رسالة عاجلة إلى راشد الغنوشي
طارق منينة
لقد قامت ثورة الشعب التونسي التي رضيها كثير من العلماء والجماعات وكافة شعوب المنطقة، قامت مفتتحة القرن الـ21 بمثال تاريخي مفاجئ يثبت أن الشعوب العربية المسلمة ليست شعوبا ميتة، وأثبتت هذه الثورة أنها النموذج السلمي البارز الذي افتتح قرن التحرير العربي والإسلامي بشجاعة فائقة وجدارة مدهشة، فلا استعانة بالأجنبي ولا استغاثة بالخارج المتربص، وإنما هي ثورة أمّة تعاود الظهور من جديد والوثوب من جديد والإمساك بالقيادة من جديد وإصلاح شؤونها الدنيوية والدينية بلا توسل بالنموذج الغربي الذي عمل على قتل الملايين من أبناء الأمّة وما زال، ولم يعمل على تحرير الشعوب وإنما هي الدماء وإطلاق الإشاعات والأكاذيب التي سجلها التاريخ.
إنها ثورة بريئة بيضاء ليس فيها دماء ولا رفعت أعلام التغريب ورايات المنافقين.
لقد كان وقت قيام الثورة الداخلية خالياً من تواجد قيادتكم الميمونة وقد تشتت أتباعكم في بلاد العالم نتيجة اضطهاد النظام الساقط.
وقد كان حظكم من النظام البائد هو النفي والمنفى.
والآن الثورة تحتاج لقيادة في الشارع وتعلمون أن البلد خلوا من القيادات التي يمكنها أن تقود الشارع، وقد ظهر ذلك من واقع الايام الاولى من الثورة.
ولقد رأينا كيف حافظ الجيش على الأمن وقبض على قيادات وأقرباء الطاغية.
وهذا يعني أن الجيش وقف بطريقة ما وبصورة ما مع الشعب والثورة حفاظاً على إنجازات تحققت وثورة تمكنت.
ويبقى في المشهد الواقعي والحقيقي قيادة تقود الشارع والشعب وتضغط في سبيل الإمساك بالسلطة لإنقاذ البلاد من بقايا النظام.
ولاسبيل أمامكم إلا قيادة الشارع ومن على ظهر دبابة من دبابات الجيش التونسي المنتشرة في أرجاء العاصمة!
إنها مسؤوليتكم الكبرى وتحدّي القرن الـ21، القرن الخامس عشر الإسلامي.
نحن لا نطالبكم بإقصاء أي حريص على منجزات الثورة الشعبية وحقوق الأمّة التونسية المسلمة، وإنما قيادتها والتحالف معها في سبيل إقامة مجتمع عادل يُعيد الينابيع الإسلامية إلى مجراها الطبيعي، مجرى الرحمة والسماحة والعدل.
إن لكم في "انقلاب" ما بعد البيريسترويكا (تعني لغة: إعادة البناء والثورة، وتحطيم كل ما هو راكد فاسد) لمثال عملي تطبيقي (وأتكلم عن "الطريقة العملية" لقيادة الشارع وليس عن "الفكرة الغربية" فكفانا أفكارا مستوردة). فقد قاد المعنيون بالأمر الشعب وخطبوا في الناس من على رأس دبابة مع توزيع الورود على الجنود. إننا نطالبكم بالشكل وليس بالأفكار الشيوعية الأصلية أو المعدّلة كما تعلمون.
فلا تفوّت الفرصة على الإمساك بالحل العملي الذي يسنده الشعب ويقود الجماهير التي تبحث الآن عن قيادة تتلقف وتمسك بزمام الأمور حتى لا تقفز القيادات العلمانية والسلطات الفاسدة على السلطة من جديد.
ولا يعني ذلك عزل الجماعات الأخرى والطوائف الإسلامية العاملة أو كل من يحرص من الأحزاب والمنظمات التونسية على كرامة الشعب التونسي المسلم وإرجاع الحقوق إليه، وإنما التحالف معهم من الداخل حتى تطمئن الجماهير وتطمئن عموم الأمّة.
إن شعب تونس ينتظركم فلا تخيّبوا أمله والله معكم وهو ولي التوفيق.
Bookmarks