رمضان يرد على اللادينين والملحدين
لاحظتُ كما لاحظ غيري هنا أن كثيرًا من الملحدين يؤمنون بعقائد الجبرية التي تقول: إن الإنسان مسير، وليس مخيرًا، وأنه يقع تحت الجبر وليس له من الاختيار أي شيء، فهو مسلوب الإرادة.
حتى وصل الأمر بتلك التي دخلت المنتدى من قريب باسم ((لادينية)) لتقول في رابط آخر ما نصه:
عندما يتخلص الإنسان من عقدة الخوف من النار والوعيد يصبح قادرآ علي النقد الجرئ وتجاوز الخطوط الحمراء التي يضعها الدين امام معتنقيه من اجل عدم الخروج عليه , ويصبح قادرآ علي التفكير السليم بعيدآ عن العوامل المؤثرة والتي قد تشل تفكيره فلا يقوي علي البحث الصحيح ويعيش متقوقعآ داخل اسوار دينه الموروث ...
وكثيرآ ما تصورت نفسي امام الله يسألني لماذا لم تؤمني بالإسلام يا رانيا فأجد الإجابة عندي جاهزة ما هي حجتك علي يا رب ؟
هل كان لك حجة علي وانا انكرتها ؟؟
وإن كانت لك فعلآ حجة علي فلماذا انكرها الا اذا كنت مجنونة ولكني غير ذلك , وان كان لك حجة فلماذا يراها البعض ولا يراها البعض الآخر هل حجتك حكر علي بشر دون الآخرين ؟؟
لماذا يري ابوجهاد حجتك بينما انا لا اراها , هل عقله افضل من عقلي , وهل انا من اختارت عقلها , فلماذا التمييز اذن
http://www.eltwhed.com/vb/showthread...3215#post23215
والآن وقد بقي نحو الربع ساعة تقريبًا على إفطار يوم الخميس الثالث من رمضان المبارك لعام 1426 من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم:
جلست أتدبر شأن الصيام العجيب وحِكَمه التي لا تنقضي، فرأيتُ أنه عبادة خفية لا يطلع عليها غير الإنسان.
فالصلاة مثلاً عبادة ظاهرة أراها ويراها غيري على من يصلي، لأن بها من الركوع والسجود وهيئات الصلاة ما يستلزم ظهورها.
وكذلك الحج وغيره من الأعمال البدنية التي تدل بهيئاتها على حقيقتها وظهورها.
فأنا حينما أرى راكعًا أو ساجدًا لا أكون بحاجة إلى سؤاله: هل أنت في صلاة أم في حج؟ بخلاف ما لو رأيت ملايين البشر فلا أجزم من يا ترى منهم الصائم ومن المفطر!
عبادة كما سبق باطنية قلبية، وسرٌّ مصون بين الله عز وجل وبين خلقه.
ونظرًا لسرِّيتها فقد تفضل الكريم المنان بثوابها سِرًّا ليناسب الثواب العمل في الإسرار، وهذه من لطائف الشريعة الإسلامية وتناسب أركانها حيث تتناسب مع بعضها البعض في لطائف رائعة تدل العقول على أنها من لدن خبير لطيف عظيم كريم حكيم عزيز سبحانه وتعالى.
فما الذي يدفعك أيها الصائم إلى الصوم؟
أهو الجبر والقهر والذل كما يقول اللادينيون والملحدون؟
أهو عقدة الخوف من النار كما تقول الكاتبة التي تكتب باسم ((لادينية)) وسبق نقل كلامها هنا؟
إنه سِرٌّ أيها الصائم لا يعلم به سوى الله عز وجل؟
فماذا يدفعك لتحقيق السر، والالتزام بما لا يعلمه سوى الله؟
أين القهر؟
أين عقدة الخوف من النار؟
سيقول اللادينيون: عقدة الخوف من النار موجودة في النصوص الشرعية الكثيرة التي تحرم على المسلم الإفطار في نهار رمضان مع القدرة على الصيام، وغير ذلك.
وأقول: صحيح النصوص الناهية عن الإفطار في نهار رمضان موجودة بلا شك، ولا ريب فيها أبدًا.
لكن أليست النار غيبًا لا يُرَى بالعين المجردة ولا حتى بالميكروسكوب؟
فما الذي يدفعك أيها الصائم للإيمان بالغيب أصلاً؟
وما الذي يدفعك لتحويل الغيب الذي لا يُرى بالعين ولا تلمسه جوارحك إلى يقينٍ جازمٍ لديك؟
الجواب بلا تعقيد: إنها الثقة المتناهية واليقين الجازم في صدق الله عز وجل فيما يقوله، والحب اللامتناهي للتقرب إلى الله عز وجل، والتزلّف والتملق إلى الله عز وجل بالطاعات والقُرَب.
نعم أيها الصائم الكريم هذا ما يدفعك إلى الإيمان بالغيب، كما وأنه هو هو نفسه ما يدفعك إلى الإتيان بعبادة السر التي لا يعلمها إلا الله عز وجل.
الموضوع كله كما نرى غيب في غيبٍ، فالإيمان به يحتاج إلى قوة أخرى وأدلة خارجية تثبته، فهل يصلح الجبر والإرهاب والقهر والذل على إجبار الناس بالإيمان بالغيب والإتيان بعبادة السر؟
سؤال مهم يوجه إلى اللادينين والملحدين؟
وسنريح أنفسنا من انتظار أجوبتهم العليلة ونجيب بالنفي مرة ومائة مرة بل وألف ومليون مرة على هذا السؤال.
لا يصلح القهر ولا الذل ولا عقدة النار في دفع الناس للإيمان بالغيب أو للإتيان بعمل السر.
لأنه من غير المعقول أن أراقب ما لا أراه، فما الدليل عند صاحب العقدة أو صاحب القهر والذل للناس على إتيانهم بما لا يراه هو أصلا ولا يعلم به؟
فلم يعد أمامنا خيار إلا:
أولا: الاعتراف بأن الدافع على الإيمان بالغيب والإتيان بعبادة السر هو الحب اللامتناهي لله عز وجل ولذاته الكريمة والتملق إليه بكافة وسائل الحب والطاعة، ثم اليقين الجازم والثقة اللامتناهية في كلامه حين قامت في النفس أمارات صدقه سبحانه وتعالى على الدوام فيما أخبر به أو قاله.
ثانيًا: الاعتراف بأن الله عز وجل هو الخالق المستحق للعبادة؛ لأنه هو وحده الذي يعلم السر، وهو وحده الخبير بعبادة السر، وما يكون فيها، فلو لم يكن خالقًا عليمًا لما قدر على معرفة ذلك، فدل هذا على أنه الخالق العليم القادر.
وإذا كان هو سبحانه وتعالى الخالق والعالم والخبير، وإذا كانت النفس هي هي التي اعترفت له بذلك، ثم هي التي أحبته وتملقت إليه، فلم يعد لنا بعد ذلك من خيار في أنه سبحانه وتعالى هو المستحق بفصل القضاء في كل أمورها، وأنه سبحانه وتعالى هو وحده الحاكم على النفس، وله الحكم والحجة عليها.
وفي هذه اللحظة انطلق مدفع الإفطار وبدء المؤذن في النداء للصلاة فحانت لحظة التوقف.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
Bookmarks