النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: حديـــث النُـخْبـــــة

  1. افتراضي حديـــث النُـخْبـــــة

    ملحوظة للكاتب: أعرض هذا المقال لكم على سبيل " التحكيم " فأرجو معرفة نقدكم له بكل حرية فهذا يفيدني وأرجو أن تكون مصر تجاوزت المرحلة التي يصفها هذا المقال الساخر

    حديـــث النُـخْبـــــة


    إذا أردت – أخي القارئ – أن تطلع على صورة رمزية للمشهد الإعلامي والسياسي بعد الثورة المصرية وقضايا الرأي العام التي تحركها (نخبة) الفضائيات والصحف الخاصة و(القوى) السياسية التي تتصدر الساحة هذه الأيام فإليك هذا المثل أضربه لك وللتاريخ لكي تشهد علينا الأجيال القادمة – وهذا حقهم – فيم كانت معاركنا الفكرية و كيف كنا نعالج قضايانا (المحورية) في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر.
    تبدأ قصتنا - التخيلية – بدعوة أحد الإسلاميين المشهورين لإحدى الولائم في قرية من قرى الريف المصري بحضور عدد من وجهاء البلد وأعيانها وكان من الأصناف المقدمة في هذه الوليمة: الملوخية . لم يكن صاحبنا ممن يعشقون الملوخية وكان من عادته التقلل من الطعام والاكتفاء بلقيمات معدودة في الأكلة الواحدة ، فاعتذر بلطف عندما قدم إليه طبق الملوخية متعللا بظروف خاصة وتناول بدلا منه طبقا صغيرا من (الشوربة).
    حتى هنا الأمر عادي جدا ولكن كان من حظ هذا الرجل أن يكون من بين الحضور في هذه الوليمة صحفي في إحدى الصحف الخاصة بأحد رجال الأعمال التي اعتادت أن تنشر الخبر الصادق للناس ومعه مائة كذبة تماما مثل شياطين الجن الذين كانوا يسترقون السمع من السماء قبل البعثة المحمدية .. فكانت هذه هي البداية لقصة لم تكن لتنتهي حتى بعد أن يصدر عدد من الأفاضل (بيانا) لتهدئة الرأي العام يأكدون فيه جواز أكل الملوخية!!
    إذا لم تكن فطنت بعد كيف سارت الأمور في مصر بعد هذه الحادثة وكيف تناولها الإعلام الرسمي وغير الرسمي بعد أن أصبحت هذه (القضية) شغله الشاغل وكيف تصرفت (القوى السياسية)- في بلد لا يوجد فيه قانون لمكافحة الكذب في وسائل الإعلام – فإليك التفاصيل من غير تحريف ولا تأويل..
    لم تكد كلمة الرجل العفوية تطرق أذن الصحفي إلا وقد لمعت في ذهنه فكرة مانشيت كبير يتصدر الصفحة الأولى في عدد الغد ولم يكن ينقص الخبر إلا بعض التفاصيل الصغيرة التي يمكنه إضافتها للقصة من عنده أثناء احتساء كوب من القهوة ..
    أصبحت مصر - وأصبح الملك لله - على عدد جديد من الصحيفة يحمل عنوانا كبيرا: "الإسلاميون والملوخية " وكان هذا فقط كافيا لتتوالى الأحداث بعد ذلك سريعا:
    - قناة فضائية تستعين بشهود عيان يؤكدون أن عددا من الإسلاميين لا يأكلون الملوخية ويمنعون أسرهم تناولها.
    - مسؤول ديني رسمي يبعث مقالا للواشنطن بوست يهاجم فيه الإسلاميين ويستشهد بـ(حادثة) الملوخية!
    - مفكر ليبرالي يستغل الحادثة لمهاجمة الإسلاميين ويتهمهم بتكدير السِلْم الاجتماعي وعدم احترامهم لثقافة الآخر وأذواقه في الأكل ! مفكر ليبرالي آخر يحلل (إحجام) الإسلاميين عن الملوخية بأنها أكلة (فرعونية) ! كاتب صحفي طالما نادى بإلغاء نتائج الاستفتاء والحجر على رأي المواطن العادي في اختيار من يحكمه يؤكد على حق المواطن المصري في اختيار ما يأكله! ..كاتب آخر يشكك في (مصرية) الإسلاميين متعللا بأن حب الملوخية من سمات الشخصية المصرية!
    - فقيه دستوري في الحكومة يؤكد أن أكل الملوخية حق دستوري مكفول لجميع المواطنين ويستغل الفرصة للدعوة إلى تأجيل الانتخابات وإلى كتابة الدستور أولا حتى لا تأتي الانتخابات برئيس إسلامي يمنع زراعة الملوخية في مصر.
    - الطابور الخامس في الإعلام المصري يقيم محاكم تفتيش إعلامية للإسلاميين ويشكك في أنهم يأكلون نفس أكلات الشعب المصري .. أصبح السؤال عن الموقف من زراعة وأكل الملوخية من ضمن الأسئلة الرئيسة في أي حوار مع مرشح إسلامي للرئاسة في جلسات الاستجواب الفضائية ! وصل الاستبلاه والجهالة بأحدهم أن يسأل ما إذا كان (الموقف) من الملوخية نتيجة (عداء) شخصي أو قناعة دينية ! مذيعة (لامعة) تسأل ضيفها في سذاجة مصطنعة إذا كان يعتقد وجود تناقض بين مفهوم المواطنة وتناول الملوخية !
    - صحف أجنبية : جدل في مصر حول الملوخية.
    - سيناريست شهير يقرر كتابة فيلمه الجديد : السلفية والملوخية على غرار فيلم الإرهاب والكباب.
    - شباب ليبراليون يهددون بمليونية من أجل الملوخية ويجددون الدعوة لمجلس رئاسي مدني يكون أعضاؤه من المؤمنين بحق المواطن المصري في أن يأكل ما يشاء رافعين شعار: حرية أكل الملوخية من لوازم الدولة المدنية !
    - برامج كثيرة تستضيف ممثلين ومطربين ولاعبي كرة قدم للحديث في (مسألة) الملوخية ! البعض منهم هدد بالهجرة من مصر إذا تم منع الملوخية.
    - صحيفة خاصة أخرى تنقل عن مصادر (موثوقة) أن الإسلاميين إذا حكموا مصر فسيمنعون الأقباط من تناول الملوخية ويبيحونها للمسلمين فقط - وهنا أصبح للقضية بعد طائفي !
    - رجل أعمال طائفي - يتخفى تحت مسمى الليبرالية – يهدد بحمل السلاح للدفاع عن حق الشعب القبطي في أكل الملوخية .
    - أقباط المهجر يبعثون برسالة للإدارة الأمريكية يناشدونها التدخل لحماية الأقباط من الاضطهاد في مصر والدفاع عن حقوقهم المشروعة في زراعة وأكل الملوخية.
    - أصوات ليبرالية و (قوى سياسية) تدعي وجود (صفقات) أو (مفاهمات) خاصة بين المجلس العسكري والإسلاميين بسبب عدم تعقيب المجلس العسكري على هذه (القضية) وتأخره في طمأنة الرأي العام بشأن حق المواطن المصري في زراعة وتناول الملوخية ليقوم المجلس العسكري مشكورا بإصدار بيان يؤكد فيه أنه يقف على مسافة واحدة من كافة القوى الوطنية دون انحياز لأي منها من غير أن يتعرض البيان صراحة لسخافات وسائل الإعلام.
    - جماعة الإخوان المسلمين تحت تأثير ضغوط (القوى السياسية) قررت حصر مشاركتها في الانتخابات البرلمانية القادمة على المرشحين الذين يستسيغون أكل الملوخية لتهدئة الرأي العام ! حزب إسلامي وليد يتبنى حملة لزراعة الملوخية للتأكيد على (وسطية) الحزب !
    - قطاعات واسعة من الشعب المصري قررت مقاطعة الفضائيات والصحف التي اشتركت في هذه المهزلة بعد أن أصابها الاشمئزاز من كمية التدليس والإسفاف والسطحية التي حفلت بها معالجتها متمسكين بما يعلمونه من سماحة الإسلاميين الذين يخالطونهم في جميع دروب الحياة رافضين أراجيف إعلام رجال الأعمال ورذالة مقدمي البرامج الحوارية ! واكب هذا ظهور قنوات فضائية جديدة وجادة يكتتب فيها الشعب المصري تحترم عقل المشاهد وثقافته وتستضيف النخبة المفكرة الرزينة بدلا من النخبة المتربصة - مواقع متخصصة في رصد كذب وتدليس وسائل الإعلام - مؤشرات مستقلة لقياس مصداقية وحيادية القنوات الفضائية وقياس (كمية) ماء الوجه لدي مقدمي برامجها وضيوفها !

    وبعد – أخي القارئ – فهل علمت الآن حجم المشكلة التي قد تحدث في دولة ما حين تمتلك قلة من أبنائها المال ووسائل الإعلام ولكنها تفتقر إلى أي مَعْلم من معالم الفكر الراقي أو أي ملْمح من ملامح مشروع جاد لنهضة الأمة ؟ هل تخيلت ما الذي يمكن أن تقدمه هذه القلة من خلال وسائل إعلامها لمشاهد سلبي لا (يثور) لو ضاع وقته في مشاهدة (نخبة أونطة) كما كان يثور غضبا لو ضاع ماله في مشاهدة (سينما أونطة)؟
    هذه هي القضايا (الكبار) التي يفرضها إعلام النخبة الليبرالية على بلد بحجم مصر يمر بمنعطف تاريخي هام وهذه هي الحوارات (الرصينة) التي يشكلون بها وعي الناس حتى إذا جاء (يوم الصناديق) وتلقت صفعة قوية من جموع الناخبين قالوا أنهم كانوا غير جاهزين للانتخابات !
    طارق السيد
    tarek.reads@gmail.com

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    أخي الكريم طارق,
    حللت أهلا ونزلت سهلا, وقد أجدت الوصف وشعرت أنك تنطق ببعض ما أفكر فيه حين أرى حال شياطين الإعلام في ديارنا, ممن يصبح أحدهم فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق.
    ووالله إن قصة الملوخية التي مثلت بها لحال هؤلاء لتتكرر أمام أعيننا آلاف المرات, فإن تساءل أحدنا لماذا يتمادى القوم في أقاويلهم المتهافتة, فالجواب أن عامة الأمة مخدرة لا ترى إلا ما يريها شياطين الإعلام ويحسبون أن كل من ارتدى بذلة ونمق الألفاظ وتصدر الشاشات لبيب أريب ناصح أمين. هل تحسبون أن الملايين المضللة في البيوت خلف الشاشات تملك أن تتساءل وأن تعيد النظر وأن تقلب وجوه الرأي فيما يصب في رؤوسها صبا آناء الليل وأطراف النهار؟
    ولو تصورنا أن قضية الملوخية استمرت في التفاعل حتى ملئت الدنيا وشغلت الناس, فلعلها تنتقل من قضية تدخل في علم البطن وفنون الطبخ إلى قضية مرتبطة بالهوية, فإن الهوية ميدان يتعرض للتوسع بشكل مخيف في ظل التضليل الليبرالي, فالهوية لا تقتصر على مسائل العقيدة واللغة والوطن, لا, فإن القوم قد يجادلون بأن السكوت عن التشكيك في انتماء الملوخية إلى الإرث العريق للمطبخ المصري, يشكل تهديدا لهوية الشعب المصري الذي يشكل فسيفساء معقدة,لو أزيل منها حجر واحد لاختل النظام برمته, إذن سيتكاثف الجمع تحت راية الملوخية, ولن يشفع لمخالفيهم شيء أبدا, حتى لو نطقت الملوخية ببراءتهم, فإنها ستتهم بدورها بأنها تأثرت بالفكر الوافد وبالمنهج الجامد, فما دام للقوم لسان ينطق وأقلام تكتب فإن قدر الملوخية لن يبرح مكانه يفور حتى يظفروا بشيء جديد ينصبونه لواء لحربهم النتنة.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    الله المستعان ..
    قضية من الواقع ...
    ترسمه كما هو ..
    فحتى الأمس وأنا أسمع ملوخية أذن القبطى الداعر ..
    حتى ظننت بمن يرددها الصمم أو البله أو العته ..
    وكأنه .. ببغاء .. حفظ شيئاً لا يستطيع نسيانه ..
    ** ليس مستبعداً أمر الملوخية هذا ..
    وسيقولون السلفيين لهم سلف يقلدونه هو الحاكم بأمر الله الفاطمى ..
    وأن السلفيين لو وصلوا للحكم سيحرمون الملوخية .. بناء على الآثار السلفية .. الفاطمية ..

  4. افتراضي

    ليسوا بشيء دعهم يخوضوا ويلعبوا إن حالهم في إذاعاتهم إذا جاهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به وهل تظن كل مستمع أو مشاهد مسلم تنطلي عليه ألاعيبهم والمؤمن كيس فطن ويعرف من أين تؤكل الكتف ونحن نتوسم في مسلمين مصر علامات الفطنة والدهاء والنباهة والمثابرة وعدم القنوط ولن يخيب أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ظننا بهم إن شاء الله ولهم منا خالص الدعوات أن يمكن لهم الله دينهم الذي أرتضى لهم ويجعلهم خلفاء الارض إنه ولي ذلك والقادر عليه
    اللهم يامسبب الاسباب وخالق الناس من تراب والخلق ليوم الحساب أبرم لبلاد المسلمين أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أعداء الإسلام
    وأجعل ولايتهم فيمن خافك واتقاك وأتبع رضاك يارب العالمين

  5. #5

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق السيد مشاهدة المشاركة
    وبعد – أخي القارئ – فهل علمت الآن حجم المشكلة التي قد تحدث في دولة ما حين تمتلك قلة من أبنائها المال ووسائل الإعلام ولكنها تفتقر إلى أي مَعْلم من معالم الفكر الراقي أو أي ملْمح من ملامح مشروع جاد لنهضة الأمة ؟ هل تخيلت ما الذي يمكن أن تقدمه هذه القلة من خلال وسائل إعلامها لمشاهد سلبي لا (يثور) لو ضاع وقته في مشاهدة (نخبة أونطة) كما كان يثور غضبا لو ضاع ماله في مشاهدة (سينما أونطة)؟
    هذه هي القضايا (الكبار) التي يفرضها إعلام النخبة الليبرالية على بلد بحجم مصر يمر بمنعطف تاريخي هام وهذه هي الحوارات (الرصينة) التي يشكلون بها وعي الناس حتى إذا جاء (يوم الصناديق) وتلقت صفعة قوية من جموع الناخبين قالوا أنهم كانوا غير جاهزين للانتخابات !
    طارق السيد
    tarek.reads@gmail.com
    أحسنت يا أستاذ طارق ..
    هذه هي حقيقة الإعلام عندما يصبح سلعة هدفها الربح والاستثمار ..
    عندما يصبح الإعلام منسلخًا من القيم والمباديء ومواثيق الشرف والنزاهة ..
    عندما يصبح الإعلام في يد ما لا يراقب الله تعالى ، ولا يرقب في مواطن عهدًا ولا ميثاقًا ولا عقدًا اجتماعيًا ..
    ولا حول ولا قوة إلا بالله ..!
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  6. افتراضي

    شكر الله لكم جميعا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    231
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اضحك الله سنكم
    اللهم إني أسألك الاخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاص
    اللهم إني أعوذ بك من العجب و الرياء
    اللهم أعلي همتي في طلب العلـــــــــــــــــم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء