النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: وصـيـة مـودع

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي وصـيـة مـودع

    النصيحة الولدية
    وصية الإمام أبي الوليد الباجي - رحمه الله- لولديه
    المتوفى سنة 474 هـ
    بسم الله الرحمن الرحيم
    صلى الله على سيدنا محمدٍ وآله
    قال الشيخ الفقيه الإمام الحافظ أبو الوليد الباجي رضيَ الله عنه ورحمه:

    المقدمة

    يا بَنِيَّ، هداكما الله وأرشدكما ووفَّقكما وعصمكما، وتفضَّل عليكما بخيْر الدنيا والآخرة، ووقاكما محذورَهما برحمته. إنكما لَمَّا بلغتُما الحدَّ الذي قرُبَ فيه تعيُّنُ الفروضِ عليكما، وتوجَّه التكليفُ إليكما، وتحققتُ أنكما قد بلغتُما حدَّ مَنْ يفهمُ الوعظَ، ويتبيَّنُ الرُّشدَ، ويصلُحُ للتعليم والعلمِ، لزِمَني أنْ أقدِّمَ إليكما وصيتي، وأُظهِرَ إليكما نصيحتي، مخافةَ أنْ تختَرِمَني منيةٌ ولم أبلغْ مباشرةَ تعليمِكما وتدريبِكما، وإرشادكما وتفهيمكما.
    فإنْ أنْسَأَ الله تعالى في الأجل، فسيتكرَّرُ النصح والتعليم والإرشاد والتفهيم، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلتُ وعليه فليتوكلِ المتوكلون، بيدِه قلوبُكما ونواصيكما.
    وإنْ حال بيني وبين ذلك ما أتوقعُه وأظنُّه مِنَ اقترابِ الأجلِ، وانقطاعِ الأملِ، ففيما أرسمُه مِنْ وصيتي وأبيِّنُه مِنْ نصيحتي ما إنْ عملتُما به، ثبتُّما على منهاج السلف الصالح، وفزتُما بالمتجر الرابح، ونلتما خيْر الدنيا والآخرة، وأستودع اللهَ دينكما ودنياكما، وأستحفظه معاشَكما ومعادكما، وأفوِّضُ إليه جميعَ أحوالكما، وهو حسبي فيكما ونِعم الوكيل.

    لا أحد أنصح للولد من والده
    واعلما أنْ لا أحدَ أنصحَ مني لكما، ولا أشفقَ مني عليكما، وأنه ليس في الأرض مَنْ تطيبُ نفسي أنْ يفضُلَ عليَّ غيْرُكما، ولا أرفعُ حالاً في أمر الدين والدنيا سواكما.

    وجوب طاعة نصح الأب
    وأقلُّ ما يوجب ذلك عليكما أنْ تُصيخا إلى قولي، وتتَّعظا بوعظي، وتتفهما إرشادي ونصحي، وتتيقنا أنِّي لم أنهكما عن خيْر، ولا أمرتكما بشرٍّ، وتسلكا السبيلَ التي نهجتها، وتتمثَّلا الحال التي مثلتها.

    صلاح أهل بيت المؤلف
    واعلما أننا أهلُ بيت لم يَخْلُ بفضل الله ما انتهى إلينا منه مِنْ صلاحٍ وتديُّنٍ وعفافٍ وتصاونٍ، فكان بنو أيوبَ بنِ وارثٍ، عفا الله عنا وعنهم أجمعين: جدنا سعد، ثم كان بنو سعدٍ: سليمان وخلف وعبد الرحمن وأحمد.
    وكان أوفرُ الصلاح والتديُّنِ والتورُّعِ والتعبُّدِ في جدِّكم خلف؛ كان مع جاهِه وحاله واتِّساع ِدنياه، منقبضاً عنها، متقلِّلاً منها، ثم أقبل على العبادة والاعتكاف إلى أن توفي رحمه الله.

    أخوة المؤلف
    ثم كان بنو خلف: عمَّاكُما عليٌّ وعمرُ، وأبوكما سليمانُ، وعمَّاكما محمد وإبراهيم، فلم يكن في أعمامكما إلا مشهورٌ بالحج والجهاد والصلاح والعفاف، حتى توفي منهم على ذلك، عفا الله عنا وعنهم.
    وكأنني لاحقٌ بهم وواردٌ عليهم، ويصير الأمر إليكما، فلا تأخذا غيْرَ سبيلهم، ولا ترضيا غيْرَ أحوالِهم، فإنِ استطعتما الزيادةَ، فلأنفسكما تَمهدان، ولها تبنيان، وإلا فلا تُقَصِّرا عن حالهم.

    أول الوصايا: الإيمان بالله
    وأول ما أُوصيكما به ما أوصى به إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ: {يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [ البقرة: 132]. وأنهاكما عمَّا نهى عنه لقمانُ ابنَه وهو يعظه: {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلمٌ عظيم} [ لقمان:13] وأؤكد عليكما في ذلك وصيتي، وأكررها حرصاً على تعلُّقكما وتمسُّككما بهذا الدين الذي تفضَّل الله تعالى علينا به، فلا يستَزِِلُّكما عنه شيء من أمور الدنيا، وابذُلا دونَه أرواحَكما، فكيف بدنياكما؟ فإنه لا ينفع خيْرٌ بعدَه الخلودُ في النار، ولا يضرُّ ضيْرٌ بعدَه الخلود في الجنة. {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} [آل عمران: 85].

    رجاء الجنة لمن آمن بهذا الدين
    فإن متُّما على هذا الدين الذي اصطفاه الله واختاره وحرَّم ما سواه، فأرجو أن نلتقيَ حيث لا نخاف فُرقةً، ولا نتوقع إزالةً. ويعلم الله تعالى شوقي إلى ذلك وحرصي عليه، كما يعلم إشفاقي مِنْ أنْ تزِلَّ بأحدِكما قدمٌ، أو تعدل به فتنةٌ، فيحلَّ عليه مِنْ سخط الله تعالى ما يُحِلُّه دارَ البَوارِ، ويُوجب له الخلود في النارِ، فلا يلتقي مع المؤمنين مِنْ سَلَفِهِ، ولا ينفعه الصالحون مِنْ آبائه يومَ لا يُغني {والد عن ولده ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئاً إن وعد الله حقٌ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} [لقمان: 33].


    أقسام الوصية
    وتنقسم وصيتي لكما قسمين:
    فقسم فيما يلزم من أمر الشريعة، أُبيِّن لكما منه ما يجب معرفته، ويكون فيه تنبيهٌ على ما بعده.
    وقسمٌ فيما يجب أن تكونا عليه في أمر دنياكما، وتجريان عليه بينكما.

    فأما القسم الأول
    التصديق بأركان الإيمان
    فالإيمانُ باللهِ عزَّ وجلَّ وملائكته وكتبه ورسله، والتصديق بشرائعه؛ فإنه لا ينفع مع الإخلال بشيء من ذلك عمل، والتمسكُ بكتاب الله تعالى جدُّه.

    حفظ القرآن والعمل به
    والمثابرةُ على حفظه وتلاوته، والمواظبة على التفكر في معانيه وآياته، والامتثال لأوامره، والانتهاء عن نواهيه وزواجره.

    التمسك بالكتاب والسنة
    رُوِيَ عن النبي  أن قال: "تركتُ فيكم ما إنْ تَمسَّكتُم به لن تضِلُّوا بعدي: كتابَ الله تعالى وسنتي، عَضُّوا عليها بالنواجذ"( ).

    طاعة الرسول ومحبته
    وقد نصح لنا النبي  وكان بالمؤمنين رحيماً، وعليهم مشفقاً، ولهم ناصحاً، فاعملا بوصيته، واقبلا مِنْ نصحه، وأَثبِتَا في أنفسكما المحبةَ له، والرضا بما جاء به، والاقتداءَ بسنته، والانقيادَ له، والطاعةَ لحكمه، والحرصَ على معرفة سنتِه، وسلوكَ سبيلِه، فإنَّ محبَّتَه تقود إلى الخيْر، وتُنجي مِنَ الهَلَكَةِ والشرِّ.

    محبة الصحابة
    وأشْرِبا قلوبَكما محبةَ أصحابه أجمعين، وتفضيلَ الأئمةِ منهم الطاهرين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ونفعنا بمحبتهم، وألزِما أنفسَكما حُسْنَ التأويلِ لما شَجَرَ بينهم، واعتقادَ الجميلِ فيما نُقِلَ عنهم؛ فقد رُوِيَ عن النبي  أنه قال: "لا تسُبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدُكم مِثْلَ أُحُدٍ ذهباً، ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه"( ). فمن لا يُبلَغُ نَصِيفُ مُدِّهِ مثلُ أُحُدٍ ذهباً، فكيف يُوازَنُ فضلُه، أو يُدْركُ شأوُه؟! وليس منهم رضي الله عنهم إلا من أنفق الكثير.

    توقير العلماء والاقتداء بهم
    ثم تفضيلُ التابعين ومَنْ بعدَهم مِنَ الأئمة والعلماء ـ رحمهم الله ـ والتعظيمُ لحقهم، والاقتداءُ بهم، والأخذُ بهديهم، والاقتفاءُ لآثارهم، والتحفُّظُ لأقوالِهم، واعتقادُ إصابتهم.

    إقام الصلاة
    وإقامُ الصلاة؛ فإنَّها عمودُ الدين، وعِمادُ الشريعة، وآكَدُ فرائضِ الملَّةِ في مراعاة طهارتِها، ومراقبةِ أوقاتِها، وإتمامِ قراءتِها، وإكمالِ ركوعها وسجودها، واستدامةِ الخشوع فيها، والإقبالِ عليها، وغيْرِ ذلك من أحكامها وآدابِها في الجماعات والمساجد؛ فإن ذلك شعار المؤمنين، وسَنن الصالحين، وسبيل المتقين.

    أداء الزكاة
    ثم أداءُ زكاة المال، لا تؤخَّر عن وقتها، ولا يُبخل بكثيرها، ولا يُغفل عن يسيرها، ولتُخْرَجْ مِنْ أطيب جنس، وبأوفى وزن؛ فإنَّ الله تعالى أكرمُ الكرماء، وأحقُّ من اختير له، ولتعْطَ بطيب نفسٍٍ، وتيقُّنٍ أنها بركة في المال وتطهيرٌ له، وتدفع إلى مستحقِّها دونَ مُحاباةٍ ولا متابعة هوى ولا هوادة.

    صوم رمضان
    ثم صيام رمضان؛ فإنه عبادةُ السِّرِّ وطاعةُ الرب، ويجب أنْ يُزادَ فيه مِنْ حفظ اللسان، والاجتهادِ في صالح العمل، والتحفُّظِ مِنَ الخطأ والزَّلل، ويُراعى في ذلك لياليه وأيامُه، ويتبع صيامُه وقيامُه، وقد سُنَّ فيه الاعتكافُ.

    حج البيت والعمرة
    ثم الحجُّ إلى بيت الله الحرامِ مَنِ استطاع إليه سبيلاً، فهو فرضٌ واجبٌ، وقد رُوِيَ عن النبي  أنه قال: "الحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ عند الله إلا الجنةُ"( ).

    الجهاد في سبيل الله
    ثم الجهادُ في سبيل الله إنْ كانت بكما قدرةٌ عليه، أو عونُ مَنْ يستطيعُ إنْ ضعُفتُما عنه.
    فهذه عُمَدُ فرائضِ الإسلام، وأركان الإيمان، حافظا عليها، وسابقا إليها، تحوزا الخيْرَ العظيمَ، وتفوزا بالأجرِ الجسيمِ، ولا تُضَيِّعا حقوقَ الله فيها وأوامرَه بها، فتهلَكا مع الخاسرين، وتندما مع المفرِّطين.

    طلب العلم
    واعلما أنكما إنَّما تصلان إلى أداءِ هذه الفرائض والإتيان بما يلزمكما منها ـ مع توفيق الله لكما ـ بالعلم الذي هو أصل الخيْر، وبه يُتوصَّلُ إلى البِرِّ، فعليكما بطلبه؛ فإنَّه غِنى لطالبِه، وعِزٌّ لحامله، وهو ـ مع هذا ـ السببُ الأعظم إلى الآخرة؛ به تُجتنبُ الشبهاتُ، وتصِحُّ القُرُباتُ، فكم مِنْ عاملٍ يُبعدُه عملُه مِنْ ربِّه، ويُكتب ما يتقرَّبُ به مِنْ أكبَرِ ذنبِه. قال الله تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا* الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهو يحسبون أنهم يحسنون صنعاً} [ الكهف: 103-104]. وقال تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} [الزمر: 9] وقال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [ فاطر:28]. وقال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [ المجادلة:11].

    فضائل العلم
    والعلم سبيلٌ لا يُفضي بصاحبه إلا إلى السعادة، ولا يُقَصِّرُ به عن درجة الرِّفعةِ والكرامة. قليلُه ينفع، وكثيره يُعلي ويرفع، كَنْزٌ يزكو على كل حال، ويكثُر مع الإنفاق، ولا يَغصِبُه غاصبٌ، ولا يُخاف عليه سارق ولا محارب.
    فاجتهدا في طلبه، واستعذبا التعبَ في حفظه، والسهرَ في درسِه، والنَّصَبَ الطويلَ في جمعِه، وواظِبا على تقييدِه وروايتِه، ثم انتقلا إلى فهمِه ودرايتِه.
    رفعة أهل العلم
    وانظرا أيَّ حالةٍ مِنْ أحوال طبقاتِ الناس تختاران، ومنْزلةَ أيِّ صنفٍ منهم تُؤثران؛ هل تريان أحداً أرفعَ حالاً مِنَ العلماء، وأفضلَ منْزلةً مِنَ الفُقهاء؟ يحتاج إليهم الرئيسُ والمرؤوس، ويَقتدي بهم الوضيعُ والنَّفيسُ، يُرجعُ إلى أقوالِهم في أمور الدنيا وأحكامها، وصحةِ عقودها وبِياعاتِها، وغيْرِ ذلك مِنْ تصرُّفاتِها، وإليهم يُلجأ في أمور الدين وما يلزم مِنْ صلاة وزكاة وصيام وحلال وحرام. ثم مع ذلك السلامةُ منَ التَّبعات، والحظوةُ عند جميع الطبقات.
    والعلم ولايةٌ لا يُعزَلُ عنها صاحبُها، ولا يَعرى من جمالها لابسها، وكلُّ ذي ولاية وإنْ جلَّتْ، وحُرمةٍ وإنْ عَظُمَتْ، إذا خرج عن وِلايتِه، أو زال عن بلدتِه، أصبح مِنْ جاهِه عارياً، ومِنْ حالِه عاطلاً، غيْرَ صاحبِ العلمِ؛ فإنَّ جاهَه يصحبُه حيثُ سار، ويتقدَّمُه إلى جميعِ الآفاق والأقطار، ويبقى بعده في سائر الأعصار.

    أفضل العلوم علم الشريعة
    وأفضلُ العلوم علمُ الشريعة، وأفضلُ ذلك لمن وُفِّقَ أنْ يُجَوِّدَ قراءة القرآن، ويحفظَ حديثَ النبي  ويعرف صحيحَه مِنْ سقيمِه، ثم يقرأ أصولَ الفقه، فيتفقَّه في الكتاب والسنة، ثم يقرأُ كلام الفقهاءِ، وما نُقِلَ مِنَ المسائل عنِ العلماء، ويَدْرَب في طرق النظر وتصحيح الأدلة والحُجج، فهذه الغاية القصوى، والدرجة العليا.

    التفقه في الدين
    ومن قصَّرَ عن ذلك، فليقرأْ بعدَ تحفُّظِ القرآن وروايةِ الحديثِ المسائلَ على مذهب مالكٍ رحمه الله؛ فهي، إذا انفردتْ، أنفعُ مِنْ سائرِ ما يُقرأ مفرداً في باب التفقُّه، وإنَّما خصصنا مذهبَ مالكٍ رحمه الله؛ لأنه إمامٌ في الحديث، وإمامٌ في الرأي، وليس لأحدٍ من العلماء مِمَّن انبسط مذهبُه وكثُرت في المسائل أجوبتُه درجةُ الإمامةِ في المعنيين، وإنَّما يشاركه في كثرة المسائل وفروعها والكلام على معانيها وأصولها أبو حنيفة والشافعي، وليس لأحدهما إمامةٌ في الحديث، ولا درجة متوسطة( ).

    النهي عن قراءة كتب المنطق والفلسفة
    وإياكما وقراءةَ شيءٍ مِنَ المنطق وكلامِ الفلاسفة؛ فإنَّ ذلك مبنِيٌّ على الكفر والإلحاد، والبعدِ عنِ الشريعةِ والإبعاد.

    قراءة كتب المنطق تكون بعد التمكن في الدين
    وأحذِّرُكما من قراءتِها ما لم تقرءا مِنْ كلامِ العلماء ما تَقويان به على فهمِ فسادِه وضعفِ شُبَهِهِ، وقلَّةِ تحقيقه؛ مخافةَ أنْ يسبِقَ إلى قلبِ أحدِكما ما لا يكون عنده من العلم ما يَقوى به على رده. ولذلك أنكرَ جماعةُ العلماء المتقدمين والمتأخرين قراءةَ كلامِهم لمن لم يكن مِنْ أهل المنْزلة والمعرفة به؛ خوفاً عليهم مِمَّا خوَّفتُكما منه.
    ولو كنتُ أعلم أنكما تبلُغان منْزلةَ الميْزِ والمعرفة، والقوة على النظر والمقدرة، لحضضتُكما على قراءته، وأمرتُكما بمطالعتِه، لتُحَقِّقا ضعفَه وضعفَ المعتقِدِ له، وركاكةَ المغتَرِّ به، وأنه مِنْ أقبح المخاريق والتمويهات، ووجوهِ الحيل والخُزَعبلات التي يغتَرًّ بها مَنْ لا يعرفها، ويستعظمُها مَنْ لا يُميِّزُها.
    ولذلك إذا حقق مَنْ يعلم عند أحدٍ منهم وجده عارياً مِنَ العلم، بعيداً عنه، يدَّعي أنه يكتمُ علمَه، وإنما يكتم جهلَه، وهو ينِمُّ عليه، ويروم أن يستعين به، وهو يُعين عليه.
    وقد رأيتُ ببغدادَ وغيْرِها مَنْ يدَّعي منهم هذا الشأنَ مستحقَراً مُستهجَناًَ مُستضعَفاً، لا يناظره إلا المبتدئُ، وكفاك بعلمٍ صاحبُه في الدنيا مرموقٌ مهجورٌ، وفي الآخرة مدحورٌ مثبورٌ. وأمَّا مَنْ يتعاطى ذلك مِنْ أهل بلدنا، فليس عندَه منه إلا اسمُه، ولا وصل إليه إلا ذكرُه.

    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    وعليكما بالأمر بالمعروف وكونا من أهلِه، وانْهيا عن المنكر واجتنبا فعلَه.

    طاعة ولي الأمر في غير معصية لله
    وأطيعا مَنْ ولاه الله أمرَكما، ما لم تُدعيا إلى معصيةٍ، فيجبُ أن تَمتنعا منها، وتبذُلا الطاعةَ فيما سواها.

    التزام الصدق واجتناب الكذب
    وعليكما بالصدقِ؛ فإنه زيْنٌ، وإياكما والكذبَ فإنه شيْنٌ، ومَنْ شُهِرَ بالصدق، فهو ناطقٌ محمود، ومَنْ عُرِفَ بالكذب فهو ساكت مهجورٌ مذموم، وأقلُّ عقوبات الكذاب ألا يُقبَلَ صِدقُه، ولا يَتحقَّقُ حقُّه، وما وصفَ الله تعالى أحداً بالكذب إلا ذامَّاً له، ولا وصف الله تعالى أحداً بالصدق إلا مادحاً له ومرفِّعاً به.

    أداء الأمانة
    وعليكما بأداء الأمانة، وإياكما والإلمامَ بالخيانة. أدِّيا الأمانةَ إلى مَنِ ائتمَنكما، ولا تَخونا مَنْ خانكما، وأوفيا بالعهدِ إنَّ العهدَ كان مسؤولا.

    تتميم الكيل والميزان
    أوفيا الكيلَ والوزنَ؛ فإنَّ النقصَ فيه مقتٌ، لا يُنقِصُ المالَ، بل يُنْقِصُ الدينَ والحالَ.

    النهي عن المشاركة في سفك الدماء المحرمة
    وإياكما والعونَ على سفكِ دمٍ بكلمةٍ، أو المشاركةَ فيه بلفظةٍ، فلا يزال الإنسان في فُسحةٍ مِنْ دينه ما لم يغمِسْ يدَه أو لسانَه في دمِ امرئٍ مسلم. قال الله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} [النساء: 93].

    لا تقربوا الزنى
    واجتنابُ الزنى مِنْ أخلاقِ الفُضلاء، ومواقعتُه عارٌ في الدنيا وعذابٌ في الأخرى. قال الله تعالى: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشةً وساء سبيلا} [الإسراء:32].

    اجتناب الخمر
    وإياكما وشربَ الخمر؛ فإنَّها أمُّ الكبائر، والمجرِّئة على المآثم، وقد حرَّمها الله تعالى في كتابه العزيز، فقال عَزَّ مِنْ قائلٍ: {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} [المائدة:91]. وحسبُكما بشيءٍ يُذهبُ العقلَ، ويُفسد اللُّبَّ. وقد تركها قومٌ في الجاهلية تكرُّماً، فإياكما ومقاربَتها، والتدنُّسَ برجسِها، وقد وصفها الله تعالى بذلك، وقرَنَها بالأنصابِ والأزلام، فقال عَزَّ مِنْ قائلٍ: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة:90]. فبيَّنَ تعالى أنها مِنْ عمل الشيطان، ووصفها بالرِّجس، وقرَنَ الفلاحَ باجتنابِها، فهل يستجيزُ عاقلٌ يصدِّقُ البارئَ في خبَرِه تبارك اسمُه، ويعلم أنه أراد الخيْرَ لنا فيما حذرنا عنه منها أنْ يقرَبَها أو يتدنَّسَ بها.



    التحذير من الربا
    وإياكما والربا؛ فإنَّ الله تعالى قد نهى عنه، وتوعَّدَ بمحاربة مَنْ لم يتُبْ منه، فقال عَزَّ مِنْ قائلٍ: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله} [البقرة:279-278]. وقال تعالى: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات} [البقرة:276].

    التحذير من أكل مال اليتيم
    ولا تأكلا مالَ أحدٍ بغيْر حقٍّ. وإياكما ومالَ اليتيم، فقد قال عزَّ وجلَّ: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا} [النساء:10].

    الحث على طلب الحلال
    وعليكما بطلب الحلال واجتنابِ الحرامِ، فإنْ عَدِمتُما الحلالَ فالجئا إلى المتشابه.

    تحريم الظلم
    وإياكما والظلمَ؛ فإن الظلمَ ظُلماتٌ يومَ القيامةِ، والظالِمُ مذمومُ الخلائقِ، مُبَغَّضٌ إلى الخلائقِ( ).

    التحذير من النميمة
    وإياكما والنميمةَ، فإنَّ أولَ مَنْ يَمقت عليها مَنْ تُنقلُ إليه، وقد رُوِيَ عن النبي  أنه قال: "لا يدخل الجنةَ قَتَّاتٌ"( ).



    النهي عن الحسد
    وإياكما والحسدَ، فإنه داءٌ يهلكُ صاحبه، ويعطب تابعه.

    اجتناب الفواحش
    وإياكما والفواحشَ؛ فإنَّ الله تعالى حرَّم ما ظهر منها وما بطَنَ، والإثمَ والبغيَ بغيْرِ الحقِّ.

    تحريم الغيبة
    وإياكما والغيبةَ، فإنَّها تُحبطُ الحسناتِ، وتُكثر السيئاتِ، وتُبعدُ مِنَ الخالقِ، وتُبَغِّضُ إلى المخلوقِ.

    تحريم الكبر
    وإياكما والكِبْرَ، فإنَّ صاحبَه في مقتِ الله متقلِّبٌ، وإلى سَخَطِهِ مُنْقَلِبٌ.

    النهي عن البخل
    وإياكما والبخلَ، فإنه لا داء أدوأ منه، لا تسلَمُ عليه دِيانةٌ، ولا تَتِمُّ معه سيادةٌ.

    مراقبة الله في السِّرِّ والعَلَنِ
    وإياكما ومواقفَ الِخزي، وكلُّ ما كرِهتُما أنْ يظهرَ عليكما فاجتنباه، وما علمتما أنَّ الناسَ يَعيبونه في الملا، فلا تأتيانه في الخلا.

    العدل في الحكم
    فإنْ بلغ أحدُكما أنْ يسترعِيَه اللهُ أُمَّةً بحكمٍ أو فتوى، فليتمثَّلِ العدلَ جَهدَه، ويجتنبَ الجورَ وغدرَه؛ فإنَّ الجائرَ مُضادٌّ للهِ في حكمه، كاذبٌ عليه في خبَره، مغيِّرٌ بشريعته، مخالفٌ له في خليقتِه. قال الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} [ المائدة:47].
    وقد رُوِيَ أنَّ الخلقَ كلَّهم عِيالُ الله، وأنَّ أحبَّ الخلقِ إلى الله أحوطُهم لعيالِه( ). ورُوِيَ: "ما امرُؤٌ استُرعِيَ رعيةً فلم يُحِطْها بنصيحةٍ، إلا حرَّمَ الله تعالى عليه الجنةَ"( ).

    التحذير من شهادة الزور
    وإياكما وشهادةَ الزُّورِ؛ فإنَّها تقطع ظهرَ صاحبِها، وتُفسدُ دينَ متقلِّدِها، وتُخلد قبحَ ذكرِه، وأولُ مَنْ يَمقتُه ويَنِمُّ عليه المشهودُ له.

    تحريم الرشوة
    وإياكما والرِّشوةَ، فإنها تعمي عين البصير، وتحط قدر الرفيع.

    الغناء ينبت الفتنة في القلب
    وإياكما والأغاني، فإن الغناء ينبت الفتنة في القلب، ويولد خواطر السوء في النفس.

    الشطرنج والنرد ملهاة للوقت
    وإياكما والشطرنجَ والنردَ، فإنه شغل البطالين، ومحاولة المترفين، يفسد العمر، ويشغل عن الفرض، ويجب أن يكون عمركما أعزَّ عليكما وأفضلَ عندكما من أن تقطعاه بمثل هذه السخافات التي لا تجدي، وتفسداه بهذه الحماقات التي تضر وتردي.

    النهي عن الكهانة والتنجيم
    وإياكما والقضاءَ بالنجومِ والتَّكَهُّنَ؛ فإنَّ ذلك لمن صدَّقه مُخرجٌ عنِ الدَّينِ، ومُدخل له في جملة المارقين.

    وأمَّا تعديلُ الكواكب، وتبيينُ أشخاصِها، ومعرفةُ أوقاتِ طلوعها وغروبِها، وتعيينُ منازلِها وبروجِها، وأوقاتِ نزول الشمسِ والقمرِ بِها، وترتيبُ درجاتِها؛ للاهتداءِ به، وتعرُّفِ الساعاتِ وأوقاتِ الصلواتِ بالظِّلال وبها، فإنَّه حسنٌ، مُدْرَكٌ ذلك كلُّه بطريق الحساب مفهوم. قال الله تعالى: {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر} [الأنعام:97]. وقال عَزَّ مِنْ قائلٍ: {هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقومٍ يعلمون} [يونس:5].

    القسم الثاني من الوصية

    وأما القسم الثاني مما يجبُ أن تكونا عليه، وتتمسكا به:
    إكرام الأخ لأخيه
    فأنْ يلتزمَ كلُّ واحدٍ منكما لأخيه الإخلاصَ والإكرامَ والمراعاةَ في السِّرِّ والعلانيةِ، والمراقبةَ في المغيبِ والمشاهدةِ.

    عطف الكبير على الصغير
    وليلزمْ أكبَرُكما لأخيه الإشفاقَ عليه والمسارعةَ إلى كلِّ ما يُحبُّه، والمعاضدةَ فيما يُؤثِرُه، والمسامحةَ لكلِّ ما يرغبُه.

    توقير الصغير للكبير
    ويلتزمُ أصغرُكما لأخيه تقديمَه عليه، وتعظيمَه في كلِّ أمرٍ بالرجوع إلى مذهبِه، والاتباعَ له في سرِّه وجهرِه، وتصويبَ قولِه وفعلِه.

    المناصحة بالحسنى
    وإنْ أنكر منه في الملأ أمراً يريده، أو ظهر إليه خطأ فيما يقصِدُه، فلا يُظهر إنكارَه عليه، ولا يجهرُ في الملأ بتخطئتِه، وليبيِّنْ له ذلك على انفرادٍ منهما، ورِفقٍ مِنْ قولِهما؛ فإنْ رجع إلى الحقِّ، وإلا فليَتْبَعْه على رأيِه، فإنَّ الذي يدخل عليكما مِنَ الفساد باختلافِكما أعظمُ مِمَّا يُحذرُ مِنَ الخطأ مع اتفاقِكما، ما لم يكن الخطأُ في أمرِ الدين، فإنْ كان في أمر الدين، فليتبَعِ الحقَّ حيث كان، وليُثابِرْ على نُصح أخيه وتسديدِه ما استطاعَ، ولا يُخْلِ يدَه عن تعظيمِه وتوقيرِه.


    إيثار الأخوة على الدنيا
    ولا يُؤثرْ أحدُكما على أخيه شيئاً مِنْ عَرَضِ الدنيا، فيبخلُ بأخيه مِنْ أجلِه، ويُعرض عنه بسببه، أو ينافسُه فيه. ومَنْ وُسِّعَ عليه منكما في دنياه، فليشارِكْ بها أخاه، ولا ينفردْ بها دونَه، وليحرِصْ على تثميرِ مال أخيه كما يحرِصُ على تثميرِ مالِه.

    التعاطف والتواصل
    وأظهِرا التَّعاضُدَ والتواصلَ والتعاطفَ والتناصرَ، حتى تُعرفا به؛ فإنَّ ذلك مِمَّا تُرضيان به ربَّكما، وتُغيظان به عدوَّكما.

    لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا
    وإياكما والتنافسَ والتقاطعَ والتدابرَ والتحاسدَ وطاعةَ النساءِ في ذلك؛ فإنه مما يفسدُ دينَكما ودنياكما، ويضعُ مِنْ قدرِكما، ويَحُطُّ مِنْ مكانِكما، ويَحقِرُ أمرَكما عند عدوِّكما، ويُصغِّرُ شأنَكما عند صديقِكما.

    لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى
    ومَنْ أسدى منكما إلى أخيه معروفاً أو مُكارمةً أو مُواصلةً، فلا ينتظرْ مُقارضةً عليها، ولا يذكرْ ما أتى منها؛ فإنَّ ذلك مِمَّا يُوجب الضغائنَ، ويُسبب التباغضَ، ويُقبح المعروفَ، ويَحقرُ الكبيرَ، ويدُلُّ على المقتِ والضَّعَةِ ودناءةِ الهِمَّةِ.

    لا تقابل الإساءة بالإساءة
    وإنْ أحدُكما زلَّ وترك الأخذ بوصيتي في بِرِّ أخيه ومراعاتِه، فليتلافَ الآخرُ ذلك بتمسُّكِه بوصيتي، والصبْرِ لأخيه، والرِّفقِ به، وتركِ المقارضةِ له على جفوَتِه، والمتابعةِ له على سوءِ معاملته؛ فإنه يَحمدُ عاقبةَ صبْرِه، ويفوزُ بالفضلِ في أمرِه، ولا يكون ما يأتيه أخوه كبيرُ تأثيٍر في حالِه.
    بركة الاتفاق
    واعلما أني قد رأيتُ جماعةً لم تكن لهم أحوالٌ ولا أقدارٌ، أقام أحوالَهم، ورفع أقدارَهم اتفاقُهم وتعاضُدهم. وقد رأيتُ جماعةً كانت أقدارُهم ساميةً، وأحوالُهم ناميةً، مَحَقَ أحوالَهم، ووضع أقدارَهم اختلافُهم. فاحذرا أنْ تكونا منهم.

    صلة الرحم
    ثم عليكما بمواصلةِ بني أعمامِكما وأهلِ بيتِكما، والإكرامِ لهم، والمواصلةِ لكبيرِهم وصغيرِهم، والمشاركةِ لهم بالمالِ والحالِ، والمثابرةِ على مهاداتِهم، والمتابعةِ لزيارتِهم، والتعاهدِ لأمورهم، والبِرِّ لكبيرِهم، والإشفاقِ على صغيرِهم، والحرصِ على نَماءِ مالِ غنيِّهم، والحفظِ لغَيْبِهم، والقيامِ بحوائجهم، دون اقتضاءٍ لمجازاةٍ، ولا انتظارِ مُقارضَةٍ؛ فإنَّ ذلك مما تسودان به في عشيرتِكما، وتَعْظُمان به عندَ أهلِ بيتكما.
    وصِلا رحِمَكما وإنْ ضَعُفَ سببُها، وقرِّبا ما بعُدَ منها، واجتهدا في القيام بحقِّها. وإياكما والتضييعَ لها؛ فقد رُوِيَ عن النبي  أنه قال: "مَنْ أحبَّ النَّسَأ في الأجلِ، والسَّعَةَ في الرزقِ، فليَصِلْ رَحِمَهُ"( ).
    وهذا مِمَّا يَشْرُفُ به ملتزمُه، ويعظُمُ عند الناس مُعظمه. وما علمتُ أهلَ بيتٍ تقاطعوا وتدابروا إلا هلَكوا وانقرضوا، ولا علمتُ أهلَ بيتٍ تواصلوا وتعاطفوا، إلا نَمَوْا وكثُروا، وبُورِكَ لهم فيما حاولوا.

    الوصية بالجار
    ثم الجار؛ عليكما بحفظه، والكفِّ عن أذاه، والسَّتْرِ لعورتِه، والإهداءِ إليه، والصبْرِ على ما كان منه؛ فقد رُوِيَ عن النبي  أنه قال: "لا يؤمن مَنْ لا يأمَنُ جارُه بوائِقَه"( ). ورُوِيَ عنه  أنه قال: "ما زال جبريلُ يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سَيُوَرِّثُه"( ).

    الجوار قرابة ونسب
    واعلما أنَّ الجِوارَ قَرابةٌ ونسبٌ، فتحبَّبا إلى جيرانِكما كما تتحبَّبان إلى أقاربِكما. ارعَيا حقوقَهم في مشهدِهم ومَغيبِهم، وأحسِنا إلى فقيرِهم، وبالغا في حفظِ غيبهم، وعلِّما جاهلَهم.

    صلة أصدقاء الأب
    ثم مَنْ علمتما مِنْ إخواني وأهلِ مَوَدَّتي، فإنه يتعيَّنُ عليكما مراعاتُهم وتعظيمُهم، وبِرُّهم وإكرامُهم ومواصلتُهم؛ فقد رُوِيَ عن عبدِ الله بنِ عمر أنه حدَّث عن النبي  أنه قال: "إنَّ أبرَّ البِرِّ أنْ يصلَ الرجلُ أهلَ وُدِّ أبيه"( ).

    إكرام الإخوان
    ثم إخوانكما، عاملاهم بالإخلاص والإكرام وقضاء الحقوق، والتَّجافي عن الذنوب، والكتمانِ للأسرار.
    وإياكما أن تُحدِّثا أنفسَكما أن تنتظرا مقارضة ممن أحسنتما إليه، وأنعمتما عليه؛ فإن انتظار المقارضة يَمسح الصنيعة، ويعيد الأفعال الرفيعةَ وضيعةً، ويقلب الشكر ذمَّاً، والحمد مقتاً.
    الصبْر على أذى الناس
    ولا يجب أنْ تعتقدا معاداةَ أحد، واعتمدا التحرُّزَ مِنْ كلِّ أحدٍ، فمنْ قصدَكما بِمطالبةٍ، أو تكرَّرَ عليكما بأذِيَّةٍ، فلا تُقارضاه جَهدَكما، والتزِما الصبْرَ له ما استطعتما، فما التَزم أحدٌ الصبْرَ والحِلمَ إلا عزَّ ونُصِرَ، {ومنْ بُغِيَ عليه لينصُرَنَّه الله} [الحج :60]. وقد استعملتُ هذا بفضلِ الله مراراً، فحَمِدتُ العاقبةَ، واغتطبتُّ بالكفِّ عَنِ المقارضةِ.

    التوكل على الله
    ولا تستعظِما مِنْ حوادثِ الأيامِ شيئاً، فكلُّ أمرٍ ينقرضُ حقيرٌ، وكلُّ كبيرٍ لا يدومُ صغيرٌ، وكلُّ أمرٍ ينقضي قصير، وانتظرا الفرجَ؛ فإنَّ انتظارَ الفرجِ عبادة، وعلِّقا رجاءَكما بربِّكما، وتوكلا عليه، فإنَّ التوكلَ عليه سعادةٌ.

    الاستعانة بالدعاء
    واستعينا بالدعاء، والجئا إليه في البأساءِ والضَّرَّاء؛ فإنَّ الدعاء سفينةٌ لا تعطَبُ، وحزبٌ لا يُغلَبُ، وجُنْدٌ لا يهربُ.
    وإياكما أنْ تستحيلا عن هذا المذهبِ، أو تعتقدا غيْرَه، أو تتعلَّقا بسواه، فتهلَكا وتَخسرا الدينَ والدنيا. وربَّما دعوتُما في شيءٍ، فنالكما مع الدعاء معرَّةٌ، أو وصلت إليكما مضرَّةٌ، فازدادا حرصاً على الدعاءِ، ورغبةً في الإخلاصِ، والتضرُّعِ والبكاءِ، فإنَّ [ما] نالكما مِنَ المضرَّة بما سلف مِنْ ذنوبكما، واكتسبتماه مِنْ سيِّئ أعمالكما، ومع ذلك، فالذي ألهمَكما إلى الدعاء ووفَّقكما، لا بد أنْ يُحْسِنَ العاقبةَ لكما، وقد نَجَّاكما بدعائكما عن الكثيرِ، وصرف به عنكما مِنَ البلاءِ الكبيرِ.
    شكر النعمة
    وإذا أنعم عليكما ربُّكما بنعمةٍ، فتلقَّياها بالإكرامِ لها، والشكرِ عليها، والمسامَحةِ فيها، واجعلاها عوناً على طاعتِه، وسبباً إلى عبادتِه.

    التحذير من إهانة النعم
    والحذرَ الحذرَ مِنْ أن تُهينا نعمةَ ربِّكما، فتَتْرُكَكما مذمومَيْنِ، وتزول عنكما مَمقوتَيْن. رُوِيَ عن النبي  أنه قال: "يا عائشةُ، أَحْسِني جِوارَ نِعَمِ الله تعالى؛ فإنَّها قلَّما زالتْ عن قومٍ، فعادت إليهم"( ).
    وإياكما أنْ تُطغِيَكما النعمةُ، فتُقَصِّرا عن شكرِها، أو تنسيا حقَّها، أو تظُنَّا أنكما نِلتماها بسعيِكما، أو وصلتُما إليها باجتهادِكما، فتعود نِقمةً مُؤذيةً، وبَليةً عظيمةً.

    طاعة ولي الأمر في المعروف
    وعليكما بطاعةِ مَنْ ولاه اللهُ أمرَكما فيما لا معصيةَ فيه لله تعالى، فإنَّ طاعتَه مِنْ أفضلِ ما تتمسكان به وتعتصمان به مِمَّن عاداكما.

    عدم الخروج على السلطان العادل
    وإياكما والتعريضَ للخلاف لهم، والقيامَ عليهم، فإنَّ هذا فيه العَطَبُ العاجل، والخِزيُ الآجلُ، ولو ظفَرْتُما في خلافِكما، ونفذتُما فيما حاولتما، لكانَ ذلك سببَ هلاكِكما لِمَا تكسبانِه مِنَ المآثِم، وتُحدِثان على الناس مِنَ الحوادث والعظائم.
    ثم مَنْ سعيتُما له، ووثِقتُما به لا يُقدِّمُ شيئاً على إهلاكِكما والراحةِ منكما، فإنَّه لا يأمَنُ أنْ تُحدِثا عليه ما أحدثتُما له، وتنهضان بغيْرِه كما نهضتُما به.
    لزوم الجماعة
    فالتزما الطاعةَ وملازمةَ الجماعةِ، فإنَّ السلطانَ الجائرَ الظالِمَ أرفقُ بالناس مِنَ الفتنة وانطلاقِ الأيدي والألسنةِ.

    الصبر على السلطان الجائر
    فإنْ رابَكما أمرٌ مِمَّن وُلِّي عليكما، أو وصلت منه أذِيَّةٌ إليكما، فاصبِرا وانقبِضا وتَحَيَّلا لصرفِ ذلك عنكما بالاستنْزالِ والاحتمالِ والإجمال، وإلا فاخرُجا عن بلدِه إلى أنْ تصلُحَ لكما جهتُه، وتعودَ إلى الإحسان إليكما نِيَّتُه.
    وإياكما وكثرةَ التظلُّمِ منه، والتعرُّض لذكره بقبيحٍ يُؤثَرُ عنه، فإنَّ ذلك لا يزيدُه إلا حَنَقَاً وبُغضةً فيكما، ورضاً بإضرارِه بكما.

    ترك منافسة السلطان
    وابدأا بعدَ سَدِّ هذه الأبواب عنكما بتركِ منافسة مَنْ نافسكما، ومطالبةِ مَنْ طالبكما، فإنه قد يبدأ بهذه المعاني مَنْ يعتقد أنه لا يتوصل منها إلى محظورٍ، ولا يتشبَّث منها بمكروه، ثم يُفضي الأمرُ إلى ما لا يُريده، ولا يعتمدُه مِنْ مُخالفةِ الرئيس الذي يقهرُ مَنْ ناواه، ويغلب مَنْ غالبه وعاداه.

    الاعتزال في الفتنة
    وإنْ رأيتما أحداً قد خالف مَنْ وُلِّيَ عليه، أو قام على مَنْ أٌسنِدَ أمرُه إليه، فلا ترضَيا فِعلَه، وانقبضا منه، وأغلِقَا على أنفسِكما الأبوابَ، واقطعا بينكما وبينَه الأسبابَ، حتى تنجلِيَ الفتنةُ، وتنقضِيَ المحنَةُ.
    الزهد في الدنيا
    وإياكما والاستكثارَ مِنَ الدنيا وحُطامِها، وعليكما بالتوسطِ فيها، والكفافِ الصالح الوافرِ منها، فإنَّ الجمعَ لها والاستكثارَ منها، مع ما فيه مِنَ الشغل بها، والشغبِ بالنظرِ فيها، يصرِفُ وجوهَ الحَسدِ إلى صاحبها، والطمعِ إلى جامعِها، والحنقِ على المنفردِ بها.

    كل ذي نعمة محسود
    فالسلطانُ يتمنَّى أنْ يَزِلَّ زلَّةً يتسببُ بها إلى أخذِ ما عَظُمَ في نفسِه مِنْ مالِه، والفاسقُ مُرصَدٌ لخيانتِه واغتيالِه، والصالِحُ ذامٌّ له على استكثارِه منه واحتفالِه.
    يخافُ عليه صديقَه وحميمَه، ويُبغضُه مِنْ أجلِه أخوه شقيقُه، إنْ منعَه لم يعدمْ لائماً، وإنْ بذلَه لم يجدْ راضياً.

    آفات الدنيا
    ومنْ رُزِقَ منكما مالاً، فلا يجعلْ في الأصولِ إلا أقلَّه؛ فإنَّ شغَبَها طويل، وصاحبَها ذليلٌ، وهي ليست بمالٍ على الحقيقة، إنْ تغلَّبَ على الجهة عدوٌّ حالَ بينَه وبينها، وإنِ احتاج إلى الانتقال عنها تركها أو ترك أكثرَها.

    لا يصلك إلا ما قُدِّر لك
    ومن احتاج منكما، فليجمل في الطلب، فإنه لا يفوته ما قُدِّر له، ولا يدرك ما لم يقدر له، وقد ذكر الله تعالى ما وعظَ به العبدُ الصالح ابنَه في مثل هذا، فقال: {يا بني إنها إن تك مثقال حبةٍ من خردلٍ فتكن في صخرةٍ أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيفٌ خبير} [ لقمان: 16].

    من أتى السلطان افتتن
    واجتنبا صُحبةَ السلطانِ ما استطعتُما، وتحرَّيا البُعدَ منه ما أمكنَكُما، فإنَّ البُعدَ منه أفضلُ مِنَ العِزِّ بالقُربِ منه؛ فإنَّ صاحبَ السلطانِ خائفٌ لا يأمَنُ، وخائِنٌ لا يُؤْمَنُ، ومُسيءٌ إنْ أحسن، يَخاف منه ويُخاف بسببه، ويَتَّهمه الناسُ مِنْ أجلِه. إنْ قرَّبَ فتَنَ، وإنْ أبعدَ أحزنَ، يحسُدُك الصديقُ على رضاه إذا رضي، ويتبَرَّأ منك ولدُك ووالداك إذا سَخِطَ، ويكثُرُ لائموك إذا منع، ويقِلُّ شاكروك إذا شبع. فهذه حالُ السلامةِ معه، ولا سبيلَ إلى السلامةِ مِمَّن يأتي بعدَه.

    مصاحبة السلطان في المعروف
    فإنِ امتُحِنَ أحدُكما بصحبتِه، أو دعتْه إلى ذلك ضَرورةٌ، فليتقَلَّلْ مِنَ المالِ والحالِ، ولا يغتَبْ عندَه أحداً، ولا يُطالب عنده بَشراً، ولا يعصِ له في المعروف أمراً، ولا يستنْزِلْه إلى معصيةِ الله تعالى، فإنَّه يطلبُه بمثلِها، ويصيرُ عندَه مِنْ أهلِها. وإنْ حَظِيَ عنده بمثلِها في الظاهرِ، فإنَّ نفسَه تَمقتُه في الباطن.

    البعد عن طلب الجاه
    ولا يرغب أحدُكما في أنْ يكونَ أرفعَ الناس درجةً، وأتَمَّهم جاهاً، وأعلاهم منْزلةً؛ فإنَّ تلك حالٌ لا يسلَمُ صاحبُها، ودرجةٌ لا يثبُتُ مَنِ احتلَّها.

    خير الأمور الوسط
    وأسلمُ الطبقاتِ الطبقةُ المتوسطة: لا تُهتَضَمُ مِنْ دَعَةٍ، ولا تُرمَقُ مِنْ رِفعةٍ. ومِنْ عيبِ الدرجةِ العُليا أنَّ صاحبَها لا يرجو المزيدَ، ولكنه يَخافُ النقصَ، والدرجةُ الوُسطى يرجو الازديادَ، وبينها وبين المخاوفِ حجاب.
    فاجعلا بين أيديكما درجةً يشتغلُ بها الحسودُ عنكما، ويرجوها الصديقُ لكما.
    لا تطلب الإمارة
    ولا يطلب أحدُكما ولايةً؛ فإنَّ طلبَها شَيْنٌ، وتركَها لمن دُعِيَ إليها زيْنٌ، فمنِ امتُحِنَ بها منكما، فلتكُنْ حالُه في نفسِه أرفعَ مِنْ أنْ تُحدثَ فيه بأواً( )، أو يُبدي بها زَهواً، وليعلمْ أنَّ الولايةَ لا تزيدُه رِفعةً، ولكنَّها فتنةٌ ومِحنةٌ، وأنَّه معرَّضٌ لأحدِ أمرين: إمَّا أنْ يُعْزَلَ فيعود إلى حالتِه، أو يُسيء استدامةَ ولايتِه، فيقبُحُ ذِكرُه، ويثقُلُ وِزرُه. وإنِ استوتْ عندَه ولايتُه وعزلُه، كان جديراً أنْ يستديم العملَ فيبلغَ الأملَ، أو يُعزلَ لإحسانِه، فلا يَحُطُّ ذلك مِنْ مكانِه.

    الإقلال من المزاح
    وأقِلا مُمازحةَ الإخوانِ وملابَستَهم، والمتابعةَ في الاسترسالِ معهم؛ فإنَّ الأعداءَ أكثَرُ مِمَّنْ هذه صفتُه، وقَلَّ مَنْ يُعاديك مِمَّنْ لا يَعرفُك ولا تعرِفُه.
    فهذا الذي يَجبُ أنْ تَمتثلاه وتلتزِماه، ولا تترُكاه لعرَضٍ ولا لوجهِ طمَعٍ، فربَّما عرض وجهُ أمرٍ يروق، فيستَزِلُّ عنِ الحقائق بغيرِ تحقيقٍ، وآخرهُ يظهر مِنْ سوءِ العاقبة ما يُوجب الندمَ حيثُ لا ينفعُ، ويتمنَّى له التلافي فلا يمكن.

    وصية لقمان لابنه
    فإنْ فقدتُما وصيتي هذه، ونسيتُما معناها، فعليكما بما ذكر الله تعالى في وصيَّةِ لقمانَ لابنِه، فإنَّ فيها جِماعَ الخيْر، وهي: {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور* ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختالٍ فخور* واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} [لقمان:17-19].
    وإنِّي لأُوصيكما، وأعلمُ أنِّي لن أُغنِيَ عنكما مِنَ الله شيئاً. إنِ الحكمُ إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلونَ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

    كمُلتِ الوصيةُ المباركةُ، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين، وآله الطيبين، وصحابته المنتَجَبين، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

    وذلك في يوم الخميس السابع لشهر ذي الحجة مختَتَمِ عام تسعةٍ وأربعين وسبعمائة.

    النصيحة الولدية للإمام أبي الوليد الباجي رحمه الله تعالى ..
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    سلمت يمينك شيخنا الفاضل ...و لا ادري اهي من صدف القدر...لكن اتممت البارحة قراءة رائعة الامام ابن العربي في قانون التأويل ...و وقر في قلبي من كلامه عن الامام الباجي...فرحت الآن اذ اراكم في سياحة معي في نفس البلاد و في نفس الفترة تقريبا...زادكم الله همة في مطالعاتكم و تجوالكم

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  3. #3

    افتراضي

    شكر الله لكما..أيها الأستاذان الكريمان الفاضلان فخر الدين وعياض
    لدي تنبيه يسير وهو أن ابن العربي سنده في الكلاميات عن شيخه الغزالي والغزالي عن الجويني
    فينتبه من كلامه حين يؤصل لمسألة تعارض العقل والنقل (الموهوم طبعا), فكلهم جانب الصواب في هذا
    وتوجها الرازي في آخر صيغ هذا القانون في كتابه تأسيس التقديس وغيره ,الذي رد عليه الإمام ابن تيمية
    كما هو معلوم, ..ثم في كلمة "صدف القدر" لو أذن لي الشيخ عياض بكرمه ولطفه :ملاحظتان :-
    الأولى -أن العبارة قد توحي معنى يخدش العقيدة..فالأولى اجتنابها, وإن كان قول المرء :شاهدت فلانا بالمصادفة :لاشيء فيه لأن المعنى: شاهدته من غير ترتيب سابق
    الثانية :أن كلمة "صدفة" لا تنتمي إلى لسان العرب ,والصواب :مصادفة ..
    والله يتولاني وأخي عياضا برحمته
    التعديل الأخير تم 05-27-2011 الساعة 01:34 PM
    مقالاتي
    http://www.eltwhed.com/vb/forumdispl...E3%DE%CF%D3%ED
    أقسام الوساوس
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...5-%E3%E4%E5%C7
    مدونة الأستاذ المهندس الأخ (أبو حب الله )
    http://abohobelah.blogspot.com/

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    طيب لدي كالعادة صفقة ..اقبل بترك كلمة صدفة القدر...شرط ان تترك كلمة شيخ هذه...و بالمناسبة كتاب قانون التأويل يبدو لي فيه ان الامام ابن العربي ارتقى فيه كثيرا في ملامسة الحق عما في كتابه في التفسير او في العقائد ...رغم اتفاقي معك ايها الشيخ الكريم على مجانبته الطريقة الأولى في كثير من تطبيقات ما نظره في القانون المذكور...و لو مد الله في الوقت افردت رحلته كما افرد الشيخ المناظر وصية الباجي ...

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    فإنَّ الأعداءَ أكثَرُ مِمَّنْ هذه صفتُه، وقَلَّ مَنْ يُعاديك مِمَّنْ لا يَعرفُك ولا تعرِفُه
    كأنه اخذه من منام سفيان اذ قال لمن رآه اذ اعترض على ما اوصاه به من التقليل من الاخوان: الحقك شر ممن لا تعرف؟؟ فقال لا فقال: فأقلل ممن تعرف !!!

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أحسن الله إليكما وشكر لكما أيها الأحبة، ويعلم الله أني لستُ بشيخ ولا نصيفه بل إني جاهل على باب الطلب يدور بين زوايا باب قلعة العلم لا يستطيع دخولها لتقصيره.
    أما بلاد الأندلس والمغرب فدائم السياحة في كتب علماءها بحمد الله، وهنيئا إتمامك لكتاب الإمام المعافري ولعل همتك تنشط لبيان درره ولطائفه.
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  7. افتراضي

    وصايا وَ عِبَر , تجتر عبراتنا ونحن ننتقل بين سطورها .
    على أعتاب تذكُر الموْت والتفكّر في القبْر , لا ينسى أهل بيْتِه وعياله , حالهم ومآلهم يُشْغِلُه فانشغل إلى حَبْكِ هذه الوصيّة .!
    كتب وصيّةً للخير جامعة , للشر مانعة بإذن الله , تُكتب بماء الذهب ويُرش عليْها من ماء الورد يومياً فلا تَذبُل ولا فلا تُنسى .
    سبحان الله .! , فيها من المفارقات الكثير بمقرانتها مع وصايا الآباء في هذا الزمان , والله المستعان .

    وصيّةٌ يحق لها أن تُحفظ عن ظهر قلْب , وينبغي لآباء زماننا أن يشعروا بعظمة المسؤولية
    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا } .

    رحِم الله أباً كالباجي , وهدى من هم دونه سُبُل الرشاد .
    بارك الله فيكم أستاذنا فخر الدين , أمتعتنا بهذه الدُرّة , وجعلتَ بعضنا يتفكّر .!
    قال الله سُبحانه وتعالى { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } الأنبياء:18


    تغيُّب

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء