صفحة 12 من 21 الأولىالأولى ... 21011121314 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 166 إلى 180 من 301

الموضوع: الكوميديا الإلحادية

  1. #166
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    بين المسلمين
    المشاركات
    2,906
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    إنك حيوان, فلتكن حيوانا جيدا يملأ جوفه بالعلف ويكف عن طرح الأسئلة الفلسفية والأفكار الوجودية.
    هذا من الأمور التي تهز كيان الإلحاد و هي العقل ، فلماذا ابن آدم هو الوحيد الذي يصيبه الصداع و الأمراض النفسية ؟

  2. #167
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    42 اللسانيات الإلحادية

    لبث أبو الإلحاد ليلة من ليالي الصيف يتقلب على سريره كأنه يفترش الجمر, لم يترك حيلة ولا وسيلة إلا جربها ليظفر بقسط من النوم لكن هيهات, لقد اكتسب عقله مناعة ضد جميع أصناف الحبوب المنومة. أعمض عينيه وحاول أن يخمّن عدد القرود التي تكفي لمضاهاة قريحة شكسبير الأدبية, رأى فضاء فسيحا يسد الأفق تملؤه قرود لا حصر لها بين أيديها أجهزة الآيباد, كانت تضرب بلا هدف على لوحة مفاتيحها الرقمية, وهي تصدر أصواتا منكرة, استبعد صاحبنا أن تؤدي هذه التجربة العجيبة إلى شيء ذي بال, ثم بدا كأن القرود بدأت تتطور وتكتسب جلودا حسنة وصورا إنسانية, اقترب من أحدها فراعه الشبه الشديد بينهما و خيل إليه أنه ينظر إلى نفسه ويتأمل صفحة وجهه, لقد تحولت صورة الجحافل القردية في خيال أبي الإلحاد إلى مجتمعات متنورة إلحادية, إن الإلحاد يذيب الفوارق الداروينية ويصهر التجليات المادية في بوتقة الوحدة الوجودية, فالملحد حين ينظر إلى القرد وذمامته وإلى الخنزير وبشاعته فإنما ينظر إلى نفسه المنتكسة وفطرته المرتكسة, إن الإلحاد يذيب كل معنى جميل وعميق للحياة, فأنت ترى القوقعة الخارجية للملحد فتحسبه مستقر البال هادئ النفس, لكن القلاقل الفكرية والنفسية ترجّه رجّا وتزلزله زلزلة, وأي شيء تغني عنك الصورة الإنسانية المتناسقة البديعة يا أبا الإلحاد ما دامت الحيرة و التناقض والاضطراب تنهش كيانك, ونار الهواجس والوساوس تستعر في جوفك, وأي شيء تنفعك الوسامة وأنت منذ ساعات تستجدي النوم حتى صرت تغبط القرود؟ أو لست تود لو أنك تشتري سكون البال وبرد الطمأنينة بكل ما تملك لتقطع سواد هذا الليل؟ فهل عجزت الملة الإلحادية أن تنتشلك وأنت ابنها البار من مستنقع القلق ومن براثن الأرق؟

    اجتهد ألا يفكر بشيء وشعر أن رأسه بدأ يتثاقل فاستبشر بدنو الفرج, و ما أن بدأ النوم يدب في أوصاله حتى اكتشف أن ضيفا مزعجا قد تسلل إلى مخدعه في غفلة منه, نظر إلى زوجه وهي تغط في نوم عميق, إن صوت شخيرها على قوته أشبه بالهمس إذا قيس إلى هذا الصوت المزعج الذي يكاد يخرق طبلة أذنه.

