سبق وأن دارت حوارات بين الزميل نيوتن وأخينا عبدالوحد حول ما إذا كانت الحقائق الرياضية أزلية لا تتغير بتغير العوالم أيا كانت. فكان مذهب الأول أنها مخترعة من قبلنا وبالتالي لا مانع من وجود عوالم تخرق القول بأزليتها أو تبيح تناقضات في عالمنا - أي لا فاعلية لقانون عدم التناقض فيها - وكان مذهب الثاني، كما تشهد ضرورة العقل وأخبت لذلك عمالقة علماء الرياضيات قديماً وحديثاً، أنه لا يسعنا أن نقول إلا أنها مكتشفة. ولدي هنا حقيقة رياضية من نوع مختلف ولكنها بسيطة جداً، وهي في صورة سؤال كالآتي:
في أي عالم يُمكِن لقسمة أيّ عدد على صفر ألاّ تكون متعذّرة ؟
منطق هذا السؤال وكذا جوابه يعتمد على المعنى العدمي والوجودي للأشياء وهذا المستوى من المعنى هو أقل ما يمكن أن تتصف به الأشياء، فحتى في غيرِ عالمنا - أيّاً كان - فإن الجواب متعذّر، وهذه حقيقة رياضية - أي التعذّر في حد ذاته - لا يمكن أن تتغير بتغير العوالم. وافتراض إمكان خلاف ذلك يلزم منه الشكّ في كلّ ما نعتقد بما في ذلك شعورنا بوجودنا. والله أعلم.
Bookmarks