الدولة الثيوقراطية دولة دينية يحكمها رجل دين مؤله يُعبد من دون الله, فهو عند اتباعه معصوم لا يخطيء له سلطة مطلقة يشرع ما يشاء وكلامه يعتبر أوامر إلهية مثل الفرعون فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى أو البابا اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ
قدم [ عدي بن حاتم ] على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نصراني فسمعه يقرأ هذه الآية : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } قال : فقلت له : إنا لسنا نعبدهم ، قال : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ، ويحلون ما حرم الله فتحلونه ، قال : قلت : بلى ، قال : فتلك عبادتهم
إذن العبادة هي الطاعة ومنح حق التشريع وتحديد الحلال والحرام
الدولة الديموقراطية دولة مدنية يحكمها - نظريا - الشعب أولا بالأغلبية دون تفريق بين البر والفاجر, السفيه والرشيد أو العالم والجاهل كل له رأي معتبر وحق في التدخل في قرارات الأمة المصيرية, يعني لا فرق بين شعبان عبد الرحيم والدكتور زغلول النجار
أما في الواقع فهو حكم حزب يفرض قيودا على الإشتراك في اللعبة الديموقراطية, مثلا استبعاد المعارضة القائمة على أساس ديني, يعني غير مسموح للحزب الإسلامي بالإشتراك وتقديم مشروعه حتى لو أرادت الأغلبية حكما إسلاميا
وكذلك الغرب لا يسمح بأن تختار الأغلبية حكومة إرهابية مثل حكومة حماس حتى لو وصلت إلى الحكم بالانتخابات الديموقراطية النزيهة التي جاءوا يفرضونها بالقوة في العراق
الديموقراطية لا تصلح إلا إذا وُجدت قاعدة أغلبية تريد الفساد أولا ثم تشهر الديموقراطية في وجوه من يريد الإصلاح
الدولة الإسلامية يحكمها خليفة مهمته هي تطبيق شرع الله الذي اكتمل برسالة محمد عليه الصلاة والسلام الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فلا يحق له - أو لغيره - أن يزيد فيه أو ينقص أو يبدل والخليفة بشر يخطيء ويصيب يمكن عزله وترشيح غيره عن طريق أهل الحل العقد وهم نخبة من العلماء الثقات المعروفين بورعهم وتقواهم وعلمهم ينوبون عن الأمة ويمثلوها, فيرشحون من يرونه أهلا لهذا المنصب الخطير ثم يقوم الناس بمبايعته أو الاختيار في حالة وجود أكثر من مرشح
هل الإسلام ديموقراطي ؟
قال الله عز وجل إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
وقال أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ
وأمرنا بالرد إليه وإلى الرسول في حال التنازع والاختلاف فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
أما الديموقراطية فيكون الحكم فيها للأغلبية, لو أرادت الأغلبية إباحة الشذوذ الجنسي يباح الشذوذ والعياذ بالله
وكما ذكرنا أن الإسلام عد الطاعة وحق التشريع عبادة, وعبادة غير الله شرك
فكيف يدعو مسلم إلى عبادة غير الله ويعتقد أن حكم الأغلبية أفضل من حكم الله عز وجل أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ؟
الديموقراطية والحرية
يدعي دعاة الديموقراطية رفع شعار الحرية, ويعنون بها حرية الزنا والشذوذ والتفسخ الأخلاقي وحرية التعبير بالكفر في الطعن في الدين والاستهزاء بالله ورسوله في حين لا نجد هذه الحرية في الحجاب أو التعدد أو التشكيك في محرقة اليهود
إذن الحرية ليست مطلقة, حتى عند الليبراليين الذين يحاولون التوسع قدر الإمكان في مساحة الحرية الشخصية مازالت هناك حدود لهذه الحرية تحددها ثقافتهم وأيديولوجياتهم
كذلك الحرية في الإسلام مقيدة بالشرع ونحن نعتقد أنها مساحة كافية من الحرية تحقق التوازن بين عدم استعباد الناس والحفاظ على المجتمع والدولة ككل لكننا لا نستخدم شعاراتهم ولا نقول أن المسلم حر لأن المسلم عبد لله مقيد بالشرع وليس حرا, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر
الديموقراطية والأخر
مما تدعيه الديموقراطية أيضا, احترام الأخر وترك مساحة للمخالف ومع ذلك نجد الغرب الديموقراطي يغزو بلاد الإسلام لفرض هذه الديموقراطية والحرية المزعومة فرضا! وأن من عرضت عليه الديموقراطية ورفضها يكون إنسان متخلف لا يستحق البقاء على الأرض
أما الإسلام فسمح لغير المسلم الذي رفض الإسلام أن يبقى على ملته ويعيش تحت حكم الشريعة بعقد الذمة ويؤمن على نفسه وماله وولده بل ويدافع عنه في حالة إعتداء خارجي
هل الديموقراطية هي الشورى ؟
قد يعتقد البعض أن الديموقراطية تعادل الشورى في الإسلام لكن الشورى تكون في الأمور التي لم يفصل فيها نص وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ كالنظم الإدارية مثلا أما قطعيات وثوابت الدين فلا مجال للخوض فيها, يعني التحاكم يكون أولا للشرع ثم يستشار أهل التخصص في الأمور الأخرى مع مراعاة استخدام أدوات الشرع أيضا وأصول الفقه في استنباط الأحكام
فلو افترضنا أن الديموقراطية توافقنا على ذلك, لماذا لا نستخدم المصطلح الشرعي "الشورى" بدلا من المصطلح الغربي الذي يفتح المجال أمام التدليس وتمييع المعنى
Bookmarks