حقيقة الأمر ان هذه الديانات قد كانت في اول امرها من اكثر الديانات مقاومة للالحاد ...ثم لما اذن الله بفسادها دخل اليها الالحاد في بيضة عقائدها و قيمها و اخلاقها...فلهذا تجد بعض التجانس بين الديانات الفاسدة و الالحاد لأن فيها فرعا منه و يكثر بينهم التجاذب ...و ان كان اقلها فسادا و تأثرا بالالحاد اكثرها مقاومة له..فتجد النصراني اكثر نفورا من الالحاد و مقاومة له من اليهودي و اليهودي اكثر من البرهمي و هذا اكثر من البوذي و هكذا...و لهذا ترى العكس من تحالف اليهودي و الملحد ضد النصراني و تحالف هؤلاء جميعا ضد المسلم و قد يصل هذا في داخل جسم الاسلام نفسه فتجد المسلمين غرباء بين الملل و غربة اهل السنن و الحديث بين الفرق و الطوائف التي كلما كانت ابعد عن السنة كلما كانت اكثر انجذابا الى الملحدين و النصارى و اليهود ويفضلون التحالف معهم و التوادد معهم و التراحم معهم من ان يكون امرهم كذلك مع اهل السنن و الحديث...و تجد اهل السنة و الحديث على العكس...يحبون من هاجر اليهم من المبتدعة و الكفار سواء بسواء و كلما كان اقرب الى السنن كانوا اقرب اليه من خصومه و اكثر تراحما و تحالفا معه و اقل تباغضا و براءا...و يؤثرون على انفسهم و لو كان بهم خصاصة...و من يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون..والأدهى من هذا يا أخى أنك لا تجدهم فى المواقع الدينية الخاصة بالنصارى ولا بأى ديانة أخرى... تجدهم فقط يأتون إلينا هنا فى المواقع الإسلامية...
و ان تأملت هذا علمت الجواب عن السؤال الذي ذكره الغراب...اذ يعرف المسلم و النصراني و اليهودي و غيره ما في الالحاد من الخوف و قلة الأمن و اليقين و الحيرة و الضياع بما يعتريه منها اذ لا يخلو بن آدم من الذنوب و البدع و المعاصي و النفاق التي هي بريد الكفر ..فيقيس بها و يعلم حال ما هو اشد منها و يعتبر بها بما وراءها...و ان لم يصل به الأمر الى الكفر التام ...و حتى الكافر التام درجات...فقد يعلم الكافر المتذبذب حال الكافر المارق الجاحد المطبوع على قلبه مما يعتريه...و يعلم الدرجات السفلى باعتباره لما هو اعلى منها...و بهذا تتفاضل المخلوقات بحسب قربها المذكور اولا من خالقها او بعدها عنه...و لهذا امرنا بطلب الهداية منه فقط لا من عقولنا و لا من اذواقنا و لا من ارادتنا و لا من ذكائنا و لا من مخلوق غيرنا ...فلا عاصم الا من عصمه الله و لا حول و لا قوة الا به...
Bookmarks