منقول بتصرف واختصار من ملتقى
أهل التفسير ومواضع أخرى ..
http://www.tafsir.net/vb/tafsir28376/#ixzz2QQJdfHQU
26... أنواع أسلوب التغليب في القرآن ..
من المعلوم أنه من سمات اللغة : هو ما يتعارف عليه أهلها من معاني ويتفقون عليه من أساليب ..
وذلك مثل تغليب التذكير على التأنيث في الكلام عند الجمع ..
فالتغليب بهذا المعنى هو :
إعطاء الشيء حكم غيره لقرينة مشتركة بينهما .. وقيل :
ترجيح أحد المعلومين على الآخر : وإطلاق لفظه عليهما إجراء للمختلفين مجرى المتفقين ..
والكلام بمعنى آخر أسهل :
أنه كما أن ألفاظ العموم تشمل جميع الأفراد المندرجة تحت جنسها :
إلا أن العرب في حالات معينة استعملوا ألفاظ عموم : لتشمل أفراداً أخرى لا تندرج تحت جنسها ولكن :
لعلاقة بينهما : قد بينوها في لغتهم .. وهذا ما يسمى (
التغليب) ..
ولعل أقرب وأسهل الأمثلة على ذلك هو استعمالهم لتغليب تثنية صفة ما : لتشمل مشتركين بها فقالوا مثلا :
(
الأخشبان) لجبل أبي قيس وجبل قعيقعان في مكة لصلابتهما ..
(
الأسودان) للتمر والماء ..
(
الأبوان) : للأب و الأم ..
(
العُمران) : لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ..
(
العشاءان) : للمغرب والعشاء ..
(
الأذانان) : للأذان والإقامة ..
(
البيّيعان) : للبائع والمشتري ..
(
المشرقان) : للمشرق والمغرب ..
(
القمران) : للشمس والقمر ..
(
المروتان) : للصفا والمروة .. وهما من شعائر الله حيث يقول الشاعر :
أهيم بروحــــــــــي على الرابية *** وعند المطـاف وفي المروتين
----------
ويمكن تقسيم التغليب إلى عشرة أنواع -
والكلام منقول عن الزركشي : وأدرجت فيه غيره من النقولات كذلك - ..
1... تغليب الذكر على الأنثى ..
حيث جرى في العرب تغليب المذكر على المؤنث إذا كان الكلام عاما .. ولا يُذكر المؤنث إلا للتخصيص باستثناء المؤنث أو للتنبيه على المساواة إلخ ..
ولعل تغليب المذكر في ذلك جاء من أوليته في الخلق (
خلق آدم : ثم منه حواء عليهما السلام) ..
ولخفة المذكر على المؤنث في الذكر على كلام الناس في مختلف أوضاع الكلام ..
يقول
سيبويه في هذا الرأي -
كتاب سيبويه: 1/ 22 - :
"
واعلم أن المذكر أخفّ عليهم من المؤنث .. لأن المذكر أوّل .. وهو أشدّ تمكنا .. وإنما يخرج التأنيث من التذكير .. ألا ترى أن لفظ (
الشيء)
: يقع على كل ما أخبر عنه ؟ ومن قبل أن يُعلم أذكر هو أو أنثى ؟؟.. و(
الشيء)
ذكر .. فالتنوين علامة للأمكن عندهم والأخف عليهم .. وتركه علامة لما يستثقلون " ...
وفي موضع آخر -
3/ 241-242 - ينقل قول
ابن أبي إسحاق و
أبي عمرو مؤيدا له إذ يقول :
"
وإنمَّا كان المؤنث بهذه المنزلة ولم يكن كالمذكر : لأنّ الأشياء كلَّها أصلها التذكير ثم تختصَّ بعد .. فكل مؤنث شيء .. والشيء يُذكَّر .. فالتذكير أوّل .. وهو أشدّ تمكنّا .. كما أنَّ النكرة هي اشدّ تمكنّا من المعرفة .. لأنَّ الأشياء إنمَّا تكون نكرةً ثم تعرف .. فالتذكير قبل .. وهو أشد تمكّنا عندهم .. فالأول هو أشد تمكنا عندهم " ..
وليس في الأمر شبهة تفضيل ذكر على أنثى أو محاباة القرآن للرجال على النساء أو الذكور على الإناث ..
ولكن القرآن جاء باللسان العربي بما توافق عليه العرب في مصطلح كلامهم .. ولعله من هنا نفهم حكمة جليلة في تخصيص الله تعالى في قرآنه لبعض الآيات التي يذكر فيها
الإناث خصوصا لطمأنتهن أنهن مثل الذكور في
التكليف والثواب والجزاء : وكل ٌبما كتبه الله تعالى عليه من واجبات وحقوق ..
ومن أمثلة آيات تغليب المذكر على المؤنث في القرآن :
"
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ " .. فقال من الغابرين : لا من
الغابرات للتغليب ..
"
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " ..
فقال من القانتين : لا من
القانتات ..
فإذا كان الحكم عاما ظاهرا في ذلك على الرجال والنساء : شملهم يقينا مثل :
"
إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " ..
فشمل ذلك
أولات الألباب أيضا لعموم الحكم ..
"
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله " ..
فهي تشمل كذلك
اللائي آمنّ لعموم الحكم ..
وأما إذا كان الخطاب هو بفعل خاص بالرجال بقرينة : فعندئذٍ لا تغليب في معناه .. وذلك كقوله تعالى مثلا :
"
يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " ..
فالخطاب هنا لا تغليب فيه بل هو مختص بالرجال لأنّ صلاة الجمعة فرض على الرجال فقط دون النساء ..
وأما إذا كان المقصود من الخطاب هو التنصيص على إبراز تعلق الحكم بالمرأة بنفس درجة تعلقه بالرجل لإزالة الالتباس : فلا تغليب ولكن : يُـفرد لكل منهما خطاب لإظهار ذلك .. ومثاله اللاتي سألن الرسول صلى الله عليه وسلم عن تغليب خطاب الأحكام للرجال ؟؟.. حيث خشين أن يكن أقل أهمية ؟؟.. فنـزلت بعض آيات بالتنصيص عليهن لإزالة هذا الالتباس وإبراز دورهنّ .. وذلك كقوله تعالى :
"
فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى " .. ومثل :
"
إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات " .. ومثل :
"
إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً " ...
فهذا التنصيص على إبراز تعلق الحكم بالمرأة بنفس درجة تعلقه بالرجل من حيث المدح ..
وقد يكون لإبراز تعلق الحكم بكل من الرجال والنساء من حيث الذم .. وذلك كقوله تعالى :
"
وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم " .. ومثل :
"
ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات " ..
-----
2... تغليب المتكلم على المخاطب .. والمخاطب على الغائب ..
حيث يقال مثلا :
أنا وزيد فعلنا كذا ..
وأنت وزيد تفعلان كذا ..
ومنه قوله تعالى لإبليس :
"
اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا " ..
فأعاد الضمير بصيغة الخطاب وإن كان "
من تبعك " يقتضى الغيبة :
وذلك تغليبا لحال المخاطب : وجعل الغائب تبعا له : وكما كان تبعا له في المعصية والعقوبة .. فحسن بذلك أن يُجعل تبعا له في اللفظ أيضا .. وهو من محاسن ارتباط اللفظ بالمعنى ..
-----
3... تغليب العاقل على غير العاقل ..
وذلك بأن يتقدم لفظ يعم من يعقل ومن لا يعقل :
فيطلق اللفظ المختص بالعاقل على الجميع .. وذلك كقوله تعالى :
"
قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ " ..
فجمعها جمع السلامة ولم يقل : (
طائعَين) مثنى ولا (
طائعات) جمع مؤنث : وذلك لأنه أراد شمولية المعنى وكأنه يقول : ائتيا بمَن فيكما من الخلائق طائعين .. فخرجت الحال على لفظ الجمع :
وغلب من يعقل من الذكور ..
-----
4... تغليب المتصف بالشيء على ما لم يتصف به ..
وذلك كقوله تعالى :
"
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "..
قيل : غلب
غير المرتابين على
المرتابين في الخطاب والتحدي : إمعانا لبيان إعجاز القرآن على الجميع ..
-----
5... تغليب الأكثر على الأقل ..
وذلك بأن
ينسب إلى الجميع وصفا يختص بالأكثر .. وذلك كقوله تعالى :
"
قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ " ..
فأدخَل
شعيب عليه السلام في قوله : "
لتعودن في ملتنا " بحكم التغليب وإلا : فهو لم يكن في ملتهم الكفرية أصلا حتى يعود إليها مثل باقي من آمنوا معه وكانوا كفارا من قبل !!..
-----
6... تغليب الجنس كثير الأفراد : على فرد من غير هذا الجنس مغمور فيما بينهم ..
وذلك بأن
يطلق اسم الجنس على الجميع كقوله عز وجل :
"
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ " ..
فعد في السياق إبليس منهم ومأمورا بالسجود معهم ومثلهم مع أنه كان من الجن :
وذلك تغليبا .. ولأن حمل الاستثناء على الاتصال هو الأصل .. ويدل على كونه من غير الملائكة آية سورة الكهف :
"
وإذ قلنا للمائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " ..
وكما جاء في الحديث الصحيح أيضا عن
عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"
خلقت الملائكة من نور .. وخلق الجان من مارج من نار .. وخلق آدم مما وصف لكم " ..
-----
7... تغليب الموجود على غير الموجود ..
وذلك كقوله تعالى :
"
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ " ..
إذ المراد هو المُنزل من الله كله .. وإنما عبر عنه بصيغة المضي وإن كان بعضه مترقبا :
تغليبا للموجود على غير الموجود ..
-----
8... تغليب الإسلام ..
وذلك مثل قوله سبحانه :
"
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ " ..
وذلك لأن الدرجات هي لعلو المسلمين .. والدركات هي لسفل الكافرين .. فاستعمل الدرجات في القسمين تغليبا للإسلام وبيانا لعلو شأن ثوابه عن جزاء الكفر ..
-----
9... تغليب ما وقع بوجه مخصوص على ما وقع بغير هذا الوجه ..
ومنه قوله تعالى :
"
ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " ..
حيث ذكر الأيدي :
لأن أكثر الأعمال تزاوَل بها .. فحصل الجمع بالواقع بالأيدي تغليبا ..
-----
10... تغليب الأشهَر ..
ومنه قوله عز وجل :
"
حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ " ..
حيث أراد المشرق والمغرب ..
فغلب المشرق لأنه أشهر الجهتين .. وهو أكثر تفاؤلا .. إذ يرمز إلى الحياة والبداية .. والغروب يرمز إلى النهاية ..
---------
تعقيبات وزيادة فوائد ...
أولا ..
بمناسبة الثنائيات التي ذكرتها بالأعلى في صدر المشاركة ..
فكما استعملت العرب التغليب في صيغ العموم -
كما بيناه - فقد استعملته كذلك في ألفاظ الخصوص والذي سمي بتغليب المثنى ..
حيث استعملوا تثنية لفظ مفرد ليدل على هذا المفرد ومفرد آخر ليس من جنسه : ولكن بينهما علاقة ..
-----
ثانيا ..
بالنسبة لتغليب خطاب العاقل على غير العاقل :
ففي تنوعه حكم كثيرة وبينات دقيقة ..
فإذا خوطب مثلا العقلاء وغير العقلاء كقوله تعالى :
"
وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " .. فتم تغليب "
من " للعاقل وليس "
ما " رغم عبادتهم للأصنام الغير عاقلة : وذلك لإبراز أن ما يزعمونهم آلهة يعبدونهم : لن ينفعوهم في ذلك الموقف ولن يستجيبوا لهم حتى لو كانوا عقلاء !!.. فكيف تنفعهم أو تستجيب لهم وهي أصنام جامدة التي يعبدونها ؟!!!..
فإذا كان وجود العاقل مع غير العقلاء غير مؤثر في الحكم :
أي كان كأنه غير موجود معهم : فلا تغليب للعاقل بل الخطاب يكون لغير العقلاء .. قال تعالى :
"
إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " .. فرغم عبادتهم للأصنام الغير عاقلة : إلا أنه من الكفار من كان يعبد مثلا
عيسى بن مريم عليهما السلام .. ولكنهم لأنهم كانوا يعبدون
عيسى بن مريم دون رضاه ودون استطاعته منعهم من ذلك : فسلط الخطاب على غير العقلاء باستعمال "
ما " ..
وأكد الله تعالى ذلك الاستثناء بنزول الآية : "
إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " ..
وهذا ما دلنا على أن "
ما " المذكورة في الآية :
كانت تشمل العقلاء على التغليب : ولكن استثنى الله تعالى منه من لم يكن برضاهم ..
وأما إن كان مقصود الخطاب إبراز قلة حجم العاقل بالنسبة لغيره من المخلوقات غير العاقلة :
فلا تغليب حينئذ للعاقل .. بل يكون الخطاب لغير العقلاء .. وذلك مثل قوله تعالى : " يسبح لله ما في السموات وما في الأرض " .. أي أن الذين يسبحون الله وينـزهونه ويخضعون له من مخلوقات الله غير العاقلة في ملكوته : هم كثرة كاثرة بالنسبة للعقلاء والمكلفين .. وذلك تهويناً لشأن غير المسبحين الله منهم ..
وأما إذا كان العاقل مجهولاً في صفته وماهيته عند المخاطِب أو المخاطَب :
أو أراد المخاطِب أن يبحثه ابتداء كما لو كان مجهولا : فإن أسلوب المخاطب غير العاقل يستعمل معه أيضا .. ونحن نرى العرب تقول عند رؤيتها لشيئ يتحرك نحوها مثلا من بعيد : مجهولاً في صفته وماهيته : (
ما هذا) ؟؟.. رغم أنه قد يكون عاقلا !!.. وهكذا عند سؤالهم عن كل مجهول بالنسبة لهم : أو أرادوا إظهاره في صورة المجهول .. ومنه قوله عز وجل :
"
وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن " ؟!!..
"
قال فرعون وما رب العالمين " ؟!!..
"
ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " ..
"
إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي " ؟!!..
وهنا حكمة في ذكر
يعقوب عليه السلام ذكر "
ما " هنا على صورة المجهول .. وهي أن يصور لهم موضوع الخالق المعبود ابتداءً : ليظهر كما لو كان غير معلوم للمخاطب : وذلك ليبين لهم أن الإنسان بفطرته وعقله يستطيع التعرف على خالقه والإيمان به : دون أن ينقل ذلك نقلاً عن غيره ..
وأما إذا سلط الخطاب على العاقل من حيث الحلّ والحرمة ..
وذلك كشيء من الأشياء : فإن خطاب غير العاقل يستعمل هنا .. وذلك مثل قوله تعالى :
"
فانكحوا ما طاب لكم من النساء " ..
"
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم " ..
"
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " ..
-----
ثالثا وأخيرا :
بالنسبة لتغليب صفة العاقل :
فإذا وصف غير العاقل بصفة العقلاء :
فإن خطاب العاقل يكون هو المستعمل هنا بسبب تغليب الصفة .. قال تعالى :
"
إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين " .. حبث استعملت "
رأيتهم " في الآية الكريمة وهي للعقلاء : بدلاً من "
رأيتها " وهي لغير العقلاء .. وذلك بسبب وصف القمر والشمس والكواكب بصفة ظاهرها في العقلاء وهي السجود "
ساجدين " ..
ومثل ذلك قوله عز وجل عن إبراهيم عليه السلام بعد أن كسر أصنام قومه :
"
قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون " .. حيث لما كان السؤال والنطق صفة للعاقل : فغلّب خطاب العاقل هنا بدلا من خطاب الأصنام غير العاقلة .. فقال "
كبيرهم " ولم يقل "
كبيرها " .. وكذلك قال "
فسئلوهم " : بدلا من "
فاسألوها " ..
والله تعالى أعلى وأعلم ...
Bookmarks