بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك من يقول أن ميزة أمة محمد عليه الصلاة والسلام عن غيرها هي إستمرار الوحي في أمته وتلك ميزة تميزنا عن باقي الأمم الأخرى وهناك من يدعي أن أفكاره وحيا من الله وأن الله أمره وهنا يأتي مدخل الدجالين والمشعوذين وأئمة الضلال ومدعين الفضيلة ومدعين النبوة ومدعين الكرامة وهناك من يقول أن المهدي رضي الله عنه يوحى له وسنثبت أن الوحي خاص في الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وجميعهم ماتوا ما عدا نبي الله عيسى عليه السلام الذي سيحكم في حكم الدين الإسلامي وعلى عقيدة أهل السنة والجماعة
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (75) سورة الحـج.
الإصطفاء تمييز خلق عن خلق وهي قربة لله سبحانه وتعالى فالله أصطفى من عباده الأنبياء ومن أنبيائه الرسل ومن رسله أولوا العزم من الرسل ومن أولوا العزم محمد عليه الصلاة والسلام وأصطفى من أمة محمد عليه الصلاة والسلام الصحابة ومن الصحابة أصطفى العشرة المبشرين في الجنة ومنهم أصطفى الخلفاء الراشدين ومنهم أصطفى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ومن العامة أصطفى العباد ومنهم أصطفى العلماء ومنهم أصطفى الفقهاء ومنهم أصطفى الحكماء فالاصطفاء قربة وتمييز خلق عن خلق ومن الملائكة يصطفي ما يشاء كإصطفاء جبريل عليه السلام ومن الأديان يصطفي ما يشاء كالدين الذي ختم به كل الأديان الإسلام . ومن الكتب السماوية أصطفى القرآن الكريم الباقي إلى يوم القيامة . وكلمة يصطفي تؤكد إستمرارية الإصطفاء فالله يميز خلق عن خلق بالعلم والفضيلة والكرم والخلق ونعم اخرى وتلك من فضائل الله على عباده فالله يهدي عباده إلى الصلاح ويختار من يشاء من عباده ليقربهم إليه ويهديهم إلى الصواب ويرشدهم إلى الحق .وهنا لم يذكر مجالا للوحي لأنه دلالة على رسالة التي هي دلالة على بعثة ونتيجة وحي الله لنبيه الكريم هي معجزته (القرآن الكريم) وقال الله سبحانه وتعالى (ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) هنا لا مجالا للوحي لأن نتيجة الوحي موجودة وكل ما نريد أن نعرفه من المستقبليات والغيبيات في القرآن الكريم معجزة الإسلام قال الله سبحانه وتعالى ({ وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب } المعنى لا وحي إلا ما أوحاه الله وأتمه وأتممه قال الله سبحانه وتعالى ({ ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين } المعنى كل ما يحتاجه المسلم سيجده في آيات الله سبحانه وتعالى قال الله سبحانه وتعالى ({ فلا وربك لا يؤمنوا حتى يُحَكِموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما } . ( سورة النساء اية 65 ) ولو كان هناك وحي لأنتقص من هذه الآية لأن سيكون هناك رأيين رأي من يوحى له ورأي ما قاله الله سبحانه وتعالى وما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم
1. قال الله سبحانه وتعالى ({وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} (3) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} والمراد للقرآن الكريم وبالأحاديث النبوية ولا ثالث لهم فالذي يوحى لهم هم الأنبياء والرسول كان خاتمهم ونتيجة وحيه قرأن أتممه وأكمله الله وأحاديث وهدي النبي صلى الله عليه وسلم التي توضح ما شرعه الله وفرضه
قال الله سبحانه وتعالى
-{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (30) سورة فصلت.
تتنزل عليهم الملائكة لم يقال يوحى لهم والتنزيل إظهار سكينة وحفظ وأمن وأمان وراحة فالذي يقرأ القرآن تجالسه الملائكة كالذي يذكر الله ويسبحه تحفظه ملائكة الله من كل سوء وشر ومكيدة فهو بحفظ الله ورعايته وسلامه وأمانه فمن كان الله في قلبه كان الله له حافظا من كل من أراد به سوء وشر والقسم الثاني من الآية ألا تخافوا تأكيد للطمأنينة والراحة التي يقدحها الله بالقلوب لتطمئن بالله . فالله يلهم الحكماء ويجعلهم يستشعرون فضله وذلك يأتي شعورا وإحساسا وإدراكا لا سمعا وإنصاتا
قال الله سبحانه وتعالى
-{يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (35) سورة الأعراف.
خطاب عام لأقوام الأنبياء والأمم فكل نبي يمهد لنبي وأمة الإسلام واحدة ودعوة الأنبياء جميعها للإسلام فهم دعوا لإعلاء كلمة لا إله إلا الله ومن المفترض من أهل الكتاب أن يؤمنوا بما أدركوه لأنه موجودا في كتبهم التي حرفوها وكلمة الرسل تدخل في مستويات فهناك رسل الله وهم الأنبياء الذين يوحى لهم وهناك رسل الأنبياء وهم الساعين لتحقيق دعوتهم وهناك رسل القادة الذين يوصلون الدعوة بكلمة أم رسالة والرسالة الإلهية ختمت في الدين الإسلامي فنحن إن شاء الله نكون رسل الحق لنحارب كل ما هو باطل لكن لا يوحى لنا أنما نطبق ما فرضه الله علينا وما قاله لنا نبينا صلى الله عليه وسلم
قال الله سبحانه وتعالى
-{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} (15) سورة غافر.
على من يشاء كيف ما يشاء والله على العالمين متفضلا فهو من تفضل على ذاك وأنعم على هذا ورحم تلك وأعطى ذا وأسعد فلان وأكرم إنسان والإنذار توجيه و اطمئنان وكل فضل من الله فالدعوة فضل والداعي تفضل الله عليه والمستجيب رحمه الله ومن بحث عن الحق ومن فعل الحق ومن قاله ومن عمل به ومن أوصله ومن أزال وهم وخرافة وهم وضيقة وبدعة خاطئة جميعها وأكثر منها فضلا من الله ورحمة يهبها لمن يشاء من عباده الصالحين فما بنا فضلا من ربنا ولا يجوز أن نفسر فضله كما يحلوا لنا لنجعل من أنفسنا ممن يوحى إليهم
قال الله سبحانه وتعالى
-{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا} (56) سورة الكهف.
المرسلين المراد بهم رسل الله وأنبيائه ولله رسلا من الملائكة وله جنود من جميع المخلوقات التي نعلمها والتي لا نعلمها و لا يعلمها إلا الله من ضمنها الرياح والزلازل وما لا نعلمه وكل شي يعتبر من الله رحمة وإنذار منه فالأمطار والأجواء الجميلة بشارة من الله في ظهور الخيرات و الزلازل والبراكين إنذار من الله لعباده الذين غفلوا وجهلوا وتجاهلوا وعبثوا والدعوة إلى الله بشارة لإستمرار الخير وإنذار لأهل الباطل نصحا وإلحاحا وجهادا لتغيير ما هم عليه وفيه و به
قال الله سبحانه وتعالى
-{ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (15) سورة الإسراء.
وختمت الرسالة في معجزة الإسلام وهي أكبر حجة على السامعين الواعين الناظرين لها قال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ القرآن علما ربانيا تطبيقه العملي في سنة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم
الوحي تم إغلاقه بوجود إتمام وإكمال للدين
قال الله سبحانه وتعالى (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ) لاحظوا تم إقفال باب الوحي لأن الله ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم جميع من قبله من الأنبياء ولم يذكر من بعده لأنه هو الخاتم هو المبشر المبلغ المنذر الأمين والمراد من هذه الآية قالها الله بختام الآية لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل هنا ارتباط بين الوحي والرسل فالبداية انا أوحينا والختام بعد الرسل والحجة هي على من أدعى النبوة لأنه بعد الرسل ومن أدعى الوحي لأن كل من هو بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا يوحى لهم والآية هذه حجة عليهم فذكر ما قبل يؤكد أن ليس هناك بعد من قيلت له الآية ونزلت عليه وهذه من وحي الله لنبيه فأن كان وحي الله لنبيه أن لا وحي إلا ما أوحينا لك ولمن قبلك هل نصدق من يأتي بعده وهو متقولا لم يأتيه وحيا لأن كل شي متمم وكامل لا يتبدل ولا يتغير ولا يتعطل
ستكون أمتنا حية روحيا إن لم تنحرف عن هدى النبي وما فرضه الله وذلك يتم في الإبتعاد عن الإيهام والأوهام والظنون و الأهواء والشكوك والوسوسة فهذه سكة انحراف نهايتها ضلال مستقرها في النار
الوحي لم ينقطع عنها مطلقا فهو في أيادينا دائما نقرأ منه ونتعلم منه ونستدل به هو القرآن الكريم هو نتيجة الوحي هو كلام الله لعباده وكلام الله عام على خلقه ومخلوقاته لا يأتيه النقص واستمرارية الوحي انتقاص من القرآن الكريم وهذه ميزة المسلمين عن باقي الأمم
قال الله سبحانه وتعالى
{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليتدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب }
كلام الله لنبيه وحيا مبارك ننال من ذلك البركة لنتدبر آياته به كل الحقائق ولنتذكر وندرك ونعي ونستوعب ونفهم . كلمة أنزلناه إليك تنفي ما سينزل على غيره فالوحي لا يكون إلا لإظهار ما شرعه الله وفرضه وهذا موجود بالقرآن الكريم ففيه كل ما يحتاجه الإنسان من علم وشفاء وحق ومعرفة وما يخالفه باطل وما يماثله حق وهذا هو قياس المؤمنين
الوحي ميزة الأنبياء على غيرهم من العباد فأن كانت مخصصة للعباد فما ميزة الأنبياء على غيرهم هذا يدل على أن الجميع يوحى لهم والمراد للصالحين وهبة الوحي أفضل من هبة المعجزة لأن الوحي كلام الله بينما المعجزة قدرة وهبها الله لأنبيائه عليهم الصلاة والسلام كما أن نتيجة الوحي الذي أوحاه الله سبحانه وتعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام هو القرآن الكريم فلماذا يوحى لعبد من العباد والدين كاملا وكلام الله لا يتبدل وعام على جميع خلقه ومخلوقاته
المجدد
الوحي هو ما يوحيه الله لأنبيائه ولا يأتي لعباده الصالحين إلا إلهاما من الله وإيحاء من الشيطان وتلك تختلف عن الوحي
Bookmarks