أخي الكريم طالب العفو,
إن الذي ذكرته أمر بالغ الأهمية, وأظن المشايخ فطنوا له في بيانهم.
فالنظام الآفل متسلط ومتعجرف إلى أبعد الحدود, لكنه لم يتنازل عن بعض الجزئيات التي تعد في ميزان الشرع من الثوابت,
مثلا منع تمكين النصارى من الولاية العامة. لكن تغييرا شاملا في اتجاه نظام علماني يسعى لبناء ما يسمونه دولة مدنية, ينذر
بخطر شديد, فتصبح كل الثوابت الشرعية عرضة للأخذ والرد في حلبة التنافس السياسي, أليست هذه فكرتك أخي الكريم؟
أظن حالة مشابهة مرت بأهل المغرب, فنظام الحسن الثاني كان في غاية التسلط والبطش بمخالفيه, خصوصا بعد محاولتين
انقلابيتين, ثم أدخل كثيرا من "الإصلاحات" أواخر التسعينات, مما فسح المجال للعلمانيين للبدء في بناء مشروعهم الشامل,
فأصبحوا أكثر جرأة ووقاحة, بل إنهم الآن -في زمن الملك الجديد- ينادون جهرة بحفظ حقوق الشواذ ويستعدون الغرب على بلدهم,
بحجة غياب الحريات.
لكن هذا التسامح معهم لم يصاحبه تخفيف للقيود على الإسلاميين, بل بالعكس, فالقيود على المساجد زادت,
ودور القرآن أغلقت, والصحف الفاجرة تهاجم العلماء والدعاة وتؤلب الدولة عليهم, بل إن رئيس المجلس العلمي للبيضاء, وهو عالم فاضل,
تعرض قبل سنوات لحملة مسعورة خسيسة لأنه أرسل توجيها للخطباء, يدعوهم لتحذير الناس من معاصي التعري والفجور الذي يعم في موسم الصيف,
بل إن الصحف العلمانية طالبت بإقالته من منصبه. باختصار الوضع في المغرب يبين أن فتح مجال أرحب للحريات إنما يسهم في التمكين
للعلمانيين مع التمادي في تضييق الخناق على أهل الإسلام, فهل نتوقع أن مصر ستشذ عن هذه القاعدة؟
Bookmarks