*الأصل المستقر في عامة بني آدم أن الله فطرهم على الإقرار بتوحيد الرب جل وعز..بمعنى أنه ركز في نفوسهم اعتقاد وجوده وأنه واحد سبحانه وتعالى وعلى قبول الإسلام جملة(وهو ما يفسر أنه أسرع الأديان انتشارا رغم كل ما يبذل من جهود هائلة لهدمه منذ كان في مهده)* ..كما في قوله سبحانه: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) , وكما في حديث أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة واقرؤوا إن شئتم " فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " )
*فإذا انحرفت هذه الفطرة (لسبب من الأسباب حتى بلغت بصاحبها أن يزعم إنكار وجود الله وهو منتهى الانتكاس الفطري, فلا وجود حقيقي للإلحاد عبر التاريخ سوى ما كان في العصر الحديث بعد حقبة الثورة الصناعية والانقلاب على الدين النصراني لما في الدين نفسه من تناقضات صارخة يمجها العقل بداهة ولكونه بطبيعته معاديا للعلم مع ما انضاف من تسلط رجال الكنيسة الرهيب على تفاصيل الحياة وتكلمهم باسم الرب بزعمهم فكانت كل وجرائمهم تقدم للناس على أنها بتوكيل رسمي من الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا)
*فحينئذ نعمد إلى التدليل على وجوده سبحانه بالأدلة المنطقية الكلية وأدلة العناية الجزئية وغير ذلك مما لايمكن للعقل السليم الذي يدعي أنه يبني النتائج المنطقية بناء على المقدمات الصحيحة المتناسقة أن يجحده ,ولهذا تجد كثيرا من الملاحدة في أمثال هذه الأدلة ينتهون إلى أن يقولون هناك قوة خلف العالم لكن ما أدري ماهي..فيسلم لك ويتلاعب بالألفاظ ,لأنه لو لم يسلم افتضح تناقضه
*فإذا انتهيت إلى هذا القدر, تناقشه في الدين الحق..فإن كان يرى أنه لابد من دين حق ,فيكفي أن تثبت له بطلان أصول الأديان:الوثنية-اليهودية-النصرانية ..وهذا ميسور لأنها تنضح بالخرافات والتناقضات التي ينكرها أي عاقل ,فإذا بطلت ..ثبت صحة دين الإسلام بناء على الاستبعاد للخطأ..وهذا منهج عقلي لايمكن إنكاره..كما لوقلت: اعتبر هذه المجموعة: (س,ص,ل,ك) ,ثم قلت : (ن) تساوي إحدى هذه المتغيرات ,ولكنها ليست س ولا ص ولا ك..فما (ن)؟ الجواب عند جميع من له ذرة عقل:ن=ل
*فإن كان ينكر أنه لابد من دين حق وحيد,فهذا يعني أن آثار الإلحاد ما تزال مستحكمة في عقله..وساعتها وبعد أن اعتقد بوجود الله تعالى, يقدم له الأدلة على صحة الإسلام بحسب ما يناسب تخصصه وتوجهه, فإن كان ذا اهتمام بالعلوم الطبية ونحوها يقدم له ما في المنقول الصحيح من دلائل النبوة في هذا ,وإن كان ذا اهتمام بالتاريخ تقدم له أدلة تتعلق بالنبوءات ..إلخ ومقارنة ذلك مع ما يقوله أهل الأديان الأخرى ..فبضدها تتميز الأشياء ..ولا مانع من حشد كل ما يعد دليلا أو بعض دليل ,مراعاة لاختلاف فهوم الناس ومداركهم ,والحقيقة الكلية يمكن بناؤها من أبعاض أدلة بحيث إذا اجتمعت معا ائتلف منها برهان حقيقي
ولهذا تجد بعض الناس لديه قدر جيد من الصفاء الفطري فحين سئل عن سبب إسلامه قال:كنت في شقاء وبحثت عن السعادة فلم أجدها إلا في الإيمان أي الإسلام..فهذا آنس نداء الروح ولبى النداء..وانسجم مع صراخ فطرته فيه ,وعرف الطريق بهذا اليسر
فمثله كمثل شخص يقود عربته فلما رأى مؤشر الحرارة ينادي ..أوقف العربة ,وأصلح الخلل إما بنفسه أو بوساطة خبير
والله الموفق للحق
-----
*والله الذي لا إله غيره لو بذلت هذه الحرب الضروس ضد أي دين آخر لانقرض من مدة..ولولا أنه الدين لما عظم أكثر كلما حاربوه أكثر
Bookmarks