المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حب الله
تدرج الحكم بتحريم الخمر المُسكر .. وجاء فيه الأربع آيات التالية :
" ومن ثمرات النخيل والأعناب : تتخذون منه : سكرا ً(وهو الخمر المُسكر) ورزقا ًحسنا " النحل ..
ففي الآية : وفي معرض امتنان الله على الناس : ذكر تلك الثمرات : ثم بين لهم أنهم يتخذون منها : (سكرا ً) .. و(رزقا ًحسنا ً) ..
فكان ذلك منه سبحانه : بغية لفت أنظارهم إلى أن (السَكر) : ليس (رزقا ًحسنا ً) !.. ولم يذكر في هذه الآية تحريما ًصريحا ًللخمر ..
" يسألونك عن الخمر والميسر (والميسر هو القمار) قل : فيهما إثم كبير .. ومنافع للناس .. وإثمهما أكبر من نفعهما " البقرة ..
حيث لما بدأ المسلمون يتساءلون عن حقيقة الخمر التي لم يُسمها الله (رزقا ًحسنا ً) : جاء الجواب الإلهي بأنه برغم أن فيها منافع مادية (مثل عائدات بيعها وزراعتها والتجارة فيها) : إلا أن الإثم المترتب عليها : أكبر من تلك المنافع عند الله !!!..
كأن يأتي شاربها إلى البراز فيضعه على رأسه !!.. أو أن يقع على أخته أو أمه في سَكرته !!..
أو أن يشربها المسلم ثم يقوم للصلاة : فلربما لعن نفسه في قراءته وهو لا يدري !!..
وبرغم أن الآية أيضا ً: لم تحرم الخمر تحريما ًصريحا ًقطعيا ً: إلا أنها هيأت النفوس في الصد عنه وكراهته لما فيه من المآثم ..
" يا أيها الذين ءامنوا : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى : حتى تعلموا ما تقولون !!.. ولا جُـنبا إلا : عابري سبيل " النساء ..
ففي هذه الآية : صدر أول تحريم إلهي صريح عن شرب الخمر : فجعله خاصا ًبأوقات الصلاة فقط .. وفي ذلك أيضا ًما فيه من التدرج بهم والتهييء لنفوسهم على التحريم النهائي الآتي بعد قليل .. ذلك أنه لا يخفى على أحد : توزيع الصلوات الخمسة على الليل والنهار : فيصعب تحري شرب الخمر بينها إلا بمشقة وصعوبة نفس .... فسبحان الله الحكيم ..
" يا أيها الذين ءامنوا : إنما الخمر .. والميسر (أي القمار) .. والأنصاب (وهي التي يُقدسها الناس ويذبحون لها أو عندها) .. والأزلام (وهي التي كانوا يلتمسون بها رأي الأصنام في زعمهم بـ : افعل ولا تفعل ! فكل ذلك
: رجسٌ من عمل الشيطان : فاجتنبوه : لعلكم تفلحون " المائدة ...
وهكذا نزل التحريم النهائي للخمر : بعد أن تهيأت له النفوس تماما ًبل : وصدت عنه معنويا ًوعمليا ً: فتلقوا الأمر على الفور بالإجابة كما تروي لنا كتب السُـنة ...
فماذا تعد ذلك يا الملك : إن لم يكن تدرجا ًوتهيئة ًللنفوس ؟!!!..
Bookmarks