بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين .
وروى أبو داود (4605) والترمذي (2663) وابن ماجة (13) عن أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ : لَا نَدْرِي ، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ ، وإلا فَلاَ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره ، وروى الترمذي (2664) وابن ماجة (12) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ . أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) . فهذه الاحاديث تثبتُ نفسها بنفسها , وتثبتُ ان حجة القائل بالتعارض بين القرآن والسنة حججٌ واهية فلا ترتقي حجة المنفي إلي القبول ، فما أشد حرمة التكلم في حجية سنة النبي صلى الله عليه وسلم لأن السنة مقرونة بالقرآن الكريم قال جل في علاه : ((واذا يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبلنا منا انك انت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انت انت العزيز الحكيم )) ، وقال جل في علاه : ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ )) ، وقال تعالى : ((وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) ، فالحمد لله تعالى أن جعلنا من أهل السنة والجماعة وأعاننا على فعل الخيرا والله الموفق .
الخبر الأول :
حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي كَرِيمَةَ , عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّهُ دَعَا الْيَهُودَ فَسَأَلَهُمْ ، فَحَدَّثُوهُ حَتَّى كَذَبُوا عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَصَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ ، فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ : " إِنَّ الْحَدِيثَ سَيَفْشُو عَنِّي ، فَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي يُوَافِقُ الْقُرْآنَ فَهُوَ عَنِّي ، وَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي يُخَالِفُ الْقُرْآنَ فَلَيْسَ عَنِّي " .
قلتُ : إن أبي جعفر " يضع الحديث " وهو المعروف عبد الله بن مسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب .
قال الجرجاني : ليس له كبير حديث .
أبو حاتم بن حبان البستي : كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويرسل من الأخبار ما ليس لها أصول، على قلة روايته لا يحتج بخبره، وإن وافق الثقات.
أبو زرعة الرازي : متروك، واه جدا .
أبو نعيم الأصبهاني : وضاع للأحاديث، لا يسوى شيء .
أحمد بن حنبل : اضرب علي حديثه، وأحاديثه موضوعة، وأبي أن يحدثنا عنه، ومرة: أحاديثه مناكير كأنها موضوعة اضرب على حديثه، تركت أنا حديثه، وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدثنا عنه ، أحمد بن شعيب النسائي : كذاب، ومرة: متروك الحديث ، إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : أحاديثه موضوعة ، إسحاق بن راهويه : معروف عند أهل العلم بوضع الحديث.
ابن أبي حاتم الرازي : الهاشميون لا يعرفونه، وهو ضعيف الحديث، يحدث بمراسيل لا يوجد لها أصل في أحاديث الثقات .
ابن حجر العسقلاني : تابعي صغير أرسل شيئا فذكره بعضهم في الصحابة وهو غلط .
قال السيوطي رحمه الله تعالى في مفتاح الجنة : قال البيهقي وقد روى الحديث من أوجه أخر كلها ضعيفة ثم أخرج من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن الأصبع بن محمد بن أبي منصور أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال الحديث على ثلاث فأيما حديث بلغكم عني تعرفونه بكتاب الله فاقبلوه وأيما حديث بلغكم عني لا تجدون في القرآن موضعه ولا تعرفون موضعه فلا تقبلوه وأيما حديث بلغكم عني تقشعر منه جلودكم وتشمئز منه قلوبكم وتجدون في القرآن خلافه فردوه قال البيهقي وهذه رواية منقطعة عن رجل مجهول .
ثم أخرج بسنده من طريق عاصم بن أبي النجود عن زربن حبيش عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنها تكون بعدي رواة يروون عني الحديث فاعرضوا حديثهم على القرآن فما وافق القرآن فحدثوا به وما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا به قال البيهقي قال الدارقطني هذا وهم والصواب عن عاصم عن زيد بن علي منقطعا قال بسنده من طريق بشر بن نمير عن حسين ابن عبد الله عن ابيه عن جده عن علي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إنه سيأتي ناس يحدثون عني حديثا فمن حدثكم حديثا يضارع القرآن فأنا قلته ومن حدثكم حديثا لا يضارع القرآن فلم أقله قال البيهقي هذا إسناد ضعيف لا يحتج بمثله حسين بن عبد الله بن ضميرة قال فيه ابن معين ليس بشيء وبشر بن نمير ليس بثقة ثم أخرج بسنده من طريق صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنه سيأتيكم مني أحاديث مختلفة فما أتاكم موافقا لكتاب الله وسنتي فهو مني وما أتاكم مخالفا لكتاب الله وسنتي فليس مني قال البيهقي تفرد به صالح بن موسى الطلحي وهو ضعيف لا يحتج بحديثه قلت ومع ذلك فالحديث لنا لا علينا ألا ترى إلى قوله موافقا لكتاب الله وسنتي ، ثم أخرج البيهقي من طريق يحيى بن آدم عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا حدثتم عني حديثا تعرفونه ولا تنكرونه قلته أو لم أقله فصدقوا به فإني أقول ما يعرف ولا ينكر وإذا حدثتم عني حديثا تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدقوا به فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف قال البيهقي قال ابن خزيمة في صحة هذا الحديث مقال لم نر في شرق الأرض ولا غربها أحدا يعرف خبر ابن أبي ذئب من غير رواية يحيى بن آدم ولا رأيت أحدا من علماء الحديث يثبت هذا عن أبي هريرة قال البيهقي وهو مختلف على يحيى بن آدم في إسناده ومتنه اختلافا كثيرا يوجب الاضطراب منهم من يذكر أبا هريرة ومنهم من لا يذكره ويرسل الحديث ومنهم من يقول في متنه إذا رويتم الحديث عني فاعرضوه على كتاب الله وقال البخاري في تاريخه ذكر أبي هريرة فيه وهم ثم أخرج البيهقي من طريق الحارث بن نبهان عن محمد بن عبد الله العرزمي عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ما بلغكم عني من حديث حسن لم أقله فأنا قلته قال البيهقي هذا باطل والحارث والعرزمي متروكان وعبد الله بن سعيد عن أبي هريرة مرسل فاحش قال وقد روى عن أبي هريرة ما يضاد بعض هذا ثم أخرج من طريق أبي معشر السندي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الحديث من حديثي فيقول أتل على قرانا ما آتاكم من خير عني قلته أو لم أقله فأنا أقوله وما أتاكم عني من شر فإني لا أقول الشر قال البيهقي صدر هذا الحديث موافق للاحاديث الصحيحة في قبول الأخبار وقوله قلته أو لم أقله في هذه الأحاديث مالا يليق بكلام النبي صلى الله عليه و سلم ولا يشبه المقبول ...
أما من ناحية المتن :
أما وقد روي هذا الحديث بطرق مختلفة فيها " الإرسال " وفيه " الكذاب " وفيها وهم فإن متن الحديث ليس فيه وجهٌ لأعلال السنة أو الكلام على السنة النبوية الكريمة قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَيْسَ يُخَالِفُ الْحَدِيثُ الْقُرْآنَ ، وَلَكِنَّ حَدِيثَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَيِّنُ مَعْنَى مَا أَرَادَ خَاصًّا وَعَامًّا وَنَاسِخًا وَمَنْسُوخًا ، ثُمَّ يُلْزِمُ النَّاسَ مَا سَنَّ بِفَرْضِ اللَّهِ ، فَمَنْ قَبِلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَنِ اللَّهِ قَبِلَ ، قَالَ أَحْمَدُ : هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَجْهُولِ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ , فلَمْ يُعْرَفْ مِنْ حَالِهِ مَا يَثْبُتُ بِهِ خَبَرُهُ ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ كُلِّهَا ضَعِيفٌ ، قَدْ بَيَّنْتُ ضَعْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ ، وليس فيه ما ينفعُ المتكلمين من أي وجه فلا يدلل على أن السنة ليست بحجة على المسلمين ، ولعلني أكتفي بنقد الأسانيد أولاً ثم نتكلم عن المتون لأن الحجة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم إنعقد عليها الإجماع والسنة كما تقدم في موضوعنا السابق هنا .
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=33322
وللحديث تتمة إن شاء الله عز وجل .
Bookmarks