صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 32

الموضوع: التسلسل الموضوعي في بناء البرهان

  1. افتراضي

    وفيكم بارك الله أخي الحبيب د.طالب العفو..
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  2. #17

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالب العفو مشاهدة المشاركة
    واخونا يحي هو من احب الاخوة المسلمين الينا في هذا المنتدي
    اتمني الا نكون قد سببنا ازعاجا
    الله يحبك أستاذنا الحبيب طالب العفو, أتمنى أن لا نكون قد أزعجنا أي أحد من الأساتذة الكرام بارك الله فيهم.

    الأستاذ حسام الدين حامد حفظك الله و رعاك
    شكرا على النقل, هل عندك الصفحة و المجلد و الباب الذي يناقش فيه إبن تيمية رحمه الله هذا الموضوع؟ أنا معي تحقيق د. السيد محمد السيد و أ. سيد ابراهيم صادق, طبعة دار الحديث سنة 2006.

    نعم الانسان مفطور على .. الإنسان خُلق ل .. فما الفرق؟
    و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون, لكن لا أرى في أي سطر مما نقلته مفهوما آخر للفطرة غير الخِلقة أي الحالة التي خُلق عليها الإنسان أما أن تكون الفطرة "معرفة" من نوع ما كعلم باطني أو ذوقي أو ما أدري ايش من المسميات للمعارف و العلوم, فالقرآن واضح و هو أن الإنسان يخرج من بطن أمه و هو لا يعلم شيئا, فالمعرفة تحصل بنص القرآن عن طريق السمع و البصر (التجريبية) و الفؤاد (العقلانية). أعتقد أن الإنسان إذا طلب المعرفة بشكل صحيح بدون أن يغلب الهوى على العقل, أو الظنيات على المعلومات, أو الإحتمالات الضعيفة على الإحتمالات القوية, فإنه يتوصل إلى معرفة بالله و وحدانيته و أنبيائه.

    فما رأيكم أدام الله فضلكم؟؟
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  3. افتراضي

    بارك الله فيكم أخي الكريم..

    في الطبعة المذكورة تجد كلامه عن الفطرة م4 ج8 ص 387 فما بعدها "كلام القاضي أبي يعلى عن الفطرة".. والموطن الذي أنقل منه تجده في ص 433 "الأدلة العقلية تدل على أن كل مولود يولد على الفطرة".

    تقرأ كلامه أولًا ثم نتناقش فيه.. أليس كذلك؟؟
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  4. #19

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين حامد مشاهدة المشاركة
    تقرأ كلامه أولًا ثم نتناقش فيه.. أليس كذلك؟؟
    بلا شك أستاذنا حسام الدين, لذلك طلبت منك معلومات حول الموضوع في كتاب درء التعارض حتى أرجع إليها , ففي ما نقلت أخي الكريم ليس هناك و لاشبه إشارة ألى كلام يستشعر منه الإنسان بأن الفطرة معرفة أو علم.
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  5. افتراضي

    أخي الكريم يحيى بارك الله فيكم..

    قال ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل (وموجبات الفطرة ومقتضياتها تحصل شيئًا بعد شيء بحسب كمال الفطرة إذا سلمت من المُعارِض).
    قال الألباني رحمه الله "فإن الفطرةَ التي فطر اللهُ الناسَ عليها -والتي تشهدُ فعلًا بأن الله هو الربُّ وحده لا شريك له- إنما هي أثرُ ذلك الميثاق".
    قال أبو القاسم حفظه الله "الفطرة =ملكة راسخة في النفس تؤهل صاحبها لقبول الحق".
    قال حسام "وليس هناك أحدٌ يقول إن الإنسان يولد عالمًا، لن تجد ذلك عند أحدٍ من المختلفين في معنى الفطرة فيما أعلم، لكنهم يقولون إن قوى الإدراك الموجودة في الإنسان تستلزم التوحيد وتستلزم الإسلام وتستلزم الخلق الحسن".

    فلماذا تتوقع أن أنقل عن شيخ الإسلام أن الفطرة معرفة أو علم ؟؟!

    وإن لم يكن أصل الفطرة معرفة أو علم فهذا لا يعني تنحيتها، بل الاستدلال بها وعليها والرد إليها كثير في كلام أهل العلم، بل اقرأ تفسير قوله تعالى "أفي الله شك فاطر السماوات والأرض" فإن أحسب أن منزع الاستدلال في الآية الكريمة مما سيثري خط كتاباتك في الفترة الأخيرة.

    المهم توكل على الله واقرأ، ولا تعد لي لتقول لم أجد أن الفطرة علم، وقد أعذر من أنذر
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  6. افتراضي

    وما المانع شيخنا الفاضل أن تكون الفطرة أمر غيبي خبري كأمر الروح وهي كذلك ملكة راسخة كالغريزة الجنسية أو كحاجة الإنسان إلى الطعام والشراب
    فتجده مثلا إذا عطش طلب الماء وإذا جاع طلب الطعام وإذا شعر بالحر طلب الظل وهكذا ، فهذه قضايا غريزية ونزعات إنسانية نحو الحاجات لإستمرار الحياة

    وكذلك الفطرة فالإنسان مفطور أو عنده سليقة صافية تجاه الخير والشر فلئن كان مفطورا على معرفة هذه الأمور كما يقول تعالى (( ونفس وما سواها ،فألهمها فجورها وتقواها)) فمعرفة الخالق إبتداء من باب أولى ...

    فالطفل يجوع ويشرب الحليب وهو كذلك مفطور على وجود الخالق ولكنه غير مكلف بالتعلق به وإتباع أمره ونهيه لرفع القلم عنه

    فلو أن هذا الطفل عاش في جزيرة نائية ليس فيها أناس فإنه سيهتدي بفطرته إلى الذي خلقه حال كونه عاقل
    وقولنا عاقل أي عندما يبلغ سنا تؤهله معرفة الأشياء بفعل فطرته
    فهو في حال صغره تكون فطرته منحصرة فيما ينفعه كشرب الحليب أو البكاء عند الألم أو الضحك عند الشعور بالحنان وهذا كله من لطف الله ورحمته مع وجود الفطرة المثبتة فيه والتي يأتي دورها عندما يكون عاقلا بأمر الله ...

    ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في تعليقه على حديث «كل مولود يولد على الفطرة»: «ونحن إذا قلنا أنه ولد على فطرة الإسلام أو خلق حنيفًا، فليس المراد به أنه حين خرج من بطن أمه يعلم هذا الدين، فإن اللَّـه أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئًا، ولكن فطرته مقتضية موجبة لدين الإسلام، ولمعرفته ومحبته، ومن ظن أن (البشر) خلقوا خالين من المعرفة والإنكار، من غير أن تكون الفطرة تقتضي واحدًا منهما، بل يكون القلب كاللوح الذي يقبل كتابة الإيمان وكتابة الكفر، فهذا القول فاسد؛ لأنه حينئذ لا فرق بالنسبة إلى الفطرة بين المعرفة والإنكار، والتهويد والتنصير، فكان ينبغي أن يقال: يُسلّمانه ويهودانه..
    التعديل الأخير تم 01-10-2011 الساعة 05:44 AM
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

  7. #22

    افتراضي

    شكر الله للدكتور الموفّق حسام الدين..ولجميع الأفاضل الكرام الأساتذة طالب العفو ويحيى ومحب أهل الحديث ..وأقول بعد حمد الله سبحانه ملخصا ما أريد في نقاط :
    -لم أتعرض لنقول عن العلماء لأنه درج في أمثال هذه النقاشات العلمية أن يعترض أحد المتحاورين فيقولوا : نحن نطالب بدليل وليس النقل عن فلان وعلان دليلا فهذا رأيه, ومع كون الأمر ليس كما يقولون ولكن فيه تفصيل..
    -فسر السلف الأوائل الفطرة بالإسلام, لا ابن تيمية وحده ..قال ابن عبد البر : (وهو المعروف عند عامة السلف) بل هو صريح كلام رسول الله كما في حديث عياض بن حماررضي الله عنه عن النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام فيما يروي عن ربه : ( وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فأضلتهم عن دينهم..) وهو ما فهمه الصحابة الأكابر كأبي هريرة وغيره, وليس المراد بالإسلام معرفة تفاصيل الحلال والحرام والعقائد كما بيّن الدكتور حسام الدين
    -مجرد وجود ذلك في القران في الكتاب والسنة يعني جواز الاحتجاج به ,وليس صحيحا ما يردده بعض الإخوة قائلين:كيف تحتج على الكافر بأشياء في القرآن وهو ينكر القرآن أصلا..؟ لأنّا قد علمنا أن الله تعالى أمر نبيه أن يدعو الناس بالقرآن وأن يتلوه عليهم..وتواتر إسلام الكثير عبر التاريخ بمجرد ذلك..وهذا لا تجده في غير هذا الدين, لا من جهة اشتمال القران على الدلائل العقلية فحسب,بل لأن حقائقه تحرك الكامن الفطري الذي تكدست عليه أكوام الضلالات وينفض عنه الأوساخ ,كلٌ بحسبه..بل مجرد تلاوته في ساعة خلو القلب من المؤثرات المفسدة سبب عظيم لتحريك هذا الكامن الفطري وقد استفاض النقل بذلك قديما وحديثا ..وهو من أحد أدلة الفطرة التي ركزها الله في النفوس, فحين نحتج بها فإنا نعمل بموجب دلالة القران والسنة من جهة وكذلك بناء على أنه شيء مأنوس في كل نفس لايمكن إنكاره من جنس الاستدلال بالمحسوس ,والروح وإن كانت غيبية إلا أنه لا يجادل في حقيقتها أحد كما أشار أخونا الحبيب محب أهل الحديث
    -ومما يدل على أن الله نفسه جل ثناؤه احتج بها أنه عقّب الأمر بإقامة الدين بقوله "فطرة الله التي فطر الناس عليها" بمنزلة ما لو قلت لشخص:اتبع الخطة المرسومة في هذه الورقة بحذافيرها,وضعها أكابر الخبراء . فإنما قلت "وضعها..إلخ" مدللاً على صحة ما فيها
    -وفي بعض الروايات ما يدل على ما تقدم كرواية الأعمش المخرجة في صحيح مسلم"ما من مولود يولد إلا وهو على الملة" ,على أن الأمر واضح ولهذا قال به عامة السلف
    -أما أصول الأخلاق أخي المكرم يحيى فليس الأمر منوطا بالتجارب التي أدت لمعرفة الضر ,بل النفس مشحونة بحاسّة فطرية تميز بين أصول الأخلاق الحسنة والمرذولة..فتعرف قبح الكذب والخيانة ونحوها من حيث هو كذب لا من جهة ملاحظة آثاره ومعاينة ما يترتب عليه بعدُ ,ومن قال بغير ذلك فهو مطالب بالدليل على أني أنزهك أخي المكرم يحيى أن يكون رأيك في هذا مشابها لهم,ولهذا قال ابن القيم : (الفطرة حيث جاءت مطلقة معرفة باللام لايراد بها إلا فطرة التوحيد والإسلام وهي الفطرة الممدوحة وبهذا جاء في حديث الإسراء لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم اللبن قيل له"أصبت الفطرة")وبعض الأخلاق أو الأشياء يدرك العقل قبحها بالقياس المنطقي والاستنباط ,وبعضها لا تعلم إلا من جهة الشرع
    -وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم الفطرة بالبهيمة التي تولد خالية من العيب ,ليصور لك المعنى بالمثال ولم يذكر لتحصيل الفطرة أسبابا وشروطا وإنما أشار لانتفاء الموانع لحائلة دون قيام دلالتها في بعض النفوس "حتى تكونوا أنتم تجدعونها", والإيمان بدلالة الفطرة من مقتضى اعتقاد عدالة الله ورحمته ,والرسل جاءوا "لئلا يكون للناس على حجة بعد الرسل " فالفطرة إذن محل نوراني قابل لتلقي نور الوحي ..وهو السر الوحيد في تفسير إذعان الكثير لحقائق التوحيد بمجدر سماع القران..ولو لم يكن الجزء المسموع مشتملا على دليل عقلي بالمعنى الاصطلاحي..
    أكتفي بهذا القدر الآن ..والله المستعان
    التعديل الأخير تم 01-10-2011 الساعة 08:05 AM

  8. #23

    افتراضي

    إلى أن يقولون
    الصواب :يقولوا..ثبتت النون بسبق قلم أو بسبق زر لوحة المفاتيح
    التعديل الأخير تم 01-10-2011 الساعة 10:17 AM

  9. #24

    Arrow

    إخواني الأعزاء
    @حسام الدين حامد
    @محب أهل الحديث
    @أبو القاسم المقدسي
    @طالب العفو

    الرد في الخاص إن شاء الله
    تحت عنوان: ((تعليقات: التسلسل الموضوعي في بناء البرهان))
    و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    التعديل الأخير تم 01-11-2011 الساعة 07:35 AM
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  10. #25

    افتراضي

    سبحان الله..!
    ما معنى أن الرد في الخاص؟

  11. #26

    افتراضي

    في القسم الخاص أستاذنا المحترم أبو القاسم المقدسي
    و ذاك القسم أفضل حتى لا نشوش على الناس و الذين تستقر في أذهانهم تصورات معينة للفطرة قد أختلف فيها معهم, و الله أعلى و أعلم.

    مع خالص محبتي و احتراماتي
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  12. افتراضي

    بارك الله بالأشياخ والأساتذة الأفاضل على هذا النقاش الماتع .
    لا شك أن الدليل الفطري هو من أقوى الأدلة وأرسخها ويصلح أن يكون برهانا قائما برأسه للتدليل على وجود الله تعالى بل وحتى على صحة دين الإسلام ومصدره الرباني ، فهو العقبة الكؤود التي تقف في وجه الملاحدة السفهاء فتحبط كل ما ينسجونه من أحابيل لصد الناس واقصائهم عن حقائق الإيمان .
    وإني سأدلي برأيي فيما يتعلق بمفهوم الفطرة على حسب ما أعلم ، فما كان من كلامي مجانبا للصواب فحبذا لو أرشدني أحد الأساتذة الأفاضل إليه .
    أقول عن مفهوم الفطرة الإيمانية : هي ذلك الاستعداد الجِبلّي المركوز بين جوانح الإنسان، المهَيَّأ لتلقي حقائق الايمان بشقيه الاعتقادي والسلوكي والتفاعل والانسجام التام معه .
    وتوضيح ذلك :
    أي أن الله قد بث بين طوايا نفس الإنسان ملكة من شأنها إذا عرض أمامها الإيمان أن تركن وتستروح إليه ، وسبب هذا الركون أن الفطرة قد أنشأت على هيئة يجِد فيها الدينُ المحل المطابق له ، وإذا أردنا تمثيلها بصورة حسية فتكون الفطرة بمثابة (الجسد )ودين الإسلام (الثوب المماثل لهذا الجسد) .
    وقد تبدى لي والله أعلم ، أن هذه الفطرة تتسم بثلاث صفات :
    الأولى : أنها كما أسلفنا ملكة ركّبت على هيئة بحيث يكون بينها وبين الدين الحق تواؤم وانسجام، وهذا معنى قول الله تعالى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
    وقوله : (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.. ) الآية . وقوله : (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ).
    ومن هنا نتبين الخطأ الذي يقع فيه كثير من الدعاة ، حيث يمثلون فطرة الإنسان بأنها كالصفحة البيضاء التي هي محل لكتابة الإيمان أو الكفر ، ومكمن الخلل أنهم جعلوا الفطرة قابلة للإيمان والكفر على حد سواء ،وهو ما نبه إليه ابن تيمية رحمه الله فيما نقله الأخ محب أهل الحديث بقوله : (ومن ظن أن (البشر) خلقوا خالين من المعرفة والإنكار، من غير أن تكون الفطرة تقتضي واحدًا منهما، بل يكون القلب كاللوح الذي يقبل كتابة الإيمان وكتابة الكفر، فهذا القول فاسد؛لأنه حينئذ لا فرق بالنسبة إلى الفطرة بين المعرفة والإنكار، والتهويد والتنصير، فكان ينبغي أن يقال: يُسلّمانه ويهودانه..)
    والحق أن انصياع الإنسان للدين الحق هو مظهر لنقاء فطرته وإقبالها وازدهارها ،وإن انغماسه في أوحال الكفر الضلال مظهر من مظاهر ارتكاسها وتقهقرها .
    الثانية : أنها قابلة للنماء والزيادة كما أنها قابلة للانتكاس والتراجع ..
    ففطرة المؤمن الطائع لا شك أنها ليست كفطرة الكافر الأثيم ، فهي عند المؤمن التقيّ الطائع في طور متقدم من الإشراق والنقاء
    لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لوابصة بن معبد رضي الله عنه عندما جاء يسأله عن البر والإثم ... استفت قلبك.
    فهذا الحكم مقصور على أصحاب الفطر السليمة من المؤمنين الذين شرح الله صدرهم بنور المعرفة واليقين ، لا على الذين لطّخت فطرهم بأوحال الشهوات ودنّست بلوثة الشبهات .
    الثالثة : أنها دائمة التطلع إلى مقتضى ما جبلت عليه ، تماما كالحاجة إلى الطعام والشراب التي غرسها الله في الانسان ، فنجد أن الانسان بمقتضى هذه الحاجات العضوية يبحث في الخارج عما يسد له هذه الحاجات من الطعام أو الشراب المتكيف مع هذه الغريزة بحيث لا يستطيع سبيلا إلى إروائها وتسكينها إلا إن عثر عما جُعل مناسبا لها من أطعمة وأشربة محددة، طبعا بصرف النظر عن حيثيات أخرى متعلقة بمثال الدوافع العضوية كترتب الهلاك على عدم إروائها ، إنما أريده من هذا المثال فقط هذه الجزئية.
    كذلك الفطرة الإيمانية فهي دائمة الحنين والشوق إلى التعرف والقرب من إلهها الذي خلقها وهذا الشعور مستكن في أعماق كل الناس على كافة توجهاتهم وعقائدهم ومشاربهم، ولئن غاب الكثير من الناس عن صوت هذه الفطرة المتواصل ، فما حجبهم عن سماعه إلا ضجيج شهواتهم وصخب شبهاتهم .
    إذا عرفنا هذا عرفنا سر الشعور بالبؤس والضنك الذي لا يبارح قلوب مستدمني المعاصي والغفلات مع أن الصورة الظاهرية الخارجية من المنظور الدنيوي المادي الأبتر تنبئ بخلاف ذلك ، فهم عند أهل الدنيا ينعمون بأسمى مظاهر السعادة ويرفلون في أثوابها ويتقلبون في بحبوحة من المتعة ورغد العيش، في حين انك لو شققت عن صدورهم لرأيت الحزن والأسى يعتصر أفئدتهم ولوجدت في قلب كل واحد منهم من القبض والألم والضيق ما لو وُزِّع على أهل بلد لكفاهم، وما ذاك إلا لأنهم ظلموا أنفسهم بإعراضهم عن مقتضى ما فطروا عليه ، لذلك علق الله تعالى السعادة والاطمئنان بذكره وطاعته فقال الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وقال : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
    وربط الحزن والشقاء بالغفلة والإعراض عن ذكره فقال : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)
    وهذا ما يفسر لنا الحالة التي تناب المسلمين الجدد في الغرب من البكاء الشديد الممزوج بنشوة من السعادة والطمأنينة، وذلك أنهم أصغوا إلى نداء الفطرة بعد طول انشغال عنها ، وعثروا على ما يسكنها بعد طول أنين ومكابدة وعذاب . والحمد لله رب العالمين
    التعديل الأخير تم 01-12-2011 الساعة 12:13 AM

  13. #28

    افتراضي

    بارك الله فيكم أخي المكرم الأستاذ شرف الدين ..إضافة ثرية أسأل الله أن يكرمك عليها
    -------
    كما سلف أجمع السلف وهم ليسوا محصورين في الصحابة ..وقد تتابع النقل عن بعض أعيانهم دون مخالف
    ثم تأكد هذا بتابعيهم بإحسان,والسلف =ما دل عليه تزكية الرسول وهم القرون الفاضلة الثلاثة (الصحابة وتابعوهم وتابعوهم بإحسان)
    ومعاذ الله أن يكون مدلول الفطرة معارضا للقران ,فقوله تعالى "أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا)
    من جنس قول الله في أعظم البشر "ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" مع أنا قد علمنا من حاله أنه كان على عبادة وتأله
    فكيف نفى عنه العلم والإيمان وهو كان يعبد ربه ويوحده ؟ فعلم أن المقصود لا تعلمون تفاصيل الأشياء ,وهذا يختلف عن الملكة الراسخة المرجحة للحق المحبة له التي كالحاسة,وذلك مثل الأرض لا يكون فيها زرع فإذا أنزل الله عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ,لكونها محلا قابلا ,وإن كانت من قبل قفرا, ودليل آخر :أن المولود يولد وهو يعلم صوت أمه ويميزها عن غيرها يقينا منذ كان في الشهر السادس في بطنها ,فهذا يدل على معنى نفي العلم المذكور أيضا ..ولم يكن السلف الأكابر يتعاطون في فهم القران بهذه الطريقة كالقوانين الجامدة وإنما يفهم بالسياق والقرائن واللغة والجمع بين نصوص الباب ..إلخ
    وها هنا دليل عقلي ذكره ابن تيمية على وجود الفطرة ودلالة المعنى المتفق عليه فيها(وبصراحة من المؤسف أن يضطر المرء مع مسلم أن يلجأ لهذا ) وسأصوغه باختصار وتصرف :-
    -الإنسان يحصل له من الالاعتقادات والإرادات ما يكون حقا وباطلا فإذا كانت تصديقاته تارة تكون حسنة وتارة تكون سيئة فلا يخلو:
    1-إما أن تكون نسبة نفسه إلى النوعين :واحدة ,بحيث لا يترجح أحد الصنفين على الآخر بمرجح من نفسه
    2-أو لابد أن تكون نفسه مرجحة لأحد النوعين
    فإن كان الأول :لزم ألا يوجد أحد الصنفين إلا بمرجح منفصل عنه, وهذا المرجح المنفصل أحدهما يرجح الصدق الذي ينفعه والآخر الكذب الذي يضره..فإما
    أ-أن يتكافأ المرجحان
    ب-أن يترجح أحدهما
    و (أ) مستحيل للزوم ألا يحصل أحدهما وهو خلاف المعلوم بالضرورة ,فإنا نعلم أنه إذا عرض على كل أحد أن يصدق وينتفع وأن يكذب ويتضرر مال إلى أن يصدق وينتفع
    -وإذا كان (ب) فترجيح الكذب الضار أولى بالامتناع من تكافؤ المرجحين
    فعلم أن في فطرة الإنسان قوة تقتضي اعتقاد الحق وإرادة النافع الحسن

    وحينئذ الإقرار بوجود الصانع والإيمان به ,هو الحق أو نقيضه؟
    الثاني معلوم الفساد,فتعين الأول (وهو أظهر وأعظم من مسألة معرفة حسن الصدق وترجيحه )
    وحينئذ فيجب أن يكون في الفطرة ما يقتضي معرفة الصانع وحبته وعبادته(وهو أمر ملموس يحسه كل شخص من نفسه)

    وعلى فرض (2) أي لزم أن يكون للفطرة مرجح للحنيفية التي أصلها معرفة الصانع وإخلاص الدين له :
    *فإما ألا يوجد مقتضاها (وهو العلم والعمل ونحوه) إلا بسبب منفصل مثل من يعلمه
    *أو يوجد المقتضى دون سبب منفصل
    فعلى الأول:لزم أن يكون موجبها متوقفا على مخاطب منفصل دائما فلا يحصل بدونه ألبتة وهذا المخاطب هو نفسه بحاجة للسبب المنفصل ,فيلزم التسلسل في المخاطبين ,فهذا تسلسل في الفاعلين وهو ممتنع
    -وإذا كان في المخاطبين من حصل له بموجب الفطرة بلا مخاطب منفصل:دل على إمكان ذلك في الفطرة فبطل تقدير كون موجب الفطرة لا يحصل قط إلا لمخاطَب منفصل
    وإذا أمكن حصول موجب الفطرة بدون مخاطَب منفصل علم أن في الفطرة قوة تقتضي ذلك..وأن ذلك ليس موقوفا على مخاطب منفصل =وهذا هو الفطرة)
    التعديل الأخير تم 01-12-2011 الساعة 01:33 PM

  14. افتراضي

    بارك الله فيك أبو قاسم ..
    والله فخر للمنتدى أنت ...
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

  15. افتراضي

    وفيكم بارك الله شيخنا الفاضل وجعل من مداد يراعكم ذخرًا لكم في موازين حسناتكم .

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ما الفرق بين التسلسل الانهائي للزمن و التسلسل اللانهائي للاسباب
    بواسطة man777 في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 08-03-2012, 09:26 AM
  2. أنت وحدك يرويهم دمـك.. يا حفيدَ بلال!! (في مقتل سيد بلال رحمه الله)
    بواسطة أميرة الجلباب في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 07-22-2011, 11:32 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء