رسائل النور (3): كيف أصل إلى اليقين وأرفع الغشاوة من على عيني؟!

[ناصر الشريعة]

السؤال: كيف أصل إلى اليقين.. لنفترض أن الخلل كان في بصيرتي وليس في الدليل الذي لم أتمكن من رؤيته بوضوح، فكيف أرفع هذه الغشاوة التي أعمتني؟
أنا لا أعلم الطريق المستقيم الذي يجب عليَّ أن أسلكه، لا أريد كلام عام، هل علي أن أقرأ كل ما أجده أمامي مثلا من كتب العقيدة.. أريدكم أن ترشدوني لكتب معينة أجد فيها ضالتي، حتى لا يضيع الوقت في الانتقال من كتاب لآخر بدون جدوى.


الجواب: أخي الحبيب أحسنت السؤال، فهذا هو ما ينبغي أن يحرص عليه مريد الحق وهو طلبه طلبا صحيحا موصلا إليه، وسوف نبدأ معا من البداية وهي دراسة ما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة من حقائق الدين وقواعده وأسسه، وذلك في منهج علمي متدرج، وهذه هي سنة الله في كونه أن يتدرج بعباده الصادقين في مراقي الكمال العلمي والعملي فيرفعهم بذلك درجات عالية عنده جعلها لأهل العلم به والإيمان بالحق الذي بعث به خاتم رسله صلى الله عليه وسلم.

وأذكر لك خلاصة قبل بدء المرحلة الأولى، وهي:

فليكن أول الأمر ما جعله الله أول أسباب الفلاح ، وهو الإيمان ، فقال تعالى : { والعصر ، إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } .

وتحقيق هذا الإيمان في القلب وما يستلزمه من الإيمان والإسلام والإحسان هو واجب الخلافة في الأرض الذي لأجله جعل الله في الأرض خليفة ليصلح لا ليفسد وليعمر لا ليهدم .

والإيمان له أصول وهي ستة ، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره .

وله شعب وهي بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون شعبة وهي تشمل أعمال القلب واللسان والجوارح والأخلاق الحسنة .

والطريق إلى معرفة الإيمان هو ما آتانا الله إياه من وسائل الإدراك وهي وحي الأنبياء والعقل السليم والفطرة القويمة ودلالة الحس الموافقة للعقل والأخبار المتواترة والصحيحة .

فأول ما يجب معرفته هو الإيمان بالله تعالى ، وذلك بالإيمان بوجوده وكمال ذاته وصفاته وأفعاله وباستحقاقه للعبادة ، فهذه أربعة أمور :

الإيمان بوجود الله تعالى ، والإيمان بأسمائه وصفاته ، والإيمان بربوبيته وأفعاله ، والإيمان بألوهيته واستحقاقه العبادة وحده دون غيره .

وتفصيل الكلام في ذلك بوضوح ويسر ودون تطويل تجده في الرابط التالي:

http://www.maghrawi.net/?taraf=Kotob&op=geninfo&did=301

بعد تحميل الملف المرفق وفك الضغط وفتح الكتاب الالكتروني اختر ( الفهرس ) وسيظهر لك كل فصل في الكتاب ، وهذا الكتاب هو ( نبذة في العقيدة ) ويسمى أيضا بــ ( شرح أصول الإيمان ) للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ، وكتابه هذا من أنفع الكتب في البدايات ومن أيسرها .

أسأل الله الرحيم الرحمن الكريم المنان أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح الذي يثبت الله به إيمانك ويقوي يقينك حتى تتساقط أمامه الشبهات والوساوس الباطلة.

أخي طلب العلم الشرعي علاج وشفاء، فإن الله عز وجل قد سمى وحيه شفاء، فقال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}.

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }

وبدون العلم يتسلط الشيطان وجنده على العبد بالوساوس والشبهات التي يجهل ضعفها وبطلانها لجهله بالحق وأدلته، وأما العارف بالحق وبراهينه فلا تزيده الشبهات المتساقطة إلا يقينا وثباتا، كما أن علماء الطبيعة يزدادون يقينا بما توصلوا إليه من الحقائق الكونية كلما نظروا في النظريات الباطلة المعارضة لتلك الحقائق، فإن علماء الفلك والجغرافيا لا تزيدهم النظريات الباطلة القائلة بعدم كروية الأرض إلا يقينا بحقيقة كروية الأرض، وكذلك كل حق يعارضه باطل، فإن هذا الباطل يزيد يقين العارف بالحق ولا يضعفه، وكفى الحق عزا أن لا يعارضه الباطل بغير الدعاوى الساقطة والشبهات المتكسرة.