    أخذ مصباحا يدويا وتتبع مصدر الصوت لكن يبدو أن الصرصار يملك من الذكاء نظير ما يملك من الحس الموسيقي, فما أن يقترب منه حتى يلوذ بالصمت, لبث صاحبنا متحفزا يرهف السمع و يحمل في يده نعلا لعله يتبين مكان هذا المطرب المتطفل فيكرم وفادته, ظل كذلك برهة حتى يئس منه فذهب إلى مكتبه وقرر أن يكتب موضوعا طالما أرقه: لماذا طور الإنسان كل هذه اللغات المعقدة فيما لا يستطيع الصرصار وغيره من الكائنات المتخلفة داروينيا إلا إصدار بعض الأصوات الغريبة المملة؟ لماذا لم يستطع الصرصار أن يعبر عن معنى واحد خلال هذه السهرة الصاخبة؟ أم أن لغة الصرصار تضاهي اللغات البشرية غير أننا لا نفهمها؟ ماذا لو كان الصرصار مبعوثا من حضارة فضائية برسالة تنقذ أبا الإلحاد من مأساة حياته البيئسة؟

    افتتح صاحبنا صفحة جديدة في مدونته المهجورة, وبدأ بوضع مقدمات عامة ليبني عليها مقالته متسلحا بموسوعة الويكيبديا وبخياله الواسع:
    الداروينية نظرية النظريات ومفتاح المعضلات, إنها سعد الملاحدة الذي لاح في سماء العلم بعد قرون من الخمول. والتطور يفسر كل شيء كما هو معلوم بالضرورة من مذهب الإلحاد, فهو يفسر الثراء اللغوي بلا شك, ولا تستبعد بعض الدراسات وجود إرهاصات لغوية لدى بعض أنواع الأميبا والكائنات أحادية الخلية, غير أننا لا نملك أي وسيلة لإثبات ذلك, لكن القردة العليا تعد من أنجب تلامذة التطور الذين أسسوا صرح التجربة اللغوية منذ أحقاب بعيدة جنبا إلى جنب مع الطيور والدلافين, ويرجح الخبراء أن هذه الفصائل الداروينية لم تنجح في تطوير مهارات نحوية وقدرات تركيبية راقية, بل لم تتجاوز مرحلة إنتاج أصوات بدائية لتحقيق غايات تواصلية, وفق آليات البقاء للأفصح. خطر لصاحبنا أن يسمي هذا الطور بالمرحلة الصرصارية. قد لا تكون المهارات اللغوية للصرصار تؤهله ليفسر نشأة "اللغة الأولية" لكنه يصدر بجناحيه الصغيرين أصواتا تتحدى قدرات حبالنا الصوتية. لا شك أن لغته المزعجة نظام صوتي يؤدي وظيفة ما, لكن هل يدرك الصرصار أن لصوته معنى, وهل يقصد أن يعبر عما يختلج في نفسه؟ هل تعود جذور بعض أنواع الموسيقى المنتشرة اليوم في وسائل الإعلام إلى زمن بعيد من ماضينا التطوري وبالضبط في الزمن الصرصاري, إنك تشعر أن محطات الراديو والتلفاز تفتح المجال اليوم لبعض الأصوات التي يتفوق عليها الصرصار بمراحل في تناسق صوته و جماله و قوته, وإن كانت تضاهي توجهاته الفنية في اقتصاره على جانب الأداء الصوتي البحت وإهماله لجانب النص والمضمون, فشعار الأصوات الصرصارية: "أنت تصرخ إذن أنت فنان" قد نحتاج اليوم نخبة من النقاد الفنيين يُحيون المنهج اللاماركي ببتر الحبال الصوتية لأجيال من أصحاب تلك المواهب الصرصارية, ربما اكتشفنا بعدها أن المجتمع الفني يعاني من انتكاسة تطورية في الجهاز العصبي اللغوي. بلغ صاحبنا هذا الموضع فشرد بعيدا, وحين نظر إلى النافذة بدا له صرصار الليل فقام إليه حذرا ليجهز عليه, ولما دنا منه طار بعيدا ليكمل سهرته في الهواء الطلق, أغلق النافذة بإحكام وعاد إلى فراشه وهو يُمنّي النفس بنوم عميق, وضع رأسه على الوسادة وبدأ يفارق هذا العالم المضطرب حين شعر كأن طائرة عمودية تحلق بالقرب من أذنه, يا للهول إنها بعوضة, اي مصادفة حمقاء هاته, هل أعد له أقاربه الداروينيون مقلبا لينغصوا عليه عيشه هذه الليلة؟ يا له من صوت مزعج من حشرة لا ترضى بشراب دون دمه, همّ بالقيام ليتخلص من المتطفل الجديد لكن الإرهاق جعله يعدل عن ذلك, واكتفى بحشو أذنيه بالقطن وتلفّعَ في لحافه الأبيض كأنه مومياء فرعونية واستسلم لمصيره وآثر النوم وإن جاد ببضع قطرات من دمه.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  3. #168
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    بين المسلمين
    المشاركات
    2,906
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جميلة هذه الجديدة ^^

  4. #169
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    مرحبا بك أخي الكريم مسلم, تشرفني قارئا ومعلقا.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  5. افتراضي

    ماشاء الله لا تنفك هذه اليوميات تجذبنا بأسلوبها الأدبي وتدهشنا ببنائها الفكري، اللهمَّ بارك لأخينا هشام في موهبته هذه ونفع به .
    التعديل الأخير تم 09-29-2012 الساعة 04:39 PM

  6. #171
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    بين المسلمين
    المشاركات
    2,906
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الشعب .. يريد .. حلقة جديدة

    الشعب .. يريد .. حلقة جديدة

    الشعب .. يريد .. حلقة جديدة

    الشعب .. يريد .. حلقة جديدة

  7. #172
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    شكرا أختي الكريمة عربية.
    أخي الحبيب مسلم, ستصل اليومية الجديدة عاجلا إن شاء الله.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  8. #173
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عَرَبِيّة مشاهدة المشاركة
    ماشاء الله لا تنفك هذه اليوميات تجذبنا بأسلوبها الأدبي وتدهشنا ببنائها الفكري، اللهمَّ بارك لأخينا هشام في موهبته هذه ونفع به .
    بارك الله فيك أختي عربية, واليومية التالية تدور حول كراهة الملحدين تندر المؤمنين عليهم, رغم أنهم لا يكفون عن السخرية منا بأقذع الأساليب, ولما كان مثل هذا الموضوع يحتاج لاستعمال بعض الكلام العامي فإني وجدت صعوبة في صياغة النص, فمرحبا بكم جميعا خصوصا الأخ مسلم أسود.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  9. #174
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    43 نكات إلحادية

    تفكر صاحبنا ليلةً في الحال المخزية التي وصل إليها الإلحاد العربي المتقوقع في العالم الافتراضي, وتخيل زملاءه حبيسي الفقاعة الالكترونية التي يحسَبونها سيلا جارفا يزلزل أركان الدين, وحرَّك رأسه حين تذكر طابور المفاليس من شيعته المستخفين خلف المعرفات المضحكة, إنهم لا يدركون أن غزواتهم الدونكيشوطية وانتصاراتهم الافتراضية لا تساوي في ميزان الحياة الواقعية والتجارب الأرضية فلسا . إن الزملاء يسخرون من الإسلام على الشبكة, ويستمْرون حياة النفاق في واقع الأمر, فهل يطمحون أن يغيروا المجتمع من خنادقهم الكرتونية؟ لم يتغير من ذلهم ومسكنتهم شيء منذ مؤتمر "من الإلحاد الافتراضي إلى الإلحاد الأرضي, الذي كان مهزلة بكل المقاييس التنويرية. إن الزملاء منافقون رضوا بحياة الخفافيش في الكهوف والجرذان في الجحور, يحيوْن بين المسلمين تغلي أحقادهم كالمراجل في الصدور.

    لقد أتى على أبي الإلحاد زمان لم يعد يجد فيه طعما لجهاده الإلكتروني الإلحادي, لكنه لا يكاد يجد له اليوم موطئ قدم في مجتمع يزداد كل ساعة اعتزازا بدينه, ألم يجد نفسه مرارا مرغما على الحضور في مناسبات اجتماعية يُقرأ فيها القرآن ويوعظ فيها بحديث الجنة والنار؟ إن الخصوم يستحوذون في صبر ومثابرة على العالم الأرضي شبرا شبرا, حارة حارة, دارا دارا, والملاحدة يصرخون في الإنترنت: "لقد انتشر الإلحاد بين المسلمين", سحقا لهم, و كم تبلغ عِدَّة أهل الإلحاد في دار الإسلام و رواد المساجد يتضاعفون, والمجتمع يصطبغ شيئا فشيئا بصبغة الدين؟ إن الزملاء قوم غرتهم نقرات الإعجاب على الفيسبوك و تفاهات التغريد على التويتر, يسخرون من أهل الإسلام بالليل وينافقونهم بالنهار.

    لن يعلم الملاحدة حقارة شأنهم وخسة حالهم ما لم ينغمسوا في بحر المجتمع فيصارحوا أهله بمعتقدهم ويواجهوه بما يُسِرُّونه في منتدياتهم, حتى يعلموا فرق ما بين المنتديات النسناسية وبين المجتمعات الإنسانية. إنه يعلم أن طريق التنوير شاقٌّ طويل, كما يعلم أن الملاحدة من أعظم الناس جَلبةً, ومن أجبنهم عند اللقاء, لكنه أبو الإلحاد, فلينزل للميدان ليعلم أفرسٌ تحته أم أتانٌ, ويختبر حقيقة الدعاوى الإلحادية.

    جلس في مقهى فوجد بضعة شبان يعرفهم معرفة عابرة, يتسامرون ويحتسون القهوة ويدخنون السجائر, فانخرط معهم في أحاديث الكرة وأخبار الدوريات والأفلام والمسرحيات, وهو يتحين الفرصة ليلقي بطعم يهيئ به الجوَّ, و ليوجه الحديث إلى ما جاء لأجله, وحين بدأوا في أحاديث الفكاهة لاحت له فرصته, فبدأ يفرك جبهته ليتذكر بعض النكات الشيطانية التي يتفنن الزملاء في اختلاقها في مواقعهم للسخرية من أهل الدين, خاصة الموحِّدين, تسارع نبضه وهو يتوجس خيفة من وقع الكوميديا الإلحادية على القوم, فبحث عن شيء غير مقذع, ليكون مفتاحا لما بعده, فقال:
    - واحد * مؤذن طلع الصومعة وهو سكران...
    فقاطعه أحدهم:
    - مؤذن وسكران؟ ذي مصيبة.. هو أنت يهودي؟

    فأحس أبو الإلحاد أنه فشل في تقدير الموقف, لكنه تماسك وعزم ألا ينكص هذه المرة فتنحنح وقال:
    - أنا لا ديني..
    فالتفت إليه أصغر جلسائه - وكان عارفا بالإلحاد- و قال و هو يتبسم, :
    - قل ملحد يا حبيبي, لا تخف؟ خائف نكون إرهابيين يعني؟ نحن ناس متفتحة وديمقراطية ومعتدلة, والدليل أني متشوق أسمع منك , لكن أحسن شيء نبدأ بنكات ملحدين ثم نسمع نكاتك الحلوة, أكيد أنت موافق.

    ثم استطرد:
    - أحلى شيء أن كلام الملحدين نفسه خفيف وظريف, أنا لما أكتئب أقرأ "أصل الأنواع" فأجلس أضحك و أنسى الهم.

    - الملحدون كلهم ذوق وإحساس, يخافون يجي يوم يرتطم نيزك مدمر بالأرض, من فضلك فهّمني سبب خوفهم إذا كان الكون كله سببه انفجار عظيم؟

    - حاجة ثانية, الملحد يحب الشك في كل شيء لدرجة أنه غير متأكد أنه موجود, طيب كيف يفعل الملحد إذا سألته: "أثبت لي أنك موجود"؟
    - ينسخ السؤال ثم يطرحه في موقع إجابات جوجل." ثم يختار أفضل إجابة.

    - حتى إمام المذهب وشيخ الطريقة عمّك دارون نفسه, خلّى الدُّب يعمل عملية تغيير نوع, وطلّع زعانف وصار حوت!!! هو ما كان مدمن حشيش, القضية أن دمه خفيف, لما لاحظ الحيوانات تعرق طلع بنكتة ما تخطر لمجنون على البال, قال لك صغار الحيوانات كانت تلعق عرق أمهاتها, ولما كانت الطبيعة فيها حنان حولت العرق إلى لبن!!!

    - يا دارون يا قشطة, ما رأيك يا لحّود؟ بصراحة الملحد ديمقراطي ما يعرف عنصرية أبدا, ما يهمه لو كنت حوت أو دب, قرد أو إنسان أو حتى ضبع أو ضفدع, يا سلام يا دارون, عرقك لبن, و أفكارك سمن, ودمك عسل.

    - تصور يا عزيزي لو كانت الطبيعة جعلتنا كلنا نعرق لبنا, تخيل كم يخرج من كل واحد منا من السمن البلدي المغربي, أو المشّ المصري ؟ على الأقل تبقى العجول المسكينة تتمتع بلبن ماما لوحدها, لكن يا خسارة, أمك الطبيعة لما طورت القرود, ما فكرت تعطيهم اكتفاء ذاتي من مشتقات الحليب. على فكرة أنت تعرق كثيرا.

    كان جبين أبي الإلحاد يتصبب عرقا, ورغم شعوره البالغ بالحرج, فإنه لم يجد بدا من التبسم حين تصور لو أن غدده العرقية كانت تفرز الآن لبنا, ربما احتاج منه قطرات ليخفف من مرارة قهوته السوداء , اجتهد أن يظهر شيئا من روح الدعابة, و استغرب من نفسه ومن زملائه كيف يريدون أن ينتزعوا لأنفسهم حرية شتم الدين والسخرية من المتدينين دون أن يقبلوا بمثل تلك الحرية لخصومهم, يا لهم من منافقين! فليتجرع الساعة الكأس التي طالما سقاها خصومه متخفيا وراء أقنعة الشبكة العنكبوتية.

    استمر جليسه يلاعبه كما يلاعب الهرُّ الفأر, فلا هو يطْلقه, و لا هو يُجْهِز عليه:
    - على ذكر القرود المتطورة, ذا خالك كارل ساغان اكتشف جذور شجرة العائلة العريقة للملحدين بالتفصيل, هم صحيح أحفاد قرود, لكن جدود جدود جدودهم كانوا باكتيريا و جراثيم و مايكروبات.

    - طيب سؤال لو سمحت يا ملحد, ما مشكلة الداروينيين مع الحشرات؟ كل كلامهم عن الخلية الأولى والباكتيريا والحيوانات, لكن ما قصة الحشرات؟ ربما تكون هي الحلقة المفقودة بين الباكتيريا والبشر؟ يعني يمكن عمل ترقية لشجرة النسب الإلحادي, وتكريم الذِّبَّان و الخنافس والبعوض.

    - ما رأيك عزيزي لو أناديك - على مذهب ساغان- يا ابن الباكتيريا يكون أحسن ولا يا ابن القرد, بصراحة المتدين يفهم الداروينية بشكل سطحي, البروفيسور دونكي يقول البشر ما تطوروا من قرود, ذا كلام غلط, كلام أميين, هم أولاد أعمام, يعني لو قلت لملحد: يا ابن القرد, فهي شتيمة, ومن حقه يغضب ويرد علي: "يا جاهل, أنت أكيد ما درست أحياء, القرد ابن عمي يا متدين.

    - دونكي رجل ذكي, أنا شخصيا أتمنى أسأله: "كيف تتأكد يا بروفيسور أن ساعتك صممها مهندس ياباني ذكي و ليس صاحبك صانع الساعات الأعمى؟"
    أنا أعرف سلاطة لسانه, لكن لا بأس, إذا عرف السبب بطل العجب, التطور يفسر كل شيء, لما عملت مقارنة بين طريقة دونكي في الحوار وبين جدوده الداروينيين خرجت بنظرية تشرح أصله القردي بالتفصيل:
    هو جمع ذكاء الشمبانزي ووقاحة البابون وعبوس الأورانغوتان, و لما يغضب, يعطيك درسا عمليا في الداروينية.

    - أنا لو كنت ملحدا يا عزيزي, فلا بد أسن في الإلحاد سنة حسنة, و أزور حديقة الحيوان كل عيد, تعرف السبب؟ صلة رحم يا لحود, الملحد مثل المؤمن تماما, عنده صلة رحم و بر والدين, أنت ما سمعته يتكلم عن جدوده باحترام ويقول: "قردة عليا" و "سلف مشترك"؟

    - الملحد عنده روح نكتة, لكنه مثقف موسوعي و يحفظ الشعر, واحد قالوا له: يا ابن القرد فقال:
    كن ابن من شئت واكتسب أدبا *** يغنيك محموده عن النسب

    كان الآخرون ينفجرون ضاحكين عند كل نكتة, فترتج فناجين القهوة على الطاولة, و تتلاشى أحلام أبي الإلحاد الوردية كما تتلاشى فقاعات الصابون, حتى يئس أن تطلع عليه شمس يوم لا يحس فيه بالمهانة كأنه ينتمي لطبقة المنبوذين الهنود.

    في هذه اللحظة مر النادل على مرأى منه, فناداه وانتصب قائما ليفر بجلده, لكن جليسه أمسك به, وقال:
    - طيب, سمّعنا نكاتك يا بطل.

    فتلعثم أبو الإلحاد وقال معتذرا:
    -أنا مستعجل, لازم أمشي, جرسون...

    فقاطعه الشاب وهو يحرك رأسه:
    - تفضل, القهوة على حسابنا يا أبو دم خفيف.

    انسل أبو الإلحاد وهو يلعن نفسه ويلعن دارون وساغان ودونكي, ويتمني لو يمحو من عقله ذكرى هذه الأمسية المخزية.


    -------------------------
    * نظرا لموضوع اليومية اضطررت أن أضمنها بعض العبارات العامية, ومن لم يرق له ذلك فليعلق في الشريط, فأنا أعتز بمساهماتكم.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  10. #175
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    بين المسلمين
    المشاركات
    2,906
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لا و الله بل أعجبني استخدامك للعامية ^^ أحسنت يا أستاذ مرة أخرى ما شاء الله

  11. #176
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    مرحبا بك أخي مسلم.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  12. #177
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    330
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    كتاباتك جميلة وأستمتع بقراءتها أخي هشام

  13. #178
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    44 رسالة بين أمواج الإلحاد (2)

    عاد أبو الإلحاد إلى بيته مساء فوجد ظرفا باسمه في صندوق الرسائل, حك جبهته في استغراب, إنها رسالة حقيقية وليست فاتورة, فتح الظرف وأغلق الباب, تأمل الخط فتذكر الرسالة التي قذفتها إليه الأمواج قبل ثلاثة أشهر, تمدد على فراشه وقرأ:

    أبا الإلحاد, تركت الإيمان بالخالق بزعم أنك ما وجدت عليه دليلا, ثم آمنت بالطبيعة وقوانينها, والداروينية وخرافاتها, فهل ارتاحت نفسك وسكنت هواجسك؟ أم أنك ما زلت تائها في بيداء شكك ووساوسك؟ ألم تدّع أنك تحررت من الدين وقيوده؟ فما لي أراك تتخبط في حفرتك لا تبرحها؟ ألم تمنِّ نفسك بالسلام والطمأنينة بعدما تخلصت في زعمك من الخرافة؟ فما بالك ما تفتأ تتخبط كالثور المذبوح لا تكاد تهتدي سبيلا؟ إن الإلحاد أشبه بماء أجاج لا يروي عطش النفس البشرية إلى السكينة والطمأنينة, إنه بحر مالح من الشكوك والأوهام كلما شربت منه ازددت ظمأ إلى ظمئك وخبالا إلى خبالك, فهل رضيت نفسك بما أنت فيه, وقنعت بما أوقعتها فيه؟ كفّ لحظة عن تخبطك واسأل نفسك في شجاعة: "هل حقا هذه هي الحياة التي أريدها, هل حقا هذا كل شيء؟" إن الإلحاد قد أفرغ حياتك من كل معنى, وتركك في دوامة شكك وحيرتك. اسأل نفسك: لماذا لم يخرس الإلحاد الأسئلة القاتلة التي تمطرك ليل نهار؟ إن شيئا ما بداخلك لا يقنع بشيء دون فهم لغز الوجود, إنه يبحث عمن يبوح له بسر الإنسان وسر الحياة والموت, إن الإلحاد يدعوك للعكوف عند قشرة العالم, وشيء ما في أعماقك يستصرخك لتستكشف لبّه, إن شيئا ما فيك يقف على حافة العالم المادي يتطلع ليحظى بنظرة إلى ما وراءه, إنه يتساءل عن كنه هذا العالم, من أين جاءه الجمال؟ من أين جاءه العلم؟ من أين جاءته الحكمة؟ من أين جاءته الرحمة؟ من أين جاءه العدل؟ أوليس لكل شيء أصلا ومنبعا ومعدنا؟ أوليس لكل شيء بداية وساعة ولادة؟

    في ذلك اليوم البعيد أزفت ساعة مقدمك, كانت حياة جديدة توشك أن تنبثق, كانت صرختك الأولى إيذانا بولوجك بوابة هذا العالم العجيب, يا له من موقف يمحق الإلحاد, إن أشد الناس عدمية ومادية لا يملك أن يصمد أمام طوفان المشاعر التي تكتنف الشخصية الإنسانية في هذا الموقف الباهر, إنه مزيج من السعادة والدهشة والرهبة والحيرة والحب والإعجاب, إنها أحاسيس غامرة متضاربة ترغم أقسى الناس قلبا وأعتاهم إلحادا أن يتساءل: "من أين جاءت هذه الحياة الجديدة؟ من أين جاءت هذه الهبة الفريدة؟" إن بنيان المعرفة الإنسانية والحكمة البشرية والعلوم النظرية والعملية يتلاشى في مثل هذه اللحظة, فيقف الإنسان كأنه طفل تائه يبحث عن أمه, هل تساءلت يوما: أي شيء يملك أن يهزّ أعماقنا بكل هذا العطاء, وبكل هذا الحبّ؟ أي شيء يعطينا كل مرة برهان عظمته وضآلتنا؟ أهي الطبيعة التي لا يُدرى ما هي؟ أم هو الخالق الذي أجهدت نفسك في إنكاره؟

    هائنتذا قد حططت الرحال في هذا العالم, لتبدأ رحلتك في هذه الصحراء التي تسمى "عالما", إنك لم تختر لا المجيء, ولا زمانه, ولا مكانه, بل قضيت أشهرا قبلها في أضيق مكان يقيم فيه إنسان, فخرجت من رحم مظلم مزودا بآلات لا معنى لها لو لم تفارقه, وأي شيء تغني عنك الجوارح لو لم تلج باب هذا العالم, ترى من زودك بالعينين وباللسان والأذنين في مكان لا حاجة لك فيه لا إلى سمع ولا إلى بصر؟

