بسم الله الرحمن الرحيم
إن خير من استأجرت القوي الأمين
الإمارة في الإسلام ليست مغنماً بقدر ما هي مغرم ، وليست تشريفاً بقدر ما هي تكليف ، وليست زعامة بقدر ما هي مسؤولية، ويكفي أن نتذكر كيف كانت الإمارة في العهد الإسلامي الأول عندما كانت الأمة في أوج انتصاراتها وفتوحاتها .
كان القائد أو الأمير همه الأول أن يكون في طليعة المجاهدين ، ويحرص على أن يكون أول الشهداء وأول المضحين، وأذكر هنا القادة الثلاثة في غزوة مؤتة، وفي معركة نهاوند كان النعمان بن مقرن قائد المعركة يدعو الله عز وجل أن يجعله أول شهيد فكان .
الإمارة في الإسلام مسؤولية بالدرجة الأولى وهي من أخطر أنواع المسؤولية، حيث تعظم المسؤولية كلما عظمت المهمة، وكلما علت الإمارة، ولذلك يجب أن تتوفر في القائد صفتان أساسيتان :
الأولى : القوة وهي شاملة لمواصفات مختلفة من القوة كالفتوة الجسدية والعقلية الواعية، والفكر الوقاد والنفسية المتوازنة، والأخلاقيات العملية، والقدرة على المناورة السياسية دون التخلي عن الضوابط والمقاصد الشرعية . ولعل هذه الصفات يجمعها وصف " الفروسية " .
الثانية : الأمانة وهي تدخل في القوة النفسية والأخلاقية ولكن لأهميتها أفردها البيان الإلهي بالذكر ، فعلى القائد أن يوظف كل إمكاناته التي حباه عز وجل بها لخدمة أمته ومجتمعه ودينه وليس لخدمة مصالحه الشخصية . الأمانة تعني أن تكون القيم والمصالح العامة، والمبادئ الأخلاقية مقدمة على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية .
الأمانة تعني أن يكون الهم الأساسي للقائد هو أمته وشعبه وتحقيق مصالحهم والحرص على شؤونهم وخدمة طموحاتهم .
الأمانة تعني أن يحرص على مستقبل الأمة في أبنائها وشبابها وآمالها وأموالها وثرواتها ، وأن لا ينفق درهماً واحداً إلا في محله وألا يبذر أموالها وثرواتها لتحقيق مصالحه الشخصية أو الحزبية أو الفئوية .
الأمانة تعني أن لا يولي القائد أحداً لقرابة أو لعلاقة شخصية أو لهوى مصلحي، بل يكون المعيار الأول للولاية الصفات المؤهلة لها، والخصال المرشحة للمهمة والمناسبة للزمان والمكان . " من ولى امرأً وهو يعلم أن في المسلمين من هو أولى منه فقد خان الله ورسوله " لذلك فإني أهيب بكل من قدمه الله عز وجل لمنصب أو زعامة أن يضع في اعتباره أنه خادم للأمة يضحي قبل الآخرين ويبذل قبلهم، ويحرص على مصالحهم العاجلة والآجلة، الدينية والدنيوية، وأن يتحلى بالأخلاق العامة ومن أبرز الأخلاقيات التي تليق بالقائد والزعيم : التواضع والرحمة والعبودية لله عز وجل .