صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 27

الموضوع: أخلاق الملحد وأهدافه في الحياة.

  1. #1

    افتراضي أخلاق الملحد وأهدافه في الحياة.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    كثيرا ما نقرأ أو نسمع عن منظومة أخلاقية في عرف الملحدين، أي أنهم يدعون امتلاكهم لمنظومة أخلاقية يستدلون عليها بعقولهم المجردة، ودائما تطرح من طرفهم هم، ولكن ارتأيت أن أضع مقالا لقراءة هذه المنظومة من منظور الطرف المقابل، أي من منظور المؤمن. وهذا لكي نجيب عن السؤال التالي: هل للملحد منظومة قيم وأخلاق وراء ما استقاه من التراث الديني؟

    قبل أن نبدأ أود أن أعرض لهذه المنظومة من وجهة نظر الملحدين، خير مكان وجدت فيه من يعرض لأخلاق الملحد وأهدافه في الحياة هو جاد في مدونته:

    "الملحد إنسان يخاف جداً على حياته من أن يخسرها لأن الموت هو النهاية، وإن الحياة هي الشيء الوحيد الذي لديه، فإنه سيحافظ عليها جيداً ويحرض على أن يعيشها على أفضل وجه. فإذا قتل أو سرق فإنه سيدخل السجن وسيضيع عمره مسجون، ولذلك سيتجنب القتل والسرقة. الملحد لن يكذب لكي لا يخسر ثقة الناس به، لأن الحياة ستكون صعبة جداً عندما يعيش منعزل عن الجميع. الملحد والملحدة ليس لديهم أي مانع من ممارسة الجنس برضى الطرفين لأنه لا يضر أحداً، فما علاقة الناس الآخرون بك عندما يكون السكس برضى الطرفين؟ الملحد ليس عنده أي مانع من شرب الكحول (الخمر) بإعتدال لكي لا يفعل شيء يخسره حياته. الملحد شخص مخلص لمعتقداته بشكل كبير، فترى أغلب الملحدين يبحثون ويطالعون ويكتبون المقالات ويناقشون محاولين توعية الناس من خرافات وأوهام الأديان علماً بأن الملحد ليس له رب لكي يكافأه، بل يأمل بأن يرى الخير والسلام يغمر العالم كله في الأجيال التي بعده.

    كخلاصة على ما سبق، فإن الإنسان الملحد لديه أخلاق عالية جداً أكثر من الشخص المؤمن والمتدين. أهداف الملحدين عديدة ولكن جميع هذه الأهداف هي إيجابية تصب في نفس الموضوع وهو عيش الحياة بأفضل وجه لأنه لا يملك غيرها، مع المحاولة على مساعدة الآخرين للتحرر من وهم الأديان، ومحاولة أن يكون إنسان جيد بأخلاق عالية ليتذكره الناس بالحسن بعد أن يموت."

    يمكننا تلخيص أخلاق الملحد وأهدافه في الحياة بالنقاط التالية:

    1. الملحد يخاف جدا على حياته، لأنها كل ما يملك، بالتالي فإنه لا يقدم على عمل يخرب حياته في النتيجة.
    2. الغرائز هي أمر طبيعي عند الملحد، ولا يوجد مبرر لتقنينها (أي تحديدها بقوانين).
    3. الملحد شخص مخلص لمعتقداته! فهو يأمل أن يرى (لا أدري متى سيرى إن كان الموت هو النهاية) الخير والسلام يغمر العالم في الأجيال اللاحقة، بالرغم من أنه لا يأمل المكافأة.
    4. أخلاق الملحد عالية جدا أكثر من أي أحد!!
    5. أسمى أهدافه في الحياة، هو عيش الحياة بأفضل وجه لأنه لا يملك غيرها (رؤية شاب متفائل جدا).
    6. يحاول أن يتذكره الناس بالخير بعد وفاته.

    للوهلة الأولى نرى المدعى جميلا، ولكن عندما نلخص في صيغة نقاط، نجد الضعف واضحا في حياة الملحد بصورة عامة، فهو يخلط خلطا عجيبا بين الأمور، ويأخذ ماهو هدف ليس بهدف وما هو وسيلة ليس بوسيلة وهكذا.

    يمكننا أن نرى أوجها مشتركة بين المؤمن والملحد، فالنقطة الخامسة يدعيها الملحد بدون أي دليل، وأنا أدعي العكس فما هو المرجح لأحد الإدعائين؟ أما بالنسبة للإخلاص، فلا مشكلة عندنا بوجود الإخلاص عند المؤمنين أيضا، ولكن المشكلة في تشخيص المصاديق.

    إن ما نراه واضحا في هذا الطرح لأخلاق الملحد، هو طرح لمدينة فاضلة حديثة، وهذا ما عابوه سابقا على الفارابي ومن قبله أفلاطون، حيث إنهم طرحوا نظرية المدينة الفاضلة بعيدا عن دراسة الطبيعة البشرية، ولهذا تصوروا بأن الإنسان يستطيع أن يصير عقلا مجردا عن شهواته ونوازعه الذاتية، وهنا نرى بأن جاد يطرح المسألة بنفس الصورة، فهو يبتعد عن الطبيعة البشرية ونوازعها الذاتية ويهيم في عالم الخيال لصنع مدينة فاضلة!!

    سوف نذكر كثيرا كلمة أخلاق، وحتى لا يحصل لبس، فنحن لا نعني بالأخلاق السلوك الحسن والسيرة الطيبة، فإن هذا ما نعرّفه بالسير والسلوك أو حسن المعاشرة، أما الأخلاق فهي الملكات الفاضلة في النفس الإنسانية، من قبيل الكرم والجود والشجاعة وما شابه، أو بالتحديد ما قصده الرسول الكريم بقوله: "إنما بعثت لأمم مكارم الأخلاق"، ولنعرض لبعض الإشكالات ونحاول علاجها:

    أولا: الملحد كغير الملحد، يخاف على حياته لأنه لا يملك غيرها.

    بالتأكيد سوف يحتج الملحد بأن المؤمن لما كان يروم جزاء الآخرة الذي بطبيعته بعد الموت سوف لن يخاف على حياته، كلا، هذا ينم عن فهم مغلوط للحياة في مفهوم المؤمن، فالدنيا في عرف المؤمن مزرعة الآخرة، وآخرة المؤمن جيدة بقدر ما كان عمله خيرا في هذه الحياة. نعم المؤمن إن وجد أن هناك هدفا أسمى وأبعد من مجرد مصلحته الشخصية، فهو مستعد للتضحية بحياته في سبيلها، بينما الملحد لا يملك مثل هذه الروحية.

    يبقى عندنا مسألة من أهم المسائل، وهي الفكر الشاذ الذي ابتلي به العالم أجمع، فهناك من هو مستعد للموت أو الانتحار في سبيل هدف قد يظن أنه عمل صالح وهو ليس كذلك، من قبيل من فجر نفسه في 11 سبتمبر، أو في العراق.

    المشكلة بأن هذا الفكر ابتلي به الملحد قبل المؤمن، ولكن القراءة الناقصة للتاريخ هي ما يجعل الناس ينسون أو يتناسون الحقائق أثناء هجومهم على المؤمنين، فالياباني الذي كان يركب التوربين (عندما كان التوربين موجها بواسطة إنسان)، ويتم غلق الباب عليه وينطلق لتفجير سفينة من سفن الحلفاء ويفجر نفسه في نفس الوقت، هذا كان ملحدا ولكن لديه ولاء منقطع النظير لبلده، ومعتقد بأنه يقوم بعمل خير، تماما كالملحد الذي يريد أن يرى الخير في الأجيال اللاحقة! حيث إن هذا الياباني شخّص الخير في عمله هذا، وهنا نواجه مشكلة في تشخيص المصداق وليس المفهوم.

    أو الطيار الياباني الذي كان يفجر نفسه في البارجة الأمريكية، كان أيضا انتحاريا يروم الخير، أو الشيوعي الذي كان يلبس حزاما ناسفا أو يقود سيارة مفخخة لكي يقتل الجنود الألمان، أو عنصرا من طالبان يفجر نفسه بسيارة مفخخة!، كلهم يريدون الخير للجماعات التي ينتمون إليها، وبالتالي نعرف بأن المشكلة هي في تشخيص المصداق، فالمفهوم ثابت عند الجميع وهو جلب الخير لمجتمعاتهم.

    كلهم على حد سواء، كلهم يحملون أيديولوجيا يعتقدون بصحتها، فليست المسألة مختصة بالمؤمن. إن التصديق بحقيقة ما، عندما يتحول إلى تعصب لها، يتيح للفرد أن يقوم بأعمال غير متوقعة وغير معتادة كأن يفجر نفسه، فهو يضحي بحياته في سبيل هذه الفكرة التي يعتقد بصحتها.

    إذن، فنحن نحتاج إلى مبادئ لتشخيص المصاديق وهذا لا يعني بأننا لا نحتاج لتشخيص المفاهيم أيضا، بل نحن نحتاج إلى ذلك أيضا. فإذا عرف السبب بطل العجب، وهكذا نعرف بأن الذي يقوم بعمل نراه إجراميا، قد يظن هو بأنه يقوم بأفضل الأعمال على الإطلاق. والآن نسأل: هل يملك الملحد منظومة لتعيين المفاهيم الأخلاقية أو مصاديق هذه المفاهيم؟ جوابي كلا، وأنتظر الردود.

    ثانيا: ليس هناك قيم تمنع الملحد من القيام بأعمال خاطئة إن أمن العقاب.

    نعم، لقد وجدت بعض الملحدين يحتجون بأنهم يخافون القيام بجرائم قتل لأنهم يخافون أن يخسروا حياتهم! ولكن نسوا أو تناسوا بأن هذا ليس رادعا عن القيام بنفس الفعل، بل الرادع هو خوف من العقاب. وهناك فرق كبير بين الأمرين، فالملحد إن أمن العقاب لا يتورع من القيام بالجريمة، ولكن المؤمن لديه رادع إضافي، فالإنسان بدون قيم أخلاقية لن يستطيع أن يخلق لنفسه بيئة تصلح للعيش المشترك.

    ولكن قد يقول الملحد بأنهم بعقولهم المجردة استطاعوا الاستدلال على القيم الأخلاقية!! ويأتي السؤال: هل القيم الأخلاقية قيم يمكن الاستدلال عليها عقليا، أو تجريبيا، أو بأي طريقة ما؟

    كلا، والسبب هو أن القيم المادية للملحد تجعل تغليب مصالحه الشخصية فوق كل شيء، وبالتالي فإنه لا يملك رادعا مسبقا لعمل أي شيء للحفاظ على مصلحته.

    الإنسان بمعزل عن أي قيم أخلاقية عليا، لا يستطيع أن يعين لنفسه الطريق السليم، فهو بقصر نظره لا يستطيع أن يشخص الأهداف والمصالح بعيدة المدى، والدليل هو ما للرأسمالية من مآسي بسبب منهجها المادي البحت. وقد تكلمت عن مآسي المادية الرأسمالية في مقالات سابقة.

    بل لعل من أوضح مصاديق سوء تشخيص المصاديق ما قام به هتلر، فهو كان معتمدا على نظرية دارون عندما قام بمحاولة تحسين النسل، فقام بإعدام ما يقارب الـ 60 إلى 70 معاقا في كل يوم، كل ذلك حتى ينقي المجتمع الألماني من العاهات والعيوم الجسدية، هل ترون قيمة أخلاقية في هذا الفعل. عندما عرف هتلر بأن إنسانية الإنسان لا قيمة لها وراء هذا الجسد المادي، وكان لديه المبرر العلمي المتمثل بنظرية دارون الشنيعة، قام بما قام به معتقدا بأنه يفعل الصواب. فنحن لا ننتظر التاريخ ليثبت لنا أن فكرة قد استدللنا عليها صحيحة أم خاطئة، فلعل هذه الفكرة لكي نستدل عليها نخسر 70 مليون إنسان كما حدث في الحرب العالمية الثانية ثم نكتشف بأنها خاطئة، وكلن بعد فوات الأوان. للإطلاع أكثر يرجى مراجعة كتاب: من دارون حتى هتلر، لمؤلفه: رتشارد ولكارت.

    لعل القارئ يظن أن هذا الفكر قد انمحى مع التاريخ، وأؤكد له أن الأمر ليس كذلك، فلا تزال في الولايات المتحدة حركة اليوجينكس، وهي حركة تهدف إلى تنقية النسل البشري من كل ما بشأنه إعاقة تحسن النسل، فقد قامت قبل هتلر بحوالي العشرين سنة، أي في عام 1920، قامت بتعقيم (أي إصابة الشخص بالعقم قسرا بعملية جراحية أو ما شابه) ما يزيد عن 50،000 شخص، بداعي أنهم لا يملكون درجة عالية من الذكاء، لكي يمنعونهم من إنجاب أناس أيضا لا يملكون درجة عالية من الذكاء.

    لا تزال هذه الحركة نشطة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تعنى بتحديد النسل، وبالتأكيد جميعنا سمعنا بتحديد النسل والحركاء التي تؤيدها. بإمكان القارئ الكريم مراجعة هذا المقال عن اليوجينكس.

    ثالثا: ليس هناك قانون يحكم الغرائز إلا ما يقره القانون المدني!

    نستطيع عن نستخلص ذلك من قوله: "الملحد والملحدة ليس لديهم أي مانع من ممارسة الجنس برضى الطرفين لأنه لا يضر أحداً، فما علاقة الناس الآخرون* بك عندما يكون السكس برضى الطرفين؟" هذا مجرد نموذج نستطيع أن نأخذ منه مفهومنا المذكور.

    إذن نرى بأن الملحد ليس لديه مانع إذا مارس الجنس برضى الطرف المقابل، ولا الملحدة لديها مانع من ذلك مادام لا يوجد ضرر يلحق بأحد الطرفين أو كليهما، وما دام العمل يسمح به القانون المدني!

    إذن نقع في نفس المشكلة السابقة، وهي عدم وجود إشكال حقيقي بالنسبة للمفهوم وهو مفهوم الحرية أو ممارسة الجنس، بل الإشكال في تشخيص المصداق، هل الجنس نمارسه تحت الزواج أم لا؟، حيث إن المجتمع لا يستطيع تشخيص الأهداف بعيدة المدى دائما، ولهذا من التبعات لذلك هي وضع قوانين تبيح زواج المثليين، وزواج المحارم لا يوجد قانون يمنعه، فما المانع من ذلك؟

    بالنسبة لزواج المثليين هو أمر شاذ عن الطبيعة البشرية، ولا يرقى لأن يكون فعلا حيوانيا، ولكن أنظر كيف أصبح هناك قانون يبيحه في بعض الدول، عموما، الإشكال الحقيقي في زواج المحارم، ما هو الرادع لأن يتزوج الملحد من أخته أو أمه فيصبح زواجا رجعيا كما في الكلاب؟ أو مثلا أن يتزوج من ابنته إن كان العمل بتراضي الطرفين؟

    أريد أن أعطي شاهدا على ذلك، قبل مدة قرأت خبرا عن شخص تزوج من جدته في الهند!! نعم وهذا يدين بالهندوسية التي لا تحتوي على مثل هذه القوانين، فما بالك بالملحد الذي لا يخضع لأي قانون إلا القانون المدني؟

    هل يرضى الملحد أن يتزوج ابنه من ابنته مثلا؟ هل يرى الأمر طبيعيا؟ أحب أن أسمع إجابة عن هذه التساؤلات من الملحدين أنفسهم.

    ليس الإشكال في حرية ممارسة الجنس بصورة مباشرة، فهناك قوانين وضعت لتحديد ذلك، وهي كثيرة وبإمكاننا أن نرى أنها تتيح مجالا للحرية كبير جدا، ولكن المشكلة في الممارسات الشاذة التي تنتج من هذه الحرية، جاد يرى الجانب الإيجابي وهو الحرية! وغض النظر عن الجانب السلبي وهو الأخطر.

    أما التبعات البعيدة المدى، يرجى مراجعة المقالات التي تكلمت فيها عن مآسي المادية الرأسمالية.

    رابعا: إخلاص الملحد وأخلاقه لا مثل لها أبدا!

    حقيقة أعجب لمثل هذا الإدعاء، وهذه المسألة قلتها سابقا وسأكررها مرة أخرى، إن مثل هذا الإدعاء هو كادعاء الأطفال: "بابا أقوى واحد في الدنيا!"، إن من يدعي مثل هذا الأمر هو ينفي عن نفسه صفة العلمية بشكل كبير، فهو أخذ مثالا أو مثالين وعممهما على جميع البشرية! وهي هناك إسفاف أكبر من ذلك؟

    بالنسبة للإخلاص، فنحن قد لا نجد إخلاصا كإخلاص الشخص الذي يضحي بحياته في سبيل معتقده، وهذا ما لمسناه في الملحد الياباني والمؤمن.

    المشكلة ليست في المفهوم، وهو الإخلاص، بل في المصداق الذي نبحث عنه، فليس السؤال: أنكون مخلصين أم لا نكون؟ بل السؤال: لأي شيء نكون مخلصين؟.. يقول الدكتور علي الوردي رحمه الله بهذا الصدد: "قد يصح القول بأن كل ثقافة بشرية تتخذ لنفسها نظاما في الأخلاق خاصا بها، وهي تنظر إلى أخلاق الآخرين بشيء من الريبة والإحتقار".

    وبالتالي فإن في كل جهة يوجد مخلصون، ويبقى عندنا السؤال الثاني، وهو: لأي شيء نكون مخلصين؟، الملحد يدعي بأن العالم إن تخلص من جميع الأديان سادته السعادة الراحة والوئام والهدوء، ولكنه نسي بأن إقناع الإنسان أمر صعب، فما المبرر له لكي لا يعتدي على حريات الآخرين بل وإعدامهم إن اقتضى الأمر ذلك، ولا أتكلم هنا عن الناس العاديين بل أتكلم عن القادة كهتلر.

    مع كل القيم الأخلاقية الحاضرة في المجتمعات، أنت تجد بمجرد غياب السلطة والخوف الناس تتحول إلى وحوش إلا من رحم ربي. ففي نيويورك، انقطعت الكهرباء لمدة 6 ساعات، سادت خلالها الفوضى وبات الناس ينامون في مراكز الشرطة لشدة سطوة العصابات على الشارع، إن هذا هو عينه ما يحدث في الكثير من البلدان حال غياب السلطة، إن هذه طبيعة بشرية باختلاف الأديان، أو حتى بوجودها أو بعدهم وجودها، فحينما نريد أن نرى هل سيعيش العالم في وئام، لابد أن نرى كيف نسيطر على هذه الطبيعة البشرية، فإن أطلقنا لها العنان كما يريد الملحد، وجدنا أنفسنا في غابة يأكل فيها القوي الضعيف، لا كما صورها جاد، مدينة فاضلة!!

    لا يستطيع الملحد إلغاء مبدئين يحكمان كثيرا الطبيعة البشرية، وهما مبدآ العقاب والمثوبة، فإن الإنسان إن أمن العقاب اساء الأدب، وإن لم يرج المثوبة لم يخلص ولم يعمل. وإن ما يضنه جاد عملا بلا رجاء مثوبة من محاولات الملحدين نشر فكرهم بين الناس وإيصالهم لبر الأمان! فإنه أيضا يرجو مثوبة، فلو لم يكن الملحد ينتظر لنفسه شهرة ولا إطراء لما واصل عمله، وأعطيه مثالا واضحا، حين أراد هو أن يترك الكتابة، لولا إصرار بعض المتابعين له والمريدين لما عاد للكتابة مرة أخرى، أوليس هذا دافع للعمل؟ غاية ما بالأمر، الأديان تأتي بصيغ متعددة لمعرفتها بالطبيعة البشرية أكثر من غيرها، فهي تأتي بمبدأ الثواب الدنيوي أو بالثواب الأخروي، أو بكليهما كما في الإسلام.

    خامسا: أهداف الملحد في الحياة.

    سوف أنقل كلاما للدكتور ويل برفاين، أستاذ التاريخ البايولوجي، جامعة كورنيل في الولايات المتحدة، وهو أحد أشد الملحدين تعصبا بعد داوكنز، يقول: "لا يوجد إله، لا يوجد حياة بعد الموت، لا أساس للأخلاق، لا معنى عميق للحياة، ولا حرية حقيقة لإرادة الإنسان".

    وهو قد لخص هدف الملحد في الحياة بهذا التسلسل اللطيف، فبما إنه لا إله، فلا حياة بعد الموت، وبالتالي فلا معنى للأخلاق، حيث لا يوجد أساس قوي للأخلاق، بل كل هذه المفاهيم التي نسميها أخلاق ما هي إلا هراء اخترعه الإنسان كما اخترع الأديان في نظره، وبالتالي فلا معنى عميق لحياة الإنسان، ولا هدف سامي في حياة الإنسان بل هو يعيش كالحيوان ليس أكثر من أكل وشرب ومتعة، وبالتالي فإن الإنسان يفقد حريته الحقيقية.

    قال ذلك الدكتور هذا الكلام لأنه أصيب بورم خبيث في دماغه، ومع كل هذا التعصب للإلحاد أفصح عن حقيقة ما يكنه في ذهنه، وبالتالي فإنه يرى بأن حياة الإنسان إن انقطع منها الأمل فإنها تفقد المعنى، ولذلك كان عازما على الإنتحار قبل أن يجد نفسه مشلولا طريح الفراش!!

    بالفعل، أنا أرى هذا الواقع المرير في حياة الملحد أمامي، حيث إنه إن فقد المعنى الحقيقي لحياته، وأصبح يشعر بأنه عالة على المجتمع، ووجد أبناءه لا يهتمون به، فما الداعي أصلا للاهتمام به، وهو كهل لا قيمة له، فإنه يجد نفسه خاويا، بلا أي قيمة عميقة، ويجد الإنتحار الملجأ الأفضل. يرجى مراجعة هذه الصفحة التي تتكلم عن نسب الإنتحار في العالم، لنجد اليابان في المركز الرابع، ويأتي السؤال، لماذا نسب الإنتحار عالية جدا في اليابان مع كل هذه الحياة المادية العظيمة، بل أنا أرى اليابان من أكثر الدول تقدما من حيث القوانين الإجتماعية أيضا، فما سبب نسب الإنتحار العالية؟ أترك الإجابة لفهم القارئ الكريم.

    خلاصة

    المشكلة الأساسية عند الإنسانية لا تتمثل في المفهوم، بل تتمثل في المصاديق، فنحن رأينا سابقا بأن الإنسان يعجز في أكثر الأحيان عن تشخيص المصداق الصحيح، فالشجاعة مفهوم يشخص الإنسان بأنه حسن، ولكن ما هي موارد الشجاعة وما هي موارد الإجرام؟ لن يستطيع الإنسان تشخيص مثل هذه المصاديق، لذلك فهو يحتاج لمن يشخصها له.

    إن الدين هو الوحيد الذي وضع منظومة للأخلاق على مر التأريخ، لعل هناك من يحلو له انتقاد الدين وطريقة تعامله مع الأمور، ولكنه يجهل الدوافع لإيجاد نتائج بعيدة المدى، فنحن عرفنا من خلال استقراء التاريخ، بأن الحركات الاجتماعية المادية أدت بها ماديتها إلى نتائج بعيدة المدى وخيمة، وأدت في النهاية إلى دمار لحق بالبشرية.

    فلما وجدنا أنفسنا في حيرة لا نستطيع إيجاد المصداق الصحيح، ولا تشخيص المعنى الصحيح للمفهوم الأخلاقي، فإننا نشعر بصورة طبيعية بأننا مرتبطون بقوة عاقلة حكيمة هي التي تمدنا بهذه القيم، وهذا الحاصل فعلا في الأديان. فحتى الأخلاق التي يتكلم عنها الملحد ويدعي بصورة عمياء أنه يمتلكها، ما هي إلا تراث تحصل عنده من تربيته التي تنسجم وروح الأخلاق الدينية لأهله، وإن كان من نسل ملحد، فالمجتمعات لا تزال تحمل الصبغة الأخلاقية الدينية كميراث ديني، حتى وإن لم تكن تعترف بالدين نفسه! فبالتالي فإنه يأخذ كما أهله تراثة الأخلاقي من هذا المجتمع، إلا إن عاش في مجتمع ملحد معزول في الغابة!!

    يتحصل عندنا، أن الملحد لا يملك لنفسه أي منظومة مسبقة من الأخلاق إلا ما أخذه من مجتمعه الذي يرى صحة وعدم صحة القيمة الخلقية من خلال رؤيته الدينيه، فأعود لإجابة السؤال الذي طرحته في البداية: هل للملحد منظومة قيم وأخلاق وراء ما استقاه من التراث الديني؟ والجواب بصورة واضحة كلا، إذن فالملحد المجرد عن كل قيمة أخلاقية، سوف يعجز عن إيجادها، وبالتالي فإنه يتحول إلى وحش مفترس من وحوش الأدغال!! كما كان جده القرد الأعلى Ape!!

    تحياتي
    ليث

    المصدر: مدونتي
    http://allah-materialism.blogspot.com

  2. #2

    افتراضي

    جزاك الله خيرًا ..
    وهذا نموذج لإجابة الملحد عندما تسأله عن الغاية من حياته ..
    http://www.youtube.com/watch?v=9Z-SBNc_R2g
    والله الموفق .
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    2,207
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    5

    افتراضي

    جزاك الله خيرا. موضوع رائع ومتميز بالفعل:

    يبقى عندنا مسألة من أهم المسائل، وهي الفكر الشاذ الذي ابتلي به العالم أجمع، فهناك من هو مستعد للموت أو الانتحار في سبيل هدف قد يظن أنه عمل صالح وهو ليس كذلك، من قبيل من فجر نفسه في 11 سبتمبر، أو في العراق.
    اسمح ان اعلق على هذه النقطة وابينها. فأنا متأكد انك لا تقصد بالفكر الشاذ مثلا من يفجر نفسه في العراق في دفاعه عن بلده واسلامه ضد المقاتلين من الكفار ولكنك تقصد مثلا من يستهدف المدنيين...الخ.
    وبارك الله فيك
    "العبد يسير إلى اللـه بين مطالعة المنة ومشاهدة التقصير!" ابن القيم
    "عندما يمشي المرؤ على خطى الأنبياء في العفاف, يرى من نفسه القوة والعزة والكبرياء. بينما يعلم المتلوث بدنس الفحش الضعف من نفسه والضعة والتساقط أمام الشهوات"


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    903
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة laith43d مشاهدة المشاركة
    4. أخلاق الملحد عالية جدا أكثر من أي أحد!!
    مع احترامي لبحثك الرائع وتقديري لمجهودك الكبير إلا انني ارى ان هذه النقطة لا تناسب الواقع . لان اختيار الالحاد اصلا عمل غير اخلاقي .
    اتساءل :
    كيف يكون الالحاد اخلاقيا وهو جاء ليلبي بطر طائفة من الناس غافلا عن سواد البشريةالاعظم ؟
    كيف يكون الالحاد اخلاقيا وقد بني على النفاق والكذب والتدليس وطمس الحقائق ؟
    كيف يكون الالحاد اخلاقيا وقد بني على الانانيةالكريهة التي لا يقرها خلق حسن ؟
    بعد كل هذا ما هي الاخلاق التي يتحلى بها الملحد ؟
    ؟؟؟؟؟
    ؟؟؟؟
    ؟؟؟
    ؟؟
    ؟
    ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً -- ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ

  5. #5

    افتراضي

    سيدي العزيز سترينجر، بالتأكيد أنا أعني استهداف المدنيين بالفكر الشاذ، وتبقى مسألة تشخيص المصداق هي الأساس، فجميعهم لديه هدف يظن أنه يحقق من ورائه الخير، ولكن الإشكال في تشخيص المصداق.

    الأخ الفاضل شاهد، النقطة التي ذكرتها أنا هي من وحي ما كتبه جاد في مدونته، وأتفق معك في أمور، وأختلف معك في أمور، فليس كل الملحدين مغرضين أو مدفوعي الأجر، أنا أرى الكثير من الملحدين ليسوا إلا أناس وقع الشك في قلوبهم ولم يستقيموا على فكر، ولهذا هم فعلا من الباحثين عن الحقيقة، ومن الصعب عليهم إنهاء الحياة التي أسسوها في لحظة واحدة، فلا يجب قمعهم فكريا، بل الصبر عليهم لأنهم من الصعب عليهم التراجع عن تراكمات سنوات كثيرة بنوها على هذا الأساس.

    مع الشكر والتحيات على مروركم الطيب

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الحقيقة أنك قد تحاور أحد الملحدين أو تعرفة
    وينطبع فى ذهنك أنه ذو خلق
    أو هو يزعم ذلك
    ولا بد من الاعتراف بوجود مثل هذه القلة فيهم
    لكن من أجمل ما قرأت فى مجلة المنتدى قول بيجوفيتش
    يوجد ملحد ذو خلق لايوجد إلحاد أخلاقى
    وهذه الجملة رائعة جداً
    مع أننى أرى أن الملحد الذى يتحلى بالاخلاق
    يكون شاذا ومريضا نفسيا
    لانه لا يكون صادقا مع مقتضى إلحاده

    إخطف وأهرب وإجرى
    العمر واحد
    وخلاص
    إلحق أى حاجة
    فالعقل الذى دلك على الالحاد
    يقول لك مصلحتك وبس

    وعند تطبيق الإلحاد على نطاق واسع تظهر عيوبه وعوراته
    ويظهر سلوك الحيوانات
    مضافا إليه أطنانا من الخسة والشهوات الشيطانية
    التى يتفرد بها الانسان بحكم تطوره عن الحيوان
    والله المستعان
    سلِم ... تسلَم ...
    فإنك لا تدرى غور البحر إلا وقد أدركك الغرق قبل ذلك ..


  7. #7

    افتراضي

    فعلا أخي حسن،

    الملحد يحمل أخلاقا مصطنعة، فلا قيمة عميقة عنده للحياة فلا قيمة للأخلاق بالتالي، ولذلك كتبت الموضوع من الأساس، فهو ليس عنده شيء اسمه أخلاق سوى ما ورثه بصورة مباشرة أو غير مباشرة من مجتمعه المؤمن، أيا كان إيمانه.

    ما أرغب فيه حقيقة، هو ألا يوجد ملحدين في المنتدى، أو على الإنترنت، فإن كانوا يؤمنون بالعكس، ما الذي يدفعهم لأن يدافعوا عن النظريات العلمية أكثر من شيء يمس حياتهم في صميمها وهو الأخلاق، أليس من الغريب أنهم لا يهبون للدفاع عن أخلاقهم؟ غريب؟

    أنا أعتقد بأن معظم مدعي الإلحاد هم مدفوعي الأجر، وخصوصا الكتاب منهم، والناشطين على النت، أما الزوار العابرين فهم إما لاجئين في دول الغرب وإما تجدهم ممن لا يضيعوا وقتهم الثمين جدا فيمرون مرور الكرام.

    شكرا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    233
    المذهب أو العقيدة
    لاأدرى

    افتراضي

    لا تستطع فهم طرف لم تكن منه يوماً.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    3,251
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لا تستطع فهم طرف لم تكن منه يوماً.
    هذا الكلام ليس صحيحاً بإطلاق.

    فأنا مثلاً لا أحتاج أن أكون مجنونة أو مختلة حتى أفهم أن تشارلز مانسون - السفاح الأمريكي الشهير - مجنون و مختل.
    {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا، فستعلمون من هو في ضلال مبين}


  10. #10

    افتراضي

    لا تستطع فهم طرف لم تكن منه يوماً.
    يعني ضربت علم النفس على الحائط ثم بصقت عليه لان كلامه لا يستقيم مع كلامك

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    233
    المذهب أو العقيدة
    لاأدرى

    افتراضي

    المسألة ليست كذلك ، المشكلة ان كل طرف لا يضع نفسه مكان المخالف ليفهم طبيعته ويفهم سلوكه.

    المسلم لا يحاول وضع نفسه مكان الملحد ليفهمه والعكس صحيح.

    الآن ، لنرى موقف كل طرف من الأطراف.

    رؤية الطرف المسلم للملحد :


    الملحد إنسان لا يعترف بإله ، وبالتالى لا يوجد قوانين يلتزم بها ، وبالتالى فلا يوجد ما يمنعه من الجريمة ، وبالتالى فهو يبيح زنا المحارم والشذوذ واغتصاب الأطفال. وبما انه لا دين له ، فهو مدفوع الأجر ليهدم الدين.

    اما عن بعض الأفعال "الخيّرة" التى يفعلها بعض الملحدين ، فإما انها نفاق من الملحدين ، وإما ان الملحد احمق لأن الإلحاد يوجب عليه عدم الخير.

    وبما اننا نرى العديد من الملحدين يستهزؤون ولا يفهمون ، إذاً الملحد انسان سافل ومنحط خلقياً ويستحق ضرب النعال.

    وبما ان الإسلام واضح وضوح الشمس فى السماء ، إذاً الملحد لا ينكر لانه مقتنع ببطلان الدين ، بل هو معاند مكابر متحدى للإسلام ، وبالتالى فهو يحاول تضليل الناس عن الحق رغم رؤيته للحق ، وبالضرورة يكون خائن مستحق للعقاب وقطع رأسه حداً للردّة.


    ولكن هذه النظرة خاطئة تماماً ، نظراً لان المسلم لا يحاول وضع نفسه مكان الملحد ليرى كيف يفكر وما طبيعة سلوكه ولماذا يمارس هذه السلوكيات.

    ولو وضع المسلم نفسه مكان الملحد وفكّر للحظة ، سيجد الموضوع مختلف تماماً.

    فبداية ، سيجد ان من الممكن جداً ان يكون الملحد مقتنع ببطلان الأديان وبعدم وجود الله ، وانه ليس مجرّد عناد ، فكم من رأى اعتقده صحيحاً قاطعاً وجازماً واتضح فى النهاية خطأه. فمسلمات شخص قد تكون محل نظر عند آخر والعكس.

    ومن غيّر مذهبه مرّة يفهم هذا جيّداً.

    اما عن مسألة الجنس وزنا المحارم والشذوذ ، فلو فكّر المسلم للحظة سيجد ان مسألة كزنا المحارم ليست "لا أخلاقية" لذاتها ، فقد تم نكاح للمحارم بين أبناء آدم فى أوّل الخلق وفقاً للنظرة الإبراهيميّة ، فالمسألة فى حد ذاتها ليست حسنة وليست قبيحة ، وانما هى حكم شرعى عند ثبوت الشرع.

    الملحد لا "يدعو" الى زنا المحارم والشذوذ وغيرها من الأفعال الجنسية التى من وجهة نظر دينية محرّمة ، هو لا يدعو اليها ولكن يقول ( من يفعلها دون الإضرار بالآخرين فله الحق بغض النظر عن موقفى الشخصى ).


    اما لماذا يمتنع الملحد عن الأفعال "الشريرة" أو لماذا يقوم الملحد بالأفعال "الخيّرة". فالمسألة ترجع الى طبيعة الشخص نفسه. فانا عن نفسى حين اجد شخصاً يحتاج للمساعدة اساعده ، ليس انتظار للثواب ، وليس عملاً بمبدأ ( عامل الناس بما تحب ان تعامل ) ، ولكن لأن مساعدة الآخرين تكسبنى سعادة.

    فما يجعل الملحد يقوم بالأفعال الخيّرة هو ما يجده فى نفسه عند القيام بفعلها ، وما يمنع الملحد عن القيام بالأفعال الشريرة هو الضيق النفسى المصاحب للفعل ، لا أكثر ولا أقل.

    وان نظرنا نظرة موضوعية ، سنجد انه لا الدين ولا الضمير ولا القانون ولا اى شئ يمكن ان يمنع الشخص بشكل تام عن فعل الشر وحثّه على عمل الخير. فكم من مسلم قاتل ومغتصب وسارق ووو.......الخ من أفعال قبيحة ، وكم من ملحد رحيم ورؤوف ومساعد للغير ووو.......الخ من أفعال حسنة.

    كل ما يفعله القانون او الدين هو تقليل احتمالية فعل الشر عند بعض الناس باللعب على غريزة الخوف ، والتى لا تفلح مع الأسف الا مع نسبة قليلة.


    اما عن الممارسات "الخاطئة" لبعض الملحدين من الشتم والسب والإستهزاء ، فلم يفكّر المسلم للحظة لم قام هذا الملحد بهذه الأفعال.

    ولو فكّر لوجد ان الملحد انسان وحيد فى هذا المجتمع ، فكل من يعرفه فى المجتمع مخالف له فكرياً ، ومستعد لقتله او فى احسن الظروف اضطهاده لمجرد انه مختلف عنه. يدخل الى الإنترنت ليكون المتنفس الوحيد له ليتكلم بحريّة ليجد المواقع والمنتديات الإسلامية تسبه ليل نهار وتصفه بالداعر والشاذ ومجهول النسب والأحمق وحفيد القرد ......الخ من استهزاء وسب وقذف.

    حتى لو ترك هذه المنتديات وظل فى المنتديات اللادينية ، فيجد المجاهدين الإنترنتيين المتبرعين بسوء اللسان فى المنتديات اللادينيّة.

    فكيف يفعل مثل هذا الشخص ؟

    رد فعل طبيعى ان يبادل الأمر بالمثل ، فيسب ويستهزئ بمقدّسات المسلمين. هذا رد فعل طبيعى.




    وعلى النقيض تكون رؤية الملحد للمسلم كالتالى :


    المسلم انسان سافل ومنحط ، كل ما يفلح به هو السب والشتم والعبارات الجنسية. لا يريد من الآخر ان يتنفس او ان يبدى رأياً مخالفاً.

    يريد ان تكون الدنيا كلها ملكه يحكم بها كما يشاء ، ويقتل فيها من يرتد عن دينه.

    يريد اغتصاب نساء المخالفين ، ويريد منع الناس عن سماع الحق لكيلا يتركو دينه الرجعى ، فيسكت الألسنة ، ويخترق المواقع ويغلقها ، وإن لم يفلح يشن حملة تشويه على الآخر.


    ولكن ان وضع الملحد نفسه مكان المسلم للحظة سيرى الأمر مختلف تماماً.

    فالمسلم بالفعل يريد ان يأخذ الأرض كلها ، ويجعلها كلها مسلمة ، ولكن ليس الدافع غريزة الإمتلاك ، بل لأنه يظن ان ما يحمله هو رسالة الله للبشر ، وانه موكل من الله بهداية البشر.

    وحين يقتل المرتد ، فهو يظن ان بهذا يحفظ وجود الدولة الإسلامية والتى تحمل رسالة الله ، نور الله فى الأرض. فهو يظن ان المرتد هو محارب لله ويهدف الى الإفساد فى الأرض ، وبالتالى يجب منعه حتى لا يسحب معه من المؤمنين فى النار ، فقتله هو انقاذ لغيره من عذاب أليم.

    وكذا الحال فى اخراق المواقع واسكات الألسن ، فهو يحاول قطع طرق الضلال ما استطاع عن المؤمنين حفظاً لهم وانقاذاً لهم من النار.

    فكل ما يفعله يرى انه :

    1 أمر من الله المستحق للعبادة.
    2 انقاذ للناس من الضلال والنار والعذاب الأبدى.
    3 حماية الدولة التى تحمل هذا الهم.

    دون اى اعتبار آخر. فهو يفعل هذه الأفعال بحسن نيّة لأنه يظن انه يفعل حسناً وليس شرّاً.



    المشكلة فيمن لا يضع نفسه مكان الآخر ليرى طبيعة الآخر وكيف يفكّر. وهذا احد اسباب سوء الفهم العميق بين الفريقين.


    يوجد اسباب اخرى ، منها الإختزال والتعميم ، فالمسلم يختزل اسباب الإلحاد فى العند والمصلحة الشخصية دون ان ينظر للأسباب المحتملة الأخرى ، ويعمم حكم خاص ببعض الملحدين على كل او معظم الملحدين. والعكس صحيح.

    والإختزال والتعميم هى ألف باء سوء الفهم والإستنتاج.

    اعتقد انى قلت ما فيه الكفاية ، على امل ان يفهمنى البعض.


    بالطبع قد أخذت نسخة من مشاركتى هذه لتوقعّى الحذف - كما جرت العادة -

  12. #12

    افتراضي

    اما عن مسألة الجنس وزنا المحارم والشذوذ ، فلو فكّر المسلم للحظة سيجد ان مسألة كزنا المحارم ليست "لا أخلاقية" لذاتها ، فقد تم نكاح للمحارم بين أبناء آدم فى أوّل الخلق وفقاً للنظرة الإبراهيميّة ، فالمسألة فى حد ذاتها ليست حسنة وليست قبيحة ، وانما هى حكم شرعى عند ثبوت الشرع.
    هذه مسألة اخرى بعيدة عن الموضوع و قد تعمدت التدليس بها على الرغم من انها لا غبار عليها , ان كنت تود طرحها , اطرحها في شريط مستقل , لا تدلس علينا هنا بفهمك الخاطئ لهذه المسألة

    ولكن ان وضع الملحد نفسه مكان المسلم للحظة سيرى الأمر مختلف تماماً.

    فالمسلم بالفعل يريد ان يأخذ الأرض كلها ، ويجعلها كلها مسلمة ، ولكن ليس الدافع غريزة الإمتلاك ، بل لأنه يظن ان ما يحمله هو رسالة الله للبشر ، وانه موكل من الله بهداية البشر
    و ها انت مثلا تعاود فكرتك الخاطئة عن الاسلام , الله امر المسلم بتبليغ الرسالة لاهل الارض باكمله , فان بلغوها , فان المبلغ ( فتح اللام ) هو من يملك الكرة في ملعبه فبدا دوره و انتهى دور المسلم , فلم يامرنا الله تعالى بجعل كل اهل الارض مسلمين !!!

    وان نظرنا نظرة موضوعية ، سنجد انه لا الدين ولا الضمير ولا القانون ولا اى شئ يمكن ان يمنع الشخص بشكل تام عن فعل الشر وحثّه على عمل الخير. فكم من مسلم قاتل ومغتصب وسارق ووو.......الخ من أفعال قبيحة ، وكم من ملحد رحيم ورؤوف ومساعد للغير ووو.......الخ من أفعال حسنة.

    كل ما يفعله القانون او الدين هو تقليل احتمالية فعل الشر عند بعض الناس باللعب على غريزة الخوف ، والتى لا تفلح مع الأسف الا مع نسبة قليلة.
    ان الوازع القانوني هو الرادع الحالي في دولة القانون , لكن عند حدوث كوارث او حروب و انعدام هذا الوازع , هنا نرى ان كان الوازع الاخلاقي او الوازع الديني هو من ينفع , و الواقع شاهد على ان الوازع الديني هو الذي يضبط الناس


    على اي الاحظ ان في ردك الكثير من النقط الجدلية , المرجو منك فتح شريط مستقل حولها لئلا يتشتت الموضوع

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    233
    المذهب أو العقيدة
    لاأدرى

    افتراضي

    مرّة اخرى ، سوء الظن واتهام بالتدليس وعدم الفهم !

  14. #14

    افتراضي

    مرّة اخرى ، سوء الظن واتهام بالتدليس وعدم الفهم !
    و مرة اخرى , تجنب الاتهام بالقيام بدور الشهيد و الضحية , انت من تعمدت في ردك على مسائل كأنها هي الحقيقة , اليس هو التدليس ؟!!


    و اعيد ثانية , عندما تريد ان ترد على شيء , تجنب استمال مسائل مازالت جدلية و اعتبارها كأنها حقيقة مسلمة , و اطرح في شريط مستقل تلك المسائل ان اردت
    التعديل الأخير تم 08-27-2010 الساعة 02:19 AM

  15. #15

    افتراضي

    سيد ألدرادو،

    أنت لم تقم بأي عمل نقدي لما ورد في الموضوع الأصلي، ولم تقم إلا بالتهريج، أنا من وضع الموضوع وأنا صاحب الطرح هنا وليس عليك إلا أن توجه النقد لطرحي، لا أن تحاول تحويل الموضوع إلى سجال مع باقي الأعضاء كما جرت العادة.

    بالنسبة لسوء الفهم، فهو اتهام كما بينت أنت، يصدر من أي طرف دون طرف محدد، ولهذا فإن كان عندك دليل على عدم صدق كلامي فهات ما عندك، بدون ادعاءات جوفاء لا تقدم ولا تؤخر، أنا قمت بتحليل لسير منطقي لتفكير الملحدين الذين رجعت إلى شواهد من فكرهم، وأنا في مدونتي إن راجعتها ستجد نقدا ممنهجا للفكر المادي، حيث إن الملحدين لم يقدموا صيغة لرؤية شاملة لحياة الإنسان، وهذا عيب فكري أعده ثغرة لا يمكن إهمالها، ولابد من إشباعها نقدا حتى يتم سدها إن تمكنوا من ذلك.

    أنت عندما تدعي بأن الملحد يسب ويشتم و و و و إلخ لمجرد كونه رد فعل لعمل المسلمين، فهذا أمر عجيب أن تدعيه، لأني أدعي العكس تماما، فمن الذي افتتح صفحة أسماها الله على الفيس بوك وبدأ يشتم ويسب ويعربد بلا أخلاق ولا احترام لمقدسات الناس، أليس هو وليد الحسيني الملحد، أريد أن أرى إن كان عندك استقصاء للتاريخ، فهل كانت صفحة وليد هذه ردة فعل؟؟!

    سيدي، إن كان عندك فكر، قم بطرحه لكي نناقشه، وأنا أضمن لك أن يكون الحوار بيني وبينك بدون تدخل أي طرف ثالث بيننا، وهذا ما نرجو الأخوة لقبوله.

    تحياتي الإيمانية
    ليث

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. النفعية بين الإسلام والإلحاد
    بواسطة مُستفيد في المنتدى مستفيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-17-2013, 08:57 PM
  2. لا أخلاق بغير دين، ولا دين بغير أخلاق
    بواسطة حنيفا على الفطرة في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 11-17-2010, 05:45 PM
  3. خدعة أخلاق الغرب
    بواسطة بكار في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-18-2009, 07:11 PM
  4. أخلاق إسلامية
    بواسطة ssaammeerr في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 09-26-2009, 10:59 PM
  5. أخلاق القوة الفلسفة والتطبيق
    بواسطة د. أحمد إدريس الطعان في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-09-2009, 11:29 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء