صفحة 8 من 21 الأولىالأولى ... 67891018 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 106 إلى 120 من 301

الموضوع: الكوميديا الإلحادية

  1. افتراضي

    يُرفع

    للترفيه عن النفوس في امسيات رمضان المباركة
    الكُفْرُ يُعْمي و يُصِم

  2. افتراضي

    ماشاء الله تبارك الله
    اخ هشام
    سعيدة بدخولي متصفحكَ
    لانني والله ضحكت من القلب
    بارك الله فيكَ على هذا الطرح المميز
    وهذا النقد الساخر الساحر
    فعلا سحرتني لغتكَ السلسة الجميلة
    لي عودة اكيدة وقراءة باقي الاجزاء عن ابو الالحاء
    لعلهم يتفكرون ويعرفون انهم في ضلال
    تحياتي

  3. #108
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    أخي سلمة وأختي مسلمة, بارك الله فيكما.
    وما دام الإخوان يقرأون هذه الخربشات على هذه الصحائف الطويلة, فإني أضعها بين أيديهم مفهرسة وجاهزة للطباعة مع بعض التنقيح والترتيب, شكرا لكم على احتفالكم واهتمامكم بها وضنا بأعينكم أن تتعبوها في القراءة على الشاشة.

    http://www.4shared.com/document/7Thd...o-Ilhad-1.html
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  4. #109
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الصراحة عمى هشام ..
    هذه تستحق النشر فى كتاب .. ما إن تكتمل ..
    وإن كنت أظن أنها ستستمر طويلا إن شاء الله .
    سلِم ... تسلَم ...
    فإنك لا تدرى غور البحر إلا وقد أدركك الغرق قبل ذلك ..


  5. افتراضي

    هذه تستحق النشر فى كتاب .. ما إن تكتمل ..
    +1

    وإن كنت أظن أنها ستستمر طويلا إن شاء الله .
    ليكن ذا أجزاء إذاً ,

    بارك الله فيك أخي هشام وفكرة أخي حسن جديرة بأن تؤخذ بعين الإعتبار فما تكتبه بديعٌ سهل الفِهم يستحضِر الإيمان بالله ويطرد الشك , ويستحق الإنتشار لهذا وأكثر .
    قال الله سُبحانه وتعالى { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } الأنبياء:18


    تغيُّب

  6. #111
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    خالي الكريم حسن , سأنشرها إن شاء الله حالما يتهيأ لها ناشر.
    أختي عربية, لا أرى أنها ستستمر بشكل ممل, لعلي أجعلها ثلاثة أجزاء, أما الأول فقد رأيتموه, وهو يترجم لحال التخبط والحيرة العارمة التي تكتنف الإلحاد العربي في نسخته الإلكترونية, أما الثاني فلعله يكون مرآة تعكس الزلازل النفسية والعقلية التي تدمر أهل الإلحاد والتي تنتهي بالمرض أو الجنون أو الإنتحار, ويبقى الجزء الثالث لغزا محيرا, فلننتظر قليلا لنرى أين تنيخ بأبي الإلحاد راحلته وعلى أي أرض يحط رحاله.
    شكرا لكم جميعا.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  7. افتراضي

    يا سلام.....بإنتظار المواسم الجديدة لأبي الالحاد
    الكُفْرُ يُعْمي و يُصِم

  8. #113
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    الكوميديا الإلحادية (الجزء الثاني)

    29 العيد بنكهة الإلحاد


    فتح أبو الإلحاد عينيه بعد ليلة قضاها مكدودا كمن ابتلعه ثقب أسود, خيل إليه أنه غدا كومة من العظام المتورمة, شعر بالألم ينخر كيانه, لم يبق فيه مغرز إبرة لا يؤلمه, ثم ظللته سحابة من الهم حين بدأ يعي العالم من حوله شيئا فشيئا, تذكر ليلته وبدأ يتفكر كيف يقضي يومه, لم يدر أيفرح بانصرام رمضان وانفراط عقد أيامه ولياليه, أم يحزن لمقدم العيد الذي يكلل موسمه. بدأت ذكريات السنوات البعيدة تهجم عليه, رأى نفسه طفلا يبيت يتقلب في فراشه في مثل هذه المناسبة يترقب الصبح ليتسربل بحلل العيد, العيد في عقل الطفل الذي أصبح أبا الإلحاد يعود كل عام ليحمل إليه البسمة والبهجة ولينفخ في حياته نفسا جديدا, لكن ذلك كله ولى إلى غير رجعة, مرت هذه الخواطر في ذهن صاحبنا فلم يشعر بنفسه إلا وهو يتنهد كمن يتحسر على أيام هنيئة خلت.

    بدأ النور ينفذ إلى مِخدعه فاستدار قِبل الجدار, وقع بصره على الساعة فوجدها تشير إلى السادسة والنصف, شعر بالامتعاض الشديد, إنه يجتهد منذ سنين أن يغوص صبيحة العيدين في نوم عميق, فلا يستيقظ إلا بعيد الظهر. إنه يصنع ذلك كيلا يعي شيئا من احتفال المسلمين بانقضاء مواسم طاعاتهم, لكنه الآن مستيقظ في يوم يود لو نام إلى مغيب شمسه. عاد فأغمض عينيه فشعر أنه يتردى في هوة سحيقة ما لها من قرار, ما أتعس أهل الإلحاد في هذه البلاد! بدأت أفكاره تهدأ ونفَسه ينتظم فاستبشر بقرب استسلامه لسلطان الكرى.

    فجأة تسلل إليه صوت من خلف الجدار: "الله أكبر, الله أكبر, لا إله إلا الله, الله أكبر ولله الحمد..." استدار أبو الإلحاد في حنق بالغ ووضع الوسادة على رأسه, لقد حصل ما كان يحاذره, سيظل حبيس سريره في هذه الصبيحة تحيط به نفحات هذا اليوم المفعم بفرحة المسلمين, لقد قضى شهره مكشرا عن أنيابه وهو يلعن الصيام ويهزأ بالقيام, ويندب حظه العاثر الذي ألقى به بين أظهر المسلمين, أمضى أيام رمضان ولياليه وهو يكابد مشقة الحياة الإلحادية البئيسة, حياة النفاق والترقب والتوجس, وهاهوذا ملقى في سريره كالمنبوذ حزينا يوم فرحة الناس, وهاهو التكبير يقتحم عليه خلوته التعيسة, إنه ينبعث من إحدى القنوات الدينية, إنه تكبير بلكنة حجازية.

    لقد حزن لمقدم رمضان وهاهو يحزن لمقدم العيد, فيا ليت شعري بأي شيء يفرح أهل الزيغ والإلحاد, ولِم يفرحون ومتى يفرحون؟ طرق هذا الخاطر ذهن صاحبنا وتساءل: "يا ويح الزملاء, يا لخيبة المتنورين في هذه الأرجاء, أين الفرحة الإلحادية أين الأعياد المنسلخة من العقائد الإيمانية ومن التصورات الغيبية؟ إن رفاق (الجرب والجذام) يفرحون للكريسمس ورأس السنة والفالنتاين والهالويين ولما لا يحصى كثرة من الأيام الإفرنجية المخترعة, لكنه لا يذكر منها يوما يحمل عشر معشار هذه الطاقة التي تشع في مثل هذا العيد, إنها أيام لا تختلف عن البقية الباقية من أيام الناس لو استثنينا ما يكتنفها من الإقبال على اللهو ولذائذ الطعام, أما هذا اليوم فيختزن قوة وهيبة يبثها في أوصال المجتمع فتنبعث الفرحة من أهل الإسلام وتغمر الحسرة والأسى أهل الإلحاد.

    تمنى لو كان يملك التأشيرة والمال اللازم ليلوذ ببلد متنور كلما حل مثل هذا اليوم كما يفعل الموسرون من الزملاء, لكن هيهات لقد منحته الصدفة خلطة قاتلة: الإلحاد والضلال والبؤس والإقلال, إن الملحد الفقير أتعس الدواب على وجه الأرض, إنه يعشق الدنيا ويهيم في غرام العالم المادي ويفنى في شهود ظاهر الحياة, ثم تقعد به فاقته عن الإنغماس في نعيمها والتلذذ بشهواتها. أشعل التلفاز وبقي ممددا يتسلى بمشاهدة نشرة الأخبار فساءه أن أخبار العيد استغرقت معظمها, رأى كيف احتفل المسلمون بالعيد في أصقاع الأرض, ولما شاهد الجموع في مساجد باريس ولندن وساحاتها وقد اصطفت لصلاة العيد أيقن أنه ربما يحتاج تأشيرة لكوكب المريخ كيلا يسمع التكبير والتهليل بالمرة. ليته يقضي هذا اليوم في عاصمة الإلحاد في حاضرة الزميل المرعب أبي شنب جوزف ستالين, ما أن عنّت له هذه الفكرة حتى بدأ بث تقرير مصور حول احتفال مسلمي روسيا بالعيد, كاد أبو الإلحاد يصعق لمرأى الألوف المؤلفة وقد احتشدت في أكبر مساجد موسكو, إن التزمت يكاد يبتلع آخر معاقل الملة الإلحادية, أطفأ الجهاز والحسرة تأكل فؤاده, ثم جلس في سريره وهو يتمثل بهذا البيت الذي لم يعد يذكر أين سمعه:

    لمثل هذا يذوب القلب من كمد.........إن كان في القلب إلحاد وكفران

    شعر صاحبنا برائحة العود تنبعث من بيت الجيران واستمر في شروده على إيقاع التكبير والتهليل والتحميد حتى سمع طرقا خفيفا على الباب, تسارع نبضه وخشي أن يكون أخوه قد أتى ليصطحبه, لكنه سمع صوت جاره سليمان يسلم عليه, تردد ولم يدر ماذا يصنع, إن شيئا غريبا يحصل بين الرجلين منذ أسابيع, إن التقارب المتزايد بينهما ينذر بخطر محدق, ثم هاهو سليمان يطرق بابه صبيحة عيد الفطر, خطر لأبي الإلحاد أن جاره ينصب له فخا دعويا محكما يوشك أن ينطبق عليه, أطل من ثقب الباب فرآه يحمل في يده طبقا من الحلوى, فلم ير بدا من فتح الباب فهو لا يصبر عن حلوى العيد.

    وقف سليمان في ثوبه الأبيض الناصع وقد استنار وجهه ببسمة هادئة, قدم له الطبق الشهي قائلا: "كل عام وأنتم بخير" فارتبك أبو الإلحاد وشعر بحرج بالغ ثم تمالك نفسه وقال: "كل عام وأنتم بخير, شكرا لك سليمان", فقال له بنبرة ودود: "هذه هدية لأهل البيت, لقد جئت لأدعوك لفطور العيد, سأنتظرك ريثما تستعد" وقف أبو الإلحاد برهة يفتش عن عذر يتملص به من هذه الدعوة المفاجئة, لكنه أبعد الناس عن سرعة البديهة خصوصا في مثل هذه الساعة المبكرة, ارتسمت على وجهه ابتسامة بلهاء حسبها جاره تعبيرا عن الرضا, فقال له: "سأنتظرك بالبيت" دخل أبو الإلحاد إلى الحمام فغسل وجهه بالماء البارد لعله ينفض عنه تعب الصباح, ثم فتح دولاب الملابس, فلم يشعر إلا وهو يلبس قميصا أبيض جديدا ويتعطر, نظر إلى صفحة وجهه في المرآة فرأى كيف اكتسى بكسوة النفاق, ثم نظر إلى قلبه فألفاه كما عهده تعلوه حلكة الإلحاد. شعر بالخجل من نفسه, كيف له أن يجلس إلى مائدة من لا يرى فيه إلا متزمتا بليدا يحيا في أحضان الفكر الخرافي؟ بل كيف له أن يأكل من طعام العيد وهو ملحد جلْد, لماذا لا يصارحه بحقيقة حاله؟ إن بين ظاهر سليمان وباطنه ما يشبه التطابق, إن وجهه يعطي هذا الإنطباع, أما أبو الإلحاد فإن بين قشرته الخارجية وبين ما يدور في دهاليز نفسه المتحيرة قفارا وفيافي يتيه فيها العقل البشري. إنه يجتهد الآن أن يعبر هذه المتاهات المظلمة ليبرر لنفسه نفاقه المخزي, هاهو يقول محدثا نفسه: "إنه أمر عادي جدا, فأنا إنسان اجتماعي, أفرح لفرح الناس, سأشارك الناس في هذا العرف المتجذر, ثم إنني أقبل بكثير من جزئيات الثقافة الشعبية..." نظر إلى قميصه الأبيض الجميل, ففطن إلى أنه يلبسه لأول مرة, لقد لبس أبو الإلحاد الجديد يوم العيد, بل إنه لبس البياض! شعر بالتناقض الشديد وبالتذبذب الفاضح الذي ينغمس فيه في أمثال هاته المواقف, لقد حسم أمره, سيفرح لفرح الناس حتى يخرج من هذه الورطة, لكن الفرحة ليست بالشيء الذي يسهل تصنّعه, وهذا أمر آخر يحزنه, إنه كثيرا ما يرمي المسلمين بالنفاق والتصنع, فهل يستطيع أن يقنع نفسه أنهم يتصنعون الفرحة يوم عيد فطرهم؟ كلا إن فرحتهم صادقة ما بذلك من خفاء. خطر له هذه الساعة أن عليه أن يتوقف عن رمي الناس بما هو فيه, إن له في النفاق نسبا عريقا فما باله يدعي استهجانه.

    دخل على سليمان فوجد البيت في أحسن حال, يعبق بريح العود ويتراكض فيه الأطفال في لباس العيد, فأجلسه إلى مائدة ازدانت بما لذ وطاب, والتكبير لا ينقطع من شاشة التلفاز, أفطر أبو الإلحاد ومضت بعض ساعة في أحاديث متناثرة, ثم قام سليمان فجأة قائلا: "لنسرع قبل أن يضيق الوقت" وقبل أن ينبس صاحبنا ببنت شفة وجد نفسه في السيارة حيث يصدح أحد مشاهير القراء بالقرآن, وما أن سارت السيارة قليلا حتى بلغ قوله تعالى: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ) النساء: 142-143 شعر بالدوار إنه في طريقه إلى مصلى المسلمين, طالما اشتكى من الإكراه الذي يئن حزب التنوير تحت وطأته في ديار الإسلام, لكنه يمضي في هذه الساعة المبكرة إلى ما يكره طوعا كأنه مسلوب الإرادة.

    وقف أبو الإلحاد على حافة بحر بشري أبيض يهدر بالتكبير, مضت عليه هنيهة كأنها أحقاب متطاولة, تخيل كيف ستمضي عليه ساعة وسط هذه الصفوف المكبرة, وكيف سيستمع إلى خطبة لن تخلو من تقريع لأمثاله, وامتعض حين تخيل كيف يهنئه بالعيد أناس غرباء. لا بد من مخرج من هذه الورطة, التفت إلى جاره قائلا: "معذرة أحتاج أن أتوضأ من جديد, خذ مكانك وسأتدبر أمري." عاد صاحبنا أدراجه وهو يتنفس الصعداء, امتطى سيارة أجرة وعاد إلى بيته كمن استيقظ لتوه من كابوس مرعب, في ذلك الصباح العجيب استيقن أبو الإلحاد أن الإلحاد واللاأدرية واللادينية التي يدندن حولها دعاة الإلحاد الإلكتروني العربي جعجعة لفظية لا تكاد تجد موطئ قدم في ديار الإسلام وأن أصحابها يذوبون في واقع الأمر وسط المجتمع دون أن يكون لهم فكر يميزهم, إنهم أنصار المذهب الحربائي بدون منازع إنهم حزب النفاق وملؤه.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  9. #114
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    قبلة على جبينك.. أخى هشام ..
    لولا اليقين .. لقلت أنك قد عشت التجربة ..
    تستطيع تبين مشاعر الملحد بذكاء شديد ..
    أعجبتنى هذه الجملة للغاية ...
    لكن هيهات لقد منحته الصدفة خلطة قاتلة: الإلحاد والضلال والبؤس والإقلال, إن الملحد الفقير أتعس الدواب على وجه الأرض, إنه يعشق الدنيا ويهيم في غرام العالم المادي ويفنى في شهود ظاهر الحياة, ثم تقعد به فاقته عن الإنغماس في نعيمها والتلذذ بشهواتها.
    سلِم ... تسلَم ...
    فإنك لا تدرى غور البحر إلا وقد أدركك الغرق قبل ذلك ..


  10. #115
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    أخي الحبيب حسن, يسرني أن تروقك كلماتي كما يسرني أن أنكأ بها في نحور الذين لا يعلمون, أما قولك أني أحسنت وصف حال القوم فأنا بحمد لله جندي من كتائب منتدى التوحيد, فكيف يخفى علي تلون هذه الشرذمة المعتدية, فلله الحمد أولا وآخرا وجعلنا الله ممن يعز دينه وممن يذل أعداءه.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  11. #116
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    30 أبو الإلحاد في زمن الثورة

    شعر أبو الإلحاد بنفسه يطفو فوق بحر آدمي أسود متلاطم, ترتفع فوقه الأعلام واللافتات الضخمة كأنها أشرعة سفن من زمن غابر, كانت الجموع تموج ويكاد هديرها يصم الآذان. مشى يخط برجليه الأرض ووهج الشمس يلفح جلده حتى تبللت ثيابه وأنكر رشح نفسه, لم يكن يدرك أن ريح الثورة كريه بهذا القدر.

    ندم أنه لم يضع على رأسه شيئا يقيه لسع سياط الشمس, وندم أكثر أنه لم يلبس حذاء مناسبا, لقد جاء يمشي في نعلين كأنه سائح أوربي يمشي إلى الشاطئ في يوم مشمس. استسلم لهذا التيار البشري الجارف كما استسلم لخيط أفكاره التي لاحت أمام عيني عقله كأنها شريط أحداث الفترة الماضية.

    ظل صاحبنا يحملق في شاشة التلفاز طيلة الشهور المنصرمة يتتبع الأخبار حتى كلّ ناظراه وأسكرت الحماسة رأسه , لقد أخذت الأحداث المتسارعة بمجامع قلبه فنسي أن يتعاهد نفسه بإصلاح حاله وتجميل هندامه فتلبد شعر رأسه وأهمل حلق ذقنه. لقد هبت رياح الثورة التي طالما حلم بها, لكن يا للأسف ويا للحسرة! إنها ليست الثورة الحمراء التي بشر بها الزملاء, إنها ليست ثورة المطرقة والمنجل, إنها ثورة أنجبتها شعوب غاضبة قبل الأوان, لكن الذوق الإلحادي يخبره أن هذه الثورة لم تستو بعد, إنها أشبه شيء بحساء بارد بلا ملح ولا بهارات, إن قِدر الثورة تحتاج لمزيد من الدماء والأشلاء حتى تستوي بحسب الوصفة الإلحادية.

    اضطرب موقف صاحبنا كثيرا إزاء هذا البركان الفائر من حوله حتى استقر رأيه أخيرا على أنه يعاصر ثورة لا شك في ذلك, فقد أسقطت عروشا وأطاحت رؤوسا لكنها لم تقم المقاصل ولم تنصب أعواد المشانق, إنها ثورة مجهولة الهوية تتخللها الألوان المتباينة كما تتخلل البستان أشواك وأشجار وزهور يانعة. لعل أهل الإعلام يدعونها بالربيع لذلك, يا للهول إنها ثورة توشك أن تصير خضراء إن لم يتدارك العقلاء المتنورون الأمر. إنها ثورة اشتعل أول شررها من أعواد المنابر, وارتفع التكبير إذكاء لأوارها من قمم المآذن, فمتى يرى الثورة التي تصنع من مصارين رجال الدين قلائد تزين أعناق الملوك؟

    حين رأى أبو الإلحاد الجموع الثائرة تصطف في الميادين بالآلاف لتصلي صلاة المسلمين كاد يغشى عليه من الغيظ, "أي ثورة هذه إن لم تثر على الدين؟" تذكر شعار سلفه الغاوين: (الدين أفيون الشعوب), تأمل هذه الحكمة الماركسية المنسية, وتفكر في معانيها العميقة التي لم تفقد شيئا من بريقها رغم تعاقب السنين وتساءل: "هل كان الزميل يوم قالها محششا؟ وكيف يستقيم أن يذكر الملحد الأفيون بنبرة الإنكار؟"

    لم يطل الأمر بأبي الإلحاد حتى بلغت الثورة أرضه وأطاحت برأس البلد وصاحب أمره, لم يعد يذكر أي شيء كان في أول أمره قبل أن يصير مخلوعا, لقد رآه منذ عقل في كل الصور والأزياء التي تخطر لآدمي على البال, رآه في زي أهل البلد وفي جبة العلماء وفي لباس كبار الضباط وفي سراويل أهل الكرة, إنهم ينادونه بالزعيم الملهم وبالإمام المعظم وبالقائد المغوار وبالراعي الحكيم وبالرياضي الأول وبأب الأمة وبحامي الملة. حين كان طفلا خيل إليه أن الزعيم يمتلك من دون الناس قدرات خارقة, ثم اكتشف أن موهبته الوحيدة شيء من براعة الفن المسرحي مع المهارة الفائقة في عرض الأزياء, وكلها لا تحتاج إلا لخشبة وجمهور بليد.

    سمع صاحبنا عن الثورة والثورة المضادة وعن استغلال التيار وركوب الموجة, وتساءل كيف يتقاعس الزملاء عن اقتناص الفرصة المواتية, إن بين أيديهم ثورة ناضجة حان قطافها, بذل غيرهم الدماء في سبيلها, فلماذا يتأخرون حين يجدر بهم التقدم ويحجمون حين ينبغي لهم الإقدام؟

    خطر له أن الخصوم يوشكون أن يصبغوا المجتمع بصبغتهم الخضراء لو تقاعس حزب التنوير ونكصت فلول الملة الإلحادية, لا بد من ثورة على الثورة وثورة في الثورة وثورة فوق الثورة. تفكر في هذا كله ثم بدأ يتمتم كمن يحدث نفسه: "لكن مهلا, الثورة رغبة في التغيير, وغضب من الظلم, والظلم في المذهب المادي كلمة لا معنى لها, فكيف لو أضفنا لها كلمات من قاموس البذل والتضحية والإستشهاد؟ إن التضامن والتراحم ونصرة المظلومين وغيرها من المشاعر الإنسانية الجياشة ليست سوى رواسب من الإرث الديني, إنها من فكر الضعفاء فكيف يلتفت إليها من ينتحل مذهب القوة؟ كيف يبرر الملحد التطوري رغبته في مساعدة المظلومين؟ وما الداعي إلى مساعدتهم أصلا؟ فلينقرضوا حتى يبقى الأصلح والأقوى, هل صار الإلحاد مؤسسة خيرية تعنى بشؤون المتخلفين داروينيا؟ إن المذهب المادي يرفع شعار "اقتلع الضمير والرحمة وانصب راية القوة فوق جثث الضعفاء وجماجمهم." فما محل الثورة ضد الظلم من الإعراب في مذهب يقدس القوة ويستهين بكل قيمة إنسانية؟"

    "ما الذي يحركك يا أبا الإلحاد لتثور؟ أليس حب العدل وبغض الظلم؟ وأي معنى للظلم في عرف المادة؟ لماذا قد تسعى المادة إلى تغيير شيء ما من أمرها؟ بأي قانون مادي تطمح المادة للثورة على واقع نشأ عن تفاعل قوانين مادية؟ أليس دين المادة الرضا بقهر قوانينها الحتمية؟ أوليس الزهد في التطلع إلى التغيير ديدنها؟ وما الذي سيحل بنا لو تطلع العالم المادي إلى التغيير؟ أوليس معنى ذلك أن يبغي بعضه على بعض وأن تتطلع كل ذرة فيه إلى التمرد على قيودها الصارمة؟"

    أحس صاحبنا أنه لو تصرف بمقتضى ماديته الصارمة لما ثار ولما طلب شيئا غير ما هو فيه, و لزهد في التطلع لمثل أعلى, ولعاش دهره خاملا منبطحا على بطنه منطرحا في خضم كينونته المادية دونما رغبة أو رهبة, و لربما أشبه حينذاك بعض فقراء الصوفية في شهودهم للأمر القدري دونما سواه, فيحيا ملقيا بنفسه في خضم التفاعلات المادية كالريشة في مهب الريح, لا يطلب شيئا غير ما يتحصل له دون عنت, ولا يتكلف شيئا أبدا. لكن شيئا ما لا يدرك أبو الإلحاد كنهه يلح عليه أن ثمة مثلا ينبغي بلوغه وغاية يحسن التطلع إليها.

    دس صاحبنا أنفه في أكناف الشبكة أياما يتحسس حركة الثائرين من الزملاء وهو يرجو أن يرفعوا رؤوسهم أخيرا بإلحادهم, فها قد أطلت على الديار شمس الحرية. لكن هيهات لقد خاب ظنه من جديد إذ لم ير منهم إلا متلفعا بمروط العلمانية أو متبرقعا بخُمر الليبرالية, لقد أبصر أكثرهم وقد التفت عليهم أزياؤهم التنكرية كما يلتف القماط على الرضيع فلا يكاد يستطيع حراكا, نظر إليهم فمقتهم ومقت جلودهم الحربائية.

    عثر أبو الإلحاد بعدما كاد ييأس على صفحة فيسبوكية لشرذمة من فصيلته الموشكة على الإنقراض فسرته نبرتهم وأعجبته جرأتهم وأعاد إليه شعار حركتهم بعضا من الأمل في مستقبل الثورة الإلحادية على الأرض العربية: (معا من أجل تنوير الثورة- معا على درب الإلحاد). اجتمع في صفحة الزملاء بضعة مئات بشق الأنفس وأجمعوا النزول للشارع ليسمعوا الناس صوتهم خلال المسيرة الأسبوعية المقبلة.

    جاء اليوم الموعود, فتح دولاب الملابس وهو يفكر في الزي الملائم لهذا اليوم التاريخي, ثم همهم "هذا ما أحتاجه" لبس (تي شرت) أحمر يحمل صورة الشاب الثائر (تشي جيفارا), نظر إلى وجهه في المرآة تكسوه لحية خفيفة بدأ يتخللها البياض, هم أن يحلقها لولا أنه رأى لحية الثائر الملحد فأحجم عن ذلك, عجبا, لماذا صار الزملاء فجأة يبغضون اللحى؟ تذكر ماركس وإنجلز ولينين وتروتسكي وكاسترو وجيفارا, إنهم سدنة الإلحاد وقسسه, وتلك لحاهم ما زالت تملأ قلب كل ملحد زنديق بالفخر, يبدو أنه قد آن لأبي الإلحاد أن يلتحي إحياء لسنة سلفه من البلاشفة الهالكين, ثم إن جلده يحتاج لبعض الراحة بعد مرِّ هذا الزمن المديد وكرِّ شفرة الحديد.

    عاد أبو الإلحاد من رحلته في أعماق نفسه ليجد نفسه في قلب المظاهرة, لكنه جاوز المكان الذي ضربه الزملاء موعدا, التفت حوله فوجد ألوفا مؤلفة من الملتحين يلبس أكثرهم البياض, التفت يمنة فوجد شابا تملأ لحيته صدره وبيده سواك, والتفت يسرة فوجد آخر يرفع صوته بالتكبير, لقد ضل صاحبنا سبيله فوجد نفسه وسط جموع ملتحية تهدر بشعارات دينية: (إسلامية إسلامية, لا مدنية ولا علمانية), تذكر أنه يحمل على صدره شهادة إدانته, تذكر قصص الرعب وحكايات الإرهاب فتحسس رقبته وجرظ بريقه, سار منحنيا كي يخفي وجه الثائر الأرجنتيني الوسيم, ثم وقعت عيناه على علم أخضر ملقى على الأرض فمد يده فالتقطه كما يمد الغريق يده ليستمسك بقشة, التحف أبو الإلحاد بالعلم الاخضر ثم صار يمشي ذات اليمين كأنه يسبح ليخرج من منطقة الخطر, وحين أوشك أن يخرج من الميدان الفسيح التفت إليه شيخ أبيض الرأس واللحية وناوله مكبر صوت قائلا بصوت متهدج: "أدركتنا العصر, أذن لنا يا ابني." نظر إليه والدهشة تملأ عينيه, ولم يدر ما يقول, لقد ألجمته الصدمة, تنحنح ليغالب شعوره بالحرج, سأله الشيخ: "آه, أنت مش متوضي" فأومأ إليه أن نعم, فما كان من الشيخ إلا أن أخرج في خفة قنينة ماء من جرابه فقال له: "تعال, سأصب لك الماء, توضأ مرة مرة". دارت الأرض بأبي الإلحاد, لكنه مد يديه فغسلهما إلى المرفقين, فهمس الشيخ: "أنت لا ترى الترتيب؟" ثم غسل وجهه وتوقف ولم يدر ما يصنع, فنظر إليه قائلا: "امسح رأسك واغسل رجليك يا ابني", غسل فارس التنوير رجلين لم يمش بهما إلى خير قط, لكن كيف يؤذن؟ وماذا لو رآه زملاؤه؟ لكنه خائف فكيف يتملص من هذا الموقف العصيب؟ خيل إليه أنه يحلم, ثم طرق أذنه نداء الأذان, فكان أحب الأصوات إليه في هذه الساعة, لقد أنقذه أحد الملتحين بصوته الرخيم من ورطته.

    لم تمض إلا لحظات حتى أقيمت الصلاة, فوجد أبو الإلحاد نفسه منتصبا وسط الصفوف المتراصة متلفعا بالقماش الأخضر, مر بيده على وجهه يتحسس شعر لحيته, ثم سمع التكبير, فشرع يحكي حركة الناس من حوله, ويتفكر فيما خرج من أجله وفيما صار إليه أمره, ركع وهو يتهيأ للهرب حالما يخر الناس من حوله سجودا, تخطى أبو الإلحاد الرقاب وخرج من الميدان يتجرع خيبته.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  12. افتراضي

    ألف تحية وتحية لأخانا هشام
    نعم الأدبية التعبيرية !
    اكتب فقد أوجعتهم بؤسا
    واوجعتنا ضحكا ))
    قيل لأحد السلف "عفا الله عنه":
    إن فلانا ترك طريق الله من بعد ما عرفه
    فقال:إن عرفه حقا ما تركه

  13. #118

  14. #119
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خادم أبى القاسم مشاهدة المشاركة
    ألف تحية وتحية لأخانا هشام
    نعم الأدبية التعبيرية !
    اكتب فقد أوجعتهم بؤسا
    واوجعتنا ضحكا ))
    ولك أعطر تحية وأزكى سلام أيها الحبيب,
    الحمد لله أن قيض لي حروفا أرد بها شيئا من سخرية القوم الذين لا يعلمون, وليس لي من الفضل في ذلك من شيء, ووالله إني لو كتبت كلام الملاحدة بنفس حروفهم وكلماتهم لما جاء إلا كوميديا, فجزى الله قارئ هذه الصحائف وناقلها خيرا, أما من ينقلها إلى مواقع (الجرب والجذام) فذاك يستحق بالفعل جائزة.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  15. #120
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,
    وأنت بارك الله فيك أيتها الأخت الكريمة وجزاك الله خيرا على دعائك الطيب و صبرك على قراءة هذه الخربشات العجيبة.

    ولبقية القراء الفضلاء أقول, إني أعتز باهتمامكم وأتطلع إلى نقدكم وتوجيهكم.
    أخوكم هشام
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

صفحة 8 من 21 الأولىالأولى ... 67891018 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الكوميديا الألحادية
    بواسطة شهرزاد في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-24-2014, 10:01 PM
  2. إعلان: الكوميديا الإلحادية السابعة بين الإلحاد الإفتراضي والارضي - فيديو -
    بواسطة محمود المغيربي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 03-21-2014, 08:42 PM
  3. إعلان: الكوميديا الإلحادية، الحلقة الخامسة - نحو تنوير النحو - بالصوت ..
    بواسطة محمود المغيربي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-15-2014, 09:46 PM
  4. إعلان: برومو للحلقة القادمة - نحو تنوير النحو - من الكوميديا الإلحادية
    بواسطة محمود المغيربي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-13-2014, 09:12 PM
  5. لأول مرة الكوميديا الإلحادية بالصوت - بصوتي - ..
    بواسطة محمود المغيربي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 11-26-2013, 08:25 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء