الاحتيال في المجال العلمي:
قيل في ذلك الوقت بأنه أعظم اكتشاف أثري في التاريخ، فمنذ ما يقارب 90 سنة عثر جيولوجي هاو على أجزاء جمجمة وفك في حفرة في منطقة بيلتداون (Piltdown) التابعة لمقاطعة سوسكس (Sussex) بإنجلترا. وخلال اجتماع علمي سنة 1912، تم تقديم الأجزاء المركبة -التي كان يعتقد في أنها تعود لمليون سنة مضت- إلى العالم : إنه إنسان بيلتداون، كائن شبيه بالبشر بفك كبير شبيه بذلك الذي لدى القردة. الآن لدينا دليل على حلقة ما قبل التاريخ المفقودة، إنها الخطوة الحاسمة في طريق التطور من القردة البدائية إلى الإنسان الحديث، والأفضل من كل ذلك هو جنسيتها البريطانية.
ورغم الإثارة التي سببها الاكتشاف إلا أن العديد من العلماء شككوا في أصلية الجمجمة، لتثبت صحة شكوكهم في الخمسينات عندما أظهرت التحليلات الكيميائية الحديثة أن العظام كانت في الواقع من مصدرين مختلفين: فالفك كان فك إنسان غاب (Orangutan) والجمجمة كانت جمجمة بشرية ولم يكن يتجاوز عمر كليهما 600 سنة!!!!!!!!!
والقصة هي أن محتالا ما، وبعد أن قام بتشكيل الأجزاء بمهارة لتبدو متطابقة وتلطيخها ببعض البقع ليُظهر قِدمها، قام بوضعها في الحفرة ليتم الاكتشاف. وفي العقود التي تلت فضيحة بيلتداون، كان هناك جدال بين المؤرخين حول العلماء المتورطين: هل تم خداعهم ببساطة؟ أم أنهم كانوا مشاركين في الخدعة؟ لكن هوية المدبر الحقيقي للخدعة لم يتم كشفها بصورة قاطعة.
ربما فقد إنسان بيلتداون مكانه في حوليات أنثروبولوجيا الحفريات (Paleoanthropology)، لكنه سيخلد في الذاكرة ربما كأسوأ مثال في التاريخ على التزوير العلمي. ولسوء الحظ، لم يكن هذا أول حدث تم تسجيله لجريمة علمية ومن المؤكد أنه لن يكون آخرها.
يتبع..............................................
Bookmarks