بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
الاشارة القرآنية الأولى
وهو أن الله عز وجل كان يرسل الآيات شبيهة بالشبهات التى تمكنت من القوم المرسل لهم لكى يسهل عليهم المقارنة بينهما فيتبين الحق من الباطل
فعندما أرسل سيدنا موسى الى السحرة الذين يخيلون للناس أن حبالهم وعصيهم حيات تسعى أرسله بعصى تتحول الى ثعبان مبين يأكل الحيات
وعندما أرسل سيدنا عيسى الى قوم تقدموا فى الطب وعلاج الأمراض أرسله يبرء الأبرص والأكمه
وعندما أرسل سيدنا محمد عليه وعليهم جميعا الصلاة والسلام الى قوم بلغوا قمة الفصاحة أرسله بقرآن تجاوز كل غاية فى الفصاحة
الحاصل أن الآيات جاءت متشابهة مع الشبهات ليتمكن الناس من المقارنة بينهما فيظهر الحق لهم وينكشف الباطل
ولذلك أحاول أن أنتفع من هذه الاشارة و أسلك هذا السبيل فى مقارنتنا هنا بين الوظائف القائمة فى مخلوقات الله الحية وبين نفس الوظائف عندما تقوم بأجهزة مصنعة غير حية فهل يستحيل أن تقوم هذه اوظائف فى الأجهزة المصنعة بغير صانع أم لا ؟
ولنأخذ مثلا بالعين والكاميرا
فأقول أن العين شبيهة بالكاميرا من حيث الوظيفة
فالعين عبارة عن أجزاء تصلح لأداء وظيفة التقاط الصورة ركبت فى نظام يسمح لالتقاط الصورة وهذه الأجزاء موجودة فى الطبيعة
وكذلك الكاميرا عبارة عن أجزاء تصلح لالتقاط الصورة ركبت بنظام يسمح لالتقاط الصورة وهذه الأجزاء موجودة فى الطبيعة
فمن هنا كان يمكن اعتبار العين نوع من أنواع الكاميرات ومن اعتقد أن الطبيعة هى التى صنعت العين يجب أن يعتقد أن الطبيعة كان يجب أن تصنع أنواع الكاميرات الأخرى اذ لا يمكن عقلا أن تقدر الطبيعة على ايجاد نوع الكاميرات المسمى العين ولا تقدر على ايجاد الأنواع المماثلة له فى نفس خواص الأجزاء وترتيبها على نفس النظام الذى يكفل تلك الوظيفة وهى التقاط الصورة
وليس للطبيعة ارادة تختار بها بعض ما تقدر عليه وتترك البعض الآخر
ولا نشترط كاميرا بشكل معين ولا مواد معينة تتركب منها أجزائها بل فليصنع كل نظام فيزيائى كاميرا تؤدى وظيفة التقاط الصورة من مواده ومن طاقاته الدائمة
فلتكون البراكين الكاميرات من الحمم
ولتكون الرياح الكاميرات من المواد التى تنقلها
ولتكون الأمواج الكاميرات من ترسيبات الأملاح
وكذلك الجاذبية والمغناطيسية والكهربية
والبحث ليس على كوكب الأرض فقط بل فى الكون كله المحكوم بنفس القوانين الفيزيائية للطبيعة
وهذه المواد الميتة لا تشترط وجود ظروف ملائمة للحياة كما فى المواد الحية
فلماذا لا نجد ولو( لمرة واحدة) نفس الوظيفة وهى( التقاط الصور) من نفس الصانع الذى يجرى على طبيعته بدون اختيار وهو( الطبيعة) بمواد اخرى (غير المواد الحية) متوفرة فى الطبيعة أيضا بل فى الكون كله خلافا للمواد الحية التى تحتاج ظروف معينة ؟أليس هذا دليل كافى أن هذا الشيء (الطبيعة ) يعجز عن أداء هذه الوظيفة
فهل هناك اجابة على هذا التساؤل يخرج علينا بها أحد سكان بيت العنكبوت
ويمكن تطبيق هذا المنطق على كل وظيفة موجود فى الكائنات الحية مثل التكاثر وانتاج الطاقة وغير ذلك
فكلما قدر الانسان على محاكاة وظيفة من هذه الوظائف (كصنع الطائرة محاكاة للطيور وما الى ذلك) أثبت بصنعه هذا أن هذه الوظيفة ليست حكرا على المواد الطبيعية وأنها يمكن أنتوجد بمواد أخرى لكنها لم توجد فى الطبيعة من قبل لأنها تحتاج الى من يملك العلم والارادة لكى توجد فلما وجد الانسان وجدت وبدون العلم والارادة لن تجد هذه الوظيفة فاستحال نسبة الوظائف القائمة بالكائنات الحية الى شيء لا علم له ولا ارادة
فيمكن مقارنة التكاثر بالآلات التى تنسخ نفسها ونقول لماذا لم توجد هذه الآلات بشفراتها الدقيقة فى الطبيعة قبل أن يصنعها الانسان
ونقول فى انتاج الطاقة لماذا لم توجد المولدات والبطاريات فى الطبيعة وعلى هذا فقس
الاشارة القرآنية الثانية
يقول الله تعالى (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى )
فمن هنا نضيف شرط على الشرط السابق وهو أن يكون مع الجهاز الذى كان يجب أن تصنعه الطبيعة (كتالوج) مكتوب فيه كل خصائص الجهاز وأفضل وسيلة لاستخدامه وتنبيه على الذى يفسده وترغيب فيما يحافظ عليه لأن الوظائف القائمة فى الكائنات الحية يصاحبها علم من الكائن الحى بأفضل طريقة للاستخدام وبعد عن المهالك والمفسدات مع استحالة أن تكون هذه العلوم مكتسبة لعدة أسباب منها
1_ شدة تعقيدها مثل الهجرات الشاسعة والملاحة الفائقة وحيل الصيد والتخفى والعناية بالصغار وفى الانسان الحركة الميكانيكية المعقدة فى الرضاعة التى يتقنها المولود من اول لحظة
كما قال تعالى (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) على أحد أقوال المفسرين
2_ استحالة البقاء بدونها فليس هناك فرصة للتعلم لأنها علوم أساسية يحدث الهلاك بفقدها
الاشارة القرآنية الثالثة
قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ )
وهذه الاشارة موجهة لهدم الانتخاب الطبيعى
فان أصل الالحاد مبنى على تصور أن الطبيعة تتفاعل منذ الأزل وأتت على كل الممكنات لها فكانت النتيجة هذه المخلوقات التى نراها
وفى الاشارتين السابقتين تكلمت على أن هذه المخلوقات يستحيل أن تكون من ممكنات الطبيعة وبينت أن هذا ليس من قدرة الطبيعة فى شيء ولو كانت الطبيعة من امكاناتها الاتيان بمثل هذه المخلوقات لوجب لنا أن نرى الأجهزة المصنعة التى تقوم بالوظائف الموجودة فى الأجهزة البيولوجية أما فى هذه الاشارة الموجهة للانتخاب الطبيعى فهو تنزل آخر مع الخصم ونفترض معه أن مثل هذه المخلوقات من ممكنات الطبيعة وأن الطبيعة أتت على كل ما يتصور وما لا يتصور والآن نسأل مستعينين بالله :
لماذا نرى كل المخلوقات على الهيئة المناسبة لها وفى الموضع المناسب لها ( أى انها ليست أضعف مما ينبغى أن تكون عليه لتؤدى وظيفتها وليست أقوى مما ينبغى أن تكون عليه لتؤدى وظيفتها) ؟؟؟
وتكون الاجابة دائما بمغالطة الانتخاب الطبيعى فهم يقرون أن الطبيعة أتت بالغير مناسب ولا يسعهم غير ذلك لكننا لم نرى هذا الغير مناسب لأنه لم يبقى ولو تنزلنا معهم وقبلنا بهذا الجواب فيبقى الشق الآخر من السؤال يحتاج الى جواب
فالسؤال ليس لما لم نرى المخلوقات التى أتت أضعف مما ينبغى فقط؟؟؟
لكن السؤال عن لماذا لم نرى المخلوقات التى أتت أضعف أو أقوى مما ينبغى أيضا ؟؟؟؟
فهم لا يستطيعون أن يقولوا لم تأتى ولا يستطيعون أن يقولى اتت ولم نرها لأنها فنيت لكن يبقى أن يجادلوا بأن يسألوا وما علامة أنها أقوى مما ينبغى ؟؟؟؟؟
والاجابة من هذه الآية (وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ) فبقاء النظام العام وقيامه دليل على أن كل شيء جاء فى موضعه ولم يأتى أضعف مما ينبغى ولا أقوى مما ينبغى لأن فى الحالتان ينهدم النظام فكان قيام النظام نفسه هو الدليل فمثلا نسأل :
لماذا لم نرى النسور والصقور تبيض عدد بيض الذباب والجراد ؟؟؟
كان يجب أن يوجد هذا المخلوق ولو وجد لاختل النظام وانتهت كل المخلوقات الصغيرة (وهذا لم يحدث) التى يمكن له صيدها ثم انتهى هو أيضا وتدمر النظام البيولوجى
لماذا لم نرى أسود ونمور تلد بمعدل الأرانب والفئران ؟؟؟
كان يجب أن يوجد هذا المخلوق ولو وجد لاختل النظام وانتهت كل المخلوقات الصغيرة والكبيرة (وهذا لم يحدث) التى يمكن له صيدها ثم انتهى هو أيضا وتدمر النظام البيولوجى
وكما يعلم كل احد فان النظام البيولوجى مكون من سلاسل فى الغذاء والتكاثر وكل النشاطات الحيوية فيجب أن يكون كل كائن فى مكانه وقادر على أداء دوره ونفس هذا الكلام يطبق على الاسود والتماسيح والنمور واسماك القرش ورأس كل سلسلة غذائية ....وهذا لم يقع
فما هو تفسير أن كل النظام الحالى الذى نراه امامنا لم يأتى فيه شيء واحد اقوى مما ينبغى وان الصدفة انحصرت فى ما هو أضعف مما ينبغى ؟
.وباختصار فان هؤلاء القوم يقرون بأن الشيء اذا لم يكن محكما فى نفسه وفى موضعه فى النظام الذى حوله أفناه النظام العام وأزاله ويتناسون أن الشيء الغير محكم أو الموجود فى غير موضعه هو يفنى النظام لأن أى نظام فى الكون ليس قائم هكذا بنفسه وانما لقيامه شروط وأسس ووجود شيء يفسد تلك الأسس يفنى النظام كله وتلك التى تضج مضاجعهم وأضرب مثلا على ذلك بمرض السرطان فى الانسان فما هو السرطان؟ هو خروج خلية واحدة أو أكثر عن النظام العام فى النمو وتكاثرها بشكل مختلف فما هى النتيجة ..هلاك الانسان أى فساد النظام بأكمله
والحمد لله رب العالمين
Bookmarks