    جئت من عالم ضيق إلى هذا العالم الرحب, فكيف تجزم أنْ ليس بعد هذا العالم عالم أرحب منه وأوسع؟ بدأت تستكشف موطنك الجديد بقلب طفل يسأل: من أين أتينا؟ لماذا السماء زرقاء؟ إلى أين تذهب الشمس؟ أين نذهب حين نموت؟ إنها الأسئلة عينها التي تؤرقك الآن, إنها أسئلة "لماذا" التي يسخر منها عالَم رضي من العلم بـ"كيف", إنها أسئلة تتطلع لعنان للسماء في عالم يغوص في أعماق الأرض, إنها أسئلة لا تطفئها عصارة الحضارة المادية, حضارة الأشياء الملونة, والواجهات الزجاجية, والوجبات السريعة, والمشروبات الغازية, ومؤسسات الكذب, ومنظمات النفاق, وإنتاج الشهوة, وعبادة الذات, ودوامة الهلاك والاستهلاك, إنها دوامة يخرج منها الإنسان بعد رحلته العبثية خاوي الوفاض, بعد أن يستنفذ مدة الحياة, لتبتلع الأرض ذلك الجسد الذي أشقاه واستعبده, يا لها من صفقة خاسرة ! وماذا عن الروح؟ إلام تطمح؟ عمّ تسأل؟ إنها معنى في لفظ, كتاب في خزانة, طائر في قفص, فما أغبى من يمضي عمره يجلو قضبان القفص, ويطيب أرجاءه, ويفوته أن البنيان إنما يعمر بساكنه, إنها الروح يا أبا الإلحاد, سر دفين, إنها معنى وجودنا, إنك لا تؤمن بأن لك روحا, إنك لا ترى في نفسك إلا آلة داروينية يكسوها هذا الجسد, تبا لمن زرع هذا الوهم في عقلك, ومتى رأيت آلة تحبّ وتكره, وتخاف وتجزع, وتصحو وتنام, وتحيا ثم تموت؟ هل تفهم الآلة معنى الإيمان والإلحاد؟ أرأيت كيف ينزل بك الإلحاد دركة دركة, فبالأمس كنت ترى نفسك حيوانا, واليوم آلة, وأنا أخبرك أين يستقر بك المقام حين تبلغ قعر هاوية الإلحاد, أما وإنه سيأتي عليك يوم إن دمت على ما أنت فيه, ترى فيه نفسك أحط الأشياء, فتغبط الحشرات والجراثيم وذرات الغبار, بل ستغبط العدم, يومها ستصل في نهاية نفق الإلحاد إلى مفترق طريقين لا ثالث لهما: الجنون أو الإنتحار, فإذا وقفت هناك فانظر حولك, وتأمل حالك لعلك تفهم معنى التنوير الذي كنت توعد يا أبا الإلحاد.

    كان صاحبنا يقرأ وعقله يتساءل عن المرسل, ويتأمل بين السطور عساه يجد ملامح من شخصية الكاتب, لكنه لم يصل إلى شيء, يبدو أن أحدهم يراقبه ويهتم لأمره, لكن من هو؟ تفكر في الكلمات الأخيرة من الرسالة, ظللته سحابة من حزن أسود, أطرق برأسه والرسالة بيده, بدا له شيء, قرّب الورقة من عينيه فرأى حشرة دقيقة تتحرك, نظر إليها وهو يتفكر في أمره: - إني بالفعل أغبط هذه الحشرة الحقيرة, إنها تدب على هذه الورقة دون أن تكترث لشيء, وأنا أدب على الأرض كأني أحمل الكون فوق كاهلي, فيا ليت لي حياة هذه الدويبة وأرتاح من هذه الأعاصير التي تعصف في رأسي!
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  14. #179
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عماد الدين 1988 مشاهدة المشاركة
    كتاباتك جميلة وأستمتع بقراءتها أخي هشام
    شكرا لك ومرحبا بك أخي عماد فإنما أكتب لإخواني.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  15. افتراضي

    رااااااااااااااااائعة أخي بوركت


    متابعة
    الحمدلله الذي هدانا إليه

    ۞ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله ۞

    "" ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون"""

صفحة 12 من 21 الأولىالأولى ... 21011121314 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الكوميديا الألحادية
    بواسطة شهرزاد في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-24-2014, 10:01 PM
  2. إعلان: الكوميديا الإلحادية السابعة بين الإلحاد الإفتراضي والارضي - فيديو -
    بواسطة محمود المغيربي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 03-21-2014, 08:42 PM
  3. إعلان: الكوميديا الإلحادية، الحلقة الخامسة - نحو تنوير النحو - بالصوت ..
    بواسطة محمود المغيربي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-15-2014, 09:46 PM
  4. إعلان: برومو للحلقة القادمة - نحو تنوير النحو - من الكوميديا الإلحادية
    بواسطة محمود المغيربي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-13-2014, 09:12 PM
  5. لأول مرة الكوميديا الإلحادية بالصوت - بصوتي - ..
    بواسطة محمود المغيربي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 11-26-2013, 08:25 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء