كيف نجمع بين هذه الاية : ( فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ) , وبين معاتبة و تقريع الرسول صلي الله عليه وسلم لقتلي قليب بدر ، حتى قال له عمر : يا رسول الله ، ما تخاطب من قوم قد جيفوا ؟ فقال : " والذي نفسي بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكن لا يجيبون " . وأن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له.
حياك الله أيها الأستاذ المحترم الحبيب هيزم ..هناك غير وجه يمكن حل الإشكال البادي , من ذلك :-
1-أن المقصود بالموتى موتى القلوب أي الكفار وهذا دارج في لغة القران , كما في قول الله تعالى "أو من كان ميتا فأحييناه " أي كافرا فهديناه للإيمان ..لأن الإيمان حياة القلوب ,وموتها لكونها مطبوعًا عليها فلا يصل إليها حق يحييها فهي مغلقة بما أصابها من ران , ونظير هذه الآية قول الله تعالى "وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور" يعني وما انت بمسمع الموتى= وهم الكفار , وكقوله تعالى "إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله " يعني والكفار يبعثهم الله ..
2-أو يقال بأن المقصود ما انت بمسمع الموتى الذين فارقوا الحياة سماع استجابة وقبول فالذين في القبور حتى لو سمعوا الصوت لا يستجيبون ولا يستفيدون , والعرب من شأنهم أن يعبروا عن الاستجابة بالسماع , كما في قوله تعالى "ولهم آذان لا يسمعون بها " وكقول المصلي (سمع الله لمن حمده ) , ويدل عليه نفس الآية (ولا تسمع الصم الدعاء) ,والله وصف الكافرين بأنهم "صم بكم عمي فهم لا يعقلون" مع كونهم يدركون بهذه الحواس إدراكا هو من جنس إدراك البهائم كما في قول الله عز وجل (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء ) فالخراف لا تفقه من الراعي معنى ما يقول , سوى انها تسمع صوته ..فيكون المعنى أن الله ضرب مثلا للكافرين بحال موتى القبور فكلاهما يسمع الصوت دون استفادة هداية ..
ثم اعلم رعاك الباري أن الذين في قبورهم لايسمعون في كل حال بل في أحوال معينة دل عليها الشرع كالحديث الذي أوردته و كحديث سمع القرع الذي أشرت إليه , فإذا قيل: الأصل عدم سماعهم إلا ان يشاء الله تعالى بما استثني , فلعله يجوز أن يقال :شبه عدم سماع الكفار سماع استجابة إلا ان يشاء الله تعالى بقذف الهداية في قلوبهم( إذ لا يملك هداية التوفيق للإيمان إلا الله تعالى), بعدم سماع من في القبور أصوات الناس إلا ان يشاء الله في أحوال معينة ؟..هذا الأخير موضع بحث
Bookmarks