الزميل نيوتن هل تؤمن بالمنطق المتبع في العلوم التجريبية؟ لا أظن! فعندما تقول "لا يمكننا معرفة هل البديهيات صحيحة في كل زمان ومكان" .. بذلك تهدم أهم ركن في العلوم التجريبية.. لأنه لو شك الفيزيائي مثلك، لما بحث عن ربط منطقي بين أحداث الماضي القريب والبعيد وبين أحداث الحاضر والمستقبل القريب والبعيد. ولما بحث عن علاقة منطقية بين الكون المنظور وبين الكون الغير منظور. لا بد أن تؤمن أن المعقول يبقى كذلك في كل زمان ومكان حتى تربط منطقيا بين أزمنة وأمكنة متخلفة لم تدركها بماشرة بالمشاهدة أو بأجهزة الرصد.
• الظاهر أنك تريد إعادة الحوار مع استبدال (نفيك لأزلية الحق) بــ(مجرد التشكيك). ففي الأصل كنت تصف الفرق بين المعقول والغير معقول بأنه "خط متغير وغير أزلي" وأنه "لا يوجد منطق أزلي".. كنتَ تُصدر أحكاما يقينية! فسألتك هل (اكتشفتَ) أم (اخترعتَ) المنطق الذي به حكمتَ على الماضي بالنفي؟ لم تجد جواباً !! فقررت تغيير استراتيجيتك والقول "ليس هناك ما يجعلنا نفترض أن البديهيات أزلية". ظناً منك أن بمنهج الشك يمكنك رفض الدليل دون السقوط في تناقضات! لنرى هل ستفلح هذه المرة:
- اشترطتَ التــــــأكـــــد من صحة (مبدأ عدم التناقض) في الماضي.
- فأجبتك إن شرطك هو أكبر دليل على تمييزك بين (التأكد) و (عدم التأكد) من الماضي.
- فكان جوابك أن "التأكد حسب عقول ومنطق البشر ليس أزليا" أي يسري فقط على حاضرنا.
إذاً: أنت تطلب "تأكداً بشريا" لا يسري على الماضي، لتتأكد به من الماضي !!!!! فتأمل !!
تقول "في الحقيقة عليك ان تراجع أسلوبك، لأن استنتاجاتك غير منطقية البتة"
الحقيقة أنها بضاعتك ردت إليك..
وليس ذنبي إن كنت في نفس مداخلتك الأخيرة تجزم ثم تشكك ثم تجزم ثم تشكك..
(1) تارة تقول: "ليس هناك ما يجعلنا نفترض أن البديهيات أزلية"..
(2) وتارة تقول: "أنا أزعم أن هذه مجرد مفاهيم أنشأتها عقول البشر"..
هل رأيتَ التناقض بين (1) و (2) أم تحتاج الى مساعدة؟
- الذي يزعم أنه أنشأ المنطق، عليه أن يزعم أيضاً أن ما أنشأه فقير الى وجوده الغير أزلي!
- والذي لا يدري هل الحق أزلي أم لا.. هو بالتأكيد لا يدري هل أنشأ عقله المنطق أم لا!
فليتك تستقر على رأي قبل أن تحاول شرح كلامك لغيرك.
• لنتفق أولاً أن إنكارك لوجود الله جعلك غير صادق في طلبك لأي دليل عقلي، لأن لبنات هذا الأخير هي بديهيات تدعي أنها "مجرد افتراضات" لترفضها بعد ذلك بحجة أنها "مجرد افتراضات"! تذكر ذلك لكما طلبتَ أي دليل! تقول: "لا زلت لم تقدم الدليل على وجود أي علم أزلي"! إليك الرد لأول مرة.. بعد المائة!! لتثبت عدم تغير حقيقة معينة بتغير الزمن.. عليك أن تنظر في محتوى البرهنة نفسها التي تقود الى الحقيقة التي تسأل عنها! ولذلك ألزمتك من قبل بمثل محدد (ج) = ( في المجموعة N يوجد عدد لا نهائي من الأعداد الأولية)! الدليل الذي يثبت أن (ج) هي حقيقة لا تتغير بتغير الزمن تجده هنا:
هل ترى أي متغير زمني يشير الى تاريخ كتابة الاستدلال يؤثر في نتيجة الاستدلال؟ لا ! إذاً النتيجة (ج) لا تتغير بتغير الزمن! لا توجد مبرهنة أخرى لبناتها من جنس مختلف عن البديهيات المؤسسة لهذه المبرهنة.. إما أن تقبل وتثق في نفس البديهيات كأدوات أولية للتفكير أو تنكر العقل بالكلية! وكلما زعمتَ " أن هذه مجرد مفاهيم أنشأتها عقول البشر".. سأطلب منك أن تثبت تصديقك لزعمك وتنشئ مبرهنة مختلفة توصلك الى نقيض (ج). لن تُعدم في ميدان عام إذا اخترعتَ نقيض ما اخترعوه، ولن تخالف واقعك المحدود إذا "أنشأت" حكما تصف به مجموعة لانهائية. ولن تحتاج الى تخصص اكاديمي لاختراع نقيض مبرهنة مستوى أولى اعدادي.. فتفضل أثبت أنك تصدق زعمك!
• قلتُ: عندما تشكك في صحة المعقول في زمن أو مكان آخر فأنت تنكر قدرة العقل على التجرد من ظرف الزمان والمكان الذي تتواجد فيه عند دراستك لمقدمة لا علاقة لها بواقعك. لكنك لم ترى غير كلمة "تجرد".. فذهبتَ تتحدث عن المعقول المجرد والتفكير التجريدي والمفاهيم التجريدية! وتقول "ما لا نتفق عليه هو أن تكون قدرة عقولنا على التفكير التجريدي أو استيعاب مفاهيم تجريدية دليل على أن هذه المفاهيم التجريدية أزلية". كرز يا زميلي: الحديث كان بالتحديد عن قدرة العقل على التجرد من ظرف الزمان الذي يفكر فيه! الإقرار بتلك القدرة هو إقرار بصحة المبرهنات القطعية في كل زمان ! أما القول بأن العقل يتوهم قدرته على التجرد من الزمن.. فهو تعطيل للأدوات العقلية التي يحتاجها الإنسان في العلوم النظرية والتجريبية على حد سواء.
==================
• بالنسبة لفيزياء الكم: لاحظ أنك تشكك في مبرهنات قطعية.. بالاستشهاد بتفسير فيزيائي ليس محل إجماع! فـ"فيزياء الكم ليست صحيحة على كل المستويات" هذا ليس ادعائي بل كلام د.روجر بينروز الذي تساءل "لماذا لا نشاهد اللاتعيين على مستوى النتيجة؟" فكان جوابك أنه "تم الجمع بين حركة الحسم في التجربة السابقة وعدم حركتها"، هذه ليست نتيجة مشاهدة لأن جهاز الرصد الذي يتمتع بموصلية فائقة هو نفسه يخضع للتفسير الكوانتي. وعليك أن تخرج من هذا (الاستدلال الدائري) الى نتيجة مشاهدة لا تحتاج الى تفسير، فتربط مثلا حركة المجذاف الميكروسكوبي بنظام تشغيل يكسر لوحة زجاجية.. ثم أنظر هل تجمع النتيجة بين انكسار وعدم انكسار اللوحة في نفس الوقت!
• سألتك عن الغاية من "نظرية كل شيء"
The primary problem in producing a TOE is that general relativity and quantum mechanics are hard to unify. This is one of the unsolved problems in physics.
تجيب: "نظرية كل شيء تهدف للجمع بين فيزياء الكم والنسبية، فهي ستشمل قوانيين تسمح بالتناقض على المستوى الكمومي دون المستوى الكوني، وليس إلغاء الأول!" .. هل تقصد أنه سيتم ربط النظريات المختلفة "بشريط لاصق" لتفسير استحالة تحطم وعدم تحطم نفس الطائرة في نفس الوقت بسبب اللا تعيين على مستوى شحنة في دماغ الطيار؟ التوحيد بين نظريتين متعارضتين لا يتم عند اللحام يا زميلي بل يتم بالبحث عن مواطن الخلل في كل نظرية قصد إدخال جميع القوانين المادية في نسق واحد خال من التناقضات. ولو آمن العلماء مثلك بإمكانية مخالفة الكون للمنطق لما بحثوا عن ربط منطقي بين فيزياء الأحجام الصغيرة وبين فيزيائي الأحجام الكبيرة. وهذا يرد على قولك أن "الممكن عقلا أساسا مبني على دراسة الواقع". العكس هو الصحيح: إدراك الفيزيائي للمعقول هو المحرك الذي يدفعه الى البحث عن الخلل وعن الفجوات المعرفية التي تسببت في أي تناقض ظاهر.
• وكما وعدتك من قبل لنفترض عصمة التفسير الكوانتي من الخطأ، ولنفترض أنه ثبت لك يقينا عدم وجود متغيرات أو أبعاد خفية لم يدخلها الإنسان في حساباته. الآن وبعد أن أصبحتْ لديك قناعة أن الواقع يجمع بين المتناقضات.. وبما أنك تقول أن تمييزك بين "المنطقي من غير المنطقي مبني على مبادئ المنطق المستنبطة من خبرتنا مع العالم" .. لماذا إذاً لم تجمع بين الإيمان بصحة كلامك والإيمان بصحة نقيض كلامك بناء على خبرتك الجديدة؟ تقول: "مبدأ عدم التناقض لم يعد يصلح للتطبيق على المستوى الكمومي".. لماذا إذاً لا تجمع بين صحة وخطأ معادلات فيزياء الكم نفسها بما أنها تحكم المستوى الكمومي؟ تجيب: "امكانية التناقض في بعض الأمور لا يعني امكانيتها في كل شيء" أولا: التناقض الواحد يكفي لهدم النسق بأكمله تمام كما أن جملة خاطئة تكفي لهدم البرهنة وتغيير مسارها بالكلية ! ثانياً والأهم: لماذا أقحمتَ فيزياء الكم في هذا الشريط ابتداء.. إن كنتَ ترى أن اللا تعيين لا يبرر الجمع بين الجملة المنطقية ونقيضها أو الجمع بين صحة وخطأ كلامك؟ سواء ادعيتَ أن الكون معقول أو متناقض جزئيا أو بالكلية .. وسواء شككت أو ادعيت جازما أن الحق حادث.. ما زال السؤال قائما: ما الذي يمنعك من اختراع استدلال يقود الى إثبات صحة نقيض (ج) في حاضرك أو في أي زمن تقترحه؟
========================
• تقول: "الكوكب شيء مادي، الكرة مفهوم تجريدي، عقولنا اخترعت الثاني لتصف الأول."
"اختراع اختراع اختراع " .. تلك الكلمة العجيبة لتي تطلقها على كل شيء تُسأل عنه!
هل بإمكانك أن تخترع المفهوم التجريدي للمكعب.. لتصف به الكوكب؟
إن قلتَ لا! إذاً أنت لم تخترع ما لستَ مخيرا فيه!
• تقول: "اختراع مفاهيم رياضية جديدة، ليس بعيدا عن اختراع مصباح كهربائي!"
المصباح الكهربائي هو نظام يجمع بين = الشروط الأولية المؤسسة للنظام الفيزيائي + شروط هندسية من اختيار الإنسان.
والاختراع هنا هو: بحثٌ عن ممكنات عقلية تتوافق مع النظام الفيزيائي .. قبل اخراجها الى أرض الواقع في شكل جهاز.
أنت فقط مخير بين ممكنات اكتشفها عقلك.. ولم تخترع تلك الممكنات لأنك غير مخير في اختراع المستحيلات!
=========================
"إن كان لم يصف نفسه بالعقل، فكيف يمكن أن يمنح العقل لشيء آخر، ففاقد الشيء لا يعطيه كما قيل"
العقل هو مجرد أداة مخلوقة بها يدرك الإنسان الحقَّ.. وإن كنت تسأل لماذا لا نصف الله بنفس أداة الإدراك لدى الإنسان؟
لأن الله لم يصف نفسه بذلك.. ولأن الدليل في هذا الشريط يثبت ضرورة وجود عليم أزلي...
ولا يتطرق من قريب أو من بعيد الى "كيف يدرك الله الحق"!
فلماذا تسأل عن أمر خارج الدليل ؟
"عنوان الموضوع يقول "انكار وجود العقل" وليس انكار وجود ممكنات عقلية"
الذي يشكك في المعقول.. يشكك في وظيفة العقل.
"دليلك هذا معروف عند المسيحيين بــ Transcendental argument لكن نقله للإله الاسلامي السلفي الذي لا يوصف بالعقل يبدو أنه يسبب مشكلة"
أولا: الإسلام لم ينقل عن المسيحية صفة هي من أسماء الله الحسنى في القرآن { ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ }.
و {الْحَقُّ} ليس من أسماء الله في كتاب النصارى حتى تدعي "نقله للإله الاسلامي"
ثانياً: الدليل الذي تتحدث عنه معروف حتى عند البوذيين ومعروف بالفطرة لدى كل عاقل.
ثالثاً: ربما لم تفلح في الرد على صلب الدليل في هذا الشريط لأنك كنت تنقل ردودا جاهزة للملاحدة على النصارى..
ظنا منك أن الدليل الذي تناقشه هنا هو نسخة طبق الأصل مما وجدته لدى الكنسية.
الدليل في هذا الشريط يعتمد على أمرين رئيسيين:
• قدرة العقل على التمييز بين:
1- الممكن فيزيائيا
2- والمستحيل فيزيائيا.. الممكن عقلا
3- والمستحيل فيزيائيا . المستحيل عقلا
• ويعتمد أيضاً على واقعية وجود الحق:
1- إما كصفة لموجود .. خالق أو مخلوق { ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ } و { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}
2- أو كمعرفة مرتبطة بوجود عليم.. { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
3- ولا توجد معرفة قائمة بذاتها في العدم. (هذا ما إضطر بعض الملاحدة الى النظرية الرابعة للأكوان المتوازية)
"ولا أريد ان ينقلب إلهكم، العلم الأزلي الذي تتحدث عنه يجب ان يتجاوز الإله وإلا سيكون تابع لهذا الشيء ولا فرق بين قولنا أن تابع له أو تابع لعقولنا."
إن كنت تسأل عن إله يتجاوز صفاته وينقلب الى باطل.. وإن كنتَ ترى أنه من شروط الكمال أن يتجاوز الحق نفسه..
فأؤكد لك أن الدليل في هذا الشريط لا يثبت وجود إله يتصف بــ(الكمال حسب مفهومك الشخصي)
وبذلك نكون قد اتفقنا..
"أنا لم أنكر وجود عقل ،"
كأنك تقول "أنا لا أنكر وجود مكنة القهوة.. لكني أرى أنها تحمص الأرز"
تنكر عقلك.. عندما ترى في (البرهنة التي تلزم العقل قهرا) مجرد (افتراضات يمكن اختراع نقيضها)
تنكر عقلك.. عندما تشكك في قدرة العقل على التجرد من ظرف الزمان الذي تتواجد فيه!
"بل قلت أن عقل البشر لا يحتاج شيء أزلي حتى يستطيع التعقل. "
نعم قلتَ ذلك.. وكانت النتجية أنك أنكرتَ الفرق بين المعقول والغير معقول.
"أين أنكرت الفرق بين المعقول وغير المعقول"
أنكرتَ ذلك بقولك أن "المعقول هو من انتاج عقولنا أصلا" إذاً يمكنك أن تنتج فرقا جديدا بين المعقول والغير معقول.. وقولك: "نعم أنا أدعي أن الخط الفاصل متغير" وتأكيدك في موضع آخر "نعم هو خط متغير وغير أزلي" .. وقولك "يمكنني أن أخترع من الرياضيات ما أشاء" وقولك أن: "البديهيات هي مجرد افتراضات". إذاً أنت ترى أن (الفرق البديهي) بين المعقول والغير معقول.. هو مجرد افتراض واختراع.. ويمكنك أن تخترع (فرقا بديهيا) آخر كما يحلو لك!
Bookmarks