حرب باردة ..
حرب ضروس ..

حرب تورث في الأنفس أحزانا ..
وتلهبها نيرانا ..
حرب بلا أسلحة .. بلا أدوات .. وبلا صوت !

طرف فيها ظالم .. والآخر مظلوم ..
يضرب ظالمها بلا سياط مظلومَها
يجلده بلا أداة جلد ..

حرب تحرق أخضر المظلوم ويابسه
فلا تذر له إلا الرماد يناظره متحسرا على ما احترق من أخضره ..

حرب تتقاذف فيها العيون سهاما قاتلة تخترق الأجساد والقلوب
فتصيبها بأدواء لا يملك صاحبها أن يردها
حرب كره .. حرب حقد .. حرب عداء ..

حرب تمني زوال النعمة عن الآخرين !

إنه الحسد ..
مصيبة هذا الزمان
وداء انتشر في كل مكان
ما ترك أصحابه للناس خيرا صغيرا ولا كبيرا
إلا تمنوا زواله
تمنوا زوال كل شيء .. كل شيء
تمنوا زوال الصحة .. والعلم .. والمال .. والولد ..
تمنوا الشر للمسلمين .. ولم يراعوا بذاك حرمة للدين

ظلموا وما أنصفوا ولا أحسنوا
ظلموا ولم ينتفعوا بظلمهم
فما عاد عليهم إلا بالأحقاد .. !

الحسد حلبة صراع قامت عليها الحرب الباردة
ظَلَم فيها من ظَلَم .. وظُلِم فيها من ظُلِم

لا رابح فيها .. !
إنما الكل خاسر
فالمظلوم يخسر نعمة .. والظالم يكسب نقمة .. !
ألم يأنِ لهذا الظالم أن يتقي الله ؟

أما والله لو ترك الحاسد الناس بحالها لكسب ودها
ولو أنه حمد الله وشكره لزاده ربه من نعمه
ولكنه الظلم يأبى أن يفارق بني البشر ..
أو يحيد عن دربهم
إن لم يظلم المرء غيره ظلم نفسه .. !

فأسأل الله أن يجنبنا أن نَحسد أو نُحسد
فكلاهما وربي شر ..
وما جُني من كليهما إلا تلك الحرب

تلك الحرب الباردة
لا يحس وطيسها إلا من أُقحم فيها
إي وربي .. فلا أذاقكم الله من هذا الوطيس