صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 26

الموضوع: يوميات حائك.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي يوميات حائك.

    "لا تفتح أي حضارة من الخارج حتى تكون قد دمرت نفسها من الداخل"
    ول ديورانت




    هجرة الأمراء




    "فان كان هذا ما لدينا..
    اذن فهو أمر رائع...
    نحن سعداء و أحبك وانت تعرف ...
    ...."

    تماما مع هذا المقطع المفضل لدي وصلت الا برة الى حافة الرسغ..أتذكر طلب زبوني ان تكون نقشته متعددة الألوان ما يستلزم تبديل خيط البكرة السفلية...اي توقيت هذا ؟؟...وكأنه لا يكفيني من التشويش ما يطالني من الصياح الذي تنتجه تعليقات الحاج الجنرال المقابل لدكاني على مقالات تشافيز الجديدة في محاضراته الطويلة على الراديو..و يتحدث كل يوم عن انجازاتها و كأنه يريد ان يستعيد قسرا ايام كفاح الطبقة العاملة في وجه الأرستقراطية القديمة الجديدة.. دون ان تخلو تعليقاته من التندر على شيخ امريكا اللاتينية يستخرج بها ضحكات الشبان الذين يبدو أنه يحلو له ان يظهر امامهم بمظهر الحليم المهضوم لعلها توازن مظهر الصرامة التي قهرهم بها في عمله وهم بين رائح و غاد و كانها شلة الأستاذ عبودة في مسلسل الشهد و الدموع... لكن ما تلبث ان ترتسم على وجهي ابتسامة تخففها حركة الشفتين لجز الخيط بين اسناني..بعد ان أرى كيف يعرض عنه الشباب عند اول زبونة تمر على المحل حتى قبل ان تصل يدي الى وضع البكرة في موضعها من الآلة لتبدأ شحنها بلفات الخيط الوردي الباهت....
    مع الضغط على الدواسة و زيادة سرعة اللف..يزداد ضجيج المحرك..مخلفا ازيزا أشبه بصوت عدم الرضا عند مشجعي الكرة و كأنه يريد ان يذكرني بأن النفقة على اصلاحه قد صارت اوجب من نفقتي على اصلاح نفسي.. و الملفت المضحك المغيظ في آن.. ان ضجيج نقاش الجنرال و الشباب حول افكار الثورات الجديدة يزداد ايضا ...حتى لكأن حبال حناجرهم مشدودة بحبل الدواسة ..أهو عناد الآلة و الانسان ؟؟ أستمع لما يصلني من نقاشهم فهو على الأقل مسل مقارنة بصوت المحرك و أنا منحاز لقومي.. يبدو ان النقاش بينهم انتقل دون مقدمات -شأن كل نقاشات اهل الصنائع التي يراد منها فقط تمضية الوقت- من الكلام عن الرئيس الثرثار الى الكلام عن الفروق بين دول العالم الأول و العالم الثالث و الهجرات بينهما و تفسير ظاهرة الهجرة و عدم اختفاءها مع تفاقم الأزمات الاقتصادية في العالم الأول..ما كان فعلا مثيرا ان يتفقوا جميعا على ان طلب الرزق ما عاد يفسر بالكلية مثل هذه الظاهرة..
    فرغم ان تحليلات كثيرة للهجرة السرية قد جعلت من العامل الاقتصادي الفردي العامل الأهم عند جمهرة من الباحثين...لكن كم مرة وجدت هذا العامل غير كاف في تفسير اسراب الطيور المهاجرة ... فان كان فعلا العامل الاقتصادي الفردي قد يكون العامل الحاسم في تقوية دعائم الطبقة المتوسطة في اي مجتمع و بالتالي ترسيخ صمام الأمان لهذا المجتمع او ذاك..الا انه يبقى غير كاف لتفسير امثال هذه الظواهر المقلقة في كثير من جوانبه في عالمي المسلم...اذ من جهة نشهد كما من الهجرة لا بأس به في الدول المتوسطة و المحققة لمعدلات نمو اقتصادية مرضية..و من جهة اخرى طالما شهدت و عايشت تقاعسا ملفتا عن الهجرة من افراد مجتمعات غربية تعيش اوضاع اقتصادية صعبة...
    ما يزيد من اللخبطة في تصوري للموضوع الخبر الذي رمقته اليوم و انا افتح حاسوب التصميم في المحل..الصفحة الأولى تتكلم عن امير جديد من امراء المنطقة العربية...يهاجر في صمت مرة اخرى...للاقامة في دولة اجنبية ...تمددت في الكرسي و بيدي عصا تعليق الملابس و بدأت اتامل الخبر الذي ربما لا يستوقف الكثير من الناس...بعد ان شهدنا حقبة هجرة العقول و الأدمغة...ثم بعدها حقبة هجرة الأموال و الرساميل...ثم بعدها هجرة اصحاب الصنع و الخبرات..ثم بعدها هجرة عوام الناس و عمالهم...اصبحنا نشهد الآن هجرة الطبقات الحاكمة في عالمنا ؟؟ هذا فعلا سيقلب الموازين في العادة المترسخة منذ زمان في القاء اللائمة على طبقة واحدة من طبقات مجتمعاتنا...و مع هذا بدأ يتضح ان الفيروسات المسببة لأمراضنا منتشرة في كامل الجسد المسلم و ان بكثافات مختلفة..لكن لا يبدو ان هناك فئة من فئاتنا قد نجت منها او هي بمعزل من معاناة آثار الاصابة بها... ...
    لم سيهاجر امير له من الحياة ما ليس لأحد من العالمين ...العربي و الاسلامي ؟؟ بل و ليست لكثير من وجهاء و حكام العالم اجمع ؟؟ لم سيترك كل ذلك ثم يرضى من الحياة بشقة متواضعة في لندن او براغ او نيويورك على هامش الحياة الاجتماعية هناك و يسعى جاهدا ليجد حياة بسيطة عادية لا تحمل من الترف ما تركه في القصور و الضيعات..ان كان للمال فهو اكثرنا مالا..و ان كانت للملك فقد ملكناه علينا..ان كان للهو و آلة الفساد فهي في بلداننا على خفائها اقدر على توفيرها لنفسه ما لا يتوافر للفرد العامي في تلك البلدان ؟؟؟ ......و لا حتى الدمقرطة و المشاركة في الحكم الموفرة لأفرادهم بدرجات متفاوتة تفي بتفسير الأمر...اذ مقامه هناك لا يعدو مقاما بدون فعالية لا في امر الحاكم و لا في امر المحكوم...فما يكون الا ان كان شيئا في الهواء ...شيئا من الذل المنتشر و فقدان الكرامة و فقدان الاحترام للنفس و غياب الثقة غيابا يكاد يكون تاما ...شيئا ان فقد يجعل الجو شبيها بالجو الغائم المحتقن الذي صوره ببراعة الأخوان هيوز في فيلم كتاب ايلي.. و ربما لا يستعاد الا بمراجعة ضرورية الأنفس مراجعة شاملة ممتدة افقيا و عموديا لا تستثنى منه هذه المرة اي طبقة من طبقات هذا الشق من العالم ..
    وما يمكن ان يشعرك بضرورتها بتوافق مع شعورك بمغص في معدتك :ان تتنبه لتفصيل مهم من ان المهاجرين من اهل القمة في بلداننا غاية مطامحهم ان يعيشوا على مستوى فرد من القاعدة في بلدان الغير...هذا ان نالوه هم ايضا ..اذ اغلب الظن انهم ايضا سيشعرون بما يشعر به عامة من هاجر من الرفض المبطن و استحالة الاندماج.
    تبادر لذهني من قول اميرالشعراء بيته :انما الأمم الأخلاق ما بقيت..بتفكري في مضمونه المركز على ايصال قيم مثل العدالة و الحرية و المنع من الضيم و العبودية و الحلم و الصمت و الأمانة و الاحترافية و امثالها من القيم الاجتماعية الشاملة الى القاعدة الاجتماعية العريضة...ادركت انه لا يجمل بصاحب منطق ان يظن ان فقدانها في مجتمع يكون نتيجة عاصفة تاتي عليها في ليلة واحدة..و لا بثها في جسد المجتمع يأتي من جلسة واحدة في مشفى تحقن فيه دفعة واحدة...نعم..يبدو لي ان الآثار المادية لتخلف هذه القيم و انتشار اضدادها من الفيروسات الاجتماعية هو نتيجة قرون متطاولة الأمد اورثث قسوة القلوب هذه...قرون تتابع الناس فيها على فصل المقدس عن الحياة..على رفعه منها ...نتيجة ما انكره المصلحون قرنا بعد قرن من الفصل بين الظاهر و الباطن..من فصل الحقيقة عن الشريعة..فصل الغيب عن الشاهد ...او بعبارتنا من فصل حقائق الدين و مقاصده عن سنن الكون و علله..ما كان هذا ليتم بعيدا عن الأخلاق فالكل مرتبط برباط واحد...و لا يحق لك ان تتهم الأصل بالوهم...و تثبت الفرع..و لا ان تنقش العرش دون ان تتبثه...فان كان وجود المعصوم وهما و هو الأصل..كان وجود ما ليس معصوما اكثر استحقاقا لصفة الوهم و استتبع كل ذلك اطلاق الوهم بكل ما يظن مانعا من تحقيق ما يراد...بدعوى عدم العصمة..

    نعم الدين كأمر الله و تسييده و عيشه..قد يستتبع مخاطرة تسييد الدين الفاسد و اتخاذ الأحبار و الرهبان اربابا..و تغول الشر من خلال ثياب الخير الذي لا يرد..فان كان متيسرا رد الشر حين يأتيك بلباس الشر...و كذلك رده اذ تعرف انه من انسان غير معصوم مثلك..فيكون رده سهلا..لكن ان أتاك بلباس الخير نفسه كان اسهل للتغلغل فيك و انت قد امنت له..و ان اتاك باسم المعصوم كان اصعب في الرد..لكن مفسدة الصعوبة في التمييز بين الحملان الحقيقية و الذئاب المتخفية في اصوافها..لا تصل الى مفسدة الرد الكلي للامر المعصوم الحاكم بين طوائف الاختلافات الجسدية و العقلية و النفسية..كما ان مفسدة الاختلاف في تحديد الأصلح على ضوء هذا الأمر المعصوم ايسر من مفسدة الاختلاف في تحديده في الظلام الخالي منه... اذ يستلزم ذلك نفي الأمر الضابط لمجموع شهوات و رغبات الأنانية الانسانية و الضامن للحد الأدنى من شرائط الاجتماع و الذي يعطي الناس المبرر الأعمق الوحيد المجيب عن السؤال : لم يجب ان نتعايش؟ لم يحرم على ان آخذ دون ان اعطي؟؟ لم يجب ان لا اكون عبدا لشهوات نفسي ما دمت لست عبدا لشهوات غيري مع اني قد لا اعيش الا حياتي هذه؟؟؟ ربما لهذا كان كلام الملحدين عن ان الدين افيون الشعوب فيه وجه من الحق في شق منه بأنه ضروري لسياسة الجماعات البشرية و تحريكها مجتمعة لمصالحها دون ان يكون لازما ان يصح في شقه الثاني من كونه مخدرا او وهما...اذ قد تساس الجماعة بالحق و قد تساس بالوهم ...و الخلاف في نجاعة السياسة لا في مطلقها ..لأن المتدينين لا ينكرون ان مقصد الدين سياسة الجماعات و التحكم بها فيكون كزوبعة في فنجان و مصادرة على المطلوب...وربما لهذا اشتهر بين محققي علم الاجتماع ان الدين اساس التمدن في المجتمعات و الخروج من الحيوانية الوحشية و محركها الأول و الأقدم نحو هذه الغاية..و ان لا انتاج من انتاجاتها من القانون و السياسة الى الفن الا و للدين منة عليه ...و ربما لهذا ما كانت امة سعت للقيام و الوحدة و النهوض الا و بحثت عن امر معصوم من التوحيد يقوم به امرها و تبني عليه مبادئها و تتلمس مقاصده في كافة المجالات التي تجعل الحياة اكثر امتاعا و توازنا في الصناعة و الابداع و الفلاحة و الفن و الثقافة و العلاقات الاجتماعية و تمدها من بعد حتى توصلها معاني و قيم هذا التوحيد الى ابسط الفعاليات الاجتماعية و علاقاتها من التواعد لجلسة اصدقاء في ليلة صيف الى التواعد في التحرك لنشر مشروع علمي بدأ بحلم و ربما لهذا لا تنخرم هذه القاعدة في امة من الأمم و....وتوقفت البكرة عن الدوران و اعادتني الى الخيط الوردي و الحاج و الشباب و الزبائن و الراديو....
    "الشمس قربت على الشروق...
    و أصدقاؤنا يقولون وداعا...
    لا مكان آخر نمضي اليه...
    فأرجو ان تبقى هذه الليلة".....
    التعديل الأخير تم 01-09-2011 الساعة 12:57 AM

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  2. افتراضي

    نعم إنه "ملفت ومضحك ومغيظ في آن"!!
    فملفتٌ أن تبدأ بكتابة هذه اليوميات ولا أقع عليها إلا بعد يومٍ كاملٍ من كتابتها!! كان حق الإخوة يا سيدي أن تراسلني لتنبهني إلى هذا الموضوع، ومضحك فسعادتي لا تكاد توصف بالوقوف على هذا النبع، ومغيظ أن يراودني تصور أنك ستتوقف عن هذا العطاء بعد إذ هيأنا أنفسنا لاعتياده، وقطع العطاء دون سابق إعلام يغيظ ومنكم لا يصلح..

    متـابع..
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ومغيظ أن يراودني تصور أنك ستتوقف
    و المغيظ أكثر أني لا أدري أي السؤالين أوفق : أن أسأل ألهذه الدرجة قوية فراستك؟؟ أم أن أسأل ألهذه الدرجة أنا مكشوف ؟؟

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  4. افتراضي

    اقرأ المقال يا مولانا ترى فيه روح موعظة مودع .. ليس فيه نفس الأمل الطويل ...
    لا أدري كيف أجبرك على المواصلة (ضع هنا صورة وجه غاضبٍ في تودد) .. لكن أسأل الله أن يجعل لك أجر سرورٍ تدخله على قلب امرئ مسلم .. هذا على الأقل!
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لن اتردد في ان افصح علانية اني اتمنى لقلبك السرور ما امكن...و اليومية التالية مهداة لك يا كوتش

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    "لو أقمت فيكم خمسين عاما، ما استكملت فيكم العدل، إني لأريد الأمر من أمر العامة، فأخاف ألا تحمله قلوبهم، فأخرج معه طمعا من طمع الدنيا"
    عمر بن عبد العزيز








    أحجار على رقعة الشطرنج






    بياض...في سواد ...جبنة اكثر بياضا و مذاقها منعش...ربح البيع ان كانت منتوجا وطنيا..على أن اتذكر النظر في العلبة حين اعود للبيت..و تكون استكملت حلقاتها لو ان الجودة قد وفرت بثمن بخس قادر على المنافسة..لو سألت القيم حين الدفع لعده بخلا..و ما سأقول له.؟ انما اسال عن ثمن الجبنة للاطمئنان على العجز في الميزان التجاري في البلد؟؟ لأعطيته اذن فرصة عمره لكي يرد لي الصاع الذي كلته اياه حين هنأته بتجديد محله و ان لا ينسيه بخله تجديد هندامه ....افضل له و لي ان ادفع و انسحب مباشرة قبل ان يخرج اطفال المعهد الانجليزي و تصبح مهمة عبور الشارع اصعب من عبور ابواب المساجد في الجمع...و ايضا قد لا آمن ان أجد البامبو قد ترك الدكان و انشغل في المناظرات الكروية و اليوم يوم اثنين و بطولة الانجليز-شياطين التجارة- لا تريد التوقف حتى حين تتوقف نصف بطولات العالم..
    لكن قد اسات الظن..فالبامبو في مكانه مستقر..مستقر زيادة عن اللزوم..صامت جدا و الأدهى ان عليه مسحة لا ادري اهي من قهر ام من كبرياء...
    -هذا الجنرال ما عاد يعرف الى اي حد لسانه جارح..
    -نعم..قلت..لكن لن تجادلني في انه يحسن اختيار المرهم...
    نظرت اليه بينما كنت اخرج الأثواب و انشرها لأبدا التصميم لعمل الغد...استغربت لأول مرة لم ينادونه في المحلة بالبامبو..فلا وجهه مفلطح و لا قده ما شاء الله عليه كاعواد النبتة...
    -و ما ينفعني دواءه...أنا اصلا لاأظنني اتوافق معه بعد اليوم...

    أي ثوب هذا الذي اتتني به هذه الزبونة سيخرج مني لعنة الفراعنة قبل ان أكمل حياكته..كان علي ان أتنبه لملمسه حين المفاوضة..أي حرفة هذه التي يجب ان تستخرج حسنتها من بين سيئتي الاستخدام و الاتجار...
    -لو كنت تصمت اكثر لأنتج ذلك انسجاما و احتراما اكبر بينكما
    تركت الطباشير لآتي بالمقص لأضعه بجانبي قبل ان تأخذه السيدة كروان..و التي طبعا لن تفوت الفرصة للتعليق:
    - انظر من يتكلم عن الصمت و الاحترام و الانسجام..
    -قولي له ..أنت أصلا نصف المحلة تشتهي حرقك بالبنزين و النصف الآخر لا يمانع ان يدفع ثمنه

    انا الذي يحتاج الآن للبنزين لحرق هذا الثوب اللعين ...او أفضل من ذلك حرق كل الصين ... التي تقذفنا بهذه الأثواب السيئة الذكر..مع انهم يحيكون ملابسهم التقليدية بجودة معجزة جعلت مني مولها بفنون الشرق الأقصى ...و كانهم يحتفظون لأنفسهم بأحسن ما في ثقافتهم من الجودة الابداعية و يرمون للعالم بالنفايات النووية لطاقتهم العاملة..و كأننا لم نكتفي فها هم الأتراك بدورهم أصبحوا يقذفوننا -بقدر ما يقذفوننا به من المسلسلات- بانواع السترات التي لا يصل ثمنها الى ثمن ثوب البطانة التي خيطت بها.....
    -هذا لا يمنع ان الصمت مورث للذكاء يا سيد بامبو
    و لا أدري لم تذكرت نقاشا كنت قرأته من ايام عن ثرثرة النساء و الذكاء..تمعني في حسن الموافقة عطل انتباهي الى ان البامبو صار اقرب الى استنتاج يوفره له الصمت اكثر من اي شيء آخر..لالا أرجوك لم اقصد...
    - تقصد اني غبي لأني ثرثار. ...
    تو لايت..
    -وصفان في نسق واحد..مبدع انت..هل لك في جولة شطرنج؟؟
    - تريد ان تثبت لي العكس..اقصر و ابحث عن سبيل آخر..فمهما تنوع ذكاءك و اطلاعك فالشطرنج آخر ما ستغلبني فيه
    مرت الدقائق و الساعات-على خلاف المعهود- كعقاربها...سريعة دون احداث اثر محسوس.لأجدني وجها لوجه مع البامبو و الطاولة بيننا سواد في بياض في سواد في بياض..و أفقت على حركة يده و قد حركت البيدق مربعين الى الأمام...
    -يجب ان نتحدث عن شيء عزيزي...و الا فصمتك لن يبرهن على نظريتي
    على خلاف عادته لم تزغ عيناه عن الرقعة
    -اي موضوع تريد؟
    - نظرية النينجا في الأزمة الاقتصادية؟؟
    -الموضوع استهلكته الأسبوع الماضي و لا يثيرني ..انظر لنا موضوعا اقرب
    بدأت احس انه يريد ان لا يخسر على الأقل في نزال الصمت و ابدو اكثر ثرثرة منه...نظرت لحاسوب التصميم..كانت صفحة المقالة التي قرأتها قبل التشطيب ما زالت مفتوحة...
    -ما رأيك في هذه المقالة..الكاتبة تتحدث عن لقاءها مع احدى صديقاتها التي تواعد رجلا..و تنقد هذا السلوك الذي يقول اصحابه انه المسلك الوحيد للزواج ..المقال ايضا يتعرض لأحد من اهل حرفتنا

    حرك بيدقا آخر دون نظام جامع بين الحركات..يبدو انه مدرك تماما لانعدام حظوظه ...انعدام الفرص او قلتها قد يؤدي الى ارتكاب افعال عشوائية..تماما كقلة الفرص امام البنت التي تخرج للمواعدة..
    -مغرورة...
    -البنت التي تواعد؟
    - لا..الكاتبة...أين تعيش؟؟
    حرك الوزير ثم استطرد
    - الا ترى الأحوال من حواليها؟؟ ان اردت ان تطاع فامر بما يستطاع
    -ليس أمرها..انما هو امر العلماء و المتخصصين
    -فليخرج هؤلاء العلماء الى الشارع ان ارادوا فعلا التخصص
    يبدو انه وجد اين يفرغ غيظه و احباطه...بدأت احس بنوع ضيق و حتى تساؤل عن معنى كل هذه اللعبة؟؟ و لكن من جهة اخرى اعترف في قرارة نفسي انه طالما بقيت صامتا امام بنات ينطقن بنفس حجة بنت المقال..نعم ان الله على كل شيء قدير..لكن الحق ان ارادة الله لها علل و فرق بين الجهل بالعلل جهلا من جهة الاقرار..و بين تلمسها و العمل بمقتضاها..و الأمر بالصبر قد يكون نافعا في حالات عين كحالة المتكشفة من الصرع..لكن في امر عام يعظم فيه الخطب حتى تشمل النازلة عامة افراد المجتمع..فليس من عادة الشرع و لا العلم ان يامر الناس فقط بالصبر الا فيما لا حيلة فيه من القدر..فانعدام الفرص و بالتالي انعدام المخارج يؤدي الى كثرة الظواهر الاجتماعية الشاذة كما و نوعا ما يؤثر على الميزان الفقهي و حادثة الرمادة في هذا كالأصل..و لطالما عير حجة الاسلام اهل الفقه في زمانه بكونهم ملكيين اكثر من الملك في تناولاتهم القانونية التي يعزلونها عن قيم المجتمع و الاكتفاء بالوصف النمطي دون التقييد و البحث عن الحلول الاجتماعية الناجعة للأمراض و عدم الأخذ بعين الاعتبار مقاصد الدين و الشرع في صراع الباطل و الحق من ضمان الكرامة الانسانية بتحقيق العدالة الاجتماعية بحسن ادارة الحاجات المستعبدة.. ..فما نفع القاعدة القانونية ان لم تترك أثرا على الواقع المليء بالعنوسة و حالات الطلاق المرتفعة ...لن يجادل احد هنا في تحريم مظان الخلوة..لكن الشأن في سياسة القاعدة القانونية اكثر من انتاجها في حد ذاته..فسياسة العلم هذه اصبحت تندر اكثر فأكثر في علماءنا ...فبينما ما زال البامبو يحرك بيادقه بعشوائية انتبهت الى ان فعلا القواعد القانونية هي كبيادق و ليست الملوك في حد ذاتها..و انما السياسة في تحريكها على النمط الذي يحدد الشرع شدته و مرونته..هذا الفقه قد يتذوقه حتى البامبو لما في صنعته من التجارة التي تعتمد اكثر ما تعتمد على فن التسويق...و لعل لهذا يصح بعض ما يذكره الحداثيون حين يلاحظون على منوال ابن خلدون ان انتقال الخلافة في بيوتات قريش المعروفة بالتجارة من بني هاشم و بني امية كان عاملا حاسما في تسيير دفة الامبراطورية و المحافظة على متانة نسيجها الاجتماعي مع الاتساع المهول الذي يهدد اي نسيج بالتمزق..فكان اختيارا محكما ان توضع الرسالة في هذا الموضع حين كانت العقيدة السائدة في المواضع الأخرى من العالم هي اعطاء الأولوية للشخصية العسكرية في ابتغاء القوة...ففن التسويق كما يعلم من خالطه فطرة او احترافا او تعلما أساسه اتقان الخلطات بين الشر و الخير..الأسود و الأبيض حين انزالها في ارض الواقع دفعا بالتي هي احسن و ادراة للممكن في سبيل استجلاب مزيد من القوة و التحكم ..و كأنه اول درجات السياسة و آخر درجات الادارة...
    فقاعدته الذهبية : لا تكذب ابدا..لكن ليس ضروريا ان تقول كل الحقيقة...فيها نوع من المكر الحسن -المقابل للمكر السيء- في ادارة الحقائق بحسب عموم الحاجة اليها و المفاوضة بحسب الباطل المدفوع قبولا به او رفضا
    نفتقد مثل هذا المكر في كثير من علماءنا يرمي بهم كولاة امورنا بين اوساخ العوام و شرورهم و الصبر على اذاهم على المستوى الفكري و الفقهي ان لم يكن ممكنا على المستوى السياسي الاداري..نعم هو موجود و معاين في بعضهم فلا يزال قائم لله بحجة في خلقه..لكن في اعصارنا غلبة الانطوائية في العلماء او قل ضعف الكاريزما الشرعية التي تلمسها كثرة فقط في السابقين..و البعض يتورع عنها في رهبنة جزئية لا تراعي خصوصية الخصم..فنعم لا شك ان كتبا كالحكومة السرية و احجار على رقعة الشطرنج..تنطوي على تضخيمات ساذجة..لكن لا ينفي الحق الذي فيها من ان العالم يسير منذ قرون بهذه الطريقة..عصابات و جماعات و رجال..و كم مرة قيل ان خصومنا لا يتورعون من التصريح ان الحرب و الصراع سيحسم في اسلوب العيش و طرائق الاجتماع..و اهم جيوشهم هي كتائب الباحثين و العلماء في تطوير هذه الطرائق و صياغة القوالب التطبيقة الواقعية الميسرة للحلول الاجتماعية حتى يفرغوا فيها معتقداتهم و اصول تقاليدهم الرومانية و اليونانية حتى لو اضطروا الى سرقة نماذج الخصم...و هنا قلة قليلة فقط من علماءنا معتنية بصياغة هذه القوالب الواقعية و عامة العلماء -ان استثنينا الاقتصاديين- يحسبون ان الفتاوى و المواعظ كافية في هذه الحرب...و لهذا باستثناء النموذج الاقتصادي الاسلامي..ما زال النموذج الشرعي و القانوني و الاجتماعي الاسلامي لا يحقق كبيرتقدم في المدافعة مع النموذج الغربي على ارض الواقع...و يزيد اكثر فأكثر من الهوة بين الطبقات السفلى و العلماء كلما قلت قدرتهم على المنافسة في تسويق السلعة التي عبر عنها القرآن غير ما مرة بأنها تجارة لن تبور...نعم بلفظ القرآن في غير ما آية هذه تجارة ..و في هدي النبي صلى الله عليه و سلم من انواع المعاملات التسويقية و حسن التوازن بين القضية السياسية و القضية القانونية ما نفتقده كثيرا اليوم و امثلته كثيرة : لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه...لا يبع حاضر لباد...و احسن تسويق للسلعة هو جودتها ثم جودة عرضها....فان كانت لديك اجود المبادئ في السوق..لكنك لا تحسن قولبتها في الصور و الصيغ الممكنة تقريبا و تبسيطا للذهن بالتعليم و للواقع بالتطبيق و التطوير..فلا تسألن عن علة الكساد..و هذا من الحق الذي تنتقد به الحركة الاسلامية من خلوها من برامج و مشاريع..و الحداثيون يستغلون كلمة الحق هذه في تبرير باطلهم لعزل الاسلام بقولهم ان ليس فيه مشروع و لا برنامج ...ودخول العلماء بكثافة في اتون هذا الصراع تنظيرا و تطويرا على الأقل من الوجهة الفكرية و الفقهية و الاجتماعية هو اكبر رد على العلمانيين الزاعمين للفصل بين الدورين الديني و الدنيوي...

    -و كيف تريد حضرة ابي الهول ان ننزل العلماء الى الشارع؟؟ ندعوهم الى الملاهي و المراقص.؟؟
    حرك الفيل و ضحك ...
    - ليس القصد..لكن فليجدوا الحل...ليش هم علماء ؟؟
    لعلمه الذين يستنبطونه منهم...لطالما اشعرتني هذه الآية بطابع الوحدة و العزلة في العالم مع كونه مختلطا الى الثمالة بالناس...فالعلم عازل بطبعه...و من هنا ياتي تميز العالم و فضله على العامي..من جمعه بين الوحدة التي لا يطيقها العامي و الاجتماع الذي لا يطيقه العابد الراهب..ما يورث في طبعه من الشجاعة العلمية و الفضول المعرفي ما يستحق به ارث النبوة ..و بالتالي ارث سياسة المجتمعات...و في مسالة المقال هذه لا يبعد الأمر كثيرا..فمع توافر هذا الطبع الهجومي المنضبط سينطلق الاستنباط من قلقه لقلة الفرص امام الشباب لصياغة حلول من نفس مواد الشرع و اطاراته..و اعادة صياغاتها..دون التقيد بالاطار القانوني الجاف لتجاوزه لتدابير اجتماعية مساعدة توفر مصلحة فرص تلاقي الشباب مع درء المفسدة من تحصبل اكبر نسبة من تواجد المحرم و اقل نسب الخلوة المحرمة ..فليس الحل في دفن الرأس في التراب و انكار جانبنا الحيواني الملتصق بضعفنا المبرر لوجودنا ..فبدون اللقيا و بدون مناخ اجتماعي تكثر فيه نقط الالتقاء بين الجنسين يمكن لأحدهما فيه ان يقع من الآخر على بيان لما تطلبه نفسه...لا يستغرب ان تقل الدوافع في الاقتران و تكثر العوانس دع عنك انعدام الفرص للمطلقات ..و نعم الشهوة الجنسية لا تفسر كل شيء كما قال فرويد لكنه على حق في ان لها دورها الكبير في بث الحياة في شرايين اي مجتمع و اضفاء النضرة على ديناميكيته اذ فيها يكمن جزء كبير من دوافع النفس الانسانية ..فالاسلام ما جاء مبطلا للشهوة و لا معدما لها و انما مقيدا و موجها و محفزا في اتجاهها الصحيح..و الأمر بالصبر فيما تحصل به الباءة هو اشبه بالأمر بوجئ الشهوة و قتلها..و حين الرجوع الى سير الماضين في كتب التاريخ و الأدب تجد ان امثال هذا المناخ كان متوفرا بكثرة بحيث يقف الرجل على ما يجذبه من المرأة او العكس و لا تبقى للخاطبة الا استقصاء ما يجذب الرجل او المرأة من صفات الجسد ...و هذا المناخ هو جزء فقط من المناخ العام الذي يجب ان يسود في اي مجتمع ينوي الصمود امام الغزو...و الجانب الآخر قد وصل الى مرحلة تتضافر فيه جميع العلوم من الاقتصادية الى السياسية فالقانونية فالنفسية فالمحضة لتوفير و تطوير هذا العيش لعلهم يفوزون بالتحدي..و الباطل لم يظهر بعد على الحق اذ قلوب الناس ما زالت تتبع الحق و ظهور الباطل لايكون كما قال الامام احمد في المحنة الا بان تنتقل القلوب من الهدى الى الضلال..و املنا ربما لم يصل بعد الى المهدي و لا المسيح عليه السلام بقدر الأمل في خروج علماء يحسنون فهم مقادير المزج الحاصل بين الخير و الشر و وسائل الفصل على حسب الامكان و يلعبونها صح كما لعبها الوزير ابن عمار...
    حركت الوزير و انا انظر الى الفصل التام بين الرقعة البيضاء و السوداء ...و سألت..
    -و انت من نفسك.. أتتوقع انهم سيجدون الحل؟؟
    -هي معركتهم...ان شاؤوا العيش يجب عليهم ربحها..أما انا فمعركتي قد ربحتها ...
    أحسست بثقة زائدة في كلامه و لم الحظ مع التفكير ان نظرته الضائعة تبدلت...منعني الاحساس بابتسامته ان اسأل سؤالا غبيا عن معركته و انتظرت بقية كلامه بينما أرمقه يحرك وزير الأندلس:
    -ربحتك بأبسط خطة يا ذكي...كش ملك!!
    التعديل الأخير تم 01-12-2011 الساعة 07:31 AM

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  7. #7

    افتراضي

    جزاك الله خيرا على ما خط قلمك

    بالفعل هناك حكم من هذا الأسلوب فحكمة الحائك البسيط في استنباط وتحليل المشاهد من حوله ، وانتباهه لدقائق الأمور ,,,,وقد تخفى الحقيقة على غيره

    وما سمعناه من خيرات اقتصاد الوسق ورخاءه لم نجده حقيقة ولم نجد إلا الأزمات بعد الأزمات على ارتقاب الفرج ، وأنا أقول لماذا هاجر الأمير الحاكم وترك المحكوم وراءه ، كان من العدل أن يأخذ شعبه معه لعلهم يغيرون جوا تعودوه وألفوه بجر آخر ولو كان في أدنى مستوياته (( المهم التغيير))

  8. #8

    افتراضي





    هكذا كان ترتيب التعابير التي انتابتني وإن كانت الأيقونة الأولى سيدة الموقف
    جميل جدا ما كتبت ولكن رن الجرس وعلي العودة إلى حصة الدرس
    بارك الله فيك وأحجز الكرسي الثالث لأتابع في صمت لا أضمنه (فربما أعهد إليك برسالة لتوصلها إلى البامبو)

  9. افتراضي

    ليتني كنت مكان البامبو!
    هديتك ملأت العين وأسعدت القلب وشحذت الفكر ..
    مردودة لك قريبًا إن شاء الله..
    والجماهير تطالب بالمزيد..
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  10. افتراضي

    تحليل رائع استاذ عياض
    ما أجمل ما حكته من كلمات كونت ثوبا من الابداع
    ننتظر المزيد

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أخني سلسلة الغرباء مجتمع الحاكة مرتبط بالحكاية ارتباطا طبيعيا..فيتحدثون في كل شيء و في أي شيء..ربما لما في صنعتهم من الطول و الرتابة ما يجعلهم يلاخظون كل شيء
    أختي زينتب لا أضمن ايصال اي رسالة ...فأنا لا أحسن فض النزاعات..فقط اشعالها ..
    الدكتور حسام تسمع بالمعيدي خير من ان تراه و ان كنت اظن ان مغزى كلامك تمنيك ان لو كانت هزيمتي النكراء على يديك
    أخي بهاء الدين...هذا من ذوقك و هو ثوب يشترك فيه كل اهل المنتدى بما يخطونه يوميا...

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أشتهي ما لايكون..أشتهي مكانا لا يكون فيه أحد من الناس.
    أحمد بن حنبل





    مقياس كل شيء






    خمسة عشر في المائة..خمس و عشرون في المائة..سبعون في المائة..سرعة تقدم الوحدات الزرقاء لمقياس التحميل تبشر بحسن اختيار موقع طريق الاسلام للخادم لايصال المعلومة في هذا العالم الافتراضي الكبير...فلنر ما سيكون من مقتطفات هذا القارئ الجديد...تسعة و تسعون في المائة...
    -دورك يا قرصان..لدي متهم جديد ينتظر التحقيق
    لبثت زمنا قبل أن أجيب بنعم...عجيب كسلي هذا...السيدة كروان لم تتلكأ و لم تتاخر قط عن اخذ قياسات النساء عندي ...مع انها لخبرتها تعلم ان عدد النسا ء من الزبائن اضعاف عدد الرجال ..و بعدها اتهكم على شكواها المتواصلة من لؤم الرجال...سأشغل المقتطفات و ارفع الصوت و استمع من الجوار...
    أخذت شريط القياس و جلدت به في الطريق البامبو الذي لم يفلح سوطي في قطع نقاشه الساخن مع أبي عبد الله حول سلسلة القادمون الا بقدر سبة أضحكتني و اقامت دنيا ابي عبد الله عليه و لم تقعدها...
    اوه ماي جود...قلت للسيدة كروان دون صوت بعد معاينة المتهم و هي تعرفني به و بصداقته للجنرال...
    هذا سابع زبون بدين...و كأننا لسنا في أزمة غذاء عالمية حادة.. ربما ما قالته المستشارة البلهاء ميركل يكون صحيحا من ان سببها هو ان العالم الثالث اصبح يفرط في الوجبات
    -الأخ زوجك؟؟..
    و فضولي أيضا؟؟!!لا أستغرب اذن عنق القميص الصدئ هذا و انا اقيس عنقه الذي لا شك لا يدع الاحتكاك بثوب قميصه من كثرة الالتفات...
    -لا ليس زوجي قالت السيدة كروان و هي ضاحكة...ابنتي في مثل عمره ...
    نعم ...بدين ..فضولي و أعمى أيضا!!..
    فلأرى ان كنت سأستطيع قياس ما اذهب منه الفطنة..
    -زوجيها له اذن...
    ربما لا يكون سيئا جدا كما تصورت...ابنتها ذكية و ذات تحصيل علمي عال...
    -رأيه سيء في الزواج..اسأله ربما تفهم منه ما لم أفهم...
    انتهيت بعد ان كنت اظن اني لو كلفت بقياس محيط الأرض على طريقة بني موسى لكان ايسر..و أعجب من بدنته سرعة حركته و هو يأفل من الدكان..
    -ما لاأفهمه أنا كيف يكون رأيك في زواج هذه الأيام ورديا بهذا الشكل ..
    ..قد تركها زوجها لحظها أياما بعد ولادة مولودهما في مدينة الضباب و لم تجد الا دكان ابيها كافحت فيه ربع قرن حتى كسبت سمعتها في المحلة
    - مستحيل ان يكون قياس الكتف بهذا الطول...
    -و هل ترك الشره فيه معقولا ..
    سألتها فجأة بعد أن قيدت قياسات الزبون في المحضر...:
    -ما تظنين؟ نحن أفضل أخلاقا ام الغربيين؟
    استمرت في الحسابات التعديلية..و كأن السؤال لم يفاجئها...و ان كانت امرأة لا تنفعل و لا يظهر عليها اثره
    -كثيرون منهم لطفاء..مظهرهم لطيف...زوجي كان لطيفا جدا..
    زوجها نشأ في الغرب...لاحاجة لأن تكمل اذن... استويت بقصد على دكتها التي يغيظها من يجلس عليها..بينما أحاول صرف وجهي عن ممر الشيخ بهلول من امام المحل فلطالما صلقني بعباراته التي لا يضاهيها في حدتها الا بخوره .. ..
    - ربما الوحدة التي عانيت منها كروان..هي التي يحتاج لتذوق بعضها المسؤولون عن بث الكرامة و الأخلاق فينا
    خرجت ملتفتة يمنة و يسرة الى أن استقرت نظرتها على دكان الجنرال...
    -اذن فهذه الفلسفات هي التي أخذت بذهنك حتى ما أتقنت عملك
    خطفت متر القياس من يدي و ذهبت الى محل الجنرال لتستشيره في تعديل القياس فلربما البدين ما زال عنده او لتشتكيني ربما..تذكرت مع رؤيتي للمتر في يدها يترنح قولة سولون لطالبي الخير الكثير الذي يأتي من وراء الحكمة : أوجد مقدار القياس..بتوافق ملفت مع وصول قراءة الى مسامعي لقوله تعالى وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ...و صوت من بعيد يبعد اكثر فأكثر كلما استغرقت في التفكير :
    -وان عدت ووجدتك على دكتي....قتلتك
    ما يفتقد في علماءنا اليوم مما قد يجعلهم قادة و اولياء امور...هو ما يفتقد اليوم في المثقفين و وجد في العلماء القدماء الذين هم اقرب الى روح المثقف المعاصر الطلائعي التقدمي..ما ألمسه في عامية كالسيدة كروان من عزة الوحدة و كرامة العزلة مع ان الأصل في تصرفات العامي الاختلاط و التواصل..و ما المسه في بهلول من الاهتمام و حسن المداراة مع ان الأصل في العابد العزلة و الوحدة...يقبع بينهما شبر او متر..او ذراع...او وجود كامل..لا يحسن قياسه الا العالم المثقف الجامع لما بينهما..رغبة هذا القياس قد تنبع من نفس طبيعة العالم القلقة الشاكة على حد تعبير عبد الرحمن بدوي التي تملك ذلك الشعور المتطور و المطور للأمة المومنة ..و ان كان جانب الصواب في اختيار نماذجه في مقابل تبرمه من النموذج السني السلفي انطلاقا من مجانبته الصواب في اعتبار الرمز الديني و كلمات الله اللامتناهية قابلة للتفسيرات اللامتناهية و المتناقضة في نفس الوقت لا المتآلفة بنص القرآن الذي ينفي عنها التناقض في كل مستوياتها من الانشاء الى التأويل..و لو كان تنبه آنذاك لنظير الأمر الشرعي من الأمر الكوني من وجود الجوهر مع انقسامه الى ما لايتناهى في ادراكنا لأدرك الفرق بين شك و شك ..هذ الشك الابراهيمي الذي لا يترك قلب العالم بطمئن ليقين حتى يرمي به من جديد في فضاءات الكون و الخلق و الأمر بحثا عن يقين أكبر و تحسين القياس الموجود في نفسه و الذي به يقيس الموجودات .حتى يصل الى تحسين الصورة الذهنية و النفسية عن ظواهرية الوجود مع كل تحسين لمقياس نفسه..و هذه الدورة بين النفس و بين الأمر الكوني و الشرعي هي التي تشكل عجلة تمنح العالم مع دورانها نوعا من التماهي ارقى من تماهي العامي و العابد مع نفس المحيط و تأثيرهم فيه.. يجعل العالم وسطا بين نزق و تهور العامي و ركون و انزواء العابد...عالما حركيا فيه شجاعة و استقلالبة و حرية و مسؤولية ناتجة عن خلطة الفضول المعرفي عند العامي و اليقبن العبودي عند العابد ..و يمنعه في نفس الوقت الكبر و العجلة و كثرة القيل و القال في امثلة عزت نظائرها اليوم كالمقدسي او ابن حزم او ابن تيمية او مثالي المفضل حجة الاسلام الغزالي
    قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى...يبدو ان صوت هذا القارئ سيشغل ايامي المقبلة..فقد خدرني تحبيره للآية أن احس بجلدة البامبو الانتقامية على ظهري رغم قوتها...
    من أين خرجت تلك القوة؟؟ كيف استطاع هذا الشعور القلق ان يسيطر على تفكيره ثم شعوره ثم وجدانه التام حتى أمرضه؟..حتى لم يعد يجد ذوقا لكل المناصب الرفيعة و الجاه عند السلطة و العوام و الشهرة الكبيرة في الأقطار حتى غدا من الشخصيات العامة في بغداد او على حد تعبيرنا سوبر ستار؟ تسافر اليه من كل الأقطار افواج الصحفيين و مقيدي المقالات لمقابلته و استجوابه فيما يشبه اللقاءات الصحفية لمراسلي الثقافة في أيامنا.. هذا مع رصيد كبير من الانجازات العلمية الابداعية و تحقيق كل ما يتمناه أي مثقف طموح في عصره متبؤءا احد المراكز العلمية الكبرى التي تتشوف اليها انظار العلماء و الأساتذة ؟ و لم تقنعه كلمات كثير من فقهاء الرسوم و فلاسفة الأوضاع كما كان يحلو له تسميتهم في وصف واقعه بأنه مزدهر..حتى صارت به يد خفية من حال الى حال الى ان اقتنع اقتناعا تاما بضرورة اعادة تأسيس كافة العلوم المسيرة للدولة لاستشرافه بين قلة من مثقفي ذلك العصر الى ما ينتظرهم من تحديات مستقبلية في مسلسل الصراع القادم امام المغول من اليمين و الصليبيين من اليسار
    خرج الى البييداء و الصحراء و ترك وراءه العز و الجاه و المنصب العلمي و التعظيم و كأنه ولد من جديد في بحث عن هذه القاعدة التي تستطيع تحمل التأسيس الجديد للعلوم الاسلامية لقرون أخرى..ليعود بقياس جديد من نفسه ثم الى كل الوجود الخارج عنه قياسا لشخصية جديدة صدمت حتى صاحبه الحكيم المؤرخ عبد الغافر الفارسي الذي كان من اكثر الناس مقتا لشخصية الغزالي المغرورة المتكبرة المتعالية التي لم يضبطها مقياس مقدر يردعها عن بطر الحق ان رأته و غمط الناس...و قفزه من حال الى حال كما تقفز ابرة النقش بين اصبعي الجنرال دون ان تؤذيها و دون ان يرفع رأسه الى السيدة كروان..لاأرى البدين..فيم يتحدثان؟
    هذه الحياكة بين اليقين و الشك و الوحدة و الاختلاط الذي ميز حجة الاسلام و مسيرته وجدت له توافقا غريبا يكاد يكون مطابقا كما تنبه له كثير من الباحثين..في الديانتين المجاورتين..عند القديس أغسطينوس و عند الحبر موسى بن ميمون...العجيب ان الثلاثة كانوا يحملون نفس هم الاصلاح ...أتوا في نفس لحظة الفتن و كثرة الفرق و المقالات...ثلاثتهم خرجوا من رحم الاعتزال و التجهم...ثلاثتهم دخلوا مغارة أفلاطون و استعصى عليهم الخروج منها ...ثلاثتهم شعروا بأهمية التوحيد و ضرورته للتطور و النهضة في مقابل اشكاليات الالحاد و الشرك المنتشرة..مع الاعتذار للامام الشوكاني فيما يخص موسى ابن ميمون و غفلته عن نسبية الباطل في فرق اليهود مقارنة بنسبيته في فرق الاسلام ..نسبية الحق الأقوى و المحفوظ في احدهما و الأضعف في الثاني مما ادرك صديقه القاضي الفاضل أثره في توزيع مقالات الناس و سيرهم ...و لعل هذا ما جعل حجة الاسلام يتميز عن الاثنين بوصوله في آخر حياته الى الفرق الذي لايتبدل و الأصلح لتأسس عليه كل المقولات النسبية المتغير من تلال الرمال الفكرية...و تحقيق معادلة التغيير و التجديد دون التحريف و لا التقليد...و ان كان ذلك كلفه حياته كلها..ربما لهذا كان حجة الاسلام الاسم الأبرز بينهما فيما بعد لمؤسسي النظرة الاصلاحية الأنطولوجية عند المواجهين للرشدية ..فمؤلفاته المتأخرة يبدو أثرها الواقعي في نهضات القرن السابع و الثامن الهجري جليا عدا عن نهضة القرن الخامس عشر الميلادي فما بعده..
    بالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ....في صوته نوع حزن لكن ينقصه نوع تحكم فيه؟؟ ربما...
    هذه الجدارية في محلي لمسجد رسمه دي لاكروا..من بقايا شغفي القديم بالفن الاستشراقي و الذي لم اجرؤ ان اكلم فيه صاحبي الأقل معرفة..حياءا من أن يظن بي بغية التعالم عليه في فنه..تذكرني بلوحة الغريب الأطوار جورجيوني..الحكماء الثلاثة...هذا الخصم العنيد المراوغ للكنيسة التي لم تكن تخفي عداوتها له لميوله التوحيدية..و تمكنه من الافلات من سيطرتها بما اوتي من الاطلاع الواسع على التاريخ و المذاهب و الفلسفات و الأساطير و قدرة على تشخيص المفاهيم السائدة في عصره والمناقضة لها في ثوب الموافق لها ...مع ولعه بمبادئ الوجود الأولى و تناغم الوحدة و الكثرة و الاختلاط و العزلة ما بدا واضحا من اسلوبه في منح وحدة منسجمة غير قطعية الحدود في لوحاته بين الضوء و المناظر و الأشخاص...كما لو انه يريد ان يجعلك تفكر في وحدة الأشياء التي يجب ان يمر بها المتدبر و المتفكر في بحثه عن القياس ..الضوء..النظر..الحقيقة..هذا التماهي في ريشته في استعمال الألوان و ما يحمله من اشارة الى التماهي بين الطبيعة/ النموذج الخارجي و بين الانسان /العالم الداخلي...التماهي هذا الذي خرجت لأجله و للتوفيق بينه و الهداية في خلقه كافة الديانات...كما لو أن جورجيوني الماكر يريد ان يرينا انتاج النموذج الباطن للنموذج الظاهر في شكل اكثر انسجاما كما تنتجه ريشته...مختصرة ببراعة كل النقاشات التي كانت تدور في فناء جامعة بادوفا حول دور الطبيعة في ربط الانسان بخالقه...
    ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت...عزمت على انزال سلسلة هذا المقرئ يبدو انه وصل من نفسي الى قريب مما وصل اليه الشريم ..
    سيطرة المغارة الأفلاطونية على اللوحة تكاد تكون بديهية...مع بداهة تواجدها في الصحراء لحظة بداية الديانات الثلاث...في رحلة البحث عن الحق و التأمل في الوجود عند الأنبياء الثلاثة صلوات الله عليهم...بدليل المناخ الصحراوي بين الأشخاص الثلاثة و المغارة...بخلاف المناخ الخصب البعيد في الخلفية..عزلة ووحدة و جفاف...و هو أيضا نفس حال الفلاسفة الثلاثة المتبعون للديانات الثلاث..فرحلة الغزالي و ابن ميمون و اغسطينس و ارتباطها نوعا ما بالصحراء معروفة..و لولا كثرة الترميز في اللوحة لجزمت انهم المقصودون بها اذ لم يكن في فترة جورجيوني من كان له تأثير أكبر من هؤلاء الحكماء الثلاث...خاصة مع توجههم الى المغارة..و الضوء الخارج منها...و ان كنت لا أستبعد ان جورجيوني ايضا يقصد وصف احوال الديانات الثلاث من خلالهم ..من منظوره هو طبعا..فتعابير الوجوه مختلفة اختلافا بينا...فالمسيحية شابة حالمة و تولي اهتماما اكبر لزينة الحياة الدنيا من خلال امساكها بآلتها الموسيقية...و ان كانت تبدو تائهة و غير مركزة...و اليهودية صارمة و عجوزة و ذات خبرة بامساكها لنص الشريعة في يدها و ان كانت نظرتها الغاضبة منفرة ..و المسلمة متوسطة بينهما آخذة بالوسط في كل شيء جامعة بين افضل ما لديهما..من تعابير الوجه الى الحركة الى السن..مع بعض ميل--بحسب نظرة جيورجيوني - الى اليهودية ..لكن جيورجوني في عصر كان الكلام فيه عن الاسلام بخير من المحرمات لم يكن ليترك لوحته دون ثوب يسترها..فلهذا انتشر عند الكنيسة ان اللوحة هي تعبير عن رحلة الملوك الثلاثة في بحثهم عن مولد الطفل يسوع...محزن أليس كذلك
    غريب..لم ألحظ عودة السيدة كروان..و أنا مازلت جالسا على الدكة..و هي فوق ذلك تبدو كما لو أنها تكتم سعادتها...
    -بدأ غضبك لجلوسي على الدكة يتحول الى فرح؟
    عدلت الثوب و دفتر القياسات..و أخذت هاتفها النقال و بدأت ترقم..
    - لا يا شقي ..خمن ماذا قال لي الجنرال...سوف يطلب يد ابنتي لابنه ...
    لم أكن أفقت بعد من مزيج الحزن و الفرح المتعادلين عن تلك اللوحة حتى قلت في نفسي:
    -أنجزت ما وعدت..لقد قتلتني..
    التعديل الأخير تم 01-22-2011 الساعة 10:31 PM

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  13. #13

    افتراضي

    [quote=عياض;211250]
    أختي زينب لا أضمن ايصال اي رسالة ...فأنا لا أحسن فض النزاعات..فقط اشعالها ..[quote]
    قرأتها متأخرة لكن لا بأس فالرسالة موجودة في قرية صغيرة تجمع كل العالم والأكيد سنجد "مقدم" (والميم ساكنة وإن كانت العرب لا تبتدأ بساكن باستثنائنا طبعا)في هذه القرية ليوصلها.
    وعسى البنزين ينفذ هذه المرة.
    ملاحظة:تم تصحيح الإسم
    التعديل الأخير تم 01-24-2011 الساعة 03:53 AM

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    رأيت شريطك الجديد عن الأحداث..و رأيت نوع المنافسة التي تقومين بها و لكن أؤكد لك ان نوعها صيني..و أني سأستأثر بسوق القراء في المنتدى و سأحتكره..و سأرفع جودة النوع الى درجة ان استطعت التفوق عليها...فأنا كفيل لك بايصال الرسالة دون الحاجة الى المقدم
    سأحاول في اليومية التالية مقاربة ما نعيشه..و الله المسؤول ان يفرج كربات اهلنا في مصر..و يعيد اخواننا سالمين

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    "الناس نيام . فاذا ماتوا انتبهوا "
    علي بن أبي طالب




    الصبر و اليقين (الجزء 1)



    السلام عليكم و رحمة الله..بدأت احس بنوع ضوء يدخل..أقفل عيني ..و أفتحهما في رمشة..لعلي أستطيع استيعاب كم جزئيات صور أركان المسجد التي تتراكم على دماغي مع ايقاد الأضواء من افواج الناس الذين دخلوا مباشرة بعد انتهاء جماعتنا...كل ذلك خلف في نفسي راحة أصبحت أحس بها اكثر فأكثر بعيد كل صلاة...السلام عليكم و رحمة الله
    -لا يجب ان تنصب قدميك معا عند الجلوس..يجب ان تنصب واحدة فقط
    نظرت الى عويطة القهوجي و هو يرتب الكؤوس بخفة في الغرفة شبه المظلمة كالقبر بجانب المسجد...عجيب كيف تتأقلم الحواس البشرية مع محيطاتها
    - يجب يا أبا عبد الله ؟؟
    يعجبني فيه ابتسامته الدائمة و صمته ...و لا أدري كيف يجتمعان فيه مع قلة معلوماته و حماسه الى حد التصلب احيانا..مع ان العادة انها لا تجتمع..

    - هي السنة يا سيد..

    السنة التي انتقلت -في نظير قنوات نقل القرآن لكن برتبة ادنى- كمعلومات مثناثرة في النسيج البشري عبر الزمان و المكان.. في أرشفة تمت تركيزا و انتشارا ثم تركيزا تارة اخرى ثم انتشارا.. حتى يتيسر لكل أحد الوصول اليها دون ان بتمكن احد من الاحاطة بها -كما يقول الامام الشافعي-و من ثم التحكم بها و استغلالها و تحريفها لمصالحه...ربما يرد فيها بعض ما يمنع من الجزم بهيئة واحدة من هيئات الجلوس..

    - انظر كيف اجتمع المشعوذ بالساحر...

    قالها أحد البزازين لأصحابه بصوت لا يساويه في انخفاضه الا معناه...ظنا منه انه لن يبلغ مسامعنا و نحن مارون بمحله الا ضحكاتهم على ما نبزونا به...أنا من جهتي لم يؤلمني نعتهم لي بالساحر اذ ليس منهم من يواجهني بها الا و ألقمته الحجر..لكن يؤلمني رؤية أبي عبد الله متألما أن لم يقدروا حسن تدينه..فهو يعلم انهم ما نبزوه بالمشعوذ الا لعنصره المنحدر من اواسط البلاد من قبائل اشتهرت بالشعوذة...مثل هذه التفاصيل اليقينية تزيد من تجلية صورة النبوة التي وضعت في ذلك الرجل المبعوث بين القريتين و ترفعها أكثر فأكثر في نفسي..نعم هذه من أربع خصال من أمر الجاهلية الجهلاء لن تتركها هذه الأمة في سبيل تحقيق دولتها المدنية البعيدة عن جاهلية القبائل..و التي ان أراد العالم الاحساس بها فضلا عن معالجتها فلا بد له من النزول الى ظلمات العوام ...الأفضل ان لا ابدي احساسي بألمه و اتركه حتى نصل للمحل و المامبو الخبير في اخراج ابتسامته كما عناده ...مررت على الجنرال لأخذ الموبايل و المفاتيح دون ان يشعر بي ..فهي لحظته التي لن يطيق فيها ازاحة عينيه المتسمرتين على التلفاز و أخبار المظاهرات

    يوم طويل آخر بدأت ستائره تسدل..فكرت و ان اسدل الستائر و اقفل الأبواب ..بين يوم و ليلة يمكن ان تفتح ابواب و تقفل أخرى في السماء كما في الأرض...فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين...أشم رائحة دخان..لاأريد أن ألتفت..بليـــز لا تكن هو...

    -حـــــــــــــــي ..!! الجسد في الحانوت و القلب في الملكـــــــــــــــوت....

    أدرت ظهري كأني لم أر و لم أسمع و لن أتكلم ...فلأواصل اغلاق الستائر و لأصلي ليمضي قبل ان يأتي أحدهم ..منك لله يا بهلول على لحظات الرعب هذه التي تجبرني على المرور بها...لم أعد أشم رائحة دخان...لكن أسمع خطوات تقترب..

    -أرأيت آخر اختراعات أصحاب اللحي هؤلاء
    أخزيت يا مامبو سائر اليوم فقد أفزعتني...ما كدت أقفل حتى اندفع الزوج بنقاشهما الجديد..هذا يفسر لم احسست بأني سأدفع ثمن التسرية عن ابي عبد الله...
    -هذا المجنون يقول ان المظاهرات محرمة
    كالعادة المامبو مندفع و أبوعبد الله مبتسم لكن كلاهما يبدوان متفقين على عدم اعتبار احتمال صواب مخالفه
    - لا علم لي بالدين يا متشردين..تعالوا و تناقشوا في الفيزياء في الفن في الرياضة و سـأكون أكثركم عنادا...لكن الدين الخطأ فيه ثمنه باهظ
    لا أدري لم ..لا و لم و ربما لن ينفع قط ما قلته في ان يردهم عني في مثل هذه المواضيع...و كأني لم أقل شيئا....
    - قل له..و ما ستفهم انت فيما يقوله العلماء قلت لك: نحن تبع لهم..رأيهم أحسن لنا من رأينا
    رفعت برأسي موافقة له على المبدأ العام...
    - ..نعم علماء تحريم البوكيمون
    أثارني أنا ايضا هذا التعليق و لم أستطع حسر نفسي عن أن أقول ما ينقض حيادي الظاهري..
    - نعم..حين يحرمه هؤلاء يكون سفاهة..و حين يحرمه كتاب أمريكيون في سوث بارك للتحذير من الاختراق الثقافي الياباني يصبح زين العقل و النباهة عندك... صح؟؟
    أضحكنا ابو عبد الله حين سأل ان كنا نتحدث عن جمعية كتاب أمريكية تكتب في الحدائق العامة في جنوب أمريكا...و ان كانت الهدنة لم تطل حتى بدأ الاشتباك مرة أخرى..
    - هات لي شيخا معتبرا أفتى بجوازها..
    - الشيخ مصطفى..قل شيئا عنه و سأجعلك فضيحة
    - لن أقول شيئا عنه..هو ممن درس العلم مع الشيخ ربيع في الجامعة الاسلامية ..لكن الشاذ لا حكم له

    شعرت أني سأبقى رهين المحبسين ان تابعت النقاش و الفضول يكاد يقتلني...حاولت حسم النزاع بقولي أن الحق مع كليهما ...
    - لابد أنك أكثر جنونا منه...كيف يكون الحق مع كلينا
    تركتهما على وقع كلمة قلتها انا و المامبو معا...مع فارق وحيد..أني قلتها في نفسي و هو صاح بها ساخرا :
    -غبي...

    اندفعت وسط المطر الذي يبدو أنه ما عاد يتأخر عن موعده منذ سنين و كأن السماء تنذر بنبأ عظيم...و الليلة مظلمة دون قمر..و الدنيا خالية من الناس..أسير وحيدا بخطى سريعة.. وضعت الراديو لسماع الأخبار أين وصلت الدائرة...لا شيء في الوطنية غير الاعلان عن تأجيل مباراة ...يا لهذا التوقيت مرة أخرى...أفسدوا علينا الاستمتاع بمباراة نجومية لا تحصل الا مرة في العمر..لابأس فلنغير على القناة الأمريكية...يخترق صوت سعاد الجزائرية مسامعي بأغنيتها الخير و الشر في أواخرها...و كأنه يحاول تهدئة الأمور في هذ الليل..و المزن يزيد من تصويب طلقاته على أهل الأرض ...كدت أصطدم بمنصة يسحبها صاحب محل أقراص الديفيدي خوفا عليها من البلل ..رمقت عيني اشهار فيلم "الفطرة" ...
    - هل تفكر في ما أعدت قرائته اليوم في المنقذ من الضلال ..عن الناقض للثقة بالعقل؟
    أهملت حديثه و لم أحب التفكير فيه...فالفيلم يتطرق لاشكالية عولجت منذ عهد الفراعنة الذين جعلوا مصر جنة تسري من تحتها الأنهار و رغم ذلك ما بقين و لا بقوا ..من اشكالية الموت و الوجود و النوم و الموت...و ارتباط كل ذلك بالانية في الفناء او العدمية...و ارتباط كل ذلك بالعلم و عزلته..و كيف لا..بالعلماء ...كثيرا ما بدت هذه المسألة للناس كمتاهة بقدر متاهة الحياة نفسها..كمتاهة حدائق الأندلس التي تضيع في مسالكها الدقيقة على حد تعبير ابن السيد...
    - أليست مصادفة غريبة ان يختار مدير التصوير مدينتك التي ولدت فيها كأنسب موضع للتصوير لمتاهتها المعمارية؟
    أجبته ربما...و أمسكت بقبضتي كرسي كسيح كان يدفع كرسيه بلا جدوى مع الانزلاق الذي كان يحد من تقدمه أمام جحافل سيول قطرات الغيث...فلندفع بالموضوع الى الأمام...القصة تعرض لها الكثير و هي مشابهة لمسرحية كالدرون دي لا باركا الحياة حلم..و قدر سيجيسموندو بين الحلم و الواقع فيما يشبه قدر زينهم في مسرحية الزعيم...لها أصولها في ديانات الهند و ايران و اليونان و مصر و بني اسرائيل...
    هاليلويا...هاليلويـــــــا...أغنية أخرى في هذه الاذاعة الأمريكية و كأنهم يودون ماأمكن تأجيل الأخبار...لكن على الأقل تعيد الي ذكريات شريك الجميلة..هذا الغول المضحك الدميم المنعزل
    - دعك من هذا الهماز..كل شيء بقدر...فكان ماذا؟
    ألا تكفيني لمة هذا حتى تضيف علي أنت لمتك بقولك؟؟..و الكسيح صامت ليته يتكلم ..ألن تدعاني بسلام انتظر الأخبار بصمت؟؟...ليت هذه اللحظة تمر علي كمرورها على من ظنوا أنهم لبثوا يوما او يومين مخترقين بنومهم جدار الزمان و المكان..
    هؤلاء الفتية بعزلتهم في الكهف ..سورة كاملة باسم الكهف..هربا بتوحيدهم..هذه القصة التاريخية التي ذكرها غيرما واحد من مؤرخي الروم السريان كما قال الطبري و وجد مصداقه في كتب بعضهم..كما لو أن العزلة المتحدية للقدر بتوحيد الدعاء و الطلب و القصد في عدمية الوجود تصنع و تغير الأحداث في التاريخ على يد الفتية..الشباب ..ذوو القلوب المرهفة..هؤلاء الشباب السبعة في برد أفسس..و ذلك الشاب الوحيد في ليل حران...و ذلك الشاب الهارب في صحراء سيناء...و الشاب السائح في قيظ ساعير...و أنت ايها الشاب المتأمل في أعالي فاران...لا عجب اذن ان تكون وصيتك قراءة أول عشر من آياتها على أكبر فتنة لفلسفة الكهف الفرعونية منذ خلقت هذه المصفوفة..و طبعا سيكون مضيعة للوقت تخمين فئة العمر التي ينتمي اليها اول من سيشكل تحديا حقيقيا لهذا الديكتاتور المتلاعب بهندسة الوجود المعمارية...كيف غاب عن المهندسين لشوارع هذه المدينة الصغيرة أن يضعوا في جسابهم وضع منحنيات على الأرصفة..ان كان رفع كرسي الكسيح على الرصيف يكلفني كل هذا الجهد فكم سيكلفه هو؟؟ فلأعبر الشارع قبل ان يتوقف الرجل الأخضر في اشارة المرور عن جريه السريع..يغيظني هذا التماطل في ايراد نشرة الأخبار و هذه المقطوعة الغنائية البطيئة التي تبدو بلا نهاية
    ..
    أتذكر حين كنت أتحرك اليك..الظلمة المقدسة كانت تتحرك أيضا...و كل نفس استنشقناه كان هاليلويا.....



    توبي كونتيود
    التعديل الأخير تم 02-04-2011 الساعة 07:07 AM

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. يوميات شاب مسلم في كندا....
    بواسطة التواضع سيصون العالم في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-28-2011, 01:55 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء