لو سألتَ الملحد ما معنى كلمة "تعقيد"؟
- هل تعني الكثرة من المنظور الكمّي؟ أم تعني "الخربشة" أم تعني العشوائية؟ لن تجد عاقل يختار هذه الأجوبة.
- أم تعني الشيء الصعب؟ وهذا تعريف لا قيمة له لان الصعب بالنسبة لطرف هو سهل بالنسبة لطرف آخر.
- "التعقيد" بكل بساطة هو وصفٌ يشير الى كثرة الشروط المتمثلة في القوانين التي تحكم نظاما جبريا معينا.
إذاً تعقيد النظام.. يُقاس بكثرة الشروط التي تحكم سلوكه.
وتطبيقا لما سبق..
- إذا كان المُسبب: هو مجرد آلية جبرية سلوكها محكوم بمجموعة من الشروط (أ).
- فيستحيل ان تتسبب تلك الآلية في بروز ظاهرة أخرى تخضع لشروط غير مؤلفة من بعض عناصر المجموعة (أ)
مثلاً التطور الذي في الأصل يخضع سلوكه فقط للشروط الفيزيائية.. يستحيل ان يتسبب في ظهور نظام بيولوجي.
ذلك لأنك التعقيد الأصلي = تمثله الشروط الفيزيائية.
أما التعقيد الجديد = فتمثله الشروط السابقة + الشروط البيولوجية والأخلاقية واللغوية وشروط قوانين السير إلخ....
والقول ان القوانين الجديدة نتجت في الأصل عن آلية فيزيائية تلقائية ...هو مناقض لكل منطق
إلا بالطبع إذا أثبت الملحد ان (كل شرط جديد ظهر في الكون) = (توليفة من الشروط الفيزيائية)
فهل هناك قوانين فيزيائية إذا ألّفْتَ بينها تحصل على شرط "كسر المجرور في اللغة" او شرط "التوقف عند الإشارة الحمراء في الشارع"؟
إذاً كلام "ريتشارد دوكنز" صحيح وأول ما يهدم هو الإلحاد نفسه..
لكن البليد غفل أن استنتاجه هذا صالح فقط إذا كان المُسبب نظاما جبريا تلقائياً!
وهو استنتاج فاسد إذا كان للمُسبب إرادة حرة وقادر على تصميم أنظمة تخضع لشروط هو يختارها دون أن تُفرض عليه!
لذلك كل ما فعله "ريتشارد دوكنز" هو افتراضه صحة الإلحاد ليثبت صحة الإلحاد!
أي افترض ضمنا أن المُسبب في ظهور هذا الكون ليس له ادراك ولا ارادة حرة ...
بل مجرد نظام جبري.. أي خاضع لقوانين.. أي خاضع في سلوكه لشروط محددة..
نفس الشروط التي بدونها لا يمكن تعريف أو قياس درجة "التعقيد" أصلاً.
Bookmarks