إسماعيل بن سليمان
(000-1325هـ / 000 -1900م)
إسماعيل باشا بن سليمان من أكبر علماء الفلك الذين ظهروا في القرن الثالث عشر الهجري - التاسع عشر الميلادي. ولد بمصر ولم تحدد له الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم تاريخ ميلاد، ولكنها ذكرت أنه توفي عام 1325هـ -1900م.
أرسل في بعثة إلى باريس، و درس فيها علم الفلك. ثم عاد إلى مصر، فأنشأ بها دار الرصدخانة بحي العباسية، ثم عين ناظرا لمدرستي المهندسخانة والمساحة، وكان إسماعيل بن سليمان إلى جانب تخصصه في علم الفلك خبيرا بإصلاح آلات الرصد الفلكية أي أنه كان عالما مهتما بالجانبين النظري والعملي.
وكان بدار الرصدخانة يأخذ الأرصاد الجوية والفلكية ويقيس درجات الحرارة خمس مرات في كل مواقيت الصلاة. أنشأ إسماعيل بن سليمان محطة كوم الناضورة بالإسكندرية لأخذ الأرصاد الجوية عام 1286هـ -1869م، وجاءت أرصاد هذه المحطة ذات قيمة علمية فريدة ومنضبطة في الدراسات الإحصائية لعناصر الجو، وخاصة في تحديد مقادير المطر.
مهد إسماعيل بن سليمان لإنشاء أول إدارة مصرية للأرصاد الجوية، وقد تابعت هذه الإدارة الإشراف على عمليات الرصد الجوي في كل من مصر والسودان. ووضع مع صديقه محمود الفلكي أول مدفع لإعلان الساعة الثانية عشر ظهرا بقلعة صلاح الدين بالقاهرة ، ولا يزال هذا المدفع قائما إلى الآن.
ويعتبر إسماعيل بن سليمان من أكبر علماء الفلك العرب وأولهم في العصر الحديث، ومن أهم إنجازاته أنه شرح بعض الآلات الفلكية التي كان يعتمد عليها في أرصاده الفلكية، ومنها العدسات والمناظير الفلكية وعيوبها والميكروسكوبات البسيطة والمركبة. وقد عرف نورانية النظارة بأنها النسبة بين كمية الضوء التي تنتشر فوق السطح الظاهري للشيء المرئي، وكمية الضوء الموجودة فوق السطح المساوى له من الصورة. وقد أعطى طريقة عملية فلكية لكيفية الوصول إلى نورانية النظارة. واستخدم جهازا من أهم الأجهزة التي تستخدم في المراصد هو جهاز آلات قياس الزمن وشرح عمله في مؤلفاته. وأعطى الكثير من التعريفات الفلكية الدقيقة لمصطلحات علم الفلك، ودرس دورة الأرض وخطوط الطول والعرض.
وقد شرح إسماعيل بن سليمان عمل المزاول الشمسية وغير الشمسية، وأجهزة استخدام الماء والرمل، وهي الأجهزة التي استخدمها العرب في عصور نهضتهم الكبرى. وع رف سر الساعات الفلكية، والساعات ذات التروس، والساعات ذات البندول وطرق صناعة كافة الساعات الفلكية. وأدخل إلى العالم العربي مقاييس البخر والمطر عام 1304هـ - 1886م واستخدم الترمومترات الجافة والمبللة والبارومترات ليقيس بها عناصر الجو بدقة لأول مرة في مصر والعالم العربي.
وله مؤلفات هامة في علم الفلك وهي من الكتب القيمة التي يعتد بها في تاريخ العلم وهي:
* الدرر التوفيقية في تقريب الفلك والجيوديسية
* بهجة الطالب في علم الكواكب
* الآيات الباهرة في النجوم الظاهرة.
-----------------------------------------------------------------
تقي الدين الراصد
(927-993هـ / 1521 -1585م)
هو تقي الدين محمد بن معروف بن أحمد بن محمد، مهندس ميكانيكي وفلكي ورياضي اشتهر في القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي. ولد في دمشق عام 927هـ/1521م. في بيت علم، فكان أبوه قاضيا، ودرس هو كذلك علوم عصره وأصبح قاضيا مثل أبيه.
درس تقي الدين في دمشق علوم الأوائل، وكان مغرما بمطالعة كتب الرياضيات إلى أن أتقن الآلات الظلية والشعاعية علما وعملا، واطلع على أسرار نسب أشكالها وخطوطها، بالإضافة إلى دراسته للأشكال والتسطحات الهندسية، وكتب الحيل الدقيقة وعلم الميزان وجر الأثقال. وكان مع ذلك ملاحظا لمعرفة الأوقات ليلا ونهارا بكثير من الآلات وكان من أخصها عنده البنكامات الدورية.
عكف تقي الدين على دراسة الساعات وتأملها حتى وصل فيها شأوا كبيرا أو كما يقول هو "إلى أن انتقش عندي ما فيها من الرسوم وظهر لي جميع أصولها المبنية عليها من ظاهر ومكتوم، وصار عندي من ذلك ما لم يجتمع لأحد ممن يتعاطى هذا الفن في ديار الإسلام ولم يشتهر به بشر من الخواص والعوام". وحتى لا يضيع هذا العلم بسبب انشغاله بأمور أخرى فقد دون تقي الدين ذلك كله في كتابه الكواكب الدرية في البنكامات الدورية. ولكن نبوغ تقي الدين في علم الميكانيكا فاق العلوم الأخرى فاخترع عددا من الآليات أوردها كلها في كتابه الطرق السنية في الآلات الروحانية . ومن جملة هذه الآلات ما أورده في عام 953هـ / 1546 م، أثناء وجوده في القسطنطينية مع أخيه الأكبر أنهما صمما معا "آلة لتدوير السيخ الذي يوضع فيه اللحم فيدور من نفسه من غير حركة حيوان".
ولقد ارتحل تقي الدين إلى مصر، فاتصل بعلي باشا الذي عين واليا لمصر عام 956هـ/1549م، فالتحق تقي الدين في خدمته وأهدى إليه كتابه الطرق السنية عام 959هـ، وكتاب الكواكب الدرية عام 966هـ/1559م. وفي نفس العام انتقل تقي الدين إلى نابلس حيث تولى منصب القضاء فيها. وطوال تلك الفترة لم ينقطع تقي الدين عن زيارة القسطنطينية، فقدم إلى إستانبول، حيث انتسب إلى معلم السلطان الخواجة سعد الدين وأصبح من خواصه والملازمين له. وفي عام 979هـ / 1571م. وبدعم من الخواجة سعد الدين أصبح تقي الدين رئيسا للفلكيين في أواخر حكم السلطان سليمان وقبل تولي السلطان مراد الثالث.
وقد عبر تقي الدين عند توليه المنصب عن رغبته في إنشاء مرصد في إستانبول. واستطاع إقناع الصدر الأعظم الوزير محمد باشا وكذلك الخواجة سعد الدين معلم السلطان بشكل خاص. وقد استطاع كليهما استخدام نفوذهما في إقناع السلطان من أجل تأسيس المرصد الجديد تحت إشراف تقي الدين. ولقد تم بالفعل بناء المرصد، وتم الانتهاء منه عام 985هـ/1577م. إلا أنه ما لبث أن تعرض لمحنة انتهت بهدمه. ورغم قصر حياة المرصد، إلا أن تقي الدين نجح في أخذ بعض المشاهدات الفلكية. وقد كافأ السلطان مراد تقي الدين على إنشائه المرصد بأن منحه راتب القضاة بصفته قاضيا كما منحه مقاطعة زعامة التي كانت تدر عليه دخلا كبيرا. وتقديرا لتقي الدين أيضا فقد عمد الصدر الأعظم محمد باشا إلى تعيين أخيه نجم الدين حاكما لأحد السناجق.
ولم يعمر تقي الدين طويلا بعد هدم المرصد، فقد توفي بعد ذلك بخمس سنوات في عام 993هـ/1585م، عن عمر يناهز ستة وستين عاما. تاركا ما يقرب من تسعة عشر مؤلفا ما بين كتاب ورسالة في الفلك والرياضيات والميكانيكا.
----------------------------------------------------------------
الروداني
(1037-1094هـ / 1628 – 1683م)
أبو عبيد الله شمس الدين محمد بن سليمان الروداني المكي. عالم رياضي وفلكي اشتهر في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي. ولد ببلدة تارودانت من قرى السوس بالمغرب الأقصى وبها نشأ وترعرع. وعندما بلغ سن النضج اضطر إلى السفر لطلب العلم في درعة، حيث تتلمذ على كبار علمائها، ثم رحل منها إلى مراكش لتعلم علم الحكمة والهيئة والمنطق، ولكنه تفنن في علم الفلك التجريبي.
زار أبو عبد الله الروداني الجزائر وذلك لتدارس بعض النظريات الفلكية المستعصية مع علماء الفلك هناك. وبعد انتهائه من المغرب الأوسط دخل مصر والشام والأستانة، ثم استمر برحلته إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ولتلقي العلوم الشرعية على مشايخ الحرم المكي فمكث ردحا من الزمن متنقلا بين مكة المكرمة و المدينة المنورة ، ولذا عرف باسم المكي. وكان للروداني بمكة المكرمة شأن إذ أنه قلد النظر في أمر الحرمين فبنى رباطا عند باب إبراهيم، وعرف برباط ابن سليمان، وبنى مقبرة بالمعلى عرفت بمقبرة ابن سليمان، ولقد خرج من مكة على أثر فتنة فتركها إلى دمشق حيث قضى فيها آخر أيامه وبها دفن.
كان لأبي عبد الله الروداني مكانة مرموقة بين معاصريه لمواهبه الجمة ونبوغه الفريد، فقد جمع بين العلوم الرياضية والشرعية وكان نتاج ذلك ابتداعه آلة نافعة في علم التوقيت لم يسبق إليها، وهي كرة مستديرة الشكل، منعمة الصقل بالبياض المموه بدهن الكتان، يحسبها الناظر بيضة من عسجد لإشراقها، مسطرة كلها دوائر ورسوما، وقد ركبت عليها كرة أخرى منقسمة نصفين، فيها تخاريم وتجاويف لدوائر البرج وغيرها، مستديرة كالتي تحتها، مصقولة مصبوغة بلون أخضر وهي تغني عن كل آلة في فن التوقيت والهيئة مع سهولتها، تكون الأشياء فيها محسوسة، والدوائر المتوهمة مشاهدة. وتصلح لسائر البلاد على اختلاف عروضها وأطوالها.
ولقد كتب أبو عبد الله الروداني عن آلة التوقيت منظومة في علم الميقات وشرحها يوضح فيها كيفية صنعها وطريقة استعمالها. فكان علماء الفلك يأتون إليه من كل فج ليستشيرونه في الأمور المتعلقة بالرصد، فقد اعتنى أبو عبد الله الروداني برصد الكواكب مما دفع به لمزاولة مهنة صنع آلات الرصد ال قائمة على المبادئ الميكانيكية.
ولقد صنف الروداني مؤلفا في صنع الأسطرلاب سماه بهجة الطلاب في العمل بالأسطرلاب الذي تميز بأسلوبه السهل، فانتشر بين طلاب العلم في المعمورة.
وكتاب تحفة أولي الألباب في العمل بالأسطرلاب الذي بقي طويلا يستعمل لقياس مواضع الكواكب وتحديد سيرها، وكذلك لمراقبة حالة الجو وشئون الملاحة. وقد جمع في هذا الكتاب آراء العلماء الأوائل في حقل علم الفلك، حيث صار من أهم المراجع للباحثين ليس فقط لمن يريد أن يعرف كيف يستخدم الأسطرلاب، ولكن أيضا لمن يريد أن يطلع على طريقة صناعة الأسطرلاب.
كما أتقن الروداني دراسة علوم اللغة والشريعة وترك فيها من المؤلفات التي تنم على تعمقه فيها ففي علوم العربية صنف كتاب حاشية على التسهيل في النحو ، وكتاب مختصر تلخيص المفتاح في المعاني وشرحه . كما صنف في العلوم الشرعية كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد في الجمع بين الكتب الخمسة والموطأ، وكتاب صلة الخلف بموصول السلف، وأوائل الكتب الدينية .
-------------------------------------------------------------------
السجزي
(000-415هـ /000 -1024)
هو أحمد بن محمد بن عبد الجليل السِّجْزي. رياضي وفلكي عاش في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي.
والسجزي من علماء الرياضة والفلك المشهورين في تاريخ الحضارة الإسلامية. ولم تذكر الموسوعات وكتب تاريخ العلوم عام ميلاده، ولكنها اختلفت في عام وفاته ما بين عامي 415هـ/1204م، و416 هـ/1025م، وقد أجمع معظم مؤرخي العلوم بعد تحقيق المعلومات المتاحة عن حياته على أنه توفي عام 415هـ /1024م. ولقب السجزي نسبة لبلده سجستان شرقي إيران. وقد عاصره البيروني وتحدث البيروني عنه مبجلا إياه في كتبه.
يعد الباحثون السجزي أول مَن تحدث عن حركة الأرض وذلك عندما أبدع الأسطرلاب الزورقي المبني على أن الأرض متحركة تدور حول محور لها، وكذلك الفلك السبعة السيارة وما تبقى من الفلك ثابت.
وقد وصف في إحدى مؤلفاته آلة تعرف بها الأبعاد، وشرح تركيبها وطرق عملها، والكتاب بعنوان مقدمة لصنعة آلة تعرف بها الأبعاد . وللسجزي ما يزيد عن أربعين كتابا ورسالة، ناقش فيها العديد من المسائل العلمية.
درس السجزي بعناية قطوع المخروط وتقاطعها مع الدائرة. وقد اهتم اهتماما خاصا بالهندسة، وبخاصة في شكلها التعليمي، فكانت بعض كتبه تأخذ هيئة إجابات عن أسئلة مطروحة، ومن أهمها:
1. رسالة في جواب مسائل هندسية
2. و أجوبة على مسائل هندسية
ودرس كذلك صفات بعض الأشكال الهندسية في كتبه، ومنها:
* خواص الأعمدة في المثلث
* رسالة في خواص الدائرة
* رسالة في كيفية تصور الخطين اللذين يقربان ولا يلتقيان
* رسالة في خواص الأعمدة الواقعة في النقطة المعطاة إلى المثلث المتساوي الأضلاع
وكان يحرص على مناقشة الأمور الهندسية والرياضية مع العلماء الآخرين، وقد ناقش كثيرا من آراء إقليدس في كتبه ومن أهمها: رسالة في الشك في الشكل الثالث والعشرين ويقصد به الشكل الثالث والعشرين من المقالة الحادية عشرة من كتاب الأصول لإقليدس. و ثبت براهين بعض الأشكال في كتاب الأصول ، وناقش كذلك أرخميدس في كتابه المأخوذات وذلك في رسالته التي تضمنت جوابا عن المسألة التي سئل فيها عن بعض الأشكال المأخوذة من كتاب المأخواذات.
ومن أهم كتبه الرياضية :رسالة في تحصيل إيقاع النسبة المؤلفة الاثني عشر في الشكل القطاع المسطح بدرجة واحدة وكيفية الأصل الذي تتولد منه هذه الدرجة وقد ألفه عام 389هـ /998 م.
-----------------------------------------------------------------
الطوسي
(597-672هـ / 1201 -1274م)
أبو جعفر محمد بن محمد الحسن نصير الدين الطوسي، عالم رياضي وفلكي وهندسي اشتهر في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي. ولد في خراسان سنة 597هـ/ 1202 م، عاش في بغداد حيث اشتهر بين أصدقائه وذويه وعلماء المشرق والمغرب بلقب "علامة".
أخذ نصير الدين علمه عن كمال الدين بن يونس الموصلي مما دفعه إلى الولع بجمع الكتب حتى كان ينفق الكثير من أمواله على شراء الكتب النادرة. كما تعلم اللغات اللاتينية والفارسية والتركية فأكسبه ذلك مقدرة على فهم واستيعاب معارف شتى. كما درس تراث الإغريق وترجم كتبهم وبرز في علوم المثلثات والجبر والفلك والهندسة، حتى أسندت إليه إدارة مرصد مراغة، وهو مرصد عرف بآلاته الفلكية الدقيقة وأرصاده المنتظمة ومكتبته الضخمة وعلمائه الفلكيين الذين كانوا يتقاطرون عليه من مختلف أنحاء العالم طلبا للعلم.
ولقد احتل الطوسي مكانة عالية ودرجة رفيعة عند خلفاء العباسيين لنباهته وحدة ذكائه، ولهذا فإن أحد وزراء البلاط أضمر له الغدر حسدا وأرسل إلى حاكم قهستان يتهمه زورا وبهتانا ، مما دفع به إلى السجن في إحدى القلاع، وكان من نتيجة سجنه أن أنجز في خلال اعتقاله معظم مصنفاته في الفلك والرياضيات، وهي التي كانت سبب ذيوع صيته وشهرته وبروز اسمه بين عباقرة الإسلام في جميع الأنحاء. وعندما استولى هولاكو المغولي على السلطة في بغداد أخرج الطوسي من السجن وقربه إليه وجعله أميرا على أوقاف المماليك التي استولى عليها ، فاستغل الطوسي الأموال التي كسبها في بناء مكتبة ضخمة حوت أكثر من أربعمائة ألف مجلد من نوادر الكتب.
ولقد أبدع الطوسي في علم الرياضيات بجميع فروعه، وكان له فضل وأثر كبيران في تعريف الأعداد الصم، كما يعود إليه الفضل في فصل حساب المثلثات عن علم الفلك. وهو أول من طور نظريات جيب الزاوية إلى ما هي عليه الآن مستعملا المثلث المستوي. كما كان أول من قدم المتطابقات المثلثية للمثلث الكروي قائم الزاوية. كما وضع قاعدته التي أسماها " قاعدة الأشكال المتتامة " فهي تخالف نظرية بطليموس في الأشكال الر باعية، وهي في الحقيقة صورة مبسطة لقانون الجيوب الذي يقضي بأن جيوب الزوايا تتناسب مع الأضلاع المقابلة لها.
وفي الهندسة أظهر الطوسي ذكاء منقطع النظير،حيث بنى برهانه على افتراضات عبقرية. ثم إن الطوسي برهن أيضا أن نقطة تماس الدائرة الصغرى على قطر الدائرة الكبرى، وهي النظرية التي كانت أساس تعميم جهاز الأسطرلاب المستعمل في علم الفلك. وقد اهتم الطوسي كذلك بالهندسة الفوقية أو اللا إقليدية (الهندسة الهندلولية) التي تثبت على أسس منطقية تناقض هندسة إقليدس والتي كان يعتقد أنها لا تقبل التغير أو الانتقاد، ذلك أن الطوسي أبدع في دراسة العلاقة بين المنطق والرياضيات.
كما نال الطوسي سمعة طيبة مرموقة في علم البصريات، إذ أتى ببرهان مستحدث لتساوي زاويتي السقوط والانعكاس.
ألف الطوسي في علم الحساب وحساب المثلثات والجبر والهيئة والجغرافية والطبيعيات والمنطق، حتى إن عدد كتبه فاق (145) كتابا. معظمها في شروح ونقد كتب اليونان من أهمها:
* كتاب المأخوذات في الهندسة لأرخميدس
* كتاب الكرة والأسطوانة لأرخميدس
* كتاب أرخميدس في تكسير الدائرة وغيرها
* كتاب الكرة المتحركة لأطوقولوس
* كتاب الطلوع والغروب لأطولوقوس
* رسالة تحرير كتاب الأكر لمنالاوس
* كتاب تحرير إقليدس
* كتاب المعطيات لإقليدس
* رسالة في الموضوعة الخامسة(من موضوعات إقليدس)
أما أهم مصنفاته فهي:
* الرسالة الشافية عن الشك في الخطوط المتوازية
* كتاب تحرير المناظر (في البصريات)
* كتاب تسطيح الأرض وتربيع الدوائر
* كتاب قواعد الهندسة
* كتاب الجبر والمقابلة
* رسالة في المثلثات الكروية
* كتاب مساحة الأشكال البسيطة والكروية
* كتاب تحرير المساكن
* كتاب الجامع في الحساب
* ومقالة في القطاع الكروي والنسب الواقعة عليه
* ومقالة في قياس الدوائر العظمى
---------------------------------------------------------------------
الطرابلسي
(000-560هـ / 000 -1164م)
أبو إسحق إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الطرابلسي المغربي المعروف بابن الأجدابي، نسبة لمدينة أجداده أجدابية التي تقع شرق ميناء طرابلس الغرب في ليبيا. عالم الفلك واللغوي النسابة. عاش في القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي. ولم تحدد الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم عام ميلاده، ولم تذكر كذلك عن حياته شيئا إلا أنه عاش بطرابلس الغرب الليبية وتوفي بها عام 560 هـ /1164 م.
وللطرابلسي كتاب مرجعي في علم الأنواء وأساساته والفصول وأوقاتها ومناظر النجوم وهيئاتها بأسلوب يسير مما سهل تناوله وتداوله بين الأقطار العربية واعتباره من الكتب المصادر في هذا العلم. والكتاب بعنوان: الأزمنة والأنواء، وقد عرّف الطرابلسي علم الأنواء تعريفا دقيقا بقوله: النجوم التي تنسب لها الأنواء هي منازل القمر الثمانية والعشرون، ومعنى النوء أن يسقط النجم منها في المغرب، وقد بقي من الليل غبش يسير، ويطلع آخر يقابله تلك الساعة من المشرق، والذي ناء منهما في الحقيقة هو الطالع، لأن النوء في اللغة النهوض. ونلاحظ ربطه في التعريف بين خبرته العملية والنظرية في هذا العلم وبين خبرته ومعرفته اللغوية، وذكر خبرات السابقين عليه من العلماء وناقشها، ومنهم: الدينوري والفراء والأصمعي. ويعد مؤرخو العلوم هذا الكتاب من أهم الكتب العربية في علم الأنواء، وذلك لقيمته العلمية والتاريخية إذ يستعرض بدقة معارف المسلمين السابقة عليه في هذا العلم، مع تقييم ومناقشة لها وذكر لمعلومات دقيقة عن الموضوعات التي تناولها.
----------------------------------------------------------------
قطب الدين الشيرازي
(634-710هـ / 1236 -1310م)
قطب الدين محمد بن ضياء الدين مسعود بن مصلح الفارسي الشيرازي، قاض، ومفسر، وعالم بالطبيعيات اشتهر في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي. ولد في مدينة شيراز ببلاد فارس عام 634هـ لأسرة مشهورة بالطب والتصوف فقد كان أبوه ضياء الدين أستاذا صوفيا وطبيبا مشهورا.
تلقى قطب الدين في شيراز تعليمه الأساسي، كما تلقى بعض الممارسات الخاصة بالطب والتصوف تحت إشراف والده. وبالإضافة إلى هذا فقد تعلم قطب الدين في طفولته عددا كبيرا من الصناعات ماعدا صناعة الشعر. ولقد بدأ قطب الدين تعلمه للطب مبكرا، إذ لم يتجاوز عمره آنذاك العشر سنوات.
وببلوغه الرابعة عشرة من عمره وفي حضرة وفاة والده أسند لقطب الدين وظيفة والده كطبيب ممارس في مستشفى مظفر بشيراز. وبقي في هذا المنصب قرابة عشر سنوات. وأثناء هذه المدة التي قضاها في مستشفى مظفر درس لقطب الدين ثلاثة أساتذة كلهم كانوا من أعمامه.
ثم انتقل إلى أستاذه كمال الدين أبي الخير الكيزروني ومعه درس كليات ابن سينا . ومع أستاذه شمس الدين محمد بن أحمد الكبشي درس قطب الدين العلوم الدينية.
سافر قطب الدين إلى بغداد عام 665هـ/1268م، حيث اشترك في الحلقة العلمية لشرف الدين زكي البشكاني، ومن خلال اشتراكه في دروس شرف الدين استطاع قطب الدين أن يطلع على شروح ابن سينا في الطب وكذلك أعمال الرازي .
وقد وجد قطب الدين من خلال اطلاعه على هذه الأعمال لذة في دراسة فلسفة وطب ابن سينا، ولكن لم يكن في ذاك الوقت من هو أهلا لأن يشبع رغبة قطب الدين في معرفة المزيد في هذه العلوم. ولهذا السبب ترك قطب الدين وظيفته في مستشفى المظفر متجها إلى مراغة عام 660هـ.
تتلمذ قطب الدين في مراغة على يد أستاذه نصير الدين الطوسي ولقد كان اختيار قطب الدين للأستاذ والمكان اختيارا موفقا، فقد كان نصير الدين الطوسي أحد أساتذة الفلسفة والفلك في وقته، كما أنه كان مديرا لمرصد مراغة الذي كان قد اكتمل بناؤه وبدئ العمل فيه وقت أن وصل قطب الدين لمراغة. ولم يكن مرصد مراغة هذا مرصدا فلكيا فقط وإنما كان مكتبة ضخمة تحوي أكث ر من أربعمائة ألف كتاب، بعضها كان مؤلفات لأشهر علماء اليونان.
مكث قطب الدين في مرصد مراغة عدة سنوات حضر خلالها الحلقات العلمية التي كان يعقدها نصير الدين الطوسي، حتى أخبره أستاذه نصير الدين أن يتفرغ لدراسة الرياضيات والفلك. أخذ قطب الدين بنصيحة أستاذه، حتى كان لهما عملا مشتركا في مجال الفلك عرف باسمها لاحقا كأحد أفضل أعمال القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي، ألا وهو تصور كامل لحركة الكواكب.
أكمل قطب الدين دراسته لفلسفة ابن سينا على يد أستاذه نصير الدين، وقرأ أحد أهم كتب ابن سينا المعروف باسم الإشارات والتنبيهات . كما أكمل أيضا دراسة كتاب القانون لابن سينا، واستطاع بمساعدة أستاذه ومن خلال تواجده في مكتبة مراغة أن يجد إجابات للمعضلات التي واجهها أثناء قراءته لهذا الكتاب في شيراز.
ولما كانت رغبته في معرفة المزيد تفوق ما كانت مكتبة مراغة تمنحه إياه، فقد آثر قطب الدين الرحيل إلى خراسان. وهناك درس مع نجم الدين القزويني الذي كان فيلسوفا وفلكيا ورياضيا مشهورا في وقته. وبعدها توجه قطب الدين إلى قزوين ثم أصفهان . وهناك ارتبط قطب الدين بالعمل مع حاكمها، بهاء الدين محمد الجويني. ثم غادر قطب الدين أصفهان إلى بغداد، وهناك قابل عددا من أساتذة التصوف كان من بينهم محمد بن السكران البغدادي.
غادر قطب الدين بغداد متجها إلى الأناضول وقابل بها جلال الدين الرومي، أحد أشهر شعراء التصوف في الإسلام. ولكن قطب الدين لم يمكث طويلا في الأناضول، إذ غادرها متوجها إلى قنا، وبها تتلمذ على أستاذه صدر الدين القناوي، فدرس معه الطريقة الصوفية والتفسير وعلوم الحديث. وفي قنا استطاع قطب الدين أن يقابل عددا كبيرا من العلماء الذين اتخذوا من قنا ملجأ بعد أن غزا التتار الجزء الشرقي للعالم الإسلامي.
وبوفاة صدر الدين القناوي، غادر قطب الدين قنا متجها إلى سيواس وملطايا في قطاع الأناضول وكانت وقتها تحت حكم المغول، حيث تقلد منصب القضاء فيها بتعيين من معين الدين بروانة، الحاكم السلجوقي لقطاع الأناضول، وكان قطب الدين قد تعرف عليه سابقا أثناء تواجده في قنا. ولما كان معظم عمل قطب الدين ينجز من قبل مساعديه، فقد تفرغ قطب الدين للتدريس والكتابة.
قام قطب الدين بعدة زيارات لتبريز، عاصمة الإخنديين في فارس. من خلال زياراته المتكررة لتبريز، أصبح قطب الدين صديقا قريبا لأحمد تكدر وهو ابن لهولاكو ملك التتار. وكان لهذه الصداقة أثر كبير في اعتناق أحمد تكدر الإسلام. وبسبب صلة قطب الدين بالإخنديين فقد قدر له أن يعمل بالسياسة.
وفي عام 681هـ أرسل أحمد تكدر، قطب الدين برفقة كمال الدين الرافعي وبهاء الدين بهلوان كسفراء عنه إلى المستنصر سيف الدين قلاوون، سلطان المماليك في مصر، وذلك حتى يشهروا إسلام أحمد له، وكذلك للتوصل إلى السلام بين المماليك والتتار. وعلى الرغم أن قطب الدين لم يفلح في مهمته السياسية، إلا أن رحلته إلى مصر كانت موفقة جدا من الناحية العلمية. فأثناء زيارته إلى مصر، عرج قطب الدين على مكتبات مصر وهناك وجد شروح لقانون ابن سينا، منها شرح ابن النفيس . ولقد كان عثور قطب الدين على هذه الشروح إشباعا لرغبته الملحة في التوصل إلى إجابات عن استفساراته في قانون ابن سينا والتي طالما طاف الديار بحثا عنها.
ترك قطب الدين مصر متجها إلى سوريا وبها مكث طويلا حيث قام بتدريس كتاب الشفاء لابن سينا. ومن سوريا رجع قطب الدين إلى الأناضول وبه بدأ كتابة شرح على القانون وأسماه شرح كليات القانون . وفي عام 690هـ/1291م استقر قطب الدين في تبريز والتي كانت وقتها تحت حكم جازان خان خليفة أحمد تكدر، كما كانت مركزا ثقافيا هاما للعالم الإسلامي. وبها مكث قطب الدين بقية عمره واهبا نفسه للكتابة حتى وافته المنية عام 710هـ/1311م.
اشتهر الشيرازي بإنجازاته المتنوعة ففي الفلك أكمل الكثير من التجارب الفلكية التي لم يكملها أستاذه نصير الدين الطوسي. فقد طور أنموذجا فلكيا لعطارد الذي بدأ به الطوسي، وفي الطبيعيات اكتشف مسببات قوس قزح ، وعلق على كروية الأرض تعليقا علميا، وشرح النقاط الغامضة في مؤلفات أستاذه. كما علق وشرح كتاب القانون لابن سينا.
ترك قطب الدين الشيرازي عددا كبيرا من المؤلفات معظمها في الفلك والطبيعيات والطب ، من أهمها:
v كتاب شرح التذكرة النصيرية في الهيئة
v كتاب التحفة الشاهية في الهيئة
v كتاب نهاية الإدراك في دراية الأفلاك
v كتاب التبصرة في الهيئة
v رسالة في حركة الدحرجة والنسبة بين المستوي والمنحني
v كتاب تحرير الزيج الجديد الرضواني
v كتاب بعض مشكلات المجسطي
v كتاب درة التاج لغرة الديباج وهو في الطبيعيات ومن أهم كتبه.
وفي الطب
v كتاب نزهة الحكماء وروضة الأطباء وهو شرح وتعليق على قانون ابن سينا
v رسالة في بيان الحاجة إلى الطب وآداب الأطباء ووصاياهم
v رسالة البرص.
--------------------------------------------------------------------
السرخسي
(000 - 286هـ / 000 - 899م)
أحمد بن محمد بن مروان السرخسي، المعروف بابن الفرائقي وابن الطيب عالم الأرض الرياضي الطبيب الفلكي. عاش في القرن الثالث الهجري - التاسع الميلادي.
ولد السرخسي بمدينة سرخس بخراسان، ونشأ بها وتلقى تعليمه الأول، حيث حفظ للقرآن الكريم وتعلم مبادئ الرياضيات، ثم شد رحاله إلى مدينة بغداد ، وسعى لتلقي العلم على يد الكندي العالم الموسوعي الفيلسوف، وصار واحدا من أنبغ تلاميذه، وعد من أهم العلماء الموسوعيين فقد كان شاعرا ومحدثا وطبيبا وفلكيا ورياضيا. وفي الفن كان مؤلفا موسيقيا ذواقة يعرف الموسيقى نظريا وعمليا، وكان من علماء المنطق. وحين ذاع صيته اختير ليكون معلما للمعتضد في شبابه الأول، فقد كان السرخسي متفننا أيضا في علوم القدماء والعرب وآدابهم، كما كان حسن المعرفة جيد القريحة بليغ اللسان، ويعده المؤرخون أوحد زمانه في علمي النحو والشعر.
كان السرخسي حسن العشرة، مليح النادرة، ظريفا، محبا للفكاهة، وحين دخل المعتضد سن الرجولة كان السرخسي من أهم ندمائه وأصدقائه المقربين، وحين ولي المعتضد الخلافة عام 279هـ - 901م ولاه منصب الحسبة في بغداد، فقد كان يثق به ويفضي إليه بأسراره ويستشيره في أمور الحكم. وعلى الرغم من ذلك كانت تغلب على السرخسي طيبة القلب فكان لا يعرف المجاملة مما أدى إلى غضب حاشية المعتضد عليه فدبروا له حيلة جعلت المعتضد يغضب عليه ويأمر بسجنه ومصادرة أمواله. وقد توفي السرخسي عام 286هـ - 899م قتلا بيد أحد أعوان المعتضد دون إذن منه بذلك.
يحكى أن المعتضد خرج على رأس جيش ليسترد مدينة آمد بديار بكر، فاستغل المساجين الذين كانوا بالمطامير في بغداد الفرصة فهربوا ورفض السرخسي أن يهرب معهم، ومع ذلك عندما قبض على المساجين وأمر صاحب الشرطة أن يقتلوا قتل معهم السرخسي .
وقد فقدت معظم كتب السرخسي في كافة العلوم، ولم يبق إلا القليل منها، وقد اهتم السرخسي بعلوم الأرض خاصة، فكانت معظم كتبه مؤلفة فيها. ومن أهم الظواهر الطبيعية التي اهتم بها السرخسي المناخ وأثره على السكان والحياة. وكذلك تكلم عن الجبال.
ومن أهم مؤلفات السرخسي في علم الأرض:
* أحداث الجو
* منفعة الجبال
* الضباب
* المسالك والممالك
* برد أيام العجوز
وفي الرياضيات:
* الأرثماطيقي في ا لأعداد والجبر والمقابلة
وفي الفلك:
* المدخل إلى صناعة النجوم
* اختلاف الأزياج
وفي الطب:
* المدخل إلى صناعة الطب
* البول
* الرد على جالينوس في الطعم المر
* مقالة في البهق والنمش والكلف
* رسالة في الخضابات المسودة للشعر
وله في علم الموسيقى:
* الموسيقى الكبير
* الموسيقى الصغير
* المدخل إلى علم الموسيقى
---------------------------------------------------------------------
العُرضي
(000-664هـ / 000 -1266م)
مؤيد الدين بن بريك المهندس العرضي العامري. عالم رياضي وفلكي اشتهر في القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي. ولد بمدينة عُرض وهي بلدة واقعة بين تدمر والرصافة، وإليها نسب. أما نسبه فيمتد إلى قبيلة بني عامر العربية، حيث هاجر والده إلى الشام وبها استقر.
نشأ العُرضي في مدينة عرض وبها ترعرع، ثم تلقى العلوم الأساسية على أيدي شيوخ البلدة. وعندما شب ارتحل إلى دمشق حيث تتلمذ هناك على كبار الشيوخ. وقد أظهر العُرضي براعة كبيرة في الرياضيات وولع بالهندسة ولا سيما هندسة إقليدس، حتى عرف بالمهندس وقرأ عليه كثير من العلماء منهم ابن القف الطبيب.
وفي دمشق بدأ العرضي بتصميم آلات رصد فلكية أشرف عليها الملك المنصور إبراهيم صاحب حمص. وهو ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه الأيوبي.
وعندما أنشأ هولاكو مرصد مراغة ، عرض نصير الدين الطوسي على العرضي وظيفة المشرف على آلات الرصد فوافق. وانتقل العُرضي إلى مراغة، عام 657هـ/ 1259م ليكون ضمن أول فريق عمل بالمرصد. ولقد ضم فريق الرصد حوالي عشرين عالما من أشهرهم محيي الدين المغربي، وقطب الدين الشيرازي .
ظل العُرضي يعمل في المرصد حيث اشترك في وضع الزيج الأليخاني . كما صنع عددا من الآلات الرصدية ضمنها في رسالة بعنوان في كيفية عمل آلات الرصد وكيفية استعمالها.
كما ترك العُرضي عددا آخر من الأعمال منها رسالة العمل في الكرة الكاملة ، ورسالة صغيرة برهن فيها الشكل الرابع في تاسعة المجسطي. أما أهم أعماله فكانت كتاب الهيئة الذي أصبح مرجعا لمن بعده من العلماء، وكان تأثيره واضحا في أعمال كل من قطب الدين الشيرازي، و ابن الشاطر .
-----------------------------------------------------------------
الصوفي
(291-376هـ / 903 -986م)
أبو الحسن عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سهل الصوفي، أحد أشهر فلكي القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. ولد بالري بالقرب من طهران عاصمة إيران حاليا.
هاجر الصوفي إلى بغداد ونال تقدير ولاة الأمر فيها، فكان صديقا للملك عضد الدولة أحد ملوك بني بويه، ولقي عنده التقدير الحار. وكان عضد الدولة يفخر بمعلميه مثل أستاذه في النحو أبي علي الفارسي وأستاذه في حل الزيج الشريف ابن الأعلم، وأستاذه في صور الكواكب وأماكنها وسيرها عبد الرحمن الصوفي. وكان الصوفي يمتاز بالنبل والذكاء ودقة رصده للنجوم، وقد نال بذلك شهرة كبيرة، باعتباره واحدا من أعظم علماء الفلك في الإسلام.
وتعود شهرة الصوفي الحقيقية إلى تصحيحه لأرصاد بطليموس فقد أعاد الصوفي رصد النجوم جميعا نجما نجما، وعين أماكنها وأقدارها بدقة فائقة، وقام بإصلاحها بالنسبة إلى مبادرة الاعتدالين. وذكر أن بطليموس وأسلافه راقبوا حركة دائرة البروج فوجدوها درجة كل (100) سنة. أما هو فوجدها درجة كل (66) سنة.
وهي الآن درجة كل (71) سنة ونصف سنة. وعلل استخدام منجمي العرب لمنازل القمر باعتمادهم على الشهر القمري، وقال إن كثيرين يحسبون عدد النجوم الثابتة (1025) نجما. والحقيقة أن عدد النجوم الظاهرة أكثر من ذلك، والنجوم الخفية أكثر من أن تحصى، وعد (1022) نجما، منها (360) نجما في الصور الشمالية، و(346) نجما في دائرة البروج، و(316) في الصور الجنوبية.
ومما امتازت به أرصاد الصوفي أنه لم يذكر لون نجم الشعرى العبوري مع أن بطليموس وإبرخس قالا إن لونها ضارب إلى الحمرة، فكأن احمرارها كان قد زال في أيامه، وصار لونها كما هو الآن.
كان اهتمام الصوفي بعلم الفلك يعود إلى إلمامه العميق بالدين الحنيف لما في النجوم ومداراتها، والشمس وعظمتها، والقمر وسيره، لبراهين ساطعة على عظمة الله عز وجل. ولقد لعبت النجوم دورا كبيرا في حياة العرب منذ أن كانوا رحلا في الصحراء يعتبرون السماء خيمتهم البراقة، ويكثرون التأمل فيها، لتألقها وجمالها. وقد دفع هذا الصوفي إلى صنع كرة سماو ية أوضح فيها أسماء النجوم، واستدرك على العلماء السابقين عددا منها، وضبط كثيرا من مقاديرها ثم جمع أسماءها العربية المعروفة عند البدو. واستعمل فيها الرسوم الملونة كوسيلة للإيضاح.
وقد أودع الصوفي العديد من الصور الملونة للنجوم وشرح أشكالها وبين خصائصها في كتابه الشهير صور الكواكب الثمانية والأربعين .
أما مؤلفات الصوفي الأخرى فهي:
v كتاب الأرجوزة في الكواكب الثابتة
v كتاب التذكرة
v كتاب مطارح الشعاعات
v كتاب العمل بالأسطرلاب
--------------------------------------------------------------------
الفرغاني
(000-كان حيا 240هـ / 000 -861م)
أبو العباس أحمد بن محمد بن كثير الفرغاني، رياضي وفلكي اشتهر في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. ولد في فرغان من بلاد ما وراء النهر، ثم انتقل إلى بغداد فأقام فيها.
درس الفرغاني علوم الرياضيات والفلك حتى برع فيها، ونال حظوة عند الخليفة العباسي المأمون فكان من المقربين عنده لعلمه وخلقه ونزاهته. وقد أسند المأمون إليه دراسات كثيرة تتعلق بعلم الهيئة فقام بها على أحسن وجه كما عينه رئيسا لمرصد الشماسية في بغداد الذي يعتبر أول مرصد في الإسلام.
وفي مرصد الشماسية عكف الفرغاني على دراسة علم تسطيح الكرة عن قرب فكان له آراء ونظريات أصيلة. وعندما قرر المأمون التحقق من قيمة محيط الأرض التي ذكرها القدماء اليونانيون، كان الفرغاني ضمن الفريق الذي خرج إلى صحراء سنجار مع بني موسى بن شاكر ، وكانت القياسات التي توصلوا إليها في غاية الدقة. وفي عهد المتوكل كلف بنو موسى الفرغاني بإنشاء قناة الجعفري، إلا أنه قد ارتكب خطأ كبيرا في أخذ مناسيب القناة بحيث إنها لم تكن لتمتلئ بالماء إلى العمق المطلوب.
كذلك قام الفرغاني بتطوير المزولة . وعمل عدة تطويرات لآلة الأسطرلاب الذي استخدمه في قياس المسافات بين الكواكب وإيجاد القيمة العددية لحجومها. ولقد حدد الفرغاني أقطار بعض الكواكب مقارنة مع قطر الأرض فذكر أن حجم القمر (39 / 1 ) من حجم الأرض ، و الشمس (166) ضعفا للأرض، والمريخ (8 / 15 ) من حجم الأرض، والمشتري (95 ضعفا) للأرض، وزحل (90) ضعفا للأرض. وهي قياسات تختلف قليلا عما توصل إليه العلم الحديث. ولقد بقيت قياسات الفرغاني مستخدمة في جميع بقاع العالم حتى القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي. كما اعتمد علماء العرب والمسلمين في علم الفلك على نتائج الفرغاني.
ولقد ترك أبو العباس الفرغاني آثارا خالدة في مجال علم الفلك من أهمها:
v مختصر لكتاب المجسطي لبطليموس وقد نال هذا الكتاب شهرة كبيرة وترجم إلى اللغة اللاتينية.
v وكتاب الكامل ووضع فيه آراء في علم تسطيح الكرة.
v وكتاب الأسطرلاب ذكر فيه تعديلاته في آلة الأسطرلاب .
Bookmarks