما سيحدث.
    اما العلم المطلق للغيب فهو لله عز وجل بعلمه الكامل لما حدث وما لم يحدث وما سيحدث
    وهو امر يطلع عليه بعض عباده بحكمة قال الله تعالى :
    قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (27) لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (28)
    فكانت الرسل هي المختصة بذلك من دون الناس . وكان معرفة الناس للامر الذي اخبر به النبي امتحانا لايمانهم من تكذيبهم .


    ....................يتبع ....................
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ومن أهمية علم الغيب للايمان لم يكن فقط امرا للتسليم بل كان دليلا على صحة النبوة نفسها فعلم الغيب دلالة على صدق النبوة :
    ففي القصص في القران دلالات عديدة تبين الربط بين علم الغيب وصدق النبوة وتبين موضع الدلالة ومن ذلك قوله تعالى:



    تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ
    فقد كان يعرف العرب عاد وثمود ومساكنهم دون ان يعلموا من خبرهم شيئا . وما كان لابن نوح خبرا في التوراة ولا الانجيل . فخصص الغيب على تلك لانها مما لا يستطيع احد ان يزعم انه نقل من التوراة والانجيل . وكذا كانوا يعلموا ان النصارى تؤله المسيح وان اليهود يعتبروا بنبوة موسى ولكنهم لم يؤمنوا بذلك . بل كانوا يسخروا من النصارى ويضرب بهم المثل بالجهل اذا انهم يرون انه لا ينبغي لبشر ان يكون اله .

    وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ
    فكان صدهم عنه انهم لم يعلموا عنه الا ما أخبرت النصارى من كونه اله او ابن اله او انه احد الشخصيات الثلاث لاله البشر!!! وكانوا يسمعوا من اليهود القول الاخر والفرية العظيمة :
    وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً
    فكان معرفتهم بالمسيح على قدر ما علموا من النصارى ومعرفتهم بالتوراة على قدر ما اخبرهم اليهود من كون النبوة لا تخرج من عندهم فكانت المعلومات التي يعرفها العرب معلومات مضللة.

    فكان كلام اله عز وجل مكذبا دعواهم و مبيننا حقيقة المسيح بكونه بشرا وكونه خلق من غير اب فنفى عن امه الشبهة ونفى عنه اطراءه.
    وكان من القصص الامر الذي لم يعلمه النصارى ولا عرفوه في كتبهم وهو امر متعلق بتلك الفتاة المباركة التي لم يعلم عنها النصارى انفسهم الا بعد يحيى عليه السلام في اناجيلهم المعترف بها .

    ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
    فكان ذكر الغيب معه اية اخرى لبيان كيف كفلها زكريا واصبحت عنده ومن يعرف الاناجيل يعرف ان هذا لا تجده في كتبهم فهم يكتفوا بامور عامة دون توضيح لذلك مع ان كتبهم تفصل في توافه الامور من اسماء وانساب وتفاصيل .
    وكذا الامر بالنسبة لقصة يوسف فعد قراءة التوراة ستصل الى درجة التناقض لما بدل بنوا اسرائيل في كتبهم عن كيفية وضع يوسف بالجب و وكيف اصبح عند ال فرعون . الا ان الصورة واضحة جدا في القران وهي خالية من تناقض التوراة في هذه النقطة وتجد كلام الله عز وجل يشير الى ذلك :

    ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ
    فاجماع الامر يدل على حالة الترصد مع الصرار على الشي لا التردد الذي في التوراة لان اجماعهم كان قبل طلب يوسف من ابيه ووضعه بالجب كان مجمعا عليه بينما لو رجعت الى التبديل الذي في التوراة ستجد انهم لم يخططوا لذلك وانما اتى امرا رغما عنهم وافتعلوا الدم بعد ذلك .
    الدلالة هنا ان القران اخبر عن موطن التغير بالتوراة واساسه بعد ذكر القصة وذكر فعل اخوة يوسف كما بدرت منهم لا كما ذكر في التوراة اذ ان التوراة غيرت في هذه النقطة لعدة اسباب اولها نسب الزنى لاصل المسيح لانهم يذكروا ان جد المسيح زنى وكان من نواتج زناه توئم احدهم من يذكر في نسب المسيح بالاناجيل . وما يعرف عندهم بان ابن الزنا لا يدخل فيهم الانبياء وهذا فخ افتعلوه للنصارى ليكذبوا نبوة المسيح .
    . فكان القصص في القران دليلا على صدق النبوة وتأيدا لها . وفضحا لما بدل اهل الكتاب في كتبهم . وكان قصصا متناسقا في سور مكرر وغير متناقض على عكس ما بقي في كتب اهل الكتاب من كلام متتابع متناقض . فكان القران كتابا متشابها يصدق بعضه بعض . و وما كان حديثا يفترى بمثل ما افتري على الانبياء من قبل اهل الكتب من تغير وتبديل :
    لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
    فكان القصص مما لم يدخل فيه افتراء اهل الكتاب في كتبهم ولا بما يكذبه المبطلون لكنه تصديقا لاصل الكتب السماوية انها من عند الله وفيها بيان كل شيء. دون دخول التحريف الذي ادخل على اصله فصدقه في اصوله وانه من عند الله كالصحف والتوراة والانجيل والزبور بما يؤكد اصلها انه من عند الله ويبين اين دخل التحريف والافتراء على الله عزوجل وعلى رسله .
    .................................يتبع
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    النوع الثاني من الغيبيات هو ما يكون موجودا وقت الكلام عنه ولكن لا يعلمه الا النبي مثل ما سبق عن قول المسيح عليه السلام :
    وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
    وبنفس الامر اخبر نبينا صلى عليه من رب العزة عن احوال المنافقين فيما لا يمكن للناس معرفته لانه مغيب عن الناس ومنه:
    أخبار المعذرين غير اولي الاعذار الذين فضحهم القران وبين كذبهم فان كان قوله تعالى :
    فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ
    فقولهم لا تنفروا بالحر مما يمكن ان يكون غيرهم من غير المنافقين سمعوا به . ولكن هل يمكن احد ان يعرف ذلك الامر؟:
    وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90) لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (91) وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (93)
    فقد استثنى الذين لا يجدوا ما ينفقوا والثلاث الذين اعترفوا بما فعلوا من تخلفهم وهم بحالة يسر وقوة واستثنى الضعفاء والمرضى . اذا فكل من بقي من غير هم هم ممن ذكر الله عنه ان كانوا تعذروا للخروج بسبب اخر
    يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)
    فقد أخبر عن تخلفهم وسببه وثم أخبر عن حالهم بعد وصول النبي والذين امنوا ثم اخبر عن سبب اعتذارهم بانه للاعراض لا ندم . وأخبر عن أحوال من كان خلفهم من الاعراب واحوالهم وما سيفعله بهم من عذاب وكله حصل حسبما اخبر الله عز وجل .
    ومن ذلك عندما عزم النبي على الصلاة في مسجد ضرار اخبره الله عز وجل بعدم الصلاة فيه وأخبره بنية من بناه وعدهم من المنافقين
    :وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
    فعندما جائهم النبي حلفوا له كما أخبر الله عنهم والله شهد على كذبهم قبل كلامهم الذي لم يكونوا قد فعلوا منه شيء ثم قالوا وحلفوا كما أخبر الله عنهم .
    وبين حالهم يوم يسمعوا كلام الله وبين قسوة قلوبهم وعدم منفعتهم بالهدى بعد ان اعرضوا حتى ختم على قلوبهم واصبح اعراضهم صفة لازمة لاشخاصهم :
    وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124)
    فبين حالهم وبين لهم ما يبدوا عليهم كل عام من افتتانهم وفضحهم على الملاء بوحي او بفعل ظاهر ولذلك اخبر عنهم ان حالهم يوم تنزل السورة :
    وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ (125)
    ووعظهم وقال لهم قولا بليغا بتذكيرهم بحالهم السابق:
    أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126)
    وبين صدق المؤمن وكذب اهل النفاق مع ان اهل النفاق اكثر عددا واكر اصرارا وحلفا بالكذب على انهم لم يتحدثوا عن الرسول والصحابة بالسوء فأخبر الله كذبهم وبين صدق الصابي الصادق :
    يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (74)
    وأخبر فيها امورا حتى سميت براءة بالفاضحة لانها فضحت اهل الكفر والنفاق واخرجت ما بباطنهم فاتبع تخوفهم بنزول الوحي فيبهم بفضح ما بنفوسهم :
    يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ
    فلم يكن علم الغيب الا تثبيت للمؤمنين على ايمانهم و زيادة اهل الرجس رجسا الى رجسهم . وكانت دلالة على كذب اهل الرجس. ودعوة لهم لتطهير قلوبهم والتوبة الى الله العزيز الحكيم .
    يتبع-----------------------------
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    النوع الثالث من الغيبيات هو اخبار ما سيكون باذن الله .
    وهذا النوع كثير في القران والسنة وهو امر يختلف عن التوقع لان التوقع قد يحصل وقد لا يحصل او يحصل جزء دون اخر . اما في القران ففيه عن غلب الروم للفرس في بضع سنيين وفه عن ظهور الاسلام وفيه عن موت اناس على الكفر وأخرين على الايمان . ومنه ان الرسول بشر سراقة بسواري كسرى فما مات سراقة حتى ملك ما اخبره الرسول به ووعده به . فكان تحقق كلام النبي يدل على صدقه .
    وهذه الانواع الثلاث من الغيبيات انما تكون غيبيات جزئية اي انها غيب على بعض الناس دون بعض فاذا حصل الامر كان دلالة على صدق قائله وتتابع الامر يزيد اليقين . وهذه الانواع ليست مما يعترض عليها اهل الالحاد ولكنهم يفسرونها بطرقهم الملتوية .

    النوع الرابع من الغيبيات هو الاخبار عن موجود غير مدرك للعيان كالملائكة والجنة والنار والعرش والكرسي والسماوات السبع بما لا ندرك وأخبرنا الله عنها لان الامر فيه اجمال وتفصيل ولا يصح فيه التدليس ولا التحريف.
    ومن هنا نبدء بالحديث عن عالم الغيب الذي يطلب الملحد رؤيته من جنة ونار وجن وملائكة وعرش وكرسي ورب جل عن العيوب ولا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار.

    وهنا انبه الى امرين هامين : الاول ان مقالة أهل الالحاد في عصرنا الحاضر لم تزد عن مقولة ابو لهب او ابوجهل وانما هي نفس الاقوال والافعال.

    وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
    ******************************************

    وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ
    *******************************************

    وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
    **********************************************

    وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً
    الثاني : ان أهل الالحاد مع كفرهم بالله عز وجل وملائكته الا انهم قبلوا بأشياء لا يقبلها العقل السليم وصدقوها مع انهم كذبوا بالوحي والقران .مع ان الغيبيات هي من الممكنات لا من المستحيلات!
    .ككلامهم عن اصل الانسان وتطور الكائنات تطورا كليا
    وعن تفسيرهم للظواهر الغريبة مثل الاطباق الطائرة ومثلث برمودا
    وعن كلامهم عن الكون وتوسع السماء بطريقتهم وقولهم عن السماء بانها فضاء وانها فراغ وهذا امر مرتبط بفهمهم الضعيف
    ومن ذلك كتاباتهم القصص الخرافية عن احياء الموتى بالمواد الكميائية
    وعن تغير الانسان الى مخلوق اخر بسبب معين
    وعن كلامهم عن الة الزمان وامكانية العودة للماضي او توقف الزمان لا ادواته
    ومثل كلامهم بأن المادة خلقت نفسها .
    يتبع................................
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الرد على اهل الالحاد في انكار الغيبيات

    سيكون الرد بناحية فكرية منهجية تعتمد على اسلوب القران في الرد على اهل الالحاد جملة وتفصيلا وهو منهج اعتمد على العقليات بدرجة اولى ثم على على رد المجهول من الفعل الى المعلوم منها باسلوب عقلي منطقي شيق وممتع .

    فان كانت قلوب ملاحدة اخر الزمان قد اجتمعت مع قلوب ملاحدة اول الزمان في مرض عضال اصله عدم ادراك المسألة اصلا نقوم بتوضيح المسألة لان اهل الالحاد ينقض قولهم فعلهم لنتعرف على الامر الذي طلب منهم وكيف اجابوه .
    اصل الايمان الداخلي هو التصديق فان خالف الباطن الظاهر كان نفاقا وان وافق الظاهر الباطن كان المصدق مؤمنا والمكذب كافرا حتى لو وافق بعض العمل مثل اهل الايمان فالعمل مقرون بالايمان مثل اقتران الايمان بالعمل .
    طلب من الناس بعد الدلالات البينات ان يصدقوا الرسول بما أخبرهم من امور لا ينفيها العقل ولا تتعارض مع صفات ما أخبر الله عن تلك الامور . فطلب منهم الايمان ولكن انظر كيف كانت الاجابة .
    طلب منهم الايمان بالله والملائكة :

    وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ
    فلم تكن شبهتهم في محلها فاذا طلب منك تصديق المخبر بشيء فانت اما تصدقه واما تكذبه ولكن لو رأيت ما أخبرك به لما كنت مخيرا اصلا بالايمان به لانك ستراه ويصبح امرا مشاهدا . فلو قال لك انسان ان في بيتي عين ماء تمر في بستاني . فان كنت ترد عليه لا اصدقك حتى ارى الماء فقال لك انت تعرف صدقي ولكنه قال اعرف صدقك ولكني لم ارى العين . فقال لك انظر الى الماء انه من بستاني قادم فقال لا أصدق حتى ارى كان اخر كلامه نقضا لاوله . ولكن لو رأى العين وقال بعدها لصاحبه انا اعرف انك لا تكذب لما قبل منه صاحبه ذلك الامر .
    فطلب المشرك رؤية الله او الملائكة كان طلبا في غير محله اذ لو رأى الملحد الملاك لما كان معنى لايمانه به والله عز وجل اخبر ان الكافر لن يرى ربه في الدنيا ولا في الاخرة . فهل كان طلبهم رؤية الملائكة للايمان بها معنى؟ وقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم مثلا في ذلك قال البخاري
    حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى قال
    : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما فقال رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء فأطاعه طائفة فأدلجوا على مهلهم فنجوا وكذبته طائفة فصبحهم الجيش فاجتاحهم )
    حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
    : ( إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوما فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاء فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق )
    وروى مسلم نحوه

    اذا فالتصديق والتكذيب هو ناتج الايمان والكفر فالايمان بالشي تصديقا له ولما كان تكذيبهم للغيب علنا لن ينفعهم تحقق هذا النوع من الغيب بل انه من نذير لسوء عاقبتهم :

    وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً (22)
    اذا فسؤال الملحد برؤية الامر الغيبي هو سؤال باطل لا يصح حتى عقلا للايمان وانما يصح للشهادة وليس للغيب فالرؤيا تجعل الغيب مشاهدا فلا يطلب منه الايمان بعد ذلك .

    فهذا اصل ابطال سؤالهم عن طلب رؤية الغيب حتى يؤمنوا فلو كان الامر كذلك وشاهدوا لما كان لتصديقهم معنى او اثر لغيره من الامور لان الكثير من الانواع السابقة رأها الناس ولم يؤمنوا بالاخرى .


    زعم الملاحدة ان الغيب يتعارض مع العقل . وهذا زعم باطل من عدة وجوه :
    اولها ان العقل ينفي المستحيل المتناقض والعقل يقبل وجود صانع لكل شيء بل وينفي وجود مصنوع من غير صانع فقال الله عز وجل :
    أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ
    فكان وجود الشيء المصنوع دلالة على الصانع ولم يكن يوما العقل ينفي ذلك ولكنه قد يبحث عن الخالق او عن صفاته من قدرة وعلم مما يعلم من احكام الخلق الذي يراه مشاهدا في حياته . فكان وجود الصانع المتقن الكامل امرا معروفا :
    فلو كان هذا الخالق ضعيفا لما كان الخلق محكما ولو كان غير حكيم فلا ترى التوازن في الخلق.

    اما الملائكة وغيرها مما أخبر الله عنها فجملتها مما يقبل العقل وجودها ضمن اوصافها التي اخبر الله عنها . والعقل لا يحيل وجود الشيء لعدم ادراكه وانما يحيل العقل اجتماع الضدين المتناقضين في نفس الشيء مرة واحدة ويحيل وجود المتناقضات مع ما يألف ويشاهد .


    ..............................................يتبع
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اسلوب القران بتعريف الامر الغيبي عن طريق الامر المشاهد .
    وذلك ان الله عز وجل قد جعل من اياته البينات في المخلوقات ما يعرف الانسان به صدق ما أخبرت به الرسل وعلى سبيل المثال :البعث بعد الموت :قال العزيز الحكيم:

    عَمَّ يَتَسَاءلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)
    زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7)
    وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (38) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ (39) إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (40)
    أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)
    كانت نظرتهم الى الحياة والى اجسامهم هي التي جعلتهم ينكروا البعث اي تحلل الاجسام :
    وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8)
    يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ
    أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)
    انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً (48) وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (49) قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً (50) أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً (51)
    وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (7) وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8)
    فحجة الملاحدة في أخر الزمان لم تتغير عن حجتهم في اول الزمان الا وهي الشك والشك بحاجة لازالة ببينة واضحة فبين لهم الله ان ذلك غير مستحيل بل هو ممكن لان الشيء الموجود غير محال الوجود اصلا واعلمهم انه حقا لا مرية فيه بدلائل متنوعة كلها تدل على صدق الله وسخافة عقولهم بعدة طرق نبين منها :
    اولا الحدوث يدل على الامكان عقلا :
    اذا وجدت اي شيء مصنوع فانك تعلم ان من صنعه قادر على صنع مثله . بالنسبة للناس تعلم ان الحداد متمكنن بالحدادة وانه يصنع ما يمتهنه ويتقن امورا معينة فيكون ما يعمله هو الدلييل على مقدرته على صنع المثل او اعادة الصنع من البداية . ولما كانت الامكانية من بديهات العقول اشار الله عز وجل اليها لانها اكثر الايات دلالة .
    قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً (50) أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً
    فبين عز وجل ان الذي خلقهم اول مرة قادر على اعادتهم وبين عز وجل ان هذا الدليل لا يستطيع عاقل على رفضه فيبن عز وجل انهم لن يجادلوا في ذلك وانما سيتجه حوارهم الى امر جديد متى هو !!!!! وهو ما يستخدمه للغيبيات التي تكلمنا عنها سابقا . فاذا كان ما يطلبوا هو المقترح لايمانهم . فان ايمانهم بعد المعرفة لا ينفع لانه سيصبح عالم مشاهدة وليس علم غيب
    فما فائدة تأدية ما طلب منهم بعد رؤيتهم له!؟
    اما الاسلوب الثاني فهو البرهنة عن طريق الادراك ذلك بان الله خلق السماوات والارض لا يعجز ان يخلق شيء من اجزائها فصانع الكل لا يعجزه البعض وصانع الاصعب على الناس لا يصعب عليه الاضغر . وليس الامر الا امرا واحدا لان هذا وهذا اهون على الله من ان يعجزه .
    والهون المذكور بالاية هو هون الشيء اي ذله واما هون التفاضل فليس المعني هنا .

    ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98) أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً (99)

    الطريقة الثالثة : التعبير بالمثل لمن لا روح له :

    يتبع.............................................. ........
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اما الطريقة الثالثة فهي تذكير الحي بامور تحصل كثيرا في حياته فيكون طريقة حياتها دليلا على ان الحياة بعد الموت ليست امرا صعبا على من اوجدها اول مرة .
    اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)
    وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)
    فحياة الارض بالنبات هي دليل على النشور . وذلك ان النبات الذي ينبت بالمطر او ما يسمى بالموسمي فهو ينبت مثل الاصل الذي نشأ منه ولا ينشيء غيره بدلا منه .
    لان اصل الانسان تراب والجسد يبلى ويتحلل . فتحلل الانسان ليس طريقا الى ضياعةه لان الله يجمع الانسان من التراب وليس التراب هو الانسان ولا النبات وان كان اصلهما منها ومن الماء.

    فهذه الطرق الثلاث هي دليل على صحة البعث ودليل على نقص عقول من انكر امكانيته .
    اما باقي الغيبيات فكل واحدة تتناسب مع طبيعتها التي اخبر الله عنها حتى انك تجد وصف الشيء يتناسب مع الايمان به فالملاك ليس بشرا والجن ليس خارقا وان كان عنده قدرات وكل شيء محكوم بطبيعته وتكوينه الذي خلقه الله عز وجل فيه.
    اما اختلاف الطبيعة فهذا الامر الذي لم لم يفهمه اهل الالحاد.
    ومن ذلك ان الخصائص الشيء هي مما يحتاج اليه وانه يتغير وفقا لخصائصه :
    مثال ذلك النار التي خلقها الله ليعاقب بها الكفار . فلو كان الكافر بجلده ولحمه كما هو في الدنيا لما تعذب في النار وانما كان ذلك بطريقة تتناسب مع الموقف ولا يزول معها الاثر لان زواله زوال للعذاب وكذا نعيم اهل الجنة لا يزول لان زوال النعيم قطعة من العذاب ومن تحول من حال الى حال اقل كان ذلك عذابا له . فتغير الطبيعة هو امر حتمي لبقاء النعم كعدم عرم الانسان في الجنة وعدم اتباع لذة بعذاب او نصب.
    ومن ذلك الغيب ما اخبر الله عنه:
    وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً


    وهذا حض من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على تبليغ رسالته وإعلام منه أنه قد تقدم منه إليه القول بانه سيمنعه من كل من بناه سوءا وهلاكا يقول جل ثناؤه : واذكر يا محمد إذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قدرة فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته ونحن مانعوك منهم فلا تتهئب منهم أحدا وامض لما أمرناك به من تبليغ رسالتنا وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التاوبل
    ذكر من قال ذلك :
    حدثنا محمد بن المثنى قال : ثنا عبد الصمد قال : ثنا شعبة عن أبي رجاء قال : سمعت الحسن يقول : أحاط بالناس عصمك من الناس
    حدثنا ابن حميد قال : ثنا يحيى بن واضح قال : ثنا أبو بكر الهذلي عن الحسن { وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس } قال : يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك فعرف أنه لا يقتل
    حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد { أحاط بالناس } قال : فهم في قبضته
    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله
    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثنا أبو سفيان عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير قوله { أحاط بالناس } قال : منعك من الناس قال معمر قال قتادة مثله
    حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة قوله { وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس } قال : منعك من الناس
    حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة { وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس } أي منعك من الناس حتى تبلغ رسالة ربك
    وقوله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } اختلف أهل التاويل في ذلك فقال بعضهم :
    هو رؤيا عين وهي ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به من مكة إلى بيت المقدس ذكر من قال ذلك :
    حدثنا أبو كريب قال : ثنا مالك بن إسماعيل قال : ثنا ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس في قوله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به وليست برؤيا منام
    حدثنا ابن وكيع قال : ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس سئل عن قوله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : هي رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به
    حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه
    حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام قال : ثنا عمرو عن فرات القزاز عن سعيد بن جبير { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : كان ذلك ليلة أسري به إلى بيت المقدس فرأى ما رأى فكذبه المشركون حين أخبرهم
    حدثني يعقوب قال : ثنا ابن علية عن أبي رجاء عن الحسن في قوله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : أسري به عشاء إلى بيت المقدس فصلى فيه وأراه الله ما أراه من الآيات ثم أصبح بمكة فاخبرهم أنه أسري به إلى بيت المقدس فقالوا له : يا محمد ما شانك أمسيت فيه ثم أصبحت فينا تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس ! فعجبوا من ذلك حتى ارتد بعضهم عن الإسلام
    حدثنا محمد بن بشار قال : ثنا هوذة قال : ثنا عوف عن الحسن في قوله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : قال كفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يزعم أنه سار مسيرة شهرين في ليلة !
    حدثني أبو حصين قال : ثنا عبثر قال : ثنا حصين عن أبي مالك في هذه الآية { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : مسيره إلى بيت المقدس
    حدثني أبو السائب و يعقوب قالا : ثنا ابن إدريس عن الحسن بن عبد الله عن أبي الضحى عن مسروق في قوله { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : حين أسري به
    حدثنا ابن بشار قال : : ثنا أبو أحمد قال : ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : ليلة أسري به
    حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : الرؤيا التي أريناك في بيت المقدس حين أسري به فكانت تلك فتنة الكافر
    حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } يقول : الله أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس ذكر لنا أن ناس ارتدوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيره أنكروا ذلك وكذبوا به وعجبوا منه وقالوا : تحدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة !
    حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله : { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : هو ما أري في بيت المقدس ليلة أسري به
    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك } قال : أراه الله من الآيات في طريق بيت المقدس حين أسري به نزلت فريضة الصلاة ليلة أسري به قبل أن يهاجر بسنة وتسع سنين من العشر التي مكثها بمكة ثم رجع من ليلته فقالت قريش : تعشى فينا وأصبح فينا ثم زعم أنه جاء الشام في ليلة ثم رجع ! وايم الله إن الحدأة لتجيئها شهرين : شهرا مقبلة وشهرا مدبرة
    حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : هذا حين أسري به إلى بيت المقدس افتتن فيها ناس فقالوا : يذهب إلى بيت المقدس ويرجع في ليلة ! وقال : لما أتاني جبرئيل عليه السلام بالبراق ليحملني عليها صرت باذنيها وانقبض بعضها إلى بعض فنظر إليها جبرئيل فقال : والذي بعثني بالحق من عنده ما ركبك أحذ من ولد آدم خير منه قال : فصرت بأذنيها وارفضت عرقا حتى سال ما تحتها وكان منتهى خطوها عند منتهى طرفها فلما أتاهم بذلك قالوا : ما كان محمد لينتهي حتى يأتي بكذبة تخرج من أقطارها فأتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا : هذا صاحبك يقول كذا وكذا فقال : وقد قال ذلك ؟ قالوا : نعم فقال : إن كان قد قال ذلك فقد صدق فقالوا : تصدقه إن قال ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة ؟ فقال أبو بكر : إي نزع الله عقولكم أصدقه بخبر السماء والسماء أبعد من بيت المقدس ولا أصدقه بخبر بيت المقدس ؟ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا قد جئنا بيت المقدس فصفه لنا فلما قالوا ذلك رفعه الله تبارك وتعالى ومثله بين عينيه فجعل يقول : هو كذا وفيه كذا فقال بعضهم : وأبيكم إن أخطأ منه حرفا ! فقالوا : هذا رجل ساحر
    حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } يعني ليلة أسري به إلى بيت المقدس ثم رجع من ليلته فكانت فتنة لهم
    حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسين قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : { الرؤيا التي أريناك } قال : حين أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم
    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد بنحوه وقال آخرون : ير رؤياه التي رأى أنه يدخل مكة ذكر من قال ذلك :
    حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله : { و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } قال : يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أنه دخل مكة هو وأصحابه وهو يومئذ بالمدينة فعجل رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة قبل الأجل فرد ؟ المشركون فقالت أناس : قد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان حدثنا أنه سيدخلها فكانت رجعته فتنتهم وقال آخرون ممن قال : هي رؤيا منام : إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه قوما يعلون منبره ذكر من قال ذلك :
    حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة قال : ثنا عبد المهين بن عباس بن سهل بن سعد قال : ثني أبي عن جدي قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في لجز بني فلان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات قال : وأنزل الله عز وجل في ذلك { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس }
    وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عني به رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس ليلة أسري به وقد ذكرنا بعض ذلك في أول هذه السورة
    وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن هذه الآية إنما نزلت في ذلك وإياه عنى الله عز وجل بها فإذا كان ذلك كذلك فتأويل الكلام : وما جعلنا رؤياك التي أريناك ليلة أسرينا بك من مكة إلى بيت المقدس إلا فتنة للناس : يقول : إلا بلاء للناس الذين ارتدوا عن الإسلام لما أخبروا بالرؤيا التي رآها عليه الصلاة والسلام وللمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم تماديا في غيهم وكفرا إلى كفرهم
    كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله : { إلا فتنة للناس }
    وأما قوله : { والشجرة الملعونة في القرآن } فإن أهل التأويل اختلفوا فيها فقال بعضهم : هي شجرة الزقوم
    ذكر من قال ذلك :
    حدثنا أبو كريب قال : ثنا مالك بن إسماعيل قال : ثنا أبو عبيدة عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس { والشجرة الملعونة في القرآن } قال : شجرة الزقوم
    حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله : { والشجرة الملعونة في القرآن } قال : هي شجرة الزقوم قال أبو جهل : أيخوفني ابن أبي كبشة بشجرة الزقوم ! ثم دعا بتمر وزبد فجعل يقول : زقمني فانزل الله تعالى : { طلعها كأنه رؤوس الشياطين } وأنزل { ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا }
    حدثني أبو السائب و يعقوب قالا : ثنا ابن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن مسروق { والشجرة الملعونة في القرآن } قال : شجرة الزقوم
    حدتنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن مسروق مثله
    حدثني يعقوب قال : ثنا بن علية عن أبي رجاء عن الحسن في قوله : { والشجرة الملعونة في القرآن } فإن قريشا كانوا يأكلون التمر والزبد وبقولون : تزقموا هذا الزقوم قال أبو رجاء : فحدثني عبد القدوس عن الحسن قال : فوصفها الله لهم في الصافات
    حدثنا ابن بشمار قال : ئنا هوذة قال : ثنا عوف عن الحسن قال : قال أبو جهل وكفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يوعدكم بنار تحترق فيها الحجارة ويزعم أنه ينب فيها شجرة { والشجرة الملعونة في القرآن } قال : شجرة الزقوم
    حدثني عبد الله بن أحمد بن يونس قال : ثنا عبثر قال : ثنا حصين عن أبي مالك في هذه الآية { و الشجرة الملعونة في القرآن } قال : هي شجرة الزقوم
    حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا هشيم عن حصين عن أبي مالك تال في قوله { و الشجرة الملعونة في القرآن } قال : هي شجرة الزقوم
    حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا عبد الله بن المبارك عن رجل يقال له بدر عن عكرمة قال : شجرة الزقوم
    حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا إسرائيل عن فرات القزاز قال : سئل سعيد بن جبير عن الشجرة الملعونة قال : شجرة الزقوم
    حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا هشيم عن عبد الملك العزرقي عن سعيد بن جبير { و الشجرة الملعونة } قال : شجرة الزقوم
    حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم مثله
    حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثني الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد { والشجرة الملعونة في القرآن } قال : الزقرم
    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله
    حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير عن أبي المحجل عن أبي معشر عن إبراهيم أنه كان يحلف ما يستثني أن الشجرة الملعونة : شجرة الزقوم
    حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا إسرائيل عن فرات القزاز قال : سألت سعيد بن جبير عن الشجرة الملعونة في القرآن قال : شجرة الزقوم
    حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال : هي الزقوم
    حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله : { و الشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا } وهي شجرة الزقوم خوف الله بها عباده فافتتنوا بذلك حتى قال قائلهم أبو جهل بن هشام : زعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر وإنا ؟ الله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد فتزقموا ! فانزل الله تبارك وتعالى حين عجبوا أن يكون في النار شجرة : { إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤوس الشياطين } إني خلقتها من النار وعذبت بها من شئت من عبادي
    حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة { والشجرة الملعونة في القرآن } قال : الزقوم وذلك أن المشركين قالوا : يخبرنا هذا أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر حتى لا تدع منه شيئا وذلك فتنة
    حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { والشجرة الملعونة في القرآن } قال : شجرة الزقوم
    حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : { والشجرة الملعونة في القرآن } الزقوم التي سألوا الله أن يملأ بيوتهم منها وقال : هي الصرفان بالزبد تتزقمه والصرفان : صنف من التمر قال : وقال أبو جهل : هي الصرفان بالزبد وافتتنوا بها
    وقال آخرون : ير الكشوث
    ذكر من قال ذلك :
    حدثنا أبو كريب قال : ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن مولى بني هاشم حدثه أن عبد الله بن الحارث بن نوفل أرسله إلى ابن عباس يسأله عن الشجرة الملعونة في القرآن قال : هي هذه الشجرة التي تلوي على الشجرة وتجعل في الماء يعني الكشوثى
    وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا قول من قال : عني بها شجرة الزقوم لإجماع الحجة من م هل التأويل على ذلك ونصبت الشجرة الملعونة عطفا بها على الرؤيا فتأويل الكلام إذن : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القران إلا فتنة للناس فكانت فتنتهم في الرؤيا ما ذكرت من ارتداد من ارتد وتمادي أهل الشرك في شركهم حين أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أراه الله في مسيره إلى بيت المقدس ليلة أسري به وكانت فتنتهم في الشجرة الملعونة ما ذكرنا من قول أبي جهل والمشركين معه : يخبرنا محمد أن في النار شجرة نابتة والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فيها ؟ وقوله : { و نخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا } يقول : ونخوف هؤلاء المشركين بما نتوعدهم من العقوبات والنكال فما يزيدهم تخويفنا إلا طغيانا كبيرا يقول : إلا تماديا وغيا كبيرا في كفرهم وذلك أنهم لما خوفوا بالنار التي طعامهم فيها الزقوم دعوا بالتمر والزبد وقالوا : تزقموا من هذا وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك : وقد تقدم ذكر بعض من قال ذلك ونذكر بعض من بقي :
    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج قال : قال ابن جريج { والشجرة الملعونة } قال : طلعها كأنه رؤوس الشياطين والشياطين ملعونون قال { والشجرة الملعونة في القرآن } لما ذكرها زادهم افتتانا وطغيانا قال الله تبارك وتعالى : { ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا}
    وبيان الامور العقلية فيما يأتي بأذن الله .......
    يتبع
    --------------------
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اما بيان علم الغيب واثره في الاية ففيها اكثر من دلالة . والذي ينبغي لاي انسان يريد ان يفهم القران والاسلام
    ان يجمع ما يتعلق بالموضوع من ايات فالقران متشابه يصدق بعضه بعض ويفسر بعضه بعض :
    وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً
    اما تبليغ الامان للرسول فهو امر لا بد منه ليبلغ الرسول الرسالة دون خوف من أحد . وقد أمَن الله رسوله في عدة مواقف من بينها ما ورد في سورة العلق :
    كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَه (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)
    فوضع الامان للرسول ليفعل ما يريد دون ان يستطيع قتله مشرك هو امر يجب النظر اليه من عدة جوانب:
    الاول ان الرسول صلى الله عليه وسلم انما أطاع الله فيما امره ليقينه بما سيحفظه الله عز وجل وحفظ الله له جاء تصديقا لما أخبر الله من حفظه وتبليغه للرسالة وعدم خوفه من الناس
    وجاء بعد هذه الاية (بعد سورة الاسراء) قوله تعالى :
    يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
    ولقد صدق الله وعصمه من الناس . ولكن ليست قضية الغيب بالنسبة لموقف المشاهد للامر كالسامع به . فمقياس تصديق الناس لعصمة الرسول من الناس هو مصداق ايمانهم او كفرهم . فاما الذين امنوا فيبذلوا الغلي والرخيص دفاعا عن نبيهم لنوال الاجر وكي لا يضر الرسول بشيء وهم يعلموا ان الله لن يضيعه.
    ففي مكة حاول الكفار قتل النبي اكثر من مرة . والنبوة وحدها ليست عصمة للدم فلقد قتل بنوا اسرائيل انبيائهم وكذبوهم .
    وقد أخبر الله عز وجل كيف فعل الكفار بانبيائهم :
    كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ
    يعني وهمت كل امة بنبيهم ليقتلوه .
    ولم يكن مشركوا قريش باحسن حال من من هم بنبيه ليقتله فقد أخبر الله تعالى : عن مكرالكفار للنيل من الرسول وكيف ان الله قلب المكلر عليهم .
    بل انه عز وجل امنه من ان يخرجه قومه من مكة او بخرجه غيره من ارض هو عليها كالمدينة .فامنه من ذلك ايضا .

    وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً
    ..............
    يتبع
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اما الرؤيا التي رأها فهي ما شاهده في الاسراء وما رأه من ايات الله عز وجل في السماء وما رأى من عجائب الخلق .
    اما ما كذب به اهل مكة ان احدهم يكث اليام والشهور ليصل الى بيت المقدس فكيف يتم ذلك ببضع ساعات مع الرسول ذهابا وايابا ثم يصعد الى السماء . فلما انكر قريش ذلك كان لاثبات صدق النبوة ابواب منها :
    الاول فيما رواه البخاري من وصفه صلى الله عليه وسلم لقريش اوصاف بيت المقدس قال البخاري:
    حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما
    : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لما كذبني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه )
    فكان وصف النبي وصف من شاهد الشيء لا من سمع به وشتان بين من يسمع ومن يخبر عمن شاهد فكيف بمن يخبر بما شاهد ويحلىي الله له المدينة فيتكلم عن اوصافها .
    فكان الوصف دليلا على بلوغه ما انكروا من الاسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم . وبعد ذلك يكون الفعل الذي حدث ليس مستحيلا . بدليل حدوثه ومن ذلك سمي الصديق صديقا ,: قال الحاكم :
    أخبرني مكرم بن أحمد القاضي ثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي ثنا محمد بن كثير الصنعاني ثنا معمر بن راشد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما أسري بالنبي صلى الله عليه و سلم إلى المسجد الأقصى يتحدث الناس بذلك فارتد ناس فمن كان آمنوا به و صدقوه و سمعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا : هل لك إلى صاحبك يزعم أسرى به الليلة إلى بيت المقدس ؟ قال : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم قال : لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا : أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس و جاء قبل أن يصبح ؟ قال : نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة فلذلك سمي أبو بكر الصديق
    سيأتي الكلام عن تصديق ذلك عقليا وانه غير ممنوع .بل انه مما تقبله العقول.
    الحاصل ان الغيب يمكن الايمان بالقلب ولا يزعزع شيء الا من عنده ريبة في اصل الشيء فلذلك اخبر الله ربنا عز وجل عن ذلك فقال :
    وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)
    فالتردد من اهل الكفر بالتصديق بعد ذلك انما هو ناتج عن عنادهم والران الذي غطى قلوبهم نتيجة كفرهم بكل اية وهذا الران لا يزول بكثرة العناد ولا بتغطية العيون ولا بتسكير الاذان وانما بالتفكر والتسليم لما كان صحيحا ومشاهدا ودال على الصدق . لان اهل الكفر يستبدلوا بكل دلالة يخبرهم بها الرسول شكا جديدا ليتبعوا اهواءهم لا عقولهم ومن اضل ممن اتبع هواه على غير هدى من الله .
    والنوع الثالث المذكور من الغيبيات في الاية بعد حفظ النبي والاسراء بعض ما ورد في اوصاف ما في النار وهي شجرة الزقوم :
    إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)
    أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِّنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70)
    فكون الشجرة فتنة للظالمين امر لا محالة منه لانهم قالوا كيف تنبت في النار وهي وهي تفنى بالنار . فكان تكذيبهم لها شكا بقدرات من خلق السموات والارض . فالذي من الشجر الاخضر نارا قادر على ان يجعل الشجر ينبت في النار .
    وبعد هذا نكتفي بتلك الدلالات على الايمان ووالكفر من حيث الغيب ز نتكلم عن الادلة العقلية المادية للغيبيات وبيانها .
    ان شاء الله تعالى ..................
    يتبع
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اما العقل فلا يعارض شيئا مما ذكر الله من غيبيات بل ان العقل يجيز كل ما ذكر .
    قد يقول قائل : كيف يقبل العقل نموا الشجرة بالنار. اليست الناؤ سببا لحرق الشجرة !؟
    الجواب ان اصل تغير طبيعة المواد يتعلق بطبيعة المادة من ناحية وبالظروف التي تحيطها من ناحية اخرى .
    وقد عرف الناس وجود العوازل الحرارية قديما وحديثا حتى يذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله قصة حصلت في زمانه وهي:
    وقد تقدمت لى معهم وقائع متعددة بينت فيها لمن خاطبته منهم ومن غيرهم بعض ما فيهم من حق وباطل وأحوالهم التى يسمونها الاشارات وتاب منهم جماعة وادب منهم جماعة من شيوخهم وبينت صورة ما يظهرونه من المخاريق مثل ملابسة النار والحيات وإظهار الدم واللاذن والزعفران وماء الورد والعسل والسكر وغير ذلك وان عامة ذلك عن حيل معروفة واسباب مصنوعة واراد غير مرة منهم قوم اظهار ذلك فلما رأوا معارضتى لهم رجعوا ودخلوا على ان استرهم فأجبتهم الى ذلك بشرط التوبة حتى قال لى شيخ منهم فى مجلس عام فيه جماعة كثيرة ببعض البساتين لما عارضتهم بأنى ادخل معكم النار بعد ان نغتسل بما يذهب الحيلة ومن احترق كان مغلوبا فلما رأوا الصدق امسكوا عن ذلك
    وذلك ان عزل الجسم عن النار لا يجعل النار تحرق الجسم اصلا .

    اما طبيعة الاجسام فهي تحكم بما هي لا بنوعها وبمادتها لا بشكلها واسمها . و نعلم ان الخشب لا يحترق حتى يخرج منه الماء . ولذلك لم يمتنع ان تغلي الماء بكيس من النايلون فوق النار . لان كيس النايلون لن يذوب مادام بداخله ماء لم يتبخر لان الماء يبرد الكيس ويسخن هو .
    اما اذا اختلفت طبيعة الماء فان تبخره بحاجة لدرجة اقل .
    اذا فطبيعة المادة وصفاتها والظروف التي حولها هي التي تؤثر فيها فلا يمتنع عقلا ان تكون الشجرة تنبت في النار اذا اختلفت الطبيعة والظروف . فالاحتراق والذوبان والتبخر تحدث ضمن قوانين محددة .
    فاذا كانت هذه الالقوانين التي وضعها الله للمادة الا يمكن لمن خلق وصور وكون ان يجعل ما يشاء كيف يشاء!!
    فالعقل لا يحيل تغير الشيء وطبيعته بتغير اصله ومادته . ولا يحيل تغير ما يحيط به ولو بقي اصله كما هو .
    والله تعالى اعلم باحوال المخلوقات فمنها ما علمناه ومنها ما جهلناه وعلم بالشيء لا يعني بالضرورة الاحاطة به والجهل بالشيء لا يعني عدم وجوده ولكن العقل لا يرفض الا الجمع بين المستحيلات .
    فالله اخبر انه احاط بالناس فبلغ الرسول الرسالة كما أخبر الله وعصمه الله من الناس . وأخبر بالاسراء . وأخبرهم النبي ما يدلل على صدقه وبما في بيت المقدس من اوصاف ,واخبر عن الشجرة الملعونة في القران لتكون الاخيرة بالنسبة للمؤمن كالاولى والثانية وتكون للكافر رجسا الى رجسه بما طبع الله على قلبه من الران الذي ما طبع به الا لعناده ولتجنبه الصواب حتى اصبح التكذيب سمة له والران صفة قلبه . فلم تكن الشجرة كالاسراء وانما كانت غيبا أخر ولم يكن الاحاطة بالناس امرا عبثيا بل كان امرا غيبيا دل على صدق النبي وتمام ذلك بعد تمام الرسالة .
    وما اوتيتم من العلم الا قليلا وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    160
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    مجهوووووووووود متعووووب عليييييه

    الف شكررر

    تم النشر بعد اذنكم

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    الدولة
    دولة الشريعة (اللهم إني مسلم اللهم فأشهد)
    المشاركات
    1,514
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الايمان ام الالحاد ؟
    بواسطة محمد شوقى المنشاوى في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-05-2013, 12:41 AM
  2. عالم الغيب والشهادة
    بواسطة sabreen في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-15-2012, 07:04 PM
  3. عالم الغيب بين العلم والإيمان
    بواسطة massoud في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-16-2010, 08:51 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء