(( ولكن مقولة ((الله أكبر)) تجعلنا نسأل: الله أكبر ممن؟ ومن ماذا؟
وكون هذه المقولة مفتوحة النهاية أمر محيّر للوهلة الأولى..فقد نسأل: لماذا تركت مفتوحة هكذا دون إكمال؟
ولكننا لا نفهم ذلك إلا عندما نبدأ بوضع عناصر عدة في محاولة لإكمالها..فالمقولة تدعونا بل تطلب منا محاولة إكمالها. ولكن ليس من شان أي محاولات كهذه إلا الإخفاق..ذلك أن عظمة الله المطلقة لا يمكن لنا أن نطولها بمقارناتنا والقرآن الكريم يؤكد ذلك: (( ولم يكن له كفوا أحد )).
وقد نسأل: هل الله أكبر من الخلق؟..وهل الله أكبر بالرحمة والعطف والمعرفة والحكمة والحب والعدل من أكثر خلقه تراحما وعطفا وحكمة ومحبة وعدلا؟..وهل الله أكبر من أعظم قوة نستطيع تصورها؟..إن ((الله أكبر) تؤكد باستمرار أن الله أكبر وأعظم في أي مقارنة يمكن أن نفكر بها..وأكبر من أي شيء وكل شيء يمكن لنا أن ندركه..وأكبر من أي تصورات يمكن أن يتخيّلها رجال الدين..وأكبر من أي توكيدات يقول بها العقائديون..وأكبر من أي مقولات يقول بها الفلاسفة..وأكبر من أي شيء يمكن لكلمات البشر أن تصفه.
إن ((الله اكبر)) تتضمن كل شيء..لأنها تتسع لكل مديحنا وتعظيمنا..وكونها مفتوحة النهاية فهي تدعونا لكي نتخيّل..ولكنها في الوقت نفسه تصرّح بعجزنا الحقيقي عن إدراك عظمة الله..فمن منظور ((الله اكبر)) تقف جميع المخلوقات الأخرى على مستوى أرضي واحد أدنى من الله على نحو لا محدود. ))
(( الصلاة الواحدة لا تكلّف الكثير..ولكن النهوض من الفراش قبل الفجر لآداء الصلاة على وقتها كل يوم من أيام السنة سواء كان ذلك يوم عمل أو عطلة وإلى نهاية العمر لا شك يتطلب تصميما كبيرا..فجميع شعائر الإسلام تمتحن وتتحدى قوة إرادة المسلم وضبطه للنفس بطرق شتى ومن ثم تساعد على بناء هذه الخصال لديه..فالشهادة تمتحن ولاء المرء..وشهر رمضان يمتحن قدرته على السيطرة على حاجاته الجسدية والزكاة تختبر قدرته على ضبط رغباته المادية وأما الحج فإنه يمتحن بطريقة ما العناصر الثلاثة جميعا ))
((يصلي المسلمون (الجماعة) بتشكيل محكم..الكتف على الكتف والقدم على القدم وذلك عندما يقفون ويركعون ويسجدون في انسجام..فمظهر المسلمين وحسن تناسقهم في صلاة الجماعة يعتمد على وحدة حركتهم أثناء آدائهم لها..ولقد أخبرني أحد الطلبة المسلمين ذات مرة أنه لم يفهم لماذا أمر النبي صحابته بالصلاة على هذا النحو من التلامس الشديد من بعضهم البعض في الوقت الذي يجب أن يركز كل منهم كامل انتباهه على التواصل مع الله. قلت له إنه ربما أكد بسؤاله هذا موضوعا هاما في الإسلام..وهو أنه حتى في أشد حالات خشوعنا في الصلاة فإنه يتوجب علينا ألا ننسى أن علاقتنا مع الله مرتبطة بعلاقتنا مع الآخرين.
وهناك أحاديث مشهورة للنبي توصي المسلم ألا يترك فجوة بينه وبين أخيه المسلم في الصلاة كي لا يدع مكانا للشيطان يدخل بينهما..طالب مسلم آخر لم يكترث كثيرا بهذا حيث إن التَّراص في الصفوف لم يكن يعجبه..فقلت له: كيف يكون شعورك إذا صليت بجانب أخ لك مسلم يحاول ان ينأى بنفسه عنك؟..فقال إنه جرب ذلك وإنه قد شك بنوايا ذلك الرجل الذي كان بجانبه..فقلت له: تماما! ألا ترى ان ذلك يفتح بابا للريبة بينك وبين أخيك المسلم. ))
(( ويرى معظم الناس من غير المسلمين أن صوم رمضان هو أشد شعائر الإسلام قسوة..وعندما أشرح لأصدقائي من غير المسلمين هذا الركن في الإسلام غالبا ما تتمثل ردود أفعالهم على شكل أسئلة مثل: "كيف يمكن ان تفعل ذلك بنفسك؟" و "لا يمكنني القيام بذلك على الإطلاق"..ولكن يجب علي أن أعترف أن هذ كان انطباعي قبل أن أصبح مسلما....ولكن أول رمضان شهدته والذي كان خلال فصل الصيف لم يكن بتلك الصعوبة التي كنت أتخيلها..فخلال يوم أو يومين تأقلم جسمي مع تغيّرات عادة الأكل والشرب خلال رمضان..بل كنت دوما على ما يرام ما دمتُ أتبع تعليمات الصوم المعروفة التي أوصنا بها النبي من خلال أحاديثه الشريفة..ومع نهاية ذلك الشهر اكتسبت ثقة كبيرة بنفسي..فقد اكتشفت أن لدي قدرة على الإحتمال أكثر مما كنت أظن ..وأنه مع القليل من الصبر والتصميم والتوكُّل على الله فإن المهمَّة التي تبدو صعبة جدا تصبح سهلة التحقيق وممكنة دوما. ))
من كتاب حتى الملائكة تسأل: رحلة إلى الإسلام في أمريكا
Bookmarks