صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 16 إلى 17 من 17

الموضوع: ثالوث القيم الغربية المقدس... احترت و احتار دليلى

  1. #16

    افتراضي

    يظهر أن الزميل elmorsy تأثر بنظرة المستشرقين للحضارة الإسلامية.
    أولا يا زميلنا يجب أن تعلم أن الحضارة الإسلامية حضارة تكريمية و تسخيرية.
    هذه ربما مصطلحاتي أنا, لكن سوف أشرح لك ما أريد.
    أما الحضارة التكريمية من (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)
    و أما الحضارة التسخيرية من (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)

    فالحضارة التكريمية أراحت الإنسان بالأجوبة التي تتعلق بهويته, وجوده و مصيره, كما تتعلق بالقيمية و المعرفة, فلم تترك الحضارة بابا للسفسطة حول "هل أنا موجود" "هل هناك وجود" و "هل يمكن أن نعرف" و "هل نستطيع أن نتيقن" و هل الأخلاق ذاتية أم موضوعية و باقي الأشياء التي غاص فيها الفلاسفة الغربيون و ما زالوا حتى إنتهى الحال بهم إلى السفسطة التي تنعكس في المذاهب الوضعية و النفعية البرجماتية. تلك هي الحضارة التكريمية.

    أما الحضارة التسخيرة فإن القرآن وضع أسس هذه الحضارة في تصرف الإنسان و تفكيره بل ركز على أن من يشتغل بذلك هم أهل الفكر ممن يتفكرون (لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ), فوضع القرآن بهذا الأسس الأولية لقيام حضارة إنسانية تجمع بين غرائز الإنسان في الفؤاد و الجسد و الروح, أخبر الباحث المفكر بحقيقة مفادها أن نواميس الله في الكون لن تجد له تحويلا تبديلا إلا أن يشاء الله في تحقيق معجزة أو إفناء العالم, فأدرك المسلمون حقيقة السببية التي هي أصل كل العلوم التسخيرية .. القرآن هنا يوضح لنا العنصر الحقيقي الذي تتميز به الحضارة الإسلامية و ليس بعض الأسماء مثل إبن سينا أو بعض المؤلفات أو بعض المنشئات المعمارية أو المظاهر الفنية التي يركز عليها المستشرقون ليضعوا دائما همزة وصل بين هذه الإستحقاقات الدنيوية و إرث اليونانيين (مع غض النظر عن الفارسيين و الحضارة الهندو-صينية غالبا).

    أما عندما نأتي إلى الحكمة فنرى تطبيق هذه الأسس الأولية في الواقع فجعل الرسول صلى الله عليه و سلم ""طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة"", و هناك من العلماء من اشتغل بالعلوم التسخيرية مع ضعف كبير في العلوم التكريمية فدخل فيما ليس له علاقة بالعقل, بل دخل في أمور لا سبيل إليها إلا بالخبر, فأنشغلوا بتلك التفاهات فكان السبب قلة البضاعة في نتائج العلوم التسخيرية, و لو أنهم فهموا و طبقوا أمر الحكمة "العلم فريضة .." لتركوا كل تخصص لأهله و لكان المتنوج العلمي في التسخيريات أكثر مما كان ..

    و في الحكمة نجد أيضا ان الرسول الكريم عليه السلام أعطى الحرية للأسرى مقابل تعليم المسلمين الأميين الكتابة و القراءة, و هذا شيء لا يفعله إلا من أراد أن يؤسس مجتمعا ناضجا واعيا مثقفا متطلعا ..

    و في الحكمة أيضا أن الرسول العظيم عليه الصلاة و السلام أخبر الناس خبرا على أساس معرفته الشخصية (لا الوحيية) ليعملوا طبقا للخبر هذا في مجال الزراعة, لكن نصيحته لم تكن في محلها, فأعقب عليها بقوله ""أنتم أعلم بأمور دنياكم"" و هذه المقولة الحكيمة لا تخدم الأهوائيين العلمانيين في توظيفهم لها, بل تخدم المفكريين التجريبيين إذ أنه أكد على شيء أهمله اليونان (الذين قدسوا العقلنة و المنطق) ألا و هو التجربة, أي أنتم أيها الفلاحون, أنتم من يشتغلون في هذا الحقل, و عليكم أنتم أن تعرفوا طبقا لخبراتكم و تجاربكم ..

    و نفس الشيء يقال في "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمِل بها" و كثير من الاشياء الأخرى التي نجدها في تراثنا تؤكد على أهمية التفكير, و البحث و التجربة و الإحصاء .. الخ.

    إن تأكيد القرآن على التفكير, سؤال الخبير, التأكد من الخبر و النقل و صاحبه, سنن الله في خلقه, إحترام التخصص, حرية التدين, الجدال الحسن, مناهضة الكهنوتية و الكسروية و الفرعونية, التركيز على العدل و التضامن الاجتماعي على اساس فرض الزكاة و تحريم الربا, مناهضة التعصب الأعمى للرأي من غير دليل وووو ... ثم تطبيق الحكمة لهذه التعاليم, كلها أمور ساهمت في خلق جو علمي قابل لتحقيق الحركة العلمية, و قد رأينا السلف كيف ساروا على المنهج هذا فاهتموا مثلا بالصناعة و الاستقلالية في الاقتصاد, ثم ظهرت الحركة العقلية في التعامل مع الإرث الإسلامي للتأكد من الخبر (علوم الحديث), و هذه الأمور بأسرها تثبت أهمية العقل و التجربة, و كلها صنعت البيئة القابلة لتحقيق و تجديد و إزدهار الحضارة التسخيرية, فالذين ظهروا في هذا الميدان مع إختلاف مذاهبهم و مدارسهم و حتى أديانهم كانوا كلهم مسلمين سواء من كان منهم مسلما بالانتماء العقائدي أو كان مسلما بالانتماء الثقافي و/ أو الحضاري, و هذا ما نجده أيضا اليوم في الحضارة الغربي فتجد علماء يهود و هندوس و مسملين و فرنسيين و مصريين و عالمانيين وو.. لكنهم "علماء غربيون", إذ أن الانتماء الحضاري يقاس بالحضارة.

    إنتقاءك لبعض الرموز (الذين لا يمثلون في الحقيقة لب الحضارة الاسلامية التسخيرية كما قلت) و الذين لم يكونوا أصلا ملحدين أو معارضيين للشريعة, ثم انتقاءك لبعض المسلمين العلماء الذين انتقدوا هؤلاء في الاشياء التي لم يحسنوا فيها بل لا علاقة للعقل بها و لا تجول في مجال العقلانيات, أمر لا يقدم و لا يؤخر و لا يؤثر و لا أدنى قيمة له في فهمنا و تصورنا و اعتزازنا بالحضارة الإسلامية التسخيرية و التكريمية.
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    3,251
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    للرفع
    {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا، فستعلمون من هو في ضلال مبين}


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. عناصر الشرك و الاستكبار والفحش في القيم الغربية
    بواسطة عبد التواب في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-07-2014, 12:29 PM
  2. الدليل الذي افحم به ابن القيم حبرا من احبار اليهود
    بواسطة عبدالرحمن الحنبلي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-19-2012, 10:47 PM
  3. دليلي على وجود الله
    بواسطة حمادة في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 02-07-2009, 02:50 AM
  4. ليبرالي محايد: يجوع ولا ينحني!
    بواسطة عبدالإله الفايزي في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 03-14-2007, 04:04 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء