النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: المطر رحمةٌ، وهو حديث العهد بربّه؛ فيُسنّ التبركُ به.

  1. #1

    افتراضي المطر رحمةٌ، وهو حديث العهد بربّه؛ فيُسنّ التبركُ به.

    بمناسبة دخول فصل الشتاء؛ ونزول المطر في بعض البلاد والأماكن، أحببت أن أذكر إخواني بسنّة يغفل عنها بعض المسلمين مع بعض الفوائد العقدية المستفادة من الموضوع، ففي "صحيح مسلم" (898)-وغيره-: عن أنسٍ -رضي الله عنه-، قال: أصابنا ونحن مع رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلم- مطرٌ، قال: فحسَر رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلم- ثوبَه حتى أصابَه مِن المطر، فقلنا: يا رسول الله! لمَ صنعتَ هذا؟ قال: "لأنَّه حديثُ عهدٍ بِربِّه تعالى".
    قال النووي -رحمهُ الله-:
    (( معناه: أن المطر رحمةٌ، وهي قريبة العهد بخلق الله -تعالى-؛ فيتبركُ بها )).
    وقال الحافظ في "الفتح" (تحت حديث 986):
    ((عن أنس قال: حسر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثوبَه حتى أصابه المطر، وقال: "لأنه حديثُ عهدٍ بِربِّه"، قال العلماء: معناه قريب العهد بِتكوينِ ربِّه. وكأنَّ المصنِّفَ أراد أن يُبيِّن أن تَحادُر المطر على لحيته -صلى الله عليه وسلم- لم يكن اتفاقًا؛ وإنما كان قصدًا؛ فلذلك ترجم بقوله: "مَن تمطَّر" أي قصد نزول المطر عليه؛ لأنه لو لم يكن باختياره لنزل عن المنبر أول ما وكف السقف، لكنَّه تمادى في خطبته حتى كثر نزوله بحيث تحادر على لحيته -صلى الله عليه وسلم-)).
    وقال في "شرح صحيح الأدب المفرد" (2/215-رقم444): (( قال القاري (3/611): "فيه تعليمٌ لأمَّته أن يتقرَّبوا ويرغبوا فيما فيه خيرٌ وبركة )).

    قال العلامة عبد المحسن العباد البدر -حفظه الله- في "شرح سنن أبي داود"، باب ما جاء في المطر، (رقم 5100-صححه الألباني):
    (( ... "إنَّه حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ يعني: هذا هو السبب الذي جعله يحسر عن رأسِه.
    ومعلوم أن المطر إنَّما يأتي من السَّحاب المسخَّر بين السَّماءِ والأرض، وهو لا يأتي من السماوات المَبنيَّة؛ وإنَّما: الله -عزَّ وجلَّ- يُرسل الرِّياحَ فتُثير سحابًا فيبسطُه بين السماء والأرض، ثم يُنزِله حيث يشاء، وينفع به مَن يشاء من عبادِه، ويضرُّ به من يشاء مِن عباده؛ فهو يَنزِل من السحاب المسخَّر بين السَّماء والأرض.
    وليس المقصود أنَّه نزل من فوق العرش، وأنَّه "حديث عهدٍ بربِّه" لأنَّه من اللهِ -عزَّ وجلَّ-؛ وإنَّما بكَونِ الله -عزَّ وجلَّ- أنزله، كما قال: {وأنزلنا مِن السَّماءِ ماءً طَهورًا}، {أَأنتُم أنزلتُموهُ مِن المُزنِ أم نحنُ المُنزِلون}؛ فهذا هو المقصودُ من قوله: "حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ يعني: بإنزالِ ربِّه، وبإيجادِ ربِّه، وليس معنى ذلك أنَّه جاء من فوق العرش؛ لأنَّ المطر إنما يأتي من السحابِ المسخَّر بين السماء والأرض )).

    [تفريغًا من (الشريط364/دقيقة: 21:30) من "شرح سنن أبي داود" للعلامة العباد، والمادة الصوتية متوفرة في "موقع أهل الحديث والأثر"].

    قال العلامة ابنُ عثيمين -رحمهُ الله-:
    (( وقال: "فحَسَر ثوبَه"؛ (حسر): يعني رفعَه حتى أصابَه مِن المَطر، ثم علَّل -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- وقال: "إنَّه حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ يعني: قريب عهدٍ بالله -عزَّ وجل-؛ لماذا؟
    لأنَّه خُلق الآن، لمَّا خلقَهُ الآن؛ فهو حديث عهدٍ بربِّه...
    وقولُه: "إنَّه حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ هل هذه العلَّة مُتعدِّية؟ أو إنَّها لازمة -لأن بعضَ العلل تكون لازمة-؟
    الظاهر أنَّها لازمة -لا مُتعدِّية-؛ بمعنى: أنه لا يشرع لنا أن كل شيءٍ يخلقه الله مِن جديد نمسُّه بأبشارِنا.
    ... يعني: لو أنَّ الإنسان يقول: إذا نبت الزرع أوَّل ما ينبت؛ هل [يشرع] أني أحسر عن ثوبي وأمس هذا الزرع الأخضر -مثلًا-؟
    لا؛ لأن هذا ما كان الرسول يفعله؛ فتكون هذه العلَّة قاصرة على ما [...] بها، لا تتعدَّى لغيره، ودليل ذلك التتبُّع بأن الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- ما كان يفعل هذا.
    وقوله: "حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ يستفاد منه فائدة في أصول الدِّين:
    وهو تجدُّد فِعل الله -عزَّ وجلَّ-، وأن اللهَ -عزَّ وجلَّ- يفعل ما يشاء، والفِعل -هنا- المُتجدد بالنسبة إلى المفعول؛ يعني: خلقُه لهذا الشيءِ الجديد غيرُ خلقه لهذا الشَّيء القديم.
    أمَّا أصل الصِّفة (وهي الخلق)؛ فهي قديمة، لازمة لله -عزَّ وجلَّ-، لم يزل ولا يزالُ خلَّاقًا؛ لكنْ: لا شكَّ أنه يخلقُ الولدَ بعد خلق أبيه، أليس كذلك؟ ويأتي الليل بعد النهار، والنهار بعد الليلة السابقة، وكل ذلك مخلوق يتجدَّد.
    فيستفاد منه: قيام الأفعال الاختيارية بالله -عزَّ وجلَّ-، وهذا هو الذي عليه أهل السُّنة والجماعة، وإن كان الأشاعرة وكثير من المتكلِّمين يُنكرون هذا، ويقولون: إنه لا يمكن أن تقوم بالله أفعالٌ اختياريَّة؛ لماذا؟ قالوا: لأنَّ الفعل الحادث لا يقومُ إلا بحادِث، والله -عزَّ وجلَّ- ليس بحادث، فهو الأول الذي ليس قبلَه شيء!
    ولا ريبَ أن هذا التعليل لا أقول: إنه عليل؛ لكني أقول: إنه ميِّت!
    كيف ننكرُ ما جاء في الكتابِ والسُّنة مِن ثبوت الأفعال الاختياريَّة الكثيرة التي أثبتها اللهُ لنفسِه، والتي عبَّر عنها بقولِه: {إن ربكَ فعال لما يُريد} (فعَّال): صيغة مبالغة.. مِن أجل حُجَّة ضعيفة!
    مَن يقول إن الفعلَ الحادث لا يقوم إلا بمحدَث أو إلا بحادِث؟
    هذه القاعدة يُبطلها العقلُ والشَّرع؛ بل إنَّ القديمَ المُتَّصف بالصِّفاتِ الكاملة أَولى أن يكونَ قادرًا على الفعلِ متى شاء.
    هُم عندهم أن اللهَ لا يفعل فعلًا اختياريًّا -أبدًا-؛ ولهذا يقولون إن الله ما يتكلَّم بكلام يُسمع؛ وإنَّما كلامُه هو المعنى القائم بالنفس -كالعلم والقُدرة-، والكلام المسموع هذا شيءٌ مخلوق خلقه الله، وهم -مع ذلك- يقولون إنها لا تقوم به الأفعال الاختياريَّة؛ ولهذا الأشاعرة لا يُثبتون لله صفةَ الخَلق -وإن كان الماتريدية يثبتونها-؛ لكن هم لا يثبتونها، يحملون كل ما جاء عن صفة الخلق على معنى الإرادة.
    فالحاصل: أنَّ في هذا الحديث (دليل) على تجدُّد فعل الله -عزَّ وجلَّ-؛ لكنَّه باعتبار المفعول، ففِعلُه لهذا الشيءِ غير فعله للشيء الذي سبقه، أمَّا مِن حيث أصلُ الفعل وجنسُ الفعل؛ فإنَّه قديم أزليٌّ أبديٌّ؛ فإن الله لم يزل ولا يزال -سبحانهُ وتَعالى- خلاقًا )).

    [تفريغًا من "شرح بلوغ المرام"، كتاب الصلاة، الشريط47، من الدقيقة (51:54)].

    قال الإمام الألباني -رحمه الله-، وقد سُئل: ما القول في حديث الذي رواه مسلم عن أنس -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى اللهُ عليهِوسلَّم- كان إذا أمطرت السَّماء حسر عن منكبيه حتى يصيبَه المطر، ويقول: "إنَّه حديث عهدٍ بربِّه"،مع العلم بأن السَّحاب مصدر المطر قريبٌ مِن الأرض، وهو في السَّماء الدنيا؟ قال:
    (( ... المطر؛ صحيح ينزل مِن السَّحاب، لكن السَّحاب في السَّماء، ما علاك فهو سماء، فهو ينزل مِن مكان يوصف بالعلو.
    فحينما رُؤي الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وقد نزل المطر فخرج يتلقاه بصدرِه، فاستغرب ذلك منه بعضُ أصحابه فسألوهُ عن السبب؟ قال: "إنَّه حديثُ عهدٍ بِربِّه".
    في ذلك إشارة إلى أن الله -عزَّ وجلَّ- له صفة العُلو، لكن نحن نقول -دائما وأبدًا-: علو الله -عزَّ وجلَّ- صِفة مِن صفاته -كأيِّ صفةٍ أخرى-، ومجموعُ صِفاته كذاتِه، كما أنَّ ذاتَه لا تُشبه شيئًا مِن الذَّوات، فكذلك صفاتُه لا تُشبه شيئًا مِن الصِّفات.
    فإذا كان الكتابُ والسُّنَّة مُتواردين في آياتِ وأحاديث كثيرة وكثيرة جدًّا على إثباتِ صِفة العُلو للعليِّ الغفَّار؛ فهذا الحديثُ مِن تلك الأحاديث التي تُشير إلى صِفة العُلو؛ لكن الحديث لا يعني أن الله في السَّحاب؛ وإنما يعني أن هذا المطر نزل مِن جهة العلو -الذي هو صفة من صفات الله-عزَّ وجلَّ- ... )) إلخ كلامه -رحمهُ الله-.
    [تفريغًا من (متفرقات للألباني-243)، موقع أهل الحديث والأثر، من الدقيقة (36)].
    ولا تَعارض بين كَونه حديثَ عهدٍ بخَلق وتكوين، وبين كونِه ينزل من جهة العُلو.
    قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-:
    (( قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنه حديثُ عهدٍ بِربِّه" يعني: نزوله قريب مِن السَّماء، لم يُخالطْه غيرُه.
    فمعنى أنَّه "حديثُ عهدٍ بِربِّه"؛ يعني: بِخلقِ الله له، وإنزالِه له -سُبحانهُ وتَعالى-، وهو ماءٌ مُبارَك.
    وليس المعنى أنَّه نازِلٌ مِن عند الله في العُلو؛ لأنَّه نازلٌ مِن السَّحاب، واللهُ -جلَّ وعلا- خلقَهُ في السَّحاب، وأنزله من السَّحاب.
    هذا معنى "حديثُ عهدٍ بربِّه"؛ يعني: بِخلقِ الله له، وإنزالِه له، لم يُخالطه غيره مِن مواد الأرض، فهو باقٍ على بركته وطهوريَّته؛ فينبغي المبادرة لتلقِّيه والتَّعرُّضِ له )).
    [تفريغًا من "شرح بلوغ المرام"، كتاب الصلاة، الشريط (32)، من الدقيقة (41:21)].

    والحمد لله على فضله وجميل إحسانه ..
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  2. #2

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي الحبيب مالك ..
    ولكم يعلم الله تعالى استبشاري بالمطر وسعادتي به !!..
    فأنا من أسرى حب السير تحت المطر !!..
    وإذا عرفت بنزول المطر وأنا في البيت أو العمل :
    أهرول لأقرب نافذة كالطفل الصغير : لأدعو بالخير ..
    وسعة الله وكرمه سابق ..

    والحمد لله رب العالمين ..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    فلسطين - المُباركةَ -
    المشاركات
    951
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي الحبيب مالك ..
    يقول عبد الرحمن بن مهدي : ((لان أعرف علة حديث واحد أحب الي من أن أستفيد عشرة أحاديث)) .
    و يزيد هذا العلم أهمية أنه من أشد العلوم غموضا ، فلا يدركه الا من رزق سعة الرواية ، و كان مع ذلك حاد الذهن ثاقب الفهم دقيق النظر ، واسع المران .
    قال أحمد بن صالح المصري : ((معرفة الحديث بمنزلة الذهب و الشبه فان الجوهر انما يعرفه أهله ، و ليس للبصير فيه حجة اذا قيل له: كيف قلت: ان هذا الجيد و الرديء))

  4. #4

    افتراضي

    ثلاث مسائل : التبرك بماء المطر ، جائز في الجملة ، لأنه ورد في النص وصفه بالبركة ، فيكون من الأسباب الشرعية .

    الثانية : التمطر أو الاستمطار : وهو تقصد التعرض للمطر : فالصحيح أنه جائز ، ولا يصح فيه حديث ، وحديث مسلم ليس فيه التمطر ، وإنما حسر عن ثوبه للتعرض ، لا أنه أنشأ الخروج لأجل التمطر ، وإنما أصابهم ذلك ، ففيه شيء من التمطر فحسب ، وفي التمطر بعض آثار عن السلف ، وبوَّب البخاري ( باب من تمطر حتى يتحار على لحيته ) ، ويراجع فتح الباري لابن رجب ففيه بحث نفيس .

    الثالثة : التحقيق أن حديث " إنه حديث عهد بربه " = ضعيف .

    والله أعلم .

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. نعمة الله على المسلمين بالفقر أعظم من نعمة الغنى عليهم ... حديث شريف
    بواسطة السعادة في العبادة في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 48
    آخر مشاركة: 10-24-2014, 10:20 PM
  2. بمناسبة المطر
    بواسطة ايمان نور في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-30-2009, 10:50 PM
  3. اين يذهب المطر ؟
    بواسطة مجدي في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 06-07-2009, 12:12 AM
  4. هل تنزل الصلاة المطر?
    بواسطة human_pulse في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 08-18-2008, 09:39 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء