سؤال لشيخنا الحبيب أبا ضياء ..
لماذا الوعي البشري يعرض قضية التصميم على أنها موجودة ، أو بعبارة أوضح تكشف المقصود لماذا فكرة التصميم الذكي متاحة أمام الوعي وغير عدمية بحيث لا يلحظها ؟؟
أو بمعنى أننا في هذا الكون نلحظ المحسوسات والموجودات فثم سماء وثم أرض وهذا لونه أحمر وذاك برتقالي وهذا كذا وذاك كذا ، ولهذا تكون هذه الموجودات معروفة للوعي البشري ، في حين أن هناك من المغيّبات ما لا ندركه ولا نحيط به ، ولا أقصد بكلامي الجاذبية أو التيار الكهربائي مثلاً ، وإنما أقصد وجود أشياء مغيّبة لا ندركها ولا نعرفها فضلاً عن معرفة اسمها ...وهنا مثال ماتع ذكره الأديب الراحل علي الطنطاوي رحمه الله :
ان مثل النفس والحواس مع الموجودات، كمثل رجل سجنه الحاكم في برج القلعة، وسد عليه الأبواب والنوافذ، ولم يترك له الا شقوقا في جدار البرج، شقا يطل منه على النهر الذي يجري في الشرق، وشقا على الجبل الذي يقوم في الغرب، وشقا على القصر الذي يجثم في الشمال، وشقا على الملعب الذي يقع في الجنوب.
السجين هو النفس، والقلعة الجسد، وهذه الشقوق هي الحواس، حس النظر يشرف منه على عالم الألوان، وحس السمع على عالم الأصوات، وحس الذوق على عالم الطعوم، وحس الشم على عالم الروائح، وحس اللمس على عالم الأجسام.
1- والسؤال الآن: هل أدرك بكل حاسة من هذه الحواس كل ما في العالم الذي تشرف عليه؟ السجين عندما ينظر من شق النهر، لا يرى النهر كله، ولكن جزءاً منه، وكذلك العين حين تشرف على عالم الألوان، لا تراه كله بل ترى بعضه ...
- ثم الا يمكن أن يكون بين عالم الألوان الذي تشرف عليه العين. وعالم الاصوات الذي تطل عليه الاذن عالم آخر، لا أدركه أصلا لأنه ليس عندي الحاسة لادراكه؟
الا يمكن أن يكون بين النهر وبين الجبل بالنسبة لسجين البرج بستان عظيم، لم يره ولم يعلم به، لأنه لا يجد شقا يطل منه عليه؟ فهل يحق له أن ينكره لأنه لا يراه؟
الاكمه (الذي ولد أعمى)، قد يستطيع بالسماع معرفة أن البحر أزرق، والمرج أخضر، ولكنه لا يستطيع أن يدرك ما هي الزرقة وما هي الخضرة، والأصم، قد يعرف بالتعلم ان في الانغام: البيات، والرصد، والسيكا. ولكنه لا يستطيع أن يدرك حقيقة النغم، فهل يحق للأعمى أن ينكر وجود الخضرة، وللأصم أن يجحد حقيقة النغم لأنه لا يدركها؟
فإذا كانت هذه المغيّبات والتي لا تنطبق على عالمنا أو الشئ الذي ليس بشئ نظراً لعدم وجوده لا يخطر على الوعي البشري فلماذا وجدت فكرة التصميم الذكي وتفاعل معها الوعي البشري ولم يعتبرها شاذة كاعتباره الفوضى وعدم النظام كذلك ؟؟
خواطر أتمنى منك شيخنا أن تكون فهمتها ؟؟
Bookmarks