و نتابع حوارنا الثنائي..
خامسا:
في الفقرة الخامسة من مداخلتي قلت
وفي سياق القراءة اللغوية للنص القرآني ثمة أمر آخر إضافة إلى ما سبق وهو :
اختلاف الأسلوب بين الحديث والقرآن.
فلو راجعنا أساليب الكتاب والشعراء سنلاحظ أ ن لكل شاعر أو كاتب أسلوب محدد في الصياغة والتركيب . لكن نجد محمد يمتاز عن غيره بنمطين أسلوبيين متباينين على نحو يقطع باختلاف وتباين مصدريهما.
فأسلوبه في قول الحديث مخالف لأسلوبه في نظم القرآن.هذا مع أنه في أحاديثه لم يكن مجرد متكلم عادي بل بلغ الفصاحة في الخطاب ،فكيف يقتدر محمد على ما لم يقتدر غيره من الكتاب والشعراء؟
وكان تعقيب زميلي القلم الحر :
اى اديب يكون له نمطان مختلفان من الكلام , الشاعر مثلا يقول شعر و يقول ايضا كلام اخر غير موزون او مقفى
و هناك مثلا ادباء يكتبون شعرا و يكتبون ايضا نثرا بليغا ,و تجد فرقا واضحا بين شعرهم و نثرهم
و الاختلاف بين هذين النوعين من الكلام لا يدل بحال على اختلاف مصدريهما
بالنسبة لاختلاف أسلوب الأدباء عندما يقولون الشعر عن أسلوبهم عندما يعبرون نثريا ،فهذا واضح ولا مراء فيه. لكن كلامنا هنا عن النص القرآني ، فالقرآن ليس شعرا موزونا ومقفى ، بل هو إذا أردنا أن نشبهه أهو أقرب إلى النثر أم إلى الشعر ،فسنجد أنه أقرب إلى أسلوب النثر ونظامه.
فالسؤال الذي يطرح إذن لماذا اختلف أسلوب محمد – إذا فرضنا أنه كاتب القرأن – عن أسلوبه في أحاديثه.
يمكن أن تقول إن أحاديثه هي تعبيرات يومية تلقائية ، ومن ثم يجوز أن تختلف عن صياغته القصدية لنص قرآني مثلما يختلف الكلام اليومي لأي أديب عن أسلوبه في إنتاجه الأدبي.
وهذا اعتراض وجيه.
لكن دعنا نفكر قليلا في هذا الاعتراض.
عندما نتأمل أحاديث النبي لن نجد من ضمنها تسجيلا لكلام يومي عفوي فقط ، بل تسجيلا لخطب ولأدعية بلغت في الفصاحة مبلغا يعلمه كل دارس متذوق للعربية. فلنركز النظر في هذه الخطب والأدعية المسبوكة أسلوبيا بعناية ملحوظة ، سنجد أنها مخالفة تماما لطبيعة الأسلوب القرآني . وهذه المخالفة معلومة حتى في الدراسات السيكلوجية لمفهوم الكفاءة اللغوية – أستعمل المصطلح بمدلوله عند عالم اللسانيات المعاصر نعوم تشومسكي – فالمعجم المستعمل في القرآن مخالف للمعجم المستعمل في الأحاديث اختلافا بينا ، الأمر الذي يقطع بثنائية مصدريهما.
وأقصد بالمعجم هنا أن كل أديب أو كاتب له ألفاظ محددة تحضر دوما في إنتاجه ، وتترابط تركيبيا على نحو خاص.
وبناء على ذلك نجد القرآن يخالف الأحاديث في المعجم ويتفوق عليها من حيث كم استعماله للجذور اللغوية (أنظر الفقرة الخامسة من مداخلتي ).
كما يخالف القرآن الأحاديث من حيث أسلوب التركيب بين الألفاظ .
التعديل الأخير تم 01-07-2005 الساعة 06:30 PM
اللهم اهدنا واهـد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
ـــــــــــــــ
Bookmarks