وأما الأمراض النفسية فإن هناك حالات كثيرة جدا من الاضطراب في التفكير والتصديق بالأوهام والوساوس تؤدي بأصحابها عند تفكيرهم في أي موضوع إلى أحكام خاطئة جدا مهما كان مستندهم ضعيفا وواهيا، وهذه حالات لا تحتاج إلى جدال أو نقاش، وإنما تحتاج إلى علاج نفسي شرعي، وإلى بيئة صحية سليمة، وحاجتها إلى العمل النافع أعظم من الفراغ القاتل الذي ينخر فيه التفكير المضطرب في دماغ صاحبه، وهذه الأمراض النفسية تتأثر بمحيط الشخص وخلفيته الاجتماعية تأثرا كبيرا، لا سيما عند من يعاني من الانعزالية عن الآخرين، وربما يشعر بأنه غير مرغوب به أو مرفوض من محيطه القريب منه، فيعوض عن ذلك باختلاق عالم خاص به تتمزق فيه نفسه بين أفكار ومشاعر وأوهام متصارعة، ويصير كسفينة بلا ربان تتقاذفها ريح عاصف ويأتيها الموج من كل مكان.

ولهذا أنصحك أخي بما أنصح به نفسي وهو طلب العلم الشرعي، والانشغال به حتى يصلب عودك ويقوى يقينك، وملازمة سنة النبي صلى الله عليه وسلم فعلا وتركا، والتزام آداب وأخلاق الإسلام الحسنة مع الناس بالإحسان إليهم، فإن إصلاح العبد لنفسه ومن حوله من أعظم أسباب نجاته من كيد إبليس وجنده.

أخي، هل تجد قريبا منك من تطلب العلم الشرعي عنده في حلق العلم في بيوت الله، أم لا؟
ومَن مِن أهل العلم المعروفين من يمكنك حضور دروسهم والتعلم منهم؟

جوابك على هذا سيسهل كثيرا من المباشرة في تصحيح المفاهيم وإزالة الشكوك من نفسك، سلمك الله من كل سوء، وأرشدك إلى الهدي الصالح، وثبتك على الصراط المستقيم الذي أنعم الله على أهله من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

فإن لم تجد ذلك.. فلنجتهد الآن في الاستفادة من المواقع الإسلامية العلمية بالإضافة إلى ما تحتويه من كتب ومراجع مفيدة، فاستعن بالله تعالى واعلم أن كل لحظة تقضيها في طلب العلم الشرعي فإنك في عبادة عظيمة كقائم الليل وصائم النهار والمجاهد في سبيل الله تعالى.

وسأضع لك رابطا جامعا لأهم وأفضل المواقع العربية والإسلامية، فتعرف عليها جيدا:
http://www.sultan.org/a/
ومن أهم تلك المواقع: الشبكة الإسلامية، وطريق الإسلام، وصيد الفوائد.
ومن أهم المنتديات: ملتقى أهل الحديث، وملتقى أهل التفسير، والألوكة، وملتقى أهل العقيدة.
ومن أهم المكتبات: مكتبة طريق الإسلام، ومكتبة صيد الفوائد، ومكتبة المشكاة الإسلامية، والمكتبة الوقفية، ومنتديات الكتب المصورة.

فتعرف عليها مبدئيا، ثم خذ منها حسب وقتك وقدرتك.

واستفد أخي من هذا القسم في ملتقى أهل الحديث الخاص بوسائل ومناهج طلب العلم الشرعي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/forumdisplay.php?f=27

ومن هذه الصفحة النافعة جدا:
http://saaid.net/mktarat/alalm/index.htm


بعد أن تكون قد اطلعت على ما سبق، يمكنك أن تبدأ في اختيار عنوان واحد من هذه المكتبة وطرح أسئلتك لما يحتاج إلى توضيح فيه:

http://saaid.net/book/list.php?cat=1

وأرشح لك البدء بهذه العناوين:

http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=2835

http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=3488

http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=790

[أمَة الرحمن]

يُرفع للأهمية.