بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان ..

إخوتي و أخواتي الكرام
هذا الموضوع هو أحد إفرازات مشكلة المصطلح الذي كان و لا يزال يضلل الأفكار لما يشكّله الاسم من تجسيم للمعاني و ما يتبعه من تحديد .. و ما يرافق ذلك عبر المراحل من تلوّن المعاني بألوان يفرضها التداول الفكري و التعامل الواقعي بين الناس !
يقول الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله في مقدمته لكتاب " بين التصوف و الحياة " :
" إن لجناية المصطلحات على الحقائق قصة ًطويلة !! "
...
و في هذا الموضوع نريد التباحث حول دعواي هذه :
الفكر دين , و الدين فكر !؟!
فأي فكر هو دين يعتنقه صاحبه و يدافع عنه ما دام صادقاً معتقدًا نفعه و صوابه ..!
و أي دين - في الغالب - هو فكر تشبّث به صاحبه حتى صار يُرى " متديّنًا " .. !
و ما لم نعترف بالشقّ الثاني فسيظلّ " أهل الفكر " مستبدّين " بدينهم " ضدّ " فكر " أهل " الدين " حتى يقصوهم بالكليّة !؟!
و نظرة واحدة إلى أحوال الدول " العلمانية " تبين بوضوح كيف تمّ استغلال هذا التضليل الفكري في تمرير " الدين الإلحادي " باسم " المدنية " و " الحرية " !!
و كان الأستاذ النورسي - ذلك المجاهد الفذّ و العبقري الكبير و المحاور الألمعي - قد تنبّه مبكّرًا إلى هذه الدسيسة , و كان مما قاله لهم ما معناه :
إنكم تتهمونني باستغلال الدين لخدمة السياسة ! و أنا أتهمكم باستغلال السياسة لخدمة " دينكم " !
...
و في موضوع لاحق , و ربما في هذا الموضوع سنرى كيف تمّ " تديين " الديمقراطية نفسها لتنحرف عن معناها الأصلي بالأهواء , و إشباعًا لرغبات النفس التي لا تنتهي !؟!