لا أحد يعرف أن يحل فزورة النظام السوري سوى النظام نفسه..

ولأن فوق كل ذي علم عليم، فقد رأينا أن نشارك قراءنا بهذه الفزورة لعل أمريكا قد ألغت عقولنا والغربة جمدت دمائنا فلم نعد نحس ولا نرى..

الرواية السورية الحالية التي يروج لها على نطاق واسع هي أن السلفيين هم الذين يحركون المظاهرات ويعتدون على رجال الأمن في ثكناتهم الآمنة.
بداية ادعى النظام انها مؤامرة دبرها الأمير السعودي بندر بن سلطان.. وذهبت المواقع الموالية للنظام أبعد من هذا اذ قالت ان السلطات السورية قبضت على هذا البندر متلبسا في سورية وهو يشرف على تنفيذ مخططه.
فما المشترك بين هذا الأمير المتأمر والذي نعرفه جيدا بعد أن (مرمرنا) في محاكم أمريكا حين كان يعمل سفيرا لبلاده في واشنطن وبين السلفيين؟
ثم اتهم النظام جماعة سعد الحريري بتمويل والإشراف على المؤامرة.. مرة ثانية ما المشترك بين هذا الحريري وبين السلفيين؟ وهل يصدق أحدكم ان الحريري قادر فعلا على تدبير مؤامرة ضد النظام من خلال تجييش مئات الآلاف من السوريين؟
ومن بين ما اتهمهم النظام المملكة السعودية.. وبحقيقة الأمر أن الحكومة السعودية تقف بصف النظام ليس محبة به، لكن خوفا على أن تنتقل الشرارة إلى السعودية.. فكلما تعثرت الثورات كلما ظل آل سعود آمنين.
واتهم النظام أمير قطر بالتآمر.. أليس هذا الأمير نفسه الذي كان في خندق واحد مع بشار وحزب الله وإيران.. فما الذي قلبه ضد نظام الأسد؟
طبعا اتهام أمير قطر جاء بسبب قناة الجزيرة.. وأي عاقل أو إعلامي يفهم أصول المهنة سيدرك تماما وبدون أي مجال للشك بأن الجزيرة بحقيقة الأمر وان كانت لا تقف مع النظام فهي لا تضع كل ثقلها مع الثورة السورية
قارنوا فقط بين تغطيات الجزيرة لثورات مصر وتونس واليمن وليبيا وتغطياتها للثورة السورية.. شاهدوا (البرومو) في فواصل الأخبار... لا تأتي على ذكر سوريا.. وهي ان نقلت أخبار الاحتجاجات وتصدت للمسئولين السوريين فإنها تفعل ذلك حفاظا على شيء من المهنية حتى لا تبدو عارية أمام قنوات أخرى مثل البي بي سي وفرانس 24
واتهم النظام أيضا أمريكا وإسرائيل بهذه المؤامرة.. وفي حقيقة الأمر أن أمريكا لا تريد إسقاط بشار الأسد.. بل تضغط على المعارضة كي تجري حوارا معه وقالت لهم بصريح العبارة لن نطالب بشار بالتنحي
أما إسرائيل فهي الأخرى تفضل بشار الذي حافظ على سلم غير معلن مع اسرائيل وحمى حدودها لأكثر من اربعين عاما..
إذن من الذي يتآمر على سوريا؟!
منذ انطلاق الاحتجاجات والنظام يعدنا بكشف الكثير عن المؤامرة التي تحاك ضده باعترافات موثقة ومصورة.. ولم يعرض علينا سوى تمثيليات سخيفة ولم يقنعنا إلى الأن ان هناك مؤامرة. بل أنه كل يوم يرمي اتهاماته لجهة مختلفة.
نعود إلى حكاية اتهام السلفيين اذ يبدو أن هذا الاتهام يؤتي بأكله.. فمعظم السوريين يرفضون استبدال حكم فاسد ديكتاتوري بحكم ديني قد يعيد سورية إلى قرون مضت.. وهذا الاتهام روج له النظام كثيرا كونه يأتي بمفعول كالسحر بين الأقليات في سورية التي ستجد نفسها ملتفة حول حكم فاسد باعتبار انه أفضل من المجهول المتمثل بالمتطرفين الإسلاميين.
ومع ذلك لم نشاهد سلفيا واحدا من بين ألاف مقاطع الفيديو التي سربت يحمل سلاحا أو يطلق نارا أو يهتف ضد بشار
رأينا سوريين عاديين.. شيوخا وأطفالا .. رجالا ونساء.. رأينا الكبير والصغير.. ولم نشاهد السلفيين..
هل يستطيع أحد القراء الكرام أن يزيل هذه الغشاوة المضللة من على أعيننا لكي نرى مثلما يرى طبيب العيون بشار؟
هل يقنعنا أحد كي لا نحسب على السلفيين والقاعديين كما يتهمنا أنصار النظام في تهديداتهم اليومية ومن خلال تقاريرهم لأجهزة الأمن الأمريكية.
أسعفونا يا أهل البصر والبصيرة..

وطن