الموضوع منقول من ملتقى العقيدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد
هذه محاولة لشرح بعض أدلة الفطرة العقلية ، وهي من المسائل التي قد يوجد فيها نوع من الصعوبة في الفهم على بعض الناس
حاولت تبسيطها قدر الإمكان ، واستفدت في ذلك من كتب شيخ الإسلام والعلامة ابن القيم رحمهما الله
ومنهجي في ذلك : أورد نص ابن أبي العز رحمه الله ، واعقبه بالشرح الموجز .
قال ابن أبي العز :
مِنْهَا ، أَنْ يُقَالَ : لَا رَيْبَ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْإِرَادَاتِ مَا يَكُونُ حَقًّا ، وَتَارَةً مَا يَكُونُ بَاطِلًا ،
وَهُوَ حَسَّاسٌ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَات ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَجِّحٍ لِأَحَدِهِمَا .
وَنَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا عُرِضَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُصَدِّقَ وَيَنْتَفِعَ وَأَنْ يُكَذِّبَ وَيَتَضَرَّرَ ، مَالَ بِفِطْرَتِهِ إِلَى أَنْ يُصَدِّقَ وَيَنْتَفِعَ ،
وَحِينَئِذٍ فَالِاعْتِرَافُ بِوُجُودِ الصَّانِعِ الْإِيمَانُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ أَوْ نَقِيضُهُ ، وَالثَّانِي فَاسِدٌ قَطْعًا ، فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ ،
فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الْفِطْرَةِ مَا يَقْتَضِي مَعْرِفَةَ الصَّانِعِ وَالْإِيمَانَ بِهِ .
الشرح :
الكلام هنا مبني على مقدمات متعددة ، المؤلف رحمه الله يريد إثبات الفطرة بالدليل العقلي ، فسلك في سبيل ذلك
مجموعة من المقدمات :
1- أن كل إنسان تحصل له اعتقادات (قد تكون حقا ، وقد تكون باطلا)
وتحصل له إرادات (قد تكون نافعة متضمنه للمصلحة والخير ، وقد تكون ضارة متضمنة للمفسدة والشر)
2- أنه لابد من مرجح يرجح إحدى الطرفين (إما جانب الحق والصدق والخير، أو جانب الباطل والكذب والشر)
3- إذا عرض على الإنسان أمران : أحدهما : اعتقاد الحق والصدق وأن يريد ما ينفعه ،
والأمر الآخر: عرض عليه اعتقاد الباطل والكذب وإرادة ما يضره ، فأيهما يقدم ؟
لاشك أنه يقدم اعتقاد الحق والصدق وإرادة النافع .
[واعتبر هذا بالجاهلية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، كانوا يثنون على الصدق وصلة الرحم والكرم ونحوها مع كونهم مشركين. ]
4- لماذا يميل الإنسان إلى الحق والصدق وإرادة ما ينفع ؟ وينفر عن الباطل والكذب ، وإرادة ما يضره ؟
الجواب : لأنه فطر على ذلك ، إذن ففي فطرته قوة تقتضي اعتقاد الحق والصدق وإرادة الخير .
5- الاعتراف بوجود الله والإيمان به ومعرفته ومحبته من أي القسمين :
أ- الحق والصدق والخير .
ب- أو من الباطل والكذب والشر ؟
الجواب : القسم الثاني باطل بالضرورة ، فتعين القسم الأول ، فثبت أن كل إنسان مفطور على الإقرار بوجود الله والإيمان به ومعرفته ومحبته .
وإن شئت قلت على طريقة أهل المنطق :
المقدمة الأولى : كل إنسان مفطور على ----------------اعتقاد الحق والصدق وإرادة ما ينفعه .
المقدمة الثانية : الإقرار بوجود الله والإيمان به ومعرفته ومحبته ----- هو اعتقاد حق وصدق ينفع الإنسان .
------------------------------
النتيجة : بعد حذف الحد الأوسط (وهو المكرر من المقدمتين)
كل إنسان مفطور على الإقرار بوجود الله والإيمان به ومحبته . وهذا هو المطلوب إثباته .
ملاحظات :
المقدمة الثانية : ضرورية .
أما المقدمة الأولى فقد تم الاستدلال عليها .
والله أعلم.
المصادر : انظر : درء التعارض (8/456 ) وما بعدها ، شفاء العليل لابن القيم (ص 303) وما بعدها .
Bookmarks